Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo

فلسطين

الأربعاء 13 نوفمبر 2024 8:36 صباحًا - بتوقيت القدس

"خنساء الخليل" .. سميرة الشرباتي شاعرة ومربية تركت إرثاً ثقافياً عميقاً وهادئاً

الخليل - "القدس" دوت كوم - جهاد القواسمي

 رحلت خنساء الخليل، بديعة عثمان الشرباتي، المعروفة "سميرة" تاركة إرثاً نضالياً وثقافياً عميقاً وبارزًا ومساهمات إبداعية في مجال حفظ الثقافة الفلسطينية والدفاع عن الهوية الوطنية منذ بداية سبعينيات القرن الماضي، ما أجبر الاحتلال على التقاعد القسري لقصائدها الملتزمة، إلى أن تمت إعادتها للعمل في مديرية التربية والتعليم، ناسجة في الذاكرة قصائد ومقطوعات خليلية الانتماء في ذهن الأجيال لا تنسى.  


ركن استثنائي ..

ولدت الشرباتي، في ركن استثنائي من بلدة الخليل العتيقة، في بيت ملاصق "للبيمارستان المنصوري"، هذا البناء الاثري الذي بناه السلطان قلاوون عام 1281م، والذي طالما لعبت فيه وهي طفلة حتى تشبعت ذاكرتها بتفاصيله، الى ان سيطر عليه الاحتلال وهدم قسما كبيرا منه ليبني بؤره الاستيطانية، لتختزن بذاكرتها ذلك الحيز المسروق من قلب التاريخ، حيث كانت المدينة لا تزال تحتضن أطرافها، ولم تشهد ذلك التوسع بعد، وتنقلت في مدارسها وخرجت مع زميلاتها منتصف الخمسينيات 1956، وهتفت ضد الهيمنة البريطانية على الجيش الاردني الذي كانت المدينة تخضع لحكمه حينها.


استثنائية بكل شيء ..

ووصف احمد الحرباوي، رئيس نادي الندوة الثقافي، الشاعرة سميرة الشرباتي، بالمرأة الاستثنائية في كل شيء، مشيرا انها بعد سنوات قليلة مرت على احتلال فلسطين عام 1948م، بدأت تتلمس طريقها في الحياة، لتترعرع داخل جرح الارض، حيث كانت عندما تقرأ شعر " عمر أبو ريشه" وهي طالبة في مدرسة الوكالة، كانت أكثر من غيرها تعي معنى الوطن المسلوب، أو كما صورته في شعرها فيما بعد بفردوس مفقود، هذا الفردوس الذي ضُم بيتها القديم إليه بعد النكسة عام 1967م.

ارتبط اسم "سميرة الشرباتي"، التي عمل والدها لعقود في استخراج الحجارة بالديناميت من جبال المدينة من أجل مستقبل أوسع، لكن الاحتلال أحاط حلمه بالمستوطنات من كل جانب، باسم الشاعرة تماضر بنت عمرو "الخنساء" وذلك لبعض الشبه بينهما، حيث كتبت الخنساء مدافعة عن الاسلام، وسميرة في شعرها تدافع عن الارض، وقتل أخ الخنساء، واستشهد أخو سميرة في آذار عام 1968م، في عملية فدائية ضمن عمليات "معركة الكرامة" على حدود فلسطين الشرقية.

وارت الشرباتي، التي منحتها بيروت شهادة البكالوريوس في اللغة العربية، منتصف سبعينيات القرن الماضي، أخاها الشهيد الثرى، في ظل هذا الأسى أصدرت ديوانها الشعري الأول عام 1976م ( قصائد تبحث عن رفيق مسافر(، لتطلق عليها الموجهة التربوية "مكرم القصراوي" خنساء الخليل في احدى امسياتها الشعرية. 

الهم الوطني ..

بسبب شعرها الحامل للهم الوطني والنضالي، فُصلت من عملها في التربية من قبل إدارة التربية والتعليم التابعة لسلطة الاحتلال قبل اندلاع الانتفاضة الفلسطينية بقليل عام 1987م، لكنها لم تتوقف وتابعت عملها في كتابة الشعر والمسرحيات، وفي الانتفاضة الثانية مطلع الالفينيات افتتحت في بيتها مكتبة للطلاب تحتوى على آلاف الكتب من أجل تدارك تأثير الإغلاقات ومنع التجوال على الطلاب والتعليم.

وبين الحرباوي، ان الشاعرة الشرباتي، لم تتحرر في شعرها من رتابة القافية والوزن فقط، مما أدى لسخط قبيلة النقاد الكلاسيكيين حينها، عندما قررت اللحاق بركب الشعر الحُر، بل أطلقت العنان لإبداعها في توظيف الأساطير وخلق رموز من صلب هويتنا الثقافية في كتاباتها، لترسي بذلك دعائم النهضة الشعرية في فلسطين وفي الخليل بشكل مبكر.

قصائد عشق ..

وقال رشاد أبو حميد، مدير الثقافة في الخليل، ان الشاعرة سميرة الشرباتي، ترجمت الاحساس ونقلت نبض القلب ألما وأملا، بلغة تلمست خفقها وتنسمت عطرها، لعشقها الشعر صغيرة، ومارسته في البداية كقصائد معارضة، الى ان تفجرت موهبتها عن قصائد وجدانية وتحولت مع تغير الاوضاع في الارض إلى قصائد عشق للوطن وخاصة بعد استشهاد شقيقها الأول عام 1968م، موضحا أنها تأثرت بعد قراءتها لمئات الشعراء في بداياتها بالكثير منهم المتنبي البناء الماهر، ودرويش، الذي يضعك في قصائده على فوهة بركان، ونزار حيث يذيب القلب وجدا، وغيرهم ومع هذا إلا أنها فضلت قصيدة على قصيدة، لا شاعرا على آخر.

درب الخطر ..

لم تواجه الشاعرة في درب الخطر، درب الكتابة، مشكلة بيتية، حيث الأهل كانوا مشجعوها الأوائل ولكن الصعاب هي مشكلة النشر أولا والتوزيع ثانيا، وثالثة الجمهور المحجم عن القراءة أو الاستماع وهذا ما يؤدي إلى الإحباط ، ولا حل لمشكلة الجمهور، عندما اخذت  الفضائيات الكتاب وأبعدته عن الكاتب.

وأشار أبو حميد، ان وزارة الثقافة الفلسطينية، قد منحت الشاعرة الشرباتي عام 2012م، شخصية العام الثقافية، الذي استحقته بجدارة، لدورها المميز ومساهماتها الابداعية في مجال حفظ الثقافة الفلسطينية والدفاع عن الهوية الوطنية، كما تميزت بتنوع انتاجها الشعري.

وقالت الدكتورة اسماء الشرباتي، ان شاعرة الخليل، المربية القديرة سميرة الشرباتي، كانت جزءا من ذاكرتها، نسجته هي في ساعات النقاش والاهتمام والتدريب الذي حصلت عليه منها، وهي طالبة في المدرسة، مشيرة انها لم تكن تعلم في المدرسة، لكنها وجدت في حفل شاركت به بعض النقاط التي ترى كناقدة أنه من الممكن استدراكها في أدائي فأرسلت في طلبي، وقامت بتدريبي.

وأضافت، انها كانت جزءا من ذاكرتها ارتبط بملاحظاتها حول الإلقاء والإقناع والحديث أمام الجمهور، وجزء آخر ارتبط في قوة طرحها، واهتمامها ومبادرتها معها ومع غيري، وجزء آخر ارتبط في جولة في مكتبة منزلية كبيرة أنشأتها وفتحت أبوابها للراغبين في الاستفادة، قائلة رحم الله من زرعت في نفوسنا الحرص والاحترام والاهتمام والاتقان.

أعمالها ..

للشاعرة سميرة الشرباتي، أعمال مطبوعة: الأول "قصائد تبحث عن رفيق مسافر" 1976 م، والثاني "كلمات للزمن الآتي" 1977م، والثالث مسرحية شعرية بعنوان “أدونيس الرافض للغربة" من منشورات اتحاد الكتاب 1990م، والرابع  "عرس زيد عرس زينب"، ولها مسرحيات شعريه للأطفال مأخوذة من الحكايات الشعبية الفلسطينية، ومسرحية مستوحاة من اعلان الاستقلال. 

وشاركت الشرباتي في مسابقة الإبداع النسوي التي أقامتها وزارة الثقافة ونالت الجائزة الثالثة عن مسرحيتها النثرية "أحلام كفر الشمس"، كما لها مشاركات أدبية في المهرجانات الثقافية في القدس والخليل، وقد لاقت كتاباتها بعض الاهتمام من النقاد، فمسرحيتها الشعرية نوقشت في اتحاد الكتاب من قبل كل من د. محمود العطشان، د. عيسى أبو شمسية، سمير شحادة، د. إلهام أبو غزالة، كما تناولها د. عيسى أبو شمسية، بالتحليل على صفحات جريدة ے، و د. محمود العطشان عبر مجلة كنعان .

وكان لديوان "كلمات للزمن الآتي" حظ من النقد، فقد كتبت عنه الناقدة الفلسطينية "عائدة فارس العدواني" مثنية مشجعة، بينما نقد "هادي دانيال" في مجلة "الحديث" اللبنانية قائلاً: قُدمت في شعرها ثلاثة بحوث كمشروعات تخرج من جامعة القدس المفتوحة الأول بعنوان "المرأة في شعر سميرة الشرباتي"،  والثاني بعنوان "مسرحية أدونيس الرافض للغربة"، والثالث قدمته الطالبة هيام تيلخ، كما ان هناك دراسة نقدية بعنوان "الأسطورة والتراث في الشعر الفلسطيني الحديث في مسرحية أدونيس الرافضة للغربة تناولها بالنقد والتحليل الدكتور الشاعر جمال سلسع من بيت لحم.

آخر ما كتبت ..

آخر ما كتبت الشاعرة سميرة الشرباتي، على جدار حائطها في "الفيسبوك" بالرابع من أيار الماضي، أحبائي لكم أكتب، وأهديكم رؤى قلمي، ونفح عبير كلماتي، وأحلامي التي أرجو، بكم تحقيق ما فيها، من الإيمان بالحق، فإن الحق لا يهزم، وأن الغاصب المحتل لن يسلم، من الغضب الفلسطيني، لن ينجو ولن يسلم، هي الأجيال تتوالى، لها وعد من الرحمن، لا يذوي له غصن، ولا نهر له ينضب، فهم جند الإله وجند رب الكون لا تغلب، فلا تغضب، عدوي قاتل الأطفال لا تحنق ولا تغضب، فلن أخشى هدير سلاحك النازي، لن أخشى ولن أرهب.

وشكرت من شاركوها بعضا من خطوات رحلتها الحياتية الحافلة بالجراح والافراح، بالآلام والآمال، بصفو الأيام او تعكر مزاجها، كنتم معي دائما في مسيرتي الأدبية من لقاءات بيتيه، او أمسيات شعرية، او حوارات أدبيه، لكم في مسيرتي أثر لا أنساه.

دلالات

شارك برأيك

"خنساء الخليل" .. سميرة الشرباتي شاعرة ومربية تركت إرثاً ثقافياً عميقاً وهادئاً

نابلس - فلسطين 🇵🇸

محمد قبل 8 أيام

وهل تقارن هذه المرأة باللواتي يقضين الساعات على الهاتف قيل وقال

المزيد في فلسطين

أسعار العملات

الأربعاء 20 نوفمبر 2024 9:43 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.74

شراء 3.73

دينار / شيكل

بيع 5.28

شراء 5.26

يورو / شيكل

بيع 3.96

شراء 3.95

هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟

%52

%48

(مجموع المصوتين 75)