أقلام وأراء
الإثنين 08 أبريل 2024 9:40 صباحًا - بتوقيت القدس
غزة وابتكار لغة جديدة لسرد الحكاية
تلخيص
تقف اللغة حائرة وهي تحاول، بدعائمها الثلاثية، سرد حكاية غزة بأبعادها الثلاثية، (غـ ز ى) جذر ثلاثي تجذّر في عمق الذّاكرة، يتحرك بأبعاد ثلاثية، يحاول نقل الحدث (3D)، دون أن يعرض صورته النّهائية التي اعتادت حصرها بين بُعدَي (المقاوِم والمحتّل)، لتنحصر في نهاية المطاف بين أضلاع المثلث وزواياه التي تحشرك بين قياسات الموت والفقد والألم، ثم تضربك أضلاعه في محيط خانق مغلق(غزة)، بسوط الشاهد والشهيد والمشهود، ذلك المثلث الذي لا يشبه في شيء مثلث (كاربمان) الدّرامي، ولا ينحصر بين الظالم والضّحية والمنقذ، فلا منقذ في مثلث غزة إنما متفرجون متألّهون، متفيقهون بالتنظير بـ(أخلاقيات) قلبت رأس الساعة الرّملية وحولتها إلى ماء، لتتسربل أكاذيبهم تباعًا، فيميز نقاءُ الماء وجهَ الضّحية، ووجه الجاني، بتسارع خارج طاقة "الإنسانية"، ويكشف سراب ادّعاءاتهم، وخواء خطاباتهم الشكلانية المنفوخة، ودناسة عناوينها الرّمادية.
أنت بذلك إما أن تكون شهيدًا محتسَبًا عند الله في العليين، عندها تكون قد نجوت من زاوية الموت أو الفقد أو الألم، وتحررت من قضبان المثلث التي ستخنقك حيًّا، وأنت مكبّل لا حول لك ولا قوة. وإما أن تكون شاهدًا على الموت، بأحداثه المتسارعة، متخطيا انسيابية الزمن، بتوقيت اللحظة القابعة تحت الرّكام، تتجرع مشاعر الألم وأنت تعيش تجربة الفقد، التي ستحشرك في كل زاوية لعينة، لتذكرك بعجزك المعجون من قهر المحتل، الذي غزى أرضك، واغتصب وطنك، ونكّل بجسدك. وإما أن تكون مشهودًا، مفعولًا بك على طاولة المتنفذين بروحك ولقمة عيشك ومصيرك ومفاهيمك ومصطلحاتك وفنونك وثقافتك، تحاول ترتيب أفكارك كقطع من البازلت أعيد هندستها بشكل لا تقبله علوم الفيزياء الطبيعية، ولا تتقبل كل قطعة أختها؛ لتتحد معها في شكل هندسيّ يرقى لمعنى الحياة، فتفشل حينئذ من النجاة بها من تلك المعادلة التي اختزلتها عنوة بحبر الدّم، على صفيح بارد، كان يومًا يحمل مسمّى (قلب) ويخفق برتابة واتزان مختزلًا لون الحياة، قبل أن يدرك شعور تصفية الدم، وفقدان حرارة الإحساس الطّازج بالمدى المتّسعّ على امتداد البصر والبصيرة، ليتلاشى الكون في لحظة أقصر من أن تدرج في مفهوم الزمن، ويُحال إلى العدم، وتعلِن نهاية الحكاية شكلها المغلق، دون أن يخطر لها أن عنقاء ستولد من جديد وتنهض من رماد الحرب، لتعيد ترتيب الحكاية، وهندسة أحداثيّاتها المتقاطعة، وتخليد أبطالها الذين هم من صلب سلسلة من الأجداد، فتفرض نهاية مفتوحة، مستعينة بلغة حيّة لا تموت، ومصطلحات مستحدثة لمعنى الصمود والإرادة والحياة والعزة والكرامة، ثم تنتقي عنوانًا للحكاية، (غزة العزّة)، دون أن تلوي على أبديّة أو أزليّة أو أمديّة وجودها، تتشبث فقط بذاكرتها السّرمديّة التي ستفتك بجنون الموت، وتعجز قوى الشّر، وتدير الكرة الأرضية على سبابتها، وفق ما تشتهيه رياحها.
تلك الحكاية التي تتمرد على زمانها ومكانها، هل يتجاوز جموحُ لغتها الحبكةَ الدّارجة على ألسنة المتشدّقين بالزّيف، لتدكّ بذلك عنق الخوف، وتطعن قلب الجحيم؟
بدأت الحبكة الفلسطينية قبل 76 عامًا، قبل 712 شهرًا، قبل 27360 يومًا، 656640 ساعة، قبل 39398400 دقيقة، قبل 2363904000 ثانية، هل شعر أحد، يومًا، بثقل الزمن كما شعر به الفلسطينيون؟ هل خطر لأحدهم أن نكبة الفلسطيني سيعاد تدويرها مرات ومرات على مرأى العالم، هل شعر أحدهم بثقل الثانية، عندما يقول لآخر: "بس استناني ثانية"؟.. غزة الآن ما زالت تنتظر 15552000 ثانية، تحت القصف والموت وثقل الركام والجوع والعطش والفقد!
الحقيبة التي يحملها المهجّر منذ ذلك اليوم، ازداد ثقلها، ما زال الفلسطيني يجرجر حقيبته، التي أثقلت كاهله، حتى الآن، على أمل أن يجد مستقرًّا آمنًا، لا تطاله مخالب المحتل وأنيابه، بيد أن المحتل الغاصب وفي خضم سوداوية الأحداث المتتالية ودموية الحبكة المؤلمة، يحاول إعادة هندسة الضحية، ليعجن الحبكة من جديد ويعيد تشكيلها على مزاجه، وفي جغرافيا متعددة، يحاول شرذمة المكان، والقبض على روح الزمن العابر، في القدس، جنين، غزة..، فهو يقتل ويذبح ويسلخ ويصادر ويعتقل ويحرق ويدمر، ويطالب الفلسطيني في الوقت ذاته بالتزام الصمت، وتقبل الذّل، والتعايش مع الخسارات، وإذا ما حاول فعل المقاومة، كبّده أثمانًا باهظة تكدّست فوق بعضها، دون أن تمنحه، في الحد الأدنى، الفرصة لالتقاط أنفاسه، ولو على سبيل الصمود في تجرّع مرارة الظلم، فقط، فتجبره على التراجع أو الوقوف مكانه، مسالمًا، متقبّلًا موته، دون أن تتقبل بدورها أن الفكرة المعششة في ذاكرة ذلك الفلسطيني لا تتقبل الموت، بل هي أكبر منه وأقوى، إنما "تسقط الأجساد، لا الفكرة"، القضية لا تموت، ورغم أن الحبكة ما زالت تتعقد، والرواية ما زالت تكتب، والسرد مستمر، والفلسطيني وحده من سيقرر شكل النهاية، هل يغلقها أم يبقيها مفتوحة...
دلالات
عمر غوراني قبل 8 شهر
دام وعيك ونبض قلمك.
المزيد في أقلام وأراء
إسرائيل ترفع وتيرة قتل الفلسطينيين
حديث القدس
توفير الحماية العاجلة والفورية لأطفال فلسطين
سري القدوة
حقائق حول انضمام فلسطين للمحكمة الجنائية الدولية وصولاً لمذكرات الاعتقال
د. دلال صائب عريقات
سموتريتش
بهاء رحال
مبادرة حمساوية
حمادة فراعنة
Google تدعم الباحثين بالذكاء الاصطناعي: إضافة جديدة تغيّر قواعد اللعبة
بقلم :صدقي ابوضهير باحث ومستشار بالاعلام والتسويق الرقمي
التعاون بين شركة أقلمة والجامعات الفلسطينية: الجامعة العربية الأمريكية نموذجاً
بقلم: د فائق عويس.. المؤسس والمدير التنفيذي لشركة أقلمة
أهمية البيانات العربية في الذكاء الاصطناعي
بقلم: عبد الرحمن الخطيب - مختص بتقنيات الذكاء الاصطناعي
ويسألونك...؟
ابراهيم ملحم
الحرب على غزة تدخل عامها الثاني وسط توسّع العمليات العسكرية الإسرائيلية في الجبهة الشمالية
منير الغول
ترامب المُقامر بِحُلته السياسية
آمنة مضر النواتي
نعم لملاحقة مجرمي الحرب وتسليمهم للقضاء الدولي
حديث القدس
مآلات سياسة ترامب الاقتصادية أميركياً وعربياً
جواد العناني
سيناريوهات ثلاثة: أحلاها مر... ولكن
أسعد عبد الرحمن
جنوب لبنان وغزة بين جدلية وحدة الجبهات والاستقلالية التكتيكية
مروان أميل طوباسي
الضـم ليس قـدراً !!
نبهان خريشة
دور رجال الإصلاح وزعماء العشائر في تعزيز السلم الأهلي والحاجة الملحة لضرورة تشكيل مجلس للسلم الأهلي في المحافظة
معروف الرفاعي
الفيتو الأمريكي: شراكة حقيقية في حرب إبادة شعبنا
حديث القدس
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
أحمد لطفي شاهين
الميدان يرد بندية على ورقة المبعوث الأمريكي الملغّمة
وسام رفيدي
الأكثر تعليقاً
الأردن: حكم بسجن عماد العدوان 10 سنوات بتهمة "تهريب أسلحة إلى الضفة"
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
"الجنائية" تتحرك أخيراً ضد الجُناة.. قِيَم العدالة في "ميزان العدالة"
اللواء محمد الدعاجنة قائداً للحرس الرئاسي
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
زعيمة حركة استيطانية تدخل غزة بدون علم الجيش لإعادة الاستيطان
حرب غزة تخطف 18 ألف طفل فلسطيني
الأكثر قراءة
لائحة اتهام إسرائيلية ضد 3 فلسطينيين بزعم التخطيط لاغتيال بن غفير ونجله
الأردن: حكم بسجن عماد العدوان 10 سنوات بتهمة "تهريب أسلحة إلى الضفة"
ماذا يترتب على إصدار "الجنائية الدولية" مذكرتي اعتقال ضد نتنياهو وغالانت؟
نتنياهو يقمع معارضيه.. "إمبراطورية اليمين" تتحكم بمستقبل إسرائيل
الكونغرس يقر قانون يفرض قيودا صارمة على المنظمات غير الربحية المؤيدة للفلسطينيين
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
أسعار العملات
السّبت 23 نوفمبر 2024 10:34 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.7
شراء 3.69
دينار / شيكل
بيع 5.24
شراء 5.22
يورو / شيكل
بيع 3.85
شراء 3.83
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%53
%47
(مجموع المصوتين 93)
شارك برأيك
غزة وابتكار لغة جديدة لسرد الحكاية