عربي ودولي
الأحد 02 مارس 2025 8:26 صباحًا - بتوقيت القدس
مشادة ترمب- زيلينسكي.. نهج جديد في الدبلوماسية الخشنة
رام الله- خاص بـ"القدس" و"القدس" دوت كوم:
د. حسين الديك: التعامل الفوقي لترمب يعكس نهجاً أمريكياً جديداً في إدارة العلاقات الدولية يُذكّر بأساليب العشرينيات والثلاثينيات من القرن الماضي
د. جمال حرفوش: ما حدث قد يكون إشارة ضمنية إلى أن ترمب مستعد لإجراء مفاوضات مباشرة مع بوتين دون الحاجة إلى إشراك زيلينسكي
د. سعيد شاهين: تصرف زيلينسكي لم يكن عفوياً بل جاء نتيجة "تشجيع كافٍ من الدول الغربية" التي تطمح للاستحواذ على الموارد الطبيعية لأوكرانيا
عوني المشني: ترمب يحاول نقل العلاقات مع أوروبا من مرحلة الشراكة إلى التبعية الكاملة وهو تحول واضح تجلّى في لقائه مع زيلينسكي
د. سعد نمر: ترمب يريد مقاسمة الأوكرانيين في ثرواتهم لكنه في الوقت نفسه لا يرغب في تقديم دعم عسكري أو مالي مستمرَّين لكييف
لا تزال الصدمة من المشادة العلنية الأخيرة بين الرئيس الأمريكي دونالد ترمب ونظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي تسود الأوساط الدبلوماسية الدولية، ما أثار تساؤلات حول مستقبل التحالفات الدولية وطبيعة العلاقات بين الحلفاء كون أوكرانيا إحدى حلفاء واشنطن.
ويؤكد كتاب ومحللون سياسيون ومختصون وأساتذة جامعات، في أحاديث منفصلة لـ"ے"، أن هذه الحادثة، التي وقعت خلال لقاء جمع بين ترمب وزيلينسكي تُعد "سابقة تاريخية"، كشفت تحولاً جذريّاً في الاستراتيجية الأمريكية، حيث بدا أن واشنطن تتخلى عن دورها التقليدي كداعم رئيسي لأوكرانيا، لتبدأ في فرض رؤيتها الخاصة دون مراعاة الأعراف الدبلوماسية أو مصالح الحلفاء.
ويشيرون إلى أن ما حدث بين ترمب وزيلينسكي قوبل بردود الفعل الأوروبية التي جاءت سريعة وحذرة، حيث بدأت الدول الأوروبية تعيد تقييم اعتمادها التاريخي على الحماية الأمريكية في ظل تزايد الشكوك حول التزام واشنطن بأمن أوروبا، فيما تُظهر التصريحات الأوروبية تأكيداً على دعم أوكرانيا.
ويعتقدون أن أوكرانيا تواجه تحديات وجودية مع تراجع الدعم الأمريكي، حيث يبدو أن واشنطن تتجه نحو تسوية سياسية قد تُفرَض على كييف دون مراعاة مطالبها السيادية.
سابقة تاريخية في الدبلوماسية الأمريكية والعلاقات الدولية
يعتبر الكاتب والمحلل السياسي المختص بالشأن الأمريكي د.حسين الديك أن ما جرى في البيت الأبيض بين الرئيس الأمريكي دونالد ترمب ونظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يعد سابقة تاريخية في الدبلوماسية الأمريكية والعلاقات الدولية، إذ شهد اللقاء تصعيداً غير مسبوق من قبل ترمب، وصل إلى حد إهانة رئيس دولة حليفة علناً، وهو ما يتعارض مع الأعراف والبروتوكولات الدبلوماسية المتعارف عليها عالمياً.
ويوضح الديك أن هذا السلوك يتناقض مع اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية، التي تنظم العلاقة بين الدول ذات السيادة وتحكم كيفية التعامل بين القادة والزعماء، حتى في ظل الأزمات والخلافات السياسية، والتي سادت بعد الحرب العالمية الأولى.
ويصف الديك سلوك ترمب خلال اللقاء بأنه لم يكن مجرد انتقاد سياسي، بل نهج عدائي يحمل دلالات عميقة، مشيراً إلى أن ما حدث يمثل "نقلة خطيرة في طريقة تعامل الولايات المتحدة مع حلفائها، حيث بدا أن ترمب لا يرى أوكرانيا شريكاً حقيقياً، بل تابعاً يجب عليه الامتثال لرؤيته".
ويؤكد الديك أن ترمب لم يتوقف عند انتقاد زيلينسكي، بل استخدم لغة مهينة، متهماً إياه بعدم الاستعداد للسلام وتقليل احترام الولايات المتحدة، وهو ما يعتبره الديك قلباً للحقائق، مشيراً إلى أن الإهانة كانت في الواقع موجهة للرئيس الأوكراني، وليس العكس.
ويؤكد أن طريقة التعامل الفوقية من قبل ترمب تعكس نهجاً أمريكياً جديداً في إدارة العلاقات الدولية، يُذكّر بأساليب العشرينيات والثلاثينيات من القرن الماضي، عندما كانت العلاقات بين الدول قائمة على المصالح المؤقتة والتحالفات الانتهازية، ما أدى لاحقاً إلى ظهور الحركات الفاشية والنازية، ودخول العالم في دوامة الحرب العالمية الثانية.
ردود فعل غاضبة في أوروبا
ويشير الديك إلى أن الأزمة بين ترمب وزيلينسكي أثارت ردود فعل غاضبة في أوروبا، خصوصاً في باريس وبروكسل، حيث وصف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون موقف ترمب بأنه غير عادل، مؤكداً أن "من يقاتل منذ ثلاث سنوات هو من يحق له الحديث عن الواقع، وليس من جاء مؤخراً ليحدد مسار الحرب"، في إشارة إلى أن زيلينسكي هو الأحق باتخاذ قرارات بشأن مستقبل الحرب، وليس ترمب.
ويوضح الديك أن الموقف الأمريكي المتذبذب دفع الاتحاد الأوروبي إلى إعادة النظر في استراتيجيته الدفاعية، مشيراً إلى أن اتفاقية الأمن الجماعي الأوروبية أصبحت قيد إعادة الدراسة، وأن هناك جهوداً مكثفة من فرنسا وألمانيا وإيطاليا لتعزيز مشروع إنشاء جيش أوروبي مستقل، وهو أمر يجري الحديث عنه منذ سنوات، لكنه أصبح الآن أكثر إلحاحاً في ظل تراجع الثقة في التزام الولايات المتحدة تجاه أمن أوروبا.
ويُبيّن أن الأوروبيين يدركون خطورة تمدد النفوذ الروسي، إذ يخشون أن تكون أوكرانيا مجرد البداية، وأن الدول المجاورة قد تصبح الهدف التالي لموسكو، ما يجعل بناء قوة عسكرية أوروبية مستقلة أمراً ضرورياً لمواجهة التهديدات المستقبلية.
ويؤكد الديك أن تصريحات ترمب حول عدم استعداد زيلينسكي للسلام تكشف عن انحياز أمريكي متزايد تجاه الموقف الروسي، حيث يبدو أن واشنطن باتت أكثر تقبّلاً لفكرة احتفاظ روسيا بالأراضي الأوكرانية التي ضمتها، في إشارة إلى المقاطعات الخمس التي أصبحت تحت السيطرة الروسية.
ويشير إلى أن هذا التوجه يعكس محادثات سرية بين موسكو وواشنطن، قد تتضمن قبولاً أمريكياً ضمنياً ببقاء هذه الأراضي تحت الحكم الروسي، وهو أمر يرفضه زيلينسكي رفضاً قاطعاً، باعتباره تنازلاً غير مقبول عن سيادة أوكرانيا.
ويوضح الديك أن الموقف الأوروبي يبدو مختلفاً عن التوجه الأمريكي، حيث تتزايد الدعوات داخل أوروبا لتقديم مزيدٍ من الدعم العسكري والسياسي لكييف، تعويضاً عن أي تراجع محتمل في الدعم الأمريكي تحت قيادة ترمب.
ويشير إلى أن الولايات المتحدة أخلّت بالتزاماتها تجاه أوكرانيا، لافتاً إلى أن ما حدث في البيت الأبيض يعكس تغيراً جذرياً في الاستراتيجية الأمريكية، حيث لم يعد الدعم لكييف مضموناً كما كان خلال إدارة بايدن، ما يضع زيلينسكي في موقف حرج سياسياً وعسكرياً.
ويوضح الديك أن الحرب في أوكرانيا لم تكن مجرد حرب بين دولتين، بل كانت مواجهة بين معسكرين دوليين، حيث تقاتل أوكرانيا نيابة عن الغرب وحلف الناتو، وليس فقط دفاعاً عن أراضيها، وهو ما يجعل الموقف الأمريكي المتغير بمثابة خيانة للمصالح الأوروبية والأوكرانية.
ويشير الديك إلى أن الديمقراطيين في الكونغرس الأمريكي انتقدوا بشدة سلوك ترمب ونائبه خلال المشادة مع زيلينسكي، حيث اعتبروا أن ما حدث يسيء لسمعة الولايات المتحدة كدولة قائدة للعالم الحر، وقد يُضعف نفوذها في المستقبل.
نقطة تحول في المسار السياسي للحرب الأوكرانية
يصف البروفيسور د.جمال حرفوش، أستاذ مناهج البحث العلمي والدراسات السياسية في جامعة المركز الأكاديمي للأبحاث في البرازيل، المشادة العلنية بين الرئيس الأمريكي دونالد ترمب ونظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، وما تبعها من طرد غير مسبوق لرئيس دولة من البيت الأبيض، بأنها "نقطة تحول كبرى" في المسار السياسي للحرب الأوكرانية، مشيراً إلى أن الحادثة قد تكون مقدمة لإعادة تشكيل التحالفات الدولية وتغيير جذري في الاستراتيجية الغربية تجاه الصراع.
ويؤكد حرفوش أن هذا التطور يعكس تآكل الدعم الأمريكي لأوكرانيا، وقد يُترجم مستقبلاً إلى تقليص المساعدات العسكرية والمالية التي تمثل شريان الحياة للقوات الأوكرانية.
ويعتبر حرفوش أن ترمب، الذي يرى أن الحرب الأوكرانية الروسية لا تخدم المصالح الأمريكية بل إنها استنزاف اقتصادي للولايات المتحدة، يسعى إلى إعادة ترتيب الأولويات الدولية لبلاده، ودفع أوروبا لتحمل مسؤولية أمنها بدلاً من الاعتماد الكلي على واشنطن.
أبعاد استراتيجية عميقة
بحسب حرفوش، فإن تصريحات ترمب خلال المواجهة مع زيلينسكي، خصوصاً عندما قال إن الأخير "ليس مستعداً للسلام" و"قلل من احترام الولايات المتحدة"، تحمل أبعاداً استراتيجية عميقة.
ويوضح حرفوش أن هذه التصريحات تعكس قناعة ترمب بأن كييف ليست راغبة في إنهاء الحرب لأنها تستفيد من استمرار الدعم الغربي، ومن هذا المنطلق، يرى ترمب أنه لا ينبغي تقديم المساعدات بلا شروط كما كان الحال في إدارة بايدن، بل يجب أن تُستخدم كورقة ضغط لإجبار أوكرانيا على التفاوض، حتى لو كان ذلك يعني فرض تسوية سياسية تصبّ في مصلحة موسكو.
ويعتقد حرفوش أن هذا التحول يضع زيلينسكي في موقف صعب، إذ أصبح واضحاً أن أكبر داعم له لم يعد يثق في قيادته للأزمة، ونتيجة لذلك، قد تتزايد الضغوط الداخلية في أوكرانيا لاستبداله أو إجباره على تعديل سياساته باتجاه القبول بتسوية تفاوضية، خصوصاً إذا شعرت النخب السياسية والعسكرية الأوكرانية بأن دعم واشنطن لم يعد مضموناً.
ويشير حرفوش إلى أن المشادة العلنية أثارت قلق القادة الأوروبيين، إذ أعادت فتح التساؤلات حول موثوقية الولايات المتحدة كشريك أمني، وإذا استمر ترمب في الدفع باتجاه تقليل الالتزامات العسكرية الأمريكية في أوروبا، فقد تجد الدول الأوروبية نفسها مضطرة إلى تعزيز قدراتها الدفاعية المستقلة، إما عبر زيادة الإنفاق العسكري أو تطوير استراتيجيات أمنية جديدة خارج إطار الناتو.
ويعتقد أن القلق الأوروبي ينبع من مخاوف من تحول الحرب إلى نزاع مجمد طويل الأمد، حيث تبقى أوكرانيا ساحة معركة غير محسومة، ما يعني استمرار التهديدات الأمنية وتزايد حالة عدم اليقين الجيوسياسي.
ويشير حرفوش إلى أن تصريحات ترمب وتعامله الصدامي مع زيلينسكي قد تدفع أوروبا إلى إعادة التفكير في مدى اعتمادها على الولايات المتحدة في الملفات الاستراتيجية الكبرى، خصوصاً في ظل الشكوك حول التزام واشنطن بحماية أمن القارة على المدى الطويل.
ويرى حرفوش أن ما حدث في البيت الأبيض قد يكون إشارة ضمنية إلى أن ترمب مستعد لإجراء مفاوضات مباشرة مع بوتين دون الحاجة إلى إشراك زيلينسكي، وهذا يعني أن خارطة الحلول الممكنة للحرب قد تتغير تماماً، حيث إنه من المرجح أن يسعى إلى إنهاء الحرب وفقاً لشروط أمريكية– روسية، دون مراعاة المطالب الأوكرانية بشكل أساسي.
ويوضح حرفوش أن تصريحات ترمب حول عدم احترام زيلينسكي للولايات المتحدة تعكس اعتقاده بأن كييف باتت تتعامل مع الدعم الأمريكي وكأنه أمر مسلم به، دون أن تُظهر امتناناً كافياً، ولهذا السبب، يبدو أن ترمب يعتزم إعادة صياغة العلاقة مع أوكرانيا، بحيث تكون قائمة على شروط واضحة ومحددة، وليس على دعم غير مشروط كما كان الحال خلال إدارة بايدن.
ويؤكد أن زيلينسكي يواجه الآن أكبر تحدٍ لشرعيته السياسية منذ بدء الحرب، فبعد الطرد العلني من البيت الأبيض، أصبح موقفه الدولي ضعيفاً، ولم يعد يحظى بنفس الدعم الذي كان يتمتع به سابقاً.
ويشير حرفوش إلى أن هذه الحادثة قد تجبر زيلينسكي على إعادة النظر في حساباته السياسية والعسكرية، سواء أراد ذلك أم فُرض عليه بفعل الضغوط الدولية، وقد يجد نفسه أمام خيارين: إما القبول بتسوية سياسية قد لا تلبي طموحاته، أو مواجهة عزلة دولية متزايدة تجعله أكثر عرضة للضغوط الداخلية والخارجية.
وبحسب البروفيسور حرفوش، فإن ما حدث في البيت الأبيض ليس مجرد مشادة عابرة، بل هو علامة فارقة قد تعيد تشكيل الحرب الأوكرانية والعلاقات الدولية بشكل عام.
ويوضح حرفوش أن الموقف الأمريكي الجديد، الذي يقوده ترمب، يُشير إلى أن دعم واشنطن لكييف لم يعد غير مشروط، وأن هناك اتجاهاً واضحاً نحو إنهاء الحرب بأي ثمن، حتى لو كان ذلك عبر فرض تسوية غير متكافئة على أوكرانيا.
"سقطة لا تُغتفر في العرف الدبلوماسي"
يؤكد أستاذ الإعلام السياسي في جامعة الخليل، د.سعيد شاهين، من تداعيات المواجهة العلنية التي افتعلها الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي مع نظيره الأمريكي دونالد ترمب، مؤكداً أن هذا التصرف "سقطة لا تُغتفر في العرف الدبلوماسي"، وقد يضع كييف في موقف صعب على الصعيدين العسكري والسياسي.
ويوضح شاهين أن زيلينسكي، المعروف بخلفيته في التمثيل والكوميديا، استغل الوجود المكثف لوسائل الإعلام الدولية لتقديم نفسه في صورة الزعيم الذي لا يتحدى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين فحسب، بل يتحدى أيضاً الرئيس الأمريكي ترمب.
ويقول شاهين: "إن تصرف زيلينسكي الأرعن قد يكلّفه خسارة الدعم الأمريكي، رغم أن واشنطن قدمت مئات المليارات لدعم أوكرانيا ومنع تقسيمها".
ويشير إلى أن أوكرانيا "تخسر الحرب بشكل تدريجي"، معتبراً أن "اللحظة التي ينهار فيها الجيش الأوكراني والمرتزقة الذين يقاتلون إلى جانبه قد تقترب أكثر مما يظن البعض".
ويعتقد شاهين أن تصرف زيلينسكي في البيت الأبيض لم يكن عفوياً، بل جاء نتيجة "تشجيع كافٍ من الدول الغربية"، التي تطمح إلى الاستحواذ على الموارد الطبيعية لأوكرانيا، بما فيها المعادن النادرة.
ويقول شاهين: "إن الدليل على ذلك هو المسارعة إلى إطلاق تصريحات أوروبية مؤيدة لموقف زيلينسكي، من قِبل زعماء مثل إيمانويل ماكرون وأولاف شولتز وكير ستارمر، وذلك لأن أوروبا معنية باستمرار الحرب لتحقيق مكاسب استراتيجية واقتصادية".
أوكرانيا أصبحت في موقف خطير أمنياً
لكن شاهين يحذّر من أن هذه الحسابات قد تكون خاطئة، مؤكداً أن أوكرانيا أصبحت في موقف خطير أمنياً، حيث تراقب موسكو الوضع عن كثب، وقد تكون مستعدة للتحرك باتجاه كييف، عاصمتها التاريخية الأولى، ثم خاركيف وأوديسا، في حال استمرت الأوضاع في التدهور لصالحها.
وحول المخاوف الأوروبية من تهديد روسي محتمل، يشدّد شاهين على أن الحديث عن "أمن أوروبا" هو مجرد خطاب سياسي يردّده زعماء أوروبيون، مؤكداً أن روسيا لم يسبق لها أن اعتدت على أوروبا الغربية عبر التاريخ، بل كانت هي الطرف الذي تعرض للحروب من قِبل الغرب.
ويؤكد شاهين أن الولايات المتحدة ملتزمة بأمن أوروبا من خلال قواعدها العسكرية المنتشرة في أنحاء القارة، لكن المشكلة تكمن في أن حلف الناتو غير قادر على تحقيق نصر حاسم ضد روسيا، وهي "قناعة باتت راسخة لدى الإدارة الأمريكية الجديدة"، وفق تعبير شاهين.
على صعيد العلاقات الأمريكية الأوكرانية، يتوقّع شاهين أن يكون لهذه المواجهة تأثير سلبي على أوكرانيا، معتبراً أن ترمب قد يعمد إلى ممارسة الضغوط على كييف، بدلاً من تشديدها على موسكو، بسبب "عدم إدراك زيلينسكي لعواقب تصريحاته، خاصة وهو تحت تأثير المخدرات التي يتعاطاها"، وفق قوله.
ويحذر شاهين من أن "هذه التطورات ستؤدي إلى تعريض ملايين الأوكرانيين للموت في حرب هجينة، أشبه بمفرمة لحم بين طرفين شقيقين، بينما تقوم بعض الدول الأوروبية بصب الزيت على النار لضمان استمرار الحرب، دون تحقيق أي نتائج سوى خسارة أوكرانيا للمزيد من أراضيها".
ترمب يسعى لإخضاع أوروبا عبر الضغط المباشر
يرى الكاتب والمحلل السياسي عوني المشني أن الرئيس الأمريكي دونالد ترمب يحاول نقل العلاقات مع أوروبا من مرحلة الشراكة التبعية إلى التبعية الكاملة، وهو تحول واضح تجلّى في لقائه الأخير مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، حيث مارس ضغوطاً مباشرة على أوكرانيا في خطوة لا تستهدف كييف وحدها، بل تهدف إلى فرض الهيمنة الأمريكية على القرار الأوروبي ككل.
ويؤكد المشني أن ترمب، الذي اعتاد تجاوز الأعراف الدبلوماسية، يسعى لإخضاع أوروبا عبر استخدام الضغط المباشر، وهو ما قد يؤدي إلى مزيد من العزلة للولايات المتحدة، بدلاً من تحقيق الأهداف السياسية المعلنة.
ويوضح المشني أن هذا النهج لا يساهم في تقصير أمد الحرب الروسية الأوكرانية، بل ربما يؤدي إلى تأجيجها، خاصة أن أوكرانيا، رغم كونها الطرف الأضعف في هذا الصراع، لا يمكنها الرضوخ للإملاءات الأمريكية بهذه السهولة، نظراً لارتباطها العميق بالمصالح الأوروبية.
ويشير إلى أن الحرب الأوكرانية استنزفت أهدافها الرئيسية، لكن التدخل الأمريكي المستمر، وفقاً لرؤية ترمب، قد يؤدي إلى إطالة أمدها، خاصة إذا استمرت واشنطن في إدارة الصراع بطريقة تعزز الانقسام بين أوكرانيا وأوروبا من جهة، وروسيا من جهة أُخرى.
ويشدد المشني على أن ترمب، المعروف بتغيير مواقفه بسرعة، قد يجد نفسه مضطراً للتراجع عن بعض قراراته لاحقاً، مما قد يفتح الباب أمام نهاية محتملة للحرب، لكنه في الوقت نفسه فتح باب الصراع الأمريكي-الأوروبي على مصراعيه، وهو ما قد يُعقّد المشهد الجيوسياسي بشكل أكبر.
وفي ما يتعلق بتصريح ترمب الأخير لزيلينسكي، والذي قال فيه: "لست مستعداً للسلام في حال مشاركة أمريكا"، يعتبر المشني هذا التصريح تحريضاً وتضليلاً، مؤكداً أن الجميع يدرك أن هذه الحرب أشعلتها الولايات المتحدة، وهي الجهة الوحيدة القادرة على إخمادها.
واشنطن تُضحّي بمصالح أوروبا وأوكرانيا
ويوضح المشني أن واشنطن، عبر سياساتها، تضحي بمصالح أوروبا وأوكرانيا على حد سواء، لصالح ترتيب تفاهمات أمريكية-روسية قد تكون بعيدة كل البعد عن مصالح كييف وحلفائها الأوروبيين.
ويشير المشني إلى أن المواجهة الحالية ليست مجرد حرب أوكرانية-روسية، بل إنها بداية لصراع أمريكي-أوروبي أعمق، خاصة مع السياسات الاقتصادية التي تنتهجها واشنطن ضد حلفائها الغربيين، مثل فرض الضرائب الأمريكية على المنتجات الأوروبية، وهو ما قد يؤدي إلى تعميق الخلافات بين الطرفين.
ويلفت المشني إلى أن ترمب، رغم عناده الظاهري، ليس قادراً على فرض هيمنته على أوروبا بالطريقة التي يتعامل بها حالياً، وأن الولايات المتحدة قد تجد نفسها في عزلة حقيقية إذا استمرت في اتباع هذا النهج التصعيدي.
ويشدد المشني على أن أوروبا ليست "جمهورية موز" يمكن الهيمنة عليها بسهولة، ما يجعل من الصعب على واشنطن فرض شروطها بشكل كامل على الحلفاء الأوروبيين.
تباين المواقف بشأن استمرار الحرب في أوكرانيا
يؤكد أستاذ العلوم السياسية في جامعة بيرزيت، د.سعد نمر، أن تصاعد التوتر بين الرئيس الأمريكي دونالد ترمب والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، جاء في ظل تباين المواقف بشأن استمرار الحرب في أوكرانيا ومستقبل العلاقات الأمريكية-الأوكرانية.
ويشير نمر إلى أن ترمب تعامل مع زيلينسكي بـ"وقاحة شديدة"، حيث حاول ابتزازه للحصول على جزء من الموارد والمعادن الأوكرانية مقابل دعم أمريكي محدود، في حين يسعى إلى إنهاء الحرب عبر صفقة مع روسيا، بما يتماشى مع مصالحه الاقتصادية.
ويوضح نمر أن ترمب يريد مقاسمة الأوكرانيين في ثرواتهم، حيث يسعى للحصول على ما يقارب نصف الموارد الأوكرانية لصالح الولايات المتحدة، لكنه في الوقت نفسه لا يرغب في تقديم دعم عسكري أو مالي مستمر لكييف.
ويؤكد نمر أن ترمب، الذي يدّعي أن بلاده أنفقت أكثر من 500 مليار دولار على الحرب في أوكرانيا، يسعى إلى تقليل هذه النفقات وعدم تحمل تكاليف إضافية، ما دفعه إلى الضغط على زيلينسكي لإبرام اتفاق سلام مع موسكو وفق شروط الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
رؤية ترمب لخفض النفقات الأمريكية
ويرى نمر أن هذه السياسة تأتي ضمن رؤية ترمب لخفض النفقات الأمريكية، حيث قام بإغلاق العديد من المؤسسات التي تقدم مساعدات خارجية، مثل "يو إس أيد" وغيرها، في محاولة لتوجيه الأموال لدعم الاقتصاد الأمريكي، كما أن اهتمامه بالاستثمار في مناطق أخرى مثل غرينلاند وكندا وبنما يعكس تركيزه على تحقيق مكاسب اقتصادية دون تحمل أعباء الحروب.
ويشير نمر إلى أن الموقف الأمريكي الجديد من قبل ترمب أثار استياء الحلفاء الأوروبيين، الذين يرون أن وقف الحرب وفق الشروط الروسية سيعزز نفوذ موسكو في أوروبا.
ووفقاً لنمر، فإنه بينما تسعى أوروبا إلى استمرار الدعم العسكري لكييف لمواجهة روسيا، يتجه ترمب إلى تحميل الدول الأوروبية مسؤولية دعم أوكرانيا بالكامل، مطالباً إياها بزيادة ميزانياتها العسكرية وتحمل تكاليف استمرار الحرب.
ويؤكد نمر أن أوروبا تخشى من أن يؤدي إنهاء الحرب بشروط موسكو إلى توسيع النفوذ الروسي وتهديد دول أوروبية أخر، لذا، فإن الدول الأوروبية ترى في موقف ترمب تراجعاً عن الالتزام الأمريكي تجاه الحلفاء، وهو ما قد يؤثر على استقرار المنطقة بأكملها.
وفي ما يتعلق بموقف زيلينسكي من اتفاق السلام، يوضح نمر أن الرئيس الأوكراني رفض العرض الأمريكي من ترمب بسبب غياب الضمانات الأمنية، فزيلينسكي يريد تأكيدات أمريكية وأوروبية بعدم تعرض بلاده لهجوم روسي مستقبلي قبل الموافقة على أي اتفاق، إلا أن ترمب، بدلاً من تقديم ضمانات، اتهم زيلينسكي بأنه "غير مستعد للسلام"، واعتبر رفضه للصفقة دليلاً على عدم رغبته في إنهاء الحرب.
ويوضح نمر أن ترمب تعامل مع زيلينسكي "بفوقية واستعلاء"، متوقعاً أن يقبل الأخير بالشروط الأمريكية دون اعتراض، لكن زيلينسكي رفض الانصياع الكامل لمطالب ترمب، ما أدى إلى توتر اللقاء بينهما، وأثار ذلك غضب الرئيس الأمريكي، الذي اعتبر موقف زيلينسكي بمثابة "تقليل من احترام البيت الأبيض والولايات المتحدة".
ويؤكد نمر أن الأزمة بين الطرفين تفاقمت بسبب عقد الاجتماع في البيت الأبيض بحضور مكثف للإعلام الأمريكي، ما جعل الخلافات واضحة أمام الجمهور، وكان من المتوقع أن يكون الاجتماع مغلقاً، إلا أن وجود الصحافة أدى إلى تصاعد التوتر، خاصة عندما ظهر زيلينسكي وهو يرد على ترمب بلهجة حازمة دفاعاً عن مصالح أوكرانيا.
ويشير نمر إلى أن ترمب ونائبه اعتبرا أن موقف زيلينسكي يمثل تحدياً للرئيس الأمريكي، بينما حاول زيلينسكي التأكيد على احترامه للولايات المتحدة، لكنه رفض القبول بصفقة لا تلبي الحد الأدنى من مطالب أوكرانيا، وأدى هذا التباين في المواقف إلى توتر علني غير مسبوق بين كييف وواشنطن، ما يضعف موقف زيلينسكي في الحصول على دعم أمريكي مستمر للحرب ضد روسيا.
ويعتقد نمر أن هذه الأزمة قد تؤدي إلى تغيير موازين الصراع في أوكرانيا، خاصة إذا قررت الولايات المتحدة تقليص دعمها العسكري.
ويوضح نمر أن مستقبل العلاقة بين أوكرانيا وأوروبا سيعتمد على قدرة الدول الأوروبية على تعويض غياب الدعم الأمريكي، وهو أمر لا يزال محل جدل داخل أروقة صنع القرار في العواصم الغربية.
دلالات
ابو حمزة المهاجر قبل حوالي 14 ساعة
كلاب تنهش في لحم بعضها لعنكم الله جميعا يا مجرمين يا اعداء الله.
فلسطيني قبل يوم واحد
ليتعلم العالم وخاصة العربي أن الفوقية والعنحهية قد انتهى زمانها وان الخشن لا يرد الا بالخشن شكرازيلينيكي الذي علم العالم الرجولة
الأكثر تعليقاً
الشيخ يبحث مع وزير الخارجية السعودي التحضيرات للقمة العربية الطارئة في القاهرة

تلاسن بين ترامب وزيلينسكي ينسف اجتماعهما والأخير يغادر البيت الأبيض
وكالة بيت مال القدس تطلق حملتها السنوية لشهر رمضان من قرية النبي صموئيل بالقدس

مشادة ترمب- زيلينسكي.. نهج جديد في الدبلوماسية الخشنة
مشادة القرن!

الاحتلال يقتحم المسجد الأقصى ويجبر المصلين على مغادرته
"إسرائيل" توقف دخول المساعدات لغزة و"حماس" تعقب
الأكثر قراءة
محدث: إصابة شاب برصاص الاحتلال واعتقاله جنوب نابلس

نتنياهو يعقد مشاورات الليلة مع عودة فريق المفاوضات من القاهرة

قرب نفاد احتياطيات إسرائيل من الغاز يكشف عن مطامعها بغاز غزة

ترمب يستدعي الذكاء الاصطناعي ...أحلام التهجير تتراءى في "فيديو" قصير!
كاتس: نُسرِّع إنشاء مكتب لتهجير غزة ولن نغادر مخيم جنين قبل عام
وسط معاناة شديدة.. أهالي جنين ومخيمها يستقبلون رمضان مشردين نازحين
الرئيس يصدر قرارا بتعيين اللواء العبد إبراهيم خليل قائدا لقوات الأمن الوطني


أسعار العملات
الإثنين 03 مارس 2025 2:04 مساءً
دولار / شيكل
بيع 3.6
شراء 3.58
دينار / شيكل
بيع 5.07
شراء 5.05
يورو / شيكل
بيع 3.77
شراء 3.76
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%53
%47
(مجموع المصوتين 746)
شارك برأيك
مشادة ترمب- زيلينسكي.. نهج جديد في الدبلوماسية الخشنة