عربي ودولي

الجمعة 26 يناير 2024 7:12 مساءً - بتوقيت القدس

خطط "اليوم التالي" في غزة تبدو بعيدة المنال

واشنطن - "القدس"دوت كوم – سعيد عريقات

في تقرير مطول لها الجمعة، تقول صحيفة "نيويورك تايمز" أنه مع استمرار الحرب في غزة، هناك حديث متزايد عن صيغة "اليوم التالي" للقطاع الممزق، لكن هذه الفكرة هي فكرة سريعة الزوال – فلن يكون هناك خط مشرق بين الحرب والسلام في غزة، حتى لو تم التوصل إلى نوع من التسوية عن طريق التفاوض.


وبحسب التقرير، "لقد أوضحت إسرائيل أنها لن تتنازل عن الأمن على طول حدودها الجنوبية لأي جهة أخرى، ويقول المسؤولون العسكريون الإسرائيليون إن قواتهم سوف تدخل وتخرج من غزة بناءً على معلومات استخباراتية لفترة طويلة جدًا مقبلة، حتى بعد انسحاب القوات أخيرًا".


وتنسب الصحيفة إلى آرون ديفيد ميلر، المسؤول الأميركي السابق في غريق مفاوضات السلام أبان عهد الرئيس السابق بيل كلينتون، والمسؤول في مؤسسة كارنيغي في واشنطن قوله: "يجب أن نتخلى عن تصور "اليوم التالي" برمته، كون أن ذلك أمر مضلل وخطير"، لأنه لن يكون هناك خط فاصل واضح "بين نهاية العمليات العسكرية الإسرائيلية والاستقرار النسبي الذي يسمح للناس بالتركيز على إعادة الإعمار".


هناك مجموعة متنوعة من الأفكار غير الواضحة - قد تكون كلمة "خطط" محددة للغاية - لما يحدث في أعقاب الأعمال العسكرية. ولكن هناك فهم متزايد بأن أي تسوية مستدامة تتطلب اتفاقاً إقليمياً يضم دولاً مثل مصر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والأردن وقطر.


"ومن المؤكد أن مثل هذه الصفقة يجب أن تقودها الولايات المتحدة، الحليف الأكثر ثقة لإسرائيل، ويفترض معظم المسؤولين والمحللين أن الأمر سيتطلب حكومات جديدة في كل من إسرائيل والسلطة الفلسطينية، التي تحكم الضفة الغربية جزئيًا ولكنها تعتبر قديمة وفاسدة، وهو مؤشر على الطريق الطويل الذي ينتظرنا" وفق التقرير.


يشار إلى أن المبعوث الأميركي الخاص، بريت ماكغورك، بجولة في المنطقة، ويركز على "احتمال التوصل إلى صفقة رهائن أخرى، الأمر الذي سيتطلب هدنة إنسانية لبعض الوقت لإنجاز ذلك"، وفقًا لمتحدث باسم البيت الأبيض. ، جون كيربي، وسوف ينضم إلى ماكغورك في الأيام المقبلة ، مدير وكالة المخابرات المركزية ويليام بيرنز.


وتشير مصادر إلى إن جهود ماكغورك معقدة، كون انه يعمل من خلال قطر، التي تقوم بدورها إلى توصيل الرسائل إلى قادة "حماس". وحتى في ظل التوصل إلى اتفاق مبدئي بين إسرائيل وحماس، فسوف يكون لزاماً على الجانبين التفاوض بشأن تبادل تدريجي للرهائن، النساء والأطفال أولاً، مقابل السجناء الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية.


يقول التقرير : "إن إطلاق سراح جميع الرهائن، بما في ذلك الجنود، يتطلب إطلاق سراح آلاف السجناء الفلسطينيين المثير للجدل، بما في ذلك أولئك الذين أدينوا بقتل إسرائيليين. وكان يحيى السنوار، زعيم حماس في غزة، مجرد حالة من هذا القبيل، حيث تم إطلاق سراحه في عملية تبادل أسرى سابقة في عام 2011 بعد 23 عامًا في السجن".


وتتساءل الصحيفة : " ثم هناك سؤال عن (يحى) السنوار وغيره من قادة حماس، إذا كانوا على قيد الحياة – فهل سيذهبون إلى المنفى كجزء من أي تسوية؟ وفي الوقت الراهن، ترفض حماس هذه الفكرة؛ لكن صفقة الرهائن الأولى ،هي شرط لا غنى عنه للصفقة الإقليمية الأكبر للإدارة وفق الخبراء". 


ويأمل المسؤولون الأميركيون أن يفتح ذلك الطريق أمام مفاوضات أوسع نطاقا، "تشمل الدول العربية السنية المعتدلة التي لا تكن أي حب كبير لحماس وداعمها الرئيسي، إيران الشيعية، والتي تشعر بالقلق إزاء قوة إيران المتنامية".


وبينما يدعم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الجهود الرامية إلى التوصل إلى صفقة رهائن، فإنه يقوم أيضًا بحملة من أجل بقائه السياسي ويعارض ركيزة مهمة في المفهوم الأكبر للرئيس بايدن.


وصرح الرئيس الأميركي جو بايدن إنه يود أن تدير "السلطة الفلسطينية المنشطة" غزة في نهاية المطاف كمرحلة نحو "حل الدولتين" وفلسطين مستقلة، منزوعة السلاح إلى حد كبير، إلى جانب إسرائيل وملتزمة بالسلام الدائم".


ويصور نتنياهو نفسه على أنه الشخص الوحيد الذي يستطيع منع الأميركيين من فرض دولة فلسطينية على إسرائيل المصابة بالصدمة أو فرض قيود كبيرة على النشاط الاستيطاني الإسرائيلي في الضفة الغربية الذي يمتص تدريجياً الأراضي الفلسطينية.


ويقول التقرير "لكن الأميركيين يعتقدون أنه قد يكون لديهم نفوذ مهم على إسرائيل وعلى نتنياهو للمضي قدما. وقد أشارت المملكة العربية السعودية، اللاعب الإقليمي الرئيسي، إلى أنها تريد مواصلة المسار نحو التطبيع مع إسرائيل مقابل ضمانات أمنية أمريكية ضد إيران، وهو في حد ذاته مطلب مثير للجدل، لكن المملكة العربية السعودية قالت أيضًا إن التطبيع، ناهيك عن أي تعاون بشأن مستقبل ما بعد غزة، سواء في إعادة الإعمار أو المساعدات الأمنية، يعتمد على إنشاء مسار "لا رجعة فيه" نحو الدولة الفلسطينية، وهو ما يرفضه نتنياهو".


وبحسب الصحيفة، فإن رؤية نتنياهو لمستقبل غزة غير واضحة، حيث يواصل إصراره على أن حماس سوف يتم "تدميرها" وأنه سيتمكن من إطلاق سراح جميع الرهائن، "لكن هذه الأهداف تبدو أكثر تناقضاً مع تحرك العملية العسكرية الإسرائيلية في غزة ببطء وتزايد الخسائر في الجانبين، الأمر الذي يخلق المزيد من الضغوط المحلية والدولية عليه".


ويردد نتنياهو أن بقاء حماس عسكرياً وسياسياً في غزة مرفوض؛ وإعطاء السلطة الفلسطينية السيطرة على غزة مرفوض؛ وأي قوات حفظ سلام أجنبية مرفوضة؛ ودولة فلسطينية مستقلة، مرفوضة أيضا. وبينما نفى رغبته في إعادة احتلال غزة على المدى الطويل، لكنه أصر على أن تحتفظ إسرائيل بالسيطرة الأمنية ليس على غزة فحسب، بل على الضفة الغربية أيضًا.


واقترح شريكاه اليمينيان المتطرفان، بتسلئيل سموتريتش وإيتامار بن غفير، تهجير المواطنين الفلسطينيين وإعادة المستوطنين الإسرائيليين إلى غزة، ما أدى إلى توبيخ أميركي محدود. 


وتنسب الصحيفة للسفير الأميركي السابق في إسرائيل، مارتن إنديك قوله إن أعضاء المعارضة في مجلس الوزراء الأمني الإسرائيلي الحالي، مثل بيني غانتس وجادي آيزنكوت، الذين يُنظر إليهما على أنهما بدائل ذات شعبية لنتنياهو، من المرجح أن يوافقا  على الفكرة الأميركية المتمثلة في التوصل إلى اتفاق إقليمي أكبر. وكذلك الحال بالنسبة لوزير الدفاع، يوآف غالانت، الذي نأى بنفسه عن نتنياهو. وقال إنديك إن الجميع يدركون أن الدعم الأميركي لا غنى عنه لإسرائيل.


يشار إلى غالانت، وهو من حزب الليكود الذي يتزعمه نتنياهو، وضع خطة غامضة،  يريد من خلالها أن تحافظ إسرائيل على سيطرتها الأمنية على غزة، مع حرية الجيش الإسرائيلي في الدخول والخروج حسب الحاجة. ويقترح أن تسيطر مصر وإسرائيل على المعبر الحدودي الجنوبي لغزة معًا. كما أنه لن يكون هناك وجود مدني إسرائيلي (استيطاني) في غزة، (في رؤيته)، مع إدارة مدنية يديرها فلسطينيون بإشراف أجنبي، ولكن ليس من قبل السلطة الفلسطينية.


ويُعتقد أن خطة غالانت مشابهة لما يعتقده  نتنياهو سراً،  لكن غالانت يعكس أيضًا جزئيًا وجهة نظر الجيش الإسرائيلي، (كما قال ناحوم بارنيا، وهو كاتب عمود على اتصال جيد بصحيفة يديعوت أحرونوت اليومية الشعبية).


وقال: "الرؤية (رؤية غالانت) ليست النصر،، بل صراع متقطع ومدار دون وجود إسرائيلي دائم وكبير".


ويرغب الجيش في تحويل غزة إلى شيء أقرب إلى الوضع في مدن شمال الضفة الغربية المحتلة مثل نابلس وجنين، حيث يذهب (جيش الاحتلال) إلى حيث يريد. وفي غزة، تتصور الخطة العمل من منطقة عازلة داخل غزة، يجري بناؤها الآن، والتوغل في عمق المنطقة من وقت لآخر في عمليات محددة.


ولا أحد يعتقد أن هناك صفقة سريعة يتعين القيام بها، "حيث يقدر المسؤولون الأميركيون أن تدريب نحو 6000 من قوات الأمن الفلسطينية لمراقبة غزة، حتى بالتعاون مع بعض القوات العربية المتعددة الجنسيات، سيستغرق ما يصل إلى 10 أشهر".


وفي غضون ذلك، يأملون أن توافق الدول العربية، وربما تركيا، على مراقبة غزة. وهذا طموح مشكوك فيه إلى حد كبير، نظرا للحساسية السياسية للدول الإسلامية التي ستراقب الفلسطينيين جزئيا نيابة عن الأمن الإسرائيلي.


إذن، لا يوجد طريق سريع نحو "R.P.A"، وهو الاختصار الأحدث لإدارة بايدن لعبارة "السلطة الفلسطينية المنشطة". ويقول مسؤولون أميركيون كبار إن ذلك سيتطلب على الأقل تقاعد الرئيس الفلسطيني محمود عباس أو وضعه "رئيسا فخريًا"، وإجراء إصلاحات داخلية وإجراء شكل من أشكال الانتخابات الفلسطينية.


يشار إلى أن الانتخابات الأخيرة جريت في عام 2006، ويكاد يكون من المؤكد أن الانتخابات الجديدة سوف تؤدي إلى إعطاء حماس دوراً سياسياً مها. ويقولون إنه يجب أن تكون هناك إدارة مؤقتة في غزة تتكون من وجهاء فلسطينيين أو تكنوقراط في هذه الأثناء.


وبحسب إنديك، "الفلسطينيون أنفسهم ليسوا مستعدين ...بصراحة، هناك انفصال تام بين دعوة المجتمع الدولي لحل الدولتين واستعداد الإسرائيليين والفلسطينيين للتفكير فيه الآن كوسيلة قابلة للتطبيق لإنهاء صراعهم".


ومع ذلك، قال، إن واشنطن "يجب أن تحاول صياغة نظام جديد أكثر استقرارا في غزة، ولا يمكن القيام بذلك دون إنشاء أفق سياسي ذي مصداقية يؤدي في النهاية إلى حل الدولتين".


وعلى الرغم من المهمة الضخمة التي تواجهها الدبلوماسية الأميركية، فإن الوقت محدود - ربما حتى أيلول فقط، كما يقول المسؤولون - وقد يؤدي ذلك إلى خلق ضغوط للتحرك. ويدرك نتنياهو أن بايدن مرشح لإعادة انتخابه في تشرين الثاني المقبل، وقد يرغب في رؤية ما سيحدث في التصويت الأميركي.


كما يدرك المحاورون العرب تمامًا أنه ما لم يتم التوصل إلى نوع من الصفقة بحلول الخريف، فقد يخسر بايدن الانتخابات ، وينتظرون دونالد ترامب الذي لا يمكن التنبؤ به. وحتى كبار المسؤولين الأميركيين يعتقدون أن أفضل فرصة للتوصل إلى اتفاق هي إعادة انتخاب بايدن، حسبما اعترف دبلوماسي غربي كبير.


وتنسب الصحيفة إلى ياكوف أميدرور، الجنرال السابق ومستشار الأمن القومي الإسرائيلي، إنه يرى أن عام 2024 هو عام الحرب منخفضة الشدة. وقال أميدرور، وهو الآن زميل في معهد القدس للدراسات الإستراتيجية، وهو مركز أبحاث محافظ، إنه سيتم تخصيص العام أو الـ 18 شهرًا القادمة للعثور على أنفاق حماس والبنية التحتية والمقاتلين وتدميرها.


وأضاف أنه في النهاية، بحلول منتصف عام 2025، يعتقد أن حماس لن يكون لديها القدرة العسكرية والسياسية لإدارة غزة. وأضاف أن الجيش الإسرائيلي قد يكون في وضع يسمح له بالعمل في غزة على غرار نموذجه في الضفة الغربية.


ويخلص التقرير إلى : "لذلك، حتى مع النوايا الحسنة، هناك طريق طويل أمامنا نحو "اليوم التالي" الحقيقي، والعديد من الطرق الممكنة لفشل أفضل الخطط. وربما يكون من أهمها، على الرغم من كل الجهود الأميركية، إذا اندلعت الحرب بين إسرائيل وحزب الله في جنوب لبنان، الأمر الذي قد يجعل الدمار في غزة يبدو مجرد مقدمة".

دلالات

شارك برأيك

خطط "اليوم التالي" في غزة تبدو بعيدة المنال

المزيد في عربي ودولي

أسعار العملات

الجمعة 17 مايو 2024 12:34 مساءً

دولار / شيكل

بيع 3.71

شراء 3.7

يورو / شيكل

بيع 4.02

شراء 4.0

دينار / شيكل

بيع 5.24

شراء 5.2

بعد سبعة أشهر، هل اقتربت إسرائيل من القضاء على حماس؟

%7

%93

(مجموع المصوتين 69)

القدس حالة الطقس