د. سعد نمر: القوانين الإسرائيلية لا تسمح بإقالة رئيس جهاز أمني بهذه الطريقة التعسفية وهو ما يعكس رفض بار إقالته
أكرم عطا الله: رأي المستشارة القانونية استشاري ولا يملك القوة القانونية لمنع تنفيذ الإقالة لوجود اشتباه بمصالح شخصية
نزار نزال: إقالة بار لا تصب في مصلحة إسرائيل الأمنية بل هدفها التخلص من الشخصيات التي قد تشكل تهديدًا لمستقبل نتنياهو السياسي
د. سعيد شاهين: نتنياهو وزمرته يسعون إلى تفكيك ما يُعرف بـ"الدولة العميقة" في إسرائيل وإرساء قواعد جديدة لإدارتها
أنطوان شلحت: إقالة بار محاولة من نتنياهو للتهرب من المسؤوليته عن 7 أكتوبر "الإخفاق الاستراتيجي الأكبر في تاريخ إسرائيل
فايز عباس: المواجهة بين نتنياهو وبار قد تؤدي إلى تصاعد الاحتجاجات الشعبية في إسرائيل وربما تكون أكثر عنفًا مما سبق
في ظل تصاعد الأزمات السياسية والأمنية داخل إسرائيل، يبرز قرار رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بإقالة رئيس جهاز الأمن العام (الشاباك)، رونين بار، كواحدة من أبرز القضايا التي يُعتقد أنها تأتي في إطار محاولات نتنياهو للتخلص من الشخصيات التي تشكل تهديدًا لمستقبله السياسي.
ويرى كتاب ومحللون سياسيون ومختصون وأساتذة جامعات في أحاديث منفصلة مع "القدس"، أن القرار يأتي بعد أن فتح بار تحقيقات تتعلق بمكتب نتنياهو، بما في ذلك قضايا فساد، فيما يشيرون إلى أن هذه الخطوة تعكس صراعًا أوسع بين القيادة السياسية والمؤسسات الأمنية، حيث يسعى نتنياهو لتعزيز سيطرته على أجهزة الدولة والإطاحة بكل من يخالفه.
ويشيرون إلى أن القرار قد يواجه معارضة قضائية وسياسية قوية، خاصة أن المستشارة القضائية للحكومة الإسرائيلية رفضت الإقالة دون إجراء تحقيق رسمي، مؤكدة على ضرورة وجود مبررات قانونية واضحة.
ويعتقدون أن الإقالة تُعتبر محاولة لتفادي المساءلة عن إخفاقات أمنية وسياسية، خاصة في أعقاب هجوم 7 أكتوبر 2023، كما أن رفض بار للاستقالة يزيد من تعقيد الموقف، حيث أعلن تحمله المسؤولية الكاملة عن الأحداث لكنه رفض الخضوع لقرار الإقالة التعسفي.
ويتوقعون أن تؤدي إقالة بار إلى تصاعد الاحتجاجات الشعبية ومواجهات قانونية وسياسية داخل إسرائيل، خاصة أن هذه الخطوة ينظر إليها على أنها جزء من تحول أوسع نحو نظام أكثر استبدادًا، وتعزيز سلطة رئيس الحكومة.
الجانب السياسي يجب أن يتحمل مسؤولياته
يقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة بيرزيت، د. سعد نمر، إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يسعى للتخلص من رئيس جهاز الأمن العام (الشاباك)، رونين بار، بسبب ما يدعيه فقدانه الثقة به، خاصة بعد أن فتح بار تحقيقات تتعلق بمكتب نتنياهو، كان آخرها تحقيق حول شبهات بتلقي بعض أعضاء مكتبه رشى من دولة قطر.
ويوضح نمر أن بار لم يكتفِ بهذا التحقيق، بل أصرّ على فتح ملفات أخرى تتعلق بمسؤولية القيادة السياسية، وعلى رأسها نتنياهو، عن الفشل في التعامل مع هجوم 7 أكتوبر 2023.
ويشير نمر إلى أن بار صرح بوضوح أن "الجانب السياسي يجب أن يتحمل مسؤولياته عن ما جرى في ذلك اليوم"، مؤكداً أنه كجهاز أمني يتحمل مسؤوليته، لكن القيادة السياسية، وخاصة رئاسة الحكومة، يجب أن تتحمل مسؤوليتها أيضاً.
ويعتقد نمر أن نتنياهو يسعى إلى إحاطة نفسه فقط بالموالين له، وهو ما بدا واضحًا من محاولاته السابقة لإقالة مسؤولين عارضوا سياساته، ومع ذلك، رفض بار الامتثال لقرار الإقالة، ما أدى إلى تصاعد الأزمة بين الطرفين.
إقالة رئيس جهاز أمني تعسفياً غير مسموح
ويشير نمر إلى أن القوانين الإسرائيلية لا تسمح بإقالة رئيس جهاز أمني بهذه الطريقة التعسفية، حيث يجب أن تخضع مثل هذه القرارات لتحقيق قانوني من قبل الجهات القضائية المختصة، وهو ما يعكس رفض بار إقالته.
ويلفت نمر إلى أن المستشارة القضائية للحكومة الإسرائيلية رفضت إقالة بار دون إجراء تحقيق رسمي لتحديد أسباب الإقالة، مشددة على ضرورة وجود لجنة تحقيق مستقلة للنظر في دوافع القرار.
ويرى نمر أن هذه الأزمة قد تدفع إلى تصعيد قانوني وسياسي كبير داخل إسرائيل، حيث قد تنظر المحاكم في مدى قانونية الإقالة، وفي حال أُثبت عدم قانونيتها، فقد يظل بار في منصبه، أو يتم إبعاده بشكل رسمي إذا توصلت التحقيقات إلى مبررات قانونية تبرر إقالته.
ويوضح نمر أن هذه المعركة تعكس صراعًا أوسع داخل المؤسسة الإسرائيلية بين القيادة السياسية والمؤسسات الأمنية، في ظل محاولات نتنياهو المستمرة لتعزيز قبضته على أجهزة الدولة المختلفة.
الأموال القطرية قد تكون وراء إقالة بار
من جانبه، يوضح الكاتب والمحلل السياسي أكرم عطا الله أن قرار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إقالة رئيس جهاز الشاباك، رونين بار، ينطوي على تبرير نتنياهو للقرار بفقدان الثقة ببار، إلا أن الأسباب الحقيقية تبدو أكثر تعقيدًا، حيث تشير تقارير إلى أن التحقيقات التي يجريها الشاباك حول تلقي بعض العاملين في مكتب رئيس الوزراء أموالاً من دولة قطر، بموافقة نتنياهو، قد تكون هي الدافع الحقيقي وراء القرار، كما أن هناك اشتباهًا في إمكانية تورط نتنياهو نفسه في هذه القضية، مما يزيد من حساسية الموقف.
ويلفت عطا الله إلى أنه في السياق القانوني، أكدت المستشارة القانونية للحكومة الإسرائيلية أن هذا القرار ينطوي على تضارب مصالح، ما يجعل الدفاع عنه أمام القضاء أمرًا صعبًا.
وبحسب عطا الله، فإنه رغم أن رأي المستشارة القانونية استشاري ولا يملك القوة القانونية لمنع تنفيذ الإقالة، لكنها لا تستطيع الدفاع عن هذا القرار أمام المحاكم، لوجود اشتباه بمصالح شخصية، وينطوي على تضارب مصالح.
إمكانية الإقالة عبر قرار حكومي
ويشير عطا الله إلى أنه رغم ذلك، فإن نتنياهو لديه القدرة القانونية على تنفيذ الإقالة عبر قرار حكومي، حيث يتم تعيين رئيس الشاباك بقرار من الحكومة، وبالتالي يمكن عزله بنفس الآلية.
ويرى عطا الله أنه ومع ذلك، فإن المعركة الحقيقية قد تبدأ بعد تنفيذ القرار، حيث من المتوقع أن تُرفع القضية إلى القضاء، مما قد يغير مسار الأمور بشكل جذري.
ويلفت عطا الله إلى أن اجتماع الحكومة الإسرائيلية يوم الأربعاء لمناقشة الإقالة قد يكون نقطة تحول في هذا الصراع، خاصة في ظل التوترات السياسية والأمنية المتصاعدة داخل إسرائيل.
ويرى عطا الله أن القرار يعكس محاولات نتنياهو المستمرة لتعزيز سيطرته على المؤسسات الأمنية، والتخلص من أي شخص يشكل تهديدًا لسلطته أو قد يعرقل مساعيه السياسية.
ويقول عطا الله إن الصراع على إقالة بار لن يكون مجرد مسألة إدارية، بل هو جزء من معركة أكبر بين نتنياهو والمؤسستين الأمنية والقضائية، والتي قد تكون لها تداعيات سياسية كبيرة في المرحلة المقبلة.
تنظيف" الحكومة من الشخصيات العلمانية والليبرالية
بدوره، يقول الباحث المختص في الشأن الإسرائيلي وقضايا الصراع، نزار نزال، إن قرار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إقالة رئيس جهاز الأمن العام (الشاباك) رونين بار، ورفض الأخير لهذا القرار، يأتي في إطار سعي نتنياهو إلى "تنظيف" حكومته من الشخصيات العلمانية والليبرالية، واستبدالها بشخصيات موالية له بشكل كامل.
ويشير نزال إلى أن إسرائيل لم تعد دولة ديمقراطية، بل تتحول تدريجيًا إلى نظام ديكتاتوري، حيث بات نتنياهو يتخذ قرارات تعكس نهج القادة السلطويين، وليس نهج رئيس وزراء منتخب في دولة تدعي أنها "ديمقراطية".
ويلفت نزال إلى أن هذا التوجه ليس جديدًا، بل بدأ منذ فترة طويلة، إذ أقدم نتنياهو على إقالة عدد من القادة العسكريين والأمنيين الذين لم يكونوا على وفاق معه، بدءًا من وزير الجيش السابق يوآف غالانت، والضغوط التي مورست على رئيس الأركان هرتسي هاليفي، وصولًا إلى مساعيه الحالية لإقالة رونين بار.
ويوضح نزال أن المشكلة الأساسية بين نتنياهو وبار تتمثل في موقف الأخير الداعم لصفقة تبادل الأسرى، والتي تتعارض مع توجهات الحكومة اليمينية المتطرفة.
ويشير نزال إلى أن قرار الإقالة يحظى بدعم من حلفاء نتنياهو في الحكومة، مثل وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش، حيث يسعى نتنياهو من خلال هذه الخطوة إلى استمالة بن غفير وضمان عودته إلى الحكومة، في ظل المخاوف من حدوث تصدعات داخل الائتلاف الحاكم.
الإقالة بمثابة "هدية" لسموتريتش
ويوضح نزال أن هذه الإقالة تعد بمثابة "هدية" لسموتريتش، لتعزيز التحالف بين نتنياهو وأقطاب اليمين المتطرف.
ويشدد نزال على أن هذه الإقالة لا تصب في مصلحة إسرائيل من الناحية الأمنية، بل تخدم مصلحة نتنياهو الشخصية، معتبرًا أن الهدف الرئيسي من القرار هو إبعاد كل من كان له دور في إدارة الدولة خلال هجوم 7 أكتوبر 2023، وذلك في محاولة من نتنياهو للتهرب من تحمل أي مسؤولية عن الإخفاق الأمني الذي وقع آنذاك.
ويشير نزال إلى أن نتنياهو يروج لفكرة أن الإقالة تأتي بسبب فقدان الثقة ببار، لكن الواقع يشير إلى أن السبب الحقيقي هو التخلص من الشخصيات التي قد تشكل تهديدًا لمستقبله السياسي.
ويؤكد نزال أن المستشارة القضائية للحكومة الإسرائيلية، "غالي بهراف"، تعارض هذه الإقالة، وتطالب بتقديم مبررات قانونية واضحة لها، الأمر الذي قد يؤدي إلى تصاعد المواجهة بين نتنياهو والجهاز القضائي.
ويرى نزال أن تداعيات هذه الإقالة ستكون كبيرة، وقد تؤدي إلى هزة قوية داخل المجتمع الإسرائيلي، خاصة أنها تعكس تصاعد لغة اليمين والتطرف، وتحول إسرائيل إلى نظام أكثر استبدادًا.
ويوضح نزال أن هذه الخطوة ستعزز قبضة نتنياهو على الحكم، وستمنحه حرية أكبر في اتخاذ القرارات دون معارضة من داخل المؤسسات الأمنية والعسكرية.
ويشير نزال إلى أن تعيين يسرائيل كاتس وزيرًا للجيش، واختيار إيال زامير رئيسًا لهيئة الأركان، جعلا الجيش الإسرائيلي خاضعًا بالكامل لنتنياهو، والآن يسعى نتنياهو إلى تحقيق الأمر ذاته مع جهاز الشاباك، من خلال تعيين شخصية موالية له.
سيطرة على المؤسسات العسكرية والأمنية والقضائية
ويرى نزال أنه في حال نجاح نتنياهو في إقالة بار، فمن المتوقع أن تكون الخطوة التالية هي إقالة المستشارة القضائية للحكومة، مما سيمنحه سيطرة كاملة على المؤسسات العسكرية والأمنية والقضائية في إسرائيل.
ويوضح نزال أن هذه التحركات تعني أن مفاصل الدولة ستصبح بيد اليمين المتطرف، مع تراجع نفوذ التيارات العلمانية والليبرالية والقومية، مما ينذر بتغير جذري في طبيعة الحكم داخل إسرائيل.
ويعتقد نزال أن إسرائيل تمر بمرحلة مفصلية، حيث لم تشهد في تاريخها قرارات كتلك التي يتخذها نتنياهو حاليًا، والتي قد تؤثر على استقرار مؤسساتها الأمنية والعسكرية والقضائية.
ويوضح نزال أن هذه الخطوات قد تؤدي إلى تصاعد الغضب داخل الشارع الإسرائيلي، خاصة من قبل المعارضة والنخب السياسية، التي ترى أن نتنياهو يستغل حالة الحرب لتعزيز سلطته، وإقصاء كل من يعارضه.
ويعتقد نزال أن إقالة بار قد تترك آثارًا كبيرة على مستقبل إسرائيل، وقد تؤدي إلى احتجاجات واسعة، وربما إلى أزمة سياسية غير مسبوقة، خاصة في ظل تصاعد المخاوف من أن يتحول النظام في إسرائيل إلى حكم يميني متطرف، بعيدًا عن أي معايير ديمقراطية.
نتنياهو يتصرف بعقلية "القائد المطلق"
من جهته، يقول أستاذ الإعلام السياسي في جامعة الخليل، د. سعيد شاهين، إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يتصرف بعقلية "القائد المطلق"، على غرار الأنظمة التوتاليتارية (Totalitarian)، إذ يضع مصالحه الشخصية وائتلافه الحاكم فوق أي اعتبار آخر، مدعومًا بجماعات فاشية داخل حكومته.
ويؤكد شاهين أن إقالة رئيس جهاز الأمن العام (الشاباك)، رونين بار، تأتي في هذا السياق، حيث يحاول نتنياهو الإطاحة بكل من يخالفه الرأي أو يهدد مستقبله السياسي.
ويعتقد شاهين أن نتنياهو وزمرته المتطرفة يسعون إلى تفكيك ما يُعرف بـ"الدولة العميقة" في إسرائيل، وإرساء قواعد جديدة لإدارة الدولة سياسيًا وقضائيًا وأمنيًا، بما يضمن بقاءه في السلطة لأطول فترة ممكنة.
ويوضح شاهين أن هذا المسعى لا يقتصر فقط على البعد السياسي، بل يمتد إلى محاولة تفادي الملاحقة القانونية، خاصة في ظل الاتهامات التي تلاحقه، وتعاظم الانتقادات بشأن مسؤوليته عن إخفاقات 7 أكتوبر 2023.
وضع المؤسسات الأمنية تحت سيطرة سياسية مباشرة
ويشير شاهين إلى أن هذه الخطوة ستؤدي إلى خلق انقسام حاد داخل المجتمع الإسرائيلي، قد يكون من الصعب تجاوزه، إذ يرى التيار العلماني في إسرائيل أن إقالة بار تأتي في إطار تقويض أسس الديمقراطية وتحويل الدولة إلى نظام يدين بالولاء لشخص رئيس الحكومة، وليس للمؤسسات والقوانين.
ويؤكد شاهين أن هذه الخطوة قد تُعرّض الأمن الإسرائيلي للخطر على المدى المتوسط، حيث إنها تضع المؤسسات الأمنية تحت سيطرة سياسية مباشرة، بدلاً من إبقائها كجهات مستقلة تُعنى بحماية الدولة.
ويوضح شاهين أن التحدي الأبرز الذي يواجهه نتنياهو في هذا السياق هو قدرة المستشارة القضائية للحكومة الإسرائيلية التي تعارض الإقالة على الصمود في وجه الضغوط الهائلة التي تمارسها التيارات اليمينية المتطرفة داخل الحكومة وخارجها، من أجل تمرير قرار الإقالة دون خضوعه لمراجعة قضائية.
ويؤكد شاهين أن نتنياهو يستغل حالة الحرب الحالية، التي يسميها "حرب الجبهات السبع"، كذريعة للهروب من الاستحقاقات السياسية والقانونية التي يواجهها، معتمدًا على تأجيج المخاوف الأمنية لتعزيز قبضته على الحكم.
ويعتقد شاهين أن استمرار هذا النهج قد يؤدي إلى تصعيد داخلي غير مسبوق، وربما إلى موجات احتجاج واسعة ضد سياسات نتنياهو، في ظل تزايد الانتقادات لأسلوبه في إدارة البلاد.
الإخفاق الاستراتيجي الأكبر في تاريخ إسرائيل
ويرى الكاتب والمحلل السياسي المختص في الشأن الإسرائيلي، أنطوان شلحت، أن قرار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بإقالة رئيس جهاز الأمن العام (الشاباك)، رونين بار، يمثل محاولة للتهرب من مسؤوليته عن إخفاق 7 أكتوبر 2023، الذي وصفته الأوساط الإسرائيلية بأنه "الإخفاق الاستراتيجي الأكبر في تاريخ إسرائيل".
ويوضح شلحت أن نتنياهو يسعى من خلال هذه الخطوة إلى تحميل المؤسسة الأمنية، وعلى رأسها قيادة الجيش والشاباك، مسؤولية هذا الفشل، في وقت تتزايد فيه التوترات بين الحكومة والمؤسسة الأمنية بشأن أهداف الحرب في قطاع غزة.
ويشير شلحت إلى أن هناك خلافات جوهرية بين الطرفين، حيث يخوض نتنياهو الحرب باعتبارها "غاية في حد ذاتها"، بينما ترى المؤسسة الأمنية أنها وسيلة لتحقيق أهداف تتعلق بما يسمى "اليوم التالي للحرب".
ويوضح شلحت أن رئيس الوزراء الإسرائيلي يرفض تحديد غاية واضحة للحرب، ويصر على استمرارها للحفاظ على بقائه في السلطة وتماسك ائتلافه الحكومي.
ويلفت شلحت إلى أن تداعيات قرار إقالة رئيس الشاباك ستكون كبيرة على المستوى الداخلي الإسرائيلي، حيث وصفتها وسائل إعلام محلية بأنها "زلزال سياسي".
ويوضح شلحت أن العديد من التحليلات الإسرائيلية تعتبر المؤسسة الأمنية بمثابة "الجدار الأخير" أمام "النزعة العدمية والعبثية" لحكومة نتنياهو، التي تصر على استمرار الحرب رغم استحالة تحقيق أهدافها المعلنة.
ويؤكد شلحت أن هناك اعترافات متزايدة داخل إسرائيل بأن الهدفين الرئيسيين للحرب، وهما استعادة الأسرى الإسرائيليين من الفصائل الفلسطينية وتفكيك حكم حماس في غزة، لم يتحققا وما زالا بعيدين عن التحقق.
إقالة بار تفتح جبهة جديدة داخل إسرائيل
ويعتقد شلحت أن الصراع بين المؤسسة السياسية والأمنية سيستمر، وربما يتفاقم إذا نجح نتنياهو في تنفيذ قراره بإقالة رئيس الشاباك، خاصة في ظل معارضة المستشارة القانونية للحكومة لهذه الخطوة.
ويلفت شلحت إلى أن هذا القرار قد يفتح جبهة جديدة داخل إسرائيل، حيث قد تتدخل المحاكم لمنع الإقالة، في وقت يبدو فيه أن نتنياهو مستعد لمواجهة القضاء، مستغلاً تماسك ائتلافه الحكومي والدعم الأمريكي لسياساته المتعلقة بالحرب على غزة وصفقة تبادل الأسرى.
ويشير شلحت إلى أن نتنياهو يشعر بفائض من القوة يسمح له بمواصلة مشروعه للهيمنة على مؤسسات الدولة، وهو المشروع الذي بدأه قبل الحرب عبر خطته لإضعاف القضاء.
وبحسب شلحت، فإن الفترة الأخيرة شهدت تصعيداً في الهجوم على المحكمة العليا، وجهاز الشاباك، وقيادة الجيش، التي استقال عدد من جنرالاتها ليحل محلهم آخرون موالون للحكومة.
ويعتقد شلحت أن إسرائيل قد تكون على أعتاب مرحلة جديدة من الاحتجاجات الشعبية ضد سياسات نتنياهو، على غرار المظاهرات التي اندلعت سابقاً رفضاً لمحاولاته إضعاف الجهاز القضائي، مشيراً إلى أن الأسابيع المقبلة ستكون حاسمة في تحديد مستقبل هذه الأزمة الداخلية.
إعادة المحتجزين وتشكيل لجنة تحقيق رسمية
بدوره، يوضح الكاتب المختص في الشأن الإسرائيلي، فايز عباس، أن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو نجح حتى الآن في التخلص من معظم القيادات الأمنية التي كانت مسؤولة عن الإخفاق الكبير في هجوم 7 أكتوبر 2023، ولم يتبقَّ سوى رئيس جهاز الأمن العام (الشاباك)، رونين بار، الذي أعلن تحمله المسؤولية الكاملة عن الأحداث، لكنه رفض الاستقالة رغم محاولات نتنياهو المتكررة لإجباره على ذلك.
ويوضح عباس أن بار وضع شرطين رئيسيين قبل مغادرته منصبه، وهما إعادة المحتجزين الإسرائيليين من قطاع غزة، وتشكيل لجنة تحقيق رسمية في ما يُعرف داخل إسرائيل بـ"مذبحة 7 أكتوبر"، وهو الأمر الذي يعارضه نتنياهو بشدة.
ويشير عباس إلى أن نتنياهو يخشى من أن تكشف هذه اللجنة تفاصيل حساسة حول تعاملاته مع حركة حماس وقادتها، الذين كان يعتبرهم وحكومته "كنزًا استراتيجيًا" حيث يمنع وجودهم قيام دولة فلسطينية.
ويشير عباس إلى أن رفض بار للاستقالة ورفضه إقالته بقرار حكومي يأتي في وقت حساس للغاية، إذ يجري جهاز الشاباك تحقيقات في ما يُعرف إعلاميًا بـ"قطر غيت"، وهي قضية تتعلق بعلاقات مقربين من مكتب نتنياهو بالحكومة القطرية، وحصولهم على أموال منها.
التحقيق قد يطال نتنياهو شخصيًا في "قطر غيت"
ويوضح عباس أن التحقيق قد يطال نتنياهو شخصيًا، لذا فإن إقالة بار واستبداله بشخصية موالية لنتنياهو قد تعني إغلاق هذا الملف أو على الأقل وقف التحقيق فيه.
ويؤكد عباس أن بار كان واضحًا في رده على نتنياهو، مشددًا على أن مهمته كرئيس لجهاز الشاباك هي "خدمة المواطنين وليس طاعة رئيس الحكومة"، وفقًا لقانون الجهاز.
ويشير عباس إلى أن هذه المواجهة بين نتنياهو ورئيس الشاباك قد تؤدي إلى تصاعد الاحتجاجات الشعبية في إسرائيل، وربما تكون أكثر عنفًا مما سبق، لأن الإطاحة ببار ستعني سيطرة نتنياهو الكاملة على الشاباك، كما فعل مع الجيش عندما عيّن اللواء إيال زمير رئيسًا لهيئة الأركان.
ويوضح عباس أن المعركة بين الطرفين قد تنتقل إلى المحكمة العليا الإسرائيلية، التي قد تُطالب بوقف قرار الإقالة، لكن يبدو أن حكومة نتنياهو ماضية في خطتها للسيطرة الكاملة على جهاز الشاباك، ما ينذر بأزمة داخلية غير مسبوقة في إسرائيل.
شارك برأيك
إقالة رئيس الشاباك.. نتنياهو يغرق الدولة لينجو برأسه