Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo

فلسطين

الأربعاء 11 ديسمبر 2024 8:24 صباحًا - بتوقيت القدس

الفريق الرجوب لـ"القدس": عودة الروح للانتفاضة الشعبية تُحرج العدو وتُضعف حجّته

رام الله - خاص بـ"القدس" والقدس دوت كوم- مهند ياسين

-حين صاغ الحجرُ وحدة الفلسطينيين ورسمَ معالم الهوية الوطنية

- الاستلهام من انتفاضة 1987 يعني إعادة طرح المقاومة الشعبية واستثمار وسائل العصر لكسب التعاطف الدولي

- انفجار 1987 كان شاملاً: اجتماعياً وجغرافياً وسياسياً وأُدير بمنظومة قيادية موحدة ولجان شعبية 

- العناصر الفكرية والتنظيمية التي صقلتها السجون لا تزال قادرة على إلهام الأجيال الراهنة لتجاوز خلافاتها

- التفاعل بين قيادة الخارج وكوادر الداخل أتاح للقيادة اتخاذ قرارات دقيقة وتوفير حاضنة عربية ودولية

 -العنصر الثابت في مسيرتنا النضالية حتى الآن هو الحركة الأسيرة التي شكّلت حالة خارقة لكل القطاعات

- الصحافة المحلية والعربية والعالمية انخرطت في نقل الصورة وأصبح الحجر رمزاً عالمياً للمقاومة

- روح الانتفاضة ليست حكراً على السياسة بل يمكن تحويلها إلى طاقة بناء وابتكار بالمجتمع المدني والشبابي

- علينا تعزيز شراكة سياسية حقيقية عبر انتخابات ديمقراطية تفرز قيادة جامعة تحظى بثقة الشارع

- ما نحتاجه برنامج نضالي تشاركي وديمقراطي يتبنّى مشروع الوطنية المستقلة ويرفض الذوبان في أي سيناريو آخر

 

قال أمين سر اللجنة المركزية لحركة فتح الفريق جبريل الرجوب إنّ انتفاضة الحجارة عام 1987 شكّلت لحظة مفصلية في تاريخ النضال الوطني الفلسطيني، إذ جاءت نتيجة تراكم للوعي والتنظيم والعمل الشعبي الشامل داخل الأرض المحتلة، مدعومة بتجربة الأسرى المحررين الذين حملوا معهم خبرات تنظيمية وفكرية من داخل السجون، مشيراً إلى أن الفلسطينيين نجحوا آنذاك في تحييد جبروت الاحتلال عبر حراك شعبي وأدوات بسيطة، ما أكسبهم تعاطفاً دولياً وأعطى القيادة القدرة على ضبط الإيقاع النضالي وتوحيد الجبهة الداخلية.


وأضاف الرجوب في حديث خاص بـ"ے" أنّ هذه الخبرات تبقى صالحة اليوم لاستنهاض الروح الكفاحية، شرط تجاوز الانقسام واعتماد برنامج وطني مُوحّد، واستثمار الإمكانات الراهنة، بما في ذلك الأدوات الرقمية، لتعزيز المكانة الدولية للقضية الفلسطينية.

 

الانتفاضة.. وحدة ضد القمع

 

س: بعد مرور 37 عاماً على اندلاع انتفاضة الحجارة، كيف تقيّمون الأجواء التي أشعلت شرارة تلك الانتفاضة؟ وما الذي ميّزها عن السياق السياسي والاجتماعي الذي نعايشه اليوم في ظل تعقّد المشهد الفلسطيني؟


ج: للعودة إلى تلك الحقبة، يجب أن نتذكر سياقاً سياسياً وأمنياً بالغ الحساسية. في عام 1985 أعلن إسحاق شامير، رئيس الوزراء الإسرائيلي السابع، سياسة "القبضة الحديدية" بهدف تشديد الإجراءات القمعية ضد النشاط الوطني الفلسطيني في الأرض المحتلة. بعد حرب عام 1982 والخروج من بيروت، اتجهت القيادة الفلسطينية، وعلى رأسها ياسر عرفات (أبو عمار)، إلى اعتبار الداخل الفلسطيني ساحة المواجهة المركزية.


في تلك الفترة، شُكّلت أطر قيادية ولجان تنظيمية وقطاعية وجغرافية داخل الأرض المحتلة لإدارة العمل النضالي الشعبي الشامل. هذا التنظيم لم يكن وليد لحظته، بل جاء نتيجة تراكم وعي وطني ونضالي مدروس. بحلول عام 1987، اشتد التناقض بين سياسات الاحتلال -الذي قاده آنذاك حزبا الليكود والعمل، في ائتلافات متعاقبة- وبين حراك فلسطيني يكتسب زخماً من الحركات الطلابية والشبابية والنسوية المتأطرة والفاعلة.


تزامن ذلك مع أحداث ميدانية مفصلية، مثل ما وقع في جباليا وبلاطة وجامعة بيت لحم، حيث سقط شهداء، ومع موقف عربي متحوّل في قمة عمّان (نوفمبر 1987) قبل شهر فقط من الانتفاضة. وقد وصلتنا -نحن المنخرطين في العمل التنظيمي- نسخة من بيان وزراء الخارجية العرب، الذي كشف عن تحوّل قد يسحب البساط من منظمة التحرير الفلسطينية. هذه المعطيات شكّلت حافزاً إضافياً للانفجار الشعبي، فاندلعت الانتفاضة كردّ استراتيجي على السياسات الإسرائيلية والشلل العربي التي لم تكن تلبي الحد الأدنى من الحقوق الفلسطينية.


ما ميّز تلك المرحلة عن واقعنا اليوم هو أن الفلسطينيين آنذاك امتلكوا وحدة موقف وتمكّنوا من تأطير الشارع بسلاسة. في ذلك الزمن، كان الاحتلال عمره 20 عاماً، وقد تراكم الغضب الشعبي، وتعاظمت كراهية القمع والاعتقالات، وشهدنا حراكاً نسوياً وشبابياً وطلابياً منضبطاً، مع وجود شخصيات قيادية بارزة كالشهيد فيصل الحسيني. الانفجار عام 1987 كان شاملاً: اجتماعياً وجغرافياً وسياسياً، وتمت إدارته بمنظومة قيادية موحدة، ولجان شعبية ممتدة من رفح حتى جنين.


اليوم، تعقّد المشهد بفعل الانقسام الداخلي، وتغيّر الظروف الإقليمية والدولية. رغم ذلك، يبقى ذلك النموذج الذي أفرزته الانتفاضة الأولى مثالاً ملائماً على إمكانية خلق وحدة وطنية صلبة عند توفر الإرادة والبرنامج الواضح.

 

أكاديميات السجون تنير النضال

 

س: انطلاقاً من تجربتكم النضالية وتاريخكم في العمل التنظيمي، كيف ترون الدور المحوري الذي لعبه الأسرى المحررون والمناضلون في صياغة الخطط الميدانية للانتفاضة الأولى؟ وهل ما زالت هذه الخبرات قابلة للاستخدام اليوم؟


ج: الحركة الوطنية الأسيرة كانت -وما زالت- إحدى أهم ركائز النضال الفلسطيني. منذ عام 1967، تحوّلت السجون الإسرائيلية إلى أكاديميات ثورية. هناك، على يد رموز متعددة، برزت أجيال من القيادات الواعية، مثل أحمد إبراهيم مصطفى أبو سرور، وأبو علي شاهين، وغيرهم. هذه "المدارس" خلف القضبان أسهمت في تثقيف المعتقلين فكرياً وتنظيمياً. خرجوا من السجون محمّلين بخبرات تراكمية في إدارة الصراع ومواجهة أساليب الاحتلال.


كانت السجون مصدراً لتوفير الكوادر البشرية المؤهلة لتنظيم المجتمع وقيادة الفعل الميداني، كما عزّزت فكرة العمل الوحدوي إذ تعايشت قيادات من مختلف الفصائل في فضاء مغلق، ما وطّد الثقة والعمل المشترك. هذه الخبرة تبقى صالحة اليوم، فالعناصر الفكرية والتنظيمية التي صقلتها السجون لا تزال قادرة على إلهام الأجيال الراهنة لتجاوز خلافاتها والاستناد إلى قاعدة فكرية صلبة.

 

التخطيط الشعبي يقلب الموازين

 

س: خلال الانتفاضة الأولى، نجح الفلسطينيون في تحييد جبروت السلاح الإسرائيلي بالحراك الشعبي والأدوات البسيطة. كيف يمكن للأجيال الحالية استلهام هذا النهج في ظل تزايد القمع وتنوّع أساليبه؟


ج: الانتفاضة الأولى تميزت بالتنظيم المحكم، وجدولة النشاطات اليومية، وتأطير كل شرائح المجتمع. كانت هناك برامج واضحة لعشرة أيام، لعشرين يوماً، وحتى لشهر كامل، يعرف خلالها كل مواطن دوره. هذا التخطيط ساعد على استمرارية الحراك الشعبي، وخلق توازناً مع قوة الاحتلال المسلحة.


اليوم، وفي ظل تنوّع أساليب القمع، لا يزال النهج نفسه ممكناً إذا اتفقت الفصائل على برنامج وطني شامل وبرامج واضحة. نحتاج إلى مؤسسات مجتمع مدني، وحركة طلابية، وحركة نسوية، وحركة شبابية فعّالة.

 وعندما يعود التنسيق الفصائلي ويُتاح للشعب مسار عمل واضح، يمكننا إعادة إنتاج نموذج المقاومة الشعبية الشاملة، والذي انتزع تأييداً دولياً وأحرج الاحتلال أمام الرأي العام العالمي.

 

 

جسور الثقة.. قيادة موحّدة

 

س: كنتم من المقرّبين للرئيس الراحل ياسر عرفات (أبو عمار)، الذي أوكل إليكم مهامَّ أمنية وسياسية مهمة. كيف أسهمت هذه الثقة في توحيد الجبهة الداخلية وتعزيز الصمود خلال الانتفاضة الأولى؟ وهل يمكن استعادة روح القيادة الموحّدة آنذاك؟


ج: في 13 كانون الثاني/ يناير 1988، أبعدتُ مع بشير الخيري (من قيادات الجبهة الشعبية)، وحسام خضر، وجمال جبارة إلى خارج الوطن. فور إبعادي، التحقت بمكتب الأخ أبو عمار وعُيّنت مساعداً له لشؤون الأرض المحتلة، وعضواً في المجلس العسكري الأعلى للثورة الفلسطينية. هذا الاحتكاك المباشر مع الأخ ياسر عرفات، ومع شخصيات قيادية مثل الإخوة أبو جهاد وأبو إياد، مكننا من بناء جسر تواصل بين الداخل والخارج.


 استطعنا نقل الحقائق والتفاصيل عن الأرض المحتلة، ما ساعد على ضبط الإيقاع النضالي والسياسي.


هذا التفاعل بين القيادة في الخارج والكوادر في الداخل أتاح للأخ أبو عمار والقيادة التاريخية اتخاذ قرارات دقيقة، وتوفير حاضنة عربية ودولية، وتمويل وإسناد. النتيجة كانت ضبط سليم للحراك، وضمان وحدة المفهوم والأهداف. اليوم، لاستعادة تلك الروح، نحتاج إلى قيادة موحّدة وبرنامج واضح، وإنهاء الانقسام الذي يُضعف الفعل الجماعي.

 

قيادة موحّدة.. مقاومة فاعلة

 

س: لعبتم دوراً بارزاً في إعادة بناء تنظيم فتح داخل الأرض المحتلة، وترسيخ أولوية العمل التنظيمي خلال الانتفاضة. ما أبرز الدروس التي يمكن استخلاصها من تلك الحقبة، وكيف يمكن توظيفها اليوم لمواجهة التحديات الراهنة؟


ج: العمل التنظيمي كان عنصراً حاسماً. بعد استشهاد الأخ أبو جهاد، اقتنع الأخ أبو عمار بتشكيل قيادة موحّدة. شكّلنا اللجنة الحركية العليا للضفة، وضمت أسماء عديدة، مثل: الإخوة فيصل الحسيني، وسري نسيبة، وحسين الشيخ، وجمال الشوبكي، ومحمد الحوراني، وموسى أبو صبحة، وعلي دخل الله، وبلال النتشة، وأحمد غنيم، والمرحومة ربيحة ذياب، وأبو مخلص البرغوثي، وعصام أبو بكر، وسامح كنعان، وزياد هب الريح، وقدورة موسى، والدكتور ثابت أحمد هزاع، وأبو علي شريم. هذه المجموعة قادت العمل الميداني بفاعلية عالية. وفي غزة كانت لجنة مماثلة.


أقررنا برامج عملياتية على الأرض، ومن ثمّ حصلنا على دعم خارجي وإسناد عربي ودولي. كل هذه العوامل مكّنتنا من محاصرة الاحتلال. اليوم، يمكننا استلهام الدرس: توحيد الجهد، تكوين قيادة سياسية وتنظيمية متجانسة، إطلاق مقاومة شعبية شاملة، واستثمار الحاضنة الدولية. هذه الوصفة ما زالت صالحة.

 

وحدة البرنامج تعيد الثقة

 

س: شهدت الانتفاضة الأولى مشاركة كل فئات المجتمع. كيف نعيد بعث هذا النموذج الجامع في ظل تباين الرؤى وضعف الثقة بين الجمهور والقيادة؟


ج: بالرغم من الانقسام الحالي، لا تزال بذور النضال باقية. في الانتفاضة الأولى، كان لدى الناس برنامج واضح يعرف كل فرد دوره فيه. اليوم نحتاج من الفصائل مصارحة الذات والتوافق على برنامج يلبي تطلعات الناس، ويحدد أدوارهم. حينذاك، شاركت الحركة الإسلامية ببرنامجها النضالي الخاص من دون إضعاف البوصلة الوطنية، فبقيت المواجهة موجهة نحو الاحتلال.


لإعادة بعث هذا النموذج، يجب أن تتفق القوى على أرضية مشتركة، والتركيز على ما يجمع لا ما يفرّق. عندها، سيلتف الجمهور، وستستعيد القيادة ثقة الشارع.

 

الأسرى.. أكاديميات ثورية خالدة

 

س: كنتم أحد كوادر فتح الرئيسيين في السجون، حيث صارت المعتقلات مدارس تنظيمية. كيف أثّر ذلك في صقل الوعي الوطني وبناء جيل من المناضلين قادوا الانتفاضة الأولى، وكيف يمكن لهذه الخبرة أن تحفّز إعادة بناء مشروع وطني موحّد؟


ج: قلتُ إنّ العنصر الثابت في مسيرتنا النضالية، وحتى يومنا هذا، هو الحركة الأسيرة، التي شكّلت حالة خارقة لكل القطاعات، بما فيها الاجتماعية والعمرية. خلال حقبة الاعتقال، وصولاً إلى اندلاع الانتفاضة، بلغ عدد حالات الاعتقال نحو مليون، وهو رقم هائل يجعلنا مدينين للجيل الأول الذي دخل السجون في الأعوام 1967 و1968. أذكر بعض الأسماء: من حركة فتح، برز قائدان ملهمان لعملية التأطير والتنظيم، هما الأخ أبو علي شاهين والأخ أحمد إبراهيم مصطفى أبو سرور. كذلك، ساهمت مجموعة من الجبهة الشعبية وقوات التحرير الشعبية وغيرها من الفصائل الأساسية التي كانت موجودة في السنوات الأولى للاحتلال. غير أنّ حركة فتح وقيادتها كانت، في تقديري، أول من بادر إلى بناء الأطر التنظيمية ووضع برامج تعبئة وتوجيه وتشكيل وعي للأسير في مواجهة سياسة إدارة السجون.


لم يكن الهدف مجرد البقاء، بل توفير كل أسباب القوة والصمود والإصرار والقدرة على مواجهة ظروف الأسر، التي هدفت إلى الإيقاع النفسي والجسدي بالأسير وتحويله إلى عبء. لكنّ هذا الأسير بقي شمعة تضيء داخل السجون وخارجها.


بالتأكيد، تشكّل وعيي في المعتقلات، وعشت التجربة وأعتز بها، كما كتبتُ كتباً عن الأسر ووثّقت بعض المحطات النضالية. كان النضال عنصراً ثابتاً بكل أشكاله، بدءاً بالإضراب عن الطعام، فالإضرابات كانت لها أشكال عدة، وأحياناً كنا نضطر للقيام بردّات فعل على عنف السجّانين، في محاولة لتحسين شروط حياتنا وتكريس حالة تنظيمية ووطنية، قائمة على برامج يومية وعلى مدار العام، لخلق بيئة صمود وقدرة على التحمل. هذا كان الهدف الأساس.

 

شعبنا كله مدين للرعيل الأول من الأسرى

 

ومن هنا، أعتقد أنّ شعبنا كله مدين لهذا الرعيل الذي اعتُقل في عامي 1967 و1968، الذي بنى مدارس نضالية فيما بعد. بدلاً من أن تكون المعتقلات مقابر للإرادة، حوّلها الأسرى إلى أكاديميات غذّت، وعلى مدار سنوات الاحتلال، كل الجامعات والنقابات والمؤسسات في الجغرافيا الفلسطينية. أعتقد أنّ الأسير، بالنسبة لنا، ما زال الأقدس بعد الشهيد، ولكن في ذلك الوقت كان الأسير مصدراً للقوة والإشعاع والمرجعية والتفجير والقِيادة.


قضيتُ 17 سنة في السجون الإسرائيلية، وأعتز بهذه التجربة وأستوعبها تماماً. عندما غادرت، كنت ضمن الإطار الأول لحركة فتح، وأهم ما أعتقد أنّي قمت به هو توثيق أهم تجربتين في ذلك الوقت. الأولى هي تجربة سجني في سجن نفحة، وقد كتبتُ كتاباً عنها بشكل موضوعي 100% لتجربة الأسرى. بعد ذلك، حصل إضراب في السجن شارك فيه المئات. الإضراب الأول شارك فيه 67 أسيراً واستشهد ثلاثة منهم، أما الإضراب الثاني فشارك فيه نحو 700 أسير مع إسناد من كل السجون. وقد وثّقتُ هذا الإضراب أيضاً في كتاب يحمل اسم "زنزانة 704"، الذي كنت أعيش فيها في سجن الجنيد.


في ذلك الوقت، كانت هناك لجنة نضالية من خمس شخصيات: ثلاثة من حركة فتح، كنتُ أنا أحدهم، والإخوة المرحوم قدري أبو بكر، وسامح كنعان من فتح أيضاً، والشهيد فايز عاقلة من الجبهة الديمقراطية، وعدنان منصور من الجبهة الشعبية. هذه هي "اللجنة الخماسية" التي كنتُ رئيساً لها، وقد وضعنا برنامج تواصل مع كل مؤسساتنا في الأرض المحتلة وفي السجون. بعد 12 يوماً من الإضراب -ولأول مرة في تاريخ السجون- حصلت مفاوضات مع وزير الداخلية الإسرائيلي حينها، حاييم بارليف، والتقى بنا خلال اضرابنا عن الطعام. كانت هذه سابقة في تاريخ المعتقلات. جاءت نتائج الإضراب إيجابية، فأصبحنا نمتلك "الترانزستور" والتلفزيون، بالإضافة إلى الكثير من التحسينات التي طرأت على شروطنا المادية في ذلك الوقت. وقع هذا الإضراب في شهر سبتمبر/ أيلول عام 1984.

 

من الحجر إلى الإنترنت


س: لم تكن الانتفاضة مجرد حدث ميداني، بل أعادت القضية الفلسطينية إلى صدارة الاهتمام الدولي. ما الأدوات التي استخدمها الفلسطينيون آنذاك لنقل صوتهم للعالم؟ وكيف نستغل الأدوات الرقمية اليوم؟


ج: في الثمانينيات، اعتمدنا على الصمود الشعبي والإعلام البدائي والرسائل الإنسانية، إذ رأى العالم شعباً أعزل في مواجهة قوة عسكرية عاتية. أدى ذلك إلى تعاطف دولي واسع. انخرطت الصحافة المحلية والعربية والعالمية في نقل الصورة، وأصبح "الحجر" رمزاً عالمياً للمقاومة. عبر قنوات منظمة التحرير، استطاعت القيادة نقل معاناة شعبنا إلى المحافل الدولية.


اليوم، لدينا وسائل أقوى: الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، والبث المباشر والمواد المرئية. هذه الأدوات قادرة على فضح جرائم الاحتلال فور وقوعها، وحشد التأييد الشعبي العالمي. شرط ذلك وجود رواية فلسطينية موحّدة وخطة إعلامية مدروسة. إذا نجحنا في توظيف الأدوات الرقمية بذكاء، يمكننا إحياء زخم الانتفاضة على المستوى الدولي من جديد.

 

 

قيم الانتفاضة في الملعب

 

س: انتقلتم من السياسة والأمن إلى الرياضة والشباب. كيف يمكن لقيم الصمود والإرادة من زمن الانتفاضة الأولى أن تعزز الثقافة الرياضية والعمل الجماعي اليوم؟


ج: بالنسبة لي، الموقع ليس طموحاً شخصياً بل فرصة لخدمة القضية. اكتشفت في الرياضة منصة عالمية لإظهار صورة شعبنا وصموده. وحين ترأست الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم، إضافة إلى رئاستي للمجلس الأعلى للشباب والرياضة، واللجنة الأولمبية الفلسطينية، وجمعية الكشافة والمرشدات الفلسطينية، حرصت على توحيد هذا القطاع. بهذا حققنا إنجازاً يوحي بأن قيم الانتفاضة -كالإصرار والوحدة والعمل الجماعي- يمكن إسقاطها على قطاع الرياضة والشباب.


هذه القيم لا تقتصر على مواجهة الاحتلال، بل يمكنها أيضاً صقل هوية وطنية حاضرة في كل مجالات الحياة، بما فيها الثقافية والرياضية. إن روح الانتفاضة ليست حكراً على الفعل السياسي، بل يمكن تحويلها إلى طاقة بناء وابتكار في المجتمع المدني والشبابي.

 

بوحدة الصف ننتصر

 

س: أخيراً، ما الرسالة الأهم من تجربة الانتفاضة الأولى للجيل الجديد؟ وكيف يمكن لهذه الرسالة استنهاض الهمم لمواجهة الاحتلال وتحقيق الحرية؟


ج: الرسالة المركزية هي ضرورة استعادة الوحدة الوطنية وإنهاء الانقسام. في الانتفاضة الأولى، جسّدت منظمة التحرير الفلسطينية بزعامة الأخ أبو عمار، ومع شخصيات مثل الأخ أبو جهاد وأبو إياد وغيرهم، قمة التماسك والاتساق مع الإرادة الشعبية. ما نحتاجه اليوم هو برنامج نضالي تشاركي وديمقراطي، يتبنّى مشروع الوطنية الفلسطينية المستقلة ويرفض الذوبان في أي سيناريو آخر.


علينا تعزيز شراكة سياسية حقيقية عبر انتخابات ديمقراطية، تفرز قيادة جامعة تحظى بثقة الشارع. نريد دولة فلسطينية ذات سيادة وحرية، وسلطة واحدة وقانوناً واحداً وسلاحاً واحداً. كما يجب الحفاظ على الحضور البشري الفلسطيني على هذه الأرض، فوجود 7 ملايين فلسطيني في فلسطين التاريخية يشكل عاملاً حاسماً لمستقبل الصراع.


إن الاستلهام من الانتفاضة الأولى يعني إعادة طرح المقاومة الشعبية الشاملة، واستثمار وسائل العصر الحديثة في كسب التعاطف الدولي، والتأكيد أن قضيتنا عادلة وأننا شعب حي يقاوم العنصرية والفاشية. إذا فهم الجيل الجديد ذلك، سيكون قادراً على استعادة المبادرة، وصياغة المستقبل بما يحقق الحرية والاستقلال ويصون الكرامة.

دلالات

شارك برأيك

الفريق الرجوب لـ"القدس": عودة الروح للانتفاضة الشعبية تُحرج العدو وتُضعف حجّته

تل ابيب - فلسطين المحتلة 🇮🇱

يييييع قبل حوالي 12 ساعة

كوم الخرى جبريل الاجرب بس بفصص

نابلس - فلسطين 🇵🇸

lahv قبل حوالي 15 ساعة

وين اولادك بدنا نشوف اولاد واولاد كل الزعماء والرؤساء واعضاء منظمة التحرير كونكم المستفديدون من المشروع الوطني في اول الصفوف من باب تحليل اللقمة

المزيد في فلسطين

أسعار العملات

الأربعاء 11 ديسمبر 2024 9:42 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.59

شراء 3.58

دينار / شيكل

بيع 5.06

شراء 5.05

يورو / شيكل

بيع 3.79

شراء 3.78

هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟

%55

%45

(مجموع المصوتين 212)