فلسطين
الخميس 05 ديسمبر 2024 9:37 صباحًا - بتوقيت القدس
المؤتمر الدولي المرتقب في حزيران.. هل ينجح في إنقاذ حل الدولتين؟
رام الله -خاص بـ"القدس" دوت كوم
د. دلال عريقات: المؤتمر الدولي يمثل اختباراً حقيقياً للدبلوماسية الدولية والعربية خاصة في ظل معارضة إسرائيل إقامة دولة فلسطينية
طلال عوكل: الغرب بات أكثر اقتناعاً بأن استمرار المشروع الاستعماري الإسرائيلي يعتمد على تنفيذ حل الدولتين وهو الخيار الأقل تكلفة
نور عودة: المؤتمر لن يُحدث تغييراً إذا لم تسبقه خطوات فعلية لتحجيم ممارسات الاحتلال ومعاقبته.. والعالم لم يقدم بديلاً لحل الدولتين
د. أحمد رفيق عوض: الدول العربية تمتلك أدوات ضغط هائلة ومؤثرة عالمياً وبإمكانها الدفع باتجاه حل القضية الفلسطينية وتعزيز حل الدولتين
د. ولاء قديمات: التحرك الفرنسي- السعودي ليس رمزياً بل يعكس إرادة سياسية مشتركة وجديةً لخلق حراك دولي لتعزيز خيار حل الدولتين
مهند عبد الحميد: عدم اعتراف فرنسا بالدولة الفلسطينية وحظرها أنشطة التضامن مع الشعب الفلسطيني يضعان تساؤلات حول جدية المؤتمر
في ظل استمرار الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي ومأزق الحلول السياسية، يبرز المؤتمر الدولي المزمع عقده في يونيو/حزيران 2025، بقيادة فرنسا والسعودية وأعلن عنه الرئيس الفرنسي مانويل ماكرون، كمحطة اختبار حقيقية للدبلوماسية الدولية، وهذا المؤتمر، الذي يأتي استجابة لقرار أممي يدعو إلى حل الدولتين، يحمل آمالاً كبيرة للفلسطينيين وسط تحديات ومعارضة إسرائيلية شديدة لأي خطوة نحو إقامة دولة فلسطينية مستقلة.
ويعتقد كتاب ومحللون سياسيون ومختصون وأساتذة جامعات، في أحاديث منفصلة مع "ے"، أن الجهود الدولية بقيادة باريس والرياض تعكس رغبة متزايدة لإحياء عملية السلام، حيث تستند إلى توافق دولي واسع النطاق ظهر في تصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة بأغلبية 157 دولة لصالح التسوية السلمية للقضية الفلسطينية.
وبين التفاؤل بالمؤتمر والشكوك في إمكانية تحقيق اختراق فعلي، يتفق المحللون السياسيون والمختصون وأساتذة الجامعات على أهمية الدور العربي كعنصر ضغط محوري في هذه الجهود، إذ تتيح موارد الدول العربية وثرواتها الاقتصادية ومصالح الدول معها فرصاً لتعزيز حل الدولتين على الساحة الدولية، شرط توفر إرادة سياسية موحدة لتحويل التحركات الدبلوماسية إلى خطوات عملية تواجه التحديات الإسرائيلية وتحقق تطلعات الفلسطينيين.
خطوات عملية تتجاوز مجرد الاعتراف بدولة فلسطينية
تؤكد أستاذة الدبلوماسية وحل الصراع في الجامعة العربية الأمريكية د. دلال عريقات أن تصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بشأن تنظيم فرنسا والسعودية مؤتمراً دولياً في يونيو/حزيران 2025، لإقامة دولة فلسطينية تعكس جدية الجهود الدولية في هذا الاتجاه، خاصة أنه ناتج عن تصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة على قرار بشأن التسوية السلمية للقضية الفلسطينية.
وتوضح عريقات أن القرار الأممي الذي تم التصويت عليه يوم أول أمس الثلاثاء، بأغلبية 157 دولة، يدعو إلى حل الدولتين، كما يتضمن تكليف فرنسا والسعودية بقيادة مؤتمر دولي لتحقيق هذا الهدف.
وتشدد عريقات على أن هذا القرار يعكس إجماعاً دولياً غير مسبوق لدفع عملية السلام مع ازدياد عدد الدول التي تؤيد ذلك، خاصة في ظل التحالف الدولي الذي أطلقته المملكة العربية السعودية في أيلول/سبتمبر 2024، والذي ضم 94 دولة.
وتؤكد عريقات أن المؤتمر المزمع عقده العام المقبل، سيكون جزءاً من الجهود الدولية لتحقيق السلام عبر خطوات عملية تتجاوز مجرد الاعتراف بدولة فلسطينية، حيث يركز المؤتمر على قضايا جوهرية مثل: إنهاء الاحتلال العسكري الإسرائيلي، وتحديد الحدود، ومعالجة ملف الاستيطان ترجمة لما جاء في الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية الأخير، ما يعكس خطة متكاملة وواضحة لتحقيق حل الدولتين.
وتشير إلى أن انعقاد المؤتمر يأتي في سياق دعم دولي واسع بقيادة فرنسا والمملكة العربية السعودية، وهو اختبار للدبلوماسية المتعددة الأطراف تجاه القضية الفلسطينية.
وتعتبر عريقات أن مشاركة السعودية في قيادة المؤتمر تمنح القضية الفلسطينية زخماً إضافياً، نظراً للدور المحوري الذي تلعبه الرياض في العالم العربي والدولي.
وتوضح عريقات أن توقيت المؤتمر يأتي بعد أشهر من عودة دونالد ترمب إلى البيت الأبيض.
علاقة براغماتية متبادلة بين ترمب والسعودية والإمارات
وتوضح عريقات أن العلاقة البراغماتية المتبادلة بين ترمب والسعودية والإمارات قد تسهم في تعزيز الدعم الدولي للمؤتمر، على الرغم من مواقف الإدارة الأمريكية المتوقعة تجاه القضية الفلسطينية، لكن المصالح المشتركة بين السعودية والولايات المتحدة الأمريكية كبيرة ومهمة.
وتؤكد أن السعودية تعتمد سياسة واضحة تجاه القضية الفلسطينية، مفادها أن أي اتفاق براغماتي مع الولايات المتحدة أو إسرائيل لن يتحقق دون التوصل إلى حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية.
وتشير عريقات إلى أن مصالح الولايات المتحدة مع السعودية تتجاوز تطبيع العلاقات مع إسرائيل، وتشمل مجالات: التحالفات العسكرية، والنفطية، والأسلحة، ما يمنح السعودية أدوات ضغط قوية.
وترى عريقات أن المؤتمر الدولي يمثل اختباراً حقيقياً للدبلوماسية الدولية والعربية، خاصة في ظل المعارضة الإسرائيلية الشديدة لأي خطوة باتجاه إقامة دولة فلسطينية.
وتشدد على أن الدور السعودي في هذا السياق يعكس تحولاً مهماً، حيث إن العرب يمتلكون أدوات ضغط فعالة لدفع القضية الفلسطينية إلى صدارة الأجندة الدولية.
وتشير عريقات إلى أن انعقاد المؤتمر في يونيو/حزيران 2025، قد يمهد الطريق لتحول كبير في مسار القضية الفلسطينية وإمكانية إبرام اتفاق سلام وتسوية جديد بمعالم واضحة، مؤكدة أن هذا الجهد الدولي هو فرصة تاريخية يجب استثمارها لتحقيق تطلعات الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.
فشل المحاولات الرامية لتصفية القضية الفلسطينية
يعتقد الكاتب والمحلل السياسي طلال عوكل أن هجوم "طوفان الأقصى" في السابع من أكتوبر 2023 شكّل نقطة تحول بارزة في المشهدين الفلسطيني والإقليمي، موضحاً أن هذا التطور أدى إلى فشل كافة المحاولات الرامية إلى تصفية القضية الفلسطينية أو تهميشها، سواء من بعض الأطراف العربية أو القوى الغربية الرأسمالية.
ويشير عوكل إلى أن الدول الغربية، التي وقفت تاريخياً إلى جانب إسرائيل واستمرت في الحديث نظرياً عن حل الدولتين، باتت اليوم أكثر اقتناعاً بأن استمرار المشروع الاستعماري الإسرائيلي يعتمد على تنفيذ هذا الحل.
ويوضح عوكل أنه بالنسبة للغرب، يُعد حل الدولتين الخيار الأقل تكلفة مقارنة بالبدائل الأُخرى، خاصة مع تنامي الوعي بعدم قدرة إسرائيل على ضمان المصالح الغربية بمفردها، وبدون الدعم الغربي المستمر، سيكون وضع إسرائيل أكثر هشاشة وضعفاً.
ويعتقد عوكل أن التحركات الغربية الأخيرة، التي تُجسّدها تصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ودعوته إلى مؤتمر دولي بشأن القضية الفلسطينية، تُظهر قدراً من الجدية في السعي نحو إيجاد حل سياسي مستدام.
وبحسب عوكل، فإنه مع ذلك، تبقى هذه التحركات مرتبطة بعوامل متعددة، أبرزها طبيعة الاستعصاء السياسي داخل إسرائيل، وتأثير التطورات الداخلية فيها، إضافة إلى الموقف الأمريكي الذي لا يزال محدداً رئيسياً في أي تحرك دولي فعّال.
ويشدد على أن نجاح هذه الجهود مرهون أيضاً بالدور العربي، فالعرب يمتلكون إمكانات استراتيجية كبيرة تمكنهم من التأثير على السياسات الدولية.
بديل حل الدولتين المواجهة المستمرة
ويوضح عوكل أن من بين هذه الإمكانات: مصادر الطاقة الهائلة، والتحكم في طرق التجارة الدولية، واتفاقيات السلام القائمة مع إسرائيل، إضافة إلى إمكانية توسيع خياراتهم الدولية بعيداً عن الهيمنة الأمريكية.
ويرى عوكل أن حل الدولتين لا يزال الخيار الوحيد القابل للتطبيق على الأرض، محذراً من التداعيات الكارثية لأي بديل آخر.
ويشير عوكل إلى أن الخيارات الأخرى تعني استمرار حالة عدم الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، وتفاقم الصراعات التي لن تترك أي طرف بمنأى عن تأثيراتها السلبي، مشدداً على أن البديل الوحيد لحل الدولتين هو خيار المواجهة المستمرة بين فلسطين وإسرائيل، وهو سيناريو يحمل مخاطر طويلة الأمد على الاستقرار الإقليمي والدولي.
ويشير عوكل إلى أهمية تفعيل الأدوات العربية للتأثير على المشهد الدولي، حيث أن الدول العربية قادرة على استخدام ثرواتها ومواردها الاقتصادية لإعادة ترتيب الأولويات الدولية لصالح القضية الفلسطينية.
ويدعو عوكل إلى استثمار التحولات في المعادلات الدولية لصالح تحقيق حل عادل وشامل، مشدداً على أن الخيارات العربية ليست محصورة بالخضوع للسياسات الأمريكية، بل يمكن استغلال مصادر القوة الاقتصادية والسياسية لتشكيل ضغط حقيقي على إسرائيل وحلفائها.
ويرى عوكل أن اللحظة الحالية توفر فرصة نادرة لإعادة طرح القضية الفلسطينية بقوة على الساحة الدولية، بشرط وجود موقف عربي موحد وإرادة سياسية فعّالة، فالحفاظ على الزخم الحالي يتطلب العمل على تحويل التحركات الدبلوماسية إلى خطوات عملية، بما يخدم المصالح الفلسطينية والعربية في ظل التحولات الإقليمية والدولية المتسارعة.
حل الدولتين.. الوحيد المتوافق عليه دولياً لإنهاء الصراع
تؤكد الكاتبة والمحللة السياسية نور عودة، المختصة بالشأن الدبلوماسي والعلاقات الدولية، أن حل الدولتين لا يزال الحل الوحيد المتوافق عليه دولياً لإنهاء الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي.
وترى عودة أن هذا الخيار يحظى بشرعية قانونية ودولية واسعة، باعتباره متسقاً مع قرارات مجلس الأمن.
لكن المشكلة، بحسب عودة، لا تكمن في قابلية الحل للتطبيق، وإنما في غياب الجدية الدولية والإجراءات العملية التي تُحوّل الالتزام النظري إلى واقع ملموس.
وتشير عودة إلى أن الحديث عن حل الدولتين غالباً ما يترافق مع تعبير عن حسن النوايا، لكنه يفتقد إلى الأفعال التي تدعم هذه التصريحات.
وتقول عودة: "إن تنفيذ حل الدولتين يتطلب تحركات سياسية ودبلوماسية فاعلة تفرض على إسرائيل الاختيار بين استمرار الاحتلال أو إقامة علاقات طبيعية مع العالم".
وتعتقد عودة أن المؤتمر الدولي المزمع عقده في يونيو/ حزيران المقبل، رغم أهميته، لن يحدث تغييراً إذا لم يسبقه خطوات فعلية لتحجيم ممارسات الاحتلال ومعاقبته على جرائمه، مشددة في الوقت ذاته على أن العالم لم يقدم بديلاً حقيقياً لحل الدولتين، وتقول: "من يتساءل عما إذا كان حل الدولتين ما زال قائمًا، عليه أن يقدم لنا خيارًا آخر".
وترى عودة أن المجتمع الدولي، برغم رفضه الواضح لنظام الفصل العنصري والاستعمار الإسرائيلي، لا يزال غير مستعد للتعامل مع البدائل الجذرية التي تعني تفكيك المنظومة الإسرائيلية بالكامل، وبالتالي، يبقى خيار حل الدولتين هو الحل الوحيد الممكن، إذا ما توفرت الإرادة السياسية الحقيقية لتنفيذه.
عودة تنتقد بحدة الدول التي تعلن التزامها بحل الدولتين، لكنها في الوقت نفسه تغض الطرف عن السياسات الإسرائيلية التي تقوض هذا الخيار، وتقول: "هذه الدول شريكة في إجهاض حل الدولتين من خلال مواقفها المتناقضة".
وتؤكد عودة أن تحقيق حل الدولتين يتطلب إجراءات عملية وليس فقط تصريحات سياسية، مشيرة إلى أهمية أن يكون هناك ضغط حقيقي على إسرائيل لوقف انتهاكاتها، بما في ذلك الاستيطان والمجازر التي ترتكب بحق الفلسطينيين.
وتعتقد عودة أن بعض الدول العربية تمتلك أوراق ضغط كبيرة، لكنها تتساءل عن مدى استعداد هذه الحكومات لاستخدام قوتها السياسية والاقتصادية في مواجهة الاحتلال.
وترى عودة أن أحد أهم العوائق أمام تحقيق تقدم حقيقي في القضية الفلسطينية هو غياب رؤية فلسطينية موحدة، قادرة على رسم خارطة طريق لدفع العالم نحو تنفيذ حل الدولتين، مؤكدة أن"غياب الوحدة الفلسطينية يجعل من السهل على الجميع، سواء العرب أو المجتمع الدولي، التهرب من واجباتهم".
أسباب متعددة قد تُفشل المؤتمر
يعتقد الكاتب والمحلل السياسي د.أحمد رفيق عوض أن إعلان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عقد مؤتمر دولي ترأسه فرنسا والسعودية في يونيو/ حزيران 2025، بشأن إقامة دولة فلسطينية، يعكس أهمية الجهود السعودية والفرنسية في إبقاء القضية الفلسطينية حاضرة على الساحة الدولية.
ويشير عوض إلى أن هذه الخطوة تعيد طرح أسئلة جوهرية تتعلق بمعاناة الشعب الفلسطيني واستمرار غطرسة الاحتلال الإسرائيلي واختراقه للقوانين الدولية.
ويرى عوض أن مثل هذه المؤتمرات، بالرغم من قيمتها الرمزية والدبلوماسية في إبقاء القضية الفلسطينية في دائرة الاهتمام الدولي، فإنها غالباً ما تفشل في تحقيق نتائج ملموسة لأسباب عدة.
ويوضح عوض أن هذه المؤتمرات عادة ما تخلو من الضغوط الفعلية على إسرائيل، ويغيب عنها الدعم أو الجدية الأمريكية، وهو عامل حاسم في أي تحرك دولي يهدف إلى حل النزاع، كما ترفض إسرائيل هذه المؤتمرات ونتائجها بشكل قاطع ولا تتعامل معها بجدية.
ويشير عوض إلى أن هذه المؤتمرات لا تقدم خطوات عملية قادرة على كبح التوسع الاستيطاني أو الانتهاكات الإسرائيلية المستمرة.
ويتحدث د. عوض عن تراجع حل الدولتين، الذي كان يوماً ما محور الجهود الدولية لحل الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، معتقداً أن هذا الحل أصبح عملياً وراءنا تماماً، بسبب الممارسات العملية الإسرائيلية التي تقوض حل الدولتين.
ويوضح عوض الأسباب التي أدت إلى ذلك التراجع منها أن إسرائيل تعمل بوضوح على ضم المناطق المصنفة "ج" في الضفة الغربية من خلال توسعها الاستيطاني وطرد الفلسطينيين، وتسعى إسرائيل بشكل ممنهج إلى إضعاف السلطة الفلسطينية وإعادة تشكيلها لتكون أقل من كيان سلطوي.
ووفق عوض، فإن من بين أسباب ذلك التراجع أيضاً أن السياسة الإسرائيلية تسير نحو تقسيم فلسطين إلى كتل جغرافية منفصلة، ما يجعل إقامة دولة فلسطينية متواصلة جغرافياً شبه مستحيلة، كما يرفض الشارع الإسرائيلي بفئاته المختلفة فكرة إقامة دولة فلسطينية، ويفضل استمرار الاحتلال رغم تكاليفه، كما أن الزخم الدولي لحل الدولتين قد تراجع، خاصة مع غياب الدعم الأمريكي الواضح.
ويرى عوض أن الإدارة الأمريكية لم تعد تتحدث بجدية عن حل الدولتين، بل تشير إلى "حلول أُخرى" غامضة وغير واضحة المعالم، مما يضعف احتمالات تحقيق هذا الحل في المستقبل القريب.
ويعتقد عوض أن الدول العربية تمتلك أدوات ضغط هائلة يمكن أن تؤثر بفعالية على المشهد السياسي الدولي، وتدفع باتجاه حل القضية الفلسطينية والدفع نحو تعزيز حل الدولتين.
ويعدد عوض أبرز هذه الأدوات، منها الضغوط الاقتصادية التي يمكن أن تكون عاملاً مؤثراً، حيث تمتلك الدول العربية ثروات طبيعية وأسواقاً ضخمة تجعلها قادرة على إعادة النظر في علاقاتها مع الغرب للضغط على إسرائيل.
ومن بين تلك الأدوات وفق عوض، الضغوط مقاطعة البضائع الإسرائيلية ومنتجات الدول الداعمة لها، وتغيير العملة المستخدمة في التعاملات الاقتصادية بدلاً من الدولار، ومنع السفن والطائرات الإسرائيلية والغربية الداعمة لها من استخدام الطرق والموانئ العربية، مما قد يغير شكل التجارة والمواصلات العالمية.
إلى جانب الضغوط الاقتصادية، يشير عوض إلى وجود ضغوط سياسية تتمثل في مقاطعة إسرائيل دبلوماسياً ورفض التطبيع معها، ووقف التعاون الأمني مع إسرائيل، سواء كان ذلك معلناً أو سرياً، كخطوة عملية لإضعاف موقف أسرتي.
وبالرغم مما تمتلكه الدول العربية من إمكانيات، يشير عوض إلى أن غياب الإرادة السياسية والموقف العربي الجماعي يشكلان عقبة رئيسية أمام تحقيق نتائج فعلية، مؤكداً أن هذان العاملان يضعان العالم العربي في حالة ضعف شديد، مما يفاقم المعاناة الفلسطينية ويزيد من تعنت إسرائيل، مشدداً على أهمية المؤتمرات الدولية كجهد دبلوماسي رمزي، لكنها لن تكون كافية لإحداث تغيير جذري في غياب ضغوط فعلية وآليات عملية لتطبيق القرارات.
ويرى عوض أن مستقبل القضية الفلسطينية يعتمد على تغيير جذري في المواقف العربية والدولية، بعيداً عن الحلول التقليدية التي أثبتت فشلها على مدى العقود الماضية.
توجه دولي أوسع يشمل دولاً أوروبية تدعم حل الدولتين
تؤكد الكاتبة والباحثة السياسية د.ولاء قديمات أن التوجه الفرنسي الأخير نحو لعب دور محوري في الشرق الأوسط ينبع من رغبة واضحة في المساهمة بفاعلية في حل القضايا الإقليمية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية.
وترى قديمات أن الشراكة السعودية- الفرنسية لعقد مؤتمر دولي العام المقبل، بشأن إقامة دولة فلسطينية، تشكل تطوراً نوعياً يعكس إرادة سياسية مشتركة لتعزيز خيار حل الدولتين، الذي يُعتبر المدخل الأساسي لإحياء مسار السلام في المنطقة.
وتشير قديمات إلى أن فرنسا تسعى لتعزيز نفوذها في الشرق الأوسط، ولا يمكن تحقيق ذلك دون اتخاذ مواقف واضحة تجاه القضية الفلسطينية، أما السعودية، فموقفها من القضية الفلسطينية ظل ثابتاً، وهو ما ترجمته من خلال طرحها لمبادرة السلام العربية عام 2002، التي دعت بوضوح إلى إقامة دولة فلسطينية مستقلة.
وتوضح قديمات أن التحركات الأخيرة بين باريس والرياض تأتي ضمن إطار توجه دولي أوسع يشمل دولًا أوروبية عديدة تدعم هذا الخيار.
وتعتبر قديمات أن التحرك الفرنسي-السعودي ليس مجرد خطوة رمزية، بل يعكس جدية واضحة في خلق حراك دولي يهدف إلى إعادة إحياء خيار حل الدولتين. وتستشهد بتصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي أكد استعداده للاعتراف بالدولة الفلسطينية، ولكنه ربط ذلك بـ"الوقت المناسب"، وهو ما يعكس مواقف فرنسا التقليدية التي تجمع بين دعم الفلسطينيين وضمان الأمن الإسرائيلي.
وترى قديمات أن استمرار خيار حل الدولتين مرهون بقدرة النظامين العربي والدولي على تحويله إلى واقع ملموس.
وتشير قديمات إلى أن التحولات الراهنة في النظام الدولي، بما في ذلك التنافس بين القوى الكبرى، تلقي بظلالها على القضية الفلسطينية وتضع قيودًا على فرص تحقيق هذا الحل.
وفي ما يتعلق بإمكانات الضغط العربي، تشير قديمات إلى أن الوضع العربي الراهن يعاني من استنزاف كبير نتيجة الأزمات السياسية والاقتصادية التي تمر بها الدول العربية، لافتة إلى أن التحولات في الساحة الإقليمية، مثل التطورات في لبنان وسوريا، تعكس واقعاً معقداً يفرض تحديات كبيرة أمام أي جهود عربية لدعم القضية الفلسطينية.
وتوضح قديمات أن البيئة الإقليمية الحالية فرضت إعاقات كبيرة أمام الجهود السعودية لإحياء مسار حل الدولتين، ومع ذلك، فإن إصرار السعودية على الشراكة مع فرنسا لعقد مؤتمر دولي بشأن إقامة الدولة الفلسطينية في عام 2025، يؤكد التزامها الثابت بلعب دور محوري في هذا الملف.
وتشدد قديمات على أهمية استثمار الفلسطينيين لهذا الحراك الدولي، وتقول إن "الواقع الفلسطيني يفرض علينا التقاط أي مبادرة والعمل على استثمارها، خصوصًا في ظل الظروف الحالية التي تتسم بالتعقيد والتحديات".
وترى قديمات أن الموقف السعودي المتمسك بدعم حل الدولتين يعكس رغبة صادقة في تحقيق اختراق في القضية الفلسطينية، مؤكدة أن المحاولة لن تكلف الفلسطينيين الكثير، فيما تشير قديمات إلى أن هذا الحراك يأتي في سياق سعي السعودية لتعزيز دورها الإقليمي، وهو ثابت في سياستها الخارجية تجاه القضية الفلسطينية.
وتؤكد قديمات أن التحرك السعودي-الفرنسي يعكس رغبة حقيقية في حشد الدعم الدولي لصالح إقامة دولة فلسطينية مستقلة.
وترى أن المبادرات الحالية قد تفتح الباب أمام مسارات جديدة لتحقيق تقدم في القضية الفلسطينية، رغم التحديات الكبيرة التي يفرضها الواقع الإقليمي والدولي.
بالنظر إلى كل هذه المعطيات، تؤكد قديمات أن التحرك السعودي-الفرنسي يمثل فرصة للفلسطينيين للعمل بجدية نحو استثمار هذا الحراك الدولي، وتحويله إلى خطوات عملية تساهم في تحقيق تطلعات الشعب الفلسطيني لإقامة دولته المستقلة.
خطر السياسة العدمية المتطرفة التي تقودها حكومة نتنياهو
يوضح الكاتب الصحفي مهند عبد الحميد أن عملية "طوفان الأقصى" و"حرب الإبادة" التي ما زالت تشنها دولة الاحتلال وحرب الإسناد التي بادر إليها حزب الله وشاركت فيها فصائل من العراق واليمن، والحراك الشعبي والنخبوي غير المسبوق في سائر أنحاء العالم، كل هذا بيّن خطر السياسة العدمية المتطرفة التي تقودها حكومة بنيامين نتنياهو، وبيّن حماقة الحل الفاشي الذي تطرحه الكهانية الجديدة للصراع.
ويشير عبد الحميد إلى أن تلك السياسة أفضت إلى تجاهل حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وإلى وضع القضية الفلسطينية على هامش الاهتمام الدولي والإقليمي.
ويقول: "لقد قادت مساعي نتنياهو لفرض حل فاشي للصراع بأشكال من التطهير العرقي والأبارتهايد إلى زعزعة استقرار شعوب ودول المنطقة، وفتحت الأبواب أمام حالة من الفوضى، وحولت إسرائيل إلى دولة منبوذة، وعرّت منظومة قيم الدول التي تدعم تدعم دولة تمارس حرب الإبادة".
ويشير عبد الحميد إلى أن كثيراً من الدول والمؤسسات والقادة استخلصوا الدرس، وأعادوا طرح حل الدولتين الذي يعني إقامة دولة فلسطينية كحل وحيد وضروري، كونه يلبي مصلحة الشعب الفلسطيني، ومصلحة شعوب ودول الإقليم والعالم في الاستقرار والهدوء والتعايش.
ويؤكد عبد الحميد أنه من أجل ذلك جرى إطلاق التحالف الدولي لإقامة الدولة الفلسطينية الذي يضم دولا عربية وإسلامية وأوروبية وعالمية، كما يلاحظ أنه في إطار هذا التحالف تتفاوت قناعات الدول بين متحمسين ورفع العتب.
ويشدد عبد الحميد على أنه لم تكن فرنسا بقيادة ماكرون من المتحمسين كما جرت العادة في عهود سابقة، فكان تصدر ماكرون إلى جانب السعودية للمؤتمر المزمع عقده في يونيو /حزيران المقبل مفاجئاً، ويضع علامات استفهام حول جدية ماكرون، خاصة أن فرنسا تواصل عدم الاعتراف بالدولة الفلسطينية وتواصل حظر أنشطة التضامن مع الشعب الفلسطيني.
ويقول عبد الحميد: "لم تعترف فرنسا بالدولة الفلسطينية كما فعلت إسبانيا والنرويج وأسكتلندا وغيرها، وحظرت حكومته العديد من أنشطة التضامن مع الشعب الفلسطيني، وتبنت مع ألمانيا مفهوماً غريباً لمعاداة السامية يخلط بين معاداة اليهود ونقد دولة الاحتلال وسياساتها العنصرية والاستعمارية، وتنصل من التزام بلاده بقرار الجنائية الدولية الدولية الداعي الى القاء القبض على نتنياهو وغالانت، هذه السياسات تضع علامة استفهام حول جدية ماكرون".
ويعتقد عبد الحميد أنه وفق خصائص أقطاب الصراع لا يوجد حل آخر غير حل الدولتين، كما لا توجد إمكانية شطب طرف للطرف الآخر، وقد حاولت إسرائيل وما زالت تحاول من موقعها كطرف أقوى شطب الدولة الفلسطينية وتقرير المصير بما في ذلك شطب حقوق اللاجئين، في الوقت الذي تراجعت فيه المؤسسة الفلسطينية الرسمية عن الحق المطلق في وطنها التاريخي لصالح الحق النسبي ممثلاً بدولة في حدود الرابع من حزيران انسجاماً مع الشرعية الدولية.
ويوضح عبد الحميد أن أكثرية ساحقة من دول العالم مع هذا الحل، مقابل أقلية دولية ضئيلة لا يتجاوز عددها 15- 20 دولة في مقدمتها إسرائيل وأمريكا، وهذه الأقلية مارست أبشع اشكال التسلط والديكتاتورية فلم تحترم مواقف السواد الأعظم من شعوب ودول العالم لحل القضية الفلسطينية، عندما أفشلت كل محاولات تطبيق القرارات الدولية بشأن حل إقامة الدولة الفلسطينية.
ويعتقد عبد الحميد أن الوضع سيبقى على حاله طالما منحت إسرائيل حق احتكار منع الحل بدعم أمريكي مفتوح، وطالما بقيت القرارات الدولية مكدسة في الأرشيف ومجرد حبر على ورق، ولم يمارس الضغط ولا تفرض عقوبات على دولة الاحتلال.
منع إقامة دولة فلسطينية يعني بقاء الاحتلال
ويرى عبد الحميد أن من يقول إن الاستيطان قضى على حل الدولتين، ومن يوافق على ذلك، يسلم بالوقائع الاستعمارية التي يجب ان تتراجع وتتفكك بإرادة فلسطينية عربية ودولية.
ويؤكد عبد الحميد أن منع إقامة دولة فلسطينية يعني بقاء الاحتلال إلى ما لا نهاية، وبقاء الاحتلال يترك آثارا مدمرة على المجتمع الفلسطيني داخل فلسطيني وخارجها، وينتج فاشية إسرائيلية ودولة ثيوقراطية، ولا تسلم المجتمعات والدول العربية من آثاره.
ويقول عبد الحميد: "ينبغي تعريف وشرح حقيقة المصلحة المشتركة في إنهاء الاحتلال وتحولاته الكارثية، وعلى قاعدة إقرار المصلحة المشتركة، يسهل وضع رؤية ووسائل ضغط، من حيث الضغط على المصالح الإسرائيلية كبديل للمكافأة كما حدث في الاتفاقات الابراهيمية، ومقايضة المصالح الامريكية والأوروبية في الدول العربية بإزالة الغطاء الأميركي والاوروبي الذي يمكن إسرائيل من الإفلات من العقاب والمساءلة".
ويؤكد عبد الحميد أن نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا لم يتراجع من دون ضغط وعقوبات وحصار وعزل، والشيء نفسه ينطبق على إسرائيل، ومن المفترض في الاتفاقات العربية الإسرائيلية أن لا تسمح بانتهاك وتجاوز القانون والقرارات الدولية، تحديداً في مجال التوسع الاستيطاني وقرصنة الموارد الفلسطينية والتطهير العرقي، وعندما تشعر إسرائيل انه لا يمكن الجمع بين السلام والاستيطان والحرب، ستضطر للتراجع.
دلالات
الأكثر تعليقاً
مقتل أحد عناصر الأجهزة الأمنية خلال الأحداث المتواصلة في جنين
ما الذي يحدث في جنين، ولماذا الآن، وما العمل؟
دويكات: أجندات خارجية لشطب المخيمات الشاهد الحي على نكبة شعبنا
قناة إسرائيلية: كاتس يعترف لأول مرة بالمسؤولية عن اغتيال هنية
الاحتلال يخلي المستشفى الإندونيسي ويقصف المستشفيين الآخرين شمالي غزة
مقتل عنصر من الأجهزة الأمنية في الأحداث المستمرة بجنين
نابلس: تشيع جثمان شهيد الواجب الوطني الرقيب أول مهران قادوس
الأكثر قراءة
اعتقال المسيح على حاجز الكونتينر
تحديات كبيرة وانغلاق في الأفق السياسي.. 2025 في عيون كُتّاب ومحللين
الحوثيون يعلنون إسقاط طائرة "إف-18" واستهداف مدمرة
السماح بنشر تفاصيل محاولة إنقاذ فاشلة لأسيرة في غزة
وقف إطلاق النار في غزة "أقرب من أي وقت مضى"
الكرملين يكشف حقيقة طلب زوجة بشار الأسد الطلاق
يسوع المسيح مُقمّطاً بالكوفية في الفاتيكان.. المعاني والدلالات كما يراها قادة ومطارنة
أسعار العملات
الأربعاء 25 ديسمبر 2024 9:36 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.65
شراء 3.64
دينار / شيكل
بيع 5.15
شراء 5.13
يورو / شيكل
بيع 3.8
شراء 3.77
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%57
%43
(مجموع المصوتين 302)
شارك برأيك
المؤتمر الدولي المرتقب في حزيران.. هل ينجح في إنقاذ حل الدولتين؟