أقلام وأراء
الأربعاء 13 مارس 2024 9:39 صباحًا - بتوقيت القدس
معتقلو غزة صندوق أسود.. ماذا يجري لهم من فظائع وجرائم؟؟
تلخيص
لا يدري أحد كم عددهم ولا ندري بالتحديد ماذا يجري معهم من فظائع وجرائم إلا ما تسرّب مما يدمي القلوب والعيون، وقد ثبت مما تسرّب أنّ هناك قتلا طال أعدادا كثيرة وتعذيبا حتى الموت وتشنيعا وابتكارات إبداعية جديدة تفتّق عنها العقل الاحتلال..
هل رأت البشرية يوما من الأيام من يبقي أسيره عاريا ليل نهار في فصل الشتاء القارص وهو مربوط من يديه ورجليه في “برشه” الحديديّ الأجرد من كلّ شيء، لا لباس ولا بطّانية ولا حتى لباس داخليّ، عدا عن وجبات الضرب والإهانة والسبّ والبصق على مدار الساعات الأربع وعشرين، ولا تسأل عن الطعام الذي يجعل من أجسامهم هياكل عظميّة مخيفة.
ولم يعد التعذيب مثلا من أجل الاعتراف كما كان سابقا، بل أصبح فقط للانتقام وتفريغ الأحقاد وإشباع نزعات ساديّة شيطانيّة لأناس موتورين مصابين بعقدة الضحيّة والجلاد في آن واحد، تارة يتصوّر الأسير بأنه النازي الذي حرق آباءه في “الهولوكوست” وتارة يرى نفسه جلّادا عليه أن يمارس هذه الصفة على أسوأ ما يكون.
لم يعد التعذيب مثلا من أجل الاعتراف كما كان سابقا، بل أصبح فقط للانتقام وتفريغ الأحقاد وإشباع نزعات ساديّة شيطانيّة لأناس موتورين مصابين بعقدة الضحيّة والجلاد في آن واحد
هذا الجندي أو الشرطي الذي يمارس التعذيب قد تمّت تعبئته بطريقة احترافيّة، إذ صُبّ في روعه أنّ هذا الأسير الذي بين يديك قام بمذبحة وقتل الأطفال واغتصب النساء فأنزل به كلّ ما بوسعك من عذاب، ورغم بطلان هذه الدعاية السوداء من مصادر متعددة ومنها مصادرهم، إلا أن زعامتهم الموتورة قد استمرت على هذه التعبئة السوداء، ومن تعبئتهم أن هذا الأسير الذي بين يديك هو من يحاربك ويقتلك في غزّة.. وهب أن هذا صحيح (رغم أن أغلب معتقلي غزّة من المدنيين)، إلا أنه إذا وقع أسيرا فهذا لا يعطي آسره البتّة الحق في هذا التعذيب، بل العكس تماما، هناك حقوق لأسرى الحرب تراعيها الجيوش المحترمة، بينما من انحط إلى هذا الدرك الأسفل لا يمكن أن يراعي أية قوانين أو أخلاق.
عندما يسمح جيش نظامي أو دولة لها أنظمتها وقوانينها بهذه الوحشيّة، وهذا الخروج السافر عن كلّ القيم الإنسانية وإلقائها بهذه الصّفاقة في سلّة مهملاتهم فإنهم يكونوا قد نزعوا عن أنفسهم صفة الجيش النظامي أو الدولة، وذهبوا إلى صفة العصابة، وليس أيّة عصابة وإنما العصابة المنحطة أدنى درجات الانحطاط بكلّ جدارة، وكذلك فإنهم بهذا سائرون بأقدامهم نحو الهاوية وسوء المنقلب والمصير.. التاريخ لا يرحم أحدا، فما من جماعة من البشر توحّشت واتخذت دماء الأبرياء سبيلا لها لتحقيق غاياتها إلا وجرّت وبالا عليها وحكمت على نفسها بالانتكاس والهلاك، وشواهد التاريخ كثيرة بل أكثر من أن تعدّ وتحصى.
فالمتوحّش لا يمتلك رسالة حضارية بل يعتبر وصمة عار على الحضارة الإنسانيّة، وكلّما ازداد توحّشا عجّل بخلاص البشرية منه، وعلى العكس من ذلك، الحضارات التي دامت وعمّرت فإنّك تجدها قد حقّقت العدالة ولم تُقم حكمها على الظلم والفساد والطغيان؛ على سبيل المثال الحضارة العربية الإسلامية، حيث كانت الفتوحات الإسلامية قائمة على كسر شوكة الجيوش الحامية للأنظمة المستبدّة ثم تقيم العدل وتعطي الإنسان حقوقه كاملة، فكان الناس يدخلون في دين الفاتحين وتتحوّل هذه الشعوب إلى شعوب إسلامية وتتحوّل ثقافيا وحضاريا لتصبح جزءا من أمّة الإسلام التي لا فضل فيها لعربي على أعجمي إلا بالتقوى.
ما تفعله هذه الجبلّة الشاذّة والنّكدة من جرائم جماعية أصبحت تحقّق وصفا موضوعيا وبشهادات حيّة وواضحة للعيان ولا يطالها أدنى شكّ، يشبه ما فعلته النازيّة وما فعله كلّ متوحشو هذا العصر، لذلك فهم يقطعون كل أواصر العلاقة بأي مستقبل حضاري ووجود إنساني هنا في هذا الوسط المعادي، والذي حتما سيزداد عداوة وكرها ورفضا لهم رفضا مطلقا.
إذ كيف يجتمع جيش مع زعامة مع شعب مع كل تشكيلاتهم الرسميّة وغير الرسميّة، مع من في الحكم ومن في المعارضة، كيف يجتمعون بغالبيّتهم المطلقة على قتل المدنيين من الأطفال والنساء وتدمير كل مقومات الحياة في غزّة وانتهاك كل المحرّمات، خاصة ارتكاب هذا الكم الهائل من المجازر وتدمير المستشفيات والمدارس والكنائس ومرافق الحياة كلّها، ويجمعون على التجويع مع القتل والتهجير والتشريد للمدنيين؟
بات ملحّا على المنظمات العاملة في حقوق الإنسان الدوليّة الكشف عما في هذا الصندوق الأسود من جرائم وفظائع ماذا يجري مع معتقلي غزّة، والعمل على فتح هذا الملفّ عاجلا غير آجل.. إن مصداقيّة هذه المؤسسات على المحكّ، وعليها أن تثبت بأنها لا تكيل بمكيالين
وفي السجون يُجمعون على انتهاك كلّ شيء له اعتبار إنساني أو معيشي، كل أشكال الإهانة والضرب وكل ما من شأنه أن يحقّق معيشة ضنكى. أصبحت السجون مسالخ ومكان للقهر والتعذيب بطرق جديدة وغير مسبوقة.
هذا لكلّ الأسرى، ولكن لأسرى غزّة فقد أقاموا دركات سفلى من العذاب المهين، ما من أحد يسمع آهاتهم وعويلهم من وقع سياط سجّانيهم المتوحّشين إلا وتنهمر دموعه وينفطر لها قلبه، هناك قسم مخصّص لهم في عوفر مثلا، يسمع أنينهم أسرى الأقسام القريبة منه وتتسلّل لمسامعهم بعض الشهقات التي تنمّ عن حجم الألم.. هل نتصوّر أن منهم جرحى حرب يعذّبون على جراحهم وعظامهم المكسورة والتي لم تتلقّ أيّ علاج أو مسكّن؟ هذا وحده قمّة الألم، فماذا عندما يضيفون عليه شتى أنواع التنكيل والتعرية من الملابس وبرد الشتاء، والربط الدائم بأسرّة الحديد التي لا يحول بين حديدها والمعتقلين أيّ شيء من فراش أو أغطية؟
لقد بات ملحّا على المنظمات العاملة في حقوق الإنسان الدوليّة الكشف عما في هذا الصندوق الأسود من جرائم وفظائع ماذا يجري مع معتقلي غزّة، والعمل على فتح هذا الملفّ عاجلا غير آجل.. إن مصداقيّة هذه المؤسسات على المحكّ، وعليها أن تثبت بأنها لا تكيل بمكيالين كما هو حال كلّ الدول الاستعمارية المستكبرة.
دلالات
المزيد في أقلام وأراء
ترامب المُقامر بِحُلته السياسية
آمنة مضر النواتي
نعم لملاحقة مجرمي الحرب وتسليمهم للقضاء الدولي
حديث القدس
مآلات سياسة ترامب الاقتصادية أميركياً وعربياً
جواد العناني
سيناريوهات ثلاثة: أحلاها مر... ولكن
أسعد عبد الرحمن
جنوب لبنان وغزة بين جدلية وحدة الجبهات والاستقلالية التكتيكية
مروان أميل طوباسي
الضـم ليس قـدراً !!
نبهان خريشة
دور رجال الإصلاح وزعماء العشائر في تعزيز السلم الأهلي والحاجة الملحة لضرورة تشكيل مجلس للسلم الأهلي في المحافظة
معروف الرفاعي
الفيتو الأمريكي: شراكة حقيقية في حرب إبادة شعبنا
حديث القدس
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
أحمد لطفي شاهين
الميدان يرد بندية على ورقة المبعوث الأمريكي الملغّمة
وسام رفيدي
تماسك أبناء المجتمع المقدسي ليس خيارًا بل ضرورة وجودية
معروف الرفاعي
المطاردون
حمادة فراعنة
فيروز أيقونَة الغِناء الشَّرقي.. وسيّدة الانتظار
سامية وديع عطا
السلم الأهلي في القدس: ركيزة لحماية المجتمع المقدسي ومواجهة الاحتلال
الصحفي عمر رجوب
إسرائيل تُفاقم الكارثة الإنسانية في غزة
حديث القدس
شتاء غزة.. وحل الحرب وطين الأيام
بهاء رحال
المقاومة موجودة
حمادة فراعنة
وحشية الاحتلال بين الصمت الدولي والدعم الأمريكي
سري القدوة
هوكشتاين جاء بنسخة لبنانية عن إتفاق أوسلو!
محمد النوباني
ماذا وراء خطاب نتنياهو البائس؟
حديث القدس
الأكثر تعليقاً
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
أبو الغيط: الوضع في فلسطين غير مقبول ومدان ولا يجب السماح باستمراره
الأردن: حكم بسجن عماد العدوان 10 سنوات بتهمة "تهريب أسلحة إلى الضفة"
ضابط إسرائيلي يهرب من قبرص بسبب غزة
مصطفى: الصحفيون الفلسطينيون لعبوا دورا محوريا في فضح جرائم الاحتلال
سموتريتش يضع البنية التحتية المنطقة (ج) في مهبّ أطماع المستوطنين
الاحتلال الإسرائيلي يتوغل في القنيطرة السورية ويعتقل راعيا
الأكثر قراءة
ماذا يترتب على إصدار "الجنائية الدولية" مذكرتي اعتقال ضد نتنياهو وغالانت؟
نتنياهو يقمع معارضيه.. "إمبراطورية اليمين" تتحكم بمستقبل إسرائيل
الكونغرس يقر قانون يفرض قيودا صارمة على المنظمات غير الربحية المؤيدة للفلسطينيين
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
بعد مرسوم بوتين.. هل يقف العالم على الحافة النووية؟
زقوت في حوار شامل مع "القدس".. خطة حكومية لوضع دعائم بناء دولة مستقلة
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
أسعار العملات
الأربعاء 20 نوفمبر 2024 9:43 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.74
شراء 3.73
دينار / شيكل
بيع 5.28
شراء 5.26
يورو / شيكل
بيع 3.96
شراء 3.95
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%53
%47
(مجموع المصوتين 81)
شارك برأيك
معتقلو غزة صندوق أسود.. ماذا يجري لهم من فظائع وجرائم؟؟