فلسطين
الجمعة 17 يناير 2025 8:15 صباحًا - بتوقيت القدس
خلال 15 شهراً من الإبادة.. حسابات الربح والخسارة
رام الله -خاص بـ"القدس" دوت كوم
أمير مخول: إسرائيل أُجبرت على هذه الصفقة التي أظهرت ملامح انكسار الحلم اليميني بـ"أرض إسرائيل الكبرى"
جوني منصور: الاتفاق يعد إخفاقاً لواشنطن وتل أبيب لأنه بُني على اقتراح بايدن الذي وافقت عليه "حماس" ولم تُوافق عليه إسرائيل
د. محمد هلسة: من المبكر الحديث عن نتائج نهائية لأننا ما زلنا في طور المفاوضات التي تُعد جزءاً مهماً من جولات الحرب
ثائر أبو راس: هذه الحرب تمثل نقطة فارقة في تاريخ الصراع وإسرائيل فشلت في تحقيق مكاسب استراتيجية
عبد معروف: النصر في هذا الصراع لا يتحقق بجولة واحدة بل عبر تراكم النقاط والانتصارات على المدى الطويل
د. رياض العيلة: مفهوم النصر في هذه الحرب يبقى محصوراً في إطار الصمود الفلسطيني رغم الخسائر الفادحة بالقطاع
وديع أبو نصار: لا يمكن الحديث عن انتصارات في هذه الحرب وجميع الأطراف تكبدت خسائر كبيرة مع تفاوت الدرجات
مع ظهور الدخان الأبيض، وإعلان رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري ليل الأربعاء الماضي التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، بعد أكثر من خمسة عشر شهراً من حرب الإبادة والتطهير العرقي، من جانب إسرائيل، وصمود غير مسبوق من جانب أبناء قطاع غزة ومقاومتهم، تتنافس وسائل الإعلام ومحطات التلفزة على تحليل المغانم والمغارم من هذه الحرب، ويبرز سؤال يبدو بسيطاً، لكن الإجابة عنه لا تبدو بنفس البساطة، بل إنها مفتوحة عل التأويل والحسابات المعقدة: من هو المنتصر ومن هو الهزوم؟
حسابات الربح والخسارة، الانتصار والهزيمة ليست سهلة ولا نهائية في حرب لم تضع أوزارها بعد حتى لو توقفت أصوات المدافع والطائرات والرصاص. حرب خاضتها فصائل مقاومة محدودة التسليح والتجهيز في قطاع غزة، ومن خلفها جبهات إسناد أخرى، من جهة، وإسرائيل التي تملك أقوى جيش في الشرق الأوسط ومعها الولايات المتحدة ودول الغرب الاستعماري بما أغدقوا عليها من الصواريخ والذخائر والدعم السياسي والدبلوماسي والاقتصادي.
وإذا كان الانتصار يقاس بما يتحقق من أهداف لكل طرف، فإن إٍسرائيل لم تحقق أهدافها المعلنة منذ بداية الحرب، لكنها تمكنت من جعل قطاع غزة مكاناً غير صالح للعيش الآدمي، بما ارتكبت فيه من مجازر ومحارق خلفت أكثر من مئة وخمسين ألف شهيد وجريح عدا المفقودين، إضافة إلى الدمار الهائل الذي خلفته في المنازل والمباني والمدارس والجامعات والمساجد والكنائس والبنى التحتية والحقول. وإذا كانت المقاومة لم تستطع أن تهزم إسرائيل، إلا أنها نجحت في إلحاق خسائر كبيرة في صفوفه وعتاده ونقلت في أحيان كثيرة المواجهة إلى ساحة "العدو" الخلفية وجبهته الداخلية.
كتاب ومحللون تحدثوا لـ"ے" اعتبروا أن إسرائيل أُجبرت على هذه الصفقة التي أظهرت ملامح انكسار الحلم اليميني بـ"أرض إسرائيل الكبرى"، ومع ذلك "من المبكر الحديث عن نتائج نهائية، لأننا ما زلنا في طور المفاوضات التي تُعد جزءاً مهماً من جولات الحرب".
الصفقة لا تحمل انتصارات حقيقية لأي طرف
وقال الكاتب المختص في الشأن الإسرائيلي أمير مخول إن الصفقة الأخيرة لا تحمل انتصارات حقيقية لأي طرف، سواء كان فلسطينيًا أو إسرائيليًا، لكنها تعكس تحولات عميقة في المشهد السياسي الإسرائيلي، خاصة في معسكر اليمين الحاكم.
وأوضح أن إسرائيل أُجبرت على هذه الصفقة التي أظهرت ملامح انكسار الحلم اليميني بـ"أرض إسرائيل الكبرى"، في ظل إخفاقات متراكمة منذ السابع من أكتوبر الماضي.
وقال " لا أعتقد أن هناك انتصارات حقيقية في هذه الصفقة، رغم أهميتها، فهي تبدو بمنزلة إنهاء الحرب في نهاية المطاف. لا يمكن الحديث عن انتصار فلسطيني، وبالتأكيد لا يمكن الحديث عن انتصار إسرائيلي، بل هي إضافة أو تراكم على الإخفاق الذي بدأ في 7 أكتوبر."
وأضاف مخول: "إن الخاسر الأكبر في هذه الصفقة، التي اضطرت إليها إسرائيل وأُجبرت عليها، هو أقصى اليمين الإسرائيلي الحاكم، من نتنياهو إلى سموتريتش وبن غفير، حيث بدأت ملامح انكسار الحلم اليميني في "أرض إسرائيل الكبرى"، سواء في استيطان غزة أو ضمها، أو في استيطان لبنان وضم الضفة الغربية. كل ذلك لم يعد مسلّمًا به.
"شحذ السكاكين" في السياسة الإسرائيلية
وأكد أن الحالة الإسرائيلية الآن يمكن وصفها بـ"شحذ السكاكين" في السياسة الإسرائيلية، بمعنى تصفية الحسابات داخل المعسكر الواحد، لا سيما في المعسكر اليميني، سواء داخل حزب سموتريتش، أو حزب بن غفير، أو تجاه نتنياهو نفسه.
وأشار مخول إلى أن نتنياهو هو الخاسر الأكبر في هذه المعركة، لكنه لم يكن لديه بديل، فقد أصبح ائتلافه الحاكم عائقًا أمام السياسات الأمريكية وأي أفق إسرائيلي. وهذا قد يؤدي إلى صحوة إسرائيلية الآن من خلال المطالبة بالمحاسبة والمساءلة حول ما جرى، والتحقيق في أحداث ما بعد 7 أكتوبر.
ورأى أن المجتمع الإسرائيلي يبدو راضيًا بشكل عام عن هذه الصفقة، رغم أن تصدع اليمين الإسرائيلي يمثل حالة جديدة وغير مألوفة، ولا يُعرف إلى أين ستتجه الأمور. قد تؤدي إلى تراجع اليمين، وهو احتمال ضعيف، أو قد يُعيد اليمين تنظيم نفسه كما حدث سابقًا، وربما يلجأ إلى أعمال إرهابية كبيرة لمنع أي تقدم يُعتقد أنه ضد مشروع "أرض إسرائيل الكبرى".
وقال مخول: "إن هذا اليمين الدموي قد يرتكب جرائم كبرى في الضفة الغربية ضد القيادات الفلسطينية أو الفلسطينيين بشكل عام، بهدف تأجيج الأمور والحفاظ على الاحتلال.
الفلسطينيون يبكون ويفرحون في آن واحد
وأضاف: "فلسطينيًا، لا يمكن الحديث عن انتصار في ظل شلال الدم والدمار الشامل في غزة. لا يمكن الحديث عن فرحة حقيقية، رغم فرحة أهالي الأسرى المحررين، لأن الناس يبكون ويفرحون في آن واحد"، موضحاً أن هذه الحالة تعكس تعاطيًا جديدًا مع الواقع المؤلم."
وأضاف: "الثمن الهائل المدفوع لم يكن بإرادة الشعب الفلسطيني، وهذا يبرز الحاجة إلى تحقيق وتوافق فلسطيني لمعالجة المرحلة المقبلة."
وحذر مخول من أن الصفقة قد تُستغل إسرائيليًا لتأجيج التوترات الداخلية في غزة، مع احتمال حدوث اقتتال داخلي إذا لم يتحقق توافق فلسطيني.
وقال: "إن وجود قوات عربية أو دولية قد يكون عاملًا ميسرًا، لكنه قد يؤدي في نهاية المطاف إلى عودة السلطة الفلسطينية لإدارة شؤون غزة، وهو أمر غير متوافق عليه حاليًا، ما يشكل خطرًا كبيرًا قد يؤدي إلى صراع داخلي".
وفي ختام حديثه أكد مخول "أن، الكاسب الأكبر هو من تبقى من الشعب الفلسطيني، الذين يسعون للملمة جراحهم وأشلائهم بعد الكارثة. الأولوية الآن يجب أن تكون وقف الحرب وإعادة إعمار غزة، مع التركيز على محاسبة إسرائيل وتحميلها مسؤولية هذا الدمار".
إسرائيل لم تتمكن من تجريد حماس من كل أسلحتها
من جانبه، قال المؤرخ والباحث في شؤون الشرق الأوسط جوني منصور إن الحرب، بنتائجها، أفرزت وضعية لا يمكن القول إنها متشابهة، ولكن كل طرف يدّعي أنه حقق أهدافه
وأضاف: "على أرض الواقع، إذا فحصنا الأهداف الإسرائيلية من الحرب التي بدأت بعد السابع من أكتوبر، يتبين أن الحرب لم تُحسم نهائيًا، خلافًا لما أطلق عليه نتنياهو "الانتصار المطلق على حماس".
وأكد أن إسرائيل لم تتمكن من تجريد حماس من كل أسلحتها ومخزونها العسكري، ولم تستطع استعادة الرهائن إلا عبر المفاوضات التي جرت في نوفمبر 2023 وفي الآونة الأخيرة، حيث تم التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.
ورأى منصور أن إسرائيل وجهت ضربات موجعة للفلسطينيين المدنيين بشكل خاص. هذه الحرب أدت إلى إبادة جماعية لعشرات الآلاف من الفلسطينيين، وتدمير قطاع غزة بالكامل تقريبًا، وتشريد سكانه
ومع ذلك، أشار إلى أن الفلسطينيين حافظوا على وجودهم داخل القطاع، ولم يتحولوا إلى لاجئين خارج حدوده، بل أصبحوا نازحين داخليًا.
من جانب آخر، أكد منصور أن هذه الحرب أظهرت، بعد 467 يومًا، فشل الإدارة الأمريكية في سياستها تجاه وقف الحرب.
وأوضح أن الاتفاق الحالي، الذي بُني على اقتراح قدمه الرئيس الأمريكي بايدن في 27 مايو الماضي ووافقت عليه قيادة حماس، لم تُوافق عليه إسرائيل حينها، ما يُعد إخفاقًا للإدارة الأمريكية ولحكومة نتنياهو.
الاتفاق يشمل انسحابًا إسرائيليًا كاملًا من القطاع
وقال: "لقد استمرت الحرب أكثر من 8 أشهر، على الرغم من توصيات العسكريين الإسرائيليين للمستوى السياسي بأن الحرب أنجزت ما كان يجب إنجازه، ولم يتبق سوى التدمير، الذي طال حياة المدنيين أكثر من العسكريين.
وأضاف: "بقراءة بنود اتفاق وقف إطلاق النار، يمكن القول إنه يشمل انسحابًا إسرائيليًا كاملًا من القطاع، والسماح بعودة الفلسطينيين إلى شمال القطاع دون تفتيش، مع بدء تقديم المساعدات الإنسانية وخطط الإعمار".
وتابع: "رغم تدمير حياة الفلسطينيين، إلا أن هناك صمودًا وروحًا معنوية عالية، لافتا إلى أنه لا تزال هناك بعض الإشارات إلى الأمل، ما يدل على أن إطالة أمد الحرب لم تكن لصالح إسرائيل ولا الفلسطينيين. لكن النتيجة النهائية تُظهر أن حماس لا تزال تقود القطاع، وهذا قد يكون له دور كبير في المرحلة المقبلة.
وأكد منصور أن عودة النازحين إلى بيوتهم، حتى وإن كانت مدمرة، تأكيد على التمسك بالحق في الحياة، والحق في البقاء، والحق في الاستمرار.
الاحتلال لم يتمكن من فرض هزيمة على قوى المقاومة
بدوره، أكد الأكاديمي والباحث في الشأن الإسرائيلي الدكتور محمد هلسة أن الحديث عن انتصار فلسطيني مهما كان حجمه لا يمكن أن يوازي حجم التضحيات التي قدمها الشعب الفلسطيني في قطاع غزة في إطار الحرب التدميرية الجارية، ومع ذلك لا يمكن إنكار أنه لم يتحقق للاحتلال مع كل هذه الحرب الطاحنة أن يفرض هزيمةً على قوى المقاومة التي أجبرته في نهاية المطاف أن يفاوضها وأن يقدم لها تنازلات.
وأشار هلسة إلى أنه لا يزال من المبكر الحديث عن نتائج نهائية لهذه الحرب، حيث إننا ما زلنا في طور المفاوضات التي تُعد جزءاً مهماً من جولات الحرب.
وقال: "يمكننا استقراء بعض النتائج الآن، لكنها ليست نهائية، إذ يتعين علينا انتظار ما ستسفر عنه جولات المفاوضات القادمة، والتي قد تعيدنا إلى نقطة الصفر، أي إلى أجواء الحرب مرة أخرى".
وأضاف: "من الناحية الإسرائيلية، لم يتمكن نتنياهو من استعادة الأسرى بمنطق القوة العسكرية، واضطر في نهاية المطاف إلى التفاوض مع حماس، رغم أنه صرّح سابقاً بأنها لن تكون جزءاً من القطاع مستقبلاً. اليوم، اضطر للتفاوض معها للإفراج عن الأسرى".
وفي الإطار السياسي، أوضح هلسة أن حماس ما زالت القوة الرئيسية التي تفرض وجودها في قطاع غزة، ولو بشكل ضعيف، ولم يتمكن أي طرف آخر من فرض حكم لإدارة القطاع بمعزل عن شراكة حماس.
المقاومة كبدت إسرائيل خسائر كبيرة وأدخلتها في حرب استنزاف
وأكد أن المقاومة استطاعت أن تفرض موقفاً واضحاً قائلة للإسرائيليين والوسطاء في الجولات الأولى من المفاوضات إنهم لن يتمكنوا من استعادة الأسرى بالقوة. كما تمكنت المقاومة من الصمود وتكبيد إسرائيل خسائر كبيرة وإدخالها في حرب استنزاف طويلة الأمد.
وأشار إلى أن إسرائيل، رغم حجم الدمار الذي لحق بالقطاع، لم تتمكن من حسم الحرب عسكرياً، وأكد أن الحسم لهذا الطرف أو ذاك يعتمد على مدى مقدرة أحد الطرفين على فرض إرادته السياسية ودفع الطرف الآخر إلى تقديم تنازلات في مواقفه المبدئية.
وأضاف: "رغم الإسناد الدولي والدعم الأمريكي، تجد إسرائيل نفسها مضطرة لتقديم تنازلات، وأن تعود إلى صيغة الصفقة التي طُرحت في أيار/ مايو الماضي، مع فارق الخسائر الكبيرة جداً التي تكبدتها في أرواح أسراها وجنودها، بالإضافة إلى الخسائر المادية والاقتصادية، وهي قضية ستلقي بظلالها الثقيلة على نتنياهو وحكومته داخلياً".
وأشار إلى أن هناك تنازلات إسرائيلية قُدمت بالفعل، مؤكداً أن نتنياهو يعيش معضلة ليس فقط مع ائتلافه الذي يحاول تعطيل الصفقة، بل أيضاً مع المجتمع الإسرائيلي الذي تصدعت أمامه صورة النصر المطلق التي حاول نتنياهو ترويجها ليستمر في حربه المفتوحة".
وأضاف: "مع أهمية وقف الحرب ووقف المقتلة التي تجري بحق شعبنا في القطاع، إلا أن الأهم أن تضمن المقاومة ألا يعود نتنياهو إليها مرة أخرى بعد أن يتحرر من ضغط الداخل الإسرائيلي ورغبات الحليف الأمريكي عند نهاية المرحلة الأولى من الصفقة، وأن تتمكن المقاومة من ترجمة صمودها وتضحيات شعبنا الجسام في غزة إلى مواقف سياسية تنعكس ايجاباً على القطاع وأهله المكلومين".
أكبر كارثة تقع على الشعب الفلسطيني منذ عام 1948
واعتبر المحلل السياسي من جامعة ميرلاند الأمريكية ثائر أبو راس أن الحديث عن أي انتصار في ظل الظروف الحالية هو أمر مبالغ فيه وغير واقعي.
وقال: إن ما شهدته غزة، وما تبعته من خسائر ودمار، يمثل أكبر كارثة وقعت على الشعب الفلسطيني منذ عام 1948، وستكون لها تداعيات طويلة الأمد على الأجيال القادمة، تمامًا كما نستذكر اليوم آثار حرب عام 1967.
وأوضح أبو راس أن نتائج هذه الحرب لن تُظهر نصرًا واضحًا لأي طرف، إذ أن كل طرف سيعمل على تضميد جراحه.
ومع ذلك، أشار إلى أن الحركة الوطنية الفلسطينية تمكنت من تحقيق نجاح نسبي في إفشال بعض السياسات الإسرائيلية الكبرى، وعلى رأسها "خطة الجنرالات" التي هدفت إلى تهجير سكان شمال غزة والسيطرة عليه بالكامل.
وأضاف أبو راس: "إن إسرائيل فشلت في تحقيق مكاسب استراتيجية، سواء من خلال القضاء على حكومة حماس أو خلق بديل لها، مشيرًا إلى أن المكاسب الإسرائيلية اقتصرت على نجاحات رمزية، مثل اغتيال قيادات بارزة كـيحيى السنوار ومحمد الضيف واسماعيل هنية.
لكنه أوضح أن مثل هذه الإنجازات الرمزية لا تحمل تأثيرًا جوهريًا على الصراع.
اصطفاف أميركا والدول الأوروبية إلى جانب إسرائيل
وفيما يخص الدعم الدولي، أشار أبو راس إلى أن النظام العالمي، بقيادة الولايات المتحدة والدول الأوروبية، اصطف إلى جانب إسرائيل ودعمها سياسيًا واقتصاديًا.
وأوضح أن هذا الدعم كان حاسمًا في استمرار إسرائيل في الحرب، خاصة أن اقتصادها لا يمكنه تحمل صراع طويل الأمد بدون دعم خارجي.
وعلى الجانب الآخر، لم يقدم العالم العربي، بما في ذلك حلفاء حماس أو الدول العربية الأخرى، دعمًا كافيًا، ما أضعف موقف الحركة.
وأكد أبو راس أن حماس لم تنجح حتى الآن في تحقيق اختراق كبير على صعيد تفكيك الحصار، وهو النقطة الأهم.
وأشار إلى أنه من المحتمل أن يستمر هذا الحصار بل وربما يزداد تشددًا في المستقبل القريب، على الرغم من احتمالية تحقيق مكاسب جزئية، مثل تحرير الأسرى.
وأكد أبو راس في ختام حديثه لـ "القدس" أن هذه الحرب تمثل نقطة فارقة في تاريخ الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
وأضاف: "كما كان هناك واقع مختلف قبل هذه الحرب، سيكون هناك واقع جديد بعدها، لكننا لا نستطيع حتى الآن تحديد ملامحه بشكل كامل".
7 أكتوبر شكّلت ضربة نوعية للاحتلال وجيشه
بدوره، قال الكاتب الفلسطيني عبد معروف، المقيم في لبنان، أن تفسير مفاهيم النصر والهزيمة يختلف بشكل كبير نتيجة التباينات السياسية والفكرية والأيديولوجية.
وأشار إلى أن الانتصار الحقيقي لا يُقاس بعدد الضربات التي يتلقاها أحد الأطراف، بل بمقدار تأثير هذه الضربات على تحقيق الأهداف الاستراتيجية للصراع.
وأضاف: "إن الانتصار يتحقق من خلال تحقيق الأهداف التي من أجلها أُطلق الحراك العسكري أو السياسي أو الفكري لأي حركة سياسية. كما أن الانتصار يعني أيضًا منع العدو من تحقيق أهدافه. ولا يُقاس الانتصار بعدد الضربات الموجعة التي يُمنى بها أحد الطرفين، بل بمقدار تأثير هذه الضربات على تحقيق أو منع تحقيق الهدف الأساسي العام، لأن الانتصار هو المحصلة النهائية لمجمل عملية الصراع عند توقيع الاتفاق النهائي."
وأكد معروف أن النصر أو الهزيمة يتحقق بمقدار ما تخدم مجمل السياق العام للصراع إيجابًا أو سلبًا، وفي إطار السير نحو تحقيق الهدف النهائي.
وقال: "بالنسبة للفلسطينيين، يتمثل هذا الهدف في تحرير فلسطين واستعادة الحقوق، وبالنسبة للإسرائيليين يكمن في تحقيق الأمن والاستقرار وتصفية القضية الفلسطينية."
وأوضح معروف أن عملية "طوفان الأقصى"، التي نفذتها حركة حماس والفصائل الفلسطينية في 7 أكتوبر 2023، شكّلت ضربة نوعية للاحتلال الإسرائيلي وجيشه الذي طالما ادّعى عدم قابليته للهزيمة.
وأضاف: إن العملية حققت إنجازات كبيرة، أبرزها أسر عدد كبير من الإسرائيليين، ووضع أهداف استراتيجية، منها: تحرير الأسرى الفلسطينيين من السجون الإسرائيلية. وضمان وقف الاعتداءات على المسجد الأقصى. ورفع الحصار الكامل عن قطاع غزة وفتح المعابر الحدودية.
الاحتلال فشل في تحقيق أهدافه بشكل كامل
وأشار معروف إلى أن رد الاحتلال الإسرائيلي، بقيادة بنيامين نتنياهو، تمثل في حرب إبادة شاملة ضد قطاع غزة، استهدفت سحق حماس وتصفية وجودها، وإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين.
وقال: "رغم الدمار الكبير الذي حل بالقطاع، واغتيال عدد من قادة المقاومة الى جانب اكثر من مئة وخمسين ألف بين شهيد وجريح ومفقود، فإن الاحتلال فشل في تحقيق أهدافه بشكل كامل، حيث لا تزال حماس موجودة في القطاع، ولم يُطلق سراح جميع الأسرى الإسرائيليين.
وشدد معروف على أن النصر في هذا الصراع لا يتحقق بجولة واحدة، بل عبر تراكم النقاط والانتصارات على المدى الطويل.
وختم معروف بالقول "إن المرحلة الحالية تستدعي قراءة معمقة لحرب غزة الأخيرة من منظور تراكمي، مع التأكيد على أن الشعب الفلسطيني لن يتوقف عن نضاله من أجل استعادة حقوقه، مهما كانت التحديات والنتائج الآنية."
شروط النصر تُقاس بفرض اتفاق استسلام
وأكد د. رياض العيلة، أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر بغزة، أن التجارب العسكرية تثبت أن شروط النصر تُقاس بفرض اتفاق استسلام أو السيطرة العسكرية على أراضي الخصم.
واشار إلى أن عملية "طوفان الأقصى" كانت بداية هذه العملية، والتي أدت إلى النتائج التالية:
الصمود: صمود أهلنا في قطاع غزة، رغم طوفان القتل والتدمير، أدى إلى إفشال المخطط الصهيوني لتهجير أهلنا إلى خارج القطاع.
تغيير الأولويات: أحد إنجازات "طوفان الأقصى" أن أهل غزة، بعد 15 شهرًا من العمل بطوفان الأقصى، ابتعدوا عن التفكير في هدف تحرير الأقصى، بل في العودة إلى بيوتهم المهدّمة في شمال وجنوب القطاع، والتي أُزيلت عن الخارطة السكانية.
خروج الأونروا: أسفرت العملية عن إخراج "الأونروا" من العمل في مخيمات اللاجئين في القدس، عاصمة دولة فلسطين، واعتبارها "منظمة إرهابية" حسب المصطلح الصهيوني.
الثبات رغم التدمير: رغم تدمير البنية التحتية والفوقية، استمر الانقسام، مع محاولة البعض الحفاظ على السيطرة على القطاع، حتى وإن أصبح صحراء من الردم والجثث المدفونة التي ستحتاج إلى سنوات لانتشالها.
وكل وعود الإعمار بقيت حبرًا على ورق، خاصة بعد العدوان الإسرائيلي المتكرر من عام 2008 حتى 2023.
الألم والفرح المختلط: الدموع التي انهمرت من عيون الثكالى والأطفال والشيوخ جمعت بين الفرح والبكاء معًا، بعد إعلان وقف المقتلة، رغم استمرار القصف بالطائرات والمدفعية حتى بدء تنفيذ الاتفاق يوم الأحد القادم. كان الأمل هو العثور على بقايا الأسر التي أُزيلت من السجل المدني، ربما تُكتشف جثثهم قبل أن تنهشها الكلاب والقطط.
نحو ربع مليون شخص بين شهيد وجريح ومفقود
تدمير شامل: العملية دمرت كل البنى التحتية من مدارس وجامعات ومستشفيات ومؤسسات، وأبقت على باطن الأرض للحفاظ على أسرى الاحتلال، بينما كانت المقتلة على سطح الأرض تطال الشجر والحجر والبشر.
الخسائر البشرية: فقد القطاع ما يقارب ربع مليون شخص بين شهيد وجريح ومفقود، وزاد عدد الأسرى إلى ثلاثة أضعاف ليصل إلى أكثر من عشرين ألفًا، مع تدمير شامل لمخيمات ومدن وقرى القطاع، خاصة المخيمات التي تشكل رمزًا لحق العودة وفق قرار إنشاء الأونروا.
تدمير المستقبل: ما بُني خلال 76 عامًا في القطاع دُمّر بالكامل، ما أجبر سكانه على البدء من جديد بعد عودتهم لبيوتهم في المدن والمخيمات.
انتشار الفساد: أدت الأوضاع إلى زيادة عدد التجار الجشعين وعصابات القتل، ما أضاف معاناة أخرى إلى أهل القطاع.
وخلص د. العيلة إلى القول: إن مفهوم النصر في هذه الحرب يبقى محصوراً في إطار الصمود الفلسطيني، رغم الخسائر الفادحة التي لحقت بالقطاع، معتبراً أن غزة دفعت ثمناً باهظاً في مواجهة آلة الحرب الإسرائيلية، مما يضع أعباء جديدة على الفلسطينيين في مسارهم نحو استعادة حقوقهم الوطنية.
أهل قطاع غزة هم الخاسر الأكبر
بدوره، أكد وديع أبو نصار، المختص في الشأن الإسرائيلي أنه لا يمكن الحديث عن انتصارات في الحرب الأخيرة بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية، مشيرًا إلى أن الغالبية العظمى من الأطراف قد تكبدت خسائر كبيرة، وإن تفاوتت درجات الخسارة بين طرف وآخر.
ورأى أن الخاسر الأكبر هو الشعب الفلسطيني، لا سيما أولئك الذين أزهقت أرواحهم بالآلاف، إن لم يكن بعشرات الآلاف.
وأضاف أبو نصار: إن أهلنا في قطاع غزة هم الخاسر الأكبر، حيث دُمرت حياتهم وبيوتهم وممتلكاتهم.
وأشار إلى معاناة المحتجزين الإسرائيليين، الذين عاشوا في ظروف قاسية، فيما قُتل العديد منهم أثناء فترة احتجازهم.
وأكد أبو نصار أن إسرائيل أيضًا خاسرة؛ فعلى الرغم من قوتها العسكرية، فإنها لم تتمكن من فرض إرادتها. كما أنها خاسرة لأنها اضطرت للتفاوض مع حماس.
الرابح الأكبر هنا هو دونالد ترامب
وأضاف: حماس خاسرة كذلك، فقد خسرت الكثير من مقدراتها، وبدلًا من إطلاق سراح جميع السجناء، سيطلق فقط سراح المئات منهم، وقد دفعوا ثمنًا كبيرًا مقابل ذلك.
وأشار أبو نصار إلى أن الرابح الأكبر هنا هو دونالد ترامب، والخاسر الكبير هو جو بايدن. فمن الواضح للجميع أنه لولا جهود ترامب، لما كانت هناك صفقة.
وأكد أن الغالبية العظمى من اللاعبين هم خاسرون، رغم أن البعض يروج للأمر كأنه انتصار أو إنجاز.
وختم أبو نصار حديثه لـ "القدس" بالقول: "لا شك أن لا مصر ولا قطر ولا أي من الوسطاء أو الإدارة الأمريكية قد نجحوا في التوصل إلى صفقة جدية حتى الآن. وإذا كانت هناك صفقة، فهي مليئة بالثقوب والثغرات التي تدل على أن الأوضاع ستظل متوترة على الجبهة الفلسطينية-الإسرائيلية في المستقبل القريب".
دلالات
علي قبل حوالي 10 ساعة
ايوة! خلينا تكذب على حالنا انه في اية نوع من الانتصار للمقاومة، او اية اشي استفدنا كفلسطنيين من هل معركة، عشان نظل كل خمس سنين نعيدها! كمان انتصارين زي هذا بينمحي الشعب الفلسطيني
فلسطيني قبل حوالي 15 ساعة
خسر نتنياهو عنجهيته وصلفه وكذلك حزبه اليميني في كسر شوكة المقاومة وخاصة حماس وبقيت غزة منتصرة رغم التقتيل الهمجي ومناصرة امريكا والغرب خاصة بريطانيا الذين هاجموا غزة
الأكثر تعليقاً
محاضرة في النمسا تثير تساؤلات: لماذا يسرق الاسرائيليون تراث الفلسطينيين؟
نتنياهو: "حماس" تتراجع عن بعض تفاصيل اتفاق غزة
خلال 15 شهراً من الإبادة.. حسابات الربح والخسارة
"الرئاسة" تدين جريمة الاحتلال في مخيم جنين
رئيس الوزراء: يجب ألا تحكم أي سلطة غير السلطة الفلسطينية قطاع غزة
مصطفى: غزة تحتاج إلى حكومة قادرة على مداواة جراح شعبنا وإعادة توحيدها
"هآرتس" تكشف تفاصيل عن الأسرى الفلسطينيين المُفرج عنهم ضمن الصفقة
الأكثر قراءة
الصحة العالمية: إعادة بناء النظام الصحي في غزة تتطلب 10 مليارات دولار
مصر تنسق لفتح معبر رفح وتنفيذ اتفاق يهدف لتحسين الأوضاع في غزة
بايدن: الفلسطينيون عانوا كثيرا ويستحقون السلام ونحن على مقربة من الصفقة
سكان غزة يحتفلون بأنباء اتفاق وقف النار وصفقة تبادل الأسرى
"رويترز" تنشر أجزاءً من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة
مصادر منخرطة في المفاوضات تكشف لـ"القدس" تفاصيل الاتفاق الذي سيعلن اليوم
"هآرتس" تكشف تفاصيل عن الأسرى الفلسطينيين المُفرج عنهم ضمن الصفقة
أسعار العملات
الأربعاء 15 يناير 2025 8:59 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.63
شراء 3.6
دينار / شيكل
بيع 5.12
شراء 5.1
يورو / شيكل
بيع 3.74
شراء 3.72
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%58
%42
(مجموع المصوتين 436)
شارك برأيك
خلال 15 شهراً من الإبادة.. حسابات الربح والخسارة