Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo

فلسطين

الإثنين 20 يناير 2025 8:02 صباحًا - بتوقيت القدس

في اليوم الأول لوقف الإبادة.. لم تعد الحياة كما ينبغي!

رام الله- خاص بـ"القدس" و"القدس" دوت كوم:

عريب الرنتاوي:  المعركة العسكرية وضعت أوزارها مع دخول وقف النار حيز التنفيذ لكن معركة التفاوض حول مستقبل غزة ستندلع قريباً

ماجد هديب: الغزيون ما بين السعادة لنجاتهم والحزن على من ابتلعتهم المحرقة ويتطلعون للمستقبل رغم التحديات الكبيرة

محمد جودة: توقف الإبادة ليس نهاية المطاف بل بداية لمرحلة جديدة تتطلب جهوداً لإنقاذ ما تبقى وإعادة الأمل للمواطنين

طلال عوكل: التوافق الداخلي هو المفتاح لحل الإشكالية بشأن إدارة قطاع غزة بما يضمن استقراره وتمكينه من التعافي 

د. سعيد شاهين: صمود غزة الأسطوري كسر شوكة المحتل وأحبط آماله في تحقيق أي نصر لكن الطريق للتعافي طويل وشاق

نزار نزال: الصور والمشاهد المرعبة التي ستخرج من قطاع غزة سوف تكون صادمة للعالم وستكشف حجم الكارثة

 

بعد أكثر من 15 شهراً من حرب الإبادة المدمرة التي عصفت بقطاع غزة وراح ضحيتها عشرات الآلاف، بدأت الحياة تعود تدريجياً إلى القطاع مع دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ. 


ويوضح كتاب ومحللون سياسيون وأساتذة جامعات، في أحاديث منفصلة لـ"ے"، أن هذه الحرب، التي بدأت في أكتوبر 2023، تركت وراءها دماراً هائلاً وخسائر بشرية ومادية جسيمة، حيث فقد الآلاف منازلهم وأحباءهم، وتحولت أجزاء كبيرة من القطاع إلى ركام، لكن اليوم، ومع توقف الحرب، يعيش أهالي غزة لحظات مختلطة بين الفرح لانتهاء المحرقة والحزن على ما فقدوه، فيما يبحثون عن أمل يعيد إليهم شيئاً من الاستقرار والأمن الذي افتقدوه طويلاً.  


ويرون أنه بالرغم من الصمود الأسطوري لأهالي غزة، الذي كسر شوكة الاحتلال وأحبط آماله في تحقيق نصر حاسم، فإن الطريق إلى التعافي يبدو طويلاً وشاقاً، فالقطاع يحتاج إلى أكثر من مجرد إعادة إعمار المباني؛ فهو بحاجة إلى إعادة بناء الأمل، وتأمين مقومات الحياة الأساسية من ماء وغذاء ودواء، وإعادة تأهيل البنية التحتية المدمرة، بما في ذلك المستشفيات والمدارس التي دمرتها الحرب، كما أن التحديات النفسية التي يعانيها السكان، خاصة الأطفال والنساء، تتطلب جهوداً كبيرة لتجاوز الصدمات التي خلفتها أشهر من القصف والدمار.  


ويؤكدون أن هذه المرحلة الحرجة تبرز الحاجة إلى توافق فلسطيني داخلي يضمن إدارة قطاع غزة بشكل فعّال، ويسمح بتوزيع المساعدات الدولية بشكل عادل ومنظم، كما أن توقف الحرب ليس نهاية المطاف، بل بداية لمرحلة جديدة من النضال من أجل الحياة والكرامة.

 

الشعب الفلسطيني ما زال صامداً رغم الدمار الهائل

 

يؤكد عريب الرنتاوي، مدير مركز القدس للدراسات السياسية، أن الصور التي تنقلتها وكالات الأنباء والتلفزيونات من غزة بعد 471 يوماً من الحرب تشير إلى أن الشعب الفلسطيني ما زال صامداً رغم الدمار الهائل الذي لحق بالقطاع. 


ويشير الرنتاوي إلى أن الفلسطينيين، رغم آلام الفقد المروعة التي عانوها، بدأوا ينفضون عن أنفسهم الرماد والركام، ويعيدون بناء حياتهم فوق أنقاض منازلهم، مؤكدين عزمهم على الصمود والثبات في أرضهم والمضي قدماً في كفاحهم من أجل القدس وفلسطين.  


ويوضح أن حالة التفلت للعودة إلى الديار كانت السمة العامة التي ميزت ردود فعل مئات الآلاف من الفلسطينيين، حيث بدأوا في تفكيك الخيام والعودة إلى مدنهم وقراهم ومخيماتهم، حتى لو اضطر البعض إلى نصب خيام فوق ركام منازلهم المدمرة. 


ويؤكد الرنتاوي أن فكرة اللجوء والتشرد، التي دفع الفلسطينيون ثمنها غالياً عبر تاريخهم الطويل، باتت مرفوضة اليوم مهما بلغت التضحيات.  


لكن الرنتاوي يحذر من أن التحديات التي تواجه غزة ليست بالأمر اليسير، حيث الاحتياجات الهائلة التي تتطلب جهوداً جبارة لمعالجتها. 


ويشير إلى أن أولى هذه الاحتياجات هي الإغاثة العاجلة، وإيواء النازحين، وإعادة الإعمار، مؤكداً أن أهالي غزة يستحقون من إخوانهم العرب والمجتمع الدولي كل الاهتمام والتركيز لرفع الحصار وفتح المعابر وإدخال المساعدات الإنسانية بكميات كافية، داعياً إلى توفير أدوات الإيواء، مثل المنازل الجاهزة والخيام، وإعادة تأهيل البنية التحتية الصحية والمدنية المدمرة. 


ويؤكد الرنتاوي أن ملف إعادة الإعمار يجب أن يبقى بعيداً عن السياسة والتسييس، وأن لا يتحول إلى أداة ابتزاز. 


ويشدد على أن المعركة العسكرية قد وضعت أوزارها مع دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، لكن معركة أخرى لا تقل شراسة وخطورة ستندلع قريباً، وسيكون ميدانها موائد التفاوض وغرف المفاوضات حول مستقبل غزة بعد الحرب. 


ويتساءل الرنتاوي عما إذا كانت غزة ستخضع لترتيبات عربية ودولية جديدة، أم أن ترتيب البيت الفلسطيني سيكون شأناً فلسطينياً خالصاً، كما وعدت فصائل المقاومة خلال الأشهر الماضية. 

 

ويعرب الرنتاوي عن استيائه من حالة الفشل الفلسطيني الداخلي في الوصول إلى صيغة توافقية لإدارة ملف غزة والضفة الغربية كوحدة واحدة، محذراً من محاولات تفصيل "اليوم التالي للحرب" وفق المقاسات الأمريكية والأوروبية والإسرائيلية، داعياً إلى قطع الطريق على هذه المسارات المشبوهة، مؤكداً أن إسرائيل عادة ما تحصل في المفاوضات على ما لم تحققه بالحرب، وهو ما يجب أن يكون خطاً أحمر لا يسمح للفلسطينيين بالوقوع في فخه.  


وفي ما يتعلق بإدارة غزة، يلفت الرنتاوي إلى أن المشهد الحالي يشير إلى أن حركة حماس بدأت تتولى تنظيم شؤون قطاع غزة، حيث خرجت قوات الأمن والشرطة التابعة لها إلى الشوارع لضبط النظام ومنع التجاوزات والسرقات التي انتشرت خلال الحرب، موضحاً أن هذا المشهد أثار قلق إسرائيل، حيث أرسلت حماس رسالة واضحة بأن مشروع تدميرها قد فشل، وأنها ما زالت صاحبة الكلمة العليا في غزة. 

 

ويشدد الرنتاوي على أن حماس جزء من النسيج الفلسطيني والحركة الوطنية الفلسطينية، وأنها ليست قوة هامشية يمكن القفز من فوقها، داعياً المجتمع الدولي إلى التعامل معها كواقع قائم، مشيراً إلى أن النفاق السياسي والمصالح الإسرائيلية هي التي تحول دون الوصول إلى صيغ معقولة لإدارة المشهد الفلسطيني برمته.

 

استعادة الأنفاس بعد 15 شهراً من الحرب

 

يؤكد الكاتب والمحلل السياسي ماجد هديب أنه منذ اللحظة الأولى لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، وحتى قبل ذلك، مع ورود أنباء عن اتفاق محتمل لتبادل الأسرى، بدأ المواطن في غزة يستعيد أنفاسه بعد 15 شهراً من الحرب التي خلفت دماراً هائلاً، وهي الحرب التي بدأت في السابع من أكتوبر 2023، ولم تترك شيئاً سليماً؛ إذ فقدَ الكثيرون منازلهم وممتلكاتهم، وحتى أحباءهم، واليوم، ومع توقف القتال، يبحث الغزيون عن طوق نجاة، عن أمل يعيد إليهم شيئًا من الاستقرار والأمن الذي افتقدوه طويلاً.  


ويشير هديب إلى أن المواطن في غزة كان خلال الحرب يعيش حالة من التنقل الدائم بين الخوف واللاأمن، حيث فقد الكثيرون مقومات الحياة الأساسية، من مسكن ومال، وحتى الأمان الشخصي.


ويؤكد هديب أنه ومع ذلك، فإن لحظات الهدنة الاولى عاش أهالي غزة ما بين شعور الفرح والسعادة لنجاتهم من المحرقة وشعور الحزن على من ابتلعتهم نيران تلك المحرقة.


ووفق هديب، فإن الأمل يظل حاضراً لدى الغزيين، الذين يرون في وقف إطلاق النار بداية لحياة جديدة، رغم كل ما مروا به.  

ويشدد هديب على أن الفلسطينيين في غزة هم الآن يتطلعون إلى المستقبل، رغم أن التحديات كبيرة: دمار شامل، وخسائر بشرية ومادية جسيمة، وضياع مستقبل أبنائهم بسبب انهيار النظام التعليمي والصحي.


ويشير هديب إلى أن الأمر لا يقتصر على الخسائر المادية؛ فالكثير من الآباء يتذمرون من عدم قدرة أبنائهم على تلقي العلاج المناسب بسبب نقص الأدوية وانهيار البنية التحتية الصحية. 


ويلفت إلى أن المستشفيات التي كانت تعاني أصلاً من نقص الموارد قبل الحرب، أصبحت عاجزة عن استيعاب الأعداد الهائلة من الجرحى والمرضى.


ويعتقد هديب أن ما يحتاجه المواطن في غزة الآن يتجاوز مجرد إعادة الإعمار؛ فهو بحاجة إلى تأمين مقومات الحياة الأساسية، بدءاً من الأمن الغذائي والمعيشي، وصولاً إلى الأمن السياسي. 


ويلفت هديب إلى أن غزة، حتى قبل الحرب، كانت تعاني من شبه انعدام مقومات الحياة الكريمة، حيث كان المواطنون يعيشون في ظل حصار خانق واقتصاد منهك، ثم جاءت الحرب لتكمل على ما تبقى من حياة شبه معدومة.  


ويؤكد هديب أن المواطنين الآن بحاجة ماسة إلى الماء، والغذاء، والعلاج، والتعليم، لكن الأهم من ذلك كله هو تحقيق الأمن السياسي، أي العيش في مناطق تخضع للقانون وللتفاهمات بين كافة فصائل الشعب الفلسطيني، وتحقيق هذا الهدف يتطلب توافقاً وطنياً بين الفصائل، وهو ما يبدو بعيد المنال في ظل الانقسامات الحادة.  


وبحسب هديب، فإنه منذ ما قبل الحرب، كانت حكومة حماس، كحكومة أمر واقع، تتجاهل واجباتها تجاه المواطنين، حيث كانت تركّز على تعزيز سيطرتها وجمع الأموال الضريبية لتمويل موظفيها على حساب الشعب، وخلال الحرب، كان غيابها أكثر وضوحًا، حيث لم تظهر إلا في محاولات لتكميم الأفواه والحفاظ على هيبتها، وإرسال رسائل للشعب والإقليم أنها ما زالت تتحكم في مفاصل الحياة في غزة.  


ويؤكد هديب أن إدارة الأوضاع في غزة تتطلب اليوم إعادة بناء مؤسسات قادرة على تقديم الخدمات، وهو ما يتعذر تحقيقه دون وحدة وطنية حقيقية، مشدداً على أن الوحدة الوطنية ليست مجرد شعار، بل هي ضرورة لإنقاذ ما تبقى من القضية الفلسطينية.  


ويعتقد أنه لا يمكن للشعب الفلسطيني أن يحقق أي تقدم دون وحدة وطنية، فهذه الوحدة يجب أن تعتمد على استراتيجيات واضحة تم الاتفاق عليها سابقاً في جولات المصالحة التي رعتها دول عربية، وما يحتاجه الفلسطينيون اليوم هو تطبيق تلك الاتفاقات، وليس إعادة التفاوض والحوار بشأنها.  


ويشدد هديب على أن منظمة التحرير، كممثل شرعي للشعب الفلسطيني، يجب أن تعود لتتصدر المشهد السياسي والأمني في غزة، كما أن حماس، من جانبها، عليها أن تلتزم بالاتفاقات السابقة وتخضع لقيادة منظمة التحرير، بما في ذلك الالتزام بالاتفاقات السياسية الدولية.  


وبحسب هديب، فإن الهدف النهائي يجب أن يكون تحقيق الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من حزيران/يونيو 1967، بعاصمتها القدس، وهذا الهدف لن يتحقق إلا بوحدة وطنية حقيقية والتزام كافة الفصائل ببرنامج سياسي موحد.

 

الأولوية للإغاثة وتلبية الاحتياجات الإنسانية العاجلة

 

يؤكد الكاتب والمحلل السياسي محمد جودة أنه بعد 470 يوماً من المقتلة التي شهدها قطاع غزة، يبدو أن توقف الإبادة سيكون بمثابة بداية لمرحلة جديدة تهدف إلى وقف شلال الدم النازف، وإنهاء معاناة الشعب الفلسطيني، والبدء في عملية البناء والتعافي. 


ويوضح جودة أنه في هذه المرحلة ستكون الإغاثة وتلبية الاحتياجات الإنسانية العاجلة هي الأولوية القصوى، حيث يحتاج القطاع إلى توفير الغذاء، والمياه النظيفة، والأدوية للمناطق المتضررة، بالإضافة إلى إعادة تشغيل المستشفيات والمراكز الصحية لتقديم الرعاية الطبية العاجلة للجرحى والمصابين.  


ويؤكد جودة أن توفير مساكن مؤقتة للنازحين الذين فقدوا منازلهم يُعد أمراً ملحا وحيوياً، خاصة في ظل تدمير البنية التحتية السكنية على نطاق واسع، ولا يمكن إغفال أهمية التأهيل النفسي، حيث يحتاج الأطفال والنساء الذين عانوا من ويلات الحرب إلى دعم نفسي مكثف لمساعدتهم على تجاوز الصدمات التي تعرضوا لها.  


ويشدد جودة على ان إعادة بناء البنية التحتية الأساسية ستكون أيضاً من الأولويات، بما في ذلك إصلاح شبكات الكهرباء والمياه والصرف الصحي، بالإضافة إلى إعادة تشغيل المدارس وتأهيلها لضمان عدم انقطاع العملية التعليمية لفترة طويلة، وهذه الخطوات ستكون ضرورية لإنقاذ جيل كامل من الأطفال من خطر الحرمان من التعليم.

  

ويعتقد جودة أن تنظيم المساعدات والخدمات في قطاع غزة سيتطلب تنسيقاً مشتركاً بين عدة جهات دولية ومحلية، وعلى رأس هذه الجهات تأتي الأمم المتحدة ومنظماتها المتخصصة، مثل برنامج الأغذية العالمي (WFP)، ووكالة الأونروا، ومنظمة الصحة العالمية (WHO)، كما ستلعب المنظمات الدولية غير الحكومية، مثل الصليب الأحمر الدولي ومنظمات الإغاثة الإنسانية، دوراً محورياً في تقديم المساعدات الميدانية.  


ويوضح جودة أن السلطة الفلسطينية ستكون هي الجهة الرسمية المسؤولة عن التنسيق مع المجتمع الدولي، فيما ستتعامل حكومة الأمر الواقع في غزة (تحت إدارة حماس) مع العمليات الميدانية على الأرض، كما أن الدول الداعمة، مثل مصر وقطر، ستلعب أدواراً مهمة في إعادة الإعمار والتنسيق، إلى جانب مؤسسات المجتمع المدني المحلي التي ستكون شريكاً أساسياً في تنفيذ المشاريع الإغاثية.  


ويرى جودة أنه لضمان كفاءة وشفافية توزيع المساعدات، فإنه من الضروري إنشاء آلية دولية تحت إشراف الأمم المتحدة، لتجنب الفوضى أو سوء التوزيع الذي قد يعيق وصول المساعدات إلى المحتاجين.  


ويعتقد جودة أن حماس التي تمتلك السيطرة الفعلية على الأرض في غزة، ستلعب دوراً رئيسياً في إدارة الخدمات والمساعدات ميدانياً، وستسعى إلى تأكيد نفوذها محلياً ودولياً من خلال تحسين الاستجابة الإنسانية وإظهار فعاليتها على الأرض.  


وبحسب جودة، فإن السلطة الفلسطينية ستسعى إلى الظهور كواجهة شرعية لتلقي الدعم الدولي، خاصة أن المجتمع الدولي يتعامل معها كجهة رسمية، ومع ذلك، فإن الواقع يتطلب أن تدير السلطة قطاع غزة كجزء لا يتجزأ من الوطن، دون أن يكون لأي جهة حزبية أو تنظيمية الحق في فرض سيطرتها على القطاع المنكوب.  


ويقول جودة: "في هذه المرحلة الحرجة، أعتقد أن شعبنا بحاجة إلى من يعيد له الأمل في غد أفضل، حيث لم يعد ممكناً بعد حرب الإبادة هذه، وكل الحروب التي سبقتها، أن يستمر الوضع في قطاع غزة كما كان، الشعب الفلسطيني من حقه أن يعيش بحرية وأمن وسلام، تحت مظلة سلطة واحدة وسلاح شرعي واحد، وفق إطار منظمة التحرير الفلسطينية التي تمثل كل الفلسطينيين".  


ويؤكد جودة أن هذا يتطلب إعادة النظر من قبل كل الأطراف في ما آلت إليه الأوضاع في الساحة الفلسطينية بعد الانقسام الأسود، والذي يجب إنهاؤه بغير رجعة، فالمصالح الوطنية يجب أن تتغلب على الخلافات السياسية، لضمان مصلحة الشعب الفلسطيني في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخه.


ويرى جودة أن على دول الإقليم تعزيز وجود السلطة الفلسطينية في قطاع غزة، وعلى المجتمع الدولي أن يدعم ويضغط في هذا الاتجاه، لما فيه مصلحة للشعب الفلسطيني وللمنطقة بأكملها.  


ويعتقد جودة أن توقف الإبادة في غزة ليس نهاية المطاف، بل بداية لمرحلة جديدة تتطلب جهوداً جبارة لإنقاذ ما تبقى من القطاع، وإعادة الأمل لشعب عانى كثيراً.

 

استعادة بعض مظاهر الحياة الطبيعية

 

يؤكد الكاتب والمحلل السياسي طلال عوكل أنه رغم فداحة الثمن الذي دفعه أهالي قطاع غزة، يظل المشهد العام احتفالياً إلى حد كبير، حيث يتطلع الناس إلى استعادة بعض مظاهر الحياة الطبيعية بعد 15 شهراً من القتل والدمار، الذي خلفه الاحتلال الإسرائيلي.


وبحسب عوكل، فإن الاحتياجات الإنسانية في قطاع غزة تتصدر الأولويات، حيث يحتاج السكان إلى كل شيء، بدءاً من الغذاء والمواد الطبية وحتى إخراج الجرحى من تحت الأنقاض، وهذه الاحتياجات الفورية تحظى بالأولوية القصوى، بينما سيتم لاحقًا توفير الخيام والمستلزمات الأخرى مثل المياه والطاقة، إضافة إلى معدات إزالة الركام وانتشال الجثامين وفتح الطرقات.


ويوضح عوكل أن الاتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة يتضمن بنوداً تهدف إلى تنظيم الأوضاع الداخلية، ومن بين هذه البنود السماح لشرطة حماس بالانتشار في الشوارع لضبط الأمن والمساعدة في تنظيم عملية توزيع المساعدات الإنسانية، ومنع أي فوضى قد تنشأ بسبب التنافس على الحصول على المواد الأساسية، حيث أن هذا الانتشار يأتي في إطار محاولة لإعادة النظام إلى القطاع، خاصة في ظل الظروف الصعبة التي يعيشها السكان.


وعلى صعيد توزيع المساعدات، يشير عوكل إلى أن المؤسسات الأممية، باستثناء وكالة الأونروا، ستتولى هذه المهمة بالتعاون مع وجهاء المجتمع ورجال الإصلاح، وهذه الخطوة تأتي لضمان وصول المساعدات بشكل منظم وعادل إلى المحتاجين، مع تجنب أي استغلال أو فساد قد يعيق العملية، كما أن معبر رفح، الذي يعد شريان الحياة الرئيسي لغزة، سيكون تحت إدارة السلطة الفلسطينية، ما يعكس محاولة لإعادة ترتيب الأوضاع الإدارية في القطاع.


وبشأن قضية إدارة قطاع غزة بشكل عام، وأنها مسألة لم تحسم بعد، يؤكد عوكل أن التوافق الفلسطيني الداخلي هو المفتاح لحل هذه الإشكالية، معرباً عن أمله في أن يتم التوصل إلى اتفاق سريع يضمن استقرار القطاع وتمكينه من التعافي من آثار الحرب. 


ويشدد عوكل على أنه في الوقت الحالي، تظل الأولوية لإنقاذ الأرواح وتوفير الاحتياجات الأساسية، بينما يتم العمل على تسوية الخلافات الداخلية لضمان مستقبل أكثر استقراراً لأهالي غزة.

 

قطاع غزة يحاول لملمة جراحه العميقة والتغلب على آلامه

 

يؤكد أستاذ الإعلام السياسي في جامعة الخليل، د. سعيد شاهين، أن قطاع غزة وبعد 15 شهراً من حرب الإبادة الدامية يحاول لملمة جراحه العميقة، والتغلب على آلامه التي خلفتها الحرب من خسائر فادحة في الأرواح والممتلكات.


ويؤكد شاهين أن شعور أهالي غزة في اليوم الأول من وقف حرب الإبادة هو مزيج من الفرح والألم؛ فرح بتوقف الحرب والنجاة من المحرقة، وألم لفقدان الأحبة والأهل والمدينة التي تحولت إلى ركام. 


ويرى شاهين أن صمود غزة الأسطوري كسر شوكة المحتل وأحبط آماله في تحقيق أي نصر معنوي أو مادي، ومع ذلك، فإن الطريق إلى التعافي طويل وشاق، حيث أن غزة تحتاج إلى كل شيء: من الأمن والسلام إلى الإغاثة العاجلة وإعادة الإعمار، وتحتاج إلى الخبز والماء والدواء، وإلى إعادة بناء المستشفيات والبنى التحتية المدمرة. 

ويشير شاهين إلى أن الأولوية الآن هي تثبيت اتفاق وقف إطلاق النار وعدم السماح بعودة الحرب، خاصة في ظل التهديدات المتكررة من قبل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. 


ويؤكد شاهين أن إدارة قطاع غزة يجب أن تكون بيد الفلسطينيين، مدعومين بإخوانهم العرب والأصدقاء الدوليين الذين أدركوا مظلومية الشعب الفلسطيني ووحشية الاحتلال. 


ويقترح تشكيل لجنة وطنية أو حكومة تكنوقراط تجمع كافة الفصائل الفلسطينية تحت إشراف منظمة التحرير الفلسطينية وقوى المقاومة.


ويؤكد شاهين أن هذه الحكومة ستكون مسؤولة عن إدارة عملية إعادة الإعمار وإعادة الحياة إلى قطاع غزة، وهي مهمة تحتاج إلى دعم دولي واسع. 


ويرى شاهين أن السلطة الوطنية الفلسطينية، كونها جهة معترف بها دولياً، يمكنها القيام بهذه المهمة بالتعاون مع حركة حماس والفصائل الأخرى، مشدداً على أن أي جهة فردية لن تتمكن من تحقيق النجاح دون توحيد الجهود تحت سقف فلسطيني واحد.

 

وفي حال تعذر التوافق بين طرفي الانقسام الفلسطيني، يقترح د. شاهين تشكيل لجنة عربية تتولى مهمة إدارة غزة مؤقتاً، حتى يتم التوصل إلى اتفاق وطني شامل. 


ويؤكد شاهين أن غزة اليوم تحتاج إلى أكثر من مجرد إعادة بناء المباني؛ فهي تحتاج إلى إعادة بناء الأمل والإيمان بمستقبل أفضل، وهو ما يتطلب جهوداً مشتركة من الفلسطينيين والعرب والعالم أجمع.

 

سيرى الناس بأعينهم ما كانوا يسمعونه خلال الأشهر الماضية

 

يؤكد الباحث المختص بالشأن الإسرائيلي وقضايا الصراع نزار نزال، أنه مع بدء وقف إطلاق النار في قطاع غزة، فإن الصورة داخل القطاع مزيج من مشاعر الفرح والألم، حيث الفرح لانتهاء المقتلة التي استمرت خمسة عشر شهراً، والألم لما خلفته من دمار هائل وخسائر بشرية ومادية جسيمة، وستظهر مشاهد صادمة تتناقلها الفضائيات ووسائل الإعلام، حيث ستكشف الأيام الأولى عن حجم الكارثة التي عاشها القطاع: أعداد كبيرة من المفقودين، وآلاف الشهداء، وجرحى بحاجة إلى رعاية عاجلة.  


ويشير نزال إلى أن الصور المرعبة التي ستخرج من غزة ستكون صادمة للعالم، حيث سيرى الناس بأعينهم ما كانوا يسمعونه فقط خلال الأشهر الماضية. 


ويلفت نزال إلى أنه ستكون هناك في المقابل حرية الحركة التي ستتوفر للمواطنين ستسمح لهم بالوصول إلى المناطق التي نزحوا منها، ما سيكشف حجم الدمار الذي طال المنازل والبنى التحتية. 


ويؤكد نزال أن الأولويات الأولى للمواطنين هي البحث عن مأوى مؤقت، وترتيب الخيم والكرفانات، والاطمئنان على الأقارب والأحباء، وتوفير المواد الغذائية والمأوى النازحين، وستكون هناك حاجة ماسة لإعادة تأهيل المناطق المدمرة وتوفير مساكن مؤقتة للعائلات التي فقدت منازلها، وإضافة إلى ذلك، ستكون الرعاية الصحية من الأولويات، حيث يحتاج الجرحى والمصابون إلى علاج عاجل في ظل تدمير العديد من المستشفيات والمراكز الصحية. 

 

وفي ما يتعلق بإدارة قطاع غزة، يرى نزال أن الوضع لن يختلف عما كان عليه قبل السابع من أكتوبر، وستستمر حركة حماس في إدارة القطاع، مع وجود حكومتها، وبعض المنظمات الدولية التي ستقدم الدعم. 


ولا يتوقع نزال أن تكون هناك أي تغييرات جذرية في إدارة قطاع غزة، حيث ستظل حماس هي الجهة الفاعلة الرئيسية على الأرض.  


من ناحية أخرى، يرى نزال أن دور السلطة الفلسطينية سيكون محدوداً في المدى المنظور، رغم أن السلطة قد تحاول لعب دور في التنسيق مع المجتمع الدولي، إلا أن تأثيرها على الأرض لن يكون كبيراً، حيث إن حركة حماس لن تعارض وجود دور السلطة في غزة، لكنها لن تسمح لها بالسيطرة الكاملة على إدارة القطاع.  


ويشير نزال إلى أن غزة وفي الأيام المقبلة ستشهد تدفقاً كبيراً للمساعدات الدولية، حيث ستصل آلاف الشاحنات المحملة بالمواد الغذائية والأدوية والمستلزمات الطبية، وسوف تعكس هذه المساعدات تعاطف العالم مع معاناة الشعب الفلسطيني.  


ويلفت إلى أن حركة حماس سوف تسعى إلى إظهار أن المقاومة الفلسطينية لم تنكسر، وأن إسرائيل فشلت في تحقيق أهدافها الاستراتيجية، وستستخدم حماس هذا المشهد لتأكيد نفوذها محلياً ودولياً، خاصة في ظل تدفق المساعدات وإعادة الإعمار.  


ويرى نزال أن الواقع في غزة سيكون مختلفاً عما كان خلال الأشهر الماضية، فالصور الصادمة والمشاهد المرعبة ستكشف عن حجم الكارثة، لكنها ستكون أيضاً بداية لمرحلة جديدة من التعافي وإعادة البناء.

دلالات

شارك برأيك

في اليوم الأول لوقف الإبادة.. لم تعد الحياة كما ينبغي!

نابلس - فلسطين 🇵🇸

فلسطيني قبل حوالي 2 ساعة

هذه هي حضراتكم يا من تدعون الحضارة والإنسانية وهما منكم براء

المزيد في فلسطين

أسعار العملات

الأحد 19 يناير 2025 8:46 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.59

شراء 3.58

دينار / شيكل

بيع 5.09

شراء 5.08

يورو / شيكل

بيع 3.71

شراء 3.7

هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟

%56

%44

(مجموع المصوتين 457)