Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo

فلسطين

الأحد 01 ديسمبر 2024 8:43 صباحًا - بتوقيت القدس

الصفقة على نار مستعرة.. هل ينسحب السيناريو اللبناني على غزة؟

رام الله -خاص بـ"القدس" دوت كوم

أكرم عطا الله: السيناريو اللبناني لا يمكن تطبيقه بغزة والسياق الإقليمي يجعل إسرائيل تعتقد أن "حماس" قد تكون مستعدة لتقديم تنازلات

د. جمال حرفوش: احتجاجات ذوي المحتجزين الإسرائيليين والانتقادات السياسية الإسرائيلية تضعان نتنياهو تحت ضغط هائل لإبرام صفقة

د. حسين الديك: إدارة بايدن تسعى في أسابيعها الأخيرة لتحقيق هدنة مؤقتة في غزة وسط عدم اهتمام من الحكومة الإسرائيلية

فايز عباس: نتنياهو يواجه ضغطاً داخلياً من اليمين المتطرف لمنع إبرام صفقة مع "حماس" ولمواصلة الحرب حتى تحقيق أهدافها

محمد أبو علان دراغمة: زيارة وفد "حماس" إلى القاهرة رغم زخمها لا ترتبط بأي مبادرة رسمية إسرائيلية حول إمكانية إبرام صفقة تبادل


في ظل زيارة وفد حركة "حماس" إلى القاهرة، ومع تصريحاتٍ لرئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الأمريكي جو بايدن تتحدث عن أهمية إبرام صفقة في قطاع غزة، تثار تساؤلات حول احتمال تكرار سيناريو الهدنة بين لبنان وإسرائيل في القطاع. 


ويرى كتاب ومحللون سياسيون وأساتذة جامعات ومختصون، في أحاديث منفصلة لـ"ے"، أن الظروف الإقليمية والدولية تلعب دوراً أساسياً في تحديد مسار الأوضاع في قطاع غزة، مشيرين إلى أن إسرائيل ستواصل استراتيجياتها العسكرية بمزيد من الضغط على حركة حماس بهدف تحقيق أهداف أوسع تتجاوز صفقة التبادل والتهدئة المؤقتة، مثل توسيع الاستيطان وإحكام السيطرة على القطاع.


من جانب آخر، تبرز الضغوط الداخلية والخارجية على الحكومة الإسرائيلية، خاصة في ظل الاحتجاجات الشعبية وانتقادات السياسيين، ما يضع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أمام تحديات كبيرة، بحسب الكتاب والمختصين وأساتذة الجامعات. 


ويلفتون إلى أن التحركات الدبلوماسية، مثل زيارة وفد من حماس إلى القاهرة، تؤكد الجهود الإقليمية المبذولة لمحاولة إيجاد مخرج للصراع، لكن الشكوك تبقى حول مدى فعالية هذه المبادرات في ظل التعنت الإسرائيلي والدعم الأمريكي المستمر، فيما تصر حركة حماس على ضرورة أن يشمل أي اتفاق وقف إطلاق النار والانسحاب الإسرائيلي الكامل من قطاع غزة.


وفي سياق موازٍ، يعكف المحللون على تقييم الفرق بين الوضع في غزة وسيناريو لبنان، مشيرين إلى أن الظروف السياسية والجغرافية في القطاع تختلف بشكل كبير عن تلك التي ساعدت على إبرام اتفاقات في لبنان، حيث إن غزة محتلة ولبنان دولة ذات سيادة.


"حماس" تواجه ظروفاً داخلية وإقليمية صعبة


يرى الكاتب والمحلل السياسي أكرم عطا الله أن حركة "حماس" تواجه ظروفاً داخلية وإقليمية صعبة، تعكسها التغيرات التي طرأت على موازين القوى في المنطقة منذ توقف المفاوضات بينها وبين إسرائيل في يوليو/ تموز الماضي. 


ويشير عطا الله إلى أن إسرائيل استطاعت استثمار هذه الفترة لتحقيق نجاحات استراتيجية وأمنية، مثل اغتيال قادة بارزين، أبرزهم رئيسي المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية ويحيى السنوار، وكذلك نجاح إسرائيل في استهداف القيادة العسكرية لحزب الله اللبناني، وهو ما يعكس تحولاً كبيراً.


ويشدد عطا الله على أن إسرائيل نجحت في فصل الساحات بين الفصائل الفلسطينية وحزب الله اللبناني، ما أدى إلى إضعاف قدرة حماس على المناورة السياسية والعسكرية. 


ويؤكد عطا الله أن هذا السياق الإقليمي المتغير يجعل إسرائيل تعتقد أن حماس قد تكون مستعدة لتقديم تنازلات لم تكن ممكنة في ذروة قوتها، خاصة بعد خسائرها الإقليمية الأخيرة.


في سياق حديثه عن الموقف الأمريكي، يعتقد عطا الله أن الرئيس جو بايدن لا يمكن اعتباره وسيطاً جاداً في ظل الدعم المطلق الذي تقدمه إدارته لإسرائيل.


ويوضح عطا الله أن بايدن أظهر انحيازاً واضحاً خلال الأشهر الماضية، إذ استخدم حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن لحماية المواقف الإسرائيلية. 


ويشير عطا الله إلى أن تصريحاته بشأن الأسرى الإسرائيليين كإشارة منه إلى ضرورة استعادتهم، تأتي كجزء من نهج ينسجم مع الرغبات الإسرائيلية، دون تقديم أي مبادرات تعارض الموقف الإسرائيلي.


وحول مقارنة الوضع في غزة بمثيله في لبنان، يوضح عطا الله أن السيناريو اللبناني لا يمكن تطبيقه على غزة، لعدة أسباب، فحزب الله يعمل على هامش الدولة اللبنانية، بينما حماس تتولى الحكم الفعلي في قطاع غزة. 


ويعتقد عطا الله أن إسرائيل لن تقبل بعودة حماس إلى حكم غزة حتى بعد انتهاء الحرب الحالية، مشيراً إلى أن نتنياهو لن يتمكن من العودة للإسرائيليين بإبقاء حماس كجزء من أي اتفاق مستقبلي تحكم فيه الحركة قطاع غزة ويعني بقائها تهديدا لاسرائيل.


إسرائيل تسعى لفرض مشروع جديد بغزة يتجاوز السيطرة الأمنية


ويرى عطا الله أن إسرائيل تسعى إلى فرض مشروع جديد في غزة يتجاوز مسألة السيطرة الأمنية، ليشمل توسيع الاستيطان وإحكام القبضة العسكرية. 


ويشير عطا الله إلى أن إسرائيل لن تترك قطاع غزة تحت رقابة دولية كما حدث في لبنان، بل تهدف إلى الحفاظ على وجود أمني وعسكري مباشر، وهي ترى أنه لا يوجد حتى الآن من يحكم غزة نيابة عنها.


ويلفت عطا الله إلى وجود مخططات إسرائيلية لتعقيد الظروف المعيشية في غزة بهدف دفع السكان للهجرة خارج القطاع، في محاولة لتغيير التركيبة الديمغرافية لصالح إسرائيل.


ويرى عطا الله أن إسرائيل تعمل على تصعيد الأوضاع في قطاع غزة كجزء من استراتيجية أشمل تهدف إلى تحقيق أهدافها الأمنية والديمغرافية، مستبعداً أي حلول قصيرة المدى قد تعيد الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل السابع من أكتوبر 2023.


تعقيدات تتجاوز السطح السياسي


يوضح البروفيسور د.جمال حرفوش، أستاذ مناهج البحث العلمي والدراسات السياسية في جامعة المركز الأكاديمي للأبحاث في البرازيل، أن الحديث عن تحركات سياسية ودبلوماسية مكثفة بشأن صفقة جديدة يشير إلى تعقيدات تتجاوز السطح السياسي، فوصول وفد من حركة حماس إلى القاهرة يعكس استمرار الجهود المصرية كوسيط فاعل، وهو تأكيد على دورها المحوري في القضايا الإقليمية، بما في ذلك ملف الأسرى.


الجديد هنا، وفق حرفوش، قد يكون تغيراً في الحسابات الإسرائيلية نتيجة الضغوط الداخلية والخارجية، فالاحتجاجات المستمرة من ذوي المحتجزين الإسرائيليين والانتقادات داخل الأوساط السياسية الإسرائيلية تضع نتنياهو تحت ضغط هائل من أجل إبرام صفقة، هذا إضافة إلى التغيرات في المزاج الدولي، حيث يبدو أن المجتمع الدولي بات أكثر وعياً بضرورة إيجاد حل شامل للصراع الفلسطيني-الإسرائيلي.


على الجانب الآخر، يشير حرفوش إلى أنه تبقى الضغوط الإسرائيلية على الفلسطينيين جزءاً من أدواتها التفاوضية، إلا أن الجانب الفلسطيني، خصوصاً المقاومة، يدرك أهمية هذه المرحلة ويعي أن الصمود والثبات على الحقوق هما السبيل لتحقيق مكاسب مشروعة وعادلة.


وفي ما يتعلق بتصريحات الرئيس الأمريكي جو بايدن، يرى حرفوش أنها تعكس حساسية ملف المحتجزين في السياسة الإسرائيلية-الأمريكية، حيث يمكن تفسير هذه التصريحات بأنها رسالة ضمنية إلى حكومة نتنياهو للإسراع في التحرك وإظهار نتائج ملموسة قبل أن تتحول هذه القضية إلى نقطة ضعف إضافية.


ويلفت حرفوش إلى أن نتنياهو، الذي يدرك تماماً التأثير الأمريكي على القرارات الإسرائيلية، يستخدم هذه التصريحات كذريعة لتبرير محاولاته للوصول إلى صفقة بسرعة، فالتصريحات الأمريكية توحي أيضاً بتنسيق ضمني بين الإدارة الأمريكية والحكومة الإسرائيلية لتحقيق مكاسب سياسية مشتركة، ومع ذلك فإن الضغط الأمريكي على إسرائيل لا يعفيها من المسؤولية عن استمرار الاحتلال والسياسات العدوانية التي تسببت في هذه الأزمات الإنسانية بالأساس.


ويعتقد حرفوش أن الحديث عن "السيناريو اللبناني" يُلمح إلى تجربة التفاوض غير المباشر مع المقاومة اللبنانية وما رافقها من ضغوط وتكتيكات سياسية، إلا أن القضية الفلسطينية تتميز بخصوصية تاريخية وجغرافية وسياسية تختلف عن أي تجربة أُخرى.


ويوضح حرفوش أن إسرائيل ربما تحاول محاكاة بعض أساليب التفاوض التي استخدمتها مع لبنان، ولكن السياق في التجربة الفلسطينية أكثر تعقيداً، فالمقاومة الفلسطينية لا تعمل فقط ضمن إطار ردع الاحتلال أو تأمين الإفراج عن الأسرى، بل تناضل من أجل حقوق الشعب الفلسطيني بأكمله، بما في ذلك حق تقرير المصير وإنهاء الاحتلال.


ويعتقد حرفوش أن أي محاولة لفرض سيناريو مشابه لن تكون مجدية، لأن الفلسطينيين اليوم أكثر وعياً وإصراراً على حقوقهم المشروعة، حيث إن المقاومة في فلسطين تثبت أنها تمتلك زمام المبادرة في كثير من الأحيان، وأنها لا تخضع للضغوط بقدر ما تعمل وفق استراتيجية مدروسة تحفظ كرامة شعبها وتضمن حقوقه.


محاولات إسرائيلية لفرض شروط استسلام على المقاومة


يرى الكاتب والمحلل السياسي المختص بالشأن الأمريكي د. حسين الديك أن إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن تسعى في أسابيعها الأخيرة لتحقيق إنجاز سياسي ملموس، يتمثل في التوصل إلى هدنة مؤقتة في قطاع غزة، لكن هذه المساعي تواجه تعقيدات ميدانية وسياسية، إذ تبدو الحكومة الإسرائيلية بقيادة بنيامين نتنياهو غير مهتمة بمثل هذا الاتفاق.


ووفقاً للديك، فإنه بدلاً من ذلك، تسعى إسرائيل إلى فرض شروط استسلام على المقاومة في غزة، مستغلةً الدعم الأمريكي المتواصل واستعداد ترامب للعودة إلى البيت الأبيض، مما يضيف بُعداً سياسياً إضافياً لهذه المعركة.


ويشير الديك إلى أن نتنياهو يعتبر ما جرى في لبنان إنجازاً استراتيجياً، حيث استطاع فصل جبهة حزب الله عن غزة، ما أدى إلى تحويل قطاع غزة إلى الساحة الوحيدة للصراع، وهذا الفصل يعكس نجاحاً إسرائيلياً في تحييد تأثير المقاومة اللبنانية، خاصة بعد الاتفاق الذي أنهى العمليات العسكرية في الشمال. 


ووفق الديك، يرى نتنياهو أن هذا الاتفاق مكّن الجيش الإسرائيلي من إعادة تركيز عملياته على قطاع غزة، ما يعزز استهداف المقاومة الفلسطينية بشكل مكثف.


ويوضح أن إسرائيل تسعى لتثبيت وجودها في قطاع غزة، مستدلاً باقتحام وزير الإسكان الإسرائيلي ورئيس مجلس المستوطنات مناطق قريبة من قطاع غزة برفقة ممثلين عن حركة "نحالا" الاستيطانية، هذا الاقتحام، تضمن دراسة خرائط تفصيلية وتوزيع الأراضي على المستوطنين، ما يشير إلى نية إسرائيل بناء مستوطنات جديدة في غزة، على غرار مشاريعها في الضفة الغربية.


الحكومة الإسرائيلية تعمل على إلغاء قانون فك الارتباط لعام 2005


ويشير الديك إلى أنه على المستوى التشريعي، تعمل الحكومة الإسرائيلية على إلغاء قانون فك الارتباط لعام 2005، الذي أدى إلى انسحاب إسرائيل من مستوطنات غزة، ويجري حالياً في الكنيست مناقشة تشريع جديد يسمح بعودة المستوطنين إلى بعض المناطق التي تم إخلاؤها سابقاً، كما حدث بقانون مشابه حول مستوطنات شمال الضفة التي تم الانسحاب منها.


ويلفت الديك إلى أنه بالإضافة إلى ذلك، بدأت إسرائيل بإنشاء بنى تحتية عسكرية، تشمل أبراجاً للمراقبة ومواقع عسكرية دائمة على طول ممرات مثل "نتساريم" و"كوسيفيم"، ما يعكس نية واضحة للحفاظ على وجود عسكري دائم في القطاع.


ويوضح الديك أن المقاومة الفلسطينية تدرك أن الورقة الوحيدة التي تمتلكها هي قضية الأسرى الإسرائيليين، ولذلك، فإنها لن تفرط بهذه الورقة بسهولة، بل ستتمسك بمطالبها المتمثلة في الانسحاب الكامل للجيش الإسرائيلي من القطاع والتوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار، كما أن أي محاولة من نتنياهو لإطلاق الأسرى دون التزام بانسحاب كامل ستُقابل بالرفض.


ويعتقد الديك أن استراتيجية نتنياهو تهدف إلى استخدام قضية الأسرى كورقة تفاوضية لاستكمال العمليات العسكرية، ما يجعل أي هدنة أو اتفاق مؤقت أمراً مستبعداً في الوقت الراهن.


ويشير الديك إلى أن المقارنة بين اتفاق لبنان والحالة في غزة ليست دقيقة بسبب الاختلاف الكبير في المحددات الداخلية والخارجية، ففي لبنان، هناك دولة قائمة بمؤسساتها الشرعية، ما ساعد على التوصل إلى اتفاق بين دولتين بموجب هندسة إقليمية شملت فرنسا والولايات المتحدة، إضافة إلى عوامل محلية مثل معادلات الطائف وقوى 14 آذار.


أما في غزة، فيؤكد الديك أن الوضع مختلف تماماً، إذ يعاني القطاع من حرب إبادة شاملة دون وجود مؤسسات محلية أو دولية قادرة على التدخل، كما أن إسرائيل تستغل هذا الوضع لتنفيذ سياساتها الاحتلالية، ما يجعل أي حديث عن سيناريو مشابه للبنان في غزة أمراً غير واقعي.


ويشير الديك إلى أن دخول الوساطة التركية على خط الأزمة قد يساهم في حلحلة بعض القضايا، لكنه يستبعد أن يؤدي ذلك إلى اتفاق شامل، خاصة أن المعضلة الرئيسية تبقى رفض إسرائيل لأي انسحاب كامل من القطاع. 


ويرى الديك أن المقاومة الفلسطينية لن تتنازل عن مطالبها، ما يجعل التوصل إلى هدنة دائمة أو اتفاق شامل أمراً بعيد المنال في ظل الظروف الراهنة.


عقبات كبيرة تواجه الجهود المصرية


يوضح الكاتب المختص بالشأن الإسرائيلي فايز عباس أن الجهود المصرية للتوصل إلى وقف إطلاق النار وصفقة لتبادل الأسرى تواجه عقبات كبيرة بسبب الرفض الإسرائيلي لشروط حركة حماس، حيث أن مطلب حماس بانسحاب إسرائيلي كامل من قطاع غزة يُعتبر غير قابل للنقاش من الجانب الإسرائيلي.


وبحسب عباس، فانه على العكس، تظهر خطط إسرائيلية واضحة تتعلق بالاستيطان في شمال قطاع غزة، إذ أعد وزير الإسكان الإسرائيلي خرائط تفصيلية بالتعاون مع قادة المستوطنين، تم خلالها توزيع الأراضي على المنظمات الاستيطانية اليمينية، ما يؤكد أن إسرائيل تسعى لتحقيق أهداف استراتيجية بعيدة المدى تتجاوز وقف إطلاق النار.


ويشير عباس إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أعلن استعداده للنظر في وقف إطلاق النار، لكنه يرفض إنهاء الحرب بشكل كامل. 


ويعتبر عباس أن هذا الموقف يعكس نوايا الحكومة الإسرائيلية في مواصلة العمليات العسكرية لتحقيق أهدافها، ومن أبرزها فرض واقع استيطاني جديد في غزة. 


ويشير عباس إلى أن تصريحات نتنياهو تدل على عدم وجود نية جدية للتوصل إلى اتفاق شامل، وهو ما يزيد من تعقيد الجهود الدبلوماسية الدولية.


وفي ما يتعلق بالموقف الأمريكي، يرى عباس أن الرئيس جو بايدن يسعى لتحقيق إنجاز دبلوماسي قبل نهاية ولايته، يتمثل في إطلاق سراح المحتجزين الإسرائيليين، لا سيما من يحملون الجنسية الأمريكية، ووقف الحرب في غزة، لكن محاولات بايدن واجهت عراقيل من قبل نتنياهو، الذي يعارض التوصل إلى صفقة لأسباب شخصية وسياسية. 


ويشير عباس إلى أن نتنياهو يرغب في منح هذا الإنجاز لصديقه الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب، بدلاً من بايدن.


ويوضح عباس أن نتنياهو يواجه ضغطاً داخلياً من اليمين الإسرائيلي المتطرف، خاصة من وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش، اللذين يرفضان أي صفقة مع حماس ويدعون إلى مواصلة الحرب حتى تحقيق أهدافها الكاملة، ويهدد هذا الضغط مستقبل حكومة نتنياهو، حيث لوّح هؤلاء الوزراء بإسقاطها في حال قبول أي تسوية.


اختلاف جذري بين الحالتين اللبنانية والفلسطينية


وفي سياق المقارنة مع الحرب على لبنان وحزب الله، يشير عباس إلى اختلاف جذري بين الحالتين، ففي لبنان، تم التوصل إلى اتفاق بين دولتين، فما في غزة لا توجد دولة أو حكومة معترف بها يمكنها التفاوض مع إسرائيل، كما أن الجيش الإسرائيلي في الحرب اللبنانية كان بحاجة ماسة لإنهاء الحرب بسبب الإرهاق العسكري ونقص الإمدادات، وهو وضع مختلف تماماً عن الحرب في غزة، التي تهدف إسرائيل من خلالها إلى تحقيق أهداف استراتيجية وأمنية طويلة الأمد.


ويؤكد عباس أن استمرار العمليات العسكرية يعكس رغبة إسرائيل في فرض واقع جديد في غزة يتضمن السيطرة على مساحات أوسع من الأراضي واستكمال مشروعها الاستيطاني. 


 الوساطات الدولية تفتقر للزخم اللازم للضغط على إسرائيل


يوضح الكاتب المختص بالشأن الإسرائيلي محمد أبو علان دراغمة أن زيارة وفد من حركة حماس إلى القاهرة، رغم زخمها، لا ترتبط بأي مبادرة رسمية إسرائيلية حول إمكانية إبرام صفقة تبادل، حيث إن رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يتمسك بموقفه الرافض لأي صفقة تبادل أسرى ترتبط بوقف الحرب أو انسحاب الجيش الإسرائيلي من قطاع غزة. 


ويشير دراغمة إلى أن نتنياهو أبدى سابقاً استعداده لإبرام صفقة تبادل محدودة وصفها بـ"الإنسانية"، لكنه يرفض أن تؤدي هذه الخطوة إلى إنهاء العدوان أو سحب قوات الاحتلال، وهذا النهج يتماشى مع تصريحاته السابقة التي دعا فيها إلى احتلال غزة لعدة سنوات بهدف ما وصفه بـ"إعادة صياغة عقلية السكان" وإنهاء دعمهم للمقاومة الفلسطينية، وإزالة خطر حماس الذي يهدد اسرائيل.


ويلفت دراغمة إلى أن الوساطات الدولية، سواء القطرية أو المصرية، تفتقر إلى الزخم اللازم للضغط على إسرائيل، بينما تستمر التحركات خلف الكواليس، وتبدو الضغوط مركزة على حركة حماس، وليس على إسرائيل. 


ويوضح أن الوضع الحالي يعكس تراجعاً في الدور الدولي الفاعل، خصوصاً مع غياب موقف أمريكي حاسم، سواء قبل الانتخابات الرئاسية أو بعدها، كما أن قطر، التي كانت في السابق لاعباً وسيطا رئيسياً في جهود الوساطة، لم تستأنف دورها بعد وقفه، ما يترك المجال مفتوحاً أمام تحركات خجولة من أطراف أخرى.


وحول تصريحات الرئيس الأمريكي جو بايدن التي وصف فيها انتظار إدارة ترمب لإبرام صفقة بـ"الجنون" على خلفية زيارة عائلات المحتجزين الإسرائيليين للبيت الأبيض، يشير دراغمة إلى أن هذه العائلات طلبت تدخلاً مباشراً من بايدن ودعت إلى إشراك الرئيس المنتخب دونالد ترامب في المفاوضات للضغط على نتنياهو. 


التأثير الأمريكي يظل محدوداً


ومع ذلك، يرى دراغمة أن التأثير الأمريكي على الملف، سواء قبل الانتخابات أو بعدها، يظل محدوداً، ومن غير المرجح أن يشهد تغيراً كبيراً خلال الفترة المتبقية من ولاية بايدن.


من جهة أُخرى، يلفت دراغمة إلى أنه يبرز حديث داخل الأوساط الإسرائيلية عن إعادة الاستيطان في قطاع غزة كجزء من خطط الحكومة الإسرائيلية، وهو ما يؤكد أن هذا التوجه لم يعد مقتصراً على وزيري الأمن القومي والمالية الإسرائيليين إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش، بل أصبح قضية تتبناها مكونات متعددة من الائتلاف الحكومي، بما في ذلك وزراء وأعضاء كنيست ومؤسسات استيطانية، وهذا التوجه يعكس استراتيجية إسرائيلية تهدف إلى فرض واقع جديد على الأرض، ما يُعقد إمكانية التوصل إلى تهدئة شاملة.


وفي ما يتعلق بإمكانية تطبيق سيناريو شبيه بما حدث في الجبهة الشمالية مع حزب الله على قطاع غزة، يرى دراغمة أن الوضع في غزة يختلف جذرياً.


الاحتلال يرفض الانسحاب من غزة أو وقف العدوان


ويؤكد دراغمة أن الاحتلال الإسرائيلي يسعى لتحقيق مكاسب عسكرية وسياسية في قطاع غزة، لكنه يرفض الانسحاب أو وقفاً شاملاً للعدوان، حيث إن الدعم الحكومي الاسرائيلي الواسع لاستمرار العمليات يعزز هذا الاتجاه، ما يجعل السيناريو اللبناني مستبعداً في ظل الظروف الحالية.


ويعتقد دراغمة أن المشهد الحالي يأتي في سياق انعكاس لتصلب المواقف الإسرائيلية، حيث يرفض نتنياهو أي تنازلات قد تُفسَّر كضعف، وبينما تتواصل التحركات الدولية والإقليمية، يبقى ملف تبادل الأسرى عالقاً وسط غياب إرادة دولية فعالة وضغوط تقتصر على حركة حماس.


دلالات

شارك برأيك

الصفقة على نار مستعرة.. هل ينسحب السيناريو اللبناني على غزة؟

المزيد في فلسطين

أسعار العملات

الأربعاء 25 ديسمبر 2024 9:36 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.65

شراء 3.64

دينار / شيكل

بيع 5.15

شراء 5.13

يورو / شيكل

بيع 3.8

شراء 3.77

هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟

%57

%43

(مجموع المصوتين 302)