أقلام وأراء
السّبت 07 سبتمبر 2024 8:07 صباحًا - بتوقيت القدس
البرلمان الانتقالي والاعلان الدستوري المرتقبين
في ٢٩ تشرين الثاني ٢٠١٢، تحصلت فلسطين على قرار ذي أهمية خاصة، باعتراف الجمعية العامة للأمم المتحدة بها، دولة مراقباً وغير عضو في الأمم المتحدة، القرار١٩/ ٦٧ لعام ٢٠١٢ وهو الأمر الذي تداخل سياسياً بالاعتراف الأممي بمنظمة التحرير كمراقب، قرار ٣٢٣٧ لعام ١٩٧٤، مع تساؤلات عند التندر، لماذا نفعل ذلك!؟ وأي فوائد سنجنيها!؟، وهل هي بديلاً للمنظمة!؟ وقد ثبت أن هذا القرار أحد أهم رهانات السيد الرئيس حقاً، إلى جانبه عدد من أعضاء القيادة، وهذا القرار يعتبر من أهم الإنجازات الفلسطينية في العقدين الأخيرين.
بات ثابتا بعد زمن، أن القرار١٩/ ٦٧، الخاص بالدولة، له أهمية تتعدى التفكير النمطي والتقليدي أو المناكفات الفصائلية وداخل حركة فتح والمنظمة. جوهرياً هناك فرق نوعي، فقرار ١٩٧٤ هو قرار بمضمونه يعترف بشرعية النضال الفلسطيني، وأن منظمة التحرير هي ممثله وقائدة كفاحه الوطني، وبالتالي اكتسبت كل مكاتب وممثليات المنظمة صفة شرعية وفق القانون الدبلوماسي الدولي، وفُتحت مكاتب وسفارات فلسطينية في كل قارات العالم بما فيها أوروبا الغربية، واكتسب نضاله شرعية مطلقة في إطار القانون الدولي.
أما القرار عام ٢٠١٢، فقد اكتسب أهميته من كونه، يُجسد الاعتراف بحق الشعب الفلسطيني على أرضه المحتله عام ١٩٦٧، وأن دولته المراقبة في الأمم المتحدة هي دولة تحت الاحتلال، لكنه من زاوية أخرى غَيّر المركز القانوني للسلطة، من كيان محلي وفق اتفاق ثنائي مع الاحتلال عام ١٩٩٣، برعاية دولية، وننتظر منذ ١٩٩٩ انتهاء المرحلة الانتقالية إلى الحل الدائم، الأمر الذي لم يتم حتى اليوم، بل تنكرت حكومة الاحتلال لكل التزاماتها المترتبة على أوسلو، وما تبعه من اتفاقيات، في واشنطن والقاهرة وطابا و"واي بلانتيشن".
جوهر الحديث، منذ وقت قصير صدّر السيد الرئيس أبو مازن قراراً يختص بالترتيبات الخاصة لتوجهه وقيادته إلى قطاع غزة، عطفاً على قراره المعلن في البرلمان التركي، وشكل لجنة عالية المستوى من اللجنة التنفيذية، وهو فعلٌ يجب أن تُبذل كل الجهود لإتمامه وإنجاحه، علّها تكون الفارقة لوقف شلال الدم الناتج عن "حرب الابادة والتطهير العرقي" على أرض القطاع، وأيضاً شمال الضفة.
(إن هذه الحرب التي يدفع الشعب الفلسطيني ثمنها كاملاً بالدم والمقدرات، بالحاضر والمستقبل، تم تصميمها كمدخل لإعادة ترتيب الشرق الأوسط، ولربما الأقصى والأدنى ضمناً، على حساب الدم الفلسطيني).
وبالعودة لقرار ١٩/ ٦٧ لعام ٢٠١٢، والذي يعتبِر نصاً وحكماً قانونياً، أن اللجنة التنفيذية هي حكومة فلسطين، وأن المجلس الوطني هو برلمان دولة فلسطين، وأن دولة فلسطين تحت الاحتلال منذ حينه، استفدنا أكثر ما يمكن، من انضمامنا لأكثر من ١٠٠ معاهدة ومنظمة دولية، أهمها المحاكم الدولية، العدل والجنائية، وتثبَّت وجودنا كدولة في المحافل الدولية، لكن لم يتم تكييف الوضع القانوني للدولة بدلاً من السلطة، لأسباب مختلفة، ربما ليست كلها مقنعه لكن مُتفهّمة، فالواقع أن الاحتلال وحليفته أمريكا وقفا ضد ذلك بقوتهما التامة، بالضغط الهائل علينا، سواء من الولايات المتحدة أو تهديدات الاحتلال، وكلاهما يمتلك قدرات تنفيذية هائلة.
في العام ٢٠١٣، طَرَحتُ في أروقة المجلس الثوري (وكنت نائب أمين سره) ثم تالياً في المجلس المركزي ٢٠١٥، ٢٠١٨، ٢٠٢٢، طَرحتُ ضرورة تشكيل مجلس تأسيسي للدولة المعترف بها، يضع دستورها ثم يُنادي الرئيس لانتخابات رئاسية وبرلمانية عامة، والحقيقة، وصلتُ حد الاختلاف الحاد مع عدد من أخوتي الذين كانوا أعضاء في المجلس التشريعي قبل حله دستورياً في تشرين الثاني ٢٠١٨، اختلفنا داخل المؤسسات وفي الإعلام.
في العام ٢٠١٨، كان المجلس الوطني قد انعقد في نيسان، ثم المركزي انعقد في دورتين سريعتين بين آب وتشرين الأول، وهناك، قمنا نحن مجموعة من أعضاء المركزي بالضغط لاعتماد قرار، حول المجلس التأسيسي، على أن يتم تشكيله وفق معايير خاصة تتواءم مع الواقع والضرورة، أو اعتبار المجلس المركزي مجلساً تأسيسياً، وبرغم تحصلنا على الموافقة القانونية، لم يورد في البيان الختامي، ولم يوثق كقرار، لكنه موثّق كوثيقة رسمية، باعتماد القائد والقاضي الحكيم رئيس المجلس الوطني في حينه، سليم الزعنون أبو الأديب، رحمه الله.
طالبنا باعتماد، مجلس تأسيسي، أو اعتبار المركزي هو المجلس التأسيسي، مع مهام تشريعية وصلاحيات منح الثقة وحجبها عن الحكومة، وصلاحيات الرقابة، وأن يُقِر دستور الدولة في غضون ستة أشهر إلى عام، ثم يدعو الأخ الرئيس لانتخابات الدولة، وذات القرار اعتمد في المجلس المركزي في شباط ٢٠٢٢، وفي حينه في الدورة ٣١ عام ٢٠٢٢، اعتمد المجلس قراراته، التي نذكر منها في سياق الحدث:
١- قرار "المباشرة في تجسيد دولة فلسطين"، استناداً لقرار الجمعية العامة ٢٠١٢، ووثيقة الاستقلال.
٢ - قرار "المجلس التأسيسي للدولة"، باعتبار المجلس المركزي هو التأسيسي، للانتقال من السلطة إلى الدولة.
٣ - قرار حول "صلاحيات المجلس المركزي الدستورية والولاية الرقابية"، الذي جاء مرتكزاً على كثير مما سبق. قرار يعطي المجلس صلاحيات تشريعية ورقابية للمجلس، ولكنه لم يُنفذْ.
ما المطلوب حقاً؟
في سياق تجسيد الدولة الخاضعة للاحتلال، يجب الانتقال من واقع السلطة المقيدة باتفاقيات "أوسلو" التي أعدمها توالياً، باراك، نتنياهو وشارون ثم نتنياهو واليمين المتطرف، من اتفاقية ثنائية لحكم ذاتي بات "مسخوطاً" وليس فقط "محدوداً"، إلى نضال تجسيد الدولة ذات البعد الدولي بعد ما اعترفت بها ١٤٩ دولة حتى الآن، والعمل بكل السبل لتكييف وجودها قانونياً، وهو ما يتطلب، وحدة وطنية شاملة، جبهة وطنية كاملة في إطار منظمة التحرير الفلسطينية تضم كل الفصائل الفلسطينية، ملتزمة ومنضبطة لنظمها ولوائحها وللقانون الدولي والشرعية الدولية، دونما مزايدات تبقينا في مربع القسمة، أو تدفعنا خارج القانون الدولي، في هذا السياق، يتوجب أن نعمل على:
♦️ الإعلان الدستوري، يجب أن يرتكز لوثيقة إعلان الاستقلال وقرارات المجالس الوطنية والمركزية المتعاقبة، في إطار وحدة وطنية جامعة، وحريات وحقوق كاملة، فردية وجماعية، خاصة وعامة، وإن من الملزم اعتماده بعدم الانحراف أو الابتعاد عن قرارات الشرعية الدولية، بل البقاء في قلبها، ذلك أن التعاطف الذي اكتسبته القضية الوطنية الفلسطينية غير مسبوق، ويجب المحافظة عليه، والبقاء في قلب الشرعية الدولية، وعدم الخروج عليها.
نحتاج إعلاناً دستورياً لعدد من المواد القانونية الحاكمة لتنظيم شؤون دولة فلسطين تحت الاحتلال في سياق تجسيدها، نحتاج هذا الدستور المختصر والمؤقت، لينظم حياة الأفراد إلى حين إقرار الدستور، إعلان دستوري ينقلنا من مرحلة السلطة الى مرحلة الدولة.
♦️ إعلان المجلس المركزي برلماناً انتقالياً و/ أو مجلساً تأسيسياً، سيغير من مهامه، وينقله الى مرحلة العمل النشط والحيوي، بمهامه المختلفه، لتحقيق أصول العمل البرلماني، وهذا سيدفع لانتظام اجتماعاته، وهو ما يتطلب إحداث تطوير جذري في عمله وهياكله، منها:
▪️ تشكيل الكتل البرلمانية، واستكمال تشكيل لجنة شؤون المجلس وإطلاق أعمالها، كي يكون مجلسنا، سيداً بين البرلمانات النيابية المقررة، متجاوزاً شكل البرلمانات الشورية والاستشارية والأشراف والأعيان، ويتحول من مجلس تكميلي، إلى مجلس يحتل الغرفة الأولى والرئيسية.
▪️ تعديل اللائحة الداخلية للمجلس المركزي بما يتلاءم مع دوره القديم والجديد، وكذلك التفويض المخول به من المجلس الوطني، حيث تقادمت اللوائح ولا تساير تطور العمل البرلماني والإداري الحديث، فكلاهما وضع إبان التأسيس ولم تدخل تعديلات جوهرية عليهما (لائحتا المجلس الوطني والمجلس المركزي)، بالإضافة لمهمته الجديدة كـ "برلمان انتقالي" ودور المجلس التأسيسي.
كما يتوجب البحث في مدة ولايته، بالزامية أنها محدودة وليست مفتوحة، وانتظام تجديد هياكله الداخلية.
▪️ إعادة تشكيل لجنة الدستور، وتمثيل الكتل البرلمانية، ومشاركة المجتمع المدني والمحلي، مع الخبراء القانونيين، ذوي الخبرة في القانون الدستوري، فالدستور بمثابة العقد بين أبناء الشعب الفلسطيني كافة. وعليه يجب ضمان مشاركة الطيف السياسي والمدني، في الإطار الوطني الجامع، فالدستور لكل الشعب وبموافقته عبر الاستفتاء.
أما ما يخص متى يمكن أن تتحرك القيادة الوطنية برئاسة السيد الرئيس، إلى غزة والتي يأمل الجميع أن تكون أممية، بمشاركة غوتيرتش المأمولة، وعدد من قادة الدول العربية والاسلامية والأجنبية، فإن هذا الوفد، يجب أن يضم الذين صمدوا لأشهر ثم غادروا لضرورات العمل، واعتبار من بقي صامداً في القطاع يشارك الناس صمودهم، ويشحذ هممهم وعزائمهم، من قادة الفصائل الوطنية المختلفة، جزءاً رسمياً وأصيلاً من الوفد.
يجب الانتقال من واقع السلطة المقيدة باتفاقيات "أوسلو التي أعدمها توالياً، باراك، نتنياهو وشارون ثم نتنياهو واليمين المتطرف، من اتفاقية ثنائية لحكم ذاتي بات "مسخوطاً" وليس فقط "محدوداً"، إلى نضال تجسيد الدولة ذات البعد الدولي بعد ما اعترفت بها ١٤٩ دولة حتى الآن.
دلالات
المزيد في أقلام وأراء
غزة : دوامة موت لا تتوقف
حديث القدس
عام قاسٍ من الألم والتضحيات والمقاومة البطولية المفعمة بالأمل
مصطفى البرغوثي
معركة 7 أكتوبر
الذكرى الأولى لـ "طوفان الأقصى"
أسامة خليفة
من يوقف العدوان
بهاء رحال
رسائل صمود من غزة والضفة
حديث القدس
معركة 7 أكتوبر
حمادة فراعنة
كيف لم يعرفوا، كيف لم يمنعوا ، كيف لم يخجلوا ؟!
حمدي فراج
عام على طوفان الأقصى ... هل حان وقت التقييم؟
هاني المصري
بعد عام من حرب الإبادة والتصفية .. المسؤولية الوطنية لمواجهة المخاطر المحدقة
جمال زقوت
الثقافة الفلسطينية قوة ناعمة في مواجهة الإبادة
د. سارة محمد الشماس
إعفاء أبناء العمال من الرسوم: قرار مهم ولكن...
المحامي إبراهيم الذويب
٧ أكتوبر.. عام على حرب الإبادة
بهاء رحال
حال الناس (6)
د.غسان عبد الله
معركة 7 أكتوبر
السنة الأصعب: ما الذي تغير فينا وفيهم ؟
د. أحمد رفيق عوض
مآلات الحرب
بهاء رحال
الشراكة الأميركية الإسرائيلية
حمادة فراعنة
عام من الإبادة و76 عامًا من الاحتلال: الكولونيالية الحديثة باطار براغماتي
بقلم: د. دلال صائب عريقات
قتلتها كلمة!!!
رام الله - المديرية العامة للشرطة
الأكثر تعليقاً
منارة أمل إسرائيلية فلسطينية
الولايات المتحدة تقول إنها لا تريد وقف إطلاق النار في لبنان وتدعم الهجوم الإسرائيلي
الجريمة والعقاب.. لماذا تُفلت إسرائيل من العقاب؟ وهل ستُحاكَم يوماً على جرائمها؟
أمين عام حزب الله نعيم قاسم: نتنياهو يسعى لشرق أوسط جديد.. وإمكانياتنا بخير
مصطفى يطلع السيناتور الأميركي بلومنتال على آخر المستجدات
الاحتلال يقرر ضرب إيران وتتأهب في جميع الجبهات
7 محاور بكلمة أبو عبيدة في ذكرى طوفان الأقصى
الأكثر قراءة
4 شهداء برصاص مستعربين في السوق الشرقي بنابلس
الاحتلال يقصف ويحاصر مستشفى كمال عدوان شمالي غزة ويطالب بإخلائه خلال 24 ساعة
مصطفى يطلع السيناتور الأميركي بلومنتال على آخر المستجدات
مقتل مجندة إسرائيلية وإصابة آخرين إثر إطلاق نار في بئر السبع
7 محاور بكلمة أبو عبيدة في ذكرى طوفان الأقصى
نتنياهو يتحدث عن موعد انتهاء الحرب
منارة أمل إسرائيلية فلسطينية
أسعار العملات
الأحد 06 أكتوبر 2024 12:55 مساءً
دولار / شيكل
بيع 3.82
شراء 3.8
دينار / شيكل
بيع 5.39
شراء 5.37
يورو / شيكل
بيع 4.19
شراء 4.17
هل تستطيع إدارة بايدن الضغط على نتنياهو لوقف حرب غزة؟
%17
%83
(مجموع المصوتين 342)
شارك برأيك
البرلمان الانتقالي والاعلان الدستوري المرتقبين