عربي ودولي
الأحد 22 سبتمبر 2024 9:20 صباحًا - بتوقيت القدس
الاختراقات في حواضن حزب الله.. ضربات تحت الحزام
رام الله -خاص بـ"القدس" دوت كوم
اللواء د. محمد المصري: معالجة هذه الاختراقات ستستغرق وقتاً وستؤثر على قدرات حزب الله وكوادره
اللواء واصف عريقات: حزب الله قادر على تجاوز هذه الأزمة وهو ما يتجلى في استمرار عملياته
أكرم عطا الله: الضربات الإسرائيلية تؤكد عدم اتخاذ حزب الله الاحتياطات اللازمة وضربت عصبه المركزي
هاني أبو السباع: حزب الله قد يعيد الالتفاف حول قيادته بعد أول رد كبير.. وما حدث قرّب الحرب الشاملة
سامر عنبتاوي: تحول استراتيجي في السياسة الأمنية والعسكرية لإسرائيل ومساعٍ للانتقال إلى جبهة لبنان
تشهد الساحة اللبنانية تصاعداً ملحوظاً في وتيرة التوتر بين حزب الله وإسرائيل، في ظل اختراقات أمنية متعددة نالت من قدرات الحزب وأثرت على كوادره، فيما حملت الضربات الإسرائيلية رسائل عدة سياسية وعسكرية.
ويرى كتاب ومحللون سياسيون وخبراء أمنيون وعسكريون، في أحاديث منفصلة مع "ے"، أن هذه التطورات تأتي في إطار التصعيد المستمر بين الطرفين منذ عقود، الذي بلغ ذروته بعد أحداث 8 أكتوبر 2023، وأن هذه الاختراقات تأتي في سياق سعي إسرائيل إلى تحييد حزب الله وفصله عن جبهة غزة، في ظل محاولاتها لاستعادة هيبتها الأمنية والاستخبارية التي اهتزت بعد السابع من أكتوبر.
وفي الوقت الذي يبدو فيه أن الاختراقات الأمنية التي تعرض لها الحزب جاءت نتيجة تعاون محلي وتقنيات متقدمة، فإن الكتاب والخبراء يرون أن الهجمات التي طالت كوادر الحزب وقياداته العسكرية تشير إلى مستوى عالٍ من التخطيط الاستخباري الإسرائيلي، لكن بالرغم من هذه الضربات الموجعة، يواصل "حزب الله" استهداف المواقع العسكرية الإسرائيلية، ما يبرز قدرته على الصمود وترتيب وترميم صفوفه، واستمراره في الرد على الاعتداءات الإسرائيلية.
ويؤكد الكتاب والخبراء أنه مع تصاعد الضغوط على حزب الله، فإن الحزب يجد نفسه أمام تحديات كبيرة ليس فقط في الحفاظ على قدراته العسكرية، بل أيضًا في مواجهة التأثير على حاضنته الشعبية وتعزيز ثقتها به.
الصراع يعود إلى عام ١٩٨٢
يؤكد اللواء د. محمد المصري، الخبير في الشؤون الأمنية والاستراتيجية، أن الصراع بين حزب الله ودولة الاحتلال الإسرائيلي يعود إلى عام 1982، حيث شهد عدة مراحل مختلفة، وصولاً إلى أحداث 8 أكتوبر 2023، حين دخل حزب الله كجبهة إسناد تحت شعار "لن نتخلى عن قطاع غزة".
هذا التطور، بحسب المصري، استنزف جيش الاحتلال الإسرائيلي، إلا أن الدول الحليفة لإسرائيل تسعى جاهدة لمنع خروج الأمور عن السيطرة.
ويشير اللواء المصري إلى أن الاختراقات الأمنية التي حدثت داخل حزب الله لم تكن مفاجئة، موضحاً أن إسرائيل حافظت على وجود أمني في لبنان منذ عام 1978.
ويلفت المصري إلى أن تساهل المقاومة اللبنانية في التعامل مع من تعاونوا مع دولة الاحتلال الإسرائيلي قد ساهم في تفاقم الوضع، خاصة في ظل الانقسامات الداخلية في لبنان بشأن حزب الله.
المصري يشير إلى أن الاحتلال الإسرائيلي ودولاً أُخرى ربما عملت على اختراق أجهزة الاتصالات الخاصة بحزب الله، وهو ما أسفر عن تفجير هذه الأجهزة واغتيال قيادات عسكرية في الضاحية الجنوبية لبيروت، معتبراً أن هذا دليلاً على وجود اختراقات أمنية أخرى داخل الحزب، إلى جانب الاختراقات التقنية.
وبالرغم من أن هناك اعتقاداً سائداً بأن حزب الله محصن ويتمتع بدعم شعبي ومذهبي قوي، إلا أن اللواء المصري يشير إلى أن هذا لا يعني أنه غير قابل للاختراق، مؤكداً أن جميع الكيانات حول العالم معرضة للاختراق، ومعالجة هذه الاختراقات ستستغرق وقتاً، وستؤثر على قدرات وكوادر الحزب.
إعلان حرب كامل من إسرائيل
ويصف المصري ما حدث بأنه إعلان حرب كامل من قبل إسرائيل، يهدف إلى فصل جبهة لبنان عن غزة، وكذلك تأمين منطقة آمنة في شمال فلسطين المحتلة لإعادة توطين السكان، مشيراً إلى أن إسرائيل تسعى لإسكات جبهة غزة والضفة الغربية، وهو ما شهدناه من غياب للتغطية الإعلامية.
ويؤكد اللواء المصري أن تركيز إسرائيل على اختراق حزب الله يأتي في إطار محاولتها استعادة هيبتها الأمنية والاستخبارية والعسكرية التي فقدتها بعد أحداث السابع من أكتوبر.
ويوضح المصري أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يسعى لتحقيق إنجازات عسكرية لاستعادة السيطرة والهيبة الإسرائيلية، وذلك مع اقتراب ذكرى عام كامل على أحداث السابع من أكتوبر.
حزب الله يمتلك القدرات اللازمة للرد
وفي ما يخص حزب الله، يوضح المصري أن الحزب يمتلك القدرات اللازمة للرد، لكنه ربما يتجنب القيام بذلك خشية الدخول في حرب إقليمية أوسع، مشيراً إلى أن قرار الرد لم يعد بيد الحزب وحده، بل أصبح بيد إيران.
ويشير المصري إلى أنه في حال لو كان هناك رد قوي بعد اغتيال قيادات من الحركة، مثل إسماعيل هنية وصالح العاروري وفؤاد شكر، ربما كانت إسرائيل سترتدع.
أما اليوم، بحسب المصري، فإن إسرائيل تعتقد أن يدها طويلة، خاصة مع اعتقاد نتنياهو أن خصومه لا يرغبون في حرب إقليمية شاملة، ما جعله يستغل هذا الوضع لإطالة أمد الحرب، للهروب من المحاكمات التي تنتظره.
ومع ذلك، يرى المصري أن الأمر لم يعد بيد قيادة الحزب، بل بات مرتبطاً بقرارات إيران، نظراً لاحتمالية تحول الصراع إلى حرب إقليمية شاملة.
وعلى الرغم من أن ثقة الشعب بحزب الله لم تتلاش بالكامل، فإنها تعرضت لجرح، حيث لا يزال الحزب يُعتبر كدولة في حد ذاته في نظر الحاضنة الشعبية، كما قال المصري.
ضربة موجعة
يشير الخبير العسكري والأمني الاستراتيجي اللواء الركن المتقاعد واصف عريقات إلى أن المقاومة اللبنانية، وعلى لسان الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، اعترفت بأن ما حدث مؤخراً هو "ضربة موجعة".
ويوضح عريقات أن هذه الضربة جاءت نتيجة اعتماد إسرائيل على معلومات استخبارية وأمنية دقيقة وحساسة، ما يشير بوضوح إلى وجود اختراق أمني حققته أجهزة الأمن والاستخبارات الإسرائيلية، حيث جاء بعكس عجز إسرائيل عن إحداث اختراق مماثل في ميادين القتال وجبهة الجنوب.
ويعتقد عريقات أن المقاومة اللبنانية وحزب الله قادران على تجاوز هذه الأزمة، وهو ما يتجلى في استمرار استهداف حزب الله للأهداف والمواقع العسكرية الإسرائيلية بشكل تصعيدي ومؤثر.
رسائل إسرائيلية
ووفق عريقات، فإن إسرائيل تسعى لإيصال عدة رسائل لحزب الله وحاضنته الشعبية من خلال هذه الهجمات، الرسالة الأولى تهدف إلى فصل جبهة لبنان عن جبهة غزة، بينما تركز الرسالة الثانية على إبعاد حزب الله عن الحدود اللبنانية الإسرائيلية بهدف تأمين عودة المستوطنين إلى مستوطناتهم في شمال فلسطين المحتلة، أما الرسالة الثالثة، فتتمثل في التأثير على معنويات بيئة حزب الله وحاضنته الشعبية وزعزعة ثقتهم بقدرات الحزب على مواجهة إسرائيل، والرسالة الرابعة تسعى إلى تعميق الانقسام الداخلي اللبناني والتأثير على سمعة حزب الله عبر محاولة إظهاره بمظهر الضعيف.
وحول إمكانية أن تؤدي الضربات الإسرائيلية إلى تراجع هجمات حزب الله، يؤكد عريقات أن تصريحات حزب الله، عبر أمينه العام، تشير إلى أن الحزب لن يغير موقفه في دعم غزة مهما كانت التضحيات.
ويلفت عريقات إلى أن نصر الله في تصريحاته أكد أن الحزب لا يسعى لحرب شاملة، لكنه في الوقت نفسه لا يخشاها، على عكس إسرائيل التي قد ترغب في حرب شاملة، لكنها تتردد خوفاً من عدم ضمان الدعم الأمريكي المباشر.
في حين يشير عريقات إلى أن هذا الموقف قد يتغير بعد اغتيال القادة والمقاومين التابعين لحزب الله في الأيام الأخيرة، ما قد يؤدي إلى تصاعد الوضع تبعاً لردود الأفعال المتوقعة، وهو ما يفتح الباب أمام احتمال تدحرج الأوضاع وفقدان السيطرة عليها، خاصة في حال وقوع خسائر جسيمة لدى الطرفين.
ويرى عريقات أن "إسرائيل تدرك أن نجاحاتها التكتيكية في مجال الحرب الأمنية والاستخبارية، بالرغم من أنها قد تمنحها نشوة مؤقتة، لا تحقق الأهداف الاستراتيجية على المدى الطويل. فلا تزال إسرائيل مضطرة لخوض حرب برية إذا أرادت تحقيق أهدافها الرئيسية، المتمثلة في إبعاد حزب الله عن الحدود وتأمين عودة المستوطنين لمستوطناتهم في الشمال، إضافة إلى فصل جبهة لبنان عن جبهة غزة بشكل نهائي".
ويشير عريقات إلى أن حزب الله، على مدار 42 عاماً منذ تأسيسه، تعرّض للعديد من الهزات والخسائر الكبيرة، إلا أنه يمتلك خبرات وتجارب ميدانية واسعة تُمكنه من تجاوز هذه الأزمات.
وعلى الرغم من الاعتراف بأن ما تعرض له الحزب منذ 17 سبتمبر/ أيلول الجاري يشكل ضربات نوعية، فإن عريقات يؤكد أن الحزب يواجه الآن اختباراً صعباً.
ويشير عريقات إلى أن تصريحات نصر الله الأخيرة تؤكد أن الرد على إسرائيل سيكون ملموساً على الأرض، حيث قال نصر الله: "الرد ما ترونه، لا ما تسمعونه"، في إشارة إلى أن الحزب لن يتوقف عند الكلام، بل سيواصل الرد بالعمليات الميدانية.
إسرائيل تسعى لاستعادة قوة الردع
يوضح الكاتب والمحلل السياسي أكرم عطا الله أن الضربات الإسرائيلية الأخيرة تعكس بوضوح قدرةً متقدمةً في الوصول إلى أهدافها، مشيراً إلى أن إسرائيل استخدمت للمرة الأولى التكنولوجيا بشكل مكثف لاستهداف أكثر من ثلاثة آلاف عنصر وكادر تابعين لحزب الله في يوم واحد.
هذه الضربات، وفقاً لعطا الله، تشير إلى أن حزب الله لم يتخذ الاحتياطات اللازمة لمواجهة هذا الهجوم التكنولوجي المتطور أو الترتيبات الأمنية اللازمة لحماية عناصره وقياداته بشكل كامل.
ويعتقد عطا الله أن إسرائيل تبدو جادة في تحقيق أهدافها الأمنية والعسكرية، خاصة بعد اغتيال رئيس أركان حزب الله فؤاد شكر في نهاية يوليو / تموز الماضي.
ويؤكد عطا الله أن الرسالة التي تحاول إسرائيل إيصالها من خلال هذه العمليات هي أنه لا يمكن لأي طرف الوقوف في وجهها، فإسرائيل تسعى لاستعادة قوة الردع التي تآكلت في مواجهاتها السابقة مع حزب الله، ما يجعل رسائلها الأخيرة قاسية ودموية، حيث تدفع باتجاه فرض ثمن باهظ على أي جهة تعتدي عليها.
ويشير عطا الله إلى أن هذه الهجمات الإسرائيلية ستترك أثراً كبيراً على قدرة حزب الله العسكرية، حيث استهدفت عناصر العصب المركزي في الحزب، بما في ذلك أفراد "قوة الرضوان" المسؤولة عن العمليات الخاصة، والعناصر التي كانت تحمل أجهزة الاتصالات وهم كوادر للحزب.
ضربة قوية للعصب المركزي للحزب
ويعتبر عطا الله أن هذه الضربات وجهت ضربة قوية للعصب المركزي للحزب، لكنها لم تصل إلى مستوى كسر الحزب كلياً.
وفيما يتعلق بمسألة الحرب الشاملة، يلفت عطا الله إلى ان القرار حول ذلك يقع بيد إسرائيل وليس حزب الله، فإسرائيل هي من ترغب في خوض هذه الحرب لاسباب عدة، بينما يسعى حزب الله لتجنبها.
ويؤكد عطا الله أن حزب الله يدرك تماماً أن إسرائيل تفضل الدخول في حرب شاملة، في حين يبذل الحزب جهداً كبيراً لتفادي مثل هذه الحرب، مدركاً خطورة الوضع الحالي خاصة بعد الضربات الأخيرة التي تعرض لها.
ويوضح عطا الله أن الإسرائيليين يعيشون الآن حالة من "النشوة" بعد نجاحهم في استهداف قيادات وعناصر بارزة في حزب الله، وهو ما غير اللغة المستخدمة من قبل القيادة الإسرائيلية بشكل ملحوظ مقارنة بالأشهر السابقة، عندما لم تكن إسرائيل قادرة على فتح جبهة في الشمال أو الحديث عن مواجهة واسعة النطاق هناك، أما الآن، وبعد هذه الضربات والاغتيالات، يبدو أن السلوك الإسرائيلي أكثر ثقة وتصعيداً.
وبالرغم من ذلك، يرى عطا الله أن حزب الله يمتلك خبرة طويلة في التعامل مع مثل هذه التحديات، ويحتفظ بكوادر احتياطية تمكنه من ترميم بنيته التنظيمية.
ويشير عطا الله إلى أن حزب الله، إن فُرضت عليه الحرب الشاملة، ليس أمامه خيار سوى خوضها، لكنه يسعى جاهداً لتجنب هذا السيناريو، في الوقت الراهن، وذلك لأسباب تتعلق بالضربات التي تلقاها في الأسبوع الماضي، والتي أضعفت بعضاً من قدرات بنيته العسكرية الأساسية.
سياسة الأرض المحروقة
يوضح الكاتب والمحلل السياسي والمختص بالشأن الإسرائيلي هاني أبو السباع أن دولة الاحتلال الإسرائيلي تتبنى منذ تأسيسها عقيدة عسكرية ترتكز على الحروب السريعة ونقل المعارك إلى أراضي العدو، إضافة إلى اتباع سياسة الأرض المحروقة.
ووفق أبو السباع، فقد أثبتت هذه الاستراتيجية نجاحها في مواجهة الجيوش العربية التقليدية، لكنها فشلت أمام التنظيمات التي تعتمد على حرب العصابات، مثل حزب الله والفصائل الفلسطينية، التي لا تعتمد على قواعد عسكرية ثابتة.
ويشير أبو السباع إلى أنه في إطار محاولاتها للتغلب على هذه التحديات، لجأت إسرائيل إلى تطوير استراتيجيات جديدة تعتمد بشكل أساسي على الاختراقات الاستخبارية، مع التركيز على استهداف القيادات العليا لهذه التنظيمات، ومن أبرز الأذرع الأمنية الإسرائيلية التي لعبت دوراً محورياً في هذه العمليات جهاز "الموساد"، الذي يُعد الذراع الأمنية الخارجية لإسرائيل، ويعتبر اليد الطولى في تنفيذ هذه الاختراقات.
ويلفت أبو السباع إلى تقرير نشرته صحيفة "يديعوت أحرونوت" عام 2017، حيث تبين أن الموساد نجح في تنفيذ أكثر من 2700 عملية ناجحة، بما في ذلك اغتيال قادة بارزين في منظمة التحرير الفلسطينية، مثل خليل الوزير (أبو جهاد) وصلاح خلف (أبو إياد) وهايل عبد الحميد (أبو الهول) في تونس، كما طالت عمليات الموساد زعماء آخرين، من بينهم فتحي الشقاقي، مؤسس حركة الجهاد الإسلامي، الذي اغتيل في مالطا، والقائد العسكري في حماس محمود المبحوح، الذي اغتيل في دبي، كذلك، استهدفت إسرائيل إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، في عملية بطهران، إضافة إلى اختطاف المهندس ضرار السيسي من محطة قطارات في أوكرانيا.
ويلفت أبو السباع إلى أنه لم تقتصر أنشطة الموساد على الفصائل الفلسطينية، بل امتدت لتشمل أيضاً اختطاف الضابط النازي أدولف إيخمان ومحاكمته في إسرائيل، وكذلك حزب الله اللبناني، الذي شهد أكبر اختراق أمني في تاريخه من قبل الاستخبارات الإسرائيلية.
الاختراق الكبير لحزب الله، وفق أبو السباع، جاء في سياق مشابه لمحاولات الموساد السابقة، حيث اعتمدت إسرائيل على تقنيات متقدمة في التنصت واستخدام العملاء المحليين، وتحديداً بعد إصابة القائد في حزب الله إبراهيم عقيل جراء انفجار جهاز مفخخ، تمكنت الاستخبارات الإسرائيلية من تعقبه حتى وصوله إلى المستشفى، مستغلة حالة الاستنفار داخل الحزب التي نتجت عن الحادثة، ثم تعقبه حتى اغتياله.
ويلفت إلى حديث تقارير إعلامية عبرية عن أن الاختراق الإسرائيلي بدأ منذ دخول قوات حزب الله إلى سوريا، حيث استغلت إسرائيل الفراغ الأمني في لبنان، وزرعت أجهزة تنصت وكاميرات مراقبة في مناطق حساسة بمساعدة عملاء من جيش لبنان الجنوبي المنحل.
أهداف إسرائيلية للاختراقات
ويؤكد أبو السباع أن هذه الاختراقات الاستخبارية تهدف إلى تحقيق عدة أهداف بالنسبة لإسرائيل، أهمها محاولة ردع حزب الله عن الدخول في مواجهة مفتوحة، وتحجيم دوره في الصراع الفلسطيني، إضافة إلى توجيه رسالة إلى الحاضنة الشعبية للحزب بأن قيادته مخترقة وغير قادرة على حماية نفسها، مما قد يؤدي إلى فقدان الثقة به.
وبالرغم من هذه المحاولات، يرى أبو السباع أن الهجمات الإسرائيلية لم تسهم في إنهاء الصراع مع حزب الله، بل ربما قرّبت المنطقة من حرب شاملة، لكن يدرك الحزب أن إسرائيل تسعى لجره إلى مواجهة تملك فيها تفوقاً عسكرياً واضحاً، وبالتالي قد يرد حزب الله بشكل يحافظ على توازن الردع دون الانجرار إلى حرب شاملة.
ويلفت أبو السباع إلى أن إسرائيل ترى أن اختراقاتها الأمنية تشكل إنجازاً كبيراً يردع أعداءها، لكنها قد تكون ذات نتائج عكسية مع مرور الوقت، إذ يعيش معظم سكان المناطق الشمالية المحتلة بالقرب من الملاجئ، مما أدى إلى حالة شلل شبه تام في الدولة.
ويعتقد أبو السباع أن حزب الله تعرض لضربات عديدة في الماضي، مثل اغتيال القياديين عماد مغنية وسمير القنطار، إلا أن هذه الهجمات لم توقف مسيرته، وعلى الرغم من أن الضربة الأخيرة قد تكون مؤلمة، كما وصفها الأمين العام للحزب حسن نصر الله، فإن التاريخ يثبت أن الضربات التي لا تكسر التنظيم تجعله أكثر قوة وصلابة، وهو ما قد يتأكد في ساحة الميدان قريباً.
ويتوقع أبو السباع أن يعيد حزب الله الالتفاف حول قيادته بعد أول رد كبير، حيث يعود الحزب إلى ساحة المعركة ليؤكد حضوره ودوره المحوري، على الرغم من كل المحاولات الإسرائيلية لتقويضه.
نقل الصراع من جبهة قطاع غزة إلى لبنان
يعتقد الكاتب والمحلل السياسي سامر عنبتاوي أن الخروقات الأمنية الإسرائيلية ضد حزب الله اللبناني تأتي كجزء من استراتيجية أوسع تسعى إسرائيل من خلالها إلى نقل الصراع من جبهة قطاع غزة إلى لبنان، وهو ما يُعتبر تحولاً استراتيجياً في السياسة الأمنية والعسكرية الإسرائيلية.
ويقول عنبتاوي: "إذا استعرضنا تاريخ القيادة الأمنية والسياسية الإسرائيلية، نجد أن التوجه نحو الحرب مع لبنان لم يكن وليد اللحظة، بل تطوّر تدريجيًا على مدار الفترة الماضية".
وبحسب عنبتاوي، فانه في بداية الأحداث، كان وزير الحرب الإسرائيلي يواف غالانت يؤيد فكرة الدخول في مواجهة مباشرة مع لبنان، لكن نتنياهو رفض مفضلًا التركيز على غزة، ومع تصاعد الأوضاع، بدأ نتنياهو في الدفع باتجاه تصعيد مع حزب الله، لكن غالانت رفض وهدده نتنياهو باستبداله بساعر، لكن غالانت رضخ في النهاية وتحول موقفه لينسجم مع موقف نتنياهو.
هذا التحوّل، وفق عنبتاوي، يعكس رغبة نتنياهو في استغلال الأوضاع الداخلية في إسرائيل والأزمة المستمرة، سواء على مستوى السياحة أو الاقتصاد، والتي تفاقمت بفعل حرب الإبادة الجماعية المستمرة ضد قطاع غزة، كما أن نتنياهو أيضاً يرى في الانتخابات الأمريكية فرصة لاستدراج دعم واشنطن الكامل في ما يسميه مواجهة "أعداء إسرائيل" السبعة، وهو ما دفعه للضغط باتجاه توسيع دائرة المواجهة لتشمل لبنان، سعيًا لجر حزب الله إلى عمليات قد تشعل حرباً شاملة قد تتسع في المنطقة إلى حرب إقليمية، وتدفع الولايات المتحدة للتدخل.
محاولة ضرب الحاضنة الشعبية لحزب الله
ويوضح عنبتاوي أن إسرائيل، من خلال هذه الاختراقات الأمنية، تحاول توجيه عدة رسائل إلى حزب الله، أولى هذه الرسائل تتعلق بمحاولة ضرب الحاضنة الشعبية للحزب، إذ تسعى إسرائيل من خلال هذه العمليات إلى خلق حالة من الانقسام الداخلي حول الحرب مع إسرائيل، كما يحدث في قطاع غزة.
الرسالة الأُخرى، بحسب عنبتاوي، تتمثل في إظهار أن إسرائيل مستعدة للذهاب إلى أقصى مدى في استهداف "حزب الله" ولبنان بشكل عام، وهو ما تراه إسرائيل انه قد يدفع الحزب إلى التراجع عن دعم جبهة غزة والانسحاب إلى ما وراء نهر الليطاني، وهو هدف استراتيجي لإسرائيل لضمان عودة المستوطنين إلى مستوطنات الشمال.
وبالرغم من النشوة التي شعر بها الإسرائيليون عقب نجاح هذه الاختراقات الأمنية واستهداف شبكات الاتصالات الخاصة بحزب الله، فإن هذه النشوة سرعان ما بدأت تتبدد مع إدراكهم أن الولوج إلى حرب شاملة ستكون له تداعيات كبيرة على إسرائيل، خاصة في ظل استعداد حزب الله للرد بعمليات قوية.
وبحسب عنبتاوي، فإنه رغم كل ذلك من استهدافات واختراقات فإن ما حدث يمكن لحزب الله تجاوزه في فترة قريبة، وحزب الله لديه مخططات لخوض حرب مع إسرائيل والرد بطرق قوية.
ويقول عنبتاوي: "الآن حزب الله والمقاومة في لبنان أمام موقف التصعيد للرد، لكن بدون الوصول إلى حرب شاملة مع إسرائيل ولجم تماديها، إلا أنه لا أحد يستطيع التكهن إذا ما كانت الأمور سوف تتصاعد نحو حرب شاملة وربما إقليمية، خاصة أن حزب الله ربما لا يستطيع السكوت عن هذه الهجمات والاستفزازات، الأمر الذي يجعل نتنياهو وحكومته يقومون برد اعنف وارسال رسائل للولايات المتحدة الأمريكية للدخول بالحرب".
ويشير عنبتاوي إلى أن نتنياهو يلعب على وتر الوصول للانتخابات الأمريكية في ظل تنامي فرص الحزب الديموقراطي للوصول للرئاسة بعد اتساع فرص كامالا هاريس، وخشية الحزب من تناقص فرص النجاح في ظل استمرار الحرب وامتناع الملونين والعرب عن التصويت لهاريس، الأمر الذي يعيه نتنياهو ومنظومته تماماً ويلعبون على هذا الحبل مع عدم إغفال رغبة نتنياهو بوصول دونالد ترامب للحكم، وهذا لا يعني أن الديمقراطيين أقل وحشية، بل هم شركاء في الإبادة والجرائم منذ البداية بالدعم الشامل للاحتلال، لكنهم يريدون تأجيل تطور الحرب لما بعد مرحلة الانتخابات.
دلالات
فلسطيني قبل 3 شهر
إن للباطل جولة وان للحق جولات وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون
الأكثر تعليقاً
ما الذي يحدث في جنين، ولماذا الآن، وما العمل؟
اعتقال المسيح على حاجز الكونتينر
دويكات: أجندات خارجية لشطب المخيمات الشاهد الحي على نكبة شعبنا
مصطفى يبحث مع خارجية قبرص الرومية إنهاء الإبادة الإسرائيلية بغزة
مقتل أحد عناصر الأجهزة الأمنية خلال الأحداث المتواصلة في جنين
مقتل عنصر من الأجهزة الأمنية في الأحداث المستمرة بجنين
قناة إسرائيلية: كاتس يعترف لأول مرة بالمسؤولية عن اغتيال هنية
الأكثر قراءة
العام الثلاثون.. حلم جميل وواقع أليم
اعتقال المسيح على حاجز الكونتينر
تحديات كبيرة وانغلاق في الأفق السياسي.. 2025 في عيون كُتّاب ومحللين
الحوثيون يعلنون إسقاط طائرة "إف-18" واستهداف مدمرة
السماح بنشر تفاصيل محاولة إنقاذ فاشلة لأسيرة في غزة
الكرملين يكشف حقيقة طلب زوجة بشار الأسد الطلاق
يسوع المسيح مُقمّطاً بالكوفية في الفاتيكان.. المعاني والدلالات كما يراها قادة ومطارنة
أسعار العملات
الأربعاء 25 ديسمبر 2024 9:36 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.65
شراء 3.64
دينار / شيكل
بيع 5.15
شراء 5.13
يورو / شيكل
بيع 3.8
شراء 3.77
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%57
%43
(مجموع المصوتين 304)
شارك برأيك
الاختراقات في حواضن حزب الله.. ضربات تحت الحزام