فلسطين
الثّلاثاء 10 ديسمبر 2024 8:22 صباحًا - بتوقيت القدس
إلغاء نتنياهو اتفاقية الهدنة.. انفتاح الشهية في لحظة ضعف الدولة الوطنية
رام الله - خاص بـ "القدس" والقدس دوت كوم-
د. عمر رحال: نتنياهو يستبق الأحداث لتعزيز أوراق إسرائيل التفاوضية المستقبلية مع سوريا لضمان كامل السيطرة على الجولان
أكرم عطا الله: إلغاء إسرائيل اتفاقية الهدنة مع سوريا يشير إلى تحول خطير نحو الاستعداد لشن عمليات عسكرية في العمق السوري
خليل شاهين: سيطرة إسرائيل على المنطقة العازلة تتجاوز البُعد الأمني إلى فرض حقائق على الأرض قد تتحول لاحقاً لترتيبات دائمة
اللواء واصف عريقات: وسّعت إسرائيل سيطرتها الجغرافية والعسكرية على المناطق الحيوية والاستراتيجية وتدخل في مرحلة جديدة من التصعيد
د. أشرف بدر: إسرائيل استخلصت دروساً من هجوم 7 أكتوبر وتتجه إلى إنشاء مناطق عازلة على الحدود وتشكيل واقع أمني جديد
د. تمارا حداد: غياب الجيش السوري عن المناطق الحدودية سمح لإسرائيل بملء الفراغ الأمني مستغلة اتفاقية الهدنة التي لم تتحول لمعاهدة ملزمة
بالتزامن تسارع الأحداث بعد سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد، جاء إعلان رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي إلغاء اتفاقية الهدنة مع سوريا لعام 1974، في خطوة استراتيجية مهمة تُعزز من سياساتها التوسعية في المنطقة.
ويرى كتاب ومحللون سياسيون وخبراء، في أحاديث منفصلة مع "ے"، أن الخطوة الإسرائيلية تتجاوز البُعد الأمني إلى فرض وقائع جديدة على الأرض، تشير إلى اتجاهات تل أبيب في استغلال الوضع السوري الراهن لتعزيز السيطرة على المناطق الحيوية، مثل الجولان وجبل الشيخ، وهي مناطق كانت تشكل تحديات كبيرة لاسرائيل في السابق.
ويشيرون إلى أن الخطوة الإسرائيلية قد تكون مدخلاً لمرحلة جديدة من التصعيد وإمكانية الذهاب إلى ما أبعد من سوريا، في ظل سياسات إسرائيل التي تهدف إلى إعادة تشكيل الجغرافيا السياسية في الشرق الاوسط، بما يخدم أجندتها ومصالحها.
دلالات استراتيجية عميقة ترتبط بتوجهات إسرائيل التوسعية
يعتقد عمر رحال، مدير مركز "شمس" والكاتب والمحلل السياسي، أن إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلغاء اتفاقية الهدنة مع سوريا يحمل دلالات استراتيجية عميقة ترتبط بتوجهات إسرائيل التوسعية.
ويشير رحال إلى أن هذا الإعلان يعكس رغبة نتنياهو في استباق الأحداث من خلال تعزيز أوراق إسرائيل التفاوضية، ففي حال حدوث مفاوضات مستقبلية مع سوريا، تسعى إسرائيل لضمان كامل السيطرة على الجولان السوري المحتل والتفاوض على مناطق أخرى مثل السفوح الشمالية لجبل الشيخ والقنيطرة.
ويوضح د. رحال أن هذا النهج يتماشى مع سياسة التوسع الإسرائيلية، بالرغم من تعارضه الصريح مع القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، مشيراً إلى تصريحات مسؤولين إسرائيليين، مثل بتسلئيل سموتريتش، التي تشير إلى رؤية مستقبلية تجعل دمشق مشابهةً للقدس في السيطرة الإسرائيلية، وهي تعكس طموحات اسرائيل في توسيع سيطرتها، بدعمٍ أمريكيٍّ واضح، خصوصاً في ظل الإدارة المرتقبة للرئيس المنتخب دونالد ترمب.
ويلفت رحال إلى أن سوريا، التي تشهد حالياً أزمة داخلية دامية وعجزاً عربياً عن التدخل، تُعد ساحةً يسعى نتنياهو لاستغلالها.
"مقايضة سياسية" بين الولايات المتحدة وروسيا
ومن الممكن، وفقاً لرحال، أن تكون هناك مساومة مستقبلية مع سوريا، تتضمن رفع العقوبات مقابل دخولها في إطار النفوذ الأمريكي على طريق بوابة تطبيع العلاقات مع إسرائيل.
وفيما يتعلق بالتطورات الدولية، يعتبر رحال أن سقوط نظام بشار الأسد جاء نتيجة "مقايضة سياسية" بين الولايات المتحدة وروسيا.
ويستبعد رحال حدوث صراعات عسكرية مباشرة بين القوى الكبرى على الأراضي السورية، متوقعاً أن تشهد المنطقة المزيد من الصفقات السياسية والمقايضات بين الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا.
الانتقال إلى ما يشبه حرباً عسكرية مفتوحة
يعتبر الكاتب والمحلل السياسي أكرم عطا الله أن إعلان إسرائيل إلغاء اتفاقية الهدنة مع سوريا يشير إلى تحول خطير بسياساتها في المنطقة، ما يمنحها غطاءً لشن عمليات عسكرية داخل الأراضي السورية وتغيير الوضع القائم منذ سنوات.
ويؤكد عطا الله أن الخطوة الإسرائيلية، التي بدأت بدخول قواتالاحتلال إلى المنطقة منزوعة السلاح في سوريا، تعكس انتقالاً من مرحلة الهدوء النسبي إلى ما يشبه حرباً عسكرية مفتوحة، وتشمل هذه المنطقة الحيوية مواقع تشرف مباشرة على هضبة الجولان المحتلة.
بحسب عطا الله، فإن العالم ينظر إلى هذه التطورات بحذر شديد، خاصة في ظل التوترات الإقليمية المتصاعدة، لكن بالنسبة لإسرائيل، فإن المستجدات الحالية تحقق لها عدداً من المكاسب الاستراتيجية، فهي ترى في هذه التطورات فرصة لإضعاف المحور الإيراني الذي تعتبره تهديداً رئيسياً، كما أن هذه الأحداث اسهمت بالتخلص من نظام الاسد، الذي كان يشكل ممرّاً لوصول الأسلحة ودعم حزب الله اللبناني، وهو أحد أبرز أعداء إسرائيل في المنطقة.
ويشير عطا الله إلى أن إضعاف إيران ونظام الأسد يمثلان مكاسب مباشرة لإسرائيل، حيث تؤدي هذه المستجدات إلى تفكيك محور المقاومة، وهو التحالف الذي يضم إيران وسوريا وحزب الله وعدداً من الجماعات المناهضة لإسرائيل، ومع ذلك، لا تخفي إسرائيل مخاوفها من سيطرة قوى إسلامية سنية متطرفة على السلطة في سوريا، حيث تُبدي حذراً شديداً في مراقبة هذا السيناريو المحتمل.
ويلفت عطا الله إلى أن الصحافة الإسرائيلية لم تخفِ ارتياحها لفكرة سقوط نظام الأسد، إذ ترى أن انهيار هذا النظام قد يُضعف جبهة المقاومة بشكل كبير.
ويؤكد عطا الله أن تأثير هذه التغيرات على المشهد الإقليمي سيظل محدوداً، خاصة أن الدول العربية، التي تدخلت في بداية الأزمة السورية وأنفقت موارد هائلة، تراجعت عن اهتمامها بسوريا مع مرور الوقت.
ويشير عطا الله إلى أن الصراع الإقليمي بين بعض الدول الخليجية وإيران قد يشهد تحولاً، حيث تُعد خسائر إيران مكاسب لبعض الدول العربية التي تناصبها العداء.
تنسيق شبه علني بين القوى الكبرى
أما على صعيد القوى الكبرى، فيوضح عطا الله أن سوريا شهدت في السابق صراعاً بين إسرائيل وإيران من جهة، وروسيا والولايات المتحدة من جهة أُخرى، باعتبارها ساحة لتصفية الحسابات، ومع ذلك يعتقد عطا الله أن المرحلة المقبلة لن تشهد صراعات كبرى على الساحة السورية، إذ أدت التوترات الأخيرة، خاصة في أوكرانيا، إلى إعادة ترتيب الأولويات الدولية، ما خفّف من حدة المواجهات الكبرى في سوريا.
ويشير عطا الله إلى أن تركيا، التي كانت داعماً رئيسياً لجماعات المعارضة المسلحة، حققت مكاسب من الوضع الراهن، حيث باتت تنسق بشكل واضح مع مختلف الأطراف، بما في ذلك روسيا والولايات المتحدة، وحتى ربما مع إسرائيل.
ويرى عطا الله أن المنطقة انتقلت من مرحلة الصراع المعلن بين القوى الكبرى إلى مرحلة التنسيق شبه العلني، حيث تعمل هذه القوى على ضبط التوترات بما يحقق مصالحها الاستراتيجية.
إلا أن إسرائيل، وفقاً لعطا الله، لا تزال تسعى لاستغلال الوضع الراهن لإضعاف خصومها الإقليميين، مع مراقبة دقيقة لتحركات القوى التي قد تُشكل تهديداً جديداً على أمنها.
إسرائيل تُمهد لتوسيع نطاق نفوذها الإقليمي
يؤكد الكاتب والمحلل السياسي خليل شاهين أن إسرائيل تعتبر السيطرة على المنطقة العازلة التي تبلغ مساحتها 235 كيلومتراً مربعاً، تعد خطوة تمثل تحولاً استراتيجياً خطيراً، بعدما ألغت إسرائيل اتفاقية فض الاشتباك لعام 1974 مع سوريا واستغلت انسحاب الجيش السوري إثر سقوط نظام الأسد لتوسيع سيطرتها، واعتبرت ذلك بمثابة إنجاز استراتيجي مجاني، خاصة بعد سيطرتها على مناطق بجبل الشيخ السوري، وهي المناطق التي استعصت عليها في حرب عام 1973.
ويشير شاهين إلى أن إسرائيل بسيطرتها على تلك المنطقة العازلة تتجاوز البعد الأمني، حيث تسعى إلى فرض حقائق جديدة على الأرض قد تتحول لاحقاً إلى ترتيبات دائمة، تمهد لتوسيع نطاق نفوذها الإقليمي، مستغلة الوضع السوري الراهن وغياب ردود فعل إقليمية ودولية حاسمة.
هذه الخطوة، كما يرى شاهين، تعكس استراتيجية إسرائيلية طويلة الأمد تسعى إلى توسيع حدودها الجغرافية والسياسية، حتى أنها تطمح للوصول إلى مشارف العاصمة السورية دمشق، وتعتقد القيادة الإسرائيلية أن إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب قد تدعم توجهاتها التوسعية، سواء عبر شرعنة ضم أجزاء من الضفة الغربية أو توسيع سيطرتها في الأراضي السورية.
ويُرجح شاهين أن إسرائيل تستهدف من تحركاتها فرض ترتيبات جديدة على سوريا ما بعد نظام بشار الأسد، فبعد إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن اتفاقية فض الاشتباك لم تعد قائمة، فقد تسعى إسرائيل إلى إعادة التفاوض مع أي حكومة سورية مستقبلية حول اتفاق جديد يضمن مصالحها، هذه الخطوة تهدف إلى تعزيز نفوذ إسرائيل السياسي والعسكري في المنطقة، بما في ذلك التأثير على شكل النظام السياسي السوري المقبل.
وبحسب شاهين، تتعدى آثار التحركات الإسرائيلية حدود سوريا لتطال الدول المجاورة مثل الأردن ولبنان، فمن شأن التوسع الإسرائيلي في المناطق المحاذية للحدود السورية اللبنانية والأردنية أن يخلق حالة من عدم الاستقرار الإقليمي، ويعتبر مثلث الجغرافيا الممتد من الجنوب السوري إلى الحدود اللبنانية منطقة حساسة قد تشكل محور توتراتٍ جديدة، خاصة مع القلق من أن تؤدي التحركات الإسرائيلية إلى تغيير ديمغرافي في الضفة الغربية، بتهجير الفلسطينيين إلى الأردن.
ويعتقد شاهين أنه من وجهة نظر إسرائيلية، ترى تل أبيب أن المرحلة الحالية توفر فرصة سانحة لإعادة تشكيل الجغرافيا السياسية في الشرق الأوسط بما يخدم مصالحها، وهذا يشمل تقسيم سوريا إلى كيانات صغيرة، وهو سيناريو قد يمتد إلى العراق وربما الأردن.
ووفقاً لشاهين، تعتبر إسرائيل النظام الأردني الحالي عقبة أمام تنفيذ مخططاتها المتعلقة بالتهجير القسري للفلسطينيين، لذلك قد تسعى إلى خلق ظروف مشابهة لما حدث في سوريا.
ويوضح شاهين أن إسرائيل باتت تعتمد سياسة فرض الوقائع بدل التفاوض، كما فعلت بإلغاء اتفاقية أوسلو مع السلطة الفلسطينية، فهي ترى في الاتفاقيات السابقة عائقاً أمام تنفيذ سياساتها التوسعية، وتتبنى إسرائيل نهجاً أُحادي الجانب لفرض ترتيبات جديدة تخدم مصالحها العسكرية والسياسية، كما يظهر في سوريا ولبنان، وفي الأراضي الفلسطينية.
استراتيجيات موحدة للوقوف في وجه المخططات الإسرائيلية
وبالرغم من التحركات الإسرائيلية، يؤكد شاهين أن هذه الخطوات ليست قدراً لا مفر منه، إذ يمكن للدول والقوى الإقليمية أن تتبنى سياسات ردع فعالة لمواجهة المخاطر الإسرائيلية.
ويشدد شاهين على ضرورة إدراك الفلسطينيين وأطراف أخرى في المنطقة أبعاد هذه التحركات، والعمل على تشكيل استراتيجيات موحدة بالتنسيق مع الدول المتضررة، مثل الأردن، للوقوف في وجه المخططات الإسرائيلية.
ويرى شاهين أنه في ظل هذه التحولات، تواجه القضية الفلسطينية مخاطر وجودية، خاصة مع التصعيد الإسرائيلي في الضفة الغربية، مؤكداً أن المرحلة المقبلة تتطلب وحدة فلسطينية واستراتيجية شاملة لمواجهة المخاطر الإسرائيلية، وهذا يشمل التنسيق مع دول وازنة في المنطقة مثل الأردن ولبنان، والعمل على التصدي لخطط إسرائيل التوسعية التي تهدف إلى إعادة رسم خريطة الشرق الأوسط.
نقطة إشراف استراتيجي ورقابي على دولٍ عدة
يعتقد الخبير العسكري والأمني اللواء الركن المتقاعد واصف عريقات أن خطوة إسرائيل إلغاء اتفاقية فض الاشتباك لعام 1974 مع سوريا تُدخلها في مرحلة جديدة من التصعيد في المنطقة، متجاوزة مجرد عدم الالتزام ببنود الاتفاقية التي لم تُنفذها إسرائيل بشكل كامل منذ توقيعها.
ويشير عريقات إلى أنه تحت ذريعة "الدفاع عن أمنها"، قامت إسرائيل بتوسيع سيطرتها الجغرافية والعسكرية على المناطق الحيوية والاستراتيجية، خصوصاً جبل الشيخ والجولان المحتل والقنيطرة، وهذه المناطق لا تقتصر أهميتها على كونها أراضي سورية محتلة فحسب، بل تتجاوز ذلك لتُشكل نقطة إشراف استراتيجي ورقابي على أجزاء واسعة من سوريا والعراق ولبنان والأردن وفلسطين.
ويشدد عريقات على أن إسرائيل لم تكتفِ بخطوة إلغاء الاتفاقية، بل صعّدت من عملياتها العسكرية في العمق السوري، فقد نفّذت أكثر من مئة غارة جوية استهدفت مواقع عسكرية وأنظمة دفاع جوي ومستودعات أسلحة وصواريخ ومراكز أمنية واستخبارية، وهذه الهجمات ترافقت مع تدمير بنى تحتية أساسية بحجة منع وقوعها في أيدي "أطراف معادية".
ويشير عريقات إلى تصريحات وزير الجيش الإسرائيلي بأن إسرائيل تعمل على إنشاء "مساحة آمنة" خالية من الأسلحة الاستراتيجية الثقيلة، فيما يؤكد عريقات أنه مصطلح يفتقر إلى وضوح الحدود الجغرافية، ما يثير تساؤلات حول نوايا إسرائيل الحقيقية.
ويلفت اللواء عريقات إلى أن هذا التصعيد يتفق مع تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وتحالفه اليميني المتطرف، وإسرائيل تُدرك أن الفرصة سانحة لتعزيز مواقعها وفرض واقع جديد يُمكنها من لعب دور أساسي في تنفيذ مشاريع دولية مستقبلية في المنطقة، خصوصًا في ظل التغيرات الإقليمية والدولية.
في الجانب السوري، يوضح عريقات أن سوريا تعيش حالة انتقالية معقدة تُحيط بها أسئلة صعبة حول مستقبل البلاد، وأبرز هذه الأسئلة يدور حول هوية الحكم المقبل، وشكل النظام السياسي، ومصير الجيش السوري، ووحدة الأراضي السورية.
ويلفت عريقات إلى أن التحولات الجارية تأتي في ظل تأثيرات قوى إقليمية ودولية، أبرزها الولايات المتحدة وتركيا وإسرائيل، فضلًا عن الانقسامات الداخلية بين الفصائل المتنازعة، والبالغ عددها نحو 37 فصيلًا.
وبحسب عريقات، فإن بعض هذه الفصائل أعلن عدم تشكيله تهديداً لأي جهة، فيما أعربت أُخرى عن استعدادها لإقامة علاقات رسمية مع إسرائيل، بما في ذلك تبادل السفارات، وهذا الانقسام يُبرز التحديات الكبيرة التي تواجه وحدة القرار السوري واستقرار البلاد، خصوصاً مع محاولات إسرائيل استغلال هذه الانقسامات لفرض أجندتها.
ويقول عريقات: "تُعد إسرائيل أحد الأطراف التي تسعى لتقسيم سوريا إلى كيانات طائفية وإثنية متناحرة، مستفيدةً من حالة الفوضى التي تشهدها البلاد".
ويعتقد عريقات أن القيادة الإسرائيلية ترى في الظروف الانتقالية فرصة ذهبية لتحقيق أهدافها التي لم تُنفذ في الماضي.
هذه الأهداف، وفق عريقات، تشمل تعزيز سيطرة إسرائيل على الجولان ومحيطه، وتثبيت معادلة أمنية جديدة تخدم مصالحها طويلة الأمد، بما في ذلك تمهيد الطريق نحو تقسيم سوريا وتكرار السيناريو في دول أخرى مثل العراق وليبيا.
ويشير عريقات إلى أن تصريحات الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترمب، التي تحدث فيها عن ضرورة توسيع مساحة إسرائيل، تُشكل جزءاً من الدعم الأمريكي للسياسات التوسعية الإسرائيلية، فالحكومة الإسرائيلية الحالية تستغل هذا الدعم لتعزيز مكانتها في المنطقة، متبنية سياسة فرض الأمر الواقع بدلًا من الالتزام بالاتفاقيات.
ويرى اللواء عريقات أن الإجابة على سؤال صمود سوريا أمام هذه المخاطر مرتبطة بقدرة القيادة السورية المقبلة على الاستفادة من دروس الدول العربية التي مرت بظروف مماثلة.
ويؤكد عريقات أن التحدي الأهم يكمن في الحفاظ على وحدة الأراضي السورية واستقرارها، ومنع إسرائيل من تحقيق أهدافها التوسعية، التي لن تقتصر على سوريا، بل قد تمتد لتشمل دولًا أخرى في المنطقة.
إسرائيل تعتبر أن سوريا بمفهومها القديم كدولة انتهت
يوضح الكاتب والمحلل السياسي المختص بالشأن الإسرائيلي د.أشرف بدر أن إعلان نتنياهو يحمل أبعاداً استراتيجية تعكس رؤية إسرائيل لتغير جذري في التعامل مع الوضع السوري.
ويشير بدر إلى أن إسرائيل تنظر إلى سوريا في مفهومها القديم كدولة قد انتهت عملياً، وتسعى لتشكيل واقع أمني جديد على الحدود.
ويلفت بدر إلى أن إسرائيل استخلصت دروساً من هجوم 7 أكتوبر، حيث تتجه لإنشاء مناطق عازلة على الحدود مع سوريا كوسيلة لضمان أمن مستوطنيها.
ويوضح بدر أن هذه المناطق العازلة تهدف إلى خلق حزام أمني يمكن مراقبته بسهولة ويمنع وقوع أي هجمات مباغتة مشابهة لما حدث في أكتوبر.
ويشير بدر إلى أنه في ظل الفوضى السورية، استغلت إسرائيل الوضع القائم لتنفيذ تحركات عسكرية نوعية، من بينها السيطرة على جبل الشيخ، وهو موقع استراتيجي يعزز من سيطرتها على المناطق الحدودية.
ويؤكد أنه مع ذلك، يظل الموقف الإسرائيلي تجاه سوريا متردداً، حيث تتباين آراؤها بين الترحيب بسقوط نظام بشار الأسد، الذي يُعد جزءاً من محور المقاومة، وبين القلق من طبيعة النظام الذي قد يتشكل مستقبلاً في سوريا.
ويرى بدر أن الهجمات الإسرائيلية المتكررة للمواقع الاستراتيجية في سوريا بعد سقوط نظام الأسد تعكس قلقاً إسرائيلياً عميقاً من المستقبل، إذ تسعى إسرائيل لتدمير الأسلحة والمواقع التي قد تشكل تهديداً لها قبل أن تصبح تحت سيطرة أي جهة غير معروفة، ويدل ذلك على سياسة إسرائيلية واضحة بعدم ترك الأمور للصدفة، خاصة في ظل غياب اليقين حول طبيعة النظام القادم في سوريا وعلاقته بإسرائيل.
ويعتقد بدر أن تصريح رئيس أركان الجيش الإسرائيلي بشأن انضمام سوريا كجبهة قتال رابعة في الحروب الإسرائيلية يشير بوضوح إلى خطط إسرائيل المستقبلية لشن عمليات عسكرية داخل الأراضي السورية.
وبحسب بدر، فإن هذا الإعلان يعكس استعدادات إسرائيلية لمواجهة سيناريوهات معقدة على الساحة السورية، ما قد يزيد من تعقيد الوضع الإقليمي.
ويشير بدر إلى أن طريقة انهيار نظام الأسد توحي بوجود تفاهمات إقليمية ودولية لإسقاطه، خاصة في ظل عدم تدخل حلفائه بشكل فعال للدفاع عنه، وهذا الغموض يزيد من المؤشرات على وجود ترتيبات دولية مسبقة لتغيير النظام في سوريا بما يتناسب مع المصالح الإقليمية.
ويلفت بدر إلى أن الأيام المقبلة ستكشف المزيد من التفاصيل حول المشهد السوري، لكن التحركات الإسرائيلية الأخيرة تعكس قلقاً استراتيجياً من المستقبل، ومساعي واضحة لإعادة صياغة الوضع الأمني بما يضمن تفوقها في المنطقة.
دلالات عميقة تتجاوز مجرد الدفاع عن "أمن إسرائيل"
توضح الكاتبة والباحثة السياسية د.تمارا حداد أن إعلان نتنياهو إلغاء اتفاقية الهدنة مع سوريا، واحتلال منطقة جبل الشيخ، والتقدم في القنيطرة، تحمل دلالات عميقة تتجاوز مجرد الدفاع عن "أمن إسرائيل".
وتشير حداد إلى أن هذه الخطوات الإسرائيلية تأتي في سياق تغيرات مفاجئة وجذرية على الساحة السورية، لها تأثيرات استراتيجية بعيدة المدى، أبرزها إضعاف محور المقاومة الذي تعتبر سوريا إحدى ركائزه الأساسية.
وتلفت حداد إلى أن سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد يعني انهيار أكبر حلقة في محور المقاومة، ما يؤدي إلى نهاية عملية لمفهوم "وحدة الساحات"، وهو هدف تسعى إليه إسرائيل لتحقيق تفوق استراتيجي في المنطقة.
وبحسب حداد، فإن إسرائيل ستكون المستفيد الأكبر من غياب نظام الأسد، خاصة فيما يتعلق بقطع الإمدادات العسكرية لحزب الله عبر الأراضي السورية، ما يمثل ضربة قاسية للمحور الممتد بين إيران، وسوريا، وحزب الله.
وتوضح حداد أن غياب الجيش السوري عن هذه المناطق الحدودية سمح لإسرائيل بملء الفراغ الأمني، مستغلة اتفاقية الهدنة عام 1974 التي لم تتحول إلى معاهدة ملزمة، والتي أشارت إلى انه في حال عدم وجود طرف الصراع بإمكان الطرف الآخر ملئ الفراغ.
وتشير حداد إلى أن إسرائيل تتحرك بموجب قناعة مفادها أن غياب الطرف السوري يتيح لها التمدد وفرض أمر واقع جديد.
وتعتقد حداد أن وجود هيئة تحرير الشام في مناطق النزاع يمنح إسرائيل ذريعة أمام المجتمع الدولي، خاصة أوروبا، لتبرير تحركاتها باعتبارها محاربة للإرهاب، وهذا التكتيك يتيح لها السيطرة على المزيد من الأراضي السورية دون معارضة قوية من القوى الكبرى.
وتؤكد حداد أن ما يجري في سوريا يرتبط بمصالح متداخلة بين قوى إقليمية ودولية، حيث ان خروج الأسد من المشهد السوري قد يكون نتيجة اتفاقات بين إيران، تركيا، والولايات المتحدة وروسيا، ضمن صفقات تشمل ترتيبات أخرى في المنطقة، وهذه التوازنات تشير إلى أن سقوط النظام السوري ليس مجرد حدث محلي، بل جزء من إعادة تشكيل المشهد الإقليمي لصالح قوى معينة، وعلى رأسها إسرائيل.
وتعتقد حداد أن المرحلة المقبلة ستشهد تطورات متسارعة على الساحة السورية، حيث تبقى إسرائيل اللاعب الأكثر استفادة من تفكك الدولة السورية، في ظل غياب موقف عربي موحد قادر على مواجهة هذه التحولات.
ثلاثة سيناريوهات بعد سقوط نظام الأسد
وترى د. حداد أن سوريا بعد سقوط نظام الأسد قد تواجه ثلاثة سيناريوهات رئيسية، تتفاوت احتمالاتها من حيث التأثير والتطبيق.
السيناريو الأول، وفق حداد، إعادة بناء الدولة السورية الموحدة، حيث يتضمن هذا السيناريو ترتيب البيت الداخلي السوري، وتشكيل جمهورية ديمقراطية موحدة قادرة على حماية السوريين وإنهاء سفك الدماء، إلا أن هذا الخيار يبدو بعيد المنال في ظل الصراعات الإقليمية والدولية المتشابكة.
وتشير حداد إلى السيناريو الثاني وهو إقامة جمهورية إسلامية بقيادة هيئة تحرير الشام، حيث يتمثل هذا السيناريو في سيطرة هيئة تحرير الشام على المشهد السوري وتشكيل نظام إسلامي، مما يفتح الباب أمام فوضى داخلية واقتتال طائفي طويل الأمد، وفي هذا السياق، يُحتمل تقسيم سوريا إلى كانتونات متناحرة، وهو ما يؤدي إلى إضعاف الدولة السورية بشكل كبير.
أما السيناريو الثالث، بحسب حداد، عبر إقامة الجمهورية الاتحادية السورية، وهو السيناريو الأكثر ترجيحاً عبر تقسيم سوريا إلى ولايات متعددة وفقاً للتركيبة الطائفية والعرقية، بحيث أن كل ولاية ستحظى بحكم ذاتي وترتبط بالولايات المتحدة.
وتشير حداد إلى أنه من المتوقع أن تشمل هذه الولايات منطقة كردية شمالاً حليفة للولايات المتحدة الأمريكية، ومنطقة درزية جنوباً حليفة لإسرائيل، وولاية للسنة وولاية للعلويين والشيعة.
وتشدد حداد على أن إسرائيل تعتبر تقسيم سوريا فرصة ذهبية لتحقيق أطماعها التوسعية، خاصة على الحدود السورية
دلالات
فلسطيني قبل يوم واحد
مهما فعلت وتهربت فإن العدالة الإلهية ستلاحقك في الدنيا قبل الآخرة ونأمل من الله أن يرينا وجهك وهو يتهشم لتكون عبرة لغيرك وما ذلك على الله بعزيز يا نتنياهو
الأكثر تعليقاً
في الذكرى الـ37 للانتفاضة الأولى.. "فتح": لن يتنازل شعبنا عن حقوقه الوطنيّة
الفريق الرجوب لـ"القدس": عودة الروح للانتفاضة الشعبية تُحرج العدو وتُضعف حجّته
جيش الاحتلال يعلن مقتل 7 جنود وضباط في غزة ولبنان خلال 24 ساعة
السيسي يبحث بالنرويج حرب غزة وتعزيز التعاون
هيئة الأسرى: الأسرى القصر في مجيدو فريسة لحقد السجانين
حلّل يا دويري!
أونروا: مليون نازح في قطاع غزة معرضون للموت نتيجة برد الشتاء
الأكثر قراءة
الفريق الرجوب لـ"القدس": عودة الروح للانتفاضة الشعبية تُحرج العدو وتُضعف حجّته
إلغاء نتنياهو اتفاقية الهدنة.. انفتاح الشهية في لحظة ضعف الدولة الوطنية
الذكرى الـ37 لانتفاضة الحجارة ...تضحيات دقّت أبواب الحرية
روسيا: الأسد غادر سوريا وهذا ما أوصى به
إعلان سموتريتش.. الضم قبل السيادة
التداعي المتسارع للقوات السورية.. محللون يجيبون عن سؤال: ما الذي يجري؟
سوريا.. حقيقة اعتقال الدقاق الذي أطعم أسوده "لحم المعتقلين"
أسعار العملات
الأربعاء 11 ديسمبر 2024 9:42 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.59
شراء 3.58
دينار / شيكل
بيع 5.06
شراء 5.05
يورو / شيكل
بيع 3.79
شراء 3.78
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%55
%45
(مجموع المصوتين 213)
شارك برأيك
إلغاء نتنياهو اتفاقية الهدنة.. انفتاح الشهية في لحظة ضعف الدولة الوطنية