Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo

أقلام وأراء

الإثنين 22 أبريل 2024 9:41 صباحًا - بتوقيت القدس

ما العمل في ظل أجواء الفقدان

تلخيص

يشهد المجتمع البشري قاطبة، ومجتمعنا الفلسطيني خاصة، موجة من الاقتتال والعنف الوحشي الذي لا مثيل له الا في العصور الوسطى وما قبل عصر النهضة الصناعية.


لعل من أبرز أشكال العنف هذا: القتل ، التشريد والاقتلاع، وتدمير الممتلكات بما المؤسسات الخدماتية، كالجامعات والمدارس والمستشفيات ودور العبادة ، اضافة الى مصادرة الحريات الشخصيّة والمتمثلة في حرية التنقل وحريتي التفكير والتعبير.


ينجم عن كل هذا، صدمات نفسيّة لدى جميع البشر
، بغض النظر عن العمر أو الجنس، طبعا بشكل متفاوت، بناء على عوامل عدّة منها التجارب السابقة ، وقوة الايمان وصلابة العقيدة الدينية لدى الشخص والثقافة السائدة، لكن الجميع سيكوا ضحايا لاّثار ما بعد الصدمة مما يقود الى اضطرابات سيكو - سلوكية، ناهيك عن ما يصاحب ذلك من أعراض مثل الانهيار العاطفي، ودوام التوتر والقلق النفسي ..الخ.


في ظل مثل هذه الأوضاع الحزينة والمستمرة منذ عقود خلت، ما الذي يمكن عمله للتخفيف من حدة اّثار ما بعد الصدمات النفسية هذه، ان لم يكن الاشفاء منها ولو بشكل نسبي ؟!


أعتقد أن أصعب حالة من الحالات المذكورة أعلاه هي حالة الفقدان ، فقدان أحد الوالدين أو أحد أفراد العائلة أو العائلة جميعها، مع بقاء الأطفال الصغار الايتام أو الوالدين بلا أحد من أفراد العائلة. وكم شهدنا صورا لاّباء /أمهات يحملون فلذات الأكباد لدفنهم بالحد الأدنى مما يليق بالانسان الذي كرّمه الخالق، والعكس تماما، رأينا وما زلنا نرى أبناء وبنات يحملن جثامين الوالدين / أو افرادا من العائلة لنفس الغاية .


ومما يزيد الطين بلّة تواصل الفواجع ،اذ ما انتهى المجتمع البشري من جوائح تركت آثارا ملموسة على سلوكياته، كالطاعون والسل والحصبة ومؤخرا جائحة كورونا، تبع كل هذه الحروب والاجتياحات التي هي من صنع البشر وأنانيتهم وجهلهم .


عند محاولة وصف آليات يمكن اتباعها لدى التعامل مع حالة الفقدان ، يتوجب الأخذ بعين الاعتبار الفئة المستهدفة وخصوصيتها ، كون الأمر يختلف من مرحلة الطفولة المبكّرة ومرحلة النضج الجسماني والعاطفي والعقلي .


لطبيعة حالة الفقدان (فجأة، بشكل جماعي أو بعد مرض عضال أو الاصابة بجروح لا يمكن الاشفاء منها) وكذلك العامل الذي أدّى الى الفقدان ، دور هام في تحديد أشكال وردود الفعل الناجمة عن الفقدان . لعلّ الوصمة الاجتماعية لحالات الفقدان لها دور أيضا، فمثلا تختلف ردود الفعل في حالة فقدان بسبب الانتحار أو الدفاع عن الوطن ، أو المرض المزمن، وذلك بموجب المعايير الدينية والثقافية السائدة ، ففي حالة الانتحار تكون وصمة سلبيّة جدا، وفي الحالة الثانية الدفاع عن الوطن تكون بمثابة شرف نيل الشهادة والتي لها مفهوما واّثارا ايجابية مشرّفة ، وفي الحالة الثالثة يكون لا مفرّ من التسليم بقضاء الله وقدره.


مهما كانت الأسباب، لا بد من الابتعاد عن تجاهل انعكاسات الفقدان سواء كانت سيكولوجية، اجتماعية أو اقتصادية ، بل يتوجب التوجه الى العلاج النفسي متعدد الأنماط والتسميات، وذلك اما بشكل شخصي أو جماعي، ومن قبل مهنيين مختصين في المجال ولديهم الدراية الكافية، بعيدا عن كافة أشكال الشعوذة أو الاستهتار بالحالة.


يسبق ويتبع العلاج السيكولوجي جلسات تقييم مهنية تدور حول أداء الشخص العاطفي والاجتماعي والمعرفي عن الفقدان وكل ما له علاقة به، وتحديد الأمور الصادمة المذكّرة بالفقدان، وطبيعة العلاقة بين الشخص الخاضع للعلاج والمفقود، وشكل استمرارية/ الانقطاع عن الأعمال اليومية التقليدية التي كان يقوم بها الشخص الذي يجري علاجه، مع ضرورة ترتيب جدول زمني يتفق عليه المعالج والشخص الذي تتم معالجته، على أن تتبع ذلك جلسات متابعة لملاحظة التطورات الحاصة نتيجة للعلاج أو الاستشارة ، كل ذلك في اطار مهني وبيئة آمنة.
تتمثل أولى خطوات العلاج وتقديم الاستشارة للشخص الساعي للعلاج ، في تقديم المعرفة الصحيحة وغير المتناقضة، بخصوص مفهوم الموت والفقدان من أجل المساهمة في تهدئة روع ومخاوف الشخص الخاضع للعلاج ، ويمكن هنا استخدام الرسم والألعاب ولا مانع من الاشتراك في تشييع الفقيد حسب عمر الشخص الخاضع للعلاج وبنيته الجسمانية. أيضا يمكن توظيف الرياضة الروحية والحث على ممارسة الشعائر الدينية والرياضة الجسمانية كاليوغا والسباحة والجري. كل هذا لتوفير فرص للتفريغ عن المشاعر اما بالكلمات أو الرسم أو الموسيقى، مع دوام الحرص على الابتعاد عن اللف والدوران أو ممارسة الصراخ والعنف أو الايحاء للشخص الخاضع للعلاج بأنه يتحمل شكلا من أشكال ومسببات الفقدان وذلك حتى لا يبقى تحت طائلة تأنيب الضمير .
وتبقى المعضلة الرئيسة هي عدم الوعي المجتمعي الكافي بأهمية والحاجة الماسّة للعلاج النفسي، وان بدأنا مؤخرا نلمس تناميا ايجابيا حيال ذلك.

دلالات

شارك برأيك

ما العمل في ظل أجواء الفقدان

المزيد في أقلام وأراء

إسرائيل ترفع وتيرة قتل الفلسطينيين

حديث القدس

توفير الحماية العاجلة والفورية لأطفال فلسطين

سري القدوة

حقائق حول انضمام فلسطين للمحكمة الجنائية الدولية وصولاً لمذكرات الاعتقال

د. دلال صائب عريقات

سموتريتش

بهاء رحال

مبادرة حمساوية

حمادة فراعنة

Google تدعم الباحثين بالذكاء الاصطناعي: إضافة جديدة تغيّر قواعد اللعبة

بقلم :صدقي ابوضهير باحث ومستشار بالاعلام والتسويق الرقمي

التعاون بين شركة أقلمة والجامعات الفلسطينية: الجامعة العربية الأمريكية نموذجاً

بقلم: د فائق عويس.. المؤسس والمدير التنفيذي لشركة أقلمة

أهمية البيانات العربية في الذكاء الاصطناعي

بقلم: عبد الرحمن الخطيب - مختص بتقنيات الذكاء الاصطناعي

ويسألونك...؟

ابراهيم ملحم

الحرب على غزة تدخل عامها الثاني وسط توسّع العمليات العسكرية الإسرائيلية في الجبهة الشمالية

منير الغول

ترامب المُقامر بِحُلته السياسية

آمنة مضر النواتي

نعم لملاحقة مجرمي الحرب وتسليمهم للقضاء الدولي

حديث القدس

مآلات سياسة ترامب الاقتصادية أميركياً وعربياً

جواد العناني

سيناريوهات ثلاثة: أحلاها مر... ولكن

أسعد عبد الرحمن

جنوب لبنان وغزة بين جدلية وحدة الجبهات والاستقلالية التكتيكية

مروان أميل طوباسي

الضـم ليس قـدراً !!

نبهان خريشة

دور رجال الإصلاح وزعماء العشائر في تعزيز السلم الأهلي والحاجة الملحة لضرورة تشكيل مجلس للسلم الأهلي في المحافظة

معروف الرفاعي

الفيتو الأمريكي: شراكة حقيقية في حرب إبادة شعبنا

حديث القدس

من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها

أحمد لطفي شاهين

الميدان يرد بندية على ورقة المبعوث الأمريكي الملغّمة

وسام رفيدي

أسعار العملات

السّبت 23 نوفمبر 2024 10:34 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.7

شراء 3.69

دينار / شيكل

بيع 5.24

شراء 5.22

يورو / شيكل

بيع 3.85

شراء 3.83

هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟

%52

%48

(مجموع المصوتين 92)