أقلام وأراء

الثّلاثاء 23 أبريل 2024 9:12 صباحًا - بتوقيت القدس

أطفالنا القادمون!

تلخيص

في تقرير أمميّ اعترف العالم أن عدد الأطفال والرُّضَّع الذين أُزهقت أرواحهم في أربعة أشهر على يد هذا الجيش الذي يحظى بمباركة العالم الحرّ وهِبات سلاحه وفائض دعمه يزيد أربعة أضعاف عن الأطفال الذين تقتلهم الحروب والنزاعات في العالم كلّه، فكيف عددهم الآنّ!


وفي تقرير رسمي صادم يتضح أن عدد أطفالنا الذين سُفكت دماؤهم دون أن يرفّ للقاتل جفنٌ، ودون أن يخشى أيّ عقاب قارب الخمسة عشر ألفاً أو يزيدون، يشكلون نحو 45% من ضحايانا الأبرياء المظلومين.


وأما المصابون والجرحى والمحروقون والمبتورة أطرافهم وذوو العاهات المستديمة من أطفالنا فتلك حكاية أخرى لم تكشفها الإحصاءات بعدُ فوق الذين شُرّدوا ويُتّموا وهُجّروا قهراً.



وفي مواليدنا الجدد الذين وُلدوا بين الأنقاض والخيام حكاية بركةٍ إلهية سنذكرها بعد حين.


إنّ هذا العدوّ يبني قلعة هيبته الحمراء على عظام أطفالنا الصغار، ولحوم الرضّع الذين حُرموا من أمّهاتهم، يريدون أن يخوّفونا، ويقطعوا الأمل في التغلّب عليهم.


إنهم يريدون قتل مستقبلنا الحيّ، لأن الطفل عندنا هو مثال الحياة إذ ينمو ويكبر أمامنا ببطء مستعجِل، ويصنع المستقبل الذي هو آخرُ جزءٍ منّا، وبعضٌ منه.


أطفالنا الذين هم اليوم نصفُ واقعنا، وهم في الغد كل مستقبلنا.


أطفالنا هم سرُّ الأمل الذي نحتفظ به لأنفسنا، ونُعِدّه لعدوّنا.


أطفالنا اليوم لم يعودوا كبقية الأطفال، فقد قست أعوادهم باكراً، واحمرّت أغصانهم الخضراء، واستطالت جذوعهم على عَجَل.


أطفالنا اليوم يلبسون أحذية الكبار من آبائهم الراحلين، ويحشون الفراغات بمناديل الدموع التي جفّت في مآقيهم.


أطفالنا اليوم هم تلك الابتسامة الباقية التي ترتسم على وجوهنا الصفراء النازفة.


أطفالنا اليوم لم يعودوا يتفرّجون وينتظرون، إنهم يسبقوننا إلى الله، وهم من يقنعوننا بالصمود، وهم من يدعوننا للثبات، وهم من يُرونا في أنفسهم القدرة على التحمُّل لئلا ننكسر عند اللقاء.


أطفالنا اليوم هم حكماؤنا الذين يكتشفون كل شيء معنا، ولا ينالون راحة البراءة التي يبتهج بها الأطفال قبل بلوغهم الرشادَ.


قد تستطيع أمواج البحر العاتية أن تغرق السفن الماخرة الكبيرة، لكنها لا تستطيع إغراق سمكة صغيرة عرفت كيف تركب تيارات البحر وتمرّ بين ثناياه.


إن صقورنا الصغيرة الجريحة التي تعلمت القفز من أعشاشها لن تلبث أن تكتسي بقوادم الريش وخوافيها، ويستعرض جناحُها، وستنقضّ على الثعالب اللئيمة التي تترصّد سقوطها وتتشمم دماءها.


إن صغارنا الكبار أصبحوا إلهاماً نقيّاً يوقَد من زيتٍ بريء هو أشد سعيراً على أولئك القتلة الأوغاد.


وقد علّمنا اللهُ في أيّامه أنّه يُنبت منا أضعاف مَن يختارهم منا إلى جواره في هذه الحرب، وأنّ الله لا يَخْلُف عبادَه المؤمنين إلا بأخيَر منهم بركةً منه وفضلاً.


إن أطفالنا هم نحن، وهم مَن كانوا قبلنا، وهم جذرٌ لأصل وليسوا فرعاً من أصول، لكن عيونهم أوسع من عيوننا، وخياراتهم أوسع من خياراتنا، وقيودنا لم تعُد قيودهم، فانطلِقوا أيها الكبار القادمون فقد أتيتم من أرحام أمهاتٍ عظيمات صابرات، وظهورِ رجالٍ فرسان كأسنّة الرماح، ومن إيمانِ شعبٍ راسٍ كالجبال!

دلالات

شارك برأيك

أطفالنا القادمون!

المزيد في أقلام وأراء

مأساة غزة تفضح حرية الصحافة

حديث القدس

بمناسبة “عيد الفصح”: نماذج لعطاء قامات مسيحية فلسطينية

أسعد عبد الرحمن

شبح فيتنام يحوم فوق الجامعات الأميركية

دلال البزري

البدريّون في زماننا!

أسامة الأشقر

تحرك الجامعات والأسناد المدني لوقف لعدوان

حمزة البشتاوي

‏ آثار ما بعد صدمة فقدان المكان الاّمن – هدم بيتك أو مصادرته

غسان عبد الله

حوار عربي أوروبي في عمّان

جواد العناني

حرب نفسية عنوانها : تهديد اسرائيلي وضغط أميركي

حديث القدس

الأمم المتحدة والإعتراف بفلسطين دولة

ناجي شراب

خطاب ديني يواري سوأة المغتصِب

سماح خليفة

نتياهو قرر إفشال الهدنة وصفقة التبادل

بهاء رحال

تعرية التحالف الاستعماري

حمادة فراعنة

عزلتهم تزداد وهزيمتهم مؤكدة

وسام رفيدي

عاش الاول من أيار ..عيد العمال الأحرار

حديث القدس

"سان ريمو" إرث استعماري يتجدد ضد فلسطين والقدس

عبد الله توفيق كنعان

لماذا تقلق النخب من الحراك الطلابي المعادي لسياسات إسرائيل والمؤيد لغزة بالجامعات الأمريكية والغربية ؟!

محمد النوباني

أزرار التحكم... والسيطرة!

حسين شبكشي

ما أشبه الليلة الفلسطينية بالبارحة الفيتنامية

عيسى الشعيبي

الانتماء لفترة الصهيونية

حمادة فراعنة

الجنائية الدولية وقرار اعتقال نتنياهو ... حكمة أم نكتة

سماح خليفة

أسعار العملات

الجمعة 03 مايو 2024 9:49 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.72

شراء 3.7

دينار / شيكل

بيع 5.25

شراء 5.2

يورو / شيكل

بيع 3.99

شراء 3.95

رغم قرار مجلس الأمن.. هل تجتاح إسرائيل رفح؟

%75

%20

%5

(مجموع المصوتين 204)

القدس حالة الطقس