Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo

أقلام وأراء

الأحد 08 سبتمبر 2024 9:31 صباحًا - بتوقيت القدس

عن الشاهد والشهيد كان صديقي محاولة لكتابة سيرة غيرية لـ "مثقف ثوري" ما

وضع عينه في عين الجمهور، تفرّس فيه، عدّل من جلسته بعد أن اعتلى عريف الأمسية المنبر، قدّمه بعدد من الألقاب، لفّ ساقاّ على أخرى حين صفق الجمهور لألقابه.


تحدث كثيراً ومطولاً، طعن في كل شيء، باسم الوطن، سبّ الوطنية والعلم، وادعى معرفته بالشهداء وسبّ الثورة، فأصبح وصياً عليهم.


تحدث كثيراً ومطولاً، عن تحليله العلمي في السياسة والثورة، ومن ردن قميصه كان يطل برأسه سؤال أقضّ مضجعه منذ الصغر، كم شيطاناً على رأس الإبرة؟ وهل رأس الإبرة يحتمل مجاورة الشياطين للملائكة؟!
كانت هوايته _ في مخيلته فقط_ الهبوط بالمظلة، وكان يتخيل نفسه قافزاً بشجاعة المحارب، محلّقاً، والعالم مبهور بما يفعله. وفي لحظة الانبهار العظيم سيطلق العنان لمظلته، التي ستتهادى إلى حضن الجمهور، لكنه فجأة تخيّل المظلة لا تفتح فسبّ مخترعها الكافر.


ها هو الآن في حضن الجمهور، قفز من مظلة لا يعلمها أحد، مستعرضاً عدة مقالات وأبحاث عن فتية قضوا، وشرح كيف الشغف الثوري يمتلئ في الصدور، وكيف الحقد يتحول حجارة ورصاصاً على الآلة الحديدية، فغص في ذاته عندما تذكر أنه شاهد الفتية من بعيد، وكان بينه وبينهم جدران من الأمنيات، لكن ساقه تصلّبت، فانتبه لأدائه أمام الجمهور في الأمسية فأنزل ساقه، ورفع صوته.


كانت القاعة تضجّ بالمريدين الثوريين، والمعجبات الثوريات، وكاميرات التصوير. نظر إلى الكاميرا متخيلاً صورته في التلفاز كيف ستظهر، وخلف الكاميرا شاب يعلو رأسه ضماد وفي عينيه حمرة من غاز أسال دموعه قبل ساعات، شعر بحرقة الدموع في عينيه عندما اشتم ذلك الغاز عن بعد، وساقه المتصلبة تقوده إلى الخلف، فشعر بالحنق من ذلك الشاب، وأرجع ساقه على الساق الأخرى أمام الكاميرا، وقال لكل شهيد شاهد، ولكل بطل خائن ومتخاذل، يقفون خلفه، والشاهد كذلك يقف في الخلف، وتحسس ساقه، وقال: لا تعينه ساقه أن يكون بطلاً، فيصبح شاهداً على البطولة، لكنه جبان متخاذل حملته ساقه إلى الخلف، واخترع لتفسه مهنة الإعلام ليخفي عيبه وعجزه أمام البطل.. صديقي... الشهيد!!!". فضجت القاعة بالتصفيق، معجبين بالاكتشاف الثوري لولي الشهداء.. وصفق الصحفيون أيضاً.


كلهم تسابقوا لالتقاط الصور معه والحصول على نسخة موقعة من كتابه، لكن ذلك الشاب ظلّ واقفاً خلف الكاميرا تعجزه ساقه أن يلتحق بالركب، عيناه تحرقه من الغاز، وفي خاصرته ألم.


بعد عدة أيام كان ضيفاً على برنامج مسائي، وراح يفضح "الشاهد ويمجّد الشهيد، وفي عينيه تراءى له ذلك الشاب، فابتسم لأنه ظن أنه يسمعه ولا يجرؤ على الرد، فقاطعت مقدمة البرنامج خياله وابتسامته وسمعها تقول: جاءنا الآن خبر عاجل، تحشرج صوتها وهي تنظر إلى الشاشة مفجوعة، وقالت: استشهاد زميلنا المصور الصحفي أثناء... وغاب صوتها لتخترق الصورة رأس الضيف، وهو يشاهد شاباً بضمادة تعلو رأسه، وفي عينيه حمرة من غاز، وفي صدره رصاصة، فلفّ ساقه على الأخرى، وقال: البطل... الشهيد... كان صديقي.

ملاحظة: أي تشابه بين الشخصية المذكورة وبين شخص تعرفه يعني أن تنصحه بمراجعة طبيب نفسي.

................

كلهم تسابقوا لالتقاط الصور معه والحصول على نسخة موقعة من كتابه، لكن ذلك الشاب ظلّ واقفاً خلف الكاميرا تعجزه ساقه أن يلتحق بالركب، عيناه تحرقه من الغاز، وفي خاصرته ألم.

دلالات

شارك برأيك

عن الشاهد والشهيد كان صديقي محاولة لكتابة سيرة غيرية لـ "مثقف ثوري" ما

المزيد في أقلام وأراء

ظروف مثالية نحو صفقة التبادل.. وماذا عن الضمانات؟

حديث القدس

الصفقة على الأبواب ما لم يخرّبها نتنياهو‎

هاني المصري

​ المقاومة أمر ما حتمي .. ودمشق تعطي للعروبة شكلها

حمدي فراج

ترامب وسموتريتش.. تقاطع أيديولوجي مسيحي أنجليكاني ويهودي تلمودي توراتي

راسم عبيدات

سوريا إلى أين؟

حمادة فراعنة

المغطس مكان عماد السيد المسيح يتوج بتدشين كنيسة كاثوليكية جديدة

كريستين حنا نصر

أسرى فلسطين في معسكرات الموت

حديث القدس

الفلسطينيون بين وعيد ترمب بالجحيم وسعي نتنياهو لـ"النصر المطلق"

اللواء المتقاعد أحمد عيسى

البدائل الوطنية الديمقراطية.. مفتاح التغيير الحقيقي بالمنطقة ولمواجهة الاحتلال

مروان اميل طوباسي

قد تتوقف الإبادة ولكن !

بهاء رحال

رحيل عيسى الشعيبي

حمادة فراعنة

أمريكا تؤسس لعالم جديد وعنيف

د. أحمد رفيق عوض

آفاقُ التربية: نحوَ سُمُوٍّ إنسانيٍّ مُلْهِمٍ

ثروت زيد الكيلاني

حلحلة الانسداد السياسي في لبنان و سوريا، مؤشر لشرق عربي مشرق

كريستين حنا نصر

بوادر اتفاق تلوح بالأفق!

حديث القدس

الدبلوماسية العامة والمؤثرون.. أداة قوة ناعمة

دلال صائب عريقات ‏

هل تصل الفاشية الرأسمالية الغربية إلى الحكومات العربية؟

عبدالله جناحي

جابوتنسكي ونظرية الأمن الإسرائيلي

أسماء ناصر أبو عيّاش

هل كانت لداود مملكة في هذه البلاد؟!

تيسير خالد

منطق استعماري قديم

حمادة فراعنة

أسعار العملات

الأربعاء 08 يناير 2025 9:02 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.65

شراء 3.64

دينار / شيكل

بيع 5.15

شراء 5.13

يورو / شيكل

بيع 3.78

شراء 3.77

هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟

%59

%41

(مجموع المصوتين 413)