عربي ودولي
الإثنين 30 سبتمبر 2024 8:03 صباحًا - بتوقيت القدس
مَن يملأ الفراغ القيادي؟ هل يُعيد حزب الله ترتيب أوراقه وترميم هيبته؟
رام الله- خاص بـ"القدس" و"القدس" دوت كوم:
سليمان بشارات: من سيخلف نصر الله في قيادة الحزب يحتاج لخلق توازن دقيق بين التحديات السياسية والميدانية
د. أشرف بدر: الضربات التي تعرض لها حزب الله تتطلب منه إعادة تقييم ومعالجة الثغرات في منظومته الأمنية
سماح خليفة: حزب الله يمتلك سيناريوهات جاهزة للتعامل مع فقدان قياداته وقد يعيد النظر بعلاقاته مع إيران
محمد جرادات: حزب الله لن يهتز باغتيال نصر الله والعديد من قياداته وسيظل متماسكاً في ساحات القتال
داود كُتّاب: رغم الضربات المتلاحقة فإن حزب الله يمتلك قيادات وكوادر وعقيدة صلبة قادرة على سد الفراغ
سامر عنبتاوي: اغتيال نصر الله برمزيته الكبيرة سيؤدي إلى تصعيد في المواجهة بين حزب الله وإسرائيل
يواجه حزب الله اللبناني تحديات كبيرة بعد سلسلة الضربات التي تلقاها في الآونة الأخيرة، والتي قد تكون مرتبطة باختراقات أمنية، ما أثار تساؤلات حول قدرة الحزب على الحفاظ على أمنه الداخلي ومستقبله التنظيمي، وإمكانية تعافيه واستمراره في المواجهة في ظل العدوان الإسرائيلي على لبنان، ومحاولة إسرائيل ردع حزب الله وإجباره على التنازل عن كونه جبهة إسناد لغزة.
كتاب ومحللون سياسيون قالوا في أحاديث منفصلة لـ"ے": إن هذه الاختراقات تشير إلى وجود خرق تكنولوجي واستخباري من جانب إسرائيل، التي نجحت في استهداف الحزب بطرق غير تقليدية مثل تفجير أجهزة الاتصالات "البيجر"، ثم سلسلة الاغتيالات التي طاولت قادته، وصولاً إلى رأس الهرم أمينه العام حسن نصر الله.
وأعرب هؤلاء الكتاب والمحللون عن اعتقادهم أن حزب الله قد يتعافى من هذه الضربات على المدى البعيد، إلا أن تأثير غياب نصر الله قد يترك فراغاً نفسياً ومعنوياً مؤقتاً، حيث كان يتمتع بحضور كاريزمي كبير وقدرة على التواصل مع جمهوره.
وأشار الكتاب والمحللون إلى أن الأمين العام الجديد لحزب الله ستتعين عليه مواجهة تحديات مزدوجة، تتمثل في إعادة ترتيب أوراق الحزب داخلياً لمواجهة الاختراقات الأمنية، وفي الوقت نفسه الحفاظ على دوره في المقاومة، وضمان استمرارية تماسك الحزب.
أسئلة جوهرية حول طبيعة الاختراق الأمني
وقال الكاتب والمحلل السياسي سليمان بشارات: "إن هناك أسئلة جوهرية حول طبيعة الاختراق الأمني الذي أدى إلى اغتيال الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، وما سبقه من اغتيالات وتفجير لأجهزة الاتصالات لحزب الله "البيجر".
وأشار بشارات إلى وجود "حلقة مفقودة" في تفسير هذه العمليات، خاصة في ظل قدرة حزب الله على الحفاظ على أمنه لعقود مضت.
وأكد بشارات أن هذا الاختراق يكشف عن عدة أبعاد أساسية، أولها يتعلق بالتكنولوجيا المتقدمة التي استخدمتها إسرائيل، خصوصاً ما يتعلق بتفجيرات أجهزة "البيجر"، وربما تكون هذه الأجهزة قد استُخدمت كنقاط مراقبة لجمع المعلومات حول تحركات حزب الله، وهو ما مكّن إسرائيل من تكوين قاعدة بيانات شاملة حول الحزب وقياداته.
وأضاف: البعد الثاني من الاختراق، يتعلق بالتركيبة الاجتماعية والاقتصادية المفتوحة للبنان منذ حرب 2006.
وهذا الانفتاح، أتاح لإسرائيل بالتعاون مع أجهزة استخبارات دولية – وعلى رأسها الولايات المتحدة – جمع معلومات واسعة حول نشاطات الحزب.
أما البعد الثالث، وفقاً لبشارات، فإنه ومع توسع حزب الله في الحياة السياسية والاجتماعية بلبنان، أصبحت تحركاته واتصالاته أكثر عرضة للاختراق.
مشاركة الحزب في دعم الدولة السورية
ولفت بشارات إلى بعد آخر، وهو دخول حزب الله في الحرب السورية منذ 2011 وما نتج عن ذلك من تعرضه لمزيد من المراقبة، من أجهزة الاستخبارات الدولية، إذ إن إسرائيل استفادت من هذا الانخراط لتوسيع معلوماتها حول هيكلية الحزب وتكتيكاته. وتساءل بشارات إن كان الحزب قادراً على معالجة هذا الاختراق في المستقبل؟
وأشار بشارات إلى العلاقات المتزايدة بين حزب الله وإيران، كبعد أمني اخر، والتي قد تكون فتحت مزيدًا من القنوات للاختراق، خاصة في ظل استهداف شخصيات إيرانية بارزة قبل السابع من أكتوبر.
وأكد بشارات أن الموساد الإسرائيلي يرتبط بعلاقات واسعة مع أجهزة الاستخبارات العالمية، ما يجعل عملية جمع المعلومات حول حزب الله أكثر فعالية وشمولية منذ عام 2006 وحتى الآن.
بالرغم من الضربات القاسية التي تلقاها حزب الله، يرى بشارات أن الحزب يمتلك قدرة ذاتية على التعافي، مشيراً إلى أن قوى المقاومة بطبيعتها قادرة على استعادة عافيتها، واستشهد بتجارب الفصائل الفلسطينية التي تعرضت لاغتيالات عديدة لقادتها، لكنها استطاعت النهوض مجدداً.
لكن بشارات لفت إلى أن غياب شخصية بحجم وحضور حسن نصر الله قد يؤثر على الروح المعنوية داخل الحزب لفترة من الزمن، إذ يُعد نصر الله شخصية كاريزماتية قريبة من قاعدته الشعبية، وهو ما يجعل فقدانه ضربة ليس فقط عسكرية بل نفسية أيضاً.
الأهداف والأيدولوجيا تتجاوز الأشخاص
وأكد أن الحزب سيظل مرتكزاً على أهدافه وأيديولوجيته التي تتجاوز الأشخاص.
وفي ما يتعلق بخليفة نصر الله، قال بشارات: إن التحدي الأكبر الذي سيواجهه الأمين العام الجديد هو القدرة على إعادة ترتيب أوراق الحزب في ظل هذه الظروف الصعبة، وستكون مهمته مزدوجة، تتمثل في الحفاظ على تماسك الحزب داخلياً، مع ضمان اتخاذ قرارات حاسمة وشجاعة في مواجهة التحديات المقبلة.
وأشار بشارات إلى أن أي شخصية تتولى منصب الأمين العام لحزب الله ستحتاج إلى إحداث توازن دقيق بين التحديات السياسية والميدانية، وبين الحفاظ على مكانة الحزب الجماهيرية وقدرته على مواصلة المقاومة.
وأكد بشارات أن حزب الله يقف اليوم على مفترق طرق مهم، حيث ستحدد الأسابيع والأشهر المقبلة ما إذا كان الحزب قادراً على التعافي الكامل واستعادة قدرته التنظيمية كما كانت في السابق، أم أن عملية اغتيال نصر الله ستترك فراغاً لا يمكن تعويضه بسهولة.
وحسب بشارات، من الممكن أن يكون الخليفة المقبل أكثر تشدداً وجاهزية لاتخاذ قرارات حاسمة حول توجهات الحزب المستقبلية.
ثغرات بسبب التكنولوجيا أو العنصر البشري
أما الكاتب والمحلل السياسي د. أشرف بدر، فيرى أن الاستهدافات الأخيرة التي تعرض لها حزب الله، بما في ذلك اغتيال أمينه العام حسن نصر الله، تتطلب من الحزب إعادة تقييم دقيقة ومعالجة الثغرات التي ظهرت في منظومته الأمنية.
وأشار بدر إلى أن هذه الثغرات قد تكون مرتبطة إما بالتكنولوجيا أو بالعنصر البشري، موضحاً أن حزب الله لم يخضع لاختبار حقيقي لمدى صلابة منظومته الأمنية منذ حرب 2006، ويبدو أن هناك حالة من الاسترخاء الأمني داخل الحزب، وهو ما أسهم في وقوع تلك الاختراقات.
ورجح بدر قدرة حزب الله على استعادة عافيته بعد الضربات القاسية التي تلقاها، مستنداً في ذلك إلى تجارب سابقة.
وشدد بدر على أن حركات المقاومة، بشكل عام، لا تقوم على شخصيات فردية، وإنما تمتلك مخزوناً بشرياً كبيراً يمكن الاعتماد عليه في التعافي من أي خسائر في القيادات والكوادر.
ويرى بدر أن حركات المقاومة قادرة على إعادة ترتيب صفوفها بشكل فعال حتى وإن كانت الرمزية في الشخصيات القيادية عالية.
كاريزما قوية وإمكانات قيادية
وأوضح بدر أن نصر الله كان يتمتع بكاريزما قوية وإمكانات قيادية وخبرات ومقدرة على مخاطبة الجماهير، من الصعب إيجاد بديل له بسهولة، إلا أن الظروف التي يعيشها الحزب بعد اغتياله قد تؤدي إلى صعود شخصية جديدة أكثر "صقورية" لتولي القيادة.
وأشار بدر إلى أن التنظيمات المسلحة تميل في أوقات الحرب إلى إبراز شخصيات حازمة ذات إرادة صلبة، لتتبوأ المناصب القيادية. كمثال على ذلك، تجربة حركة حماس بعد اغتيال إسماعيل هنية، حيث اختارت الحركة يحيى السنوار، المعروف بصلابته وقوة إرادته، رئيساً لمكتبها السياسي.
ورجح بدر أن حزب الله قد يتخذ خطوة مماثلة في المستقبل القريب، حيث سيبرز قائد جديد يتمتع بقدرات قيادية تتناسب مع متطلبات المرحلة الحالية.
أحلام نتنياهو في تحقيق "النصر الساحق"
واعتبرت الكاتبة والمحللة السياسية سماح خليفة أن حزب الله تلقى ضربة موجعة، حيث استهدفت إسرائيل الأذرع القيادية في الحزب، وصولًا إلى اغتيال أمينه العام حسن نصر الله، في خطوة تسعى من خلالها دولة الاحتلال، بقيادة بنيامين نتنياهو، إلى تحقيق ما وصفه بـ "النصر الساحق".
وأشارت خليفة إلى أن نتنياهو يسعى من خلال هذه الضربة إلى إظهار تقدم كبير أمام الشعب الإسرائيلي عبر القضاء على القيادات الكبرى في الحركات المعادية لإسرائيل، سواء أكان ذلك في حركة حماس أم حزب الله.
ومع ذلك، أكدت خليفة أن ما قد يغفل عنه الإسرائيليون هو أن هذه التنظيمات لا تعتمد على الأشخاص بقدر ما ترتكز على عقيدة راسخة وفكرة ثابتة لا تموت بموت القيادات، مشيرة الى تصريحات سابقة لكل من رئيس المكتب السياسي لحركة حماس يحيى السنوار وأمين عام حزب الله حسن نصر الله: "كل قيادي أو عنصر من الحزب هو مشروع شهادة".
واعتبرت خليفة أن عملية اغتيال نصر الله تشير إلى وجود اختراق أمني كبير داخل صفوف حزب الله، وقد يكون هذا الاختراق نتاج تعاون استخباراتي دولي، إذ تدعم إسرائيل معلوماتها من خلال شبكة عالمية من أجهزة الاستخبارات، فضلاً عن استخدامها لتقنيات التجسس المتقدمة والأقمار الصناعية التي تمدها بمعلومات دقيقة.
الاختراقات والتحقيقات الدولية في اغتيال الحريري
وربطت خليفة هذا الاختراق بالتحقيقات الدولية السابقة، وتحديدًا في قضية اغتيال رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري عام 2005، حيث أدى تدخل جهات خارجية إلى كشف كميات ضخمة من المعلومات حول أنظمة الاتصالات المختلفة، وهو ما قد تكون إسرائيل استفادت منه للحصول على معلومات عن قيادات وكوادر حزب الله.
وترى خليفة أن مشاركة حزب الله في الحرب السورية عام 2011 ساهمت أيضاً في كشف تحركات الحزب واتصالاته، ما جعل من السهل على إسرائيل تتبع نشاطات عناصر الحزب في تلك الفترة.
وأشارت خليفة إلى حادثة "البيجر" الأخيرة، كدليل آخر على حجم المراقبة الإسرائيلية الدقيقة لتحركات حزب الله.
وقالت: "بالرغم من هذه الضربة القاسية، إلا أن حزب الله سيتمكن من التعافي، كما فعل في أعقاب حرب لبنان الثانية عام 2006، عندما دعمت الولايات المتحدة إسرائيل تحت شعار "نحو شرق أوسط جديد".
تلك الحرب التي شهدت حصاراً بحرياً وجوياً على لبنان، ونزوح نصف مليون لبناني، انتهت بعودة الحزب إلى قوته بعد إعادة ترتيب صفوفه واستنباط الدروس والعبر من المواجهة.
سيناريوهات جاهزة للتعامل مع فقدان القيادات العليا
وترى خليفة أن اغتيال نصر الله، بالرغم من أنه ضربة قوية، ليس سوى جزء من سلسلة استهدافات سابقة، فالحزب يمتلك سيناريوهات جاهزة للتعامل مع فقدان قياداته العليا، ولديه تعليمات واضحة لتنفيذ العمليات حتى في غياب القادة.
وأكدت خليفة أن حزب الله سيواصل مقاومته ضد الاحتلال الإسرائيلي، وسيدعم حركة حماس في غزة، مع الدفاع عن لبنان وشعبه.
وتطرقت خليفة إلى مسألة تتعلق بتوجهات حزب الله في المرحلة المقبلة، حيث قد يعيد الحزب التفكير في مدى ارتباطه بإيران، التي تُعد مصدر قوته الأساسية.
وأشارت إلى أن حزب الله رغم امتلاكه لترسانة صواريخ متقدمة، لم يستخدم الحزب حتى الآن قدراته الكاملة في مواجهة إسرائيل، وهو ما قد يثير تساؤلات حول تردده.
وأضافت خليفة: "إن حزب الله يخضع لتوجيهات إيران، ولا يمكنه مخالفتها، ما يفسر حذره في استخدام قوته الصاروخية".
خليفة نصر الله
وفيما يخص خليفة نصر الله، قالت: إن المرحلة المقبلة ستتأثر بشكل كبير بالشخصية التي ستتولى قيادة الحزب، ففي السابق، تولى حسن نصر الله قيادة الحزب بعد اغتيال عباس الموسوي، وتعرض لأربع محاولات اغتيال منذ توليه المنصب، وبعد اغتيال نصر الله لا بد أن يخلفه من هو قريب من شخصيته، والمرشح الأبرز لخلافته هو هاشم صفي الدين، الذي يتمتع بثقة كبيرة داخل الحزب ويُعد من أقرب الشخصيات إلى نصر الله، وإلى جانبه، هناك نعيم قاسم، نائب الأمين العام، الذي يُشرف على العمل النيابي والحكومي للحزب، وسيظل الحدث يحتمل مفاجآت ربما غير متوقعة من قبل المراقبين للحدث، من أجل إرباك العدو.
تساؤلات واجبة حول الاختراقات الأمنية
بدوره، قال الكاتب والمحلل السياسي محمد جرادات إن المنطقة شهدت تطوراً غير مسبوق في مسار الصراع مع إسرائيل، بعد اغتيال الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، في حادثة صادمة وغير متوقعة.
وأوضح جرادات أن عملية اغتيال نصر الله أثارت تساؤلات واجبة حول الاختراقات الأمنية التي تعرّض لها الحزب، الذي يُعرف بصلابته الأمنية في المنطقة، وهو ما يجعل هذا الاغتيال، الذي جاء بعد سلسلة اغتيالات استهدفت قيادات الحزب العسكرية، حدثاً استثنائياً.
وطرح جرادات عدة تساؤلات عميقة حول هذا الحدث منها: "هل حصل اختراق أمني على مستوى عالٍ داخل بنية حزب الله؟ أم أن إسرائيل، بدعم تكنولوجي من الولايات المتحدة، وصلت إلى تطور تقني هائل يمكنها من استهداف أي شخص تريده؟".
وأضاف جرادات: "هذا اللغز قد يبقى غير محلول لسنوات، سواء كشفه حزب الله أو تبجحت إسرائيل به لاحقًا".
وأكد جرادات أن الأيام المقبلة قد تكشف المزيد من المفاجآت على صعيد الصراع بين إسرائيل وحزب الله، مشيراً إلى أن "الصراع الأمني لا يقل أهمية عن الصراع العسكري والسياسي، إذ تحمل الأحداث، بما فيها حرب (طوفان الأقصى)، الكثير من الألغاز الأمنية التي لا يمكن فك رموزها بسهولة، إلا من خلال التحليلات والتقديرات النسبية".
تأثير كبير على الحزب على المدى القصير والبعيد
ويرى جرادات أن الضربات التي تلقاها حزب الله، بما في ذلك تفجيرات أجهزة اتصالاته وسلسلة الاغتيالات، وصولًا إلى اغتيال نصر الله، هزت بنية الحزب التنظيمية، حيث أن نصر الله كان شخصية ذات مكانة دينية، وسياسية، وروحية كبيرة، وسيكون لهذا الاغتيال تأثير كبير على الحزب على المدى القصير والبعيد.
وأشار جرادات إلى حادثة مشابهة، عندما اغتالت إسرائيل عام 1992 الأمين العام السابق لحزب الله، عباس الموسوي، وتبجحت بذلك، ولكن لاحقًا تبين أن القيادة الجديدة في الحزب كانت أكثر تطورًا وعمقًا، خاصة مع تطور إمكانيات إيران في المنطقة، ما أدخل فكرة المقاومة في مرحلة جديدة غيّرت المشهد السياسي والعسكري في المنطقة.
وعلى الرغم من كل هذه التحديات، أكد جرادات أن حزب الله سيبقى متماسكاً، خاصة في ساحات القتال، حيث يظهر مقاتلوه التزامًا كبيرًا تحت قيادة الحزب.
ويرى جرادات أن الحزب يواجه تحديات كبيرة، وخاصة أن هذه الضربات قد تدفعه نحو اتخاذ ردود فعل نوعية، وربما دفع القتال نحو مرحلة جديدة أكثر تعقيداً.
وفي ما يتعلق بخلافة نصر الله، أوضح جرادات أن هاشم صفي الدين يعد المرشح الأوفر حظاً لقيادة الحزب، كونه قائد السلطة التنفيذية في حزب الله ومن ذرية آل البيت، وهي ميزة تعطيه الأفضلية، حسب المذهب الشيعي الإثني عشري، على نائبه نعيم قاسم.
وأكد جرادات أن حزب الله لن يهتز باغتيال شخص، إذ إن التنظيمات تُقاس ببنيتها التنظيمية وليس بوجود فرد بعينه.
تحديات غير مسبوقة واجهت حزب الله
بدوره، اعتبر الكاتب والمحلل السياسي داود كُتّاب أن حزب الله يواجه تحديات غير مسبوقة منذ تفجير أجهزة الاتصالات الخاصة به، بما في ذلك "البيجرز" و"الوكي توكي"، مروراً بسلسلة اغتيالات طالت كوادره وصولا إلى اغتيال الأمين العام للحزب، حسن نصر الله.
هذه الضربات، وفقاً لكتّاب، كشفت عن وجود اختراقات على مستوى عالٍ داخل حزب الله، الأمر الذي سيتطلب من حزب الله وقتاً لإعادة ترتيب أوراقه الداخلية.
وأشار كُتّاب إلى أن حزب الله، بالرغم من الضربات المتلاحقة التي تلقاها، يمتلك قيادات وكوادر وعقيدة صلبة قادرة على سد الفراغ الذي خلفته هذه الخسائر، إلا أن طبيعة هذه الضربات كانت قاسية وتستدعي من الحزب إعادة النظر في هيكلية التنظيم وأهدافه.
وقال كُتّاب: إن القيادة الجديدة لحزب الله ستحتاج عند تسلمها، إلى التخطيط على مستويين: الأول هو إعادة ترتيب الحزب من الداخل من حيث التنظيم والعتاد، والثاني هو إعادة تقييم علاقاته مع الدولة اللبنانية والمجتمع الدولي.
ليس سهلاً اختيار أمين عام جديد
وعلى صعيد القيادة، أكد كُتّاب أن اختيار أمين عام جديد للحزب لن يكون مهمة سهلة، خاصة أن حسن نصر الله كان يتمتع بكاريزما وحكمة وقدرة على إدارة الأمور بصلابة وعقلانية قلما توجد في قائد واحد.
ولفت كُتّاب إلى أن هذا الغياب لنصر الله سيضع القيادة الجديدة أمام تحديات كبيرة، حيث لن يكون بإمكانها اتخاذ القرارات بنفس الحرية والراحة التي تمتع بها نصر الله.
ويرى كُتّاب أن القيادة الجديدة يجب أن تتخذ قرارات حاسمة في ما يتعلق بالصراع مع إسرائيل، وعلاقة المقاومة مع غزة، إضافة إلى العلاقات مع الدولة اللبنانية والجيران السوريين.
وشدد على ضرورة إعادة النظر في العلاقة مع إيران، الداعم الرئيسي لحزب الله، التي تفضل الابتعاد قليلاً عن الانخراط في حرب مباشرة مع إسرائيل، وهو عامل إضافي يزيد من الضغوط على القيادة المقبلة.
وتوقع كُتّاب أن يلجأ حزب الله إلى قيادة جماعية مؤقتة في المرحلة الفورية بعد اغتيال نصر الله، على أن تعمل هذه القيادة على استعادة الدعم والتأييد من كوادر الحزب والمجتمع المحلي والدولي، خاصة الدول ذات الصلة بحزب الله.
تحولات جذرية أكثر تشدداً في الفترة المقبلة
وقال الكاتب والمحلل السياسي سامر عنبتاوي: إن الاحتلال الإسرائيلي، منذ حرب 2006 وحتى الآن، لم يدخل في مواجهة مباشرة مع حزب الله، لكن الاحتلال ركز جهوده على جمع المعلومات الاستخباراتية حول المقاومة اللبنانية على جميع الأصعدة. وفي المقابل، كان حزب الله يتصرف وكأنه دولة بحد ذاتها، حيث كانت تحركاته وعمله في مؤسساته ومكاتبه طبيعية إلى حد كبير.، وهذه الحالة من "الروتينية" سمحت لإسرائيل بتنفيذ سلسلة من الهجمات والاغتيالات، بما في ذلك تفجير أجهزة الاتصالات التابعة للحزب، وتنفيذ سلسلة اغتيالات وصولاً إلى اغتيال أمينه العام، حسن نصر الله.
ورجح عنبتاوي أن هذه الهجمات، تمت بمساعدة استخباراتية من دول أخرى، مثل الولايات المتحدة، وساعد في ذلك عدم اتخاذ حزب الله احتياطات أمنية كافية لحماية قادته وعناصره.
وقال عنبتاوي: "بالرغم من أن هذه الضربات كانت موجعة ومؤثرة، إلا أن الحزب يمتلك إمكانيات هائلة، سواء من حيث الكادر البشري أو السلاح أو التعبئة الثورية، ما سيمكنه من تجاوز هذه الخسائر واستعادة قوته".
من ناحية أخرى، أشار عنبتاوي إلى أن اغتيال حسن نصر الله، الذي كان يُعتبر رمزاً كاريزماتياً وقائداً مؤثراً على مستوى الإقليم، سيؤدي بلا شك إلى تصعيد في المواجهة بين حزب الله وإسرائيل.
مدرسة حزبية بقواعد تنظيمية صارمة
وأضاف: بالرغم من فقدان حزب الله لهذه الشخصية المؤثرة، إلا أن نصر الله كان قد أسس مدرسة داخل الحزب تعتمد على قواعد تنظيمية قوية وتثقيف حزبي صارم، ما يعني أن الحزب سيظل قادراً على إعادة ترتيب أوراقه واستعادة عافيته، وإن كان ذلك سيحتاج إلى وقت وجهود متواصلة.
ويرى عنبتاوي أن غياب حسن نصر الله سيترك فراغاً كبيراً في الحزب، خاصة وأن نصر الله كان يتمتع بحكمة وتواضع وقدرة على ضبط التوازنات محلياً وإقليمياً، وكانت خطاباته تحظى بانتظار وترقب من الجميع.
ومع ذلك، أشار عنبتاوي إلى أن حزب الله قد يتجه نحو تحولات جذرية أكثر تشدداً في الفترة المقبلة، حيث ترددت أنباء عن احتمال أن يخلف نصر الله هاشم صفي الدين، الذي يُعرف بتشدده ورغبته في المواجهة مع إسرائيل.
ولفت عنبتاوي إلى أن صفي الدين يبدأ عهده بقوة من خلال ترتيب صفوف الحزب وإجراء مراجعات شاملة للهيكلية التنظيمية، وهذه التحولات قد تدفع الحزب نحو مزيد من التصعيد مع إسرائيل، مستفيداً من تجربته الطويلة في التعامل مع الأزمات واستعادة قوته بعد اغتيال قياداته.
وأشار إلى أن اغتيال نصر الله قد يعطي حزب الله دفعة جديدة للاستمرار في المواجهة، وأن الحزب قادر على الترميم والتجديد، ما قد يجعله أقوى على المدى الطويل.
ولفت عنبتاوي إلى أن التجارب اثبتت قدرة حركات المقاومة على مراجعة نفسها باستمرار وترميم أنفسها حين يتم اغتيال أحد قادتها، ولذلك أعتقد أن حزب الله سوف يستعيد عافيته.
دلالات
الأكثر تعليقاً
أبو الغيط: الوضع في فلسطين غير مقبول ومدان ولا يجب السماح باستمراره
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
الأردن: حكم بسجن عماد العدوان 10 سنوات بتهمة "تهريب أسلحة إلى الضفة"
سموتريتش يضع البنية التحتية المنطقة (ج) في مهبّ أطماع المستوطنين
ضابط إسرائيلي يهرب من قبرص بسبب غزة
مصطفى: الصحفيون الفلسطينيون لعبوا دورا محوريا في فضح جرائم الاحتلال
استهداف الصحفيين بالقتل والاعتقال.. محاولة للتعمية على الجريمة الـمُدوّية
الأكثر قراءة
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
الأونروا: فقدان 98 شاحنة في عملية نهب عنيفة في غزة
بعد مرسوم بوتين.. هل يقف العالم على الحافة النووية؟
زقوت في حوار شامل مع "القدس".. خطة حكومية لوضع دعائم بناء دولة مستقلة
سموتريتش يضع البنية التحتية المنطقة (ج) في مهبّ أطماع المستوطنين
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
ضابط إسرائيلي يهرب من قبرص بسبب غزة
أسعار العملات
الأربعاء 20 نوفمبر 2024 9:43 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.74
شراء 3.73
دينار / شيكل
بيع 5.28
شراء 5.26
يورو / شيكل
بيع 3.96
شراء 3.95
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%54
%46
(مجموع المصوتين 79)
شارك برأيك
مَن يملأ الفراغ القيادي؟ هل يُعيد حزب الله ترتيب أوراقه وترميم هيبته؟