أقلام وأراء
السّبت 27 يوليو 2024 9:00 صباحًا - بتوقيت القدس
صفقوا كثيراً لـ "دراكولّا"
تلخيص
هل رأيتم هذه المسرحية التي بثت على الفضاء العالمي يوم 24-7-2024، في الكونغرس الأمريكي؟ المجرم نتنياهو يخفي الوحش الصهيوني القابع في داخله. ببدلة رسمية وغرافة، وحركات بهلوانية غوغائية، يجأر بكل ما حملت عصور القمع من تعفّن وفساد وإرهاب وبلطجة، أضاليل وخطابات إبادية، رائحة تفوح بالعنصرية والفاشية والوساخة، يحظى بتصفيق على مدار أكثر من ساعة، في يوم الاحتفال الأمريكي بالجحيم الصهيوني.
هل رأيتموه كيف يحرك يديه ووجهه وجسمه، كأنه في دبابة تقتحم رفح أو خانيونس أو مخيم نور شمس، يضرب في كل الاتجاهات، منفلتاً من غابته الدينية والأيديولوجية الموحشة، يقطر كلامه بالدم واللحم والجثث الممضوغة والمدعوسة، يوجه قنابله الفتاكة التي وصلته من أمريكا إلى قطاع غزة، يهدد العالم بأسره، يتحدى المحاكم الدولية ومؤسسات حقوق الإنسان والرأي العام، يقصف البشرية بكل مبادئها وقيمها، يأكل ويهضم ويسلب ويذبح ويدمر ويحوس في المدينة خراباً وقتلاً ولا يشبع. لا زال التصفيق حاداً في قاعة الكونجرس الأمريكي، دعم وإسناد وضحكات وتهليل، مزيد من أطنان القنابل، مزيد من الخنق والشنق، مزيد من الماحقات الساحقات الكاسحات، لا تبقي شيئاً على وجه الأرض في غزة يا نبي الظلام.
تصفيق أمريكي لدراكولا ، مصّاص الدماء، الخفاش الذي يشرب من دماء الضحايا، دراكولا الصهيوني منبع الفكر الأمريكي والأوروبي، ثقافة الافتراس والسادية الجنسية، تصفيق لبطل العالم السفلي، القوّاد والمتسلبط الذي ينفش ريشه وفاشيته وكراهيته ويكشر عن أنيابه. ويستمر التصفيق والوقوف حتى تصير غزة أرضاً بوراً، وحجارةً ورماداً وهيكلاً عظمياً محترقاً. تصفيق للطائرات والصواريخ والتهجير والتجويع والإعدامات والقنص ونشر الأمراض الفتاكة، تصفيق لدراكولا العصر الحديث، لسلخ جلود الأطفال وطبخهم في النيران المصبوبة في قطاع غزة، تصفيق، لا توقفوا المذبحة حتى تتبخر الأجساد، ويعود الظل الحجري في الزمن الجديد.
دراكولا في الكونغرس الأمريكي، الجميع من حوله يشعر بالخوف والذعر وبلا كرامة، دراكولا يجتث الخوف بالخوف، والتخويف بالتخويف، يتصرف كأنه في يومه الأخير، خائف أن تقف الحرب، يتحدث كأنّه مصاب بالهلوسة، فقد رأى في غزة موتى يعيشون بعد الممات، ورأى شعباً يحمل أحلامه، وأناشيده فوق الرفات، ورأى امرأة فلسطينية تضع مولودها بين قذيفتين، فتنجب الحياة فوق صخور النسيان.
يزداد التصفيق الأمريكي والزبد والرغبة الجارفة المكبوتة في الانتقام، تصفيق، لا يريد أن يرى حضورنا خارج القاعة، الأعلام واليافطات والمقاومة، رغبة جارفة لشعب عظيم في البقاء، ولا يزال يهشم في خطابه الدنيا، صخب والتهام للجثث، ولن ينتهي خطاب الحرب حتى يتحول كل المصفقين الأحياء إلى جثامين ومن ثم إلى لا شيء، إنه تصفيق إمبريالي أمريكي للانحطاط إلى أبعد مدى، لقد حولهم دراكولا إلى جلّادين وتافهين، الكل يصفق للجلّاد الكامن في نفسه، خانعين ومنصاعين ومن أسفل السافلين.
أمريكا تصفق لدراكولا البلطجي، والقاتل والبهلوان والأزعر، أعطته الحصانة والسلاح والمال، وأمدته برجال العصابات وبخبرتها التاريخية المبدعة في التصفيات، والتطهير العرقي، واقتلاع السكان من أراضيهم وأحلامهم. وصل الكونغرس يحمل لأمريكا الهدايا الكثيرة، الجماجم والأجساد الممزقة، هدايا للأصدقاء الأوفياء، هدايا لأفلام هوليوود المشبعة بالخيالات والأفكار والمتعة والأساطير السوداء، وظل يزعق ويتخبط، أنقذوني من بحر غزة، أنقذوني من غضب الأزقة والمخيمات، ويواصل اللعب بالكلمات على حبال السيرك الأمريكي، يحاول أن يخفي الحقائق، ويتملص من اللعنة، ومن قفص الاتهام، دم المسيح الفلسطيني يطارده في شوارع القدس والجليل والشجاعية.
أيها الأمريكيون: أنا دراكولا، تفوقت على التاريخ، التاريخ في قبضة يدي، وأنا الملك المبعوث من الرب المحارب في الأرض والسماء، وأنا سيدكم الأعلى، أنا الاستيطان والاستعمار والاستباحة، ومن حشى اجسام الفلسطينيين بالألغام، أنا القلق الوجودي، المعربد والمتنمر والخارج من مياه المجاري لأغمركم يقذارتي، صفقوا لي، واركعوا لي، لقد دخلت غزة وجنين وبلاطة وقلنديا، دخلت الخيام ورياض الأطفال والمستشفيات وصفوف المدرسة، قتلت الرضع والخدج والطلاب والنساء والعلماء، وجرفت القبور ومسحت الناس مسحا، اسمعوا كلامي لتسمعوا أصوات الانفجارات، انطروا إلى الأضواء الفسفورية الرائعة، ابتهجوا واستمتعوا وارقصوا، النيران طبقات طبقات، ما ألذ صراخ المعذبين العراة في السجون، اسمعوا الارتعاشات وصدمات الاغتصاب، ما أجمل هذا الألم تحت دعسات البساطير وجنازير الدبابات، ما أروع دفن الناس أحياءً!!
أيها الأمريكيون: أنا دراكولا الصهيوني، الحسوا صحوني، أنا قلعتكم التي لا غنى لكم عنها، أنا التبلّي البارع والوقح والشبّيح، كل من حولي ركعوا، صامتين مطبعين مخبرين عاجزين ضعفاء، لقد استسلم العرب أخلاقياً، تحولت طبائعهم وعاداتهم وروابطهم، أنا الحيوان الأقوى، أنا نجم الظهر الذي يمنع إقامة دولة فلسطينية مستقلة في المنطقة، أنا الخراب الكبير، الخارق الذي انتصر على الطبيعة والقانون، أنا الغول والتنين والروح الشريرة، أنا مصاص الدماء، صفقوا للموت الذاتي، والخراب النفسي، والموت الأخلاقي لليوم التالي في غزة، لا تجعلوني أسقط، مزيداً من التصفيق والاسناد، مزيداً من الجنون، لا تجعلوني أرى مرة أخرى حجراً يقدح الحرية من قصيدة، لا تفرضوا عليّ أن أتوقف عن ارتكاب مجزرة تتلوها مجزرة، هي غزة تصنع حياتها من لحمها، ومن رحمها، ومن غيمة عابرة، صفقوا لأني خائف ومفزوع، غزة تبتلعني.
................
دراكولا في الكونغرس الأمريكي، الجميع من حوله يشعر بالخوف والذعر وبلا كرامة، دراكولا يجتث الخوف بالخوف، والتخويف بالتخويف، يتصرف كأنه في يومه الأخير، خائف أن تقف الحرب، يتحدث كأنّه مصاب بالهلوسة، فقد رأى في غزة موتى يعيشون بعد الممات، ورأى شعباً يحمل أحلامه، وأناشيده فوق الرفات، ورأى امرأة فلسطينية تضع مولودها بين قذيفتين، فتنجب الحياة فوق صخور النسيان.
دلالات
المزيد في أقلام وأراء
Google تدعم الباحثين بالذكاء الاصطناعي: إضافة جديدة تغيّر قواعد اللعبة
بقلم :صدقي ابوضهير باحث ومستشار بالاعلام والتسويق الرقمي
التعاون بين شركة أقلمة والجامعات الفلسطينية: الجامعة العربية الأمريكية نموذجاً
بقلم: د فائق عويس.. المؤسس والمدير التنفيذي لشركة أقلمة
أهمية البيانات العربية في الذكاء الاصطناعي
بقلم: عبد الرحمن الخطيب - مختص بتقنيات الذكاء الاصطناعي
ويسألونك...؟
ابراهيم ملحم
الحرب على غزة تدخل عامها الثاني وسط توسّع العمليات العسكرية الإسرائيلية في الجبهة الشمالية
منير الغول
ترامب المُقامر بِحُلته السياسية
آمنة مضر النواتي
نعم لملاحقة مجرمي الحرب وتسليمهم للقضاء الدولي
حديث القدس
مآلات سياسة ترامب الاقتصادية أميركياً وعربياً
جواد العناني
سيناريوهات ثلاثة: أحلاها مر... ولكن
أسعد عبد الرحمن
جنوب لبنان وغزة بين جدلية وحدة الجبهات والاستقلالية التكتيكية
مروان أميل طوباسي
الضـم ليس قـدراً !!
نبهان خريشة
دور رجال الإصلاح وزعماء العشائر في تعزيز السلم الأهلي والحاجة الملحة لضرورة تشكيل مجلس للسلم الأهلي في المحافظة
معروف الرفاعي
الفيتو الأمريكي: شراكة حقيقية في حرب إبادة شعبنا
حديث القدس
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
أحمد لطفي شاهين
الميدان يرد بندية على ورقة المبعوث الأمريكي الملغّمة
وسام رفيدي
تماسك أبناء المجتمع المقدسي ليس خيارًا بل ضرورة وجودية
معروف الرفاعي
المطاردون
حمادة فراعنة
فيروز أيقونَة الغِناء الشَّرقي.. وسيّدة الانتظار
سامية وديع عطا
السلم الأهلي في القدس: ركيزة لحماية المجتمع المقدسي ومواجهة الاحتلال
الصحفي عمر رجوب
إسرائيل تُفاقم الكارثة الإنسانية في غزة
حديث القدس
الأكثر تعليقاً
الأردن: حكم بسجن عماد العدوان 10 سنوات بتهمة "تهريب أسلحة إلى الضفة"
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
اللواء محمد الدعاجنة قائداً للحرس الرئاسي
الفيتو الأمريكي: شراكة حقيقية في حرب إبادة شعبنا
الأردن: قصف إسرائيل حيًّا ببيت لاهيا ومنزلا بالشيخ رضوان "جريمة حرب"
حرب غزة تخطف 18 ألف طفل فلسطيني
الأكثر قراءة
الأردن: حكم بسجن عماد العدوان 10 سنوات بتهمة "تهريب أسلحة إلى الضفة"
ماذا يترتب على إصدار "الجنائية الدولية" مذكرتي اعتقال ضد نتنياهو وغالانت؟
نتنياهو يقمع معارضيه.. "إمبراطورية اليمين" تتحكم بمستقبل إسرائيل
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
الكونغرس يقر قانون يفرض قيودا صارمة على المنظمات غير الربحية المؤيدة للفلسطينيين
بعد مرسوم بوتين.. هل يقف العالم على الحافة النووية؟
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
أسعار العملات
السّبت 23 نوفمبر 2024 10:34 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.7
شراء 3.69
دينار / شيكل
بيع 5.24
شراء 5.22
يورو / شيكل
بيع 3.85
شراء 3.83
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%54
%46
(مجموع المصوتين 89)
شارك برأيك
صفقوا كثيراً لـ "دراكولّا"