فلسطين
الإثنين 20 يناير 2025 8:12 صباحًا - بتوقيت القدس
وقف إطلاق النار في غزة .. هل تعود إسرائيل إلى مواعيدها غير المقدسة؟
القدس- خاص بـ"القدس" دوت كوم
سوسن سرور: كلما تقدمت أيام المرحلة الأولى من الصفقة سيكون من الصعب على الحكومة الإسرائيلية خرقها وتفجيرها
جودت مناع: يتوجب تقديم الاتفاقية لمجلس الأمن الدولي واتخاذ قرار بشأنها بموجب البند السابع لإلزام إسرائيل بتنفيذها
إسماعيل مسلماني: شعور واسع في إسرائيل بأن الصفقة كلفت ثمناً باهظاً كما أنها اعتُبرت كارثة على كافة المستويات
توفيق طعمة: المرحلة الثانية سوف تكون أكثر صعوبة بالنسبة إلى نتنياهو خاصة في ظل الضغوط الدولية والداخلية
كايد غياظة: إسرائيل قد تلجأ لخروقات متكررة وحماس ستواجه ضغوطاً للامتناع عن الرد نظراً للأوضاع الإنسانية الصعبة بغزة
أسامة الشريف: بدء تنفيذ الاتفاق سيفتح الأبواب أمام تحقيقات دولية تكشف جرائم الإبادة والتطهير العرقي التي ارتكبها الاحتلال
خرقت دولة الاحتلال الاسرائيلي اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة منذ اللحظة الأولى لبدء سريانه، باستهداف المواطنين العائدين إلى بيوتهم المدمرة، والتواقين لاستعادة أبسط أبجديات الحياة والأمن، وأوقعت عدداً من الشهداء والجرحى، وذلك بذريعة تأخر حركة حماس في تسليمها أسماء الأسيرات الإسرائيليات المنوي الإفراج عنهن في اليوم الأول من المرحلة الأولى للصفقة.
مثل هذا الخرق يعطي مؤشراً على الطريقة التي ستتعامل بها إسرائيل مع الواقع الجديد في قطاع غزة. كما يطرح سؤالاً حول قدرة الوسطاء والضامنين على إجبارها على الالتزام بالاتفاق، حتى لا يتكرر سيناريو الاتفاق الموقع مع لبنان والذي خرقته دولة الاحتلال مئات المرات، من خلال استباحة القرى والبلدات الجنوبية بالقصف والتدمير للمنازل بشكل جماعي ومنهجي، دون أن يحرك الوسطاء والضامنون ساكناً لمنع هذه الخروقات.
كتاب ومحللون تحدثوا لـ"ے" توقعوا أن تلجأ إسرائيل إلى خروقات متكررة، خاصة أن هناك شعوراً واسعاً في إسرائيل بأن الصفقة كلفت ثمناً باهظاً، واعتُبرت كارثة على كافة المستويات، فيما ستواجه حركة حماس ضغوطاً للامتناع عن الرد نظراً للأوضاع الإنسانية الصعبة بغزة، ولذلك دعا البعض إلى تقديم الاتفاقية إلى مجلس الأمن الدولي لاتخاذ قرار بشأنها بموجب البند السابع لإلزام إسرائيل بتنفيذها.
أول خرق إسرائيلي للاتفاق في ساعات سريانه الأولى
وقالت سوسن سرور المتابعة للمشهد السياسي في إسرائيل "إن الحكومة الإسرائيلية لم تلتزم بالموعد الذي تم تحديده في إطار الاتفاق لوقف إطلاق النار، عند الساعة الثامنة والنصف من صباح أمس الأحد، بادعاء أنها لم تستلم بعد قائمة بأسماء المحتجزات اللاتي سيتم إطلاق سراحهن في ذات اليوم وعددهن ثلاث محتجزات، واستمر الجيش الإسرائيلي بعدوانه وقصفه أحياء عدة في قطاع غزة، ما أدى الى سقوط الشهداء وعشرات المصابين".
وأضافت: "إن هذه الساعات القليلة، من الساعة الثامنة والنصف وحتى الساعة الحادية عشرة والربع (أقل من ثلاث ساعات)، هي أول خرق للاتفاق، وكانت عبارة عن تنفيذ للتهديد (عرض عضلات) الذي أطلقه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مساء السبت (قبل يوم فقط)، في أول ظهور له منذ الإعلان عن الصفقة مساء الأربعاء، من قبل رئيس مجلس الوزراء وزير خارجية قطر الشيخ محمد بن عبدالرحمن بن جاسم آل ثاني، هذه الصفقة التي زعزعت أركان الائتلاف الحكومي بشكل لافت منذ تشكيل الحكومة في نهاية 2022."
وأكدت سرور أن نتنياهو وعد في كلمته بالعودة للحرب على غزة لاسترضاء زعيم" الصهيونية الدينية" وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، بشكل خاص، الذي هدد بالاستقالة من الحكومة إذا ما لم تستأنف الحرب على غزة، وهذا ما قدمه له في هذه الساعات القليلة لإظهار "حسن نواياه"، بالرغم من أنه على دراية كافية بأنه يخادع نفسه قبل غيره، فما كان من ألاعيب في الماضي لن تستمر في الأيام القادمة.
واعتبرت أن ما قام به نتنياهو منذ بدء الحرب على غزة، حتى قبل أيام قليلة من الصفقة، من ألاعيب ودهاء وتهرب من إنهاء الحرب، لدوافع سياسية وشخصية لصالح البقاء على سدة الحكم، جعلته يرفض كل اقتراح أو صفقة لوقف الحرب، لكن الضغوط الخارجية هذه المرة ، في الغالب، رجحت الكفة لصالح عقد الصفقة.
خسائر فادحة في صفوف الجيش الإسرائيلي
وقالت: "نعم، هناك الخسائر العسكرية الفادحة التي تلقاها الجيش الإسرائيلي وبشكل خاص في عمليته الأخيرة على شمال غزة والتي استمرت أكثر من مئة يوم، وصلت إلى 55 قتيلاً من بينهم 16 في بيت حانون لوحدها، هذه الخسائر عمقت فشل تطبيق خطة الجنرالات لتفريغ غزة."
وتابعت "إضافة لتظاهرات أهالي المخطوفين التي واصلت وبكثافة مطالبة بعقد الصفقة، لكن كل هذا لم يرجح كفتهم لولا التدخل والتهديد المباشر من قبل رئيس الولايات المتحدة المنتخب ترامب، الذي دفع نتنياهو وأرغمه على قبول الصفقة على مضض."
وأشارت سرور إلى أن ما حدث وسيحدث منذ بدء وقف إطلاق النار عبارة عن مشهد لافت في الخارطة السياسية في إسرائيل، وسيكون بمثابة البوصلة والموجه الأساسي لحكومة نتنياهو على مدار أيام المرحلة الأولى من الصفقة، بشكل خاص.
وأكدت أن زعيم حزب "عظمة يهودية" وزير الأمن القومي بن غفير، قدم استقالته بشكل رسمي من الحكومة، وزعيم" الصهيونية الدينية" سينضم إليه إذا لم تستأنف الحرب على غزة مع نهاية المرحلة الأولى من الصفقة، أي في اليوم الـ 43.
ورأت أن نتنياهو لم يعد له مفر وقد وقع في المصيدة، مصيدة الواقع الميداني الصعب ومصيدة الحزبيين اليمينيين المتطرفين في حكومته، فمن جهة إما الوصول الى اليوم السادس عشر من الاتفاق والذي ينص على بدء التفاوض على المرحلة الثانية من الصفقة، وبذلك يرضخ للضغط الأمريكي ولضغط الشارع الذي سيتعاظم كلما اقتربنا من هذا اليوم الحاسم، ويعني ذلك الاستمرار بالصفقة من جهة، وانسحاب حزب سموتريتش من جهة أخرى وانضمامه لحزب بن غفير في موقف المعارض، ما يعني زعزعة ركائن الحكومة اليمينية والذي قد يؤدي إلى تحولات دراماتيكية في تشكيلة الحكومة وقد يصل الأمر الى تصويت كل من أعضاء الحزبين(13 عضو كنيست) ضد الحكومة وحتى إسقاطها.
سيناريو الذهاب إلى انتخابات مبكرة
وقالت: "إن هذا السيناريو، وإن تم، يعني الذهاب إلى انتخابات مبكرة أواسط هذا العام.
وأضافت: "لتفادي هذا المشهد سيحاول نتنياهو عرقلة مسار الصفقة، وما شاهدناه ساعات قبيل وقف إطلاق النار، قد يحاول تكراره خلال الأيام القادمة، لكن نتنياهو يخشى ترامب، فترامب ليس كبايدن، حيث
أحسن نتنياهو التلاعب به ومراوغته لأكثر من سنة، في حين أن شخصية ترامب مختلفة جداً، وبالرغم من كونه شخصية غير متوقعة، ومتقلبة، إلا أنه أعلن مراراً وتكراراً بأنه لا يريد الحروب في المنطقة، ويطمح لاستتاب الأمن من أجل تنفيذ مخططه" السلمي" في المنطقة.
وتابعت: ناهيك عن كونه ضامناً للإتفاق بالشراكة مع مصر وقطر وهو ما يعني تنفيذ جميع مراحل الاتفاق الثلاث بشكل كامل، والعمل بشكل مشترك لضمان تنفيذ الأطراف لالتزاماتهم في الاتفاق والاستمرار الكامل للمراحل الثلاث.
وخلصت سرور إلى القول: "كلما تقدمت أيام المرحلة الأولى من الصفقة، سيكون من الصعب على الحكومة الإسرائيلية خرقها وتفجيرها، ستكون هناك الكثير من العراقيل من قبل الحكومة الإسرائيلية، لكنها لن توقف مراحل الصفقة، ليس لأنها لا تريد وإنما لأنها لا تستطيع، فجنودها منهكون، أهالي المحتجزين يضغطون، الوضع الاقتصادي متدهور، والأهم ترامب في المرصاد."
- غياب الضمانات الدولية يهدد التنفيذ والاستقرار
من جانبه، قال المحلل السياسي جودت مناع إنه لا يمكن الوثوق بمصداقية حكومة إسرائيل اليمينية المتطرفة.
وأشار إلى أن هناك تجارب سابقة في الاتفاقيات بين لبنان وسوريا والسلطة الفلسطينية من جهة، وإسرائيل من جهة أخرى. حتى اتفاقية كامب ديفيد تم خرقها خلال حرب الإبادة الإسرائيلية في فلسطين، خاصة في قطاع غزة.
وأضاف: "أعطني مثالًا واحدًا على اتفاقية التزمت إسرائيل بتطبيقها، بما في ذلك الاتفاقية الأخيرة التي تم توقيعها مع لبنان".
وأكد أن عدم توثيق اتفاقية إطلاق النار بين إسرائيل و"حماس" بضمانات دولية، وليس فقط من دول إقليمية أو الولايات المتحدة - التي كانت شريكًا في الحرب من خلال الدعم العسكري المباشر وغير المباشر لإسرائيل - يجعل الاتفاقية عرضة للخرق. وقد أقر الرئيس المنتهية ولايته، جو بايدن، بهذا الدعم في أكثر من تصريح صحفي.
واقترح مناع تقديم وثيقة الاتفاقية إلى مجلس الأمن الدولي واتخاذ قرار بشأنها بموجب البند السابع لإلزام إسرائيل بتنفيذها، معتبرًا أن هذا هو الخيار الوحيد لضمان تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار، خاصة في ظل احتدام الصراعات الدولية، مثل الصراع في أوكرانيا الذي بات على حافة مواجهة نووية، وفقًا لتحذيرات الخبراء، إلى جانب مناطق أخرى تشهد توترات قد تنفجر في أي لحظة.
خشية من عودة إسرائيل للحرب بعد استعادة أسراها
وأوضح أن المخاوف تزداد من أن تحقق إسرائيل هدفها في إعادة الأسرى الإسرائيليين إلى ذويهم ثم تعود لاستئناف الحرب، مشيرًا إلى أن ذلك لن يكلفها شيئًا من منظور إعادة انتشار قواتها على تخوم قطاع غزة وداخل القطاع ضمن مسافة كيلومتر على امتداد الحدود، بما في ذلك محور فيلادلفيا.
وأكد أن هذه الحالة العسكرية غير مطمئنة، ما يستدعي الحذر الشديد، مع ضرورة تجنب أي مظاهر قد تقدم مبررات أو معلومات يستفيد منها جيش الاحتلال في أي تطورات مفاجئة.
ومن بين الهواجس الأخرى التي تحدث عنها مناع، خارطة تشكيل حكومة اليمين في إسرائيل، فليس خافيًا على أحد أن هناك استقالات مفترضة مرتبطة بشروط، مثل استمرار الحرب. وإذا استؤنفت الحرب، فإن بعض الوزراء سيبقون في الحكومة، أما إذا لم تُستأنف، فسيقدمون استقالاتهم.
وأضاف: "إذا وقعت الاستقالات، فإن حكومة نتنياهو لن تصمد. وحينئذٍ، من يضمن استمرار وقف إطلاق النار؟".
وأشار إلى نقطة أخرى تتعلق بسلوك الرئيس الأمريكي المنتخب، دونالد ترامب، الذي من المقرر تنصيبه يوم الاثنين. وقال: "لا نعلم كيف سيتصرف إزاء الحرب على فلسطين بعد تسلمه مهامه الرسمية. صحيح أن لديه بعض التحفظات على مصداقية نتنياهو، لكنه يحاول كبح هذه التحفظات في تصريحاته. ومع ذلك، نعرف عن ترامب تأييده المطلق لإسرائيل، والقرارات التي اتخذها في رئاسته الأولى اختطفت مساعي حل القضية الفلسطينية إلى ما وراء التوقعات".
وفي ظل هذه الفوضى والتيارات المتضاربة التي تتعرض لها منطقة الشرق الأوسط، شدد مناع على ضرورة أن تعيد القوى الفلسطينية تقييم علاقاتها الداخلية والخارجية، كي تتمكن من مواجهة الاحتمالات الخطيرة التي قد تظهر بعد وقف إطلاق النار.
وأشار مناع في ختام حديثه إلى أن هذه الاحتمالات تشمل إعادة إعمار قطاع غزة وإدخال المساعدات الإنسانية بإشراف إسرائيلي، وهو أمر قد تعرقله إسرائيل، ما قد يعيد الوضع إلى ما كان عليه قبل توقيع اتفاقية وقف إطلاق النار.
الحكومة الائتلافية في إسرائيل كادت أن تنهار
بدوره، قال المحلل المختص في الشأن الإسرائيلي إسماعيل مسلماني: " لقد بدأت أمس عملية تنفيذ الصفقة بعد تأخير ساعات على بدء وقف إطلاق النار، حيث أظهرت وسائل الإعلام الإسرائيلية أن هناك شعورًا واسعًا بأن هذه الصفقة شكلت ثمنًا باهظًا، واعتُبرت كارثة على المستويات الأمنية والسياسية والإعلامية والحكومية، إلى حد كادت فيه الحكومة الائتلافية أن تنهار."
وأضاف مسلماني: "كما هو الحال في كل اتفاق لتبادل الأسرى، دائمًا ما تطرأ عقبات وصعوبات، لكن يبدو أن التجارب السابقة مثل صفقة أحمد جبريل في عام 1985 وصفقة شاليط عام 2011، وأخيرًا الصفقة التي تم تنفيذها في نوفمبر 2023، أثبتت أن هناك آليات تنفيذ دقيقة حالت دون حدوث أي خروقات تُذكر. إلا أن إسرائيل استكملت عملياتها العسكرية بعد انتهاء تلك الصفقات."
وأوضح أن "العقبات الحالية تشمل مخاوف لدى أهالي الأسرى الفلسطينيين، وكذلك أهالي المختطفين الإسرائيليين. لكن بعد تأخير عدة ساعات تم تسليم قائمة بأسماء المختطفين، تمهيداً لتسليم ثلاث مختطفات إسرائيليات.
وأضاف مسلماني: "إن السؤال الذي أثار قلق الإسرائيليين أمس هو: هل هؤلاء المختطفات على قيد الحياة أم متوفيات؟ هذا الاحتمال كان يمثل معضلة كبيرة وهاجساً لإسرائيل، خاصة لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الذي حاول جاهدًا ضمان أن الدفعة الأولى من المختطفين ستكون من الأحياء."
وأكد مسلماني أن "حركة حماس استخدمت هذا الأمر كورقة ضغط قوية في المفاوضات، حيث لم تُعلن عن حالة المختطفين، ما زاد من القلق الإسرائيلي وقلب المشهد رأسًا على عقب. ومع ذلك، هناك ضمانات عربية، قطرية ومصرية، بالإضافة إلى ضمانات من الولايات المتحدة، بخصوص سير الصفقة بشكل سلس."
مخاوف من تفكك حكومة نتنياهو اذا انسحب بن غفير
وتابع: "نتنياهو استطاع إبقاء حكومته مستمرة لعامين متتاليين، لكن هناك مخاوف من أن يؤدي انسحاب أحد الشركاء، مثل إيتمار بن غفير، إلى تفكك الحكومة. من ناحية أخرى، إذا تمت المرحلة الأولى من الصفقة بسلاسة دون أية خروقات، فمن المرجح أن تسير الأمور نحو تقصير مدة تنفيذ بقية الصفقة."
وأشار مسلماني إلى أن "هناك ضغوطًا كبيرة تُمارس لضمان التزام الطرفين، حيث يُعرف الفلسطينيون عادة بالتزامهم في مثل هذه الاتفاقات، بينما قد تصدر خروقات من الجانب الإسرائيلي. وقد صرح نتنياهو في خطابه الأمني بأنه حصل على ضمانات من الرئيسين بايدن وترامب بأن أي خرق تقوم به حركة حماس سيقابله استئناف للعمليات العسكرية."
وختتم مسلماني قائلاً: "في النهاية، يبقى الهاجس الأكبر هو أن تكون أعداد المختطفين المتوفين أعلى بكثير من الأحياء، وهو ما سيمثل ضربة قوية لنتنياهو على مستويين: الأول أمام لجنة التحقيق، والثاني بسبب الضغوط التي قد تتزايد نتيجة الخسائر العسكرية."
إدارة ترامب لعبت دورًا حاسمًا في إنجاز الاتفاق
من جهته، قال توفيق طعمة المختص في العلاقات الدولية والاقليمية: "هناك اتفاق تم التوصل إليه بين جميع الأطراف، بما في ذلك حركة حماس والطرف الإسرائيلي، وبدعم من أطراف ضامنة لهذا الاتفاق.
وأضاف: "الاتفاق يتضمن بنودًا واضحة، وعلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الالتزام بتطبيقها.
وإشار إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية، وخاصة إدارة ترامب المقبلة، لعبت دورًا حاسمًا في تحقيق هذا الاتفاق، حيث ضغطت على نتنياهو عبر مبعوثها ستيفن وودكوف، الذي زار المنطقة واجتمع مع نتنياهو مستخدمًا لغة حازمة وغير تقليدية لإنهاء الحرب."
وأضاف: "ترامب، المعروف بأنه رجل صفقات ومصالح، يسعى إلى إنهاء الحرب في غزة ليس بدافع التعاطف مع الفلسطينيين أو لتخفيف معاناتهم، ولكن لتحقيق أجندته الخاصة في الشرق الأوسط والعالم. ولفت إلى أن من بين أولويات ترامب التركيز على ملفات التطبيع والاتفاقيات الإبراهيمية، إلى جانب قضايا أخرى مثل الصين وروسيا وإيران، فضلًا عن الملفات الداخلية الأمريكية التي تتطلب اهتمامه."
وأوضح طعمة: "المرحلة الأولى من الاتفاق يُتوقع أن تُنفذ بسلاسة دون خروقات تُذكر، وإن حدثت خروقات، فمن المرجح أن تكون من الطرف الإسرائيلي. نتنياهو تحدث مؤخرًا عبر تسجيل وليس في مؤتمر صحفي، وأشار إلى أنه قد يعود إلى القتال في المرحلة الثانية، لكن هذا التهديد يبدو غير مرجح بسبب ارتباط نجاح المرحلة الأولى بالتقدم نحو المرحلة الثانية. حتى الرئيس الأمريكي جو بايدن أشار إلى ضرورة استمرار المفاوضات خلال تنفيذ المرحلة الأولى، حتى لو لم تُحل جميع القضايا."
70% من الإسرائيليين يريدون وقف الحرب بالكامل
وأشار إلى أن "الاتفاق يشمل انسحاب إسرائيل الكامل من قطاع غزة واستمرار المفاوضات لتحقيق حلول نهائية دون العودة للقتال. لكن لا يمكن الوثوق بالطرف الإسرائيلي، الذي له تاريخ طويل في نقض الاتفاقات وخلق مبررات لشن العدوان على الفلسطينيين. هذا السلوك هو جزء من سياسات نتنياهو الذي يسعى دائمًا للحفاظ على قبضته السياسية."
وأكد طعمة أن "المرحلة الثانية ستكون أكثر صعوبة بالنسبة لنتنياهو، خاصة في ظل الضغوط الدولية والمحلية.
وأشار إلى أن استطلاعات الرأي داخل إسرائيل تُظهر أن 70% من الإسرائيليين يريدون وقف الحرب بالكامل، وليس فقط وقف إطلاق النار. كما أن المجتمع الدولي يضغط لإنهاء الحرب بشكل نهائي. وأضاف: الضغوط على نتنياهو تزداد بسبب وجود أكثر من ستين أسيرًا إسرائيليًا، معظمهم من الضباط والجنود، ما يضعه أمام معضلة الإفراج عنهم."
وأوضح أن التحدي الأكبر أمام نتنياهو الآن هو تحقيق التوازن بين مطالب اليمين الإسرائيلي المتشدد، ممثلًا بسموتريتش، الذي يهدد بالانسحاب من الحكومة إذا لم تُستأنف الحرب، وبين الضغوط الدولية والأمريكية لعدم العودة إلى القتال. انهيار الحكومة هو سيناريو لا يرغب فيه نتنياهو، لذلك يبدو أنه مضطر للالتزام بالاتفاق."
وختم طعمة بالقول: "المرحلة الثانية قد تكون الأصعب، حيث يسعى نتنياهو لإرضاء حلفائه المتشددين من جهة، والحفاظ على علاقته مع المجتمع الدولي والولايات المتحدة من جهة أخرى. لكن الضغوط الدولية، وخاصة من إدارة بايدن، ستظل العامل الحاسم في منع استئناف القتال. يبدو أن الحرب قد انتهت، ونتمنى ألا تعود مرة أخرى.
إدارة ترامب أجبرت نتنياهو على قبول اتفاق الصفقة
من جهته، أكد المحلل السياسي كايد غياظة أن الظروف التي وصلت إليها الحرب في قطاع غزة، إضافة إلى التدخل الأمريكي بقيادة الرئيس المنتخب دونالد ترامب، كانت عوامل أساسية في دفع إسرائيل نحو القبول بوقف إطلاق النار.
وأوضح غياظة أن إدارة ترامب استخدمت أوراق ضغط قوية على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لإجباره على قبول الاتفاق، مشيرًا إلى تهديدات محتملة من الإدارة الأمريكية بشأن قضايا حساسة مثل الحماية من الملاحقات الدولية والمساعدات العسكرية.
وأشار غياظة إلى أن حكومة الرئيس المنتهية ولايته جو بايدن كانت أقل قدرة على فرض وقف إطلاق النار مقارنة بإدارة ترامب، واصفًا إدارة بايدن بأنها "تميل أكثر لدعم إسرائيل"، مع وجود شخصيات موالية لإسرائيل داخل الإدارة.
وأضاف: "إن ترامب، رغم تحفظاته المعلنة على نتنياهو، أظهر رغبة واضحة في إنهاء الحرب عبر توظيف ضغوط دولية وعقوبات محتملة.
وحول تطبيق الاتفاقية، توقع غياظة أن تلتزم إسرائيل بالاتفاق طالما أن هناك أسرى محتجزون تسعى إلى إطلاق سراحهم. لكنه أشار إلى أن إسرائيل قد تلجأ إلى خروقات متكررة تحت ذرائع "الدفاع عن النفس"، مشبهًا الوضع الحالي باتفاقيات وقف إطلاق النار السابقة مع جنوب لبنان التي شهدت مئات الخروقات.
وأضاف: هناك مخاوف من أن تؤدي هذه الخروقات إلى تصعيد جديد، خاصة إذا شعرت إسرائيل بأن الاتفاق لم يحقق أهدافها الأمنية.
المرحلة الثانية من الاتفاق ستتطلب مفاوضات معقدة
وأكد غياظة أن حركة حماس ستواجه ضغوطًا كبيرة للامتناع عن الرد على هذه الخروقات، نظرًا للأوضاع الإنسانية الصعبة في غزة وتأثير ذلك على الحاضنة الشعبية للحركة.
ورأى غياظة أن المرحلة الثانية من الاتفاق ستتطلب مفاوضات معقدة، متوقعًا أن تلجأ إسرائيل إلى المماطلة بهدف الإبقاء على الوضع الراهن. وأوضح أن السيطرة الإسرائيلية على المعابر ستظل عقبة رئيسية أمام أي استقرار طويل الأمد، مشيرًا إلى أن إسرائيل قد ترفض إشراك أطراف دولية أو إقليمية في إدارة المعابر.
وختتم غياظة حديثه بالتحذير من أن وقف إطلاق النار الحالي لا يعني حلاً دائمًا، بل قد يكون هدنة مؤقتة تنهار في أي لحظة إذا استمرت إسرائيل في سياساتها التصعيدية.
وأكد أن استمرار الحصار الإسرائيلي والتضييق على المعابر سيظل عاملًا رئيسيًا في تأجيج التوترات في المنطقة.
انتصار للصمود الفلسطيني وخسارة لنتنياهو
ويرى المحلل السياسي الأردني أسامة الشريف أن دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ صباح أمس الأحد يمثل نقطة تحول فارقة بعد 470 يومًا من العدوان الإسرائيلي الذي خلف دمارًا ومآسي غير مسبوقة في قطاع غزة.
وأشار إلى أن هذا الاتفاق يعكس مزيجًا من المشاعر المتناقضة، بين الحزن على ما خلفته الحرب من دمار وخسائر بشرية، والفخر بالصمود الفلسطيني الذي جسّد إيمانًا عميقًا بعدالة القضية وتمسكًا بالأرض رغم التحديات.
وأوضح الشريف أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لم يحقق أيًا من أهدافه المعلنة خلال الحرب، بل تعرّض لضغوط داخلية ودولية انتهت بفرض صفقة تضمنت انسحاب الجيش الإسرائيلي من غزة، عودة المهجرين إلى شمال القطاع، دخول المساعدات الإنسانية دون عوائق، بدء إعادة الإعمار، وإطلاق سراح أسرى فلسطينيين من السجون الإسرائيلية.
وأضاف: إن إسرائيل لم تخرج منتصرة من هذه الحرب، مشيرًا إلى أن بدء تنفيذ الاتفاق سيفتح الأبواب أمام تحقيقات دولية تكشف الجرائم التي ارتكبها الاحتلال، بما في ذلك الإبادة الجماعية والتطهير العرقي.
وتوقع الشريف أن تتصاعد الدعوات لمحاسبة إسرائيل على هذه الجرائم خلال الفترة المقبلة.
المعاناة الإنسانية في غزة لن تنتهي قريبًا
وأكد الشريف أن المعاناة الإنسانية في غزة لن تنتهي قريبًا، مشيرًا إلى أن القطاع سيحتاج إلى سنوات طويلة لإعادة الإعمار واستعادة الحياة الطبيعية.
لكنه أشار في الوقت ذاته إلى أن غزة قد تشهد تغييرًا جذريًا في أوضاعها السياسية والاقتصادية بفضل الدعم العربي والدولي المتوقع.
وعن الدور الأمريكي، أشار الشريف إلى أن الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب قد نأى بنفسه عن دعم نتنياهو بعد أن فقد الأخير مصداقيته أمام المجتمع الدولي.
وبيّن أن ترامب يركز حاليًا على استكمال مسار التطبيع بين الدول العربية وإسرائيل، وفرض حل نهائي للقضية الفلسطينية. لكنه حذر من أن الضفة الغربية قد تدفع ثمنًا باهظًا لهذا المسار.
وختم الشريف حديثه بالتأكيد على أن نتنياهو قد يحاول عرقلة تنفيذ الاتفاق بعد انتهاء مرحلته الأولى، لكنه أشار إلى أن الظروف الإقليمية والدولية لن تسمح لإسرائيل بإعادة عقارب الساعة إلى الوراء.
دلالات
الأكثر تعليقاً
قائمة بأسماء الأسرى المشمولين بصفقة التبادل
دروس "الطوفان" وارتداداته(3) انكشاف "الدولة" العربية
"هآرتس" تكشف تفاصيل عن الأسرى الفلسطينيين المُفرج عنهم ضمن الصفقة
خلال 15 شهراً من الإبادة.. حسابات الربح والخسارة
أبو عبيدة: شعبنا قدم من أجل حريته تضحيات غير مسبوقة خلال 471 يوما
كيف نحمي أطفالنا من إدمان الذكاء الاصطناعي؟
نتنياهو: "حماس" تتراجع عن بعض تفاصيل اتفاق غزة
الأكثر قراءة
مصدر إسرائيلي: موظفو السلطة بلباسهم الرسمي "سيستلمون" المعابر
الصحة العالمية: إعادة بناء النظام الصحي في غزة تتطلب 10 مليارات دولار
دروس "الطوفان" وارتداداته(3) انكشاف "الدولة" العربية
مصادر: إطلاق 1740 أسيرا خلال المرحلة الأولى للصفقة
مصادر لـ “القدس”: الإفراج عن خمس قيادات بينهم مروان البرغوثي خلال المرحلة الثانية
"هآرتس" تكشف تفاصيل عن الأسرى الفلسطينيين المُفرج عنهم ضمن الصفقة
قائمة بأسماء الأسرى المشمولين بصفقة التبادل
أسعار العملات
الأحد 19 يناير 2025 8:46 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.59
شراء 3.58
دينار / شيكل
بيع 5.09
شراء 5.08
يورو / شيكل
بيع 3.71
شراء 3.7
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%56
%44
(مجموع المصوتين 457)
شارك برأيك
وقف إطلاق النار في غزة .. هل تعود إسرائيل إلى مواعيدها غير المقدسة؟