Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo

فلسطين

السّبت 28 ديسمبر 2024 12:08 مساءً - بتوقيت القدس

بعد تفجير المقامات في سوريا...الثارات وتصفية الحسابات قد تودي بالإنجازات

رام الله - خاص ب "القدس" دوت كوم

د. عبد الوهاب القصاب: تصريحات خامنئي الاستفزازية عقب إحراق ضريح علوي شرق حلب أشعلت مظاهرات مسلحة في سوريا

طارق وهبي: 2025 سيكون حاسمًا للسوريين مع محاولات الالتفاف حول عملية دستورية جديدة تسعى لتجاوز الحساسيات الطائفية

عماد منى: حرق شجرة الميلاد واستهداف المقامات أو ملاحقة أتباع النظام السابق تصرفات فردية لا تعكس توجهًا نحو حرب أهلية

نيفين أبو رحمون: مسار الانتقال في ظل حكومة سورية جديدة يتطلب مسارًا وخطابًا موحدًا وواضحًا لتجاوز المعوقات

هاني الجمل: الجماعات المسلحة تبدو ظاهريًا متناسقة لكنها تعاني من تباينات أيديولوجية جوهرية تمنعها من التوافق الفكري

منال قادري: ما بدأ بحراك شعبي واعد جلب معه حروبًا أهلية وإقليمية وانقسامات وأزمات اقتصادية وديمغرافية وفتناً طائفية وعرقية

محمد ياسين رحمة: قوى الشر العالمية ماضية في تنفيذ مخطّطاتها وتستثمر في كل شيءٍ يُسهم في تدمير الإنسان والأوطان



شهدت مناطق عديدة من سوريا سلسلة من الاحتجاجات وأعمال العنف التي خلفت قتلى وجرحى في صفوف المحتجين وعناصر القوات التابعة للسلطات السورية الجديدة بقيادة أحمد الشرع، ما أثار المخاوف من اشتعال اضطرابات قد تجر البلاد إلى حرب أهلية، بخلاف ما ظهرت عليه التوقعات عقب الثامن من كانون الأول/ ديسمبر، وسقوط العاصمة دمشق في قبضة فصائل المعارضة المسلحة وفرار الرئيس السابق بشار الأسد إلى موسكو.

أسباب عديدة تقف وراء هذه الاحتجاجات وأعمال العنف التي عمت محافظات حمص وحماة واللاذقية وطرطوس ودمشق، لكن العامل الأهم هو نشر مقطع فيديو يظهر فيه اعتداء بالحرق لمقام أبي عبدالله الحسين بن حمدان الخصيبي" في حلب.، حيث اعتبر محتجون أن حرق المقام بمثابة "اعتداء على كل أبناء الطائفة العلوية في سوريا".

وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان أن متظاهرا قُتل وأصيب خمسة آخرون بعدما أطلقت قوات الأمن -التابعة للسلطات الجديدة- في مدينة حمص النار لتفريق المتظاهرين ضد الهجوم على المقام".

كما شهدت العديد من المناطق عمليات ثأرية أقدمت عليها مجموعات سورية انتقاما من أشخاص تتهمهم بممارسة البطش والقمع والتنكيل في عهد النظام السابق.

وفي هذا الإطار، قال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن تسعة أشخاص قتلوا الأربعاء الماضي في اشتباكات بمحافظة طرطوس الساحلية بعد أن حاولت قوات الأمن اعتقال ضابط عسكري تولى مناصب في عهد الرئيس المخلوع بشار الأسد مرتبطة بسجن صيدنايا.

وحسب المرصد فقد "قتل 6 عناصر من قوى الأمن العام" و"3 من المسلحين" في خربة المعزة تصدوا لقوات الأمن أثناء محاولتها توقيف ضابط "شغل منصب مدير إدارة القضاء العسكري ورئيس المحكمة الميدانية"، وهو "متهم بالمسؤولية عن جرائم سجن صيدنايا".

كتاب ومحللون تحدثوا لـ"القدس" اعتبروا أن مسار الانتقال في ظل حكومة سورية جديدة يتطلب مسارًا وخطابًا موحدًا وواضحًا لتجاوز المعوقات، وأشاروا إلى أن قوى الشر العالمية ماضية في تنفيذ مخطّطاتها وتستثمر في كل شيءٍ يُسهم في تدمير الإنسان والأوطان. وحمل البعض إيران ممثلة بالمرشد خامنئي المسؤولية عن إثارة القلاقل والنعرات في سوريا، بعد الهزيمة التي لحقت بإيران من خلال سقوط حليفها النظام السابق.



التدخلات الإيرانية في سوريا عقب الثورة


وقال د. عبد الوهاب القصاب وهو عضو مؤسس المعهد العالمي للتجديد العربي، وزميل زائر أقدم بالمركز العربي في واشنطن: "فجأةً وعلى حين غرة، وبعد تصريح تهديدي مبطن لكل من مرشد إيران المهزوم ووزير خارجيته، اندلعت مظاهرات مسلحة في كل من الساحل السوري، حمص، وحي قدسيا في دمشق. وجاءت هذه المظاهرات على خلفية حادثة إحراق ضريح علوي شرق حلب، حيث كان مقاتلون علويون قد تمترسوا داخله، وعندما تعرضوا لنيران المهاجمين، تم إحراق المزار".

واضاف: "مرّت هذه الحادثة بهدوء دون أن تلفت الانتباه، إلى أن جاءت تصريحات المرشد ووزير خارجيته الاستفزازية، ما أشعل المظاهرات العارمة في الأحياء العلوية التي زرعها النظام في حمص."

وتابع:" يبدو أن سلطات دمشق فوجئت بما حدث، واخذت على حين غرة، مما دفعها للتحرك السريع لاحتواء الوضع، حيث تحركت القوات في مناطق التوتر لمنع اصطدام العلويين بمواطني حمص، الذين يتفوق عددهم على عدد العلويين، وهو ما نجح في احتواء الصراع بعد تعزيزات أرسلتها الحكومة السورية المؤقتة."

وأكد أن ما حصل يثير الكثير من الشكوك والتحسب حول النهج الذي تسير عليه سوريا في مواجهة التحديات التي بدأت إيران، بعد هزيمتها، بزرعها لإعاقة مساعي الدولة السورية في تعزيز الثورة والسعي للانتقال إلى دولة مدنية حديثة.

وقال: مؤخرًا، لفتت انتباهنا زيارة وفد أمني عراقي رفيع المستوى إلى دمشق ولقاؤه وجهاً لوجه أحمد الشرع، قائد الثورة. وخلال المباحثات، التي حملت رسائل طمأنة عراقية تحتاجها قيادة الثورة السورية، تمت الإشارة - حسب بعض المصادر- إلى أهمية مقام السيدة زينب قرب دمشق، وأهمية الحفاظ عليه وعدم الإساءة إليه. (علمًا بأن قوى الثورة لم تقم بأي إساءة للمقام).


تجنب استفزاز شيعة العراق


واضاف قصاب " تم التأكيد على أن أي اعتداء عليه قد يؤدي إلى استفزاز شيعة العراق، وهو أمر خطير يعزز القلق حول دور هذه المقامات كعوامل توتر حتى يتم إنهاء النفوذ الإيراني في العراق، وإجبار إيران على العودة إلى داخل حدودها، وقطع صلتها بأذرعها الخارجية في الجوار العربي".

وتابع "يشكل النصيريون (العلويون) حوالي 10% من سكان سوريا، وقد مكنهم النظام المنهار من التحكم فيما كان الدكتاتور الهارب يسميه "سوريا المفيدة"، وهي سوريا الغربية التي يشكل نهر العاصي حدها الشرقي. متناسيًا أن شرق سوريا هو سلة الغذاء والطاقة للبلاد، والتي تنازل عنها لعصابات الـ"بي كي كي" الإرهابية، التي استفادت من مظلة الحماية الأميركية".

واضاف: "هنا أيضًا يكمن عنصر مهم من عناصر الخطر الذي يواجه الثورة السورية، والذي يجب على قوى الدولة السورية الجديدة التعامل معه بحكمة وحزم، من خلال التفاهم مع الولايات المتحدة لإيجاد حل سلمي يتضمن مغادرة عناصر الـ"بي كي كي" (جماعة قنديل) من سوريا، وانضواء القوى الكردية السورية تحت مظلة الدولة، التي سيضمن لها الدستور السوري الجديد حقوقًا متساوية يشارك الأكراد في صياغتها."

وقال القصاب "يبقى عنصر القلق المتعلق باغتيال الرموز، وهو أمر يجب أن توليه القيادة السورية أهمية كبرى، وأن تجعل من تعزيز السلام المجتمعي هدفًا رئيسيًا."

وختم قصاب تصريحه بالتاكيد على "أن الطريق الذي تسلكه سوريا الثورة بتحولها إلى سوريا الدولة والخطاب الوطني الجامع الذي تتبناه، يشكلان ضمانة مهمة في سعيها للانتقال إلى سوريا جديدة خالية من النفوذ الإيراني وأذرعه".


انضباط معين داخل الفصائل



من جانبه، قال الباحث اللبناني في العلاقات الدولية، طارق وهبي، أن ردود الفعل الشعبية السورية تجاوزت في قوتها حراك فصائل هيئة تحرير الشام، حيث هتف السوريون بدقائق بعد أنباء فرار الطاغية بشار الأسد إلى روسيا. 

وقال وهبي: "54 عامًا من الألم لن تُنسى، وستظل الجراح مفتوحة ما لم يُكشف مصير أكثر من مليون معتقل من السوريين، والفلسطينيين، واللبنانيين، وغيرهم، ممن تم تعذيبهم وتصفيتهم، دون أن يُعرف متى وأين حدث ذلك".

وأشار وهبي إلى أن تسليم السلطة بسلاسة يعكس وجود انضباط معين داخل الفصائل، لكنه تساءل: "من يضبط الشارع وسط شبه حل للجيش والشرطة؟". وقارن الوضع الراهن بسوريا مع ما حدث في العراق عام 2003 بعد سقوط نظام صدام حسين، حيث شهدت الشوارع حينها جثثًا لمسؤولين في حزب البعث على مدى 3 أشهر، وبعد الهجوم الأمريكي بقيت الشوارع تعج بالجثث لمناصري النظام العراقي في حقبة صدام حسين.

وأوضح أن هناك خطين متوازيين في سوريا اليوم: الأول تمثله بعض الفصائل المحلية التي تسعى للقصاص من المسؤولين عن التعذيب والقتل خلال حكم النظام السابق، والثاني تقوده هيئة تحرير الشام، المسؤولة عن اعتقال وتنفيذ أحكام بحق من وصفوا بـ"مرضى السادية"، الذين قتلوا الأبرياء من السوريين.


الشارع السوري سبق القادة الجدد في "الأخذ بالثأر"


وأضاف وهبي: إن الشارع السوري سبق القادة الجدد في "الأخذ بالثأر"، حيث نُفذت عمليات اغتيال منظمة ضد رموز النظام السابق، في خطوة تهدف لمنع أي محاولة للانتفاض على السلطة الحالية. 

لكنه أشار إلى أن المشكلة تكمن في موقف الطائفة العلوية وبعض الشيعة السوريين، الذين اعتمدوا سابقًا على دعم إيران وحزب الله، قائلاً: "العلويون يعيشون في حالة ذهول، ولم يفهموا أن اللعبة انتهت وعليهم التعاون مع السلطة الحالية لوضع حد لأية عمليات ثأر، وعلى السلطة إيقاف كل من يقوم بعمل يفضي إلى نعرة طائفية ".

وتابع وهبي إن "محاكم التنوير" في سوريا لن تنصف أحدًا، إذ ستكشف أن كثيرين ممن نُفذت بحقهم أحكام القتل كانوا مجرد أدوات داخل النظام البعثي، الذي تركهم يواجهون مصيرهم بعد انهياره".

واعتبر أن عام 2025 سيكون عامًا حاسمًا للسوريين، مع محاولات الالتفاف حول عملية دستورية جديدة تسعى لتجاوز الحساسيات الطائفية، وبناء وطن يحترم جميع المكونات.

 وأضاف: "إن الشيعة السوريين الذين فروا إلى لبنان سيعودون إلى سوريا، ولكن في إطار جديد بعيد عن الامتيازات التي كانوا يتمتعون بها في عهد النظام البعثي.

وختتم وهبي قائلاً: "سوريا القادمة ستكون خلية نحل تجمع أهل الشام الحرفيين والراغبين في إعمار البلاد بأسرع وقت ممكن، ليعود الأمل بمستقبل مشرق بعد سنوات طويلة من المعاناة".



سوريا تسير نحو مرحلة جديدة من الاستقرار والبناء


من جهته، قال الناشط الاجتماعي المقدسي عماد منى إن سوريا تمر في مرحلة تحول إيجابي رغم الصعوبات والتحديات التي تواجهها، مشيرًا إلى أنه متفائل بمستقبل البلاد بعد أكثر من عقد من الحرب والدمار.

وأوضح منى، أنه متأثر بشخصية أحمد الشرع ودوره في إدارة الأمور خلال الفترة الأخيرة، خاصة ما يتعلق بجمع رؤساء المعارضة السورية على طاولة واحدة. وقال إن هذه الخطوة أسفرت عن اتفاق لحل الميليشيات ودمجها ضمن جيش وطني موحد.

وأضاف منى: "إن الأحداث الأخيرة، مثل حرق شجرة الميلاد وحالات استهداف المقامات أو ملاحقة العلويين وأتباع النظام السابق، تعتبر تصرفات فردية لا تعكس توجهًا عامًا نحو حرب أهلية. 

وتابع: "لا أعتقد أن سوريا ستشهد سيناريو مشابهًا لما حدث في لبنان أو دول عربية أخرى. السيناريو الأقرب لسوريا هو ما حدث في تونس، حيث انهار النظام البائد واستمرت الدولة في التعافي تدريجيًا".

وأشار إلى أن السوريين، بعد أكثر من عشر سنوات من المعاناة، وصلوا إلى قناعة بضرورة وقف القتال والعمل على بناء سوريا الحديثة، متجاوزين عقودًا من الحكم الدكتاتوري.

وفيما يتعلق بتوقعاته للعام الجديد، قال منى إنه يأمل أن يحمل العام المقبل حلولًا لقضايا الشرق الأوسط، بما في ذلك فلسطين، عبر صفقة لإطلاق سراح الأسرى في غزة وبداية إعادة إعمار القطاع.

أما عن سوريا، فتوقع أن يشهد العام الجديد تشكيل حكومة وطنية وجيش موحد يضم كافة الطوائف والمعارضة، بحيث تتحول الميليشيات إلى أحزاب سياسية تعمل ضمن إطار ديمقراطي.

 وأوضح منى أن هذا النهج يتماشى مع تجارب دول أخرى شهدت ثورات وتحولات، مثل الثورة الفرنسية، حيث ينتهي الأمر بتوافق القوى المتخاصمة على رؤية مشتركة للمستقبل.



الحاجة لخطاب وطني وحدوي يجمع كل السوريين


بدورها، قالت المحللة السياسية نيفين أبو رحمون: "يبدو أن مسار الانتقال في ظل حكومة سورية جديدة ليس سهلاً، ويتطلب مسارًا وخطابًا موحدًا وواضحًا لضمان تجاوز المعوقات، وهو ما يُعدّ طريقًا طويلًا وشاقًا."

وأضافت: "التحدي الأكبر أمام هذه الحكومة يتمثل في فرز حالة اجتماعية جديدة يرافقها خطاب وطني وحدوي يجمع جميع السوريين".

وأكدت أبو رحمون أن هذه المسألة ليست سهلة، خصوصًا في ظل استمرار وجود أعمال انتقامية تعكس توجهات أطراف متصارعة داخل الأراضي السورية.

وأوضحت أبو رحمون: "باعتقادي، من الصعب الحدّ من هذه الظواهر، لأنها تقاد من دول خارجية ذات أطماع كبيرة في سوريا".

وفي سياق مراجعة خطاب قيادة الهيئة الجديدة، رأت أن هناك تغييرًا في التوجه، سواء من حيث الرؤية أو السياسات. 

ومع ذلك، أشارت إلى أن تأثير هذه التغييرات يبقى محدودًا بسبب تعدد المرجعيات التي ترتبط بدول مثل الولايات المتحدة أو تركيا.

وعن السيناريوهات المحتملة، اعتبرت أن التوغل الإسرائيلي والسيطرة التركية جزء من مستقبل الحالة السورية. 

وأضافت ابو رحمون : "في ظل غياب رؤية سياسية سورية واضحة تجاه القضايا الإقليمية، تبقى المسألة مفتوحة لتفسيرات متعددة فيما يتعلق بمنطق السيادة والجغرافيا السياسية".



تفكيك التنظيمات الإرهابية وإعادة تشكيلها


المحلل المصري هاني الجمل قال إن الخطوات التي تقوم بها الإدارة الحالية في سوريا مدعومة بشكل أساسي من الولايات المتحدة والدول الأوروبية. وتهدف هذه الخطوات إلى تهيئة نظام حكم جديد في المنطقة يعتمد على تغييرات أيديولوجية تسعى لتفكيك التنظيمات الإرهابية وإعادة تشكيلها.

وأشار الجمل إلى أن هذه الجماعات المسلحة تبدو ظاهريًا متناسقة كـ"فسيفساء"، لكنها تعاني من تباينات أيديولوجية جوهرية تمنعها من التوافق الفكري. 

وأوضح أن استهداف الرموز الدينية والمقامات الإسلامية يعكس محاولة لفرض أيديولوجيات جديدة تحت ذريعة محاربة ما يعتبرونه شركًا دينيًا.

وأضاف: "ما نشهده اليوم هو استمرار لنهج تفكيك الدولة السورية، من خلال اغتيال العلماء والشخصيات المؤثرة، ما يؤدي إلى تصفية ما تبقى من القوة الناعمة للدولة السورية وتوجيهها نحو نموذج حكم جديد يعتمد على أيديولوجيات الفصائل المسلحة".

وحول الدور الكردي في مواجهة التحولات، أكد الجمل أن الأكراد يسعون للحفاظ على هويتهم الخاصة وسط هذه التحولات، مشيرًا إلى أنهم يحاولون البقاء بمنأى عن التغييرات الأيديولوجية الواسعة التي تدعمها أطراف دولية.



أطماع أمريكية تركية إٍسرائيلية في سوريا


وأشار المحلل المصري إلى أن الدعم الكبير الذي تتلقاه الجماعات المسلحة من أمريكا وتركيا وإسرائيل يلعب دورًا كبيرًا في تمكين هذه الفصائل. 

وأوضح أن هذا الدعم يستهدف تحقيق مكاسب استراتيجية، مثل السيطرة على مصادر الطاقة السورية وتشغيل محور الغاز بين قطر وسوريا وتركيا، إضافة إلى توسيع النفوذ الجغرافي لتركيا في الشمال الشرقي من سوريا، وإعادة تموضع القوات الإسرائيلية في الجولان ومحيطها.

وحذر الجمل من أن الشعب السوري بمكوناته المختلفة سيكون الخاسر الأكبر في هذه التحولات، مشيرًا إلى أن الفصائل المسلحة التي تشكل أساس الجيش السوري الجديد تركز فقط على مصالحها الخاصة دون الالتفات إلى بناء الوطن.

وأضاف: إن التخلي عن القيادات الوطنية السورية العسكرية يمثل إشكالية كبيرة، متسائلًا: "هل ستلتزم هذه الجماعات بالأوامر العسكرية التقليدية، أم أنها ستعمل وفقًا لأيديولوجياتها المختلفة؟".

وحذر من تصدير الأزمة السورية إلى دول الجوار، مشيرًا إلى أن هذا الأمر يمثل تهديدًا خاصًا للدول التي لا تتعامل مع الجماعات الإسلامية. 

وأكد الجمل أن هذه التطورات تعكس تعقيد المشهد السوري وتداخل المصالح الدولية والإقليمية في رسم مستقبل البلاد.



من حقّ كل الطوائف أن تعيش فوق أرضها وتحت شمسها



من جانبها، قالت الباحثة التونسية في علم الاجتماع، منال قادري، إنّ "الربيع العربي في 2011 كاد أن يتحوّل إلى خريف عربي، حسب خصوصية كل دولة"، مشيرة إلى أنّ ما بدأ بحراك شعبي واعد جلب معه حروبًا أهلية وإقليمية، وعدم استقرار سياسياً، وانقسامات داخلية، إلى جانب أزمات اقتصادية وديمغرافية، وفتناً طائفية وعرقية ودينية.

وأوضحت قادري، أنّ آخر ملامح "الخريف العربي" يمكن تلمّسها في سوريا بعد سنوات طويلة من الحرب التي "دمّرت البنى التحتية وأرهقت الشعب السوري، بل وشرّدته داخل البلاد وخارجها، وأدخلت كثيرين في سجون بُنيت تحت الأرض".

وأضافت: "هذه السجون حُرم فيها المواطن السوري من أبسط حقوقه، وهو العيش على أرض وطنه وتحت شمسه، بغض النظر عن انتماءاته الطائفية أو العرقية أو السياسية. ألسنا نثور من أجل الديمقراطية والحقّ في الاختلاف؟".

وأشارت قادري إلى أنّ سوريا اليوم تواجه تساؤلًا مصيريًا: "هل ستنهض سوريا من تحت الأنقاض لتبني مستقبلًا يشمل كل أطيافها وانتماءاتها؟ أم ستقع في فخّ تجارب عربية أخرى ما زالت تعاني الفوضى والانقسام منذ عام 2011؟".


مخاطر غياب التوافق الوطني والتدخلات الخارجية والانقسامات


وأكدت الباحثة التونسية أنّ "التاريخ مليء بالدروس، فقد أظهرت تجارب دول أخرى كيف يمكن أن يؤدي غياب التوافق الوطني والتدخلات الخارجية والانقسامات الداخلية إلى انهيار الدول".

وتابعت قائلة: "منذ الثامن من ديسمبر/ كانون الأول، شهدت سوريا تحركات تحمل رسائل خطيرة، مثل فرض الحجاب على إعلامية أثناء مقابلة مع الجولاني، وتوثيق مشاهد التنكيل بالعلويين ونشرها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، تفجير مقامات دينية، واغتيال القضاة والعلماء. كلها عمليات إرهابية تعادل في شراستها ما قام به النظام السابق".

وتساءلت قادري: "هل ستكون سوريا دولة لكل السوريين، أم أنّها ستتحول إلى دولة لطائفة واحدة مع إقصاء بقية الطوائف؟"، محذّرة من أنّ هذه الممارسات قد تكون "مؤشرات أولية لقمع التنوع ووأد الاختلاف، ذلك الاختلاف الذي شكّل تاريخيًا عامل قوة لسوريا".

واعتبرت قادري أنّ سرعة التغيرات التي طرأت على الساحة السورية، من خروج النظام إلى صعود قيادات جديدة مثل الجولاني، تعكس سيناريوهين محتملين: الأول، صعود استبداد جديد يقود إلى انقسام وفوضى مسلحة. والثاني، الوقوع في قبضة وصاية خارجية تؤدي إلى حرب أهلية طويلة الأمد.

وختمت الباحثة حديثها بالتأكيد على أنّ "ما نأمله لسوريا هو تعزيز التوافق الوطني الشامل بين كل أطياف الشعب، بعيدًا عن ثقافة الثأر، وتحكيم العقل والحنكة السياسية".

 ودعت إلى الاقتداء بتجارب عربية استطاعت التكيف مع آثار ما وصفته بـ"خريفنا العربي"، الذي يبدو أنّه لا زال يلقي بظلاله على المنطقة.


إثارة النزعات الدينية والطائفية والعرقية


من جهته، قال الكاتب والإعلامي الجزائري محمد ياسين رحمة إنّ قوى الشر العالمية ماضية في تنفيذ مخطّطاتها إلى النهاية، وهي تستثمر في كل شيءٍ يُسهم في تدمير الإنسان والأوطان على الجغرافية العربيّة.

وأكد أنها تبدأ بالاستثمار في إثارة النزعات الدينية والطائفية والعرقية، وانتهاءً بتدمير الثروات الطبيعية والموارد البشرية وإبادة التراث المادي واللامادي.

وقال رحمة إن هذه القوى تسعى إلى تدمير كل المقوّمات التي يُمكن الارتكاز عليها لتكوين دولة بمفهومها الحقيقي: علماء، قضاة، كُتّاب، نُخب علمية فاعلة.

وأكد رحمة ان ما يُمكن توقّعه في العام الجديد هو توسّع دائرة الحرب بمختلف أنواعها وأشكالها لتحقيق أهداف قريبة وهي نشر الفوضى والخراب واستنزاف الثروات الطبيعية والبشرية، وأهداف بعيدة هي تحويل بعض البلدان العربية إلى أوطان بلا هويّة وتراث ومرجعية تاريخية وعلمية.

وأشار رحمة إلى أن من أبرز التطورات المتوقعة في العام الجديد، زيادة تشويه الإسلام بأيدي المسلمين أنفسهم، وذلك لعزل المسلمين عن دينهم "الصحيح" باعتباره القوة العظمى التي يُمكنهم المراهنة عليها في تحقيق أيّ انتصار ضد قوى الشرّ العالمية، وأيضًا لتبرير كل الجرائم والفظائع التي تُرتكب وستُرتكب في البلدان العربية الإسلامية.


الاستعمار المعاصر سيكشف عن وجهه بكل سُفور


واضاف الكاتب الجزائري: "إن الاستعمار المعاصر سيكشف عن وجهه بكل سُفور ويعلن عن نفسه بكل وضوح، ولن يكون أمام الشعوب العربية سوى التوغّل أكثر في لعبِ دور الضحيّة والتلذّذ بهذا الدور".

وأوضح رحمة أن التفجيرات التي تستهدف المقامات، على سبيل المثال، ليست إلاّ مقدمات لتفكيك المجتمعات العربية. 

وقال: يجب الاعتراف بأننا لسنا متدينين بالقدر الذي يدفعنا إلى التدمير الذاتي، لأسباب بعيدة عن جوهر الدين.

وأضاف: "إنّ الدين الذي لا يُكرم الحياة ولا ينتصر لكرامة الإنسان هو مدخل إلى جحيم على الأرض، وليس أقل من ذلك ولا أكثر."

وشدد الكاتب الجزائري في ختام حديثه لـ "القدس" على أنه إذا لم يتحرر العرب من لعب دور الضحية، ونبذ التفكير السطحي والنظرة قصيرة المدى، فإن المستقبل سيشهد انسلاخهم عن هويتهم، وجذورهم، وأصالتهم، ودخولهم في مرحلة الإنسان "المبرمج"، الذي لا يملك من أمره شيئًا، وتصبح أقصى أمانيه البقاء على قيد الحياة.

دلالات

شارك برأيك

بعد تفجير المقامات في سوريا...الثارات وتصفية الحسابات قد تودي بالإنجازات

فيلادلفيا - الولايات المتّحدة 🇺🇸

احمد قبل حوالي 9 ساعة

خلّص شهر العسل

نابلس - فلسطين 🇵🇸

فلسطيني قبل حوالي 14 ساعة

اللهم احم سوريا من اعدائها وكف شر الظالمين عنها واحفظها برعايتك يا رب العالمين واحفظ غزة لأن اعداءهما متكالبين عليهما لأنهما على الحق ورد كيد الكاىدين في نحورهم

المزيد في فلسطين

أسعار العملات

السّبت 28 ديسمبر 2024 10:22 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.68

شراء 3.66

دينار / شيكل

بيع 5.19

شراء 5.18

يورو / شيكل

بيع 3.84

شراء 3.83

هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟

%57

%43

(مجموع المصوتين 311)