Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo

عربي ودولي

الخميس 19 سبتمبر 2024 3:22 مساءً - بتوقيت القدس

حرب المفاجآت بأجهزة الاتصالات.. تفخيخ الساحات لتفكيكها والتفرد بها

رام الله -خاص بـ"القدس" دوت كوم

فراس ياغي: مساعٍ إسرائيلية لزيادة حالة الإرباك في الداخل اللبناني والضغط على حزب الله لفك ارتباطه بجبهة غزة

طلال عوكل: إسرائيل مصرة على نقل ثقل الحرب للجبهة الشمالية وتوسيع المواجهة مع حزب الله وتستعرض قدراتها التكنولوجية

د. سعد نمر:  تحاول إسرائيل ترميم صورتها الإقليمية والدولية وتأكيد مكانتها كقوة عسكرية رئيسية قادرة على فرض معادلات جديدة 

محمد أبو علان دراغمة: إسرائيل لم تعد تتقيد بالمحاذير التي كانت تحول دون خوض مواجهة شاملة مع حزب الله وهي مستعدة لتحمل التبعات 

محمد مناصرة: رسالة بأن إسرائيل في حالة جهوزية لشن حرب إبادة في لبنان وتحاول استدراج حزب الله لمواجهة شاملة بلا قواعد أو حدود


تُعقّد التفجيرات لأجهزة الاتصالات التابعة لحزب الله اللبناني المشهد، بعد تكرارها أكثر من مرة على مدار يومين، وهو ما يهدف إلى زيادة الضغط على الحزب وإحداث إرباك في الداخل اللبناني، خاصة في صفوف مؤيدي حزب الله وحاضنته الشعبية، بل إن الأمور أصبحت على حافة الحرب الشاملة التي قد تتسع لتصبح إقليمية.


 هذه العمليات، التي شملت استهداف أنواع جديدة من الأجهزة، بعد الاستهداف لأجهزة البيجر، تسعى لتعقيد مهمة حزب الله في الحفاظ على أمنه وتوسيع حالة الإرباك، كما أن هذه التفجيرات تمثل تطوراً تكنولوجياً غير مسبوق في الصراع، حيث لا تميز بين الأهداف المدنية والعسكرية. 


ويعتقد كتاب ومحللون سياسيون وأساتذة جامعات، في أحاديث منفصلة لـ"القدس" أن الهدف الرئيسي من هذه العمليات هو محاولة دفع حزب الله لفك ارتباطه بجبهة غزة، إلا أن الحزب أعلن استمرار دعمه لها، ما يعني أن الهدف السياسي من العملية لم يتحقق.


وعلى الرغم من التصعيد المستمر، فإن الكتاب والمحللين لا يتوقعون أن تؤدي هذه العمليات إلى حرب شاملة، فيما يرون أن قواعد الاشتباك بين الطرفين تغيرت بشكل كبير، والرد المتوقع من حزب الله سيكون مختلفاً عن السابق، لكنه يعتمد على تصاعد الأوضاع على الأرض.


تعقيد مهمة حزب الله وزيادة حالة الإرباك


يوضح الكاتب والمحلل السياسي فراس ياغي أن تكرار التفجيرات الإسرائيلية لأجهزة الاتصالات التابعة لحزب الله يهدف إلى إحداث مزيد من الإرباك في الداخل اللبناني، وخاصة الحاضنة الشعبية الداعمة للحزب. 


ويشير ياغي إلى أنه بعد الانفجار الأول، كان من الطبيعي أن يبدأ حزب الله في البحث عن ثغرات أمنية محتملة، ما قد يؤدي إلى كشف المزيد من التفاصيل حول كيفية الاختراق، ولكن إسرائيل استبقت هذه الخطوة وقامت بتفجير مزيد من الأجهزة، وفي مواقع مختلفة، مستهدفة أنواعاً جديدة من الأجهزة، في محاولة لتعقيد مهمة الحزب وزيادة حالة الإرباك.


ويوضح ياغي أن عمليات التفجير لأجهزة الاتصالات في لبنان تمثل تطوراً تكنولوجياً غير مسبوق، وتُعد جريئة ومعقدة إلى حد كبير، بالتوازي مع طابعها الإجرامي لعدم تمييزها الواضح بين المدني والعسكري. 


ياغي يرى أن الرسالة الأساسية التي أرادت إسرائيل توجيهها من خلال هذه العمليات هي الضغط على حزب الله لفك ارتباطه بجبهة غزة، وبالتالي إجباره على التوجه إلى حلول دبلوماسية، إلا أن هذا الهدف لم يتحقق، حيث أكد بيان حزب الله استمرار دعمه جبهة غزة، ما يعني أن العملية فشلت في تحقيق هدفها السياسي المتمثل في فصل الجبهتين.


استبعاد سيناريو الحرب الشاملة


وحول تداعيات هذه العمليات، يستبعد ياغي أن تؤدي إلى حرب شاملة في المنطقة، لكنه يشدد على أن تفجير تلك الأجهزة غيّر قواعد الاشتباك بشكل كامل بين حزب الله وإسرائيل. 


ويشير ياغي إلى أن الرد المتوقع من حزب الله سيكون مختلفاً عن الردود السابقة، ولكن مدى تصاعد الأمور إلى حرب واسعة النطاق يعتمد على الميدان وطبيعة الرد. 


ويلفت ياغي إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يسعى لاكتساب شرعية دولية لعملياته العسكرية، وأنه إذا استهدف حزب الله إسرائيل بصواريخ دقيقة أو ضرب منشآت مدنية، فإن نتنياهو سيستغل ذلك ليقول إن إسرائيل تدافع عن نفسها.


في سياق متصل، يشير ياغي إلى أن التحالفات الدولية باتت واضحة؛ فجبهة المقاومة تدعم حزب الله، في حين أن الولايات المتحدة تقف إلى جانب إسرائيل. 


وبالرغم من تهديدات إسرائيل المتواصلة، يؤكد ياغي أن إسرائيل ليست في وضع يسمح لها بفتح جبهتين في آن واحد، لأن استهداف لبنان بشكل مباشر يعني أن حزب الله سيستهدف العمق الإسرائيلي دون قيود، ما قد يتسبب في دمار واسع النطاق. 


ويتطرق ياغي إلى قول أحد المسؤولين الأمريكيين الذي أشار إلى أن تل أبيب والقدس قد تتعرضان لدمار كبير في حال نشوب حرب شاملة، ما يعني أن الحلول الدبلوماسية تبقى الخيار الأفضل.


قواعد الاشتباك تغيرت


ويؤكد ياغي أن قواعد الاشتباك تغيرت بين إسرائيل وحزب الله بعد عمليات التفجير لأجهزة الاتصالات، حيث تجاوزت العملية كل الخطوط الحمراء، ومع ذلك، فإن تجاوز هذه الخطوط لا يعني بالضرورة أن الطرفين يريدان الذهاب إلى حرب إقليمية شاملة. 


ويرى ياغي أن حسابات نتنياهو قد تدفع باتجاه هذه الحرب، خاصة أنه يسعى إلى إدارة الصراع في المنطقة والحفاظ على استمراره، ولكن دون الانزلاق إلى مواجهة شاملة.


وفي ما يتعلق بقرار مجلس الحرب الإسرائيلي بتوسيع العمليات العسكرية من أجل العمل على عودة سكان مستوطنات الشمال، يشير ياغي إلى أن هذا القرار لا يعني بالضرورة إطلاق حرب شاملة ضد حزب الله، بل يهدف إلى توسيع العمليات العسكرية داخل لبنان للضغط على الحزب والوصول إلى تسوية أو ترتيبات أمنية. 

ومع ذلك، لا يستبعد ياغي أن تنزلق الأمور نحو حرب إقليمية شاملة نتيجة للتصعيد الميداني، خاصة أن عملية التفجير في لبنان كانت غير مسبوقة وتشير إلى إمكانية تفاقم الأمور.


أما في الداخل الإسرائيلي، فيشير ياغي إلى أن الجمهور أشاد بتلك العمليات، واعتبرها إنجازاً، ما يعيد الثقة بأجهزة الاستخبارات والموساد الإسرائيلية، خاصة بعد الهجمات التي تعرضت لها إسرائيل في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي. 


ويلفت ياغي إلى أن هناك نسبة كبيرة من الإسرائيليين، تصل إلى أكثر من 50%، تؤيد شن حرب في لبنان بهدف إعادة النازحين إلى مستوطنات الشمال.


وعلى الجانب اللبناني، يشير ياغي إلى أن العمليات أثارت مخاوف كبيرة، خاصة في ظل الانقسامات الداخلية حول تدخل حزب الله كجبهة إسناد لغزة، ولكن التفجيرات ساهمت في توحيد اللبنانيين ضد الهجمات الإسرائيلية. 


ومع ذلك، يوضح ياغي أن لبنان لا يرغب في الذهاب إلى حرب شاملة، على الرغم من دعم المقاومة اللبنانية كجبهة إسناد لغزة، كما أن التأييد اللبناني للحرب الشاملة يبقى محدوداً إلا إذا انزلقت الأمور إلى مواجهة شاملة لا يمكن تجنبها.


ويشير ياغي إلى دور الولايات المتحدة في إدارة العنف في المنطقة، مشيراً إلى أنها ليست بعيدة عما يحدث، على الرغم من نفيها المستمر لأي علاقة مباشرة بما يجري، لكن الولايات المتحدة هي من تشجع إسرائيل على استمرار عملياتها بدعمها غير المسبوق لإسرائيل، بل حتى مشاركتها المباشرة في غرف العمليات وبالذات الإستخبارية، لذلك نرى أن ادارة البيت الأبيض لا تتخذ خطوات فعالة لمنع التصعيد.


الموقف الرسمي اللبناني جاء متسقاً مع موقف حزب الله


يؤكد الكاتب والمحلل السياسي طلال عوكل أن تكرار استهداف إسرائيل أجهزة الاتصالات في مواقع متعددة وبأنواع جديدة من أجهزة الاتصالات يشير إلى إصرارها على الدخول في مواجهة شاملة مع حزب الله. 


ويعتبر عوكل أن هذه الاستهدافات المتكررة تعكس رغبة إسرائيل في استعراض قدراتها التكنولوجية المتطورة، حيث تريد إرسال رسالة للحزب بأن الأمر لا يقتصر على جهاز "البيجر" الذي تم استهدافه في البداية، بل يشمل إمكانية تدمير كامل شبكة الاتصالات التابعة لحزب الله.


ويشير عوكل إلى أن إسرائيل، من خلال هذه الهجمات، تسعى إلى تحقيق أهداف متعددة، منها إضعاف معنويات الحزب وشل قدراته العسكرية واللوجستية، فضلاً عن استهداف قياداته بفضل تفوقها الاستخباراتي والتكنولوجي. 


ويوضح الكاتب والمحلل السياسي طلال عوكل أن تفجير أجهزة الاتصالات لحزب الله يشكل استفزازاً كبيراً هدفه تحميل الحزب مسؤولية توسيع دائرة الحرب، وهي خطوة يسعى إليها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. 


ويشير عوكل إلى أن هذه العملية تأتي في سياق قرار إسرائيلي بنقل ثقل الحرب إلى الجبهة الشمالية، في إشارة واضحة إلى رغبة إسرائيل في تصعيد الصراع مع حزب الله.


حزب الله.. والرد المنتظر


ويرى عوكل أن حزب الله فهم الرسالة الإسرائيلية بوضوح، حيث أكد في بيانه أنه سيرد على هذا الهجوم كحساب خاص دون قواعد الاشتباك القائمة.

 

ويفسر عوكل ذلك بأن حزب الله يسعى للحفاظ على مبرراته أمام اللبنانيين والمجتمعين العربي والدولي، خاصة أن التصعيد الإسرائيلي المتوقع سيوفر للحزب ذريعة للتصعيد في الوقت المناسب. 


وفي هذا السياق، يشير عوكل إلى أن حزب الله يبدو واثقاً من أن إسرائيل ستواصل دفع الصراع نحو التصعيد والتوسع، ما سيسمح له بتبرير أي رد مستقبلي.


ويؤكد عوكل أن الموقف الرسمي اللبناني جاء متسقاً مع موقف حزب الله، وهو ما يعد أمراً مهماً لأي رد قادم من الحزب، وهذا الدعم الداخلي يعزز من شرعية الحزب في لبنان، ويعطيه دفعة قوية في مواجهة أي انتقادات قد تأتي من الداخل أو الخارج.


الحرب الشاملة مسألة وقت


أما على الصعيد الإسرائيلي، فيشير عوكل إلى أن الداخل الإسرائيلي ما زال يدعم نتنياهو بقوة، وأن عملية تفجير أجهزة الاتصالات، بدءاً من أجهزة "البيجر"، ستزيد من الثقة في الحكومة والجيش الإسرائيليين، خاصة في ظل ما تشهده إسرائيل منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول، وبهذا فإن نتنياهو يستفيد من هذه العملية لتعزيز موقفه السياسي والشعبي داخل إسرائيل.


وفي ما يتعلق باحتمالية نشوب حرب واسعة، يرى عوكل أن الحرب الشاملة باتت مسألة وقت، لكنه يستبعد تدخل إيران المباشر في هذه المرحلة. 


ويوضح عوكل أن إيران قد تكتفي بدعم أطراف محور المقاومة العربية دون الانخراط المباشر في الحرب، وهذه الرؤية تشير إلى أن الحرب في المنطقة قد تتصاعد تدريجياً دون أن يؤدي ذلك إلى تدخل مباشر من القوى الإقليمية الكبرى، مع تركيز على دعم المقاومة في لبنان وغزة.


ويشير عوكل إلى أن تفجير أجهزة الاتصالات لحزب الله يشكل جزءاً من استراتيجية إسرائيلية لنقل الصراع إلى الشمال، وهو ما قد يؤدي إلى توسع الحرب في حال استمر التصعيد الإسرائيلي، مع احتمال كبير لرد مدروس من حزب الله في الوقت الذي يراه مناسباً.


إسرائيل تحاول ترميم صورتها الإقليمية والدولية


يوضح أستاذ العلوم السياسية في جامعة بير زيت، د. سعد نمر، أن تكرار إسرائيل وتوسيعها لاستهداف أجهزة الاتصالات التابعة لحزب الله يشير إلى محاولة متعمدة لاستفزاز الحزب، بهدف دفعه للرد بشكل مباشر، ما قد يشكل ذريعة لإسرائيل لتوسيع نطاق الحرب على لبنان، خاصة أن إسرائيل لم تعلن رسمياً مسؤوليتها عن هذه التفجيرات.


ووفق نمر، فإن إسرائيل تسعى، عبر هذه العمليات، إلى إيصال رسالة قوية إلى منطقة الشرق الأوسط ومحور المقاومة، وحتى إلى الدول الغربية، مفادها أن قدرتها على الردع لا تزال قائمة وقوية، وأنها لم تفقد هذه القدرة، في محاولة لترميم صورتها الإقليمية والدولية، وإعادة تأكيد مكانتها كقوة عسكرية رئيسية، قادرة على فرض معادلات جديدة في المنطقة.


ويوضح نمر أن الحكومة الإسرائيلية بقيادة اليمين المتطرف ورئيسها بنيامين نتنياهو تسعى بشكل واضح إلى توسيع دائرة الحرب، وهو قرار تم اتخاذه خلال الاجتماع الأخير للكابينيت الإسرائيلي، وقد أُشير إلى لبنان كجبهة محتملة لهذا التصعيد.


ويلفت نمر إلى أن نتنياهو مصمم على استمرار الحرب بأي شكل، خاصة أنه استنفد جميع المبررات المتعلقة بحربه على قطاع غزة، بما في ذلك رفضه صفقة تبادل الأسرى وإيقاف الحرب. 


نتنياهو يريد فتح جبهة لبنان للحفاظ على وجوده السياسي


ووفقاً لنمر، فإن نتنياهو يسعى لفتح جبهة حرب جديدة في لبنان للحفاظ على وجوده السياسي وائتلافه الحاكم، بالتزامن مع استهدافه المستمر للضفة الغربية.


ويعتقد نمر أن نتنياهو يماطل في إنهاء الحرب الحالية، منتظراً نتائج الانتخابات الأمريكية وعودة دونالد ترامب إلى الحكم، حيث يتوقع أن يمنحه ترامب الضوء الأخضر للاستيلاء على أجزاء واسعة من الضفة الغربية. 


ويصف نمر تفجير أجهزة اتصالات حزب الله كجزء من محاولات إسرائيل تسويق نفسها كقوة عسكرية واستخبارية متفوقة، وهي خطوة تشبه عمليتي الاغتيال اللتين نفذتهما إسرائيل سابقاً للقائدين فؤاد شكر وإسماعيل هنية، لترويج فكرة أن لديها اليد الطولى والقدرة على الوصول إلى أي مكان.


ويشير نمر إلى أن تفجير تلك الأجهزة قد يكون بداية لتوسيع الحرب، وربما يؤدي إلى اندلاع حرب إقليمية، خاصة إذا رد حزب الله. 


ويرى نمر أن حزب الله قد أرسى منذ بداية المواجهة مع إسرائيل معادلة واضحة: إذا قصفتم المدنيين، فسنرد بالمثل، وإذا قصفتم المدن، فسنقصف المدن، لكن في الوقت نفسه، كان هناك نوع من الحدود التي لم يتم تجاوزها في سياق حرب الاستنزاف بين الطرفين، إلا أن عمليات التفجير لأجهزة الاتصالات تمثل تطوراً نوعياً ومختلفاً تماماً عن السابق، ومن المرجح أن يؤدي هذا التصعيد إلى رد من حزب الله، وهو ما قد يفتح الباب أمام ردود فعل إسرائيلية متصاعدة قد تؤدي إلى اندلاع حرب شاملة.


نمر يلفت إلى أن إسرائيل قد تبدأ الحرب كخطوة استباقية، في ظل قرار الكابينيت بتوسيع نطاق العمليات العسكرية، وبالتالي، سواء رد حزب الله أم لم يرد، فإن توسيع الحرب مع لبنان أمر وارد للغاية. 


وفي ما يتعلق بتأثير عمليات التفجير لأجهزة الاتصالات على الداخل الإسرائيلي، يرى نمر أن الجمهور الإسرائيلي شعر في البداية بنشوة الانتصار والإنجاز العسكري بعد نجاح تلك العمليات المعقدة، ولكن مع توجيه الحكومة للإسرائيليين بضرورة البقاء قرب الملاجئ، أصبح من الواضح أن التوتر بدأ يتصاعد، وأن الجميع بات في انتظار رد حزب الله.


أما على الصعيد اللبناني، فيوضح نمر أن غالبية الأجهزة التي تم استهدافها من قبل إسرائيل تُستخدم في الجانب الإنساني وليس العسكري، ما أدى إلى صدمة في الشارع اللبناني وبين مؤيدي حزب الله. 


ويشير نمر الى بيانات حزب الله التي أصدرها بعد ذلك ودعت إلى عدم الانجرار وراء الحرب النفسية التي تسعى إسرائيل إلى فرضها، وعلى الرغم من تعقيد هذه العملية، أكد الحزب أن القدرات العسكرية لحزب الله لم تتأثر، وهو ما ساهم في استعادة الثقة في الداخل اللبناني وترقبهم رداً من الحزب على هذه العملية.


 استعداد إسرائيل لتحمل التبعات حتى لو كانت حرباً شاملة..


يؤكد المختص بالشأن الإسرائيلي محمد أبو علان دراغمة أن تكرار استهداف إسرائيل أجهزة الاتصالات التابعة لحزب الله، وتوسيع نطاق الاستهداف ليشمل أنواعاً جديدة من الأجهزة، يعكس استعداد دولة الاحتلال لتحمل تداعيات أي رد فعل من جانب الحزب، حتى لو أدى ذلك إلى اندلاع حرب شاملة. 


ويوضح أبو علان أن هذا التصعيد المتكرر يظهر أن إسرائيل لم تعد تتقيد بالمحاذير التي كانت تحول دون خوض مواجهة شاملة مع حزب الله.


ويوضح المختص في الشأن الإسرائيلي محمد أبو علان دراغمة أن عملية تفجير أجهزة الاتصالات التي نفذتها إسرائيل على مدار اليومين الماضيين، تهدف بالأساس إلى استعادة نظرية الردع الإسرائيلية على المستويين العسكري والاستخباري.


ويؤكد دراغمة أن هذه التفجيرات تشير بوضوح إلى استعداد دولة الاحتلال لتحمل تبعات مثل هذه العمليات، حتى وإن كان الثمن الذهاب إلى حرب شاملة مع حزب الله، مع استمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية على قطاع غزة.


ويشير دراغمة إلى أن إسرائيل كانت تتردد في السابق بشأن الانخراط في حرب واسعة النطاق مع حزب الله، معتقدة أنها تفتقر إلى القدرات العسكرية الكافية لفتح جبهة جديدة في الشمال، لكن عمليات التفجير لأجهزة الاتصالات تعد مؤشراً على تغير في هذا الموقف، وتوضح استعداد إسرائيل لمواجهة تبعات مواجهة شاملة مع حزب الله، وهو ما يعكس تغييراً في حساباتها الاستراتيجية، أو ربما ازدياد الضغط على حلفائها لمساندتها.


ويعتقد دراغمة أن هذه العمليات ليست مجرد جهد استخباري إسرائيلي نفذه الموساد وحده، بل تعكس تعاوناً استخبارياً أوسع يشمل عدة دول، منها الدول المصنعة للأجهزة، إضافة إلى الولايات المتحدة، في إطار تحالف دولي موجه ضد حزب الله.


وعلى الصعيد الداخلي، يرى دراغمة أن المؤسسة الأمنية والعسكرية الإسرائيلية تحاول تسويق هذه العمليات كنجاح كبير للقدرات الإسرائيلية، ولكن تقييم نجاحها الحقيقي يعتمد على مدى تأثيرها على مجريات المعركة مع حزب الله. 


ويشير دراغمة إلى أنه إذا استمرت عمليات حزب الله على الحدود الشمالية، ولم يتمكن أكثر من 65 ألف مستوطن نازح من العودة إلى مستوطناتهم، واستمرت هجمات الطائرات المسيرة وقصف حزب الله اليومي، فإن ذلك يعني أن الواقع على الأرض لم يتغير، وبالتالي ستكون العملية أقل نجاحاً مما تروج له إسرائيل.


ويلفت دراغمة إلى ما يتحدث عنه بعض الكتاب الإسرائيليين، حيث يعتقدون أن حزب الله مخترق من الناحية الأمنية، لكنه يرى أن هذه التفجيرات لن تغير شيئاً في مجريات الأحداث. 


نجاح التفجيرات يعتمد على مدى تأثيره في منع عمليات حزب الله 


ويؤكد دراغمة أنه رغم ادعاءات الجيش الإسرائيلي قبل أسابيع بقصف أهداف لحزب الله ومنصات صواريخ، فإن عمليات حزب الله استمرت بعد نصف ساعة فقط من الهجمات. 


ولذلك، يرى دراغمة أن نجاح التفجيرات لأجهزة الاتصالات يعتمد على مدى تأثيره في منع حزب الله من مواصلة عملياته، مشيراً إلى أن هذا سيكون المقياس الحقيقي للنجاح، بالرغم من أنه سيمنح بنيامين نتنياهو نوعاً من التأييد والرضا داخل المجتمع الإسرائيلي.


ويستبعد دراغمة دخول إيران في حرب شاملة مع دولة الإحتلال الإسرائيلي حتى لو وصلت الأمور بين حزب الله وحكومة الاحتلال إلى مواجهة شاملة.


 ضربة أمنية ومعنوية قاسية لحزب الله..


يؤكد الكاتب والمحلل السياسي محمد موسى مناصرة أن تكرار إسرائيل الجريمة التي نفذتها خلال اليومين الماضيين في لبنان عبر تفجير أجهزة الاتصالات، يشير إلى أن إسرائيل في حالة جهوزية عالية لشن حرب إبادة في لبنان، وهي بذلك تحاول استفزاز حزب الله واستدراجه إلى مواجهة شاملة بدون قواعد أو حدود.


ويشير مناصرة إلى أن الرسالة التي تحاول إسرائيل إيصالها لحزب الله هي أنها على دراية كاملة بتحركاته وخططه، وتسعى إلى كسر روح المقاومة وإرادة الحزب. 


وفي هذا السياق، يشدد مناصرة على ضرورة أن يتعامل حزب الله مع هذا التصعيد الإسرائيلي بحكمة، وأن يفشل ما وصفه بـ"الفخ" الذي نصبته إسرائيل لاستدراجه إلى مواجهة عسكرية تكون هي من يختار زمانها ومكانها.


ويلفت مناصرة إلى أن اتخاذ قرارات انفعالية من قبل حزب الله، تحت شعارات رد الاعتبار أو الثأر للكرامة المجروحة، أمر غير محبذ، وعليه إفشال ما تريده إسرائيل. 


وبدلاً من ذلك، يرى مناصرة أن ضبط النفس وعدم الانجرار وراء الاستفزازات الإسرائيلية لن يعيب حزب الله، بل قد يكون الخيار الأمثل لإفشال مخططات إسرائيل التي تسعى لاستدراج حزب الله إلى حرب شاملة.


ويؤكد مناصرة أن التفجيرات في لبنان تأتي في سياق حالة الحرب المستمرة، لكنها رغم تصعيدها للوضع، لا يعتقد مناصرة أنها ستقود إلى حرب إقليمية شاملة.


جريمة إرهابية مكتملة الأركان


ويشير مناصرة إلى أن ما حدث يُعد "جريمة إرهابية مكتملة الأركان"، إلى جانب أنها تمثل اختراقاً كبيراً لدفاعات حزب الله، الأمر الذي أثر على ثقة مقاتليه به، وعلى ثقة الحاضنة الشعبية اللبنانية بالحزب، وتركت الجريمة أثراً نفسياً عميقاً على الشعب اللبناني.



ويشدد مناصرة على أن حزب الله يجد نفسه الآن في مرحلة مفصلية خطيرة، حيث يحتاج إلى اعتماد مهمات متعددة تعيد ثقة جمهوره وثقة الشعب اللبناني به وهي مهام ليست سهلة نظراً لما تحتاجه من عملية تنظيف ذاتي داخلي للكشف عن مفاصل الاختراقات الأمنية، مع استمراره في أداء دوره في المواجهة مع إسرائيل.


كذلك، يستبعد مناصرة أن تلجأ إيران بسبب ما جرى إلى توسيع دائرة الحرب، مشيراً إلى أن إيران تدرك تماماً طبيعة حلفاء إسرائيل ومكانتهم العسكرية ودورهم في إسناد إسرائيل، وتدرك عمق العلاقات الاستراتيجية التي تربط إسرائيل بحلفائها أمريكا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا. 


ووفقاً لمناصرة، فإن إيران واعية لقوة إسرائيل العسكرية والأمنية المدعومة من حلفائها، ولذلك فإن أي مواجهة مباشرة ستكون خاسرة بالنسبة لطهران، فما تملكه إيران ضد إسرائيل للاستخدام هو الصواريخ، وهذه الميزة لا تهزم جيوشاً، ولا تستطيع أن تهدم دولاً، ولفعل ذلك تحتاج لاستخدام مواردها البشرية (الجيش) إلى جانب الصواريخ، وهو أمر غير متاح نظرا لوجود دول وحدود جغرافية تفصلها عن إسرائيل كالعراق وسورية والأردن، في حين دول الغرب الاستعماري بمقدورها أن توجع إيران وتهزمها من البحار ومن قواعدها في المنطقة. 


 ضرب الثقة بين حزب الله وجمهوره


وفي سياق تصعيد الحرب، يرى مناصرة أن الرسالة الإسرائيلية من وراء التفجيرات هدفت إلى ضرب الثقة بين حزب الله وجمهوره، وهو جزء من استراتيجية إسرائيلية لزعزعة استقرار الحزب على الصعيد الداخلي.


ويشير مناصرة إلى أن هذه الضربة عززت من ثقة الداخل الإسرائيلي بالجيش وأجهزة الاستخبارات والحكومة الإسرائيلية، ما ساهم نسبياً في ترميم صورة إسرائيل داخلياً بعد الهزات التي تعرضت لها في الفترة الأخيرة.


ويلفت مناصرة الانتباه إلى أن إسرائيل تُعد دولة متطورة على الصعيد التكنولوجي والعسكري والاقتصادي، وهي محصنة أمنياً أمام أي محاولات اختراق مقارنة بدول المنطقة، ويجب أن لا تتم الاستهانة بتلك القدرات، والتي تدركها إيران.

دلالات

شارك برأيك

حرب المفاجآت بأجهزة الاتصالات.. تفخيخ الساحات لتفكيكها والتفرد بها

المزيد في عربي ودولي

أسعار العملات

الأربعاء 20 نوفمبر 2024 9:43 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.74

شراء 3.73

دينار / شيكل

بيع 5.28

شراء 5.26

يورو / شيكل

بيع 3.96

شراء 3.95

هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟

%54

%46

(مجموع المصوتين 80)