فلسطين
الإثنين 30 ديسمبر 2024 2:55 مساءً - بتوقيت القدس
إرث بايدن وإدارته هو الضلوع في حرب الإبادة الجماعية على غزة
واشنطن- "القدس" دوت كوم- سعيد عريقات
في 20 كانون الثاني 2025 – أي بعد 21 يومًا من اليوم - سيترك الرئيس الأميركي، جو بايدن، البيت الأبيض للمرة الأخيرة، تاركا منصبه بعد فترة ولاية واحدة فقط، الكابوس الذي طالما ولاحق كل من احتل البيت الأبيض منذ تأسيس الدولة الأميركية. وكما هو الحال مع كل نهاية دورة رئاسية ، يتزاحم كتاب ومحللو الصحف والمؤسسات البحثية والمراكز الأكاديمية الأميركية، خاصة في العاصمة واشنطن ، ليدلوا بدلوهم عن إرث ومزايا ، وميزات الإدارة الغابرة؛ أين أخفق؛ لماذا خسر؛ ما الذي حققه من وعوده، إلى آخره من مواد النقاش التي تملأ الفضاء.
بالنسبة للفلسطينيين الإجابة سهلة: إرث جو بايدن هو تمكين الوحش الإسرائيلي المحتل من ارتكاب "إبادة جماعية" ضد الشعب الفلسطيني، وضمان استمرارها دون هوادة ، وبدون أي حساب.
ولنبدأ من التطورات الأخيرة من هذا الشهر: في التاسع عشر من كانون الأول 2024، قالت "هيومن رايتس ووتش" في تقرير أصدرته (في ذلك اليوم) إن السلطات الإسرائيلية تتعمد حرمان المدنيين الفلسطينيين في غزة من المياه الكافية منذ تشرين الأول 2023، ما أدى على الأرجح إلى وفاة الآلاف وبالتالي ارتكبت الجريمة ضد الإنسانية المتمثلة في الإبادة، كما ارتكبت أفعال الإبادة الجماعية.
في تقريرها المكون من 179 صفحة تحت عنوان "الإبادة وأفعال الإبادة الجماعية: تعمُّدُ إسرائيل حرمان الفلسطينيين في غزة من المياه وأن سلطات الاحتلال الإسرائيلي لم توقف فقط ، مع سبق الإصرار والترصد السلطات ضخ المياه إلى غزة ، بل عطّلت معظم البنى التحتية للمياه والصرف الصحي في غزة بقطع الكهرباء وتقييد الوقود، ومنعت دخول مواد معالجة المياه وإمدادات المياه الأساسية.
يومها توجه مراسل القدس بأسئلته للناطق باسم الخارجية الأميركية عن أين تقف الولايات المتحدة من تقرير "هيومان رايتس ووتش"، فأجاب بردود معدة مسبقا تقول بوضوح أن أمريكا لا تتفق مع المنظمة، وإن إسرائيل لا ترتكب الإبادة ضد الفلسطينيين.
في الوقت ذاته ، في البيت الأبيض (على بعد أمتار من الخارجية)، اصطف الناطق باسم مجلس الأمن القومي الأميركي، جون كيربي، والناطقة باسم بايدن، كارين جان بيير، ليقولا الشيء ذاته ، ويبررا لإسرائيل جرائمها تحت عنوان "حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها".
بل أن الرئيس بايدن نفسه لم يفوت الفرصة ، وتحدث محتجا عن وقاحة المنظمة التي تتهم إسرائيل بالإبادة الجماعية.
قبل ذلك بأسبوعين، أي يوم 5 كانون الأول، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، فيدانت باتيل أن إدارة الرئيس الأميركي لا توافق على استخدام تعبير "الإبادة الجماعية" وفق ما قالت "منظمة العفو الدولية" في تقريرها (4/12/2024) بشأن جرائم إسرائيل في غزة ، وكذلك فعل نظرائه في البيت الأبي، بل وبايدن نفسه الذي عربد وزربد على وقاحة "منظمة العفو الدولية" ، وقبل ذلك فعل محتجا على "المحكمة الجنائية الدولية" التي تجرأت وأصدرت مذكرة اعتقال يوم 21 تشرين الثاني ضد رئيس وزراء إسرائيل، بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع (السابق) يوآف غالانت.
طالما وزعم الرئيس بايدن أنه "فعل من أجل المجتمع الفلسطيني أكثر من أي شخص آخر" كما قال في تموز الماضي ، لكن الخبراء جميعا يخالفونه الرأي ، ويعتقدون "أن إرثه هو العكس؛ إنه الرئيس الذي ألحق أكبر قدر من الضرر بالفلسطينيين، ليس فقط في فلسطين ولكن أيضًا هنا في الولايات المتحدة، حيث ارتفعت جرائم الكراهية ضد الفلسطينيين" وفق ما قالته مريم حسنين، المعينة السياسية التي استقالت من إدارته، التي تصر إن نهجه تجاه حرب إسرائيل على غزة يعتبر وصمة عار دائمة على إرثه.
لا شك أن الحرب الإسرائيلية على غزة أثارت ، وتثير ، مخاوف إنسانية واسعة النطاق، تتراوح من المجاعة إلى التطهير العرقي، وفق ما قالت لجنة خاصة تابعة للأمم المتحدة. إن سياسة التمكين الأميركية، مكنت إسرائيل من قُتل أكثر من 45000 فلسطيني، الأغلبية الساحقة منهم من النساء والأطفال، وأصيب أكثر من 100000، أغلبيتهم أيضا من النساء والأطفال ، فيما نزح ما يصل إلى 1.9 مليون شخص من منازلهم التي دمرت.
منذ اندلاع الحرب في 7 تشرين الأول 2023، كان الرئيس بايدن ثابتا في دعمه اللامحدود لحرب إسرائيل. فقد قدمت إدارته 18 مليار دولار (بحسب جامعة براون) كمساعدات عسكرية لإسرائيل في السنة الأولى من الحرب - وهو مبلغ قياسي. بالإضافة إلى ذلك، في وقت سابق من هذا العام، نشرت الولايات المتحدة حوالي 100 جندي للمساعدة في تشغيل نظام الدفاع الصاروخي "ثاد" ال متقدم الذي أرسله بايدن إلى إسرائيل .
برر بايدن لإسرائيل صنائعها المشينة، بتبني رواية إسرائيلية كاذبة عن قطع رؤوس الأطفال وأعمال اغتصاب، رددها بايدن مرة تلو الأخرى، رغم تحذير كبار موظفيه في البيت الأبيض أن لا يردد هذه الروايات الكاذبة.
كان جوش بول، المدير السابق لشؤون الكونجرس والشؤون العامة في مكتب الشؤون السياسية والعسكرية بوزارة الخارجية (مسؤولا عن مراقبة التزام إسرائيل بالقوانين الأميركية في استخدام سلاحها) ، أحد أوائل المغادرين من إدارة بايدن. وقال بول لمراسل القدس أنه عارض ما وصفه بالقتل العشوائي للفلسطينيين من قبل إسرائيل، وكذلك قرار الولايات المتحدة بتقديم الدعم غير المشروط لإسرائيل. وقال بول (عن إرث بايدن): "سيكون إرث بايدن بشأن غزة تواطؤًا أميركيًا في الإبادة الجماعية وتمزيقًا أميركيًا للنظام الدولي القائم على القواعد - أو على الأقل الخطوات الأولى والأكثر أهمية نحو ذلك".
في آذار الماضي، وصف بايدن غزو مدينة رفح الجنوبية بأنه "خط أحمر". ولكن بحلول أيار، قصفت إسرائيل المدينة وأدخلت قواتها إلى أحيائها المكتظة بالسكان . وبحسب بول، : "عندما ترى الدول أن رئيس الولايات المتحدة يضع خطوطًا حمراء ولا يفعل شيئًا لفرضها، فإن ذلك يضعفها عالميًا، ويفكفك المعايير العالمية".
يقر كل المطلعون على مجريات التمكين الأميركي لحرب الإبادة الإسرائيلية (المستمرة) ضد الفلسطينيين إن الغطاء الدبلوماسي الأميركي لإسرائيل، والتدفق المستمر للأسلحة إليها، قد ضمن تواطؤ بايدن بشكل لا يمكن إنكاره في عمليات القتل والتجويع القسري للسكان الفلسطينيين المحاصرين في غزة.
الشهر الماضي، برزت مجموعات من الخبراء من الحكومة ومن الأوساط الأكاديمية إلى القطاع غير الربحي الذين يدعمون جهود الفلسطينيين لتأمين مراجعة قضائية للاتهامات الموجهة للرئيس بايدن بأنه مكن إسرائيل من الإبادة الجماعية في غزة. وفي الشهر الماضي أيضا، أكدت لجنة من ثلاثة قضاة من الدائرة التاسعة (التي تغطي الولايات الغربية) على قرار محكمة أدنى، بأن حرب إسرائيل (على غزة) تشكل "بشكل معقول" إبادة جماعية. وفي التماس تم تقديمه الشهر الماضي (من مجموعة الخبراء ذاتها)، يزعم المدعون أن المحاكم لديها واجب دستوري لتقييم (عدم) شرعية تصرفات الرئيس بايدن في دعمه غير المحدود لجرائم الحرب الإسرائيلية.
في حين أن الاحتلال الإسرائيلي ينفي الاتهام بارتكاب الإبادة، يقر خبراء القانون الدولي إن شراسة القصف الإسرائيلي ووحشيته على غزة، وتخفيف القيود في "ملاحقة مقاتلي حماس حتى حساب المئات من المدنيين" والقيود المفروضة على دخول المياه والغذاء وغيرها من الإمدادات الإنسانية قد ترقى إلى مستوى الإبادة الجماعية.
وتنص اتفاقية الإبادة الجماعية لعام 1948، التي صادقت عليها الولايات المتحدة، على أن "الإبادة الجماعية، سواء ارتكبت في زمن السلم أو في زمن الحرب، هي جريمة بموجب القانون الدولي والتي تتعهد [الدول الأطراف] بمنعها ومعاقبة مرتكبيها". كما تنص على أن "التواطؤ في الإبادة الجماعية" هو فعل يعاقب عليه القانون. وقال جو بايدن، رئيس الولايات المتحدة، إنه لا يوجد هناك "خط أحمر" عندما يتعلق الأمر بدعم الولايات المتحدة لإسرائيل. وقالت وزارة الخارجية الأميركية، مرة تلو الأخرى ، في ردها على أسئلة مراسل القدس ، كما الصحفيين الآخرين، إنه لا توجد حاجة لإجراء تحقيق رسمي فيما إذا كانت إسرائيل قد ارتكبت جرائم حرب.
كما اتُهمت إدارة بايدن بتمكين المجاعة في قطاع غزة. وذكر تحقيق أجرته صحيفة الإندبندنت أنها فشلت في التصرف بناءً على تحذيرات متكررة من خبرائها ووكالات الإغاثة الخاصة بها. وفي أيلول 2024، توصل تحقيق أجرته بروبابليكا (وهي منظمة صحفية تحقيقية غير ربحية مركزها نيويورك) إلى أن الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID) ووكالات أخرى وجدت أن إسرائيل حجبت المساعدات الإنسانية عمدًا، لكن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن رفض استنتاجاتهم.
يوم الخميس، 26 كانون الأول 2024، أجبرت إدارة بايدن منظمة "فيوز"، المنظمة الحكومية الأميركية الرائدة في مراقبة أزمات الغذاء في جميع أنحاء العالم على سحب تقرير جديد (هذا الأسبوع) يحذر من مجاعة وشيكة في شمال غزة تحت ما أسمته "الحصار الإسرائيلي شبه الكامل"، في أعقاب انتقادات علنية للتقرير من السفير الأميركي في إسرائيل جاكوب لو، المعروف بدعمه التاريخي لإسرائيل وسياساتها الاستيطانية.
كما بررت الولايات المتحدة على لسان مسؤوليها ، والمتحدثين باسمها، في وزارة الخارجية وفي البيت الأبيض، مرة تلو الأخرى تدمير إسرائيل لكل مستشفيات غزة بشكل ممنهج، ، مرددة الرواية الإسرائيلية بأن هناك عناصر من حركة حماس تواجدوا بشكل أو بآخر في هذا المستشفى أو ذاك، دون العناء بإبراز دليل واحد على ذلك، وهو ما يعتبر بجريمة الحرب وفق القوانين والأعراف الدولية.
نعم، إدارة بايدن والولايات المتحدة ضالعة في حرب الإبادة الجماعية التي تشنها إسرائيل على الفلسطينيين.
دلالات
فلسطيني قبل 3 أيام
اللهم دمر واشنطن وتل أبيب كما دمروا غزة وامير شوكتهما كما كسرو فرحة اطفال غزة
الأكثر تعليقاً
إسرائيل ترفض تزويد السلطة الفلسطينية بالسلاح لدعم عملية جنين
قرار بوقف بث وتجميد كافة أعمال فضائية الجزيرة والعاملين معها ومكتبها في فلسطين
بهدوء.. أسئلة وأجوبة!
النداء الأخير من المحرقة...صرخة أنس تقرع جدران الخزان
مقتل الصحفية شذى الصباغ في جنين.. دعوات لتحقيق مستقل وشفاف تشارك فيه جميع الأطراف
"حارس أملاك الغائبين".. الحرامي يسطو على أراضي السكان الأصليين
في الذكرى الـ60 لانطلاقة "فتح".. تحديات راهنة وآفاق واعدة
الأكثر قراءة
نيويورك تايمز: وراء تفكيك حزب الله عقود من الاستخبارات الإسرائيلية
هآرتس: اختفاء غزيين كانوا معتقلين لدى الجيش الإسرائيلي
مقتل الصحفية شذى الصباغ في جنين.. دعوات لتحقيق مستقل وشفاف تشارك فيه جميع الأطراف
مفاوضات الصفقة.. المحتجزون يُلدغون من جُحر نتنياهو عشر مرات!
القسام تقتل 5 جنود إسرائيليين من المسافة صفر في مخيم جباليا
إعلام عبري: تأكيد إصابة نتنياهو بسرطان البروستاتا
2025 عام التحولات وسقوط الأقنعة والسرديات.. تحديات خطيرة تُحدّق بالقضية الفلسطينية
أسعار العملات
الأربعاء 01 يناير 2025 2:37 مساءً
دولار / شيكل
بيع 3.65
شراء 3.64
دينار / شيكل
بيع 5.15
شراء 5.12
يورو / شيكل
بيع 3.79
شراء 3.77
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%58
%42
(مجموع المصوتين 333)
شارك برأيك
إرث بايدن وإدارته هو الضلوع في حرب الإبادة الجماعية على غزة