تبرز العلاقات الاقتصادية بين تركيا والولايات المتحدة كعامل رئيس لتعزيز التعاون الدولي، مع بدء ولاية الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بينما تتركز الأنظار على تعزيز التعاون في مجالات تشمل التجارة والطاقة والصناعات الدفاعية والاستثمارات.

ووفقًا لتقرير أعدته الأناضول، من المتوقع أن تظل القضايا الاقتصادية ضمن أبرز أولويات العلاقات بين البلدين، إلى جانب الملفات السياسية والدبلوماسية والأمنية.

وتشير التوقعات إلى أن القرارات التي سيتخذها ترامب ستؤثر بشكل كبير على مستقبل العلاقات الاقتصادية بين أنقرة وواشنطن.

والاثنين، أدى ترامب اليمين الدستورية ليصبح الرئيس الـ47 للولايات المتحدة، بعد فوزه بانتخابات الرئاسة التي أجريت في نوفمبر/ تشرين الثاني 2023.

*زيادة التبادل التجاري

خلال ولاية ترامب الأولى (2017- 2021)، بلغ متوسط حجم التجارة السنوية بين البلدين حوالي 21.6 مليار دولار.

وشهدت السنوات الأخيرة زيادات ملحوظة في حجم التجارة الثنائية، حيث ارتفع من 21.7 مليار دولار عام 2020 إلى 27.8 مليار دولار في العام الذي يليه، ثم إلى 32.1 مليار دولار في عام 2022، قبل أن يتراجع قليلاً إلى 30.7 مليار دولار في 2023.

وفي 2024، ارتفع حجم التجارة بنسبة 50 بالمئة مقارنة بعام 2020، ليصل إلى مستوى قياسي بلغ 32.5 مليار دولار، بينما شملت القطاعات البارزة في الصادرات التركية إلى الولايات المتحدة الماكينات والمجوهرات.

ويعكس التطور في التجارة البينية طموح الطرفين لتحقيق هدف مشترك يتمثل في رفع حجم التجارة إلى 100 مليار دولار، ومن المتوقع اتخاذ خطوات جديدة وتنظيم زيارات متبادلة لتعزيز العلاقات الاقتصادية وتحقيق أرقام قياسية جديدة.

وخلال اجتماع مع ممثلي مراكز فكرية أمريكية في "البيت التركي"، على هامش زيارته إلى نيويورك للمشاركة في الدورة الـ79 للجمعية العامة للأمم المتحدة، في سبتمبر/ أيلول 2024، أعرب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، عن تفاؤله بتحقيق هذا الهدف.

وقال أردوغان حينها: "رغم أن حجم تجارتنا بلغ 30 مليار دولار في 2023، إلا أننا واثقون من قدرتنا على رفعه إلى مستوى 100 مليار دولار".

بدوره، أشار وزير التجارة التركي عمر بولاط في سبتمبر/ أيلول 2024، إلى أن العلاقات بين البلدين حافظت على زخمها لسنوات في مختلف المجالات، مؤكدا وجود علاقات مستقرة في المجالات العسكرية والدفاعية والسياسية والاقتصادية والتجارية.

ومن بين الملفات الاقتصادية البارزة خلال ولاية ترامب الجديدة، تعزيز الاستثمارات المتبادلة، إذ توجد حاليا أكثر من 2000 شركة أمريكية تعمل برأس مال أمريكي في تركيا، فيما تُظهر مؤشرات الاستثمار المتبادل مزيدا من الزخم القادم.

كما يُنتظر أن يُسهم خروج تركيا من "القائمة الرمادية" لمجموعة العمل المالي (FATF)، وانخفاض نقاط مبادلة مخاطر الائتمان (CDS)، في فتح الباب أمام مستثمرين جدد من الولايات المتحدة.

*قضية التعريفات الجمركية

وأثار إعلان ترامب عزمه فرض تعريفات جمركية إضافية على المنتجات المستوردة من عدة دول، تساؤلات حول تأثير هذه الخطوة على تركيا.

وفي أول خطاب له بعد أدائه اليمين الدستورية، كشف ترامب عن خططه لفرض تعريفات بنسبة 25 بالمئة على المنتجات المستوردة من كندا والمكسيك، اعتبارا من مطلع فبراير/ شباط المقبل.

أما بخصوص تركيا، فقد أشار وزير التجارة التركي، إلى أن بلاده تتطلع إلى تخفيض التعريفات الجمركية، لا سيما في قطاع النسيج، ورفع القيود المفروضة على قطاع الصلب.

وفي خطوة أثارت اهتماما عالميا، أعلن ترامب "حالة الطوارئ في مجال الطاقة الوطنية" بموجب مرسوم رئاسي، ما سلط الضوء على تأثيرات هذا القرار على أسواق الطاقة العالمية، والتعاون الثنائي بين تركيا والولايات المتحدة.

ومن المتوقع زيادة التعاون في مجالات الطاقة والتعدين بين البلدين، إلى جانب توسيع آلية حوار الطاقة والمناخ التي أُطلقت العام الماضي، لتعزيز التحول الطاقي ومواجهة التغير المناخي.

وفي خطوة مثيرة للجدل، وافق ترامب على انسحاب بلاده من اتفاق باريس للمناخ، كواحدة من أولى قراراته في عهده الجديد.

*شراكة تكنولوجية

وتجمع تركيا والولايات المتحدة شراكات متعددة في مجالات الفضاء والتكنولوجيا أيضا، ومن المتوقع تعزيز هذه الشراكات في عهد ترامب الذي يتمتع بعلاقات وثيقة مع عمالقة التكنولوجيا حول العالم، وهو ما يفتح آفاقًا جديدة للتعاون والاستثمار بين الشركات الناشطة في هذا القطاع في البلدين.

وكان من اللافت مشاركة مدراء شركات كبرى في التكنولوجيا العالمية في مراسم أدائه اليمين الدستورية.

وسبق لتركيا أن أطلقت أولى رحلاتها الفضائية المأهولة من الولايات المتحدة العام الماضي، كما أرسلت القمر الصناعي "توركسات 6A" إلى الفضاء الخارجي انطلاقا من قاعدة فضائية أمريكية.

ومن المتوقع تكثيف الاتصالات الثنائية بين تركيا والولايات المتحدة، في إطار برنامج الفضاء الوطني التركي.

إضافة إلى ذلك، تستحوذ العلاقات التركية الأمريكية في مجال الصناعات الدفاعية على إمكانيات كبيرة قابلة للتطوير، ومن المتوقع أن تُسهم أواصر التحالف بين البلدين في تعزيز التعاون في هذا المجال.

كذلك الأمر بالنسبة لقطاع السياحة، فمن المتوقع أن يشهد تطورات إيجابية خلال ولاية ترامب، حيث زار تركيا في 2021 نحو 363 ألفا و427 سائحا أمريكيا، وارتفع العدد في 2022 إلى مليون و15 ألفًا و363، ليصل في 2023 إلى مليون و348 ألفا و400.

ورغم عدم الكشف عن الأرقام النهائية للعام 2024، فقد تم تسجيل زيارة مليون و364 ألفا و631 سائحا أمريكيا خلال الأشهر الـ11 الأولى من العام المذكور، وهو ما يشير إلى تحقيق رقم قياسي.

ومن المتوقع أن تشهد المرحلة المقبلة تحسينات إضافية في قطاعي الاتصالات والنقل، بما في ذلك استعداد الخطوط الجوية التركية لزيادة عدد رحلاتها إلى الولايات المتحدة من 14 إلى 15 بحلول فصل الربيع.