اقتصاد

الأحد 14 يناير 2024 12:19 مساءً - بتوقيت القدس

يعيشون أوضاعاً مأساوية في ظل الحرب .. العمال الفلسطينيون بين مطرقة البطالة وسندان الركود الاقتصادي

نابلس – وفاء أبو ترابي –"القدس" دوت كوم

وسط ميدان الشهداء في مدينة نابلس، يجلس البائع مراد مناصرة من الخليل خلف بسطته لبيع الأدوات المنزلية، والذي استقر في المدينة باحثا عن مصدر رزقه بعد فقدانه العمل داخل الخط الاخضر بعد اندلاع الحرب على غزة.

ويواجه مناصرة تحديات يومية من أجل تأمين قوت يومه في ظل هذه الأوضاع الصعبة، حيث قال: "حالياً استقر للعمل في نابلس حيث انشأت هذه البسطة، ثم أعود للخليل كل أسبوعين تقريباً، وذلك بسبب صعوبة التنقل بعد إغلاق الطرق بين محافظات الضفة في الوقت الراهن".

وأضاف: "بات مصيرنا مجهولاً، لا نعرف ماذا سيحدث بالأيام القادمة، لذلك قمت بالبحث عن أي عمل بديل لتوفير مصدر دخلي وتلبية الاحتياجات الاساسية لأسرتي، وهنا أبيع كل شيء بخمسة شواقل، ومع ذلك لا أجني كثيراً من المال، فالشغل صعب وحال الناس سيء هذه الأيام".

وكذلك هو الحال لدى البائع جميل عليوي من مدينة نابلس، الذي فقد عمله في الداخل المحتل جراء العدوان، وقام بفتح بسطة لبيع الأحذية وسط المدينة، متأملاً العودة إلى حياته كما كانت سابقاً لكي يستطيع إعالة أسرته وأطفاله.

ويقول عليوي لـ "القدس": "كنت أعمل في مجال الديكور والدهان ووضعي المادي جيد، ولكن بعدما توقفت عن العمل منذ أكثر من 90 يوماً قررت البحث عن أي فرصة بديلة من أجل تأمين لقمة العيش لعائلتي المكونة من سبعة أفراد، ووضعت هذه البسطة، ومع ذلك البيع قليل ولا أجني أرباحاً منه".

ومنذ نحو أربعة أشهر، يعيش العمال الفلسطينيون تحديات اقتصادية جسيمة بعد فقدانهم لفرص العمل في ظل العدوان الاسرائيلي الذي يشهده الوطن، ما أثر بشكل كبير على مستوى معيشتهم وقدرتهم على تلبية احتياجات اسرهم.

وتحوّل بعض العمال ممن تعطلت أعمالهم بالداخل المحتل أو في القطاعات المتضررة بالسوق الفلسطيني إلى باعة خضار ومستلزمات منزلية وأحذية على عربات متنقلة، أو جامعي مخلفات معدنية يجوبون شوارع القرى والبلدات وأسواق المدن المتأثرة بركود اقتصادي، ومنهم من وجد ضالته بالعودة إلى مجال الزراعة، وآخرون أضحوا دون عمل.

وتحدث المواطن عمار غزال (35 عاماً) من مدينة نابلس، عن معاناته اليومية بعد حرمانه من الوصول لمكان عمله داخل الخط الأخضر، ولم يجد أي فرصة بديلة، حيث قال: "أصبحت الآن بلا عمل رغم محاولتي المستمرة بالبحث عن ورشٍ في مجال مهنتي أو فتح بسطة مثل غيري من العمال ولكن لم يفلح معي ذلك".

تابع غزال حديثه: "كما أن الأسعار بالسوق مرتفعة بشكل خيالي، والتجار لا يرحمون أحداً، وبالكاد أستطيع تحصيل مصدر الدخل لأسرتي، والوفاء بالالتزامات الواقعة على كاهلي، من دفع أجرة المنزل وتوفير احتياجات ورغبات أطفالي الثلاثة".

أما بائع المشاوي الستيني رجب الطقطوق قيقول: "من الواضح أن المحتل يتعمد قطع أرزاق العمال الفلسطينيين، مدركاً أنه بذلك يقتلنا نفسياً واقتصادياً كما يقتل أهلنا في غزة جسدياً".

وأضاف: "إنني اعتدت على العمل وعدم الجلوس بالمنزل لذلك وضعت عربة الشواء هذه، وقد كنت أعمل بشتى المهن بالداخل المحتل قبل الحرب، كما أنني أدرك جيداً بأن آخرين غيري ظروفهم مأساوية للغاية، وربما لم يدخل جيوبهم شيقلاً واحداً طيلة هذه الفترة العصيبة".

ويلفت الطقطوق إلى أن الارتفاع الباهظ بأسعار السلع والخضروات وغيرها من البضائع، يفاقم الوضع سوءاً على الناس، لاسيما العمال والموظفين والفقراء بالمجتمع، داعياً المؤسسات المختصة إلى ضرورة القيام بواجباتها تجاه هذه القضية وفرض الرقابة اللازمة على التجار.

ووفق تقديرات الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين، فإن الخسائر الناتجة عن تعطل العمال بالداخل المحتل منذ اندلاع الحرب على قطاع غزة تصل إلى أكثر من ثلاثة مليار شيقل، الأمر الذي ينعكس على كافة قطاعات الاقتصاد الفلسطيني.

ارقام رسمية
وأشار الامين العام للاتحاد، شاهر سعد، إلى أن عدد العاملين داخل الخط الأخضر يقارب 95 ألف فلسطيني، ويعملون في مجالات متعددة كالزراعة والبناء والخدمات وغيرها، وبينهم 115 عامل في قطاع البناء.

ويبيّن، سعد، بأن هناك تخبطاً بالتصريحات الصادرة عن حكومة الاحتلال حول مصير العمال الفلسطينيين، وذلك ناجم عن التيارات المختلفة فيها، فمنهم من يدعم عودة العمال وآخرون يريدون الاستغناء عنهم.

وتعمقت الفجوة المناطقية في معدلات البطالة التي تشهدها فلسطين خلال الربع الرابع من عام 2023 الماضي، وذلك بحسب ما أظهره البيان المشترك الصادر عن الجهاز المركزي وسلطة النقد الفلسطينية.

ويتوقع البيان بأن معدل البطالة على المستوى السنوي سيرتفع من 25,5% في عام 2022 إلى 30,7% في عام 2023، وذلك نتيجة العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة والذي ألقى بظلاله على الأراضي الفلسطينية كافة، حيث أظهرت التقديرات بأنه يوجد أكثر من 651 ألف عاطل عن العمل، منهم 393 ألف بالقطاع، و258 ألف بالضفة في عام 2023.

وتضررت العديد من القطاعات بالضفة بشكل كبير في أعقاب الحرب على قطاع غزة، حيث تراجع قطاع البناء والذي كان يعمل به 120 ألف فلسطيني بنسبة 35% بالضفة، في حين توقف قطاع السياحة عن العمل بالكامل، ما أدى تعطل خمسة آلاف فلسطيني عن أعمالهم.

وفي ظل غياب الفرص الوظيفية، يجد العمال أنفسهم بين مطرقة البطالة وسندان الركود، ما يؤثر بشكل كبير على مستوى معيشتهم وحياتهم اليومية، مطالبين الحكومة الفلسطينية والجهات المختصة إلى ضرورة الالتفات إلى أوضاعهم الصعبة بعد فقدان أعمالهم، وإيجاد حلول لهذه المعاناة والسعي لدعم صمودهم والدفاع عن حقوقهم.

دلالات

شارك برأيك

يعيشون أوضاعاً مأساوية في ظل الحرب .. العمال الفلسطينيون بين مطرقة البطالة وسندان الركود الاقتصادي

المزيد في اقتصاد

أسعار العملات

السّبت 04 مايو 2024 11:31 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.74

شراء 3.73

دينار / شيكل

بيع 5.3

شراء 5.27

يورو / شيكل

بيع 4.07

شراء 3.99

رغم قرار مجلس الأمن.. هل تجتاح إسرائيل رفح؟

%74

%21

%5

(مجموع المصوتين 214)

القدس حالة الطقس