Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo

فلسطين

الأحد 03 نوفمبر 2024 9:02 صباحًا - بتوقيت القدس

التوافق الوطني بين "فتح" و"حماس".. ضرورة مُلحة لنزع الذرائع وسد الثغرات

رام الله - خاص بـ "القدس" والقدس دوت كوم-

د. أحمد رفيق عوض: محاولة بعض الأطراف إعادة تشكيل النظام السياسي الفلسطيني دفعت "حماس" و"فتح" للتحرك

أحمد زكارنة: الوفاق الفلسطيني يمكن أن يقدم إطاراً لرؤية وطنية موحدة تُدعم من السعودية والمجموعة العربية

ساري عرابي: التوافق الوطني ضروري وبات يشكّل الركيزة الأساسية لإنقاذ قطاع غزة من جرائم الإبادة الجماعية

خليل شاهين: الحديث عن توافقات بسبب قلق "فتح" و"حماس" من المستقبل أكثر منه استجابة لاحتياجات المرحلة

سامر عنبتاوي: إنهاء الانقسام والخلافات بين "فتح" و"حماس" لم يعد خياراً بل ضرورة وطنية فرضتها تطورات الواقع

 

تتزايد محاولات التوافق بين حركتي "فتح" و"حماس" في ظل الأوضاع المأساوية وحرب الإبادة في قطاع غزة، حيث باتت الوحدة الوطنية ضرورة لمواجهة التحديات الإقليمية والدولية، ومحاولة التوافق على إدارة قطاع غزة من قبل السلطة الفلسطينية، استباقاً لأيّ أفكار إسرائيلية أو إقليمية أو دولية بهذا الشأن.


ويرى كتاب ومحللون سياسيون، في أحاديث منفصلة لـ"ے"، أن الضغط الدولي والإقليمي وما يعانيه قطاع غزة دفعا الحركتين للتفكير بتعزيز التعاون لمواجهة محاولات إعادة تشكيل النظام السياسي الفلسطيني، وبالرغم من أنّ الاتفاق قد لا يكون شاملاً، فإنه يمكن أن يضعهما في موقع أقوى تجاه هذه التحولات.


ويلفت الكتاب والمحللون السياسيون إلى أن التوافق الفلسطيني يعزز إمكانية الدعم من الدول العربية، ما قد يؤدي إلى دعم جهود إنقاذ غزة ووقف العدوان، كما أن إعادة الإعمار في غزة تحتاج إلى قيادة فلسطينية معترف بها دولياً، وهو ما قد يدفع حماس للقبول بدور السلطة الفلسطينية في إدارة القطاع، خاصة أن استمرار سيطرة حماس قد يعيق وصول الدعم الدولي.


ويؤكدون أن التوافق الوطني هو الركيزة لإنقاذ غزة من الإبادة الجماعية، حيث إن الشعب الفلسطيني بحاجة إلى وحدة وطنية لمواجهة العدوان الإسرائيلي، كما أن وحدة الموقف الفلسطيني ضرورية لتثبيت الحقوق الفلسطينية ومنع الاحتلال من تكريس نفوذه، وأن الاتفاق بين فتح وحماس قد يمثل خطوة إيجابية في وجه التحديات الإسرائيلية، وقد يساهم في تخفيف وطأة العدوان على غزة.

 

 

محاولات لتحقيق وفاق بين "فتح" و"حماس"

 

يؤكد الكاتب والمحلل السياسي د. أحمد رفيق عوض أنه في ظل الأوضاع المتفاقمة داخل الأراضي الفلسطينية تبرز في الأفق محاولات جديدة لتحقيق وفاق بين حركتي فتح وحماس، وهو أمر بات ملحاً في ظل الظروف الاستثنائية التي تمر بها الساحة الفلسطينية عموماً وقطاع غزة خصوصاً. 


ويعتبر  عوض أن عوامل عدة تجعل الوصول إلى اتفاق بين الحركتين ممكناً ومناسباً للمرحلة الحالية، وإن كان الأمر لا يعني اتفاقاً شاملاً وتاماً على جميع النقاط.


ويوضح عوض أن كلاً من فتح وحماس تقبعان اليوم في "عنق الزجاجة" نتيجة الضغوط المتزايدة على المشروع الوطني الفلسطيني من أطراف إقليمية ودولية وإسرائيلية. 


ويشير عوض إلى أن هناك محاولة جدية من قبل بعض الأطراف لإعادة تشكيل النظام السياسي الفلسطيني بصورة جديدة، سواء عبر تغييب بعض القوى السياسية، أو من خلال وضع شروط مكبّلة، أو حتى إحداث تغييرات جذرية في هيكلية القيادة الفلسطينية، سواء في قطاع غزة أو الضفة الغربية، وهو ما دفع حركتي فتح وحماس للتحرك.


ويؤكد عوض أن هذا الوضع دفع الحركتين إلى التفكير في تعزيز سبل التعاون، ولو بحده الأدنى، لمواجهة هذه الضغوط، حفاظاً على وجودهما أمام التحولات الإقليمية والدولية.

 

التوافق بات ضرورة وليس خياراً

 

ويرى أن التوافق بين فتح وحماس بات ضرورة وليس خياراً، إذ تحتاج الحركتان للاتفاق في هذه المرحلة العصيبة بغية مواجهة التحديات السياسية الراهنة. 


ويؤكد عوض أن الغاية الأساسية لأي اتفاق ستكون حماية الحركتين من الضغوط الخارجية، وتجنب أي محاولات لشطبهما أو إجبارهما على التخلي عن المشروع الوطني الفلسطيني. 


ويشدد على أن تحالف الحركتين قد يمثل خطوة مهمة في مواجهة القوى الإقليمية والدولية التي تسعى لفرض تصوراتها الخاصة على المشهد الفلسطيني، مشيراً إلى أن حجم الضغوط الحالية غير مسبوق، ويشمل تغييرات متوقعة على مستوى الهيكلة والأيديولوجيات والاتجاهات، وهو ما يستدعي التحرك فوراً للوصول إلى حد أدنى من التوافق.


ويوضح عوض أن التوافق بين الحركتين قد يكون الأساس للتخفيف من حدة العدوان الإسرائيلي على غزة، خاصةً أن إسرائيل تقوم بحرب مكثفة تهدف إلى إفراغ قطاع غزة، حيث تواصل توجيه ضربات تستهدف البنية التحتية والمدنيين، وسط عدم استجابة لأي مبادرات لوقف إطلاق النار إلا بشروط إسرائيلية صارمة. 


ويرى عوض أن مثل هذا التوافق سيتيح للمجتمع الدولي أرضيةً يطالب فيها إسرائيل بتقديم تنازلات لوقف العدوان، إذ إن توحيد الصف الفلسطيني سيخلق إطاراً مقبولاً لدى الأطراف الدولية لوقف العدوان على القطاع.


وفي ما يتعلق بإعادة الإعمار في غزة، يشير عوض إلى أن حركة حماس تدرك أيضاً أنها لن تتمكن من إعادة إعمار القطاع في حال استمر تحكمها بإدارته، وذلك لأن الجهات المانحة لن تتعامل معها بصورة مباشرة، وبالتالي فإن إعادة الإعمار تتطلب قيادة فلسطينية موحدة وشرعية معترفاً بها دولياً. 


ووفق عوض، فإنه من هذا المنطلق، يبدو أن حماس قد تتقبل أن تتولى السلطة الفلسطينية مسؤولية إدارة غزة، في حال تحقق التوافق، لتسهيل وصول الدعم الدولي وتعزيز ثقة المانحين.


ويلفت عوض إلى أن الشواهد الحالية توحي بأن التفاهم بين الحركتين قد يشمل تشكيل لجنة خاصة لإدارة القطاع تحت إشراف السلطة الفلسطينية، ما يُسهم في تقديم إطار مقبول دولياً يمكن أن يفتح المجال لتوفير الاحتياجات الأساسية لسكان القطاع.


لكن عوض يشير إلى أن نجاح هذا التوجه يعتمد بدرجة كبيرة على مدى استعداد المجتمع الدولي، خاصة الأطراف الإقليمية، مثل السعودية، للضغط على إسرائيل للقبول بالصيغة الجديدة لإدارة القطاع.


وعلى الرغم من الأثر المحتمل للاتفاق بين حركتي فتح وحماس على المستوى الميداني والسياسي، فإن عوض يحذر من أن إسرائيل لن تتعامل بسهولة مع هذا التغيير. 


فإسرائيل، بحسب عوض، لا تريد بروز أي قيادة فلسطينية قوية في قطاع غزة، بل تسعى لفرض شروط جديدة، سواء على صعيد السيطرة الأمنية أو الاقتصاد، لمنع أي عودة للتنظيمات الفلسطينية إلى الساحة بصورة مؤثرة.

 

مساعٍ إسرائيلية لتفكيك أي وحدة بين الضفة والقطاع

 

ويؤكد عوض أن إسرائيل تتبنى سياسة تهدف لتفكيك أي وحدة بين الضفة الغربية وقطاع غزة، حيث تسعى للفصل بين المنطقتين عبر سياسات تهدف لإيجاد قيادة فلسطينية جديدة تخضع لمتطلبات إسرائيل، وتتعامل مع القطاع والضفة بشكل منفصل. 


من هنا، فإن عوض يرى أن التوافق الفلسطيني، وإن كان محدوداً، قد يخلق حافزاً لدى الدول العربية والدول الداعمة للفلسطينيين لتكثيف الضغط على إسرائيل، ودفعها للتعامل مع الوحدة الفلسطينية الناشئة كإطار سياسي رسمي.


وينظر عوض إلى احتمال تولي السلطة الفلسطينية إدارة القطاع باعتباره خطوة إيجابية قد تساعد على تخفيف العدوان الحالي، شريطة أن يتم تفعيل ضغوط عربية وأمريكية وأوروبية على إسرائيل لقبول هذا الوضع.


ويرى أن هذه الخطوة تتطلب توافقاً عربياً ودولياً يقف في وجه الشروط الإسرائيلية المتوقعة، حيث ستسعى إسرائيل لفرض شروط صارمة تحد من فاعلية السلطة في القطاع، بما يضمن إبقاء سيطرتها العسكرية على المنطقة.


ويشدد عوض على أن احتمالات نجاح هذه الخطوة تبقى مرهونة بمدى استعداد الأطراف الدولية والإقليمية لتفعيل الضغوط على إسرائيل، التي ستسعى بالتأكيد إلى وضع عراقيل أمام هذا الاتفاق، خاصة في ظل غياب دور فعّال لبعض القوى الكبرى القادرة على تغيير المعادلات على الأرض.

 

الوفاق بين "فتح" و"حماس" أقرب من أي وقت مضى

 

يعتقد الكاتب والمحلل السياسي أحمد زكارنة أن التوصل إلى وفاق بين حركتي "فتح" و"حماس" بات أقرب من أي وقت مضى في ظل الأحداث الدامية التي يشهدها قطاع غزة، وبالتحديد شمال القطاع.


ويوضح زكارنة أن "الحرب الإبادية" التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني في غزة قد أسهمت في تهيئة بيئة جديدة نحو الوحدة، ما يجعل الوقت مناسباً لتحقيق هذا الوفاق الضروري. 


ويرى زكارنة أن الوفاق بين الحركتين سيكون له أثر كبير على جهود إنقاذ غزة ووقف إطلاق النار، إذ إن الوحدة الفلسطينية هي عنصر أساسي لدعم التحركات العربية والدولية في هذا الإطار، خاصة التحركات بقيادة المملكة العربية السعودية ضمن إطار ما يُعرف بالتحالف الدولي لإقامة الدولة الفلسطينية، الذي يتطلب وحدة فلسطينية لتدعيم الجهود الهادفة إلى الوصول إلى حل الدولتين.


ويوضح أن الوفاق الفلسطيني يمكن أن يقدم إطاراً لرؤية فلسطينية موحدة تُدعم من المملكة العربية السعودية والمجموعة العربية، وتُعرض على الحلفاء الدوليين لتثبيت حق الفلسطينيين بإقامة دولة ذات سيادة. 


ويؤكد زكارنة أنه ستكون لهذا الوفاق تأثيرات ميدانية وسياسية ملموسة، خاصة في ظل التحركات الرامية إلى وقف العدوان وتعزيز الشرعية الفلسطينية.


وفي ما يتعلق بتوجهات حركة "حماس"، يعتقد زكارنة أن الحركة قبلت منذ مدة بإدارة السلطة لقطاع غزة، مشيراً إلى أن "حماس" لا تسعى للعودة إلى قيادة القطاع، وذلك لأسباب متعددة، أبرزها أن العالم لن يتعامل مع قطاع غزة تحت حكم حركة فصائلية، بل يفضل التعامل مع السلطة الفلسطينية التي تمثل الذراع التنفيذي لمنظمة التحرير الفلسطينية. 


ويؤكد زكارنة أن إعادة إعمار قطاع غزة تتطلب وجود عنوان سياسي متوافق عليه دولياً، وهو ما يجعل من قبول "حماس" بإدارة السلطة أمراً متوقعاً ومقبولاً دولياً وإقليمياً.


ويوضح زكارنة أن خسائر "حماس"، سواء على المستوى السياسي أو الميداني، إلى جانب الأضرار التي لحقت بالبنية التي أسستها الحركة على مدار السبعة عشر عاماً الماضية، تمنعها من استعادة حكم القطاع بشكل منفرد، وإن كانت قد تكون شريكة في الإدارة، إلا أن دورها سيكون ثانوياً وليس في المقدمة.

 

تأثير إدارة السلطة لغزة على جهود وقف الحرب

 

وبشأن تأثير إدارة السلطة لقطاع غزة على جهود وقف الحرب، يعتبر زكارنة أن هذه الخطوة قد تساهم بشكل ملموس في تحقيق ذلك، حيث يُتوقع أن تُستخدم كورقة سياسية مهمة من قبل دول الإقليم ومن قبل الحلفاء الغربيين، إضافة إلى ضغوط دولية تقودها دول البريكس وروسيا وعدد من الحلفاء. 


ويرى زكارنة أن إعادة تعريف دور السلطة الفلسطينية كذراع تنفيذية لمنظمة التحرير سيشكل نقطة محورية، خاصة مع الجهود الرامية إلى منع إسرائيل من إعادة تعريف العلاقات السياسية والأمنية في غزة بما يخدم مصالحها.

 

الوحدة الوطنية شرط ضروري لمواجهة التحديات

 

يؤكد الكاتب والمحلل السياسي ساري عرابي أن التوافق الوطني الفلسطيني يشكّل الركيزة الأساسية لإنقاذ غزة من خطر الإبادة الجماعية، موضحاً أن تحقيق الوحدة الوطنية يمثل شرطاً ضرورياً لمواجهة التحديات العميقة التي تحيط بالقضية الفلسطينية، ليس فقط في غزة، بل في فلسطين بأكملها. 


ويرى عرابي أن عدوان الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة ربما كان ليكون أقل شراسة لو توافرت وحدة وطنية فلسطينية، مشيراً إلى أن الشعب الفلسطيني يتعرض لهجمات ممنهجة من آلة الحرب الإسرائيلية، التي تستغل التفوق العسكري واللوجستي لتحقيق أهدافها، فيما تفتقر فلسطين إلى الإمكانات الكافية لمواجهة هذه الحرب الشاملة.


ويوضح عرابي أن مواجهة العدوان الإسرائيلي تتطلب رؤية موحدة وبرنامجاً وطنياً متفقاً عليه، معتبراً أن التشتت الحالي يعيق جهود الفلسطينيين ويزيد من حجم التحديات المفروضة عليهم. 


ويشدد عرابي على أن التوافق الوطني ليس مجرد خيار في مواجهة العدوان، بل شرط أساسي أيضاً للنهوض بالقضية الفلسطينية، وإيقاف محاولات الإبادة الجماعية التي تُمارس بحق الفلسطينيين في غزة. 


ويشير عرابي إلى أن سعي الاحتلال الإسرائيلي من أجل النجاح في تنفيذ مخططاته في غزة يهدف إلى تكريس المشروع الصهيوني، الذي يسعى إلى توسيع نفوذه والسيطرة على الأراضي الفلسطينية، بحيث لا يقتصر على غزة وحدها، بل يمتد ليشمل بقية فلسطين، ما يهدد الهوية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني.


ويؤكد عرابي أن المصالح الوطنية لجميع القوى السياسية الفلسطينية تتطلب التوصل إلى اتفاق وطني، مشيراً إلى أن حركة حماس أبدت استعداداً للتخلي عن إدارة قطاع غزة في مناسبات عدة قبل الحرب الحالية، مثل اتفاق 2017، حيث أعلنت الحركة استعدادها لذلك وحلت اللجنة الإدارية في غزة، وكذلك اتفاق 2014 الذي شهد خطوات مماثلة. 

 

"حماس" تبدي مرونة أكبر بشأن التخلي عن إدارة القطاع

 

وفي ظل الظروف الحالية، يوضح عرابي أن حركة حماس تبدي مرونة أكبر بشأن إمكانية التخلي عن إدارة قطاع غزة، لكنها تشترط ألا يكون غزة خاضعاً لأي وصاية إسرائيلية، أو إقليمية أو دولية، بل أن يتم الاتفاق وفق رؤية فلسطينية خالصة.


ويرى عرابي أن ظهور موقف وطني موحد يمكن أن يلعب دورًا إيجابيًا في محاولات وقف الحرب الإسرائيلية، حتى وإن كان الفلسطينيون يواجهون تحديات كبيرة في فرض إيقاف العدوان، مؤكدًا أن الوحدة الوطنية تبقى ضرورة ملحة في مواجهة عدو تاريخي يسعى إلى تقويض الحقوق الفلسطينية. 


ويؤكد عرابي أن حل القضية ليست في الأفكار أو المقترحات أو الرؤى المتاحة؛ فمنذ الانقسام الفلسطيني ظهرت العديد من الأفكار التي تساهم في حلحلة قضية الانقسام وتحقيق الوحدة، إلا أن المشكلة الحقيقية تكمن في الإرادة السياسية وتوافق القوى الوطنية على تحقيق التطلعات المشتركة، معتبراً أن الموقف الوطني المسؤول تجاه الحرب على غزة يتطلب العمل الجاد لمواجهة الحرب الشاملة والمستمرة على الفلسطينيين، سواء في غزة أو في الضفة الغربية، والتوافق الفلسطيني مهم باعتباره مصلحة وطنية مشتركة ومسؤولية جماعية.


ويشير عرابي إلى أن الاحتلال الإسرائيلي يستهدف الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية كذلك، من خلال سياسات تهدف إلى إلغاء أي كيان سياسي للفلسطينيين، ما يجعل وحدة الصف الفلسطيني ضرورة لا تقبل التأجيل.

 

 

خيارات الانتخابات الأمريكية بين "السيئ" و"الأسوأ"

 

يرى الكاتب والمحلل السياسي خليل شاهين أن التحركات الأخيرة للتفاهم بين حركتي "فتح" و"حماس" في ظل المتغيرات الإقليمية والدولية المتسارعة، لا سيما مع اقتراب الانتخابات الرئاسية الأمريكية، تأتي في سياق القلق لدى الحركتين من المستقبل وعدم اليقين بشأن سياسات الولايات المتحدة تجاه القضية الفلسطينية، أكثر من كونه استجابة مباشرة لاحتياجات المرحلة الحالية.


ويوضح أن الانتخابات الأمريكية المقبلة قد تحمل للسلطة الفلسطينية خيارات تتراوح بين "السيئ" و"الأسوأ"، فحتى في حال فوز نائبة الرئيس الأمريكي الحالية كامالا هاريس، فإنه لا يُتوقع تغيير جوهري في السياسة الأمريكية تجاه الفلسطينيين، بالنظر إلى أنها شريكة في القرارات التي اتخذتها إدارة بايدن خلال فترة الحرب على غزة. 


هاريس، حسب رأي شاهين، ليست مرشحة لإحداث تحول جذري، إذ من المرجح أن تواصل النهج الذي اتبعته الإدارة الديمقراطية السابقة، بما يشمل استمرار الشراكة مع إسرائيل في العديد من القضايا دون ضغط جدي لتغيير الواقع الحالي.


ولكن السيناريو الأكثر خطورة وسوءا، حسب تعبير شاهين، يتمثل في احتمال فوز الرئيس السابق دونالد ترامب، والذي يعيد إلى الأذهان "كوابيس صفقة القرن"، فعودته بالنسبة إلى السلطة تعني إعادة إحياء الأفكار التي تركز على تمكين إسرائيل من بسط سيادتها الكاملة على القدس، وضمان حرية إسرائيل في العمل بالضفة الغربية، بما في ذلك احتمال ضم أجزاء منها. 


شاهين يشير أيضاً إلى تصريحات ترامب السابقة حول "صغر مساحة إسرائيل"، ما يوحي بإمكانية دعم خطط إسرائيلية تهدف لتوسيع رقعة نفوذها جغرافياً، وربما إعادة طرح خطط التهجير القسري أو تشجيع الهجرة 

لسكان غزة، بهدف خلق واقع جديد وربما أبعد من ذلك.


ويعتقد شاهين أن قطاع غزة في قلب هذا القلق المستقبلي، فالسلطة الفلسطينية ترى أن فوز ترامب قد يعزز توجهات إسرائيلية-أمريكية تدفع نحو خلق إدارة عسكرية لقطاع غزة، وتجعل الفلسطينيين هناك أمام خيارين: القبول بوضعٍ تسيطر فيه إسرائيل على الأمور الأمنية، أو الهجرة خارج القطاع، وعلى الجانب الآخر، فإن حركة "حماس"، التي تعرضت لضغوط واغتيالات لقياداتها مثل إسماعيل هنية ويحيى السنوار، تجد نفسها في موقف دفاعي صعب، فهي تسعى لإيجاد صيغة إدارية تتيح لها السيطرة على القطاع دون أن تفقد نفوذها فيه.


وفي هذا السياق، يشير شاهين إلى تصريحات سابقة لرئيس المكتب السياسي السابق لحماس الشهيد إسماعيل هنية حينما قال عقب تخليه عن رئاسة الحكومة العاشرة: "إن حماس تتخلى عن الحكومة، ولكنها لا تغادر الحكم". 

 

"حماس" تتجه للحفاظ على نفوذها في القطاع

 

ويرى شاهين أن هذه الاستراتيجية مستمرة، إذ تتجه "حماس" اليوم إلى الحفاظ على نفوذها في قطاع غزة عبر تقديم خدمات أساسية للسكان ومقاومة الاحتلال.


ويبرز شاهين تعقيدات الوصول إلى اتفاق إداري أو حكومي بين فتح وحماس، حيث فشلت محاولات الاتفاق على "لجنة إدارية" لإدارة غزة، فيما يشير شاهين إلى أن الخلافات ظهرت حول مرجعية هذه اللجنة وصلاحياتها؛ هل ستكون تحت إدارة حكومة الوفاق الوطني برئاسة رئيس الحكومة د.محمد مصطفى، أم ستكون حكومة جديدة يتم التوافق عليها؟ كما أن الرئيس محمود عباس يتردد في منح اللجنة صلاحيات موسعة لإدارة القطاع في مرحلة إعادة الإعمار، وهو ما دفع محمد مصطفى لتشكيل لجنة موازية بهدف استباق أي صلاحيات قد تُمنح للجنة المتفق عليها.


وبسبب تعقيدات هذا الملف، يرى شاهين أن العودة إلى الحوار الأولي أصبح أمراً لا مفر منه، متوقعاً أن يؤجل أي تحرك جدي نحو الوحدة الفلسطينية حتى تتضح نتائج الانتخابات الأمريكية، وتسلم الإدارة الأمريكية الجديدة مهامها حتى مارس/ آذار المقبل، إذ سيتوقف الأمر بشكل كبير على إمكانية فوز ترامب من عدمه، وتوجهات الإدارة الأمريكية الجديدة التي ستتولى زمام الأمور بعد الانتخابات.

 

رؤية فلسطينية مشتركة لإفشال محاولات السيطرة على غزة

 

من جانب آخر، يُشدد شاهين على أن تحقيق التوافق الفلسطيني الداخلي أصبح حاجة استراتيجية لضمان صياغة رؤية فلسطينية مشتركة تقطع الطريق على محاولات إسرائيل السيطرة على قطاع غزة بعد الحرب، إذ إن وجود اتفاق فلسطيني سيكون مؤشراً على استقلالية القرار الفلسطيني، وسيظهر أن الفلسطينيين وحدهم من يُقررون شؤونهم، ما يجعل من الصعب على الدول التي قد تطرح خططاً بديلة للقطاع أن تستمر في مساعيها.


ويعتقد شاهين أن يؤدي وجود موقف عربي موحد، حتى وإن كان على مضض، إلى دعم الموقف الفلسطيني على الساحة الدولية، بما في ذلك وجود دعم روسي وصيني وربما أوروبي، ما يضع الولايات المتحدة في موقف معقد، ويجعلها أكثر خضوعاً للاستماع للمطالب الفلسطينية.


ويرى شاهين أن التغيرات على الجبهة الشمالية ومع إيران، وتطورات الصراع في المنطقة، باتت تجعل التواصل مع الأطراف الإقليمية أكثر ضرورة، لاسيما أن الملفات أصبحت مترابطة، فالتوصل إلى اتفاق حول غزة قد ينعكس على الجبهة الشمالية والعكس صحيح، ما يعني أن الجميع ينتظر ما ستؤول إليه الانتخابات الأمريكية لمعرفة مصير الملف الإقليمي بشكل عام.


ويؤكد أن هذه المتغيرات الإقليمية والدولية تدفع بالسلطة الفلسطينية وحركة حماس إلى تحقيق التوافق الفلسطيني الداخلي، خاصة مع احتمال وجود تغيرات في خطاب السياسة الخارجية الأمريكية حول عدم القضاء على حركة حماس، بل تريد عدم وجود الحركة في الحكم باليوم التالي للحرب، بحيث لوحظ منه هناك ميل لإدارة الصراع بدلاً من تصفيته، ما يفرض على الفلسطينيين استعداداً جديداً للتعامل مع أي سيناريو قد يظهر بعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقبلة.

 

سياسة ممنهجة لتصفية القضية الفلسطينية

 

يرى الكاتب والمحلل السياسي سامر عنبتاوي أن تصاعد الأحداث الجارية في فلسطين يعكس سياسة ممنهجة من قبل الحركة الصهيونية تهدف لتصفية القضية الفلسطينية بالكامل. 


ويشير عنبتاوي إلى أن هذه السياسة تشكل تصعيداً غير مسبوق ضد قطاع غزة، ومحاولات واسعة لفرض وقائع جديدة في الضفة الغربية عبر الاستيطان، إضافة إلى إجراءات صارمة تستهدف الأسرى والمقدسات وأي عنصر يمثل الهوية الفلسطينية. 


وفي هذا السياق، يرى عنبتاوي أن مسؤولية إنهاء الانقسام بين حركتي فتح وحماس لم تعد خياراً، بل أصبحت ضرورة وطنية فرضتها تطورات الواقع، مؤكداً أن إراقة الدماء الفلسطينية تحتم على الأطراف الفلسطينية مواجهة هذه التحديات بصف واحد للخروج من الأزمة.


ويشير إلى أن هذا الوضع يستدعي من الأطراف الفلسطينية تشكيل قيادة وطنية موحدة، وهو أمر تم الاتفاق عليه مراراً خلال اجتماعات عُقدت في عواصم عربية وأجنبية بحضور الأمناء العامين للفصائل الفلسطينية.


ويلفت عنبتاوي إلى أن المجلسين المركزي والوطني الفلسطينيين أقرا جملة من القرارات الداعمة للوحدة، إلا أنه لم يتم تطبيق أي منها، ما أبقى الخلافات الداخلية قائمة بين حركتي فتح وحماس حول مختلف القضايا السياسية والإدارية. 


ويوضح عنبتاوي أنه لو تم تطبيق هذه القرارات استناداً إلى الثوابت الفلسطينية بتحرير الأرض ومقاومة الاحتلال، والقطع الكامل للعلاقات مع إسرائيل، وإعادة بناء المجتمع الفلسطيني على أساس كونه شعباً تحت الاحتلال يقاوم، لكان لهذا تأثير مباشر على مجريات الأحداث الحالية في غزة.


ويلفت إلى أن الانقسام الداخلي يمثل ثغرة تستغلها الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل وبعض الأطراف الإقليمية لتطبيق أطماعها الخاصة في غزة.

 

حماس لن تقبل إدارة السلطة قطاع غزة

 

من جانب آخر، يرى عنبتاوي أن حركة حماس، على الأرجح، لن تقبل من السلطة الفلسطينية إدارة قطاع غزة طالما استمرت الخلافات الجوهرية بين الجانبين. 


ويشير عنبتاوي إلى أن تكرار مواقف السلطة التي يراها غير فعالة في مواجهة حرب الإبادة، وتزايد تأثير الانقسام على قواعد وقيادات الحركتين، يعززان هذا الموقف الرافض لدى حركة حماس. 


ويرى عنبتاوي أن هناك رؤية مختلفة لدى حماس لإدارة قطاع غزة، وأن التوصل إلى توافق عميق بين الحركتين حول غزة يتطلب ألا يكون لأية جهة إقليمية أو دولية تدخل في هذا الشأن.


وفي ما يتعلق بتأثير تسلُّم السلطة إدارة غزة على الحرب الحالية أو وقف إطلاق النار، يعتقد عنبتاوي أن إسرائيل لن تقبل بهذا السيناريو، حتى لو كانت السلطة هي الطرف الذي يدير القطاع.

 

حكومة نتنياهو تسعى للضم وتعميق الانقسام الفلسطيني

 

ويؤكد عنبتاوي أن حكومة نتنياهو اليمينية المتطرفة تتبنى سياسة تهدف إلى ضم غالبية أراضي الضفة الغربية والسيطرة على أجزاء من غزة. 


ويشير إلى أن قبول إسرائيل بوجود كيان فلسطيني موحد، حتى لو كان تحت إدارة السلطة، يعتبر معيقاً لاستراتيجيتها، إذ إن هذا التوجه يتعارض مع خطط نتنياهو وحكومته الرامية لتفكيك السلطة الفلسطينية وإضعافها لمنع قيام دولة فلسطينية مستقلة في المستقبل، وهو ما لا تريده حكومة نتنياهو من خلال رفض الكيانية الفلسطينية.


عنبتاوي يرى أن الاستراتيجية الإسرائيلية تهدف إلى تعميق الانقسام الفلسطيني، والإبقاء على الوضع الراهن في غزة كجزء من سياسة تطهيره التدريجي من سكانه وتحويله إلى منطقة غير صالحة للحياة، فيما يستمر الاحتلال في السيطرة على أجزاء كبيرة من الضفة. 


ويشير عنبتاوي إلى أن دولة الاحتلال الإسرائيلي تهدف للاستيلاء التدريجي على نحو 60% من أراضي الضفة الغربية، وذلك عبر إضعاف السلطة الفلسطينية بشكل تدريجي وصولاً إلى إلغاء وجودها وصلاحياتها، وعبر تصعيد الصراع بين المستوطنين والمواطنين الفلسطينيين في الضفة.


وبهذا، يرى عنبتاوي أن إسرائيل تسعى في نهاية المطاف إلى القضاء على أي كيان سياسي فلسطيني يمكن أن يطالب بحقوقه، ويمثل طموحات الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة.


ويعتقد عنبتاوي أن هذا الوضع المعقد يتطلب من القيادات الفلسطينية إدراك حجم المخاطر المحيطة والعمل على تعزيز وحدة الصف لمواجهة التحديات المتزايدة، لكن تحقيق هذا الهدف يتطلب إرادة حقيقية للوحدة الوطنية، وتجاوز أي عقبات تحول دون تحقيقها.

دلالات

شارك برأيك

التوافق الوطني بين "فتح" و"حماس".. ضرورة مُلحة لنزع الذرائع وسد الثغرات

المزيد في فلسطين

أسعار العملات

الأربعاء 25 ديسمبر 2024 9:36 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.65

شراء 3.64

دينار / شيكل

بيع 5.15

شراء 5.13

يورو / شيكل

بيع 3.8

شراء 3.77

هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟

%57

%43

(مجموع المصوتين 302)