أقلام وأراء
الجمعة 02 أغسطس 2024 9:27 صباحًا - بتوقيت القدس
على حافة الهاوية: ثلاثة استنتاجات مُهمة من اغتيال هنية
تلخيص
يُظهر اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في طهران، وقبله بساعات اغتيال فؤاد شكر أحد كبار قادة حزب الله في غارة إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت ثلاثة استنتاجات مُهمة، تقود جميعها إلى تعزيز الاعتقاد بأن حرب السابع من أكتوبر/ تشرين الأول لا تزال أبعد ما يكون عن نهاية قريبة لها، أو حتى استقرارها على وتيرة مُنخفضة المخاطر من حيث البُعد الإقليمي لها.
الاستنتاج الأول: إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أصبح أكثر جرأة على تصعيد الحرب بعد زيارته للولايات المتحدة، وأن إدارة الرئيس جو بايدن أصبحت أكثر ضعفًا في ممارسة نفوذها عليه لتجنب التصعيد، أو أكثر خضوعًا للعبته الهادفة إلى إطالة أمد هذه الحرب لأطول فترة مُمكنة، وتأجيج مخاطرها الإقليمية. وفي كلتا الحالتين، تَظهر اللحظة الأميركية الراهنة المنشغلة بالانتخابات الرئاسية كفرصة لنتنياهو لمحاولة عكس مسار الحرب.
الاستنتاج الثاني: إن انخراط إسرائيل في الجهود الدبلوماسية الجديدة للتوصل إلى صفقة مع حركة حماس لوقف إطلاق النار في غزة، وموافقتها على المُقترح الذي عرضه الرئيس جو بايدن لم يكونا سوى لعبة جديدة من ألاعيب نتنياهو في هذه الحرب لخداع العالم. وحقيقة أن هنية كان يُمثل قوة دافعة لإبرام صفقة لتبادل الأسرى والرهائن وإنهاء الحرب، تُشير إلى أن أحد الأهداف الرئيسية لاغتياله تقويض الفرص المُمكنة للتوصل إلى مثل هذه الصفقة في المستقبل المنظور.
هناك سبب واضح يُفسّر تهرب نتنياهو من استحقاق الصفقة في الوقت الراهن، وهو أن شركاءه الأكثر تطرفًا في الحكومة لا يُريدون لهذه الحرب أن تنتهي من دون أن تُحقق فيها إسرائيل نصرًا واضحًا. لكن هذا السبب ليس الوحيد. يُراهن نتنياهو على عودة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب إلى البيت الأبيض في نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل. ويعتقد أن مثل هذه العودة ستُطلق اليد الأميركية لإسرائيل لإنجاز ما عجزت عن تحقيقه في الحرب مع إدارة بايدن.
أما الاستنتاج الثالث فهو أن اللعب الإسرائيلي على حافة الهاوية في المواجهة مع إيران وحلفائها في المنطقة يُمكن أن يدفعها إلى حرب إقليمية شاملة بمعزل عن الرغبة المُعلنة من قبل إسرائيل وإيران والولايات المتحدة بتجنّبها، وأن قواعد الردع والاشتباك، التي أدارت المسار الإقليمي لحرب السابع من أكتوبر/ تشرين الأول، وحالت حتى اليوم دون خروجه عن السيطرة، لم تعد قائمة بعد اغتيال هنية في طهران، والضربة الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت. وسيكون الردّ الإيراني المنتظر على عمليتَي الاغتيال إن بشكل مباشر أو عبر الحلفاء أو كليهما معًا، حاسمًا في تحديد مسار الحرب بعد الآن.
لكن الاختبار الصعب، الذي يواجه طهران وحلفاءها، يتمثل في رد قوي على عمليات الاغتيال يوازن بين إعادة ترميم قواعد الردع والاشتباك مع إسرائيل، ولا يؤدي إلى الانزلاق نحو حرب إقليمية. إن اغتيال هنية في طهران يُشكل ضربة كبيرة لإيران ليس فقط على صعيد الانكشاف الأمني الداخلي الخطير، بل أيضًا على صعيد تصدع مفهوم الردع الجديد الذي سعت لتكريسه في صراعها مع إسرائيل منذ الهجوم الصاروخي الإيراني المباشر عليها في أبريل/ نيسان الماضي.
قد يُساعد اغتيال هنية والقائد الكبير في حزب الله فؤاد شكر، نتنياهو في تسويقه داخليًا لإعادة توحيد الإسرائيليين خلفه في هذه الحرب، وإظهار أن إدارته لها تُحقق نتائج قوية، وخارجيًا لإرسال رسالة ردع قوية لإيران وحلفائها في المنطقة، لكنّه لن يُخرج إسرائيل من المأزق الإستراتيجي الذي تواجهه في حرب السابع من أكتوبر/ تشرين الأول.
لا تزال إسرائيل عاجزة عن تحقيق أهداف الحرب التي وضعتها في قطاع غزة، وفي استعادة محتجزيها بالقوة، وفي القضاء على زعيم حماس في غزة يحيى السنوار.
ومن غير المتصور أن يؤدي اغتيال هنية بأي حال إلى تزعزع القيادة في حركة حماس. كما أن الاستقطاب الداخلي الإسرائيلي العنيف إزاء إدارة نتنياهو للحرب لن ينتهي بمُجرد اغتيال قادة في حماس، واستعراض القوة مع إيران وحلفائها.
علاوة على ذلك، سيبقى حزب الله يُشكل مُعضلة استراتيجية أخرى لإسرائيل في استعادة الأمن على جبهتها الشمالية. وحتى في الوقت الذي تُظهر فيه إيران وحزب الله حذرًا شديدًا في تجنب الانزلاق إلى مواجهة أوسع، فإن جبهات الإسناد الإقليمية للمقاومة الفلسطينية ستبقى تعمل كعنصر ضغط كبير على السياسة الإسرائيلية والأميركية في الحرب.
لقد أصبح مستقبل الشرق الأوسط أكثر من أي وقت مضى رهينة لمغامرات نتنياهو، التي لا تستمد قوتها من نزعة الغطرسة الإسرائيلية فحسب، بل أيضًا من تغذية الولايات المتحدة والغرب لها، وللمسار المرتفع المخاطر الذي يسلكه الصراع الإسرائيلي الإيراني بعد اغتيال هنية وشكر.
والتكاليف الباهظة، التي عملت في السابق كرادع قوي لمنع نشوب حرب إقليمية، لم تعد تعني أن هذه الحرب لا يُمكن أن تحدث، كما لا تعني أنها حتمية أيضًا. مع ذلك، قد تكون عمليات الاغتيال مُجرد بداية للسيناريو الأكثر خطورة في حرب السابع من أكتوبر/ تشرين الأول.
لا يزال العامل الأميركي أحد العوامل الحاسمة في منع تأجيج الاضطراب الإقليمي. ودبلوماسية القنوات الخلفية، التي انتهجتها واشنطن مع طهران في الأشهر الماضية لإدارة الفعل ورد الفعل بين إسرائيل وإيران، ستختبر مرّة أخرى ما إذا كانت لا تزال فعّالة في خفض المخاطر.
لقد أصبح مستقبل الشرق الأوسط أكثر من أي وقت مضى رهينة لمغامرات نتنياهو، التي لا تستمد قوتها من نزعة الغطرسة الإسرائيلية فحسب، بل أيضًا من تغذية الولايات المتحدة والغرب لها.
دلالات
المزيد في أقلام وأراء
ترامب المُقامر بِحُلته السياسية
آمنة مضر النواتي
نعم لملاحقة مجرمي الحرب وتسليمهم للقضاء الدولي
حديث القدس
مآلات سياسة ترامب الاقتصادية أميركياً وعربياً
جواد العناني
سيناريوهات ثلاثة: أحلاها مر... ولكن
أسعد عبد الرحمن
جنوب لبنان وغزة بين جدلية وحدة الجبهات والاستقلالية التكتيكية
مروان أميل طوباسي
الضـم ليس قـدراً !!
نبهان خريشة
دور رجال الإصلاح وزعماء العشائر في تعزيز السلم الأهلي والحاجة الملحة لضرورة تشكيل مجلس للسلم الأهلي في المحافظة
معروف الرفاعي
الفيتو الأمريكي: شراكة حقيقية في حرب إبادة شعبنا
حديث القدس
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
أحمد لطفي شاهين
الميدان يرد بندية على ورقة المبعوث الأمريكي الملغّمة
وسام رفيدي
تماسك أبناء المجتمع المقدسي ليس خيارًا بل ضرورة وجودية
معروف الرفاعي
المطاردون
حمادة فراعنة
فيروز أيقونَة الغِناء الشَّرقي.. وسيّدة الانتظار
سامية وديع عطا
السلم الأهلي في القدس: ركيزة لحماية المجتمع المقدسي ومواجهة الاحتلال
الصحفي عمر رجوب
إسرائيل تُفاقم الكارثة الإنسانية في غزة
حديث القدس
شتاء غزة.. وحل الحرب وطين الأيام
بهاء رحال
المقاومة موجودة
حمادة فراعنة
وحشية الاحتلال بين الصمت الدولي والدعم الأمريكي
سري القدوة
هوكشتاين جاء بنسخة لبنانية عن إتفاق أوسلو!
محمد النوباني
ماذا وراء خطاب نتنياهو البائس؟
حديث القدس
الأكثر تعليقاً
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
أبو الغيط: الوضع في فلسطين غير مقبول ومدان ولا يجب السماح باستمراره
الأردن: حكم بسجن عماد العدوان 10 سنوات بتهمة "تهريب أسلحة إلى الضفة"
ضابط إسرائيلي يهرب من قبرص بسبب غزة
مصطفى: الصحفيون الفلسطينيون لعبوا دورا محوريا في فضح جرائم الاحتلال
سموتريتش يضع البنية التحتية المنطقة (ج) في مهبّ أطماع المستوطنين
الاحتلال الإسرائيلي يتوغل في القنيطرة السورية ويعتقل راعيا
الأكثر قراءة
ماذا يترتب على إصدار "الجنائية الدولية" مذكرتي اعتقال ضد نتنياهو وغالانت؟
نتنياهو يقمع معارضيه.. "إمبراطورية اليمين" تتحكم بمستقبل إسرائيل
الكونغرس يقر قانون يفرض قيودا صارمة على المنظمات غير الربحية المؤيدة للفلسطينيين
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
بعد مرسوم بوتين.. هل يقف العالم على الحافة النووية؟
زقوت في حوار شامل مع "القدس".. خطة حكومية لوضع دعائم بناء دولة مستقلة
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
أسعار العملات
الأربعاء 20 نوفمبر 2024 9:43 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.74
شراء 3.73
دينار / شيكل
بيع 5.28
شراء 5.26
يورو / شيكل
بيع 3.96
شراء 3.95
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%53
%47
(مجموع المصوتين 81)
شارك برأيك
على حافة الهاوية: ثلاثة استنتاجات مُهمة من اغتيال هنية