Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo

أقلام وأراء

الأحد 12 نوفمبر 2023 9:17 صباحًا - بتوقيت القدس

أين المثقفون العرب؟

أين  هو دور المثقفين والكُتّاب والفنانين والمفكّرين العرب،في هذه الجائحة ، الإبادة، المحرقة، المذبحة الدموية؟ وخصوصاً بعد أن أصبح واضحاً أن المشروع الغربي الصهيوني لم يُبقِ أيّ مساحة للتعاطي معه ،أو مع مَن يقف خلفه من الدول الساحقة الماحقة؟ أو مع القوى السياسية العربية والأنظمة ،التي باتت على مقاعد المتفرّجين، بلا حولٍ ولا طول..بل وتتماهى مع المُخرجات التي تُنتجتها الاستراتيجية الأمريكية الاسرائيلية الوحشية الحاسمة، والتي تميّزت بقدرة تدميرية فائقة وحداثية،على فَرْض الحقائق على الأرض، ووضع مسار حتمي ووحيد، يحقق أهدافها وحدها، وللقضايا كلّها؟
لقد تصدّع دور المثقف العربي ، إذ أعتبر الكثيرون أنهم "مستقلّون" أمام ما يجري ، ولا علاقة ،عضوية، بينهم وبين الأحداث المهولة الجارية!ما يجعل المثقف، بقصد أو بغير قصد، مُسخّراً ومأجوراً للمؤسسة الرسمية، ويؤدّي دوراً تجميليّاً لها!ويترك فراغاً جارحاً.


والغريب، هذه الأثناء، أن عدداً "مهماً" من المثقفين يتماهى ويتبنّى ويقترب ،حتى التوحّد ،مع مقولات الغرب الاستشراقية والكاذبة والظالمة، بحثاً عن فُتات.. ما يجعل هذا المثقف فارغاً ،تماماً، من مضمونه ، ومغترباً عن جذوره. وقد ظنّ هؤلاء أن اعتراف الثقافة المهيمنة بهم، سيحقق لهم الحضور! لكنّهم يتناسون أن على المثقف أن يكون ضمير شعبه، والمعبّر عن تطلعات وأحلام أُمّته،لأنه ليس مستقلّا أمام المجزرة ، وليس لديه بذخ الحياد، وسيفقد فحولته الأخلاقية ، وسيسأله التاريخ. ولا حاجة لنا بوعْيه المعرفي وبمعانيه الثقافية وباقتراحاته الجَمالية..لأن بعض الغواني أكثر جَمالاً وخبرة من الأخريات الشريفات!


وللأسف فإن معظم المثقفين والكُتّاب والمفكّرين يدور حول نفسه، وإن امتلكوا وعي المعرفة فإنهم قد استخدموه تحت ظلال الترميز أو المجاز، أو تحت قوس التلطّف، أو في البكاء واللطم ، وانهاروا ،بكاءً وكآبةً، أمام الموت المخيف،وكانوا موسميين، أو نزقين،وكتابتهم أقرب لردّة الفعل ،ومناسباتية، أو التساوق والتماهي مع السياسي ومقولاته الرسمية المشبوهة. وراح الكثير يثرثر فوق السطح ، دون أن يتمكّن من التقاط الجوهرة العميقة المُشعّة ،التي هي وقود المقاتل وعبقرية صموده ودافع تضحياته، أمام أعتى الأسلحة. بمعنى أن المثقفين لم يبحثوا في الجذور التي أقامت هذه الغابة المُقاوِمة ، وسط هذا اليباب والتصحّر الاستسلامي ، على امتداد الخريطة العربية! ولم يسألوا: كيف لهذا الفلسطينيّ أن يحقق كلّ هذا الثبات؟ وما مكوّنات رباطه وجسارته واندفاعته الأسطورية؟ ما هي عوامل ذلك؟أما من"ثقافة" تقف خلف كل ذلك؟ فما هي؟


لقد راح المثقفون يصفون الأطلال والأشلاء، ويتباكون على الضحايا والركام، أو يتعالون على المشهد وينظرون إليه من بعيد، حتى لا ترشقُ الدماء قمصانهم ..! واعتقدوا أنهم أدّوا ما عليهم، وارتاح ضميرهم. شكراً لهم.


حتى الدور الثقافي الميداني الشكلاني الشعبوي الجماهيري، للمؤسسات والنقابات الأدبية والفنية والثقافية.. غاب ! هل هذا الغياب يؤكد كم هي مُستَلبة ،هذه الاتحادات والنقابات والمؤسسات، ويتمّ التلاعب بها ، لأنها بيادق بين أصابع الرسميين؟ فلا مهرجانات ولا ندوات ولا تظاهرات واعتصامات ولا أوبريت أو أناشيد ، بل بيان يتيم، خجول،مصقول بالبلاغة، وبضعة مقالات مبذولة، حذرة ، بكائية أو عنترية أو وعظية.. والسلام.


أعتقد أن جانباً مهماً من هذا التدهور الثقافي يتعلق بأزمة "النصّ"، أكثر مما يتصل بأزمة "الحرية" أو "التلقّي الجماهيري".. لأن النصّ الحقيقي الصادق المُعبّر عن الناس.. يصل بألف طريقة وطريقة. كما أن ثمّة ضريبة، ينبغي تسديدها ثمناً للحرية ، أيها السادة!أي ؛نحن لا نريد هذا التضامن "المجانيّ"، من أحد.


وثمة قلّة قليلة من المثقفين مَنْ ظلّ مشاكساً جسوراً لا يوارب،ويواجه ويشير دون وَجل إلى مواطن الخلل والتخلّي.. لكنهم لم يشكّلوا حالة فكرية قادرة على مواجهة تخريب الوعي الجَمْعي المُمنهج، الذي يستخدمه الغرب والاحتلال وأدواتهما ، ولم يطوّروا أو يشكّلوا تياراً فكرياً ذا ثقل، يؤسّس لمناعة وطنية تواجه العدميّة القومية، تجعل التساوق مع حالة التعايش مع المحتلّ ودوائر الاستعمار ،عملاً مرفوضاً، صعباً بل مستحيلاً. والمحتلّ ليس إسرائيل فحسب ، بل كل مَن يساندها وينطق بلسانها ويهيمن على فضاءاتنا العربية.

وغالباً ما ينسى الناس، وتتبخّر الذاكرة، أو تحلّ ذاكرة جديدة مكان أختها السابقة، وتذهب الألسن إلى موضوعات أخرى ، وهي تتخفّف من الأوجاع والتراجيديا.. ويضيع كل هذا التدفّق الهائل ، من الدم والدموع والركام والصرخات والأوجاع الرهيبة، وهذا ما يريده العدوّ النقيض.. فماذا نفعل؟


علينا أن ننتبه ،أولاً، بأن الشهداء والجرحى ليسوا أرقاماً مجرّدة، لا تقوى على البقاء، ومسطّحة ، ولا نفاذ أو أثر لها!بل لكل منهم قصة وحياة عريضة، وذكريات وبيت وأحلام .. وأن فناءهم هو نفيٌ فاشيّ مبرم لكل ذلك، والأرقام تبهت مع الوقت ولا يتبقى منها شيء، ولهذا فإننا مطالبون بكتابة قصة كل شهيد بعينه، وكل جريح باسمه الكامل وعنوانه وطريقة إصابته وغدره، إلى أن تفيض الصفحات بالدم والأحلام المقتولة. إن الضحايا ليسوا رقماً نكرّره بلا معنى.. ونمشي! علينا أن نؤصّل كل مشهد ولحظة وحدث وقصة، بكل التفاصيل، لنراكم الرواية ونجعلها سبيكة صلبة، لتكون وثيقة ودليل إدانة ، تفيض بكل السرديات والحكايات، عبر الكاميرا والقلم ، حتى نواجه العدميّة ومحو الذاكرة والتحايل على الحقائق وتجاوزها، وحتى يعرف التاريخُ الحقيقةَ الدامغة ،كاملة غير منقوصة.


إنني أتمنى على الدارسين اعتماد تسمية "أدب المذابح أو المجازر" لآلاف المجازر، التي ارتكبتها الصهيونية بحقّنا، وما كُتب عنها في تاريخنا المعاصر، مثلما لدينا "أدب السجون" و"أدب المقاومة" و"أدب المنفى" .. الخ، وعلينا أن نُحصي كل حجر هدموه،وكل شلال دم وعرق، وكل صرخة مصوّحة ،وصاروخ أعمى، وكل نأمة وجنازة وذرة غبار، وكل جرح وحريق، وكل سيارة إسعاف بعثروها بمَن فيها، وكل اغتيال واستهداف مبيّت،وكل مئذنة طوّحتها الطائرات، وكل كلمة ندّت من فم ثاكلٍ أو شيخ أو يتيم، وكل موقف وفعل ومبادرة، وكل لحظة ومحرقة وهباء، وكل مشفى وجرسيّة ردّموها ، وكل ضمادة قطن ،واسم مولود مات بعد وضعه بساعات، وكل عروس حرقوا ثوبها وحطّموا أضلاع بيتها البسيط ، وكل أيام العتمة وساعات العطش، وسلسة الغارات التي جعلت القطاع كربلاء ممتدة ، لا تنتهي، وكل تصريح مسموم أو مشبوه، أو إنسانيّ، وكل موقف يتفرّج ، أو مسيرة تتضامن ، أو دولة انحازت للشيطان ، أو مسؤول ، على قلّتهم، انتصروا لفلسطين، وكل إحصائية للضحايا والبيوت وأطنان القنابل المُحرّمة . لا ينبغي أن ننسى ، أو يفوتنا شيء، أو ننتظر حتى يهدأ ميدان الطحن المهول. لنتابع ونكتب ونصوّر ونحفظ ، لتعلم الأجيال القادمة حقيقة ما جرى ، وطبيعة هذا الوحش الضاري، ونِفاق الأخوة الأعداء والقتلة الرسميين.


باختصار إن ما يجري من إبادة ؛ما هو إلا محاولة صهيونية فاجرة ، لإلغاء نتائج الساعة الأولى ،مما حدث صبيحة يوم السابع من أكتوبر الماضي.


لقد حرّرت غزّةُ العالم . كما فتحت قضايا الظلم في كل القارات.وكلامي عن غزّة لا يحرّرها ، لكنّه يحرّرني .

دلالات

شارك برأيك

أين المثقفون العرب؟

المزيد في أقلام وأراء

سيادة العراق ولبنان في خندق واحد

كريستين حنا نصر

إسرائيل ترفع وتيرة قتل الفلسطينيين

حديث القدس

توفير الحماية العاجلة والفورية لأطفال فلسطين

سري القدوة

حقائق حول انضمام فلسطين للمحكمة الجنائية الدولية وصولاً لمذكرات الاعتقال

د. دلال صائب عريقات

سموتريتش

بهاء رحال

مبادرة حمساوية

حمادة فراعنة

Google تدعم الباحثين بالذكاء الاصطناعي: إضافة جديدة تغيّر قواعد اللعبة

بقلم :صدقي ابوضهير باحث ومستشار بالاعلام والتسويق الرقمي

التعاون بين شركة أقلمة والجامعات الفلسطينية: الجامعة العربية الأمريكية نموذجاً

بقلم: د فائق عويس.. المؤسس والمدير التنفيذي لشركة أقلمة

أهمية البيانات العربية في الذكاء الاصطناعي

بقلم: عبد الرحمن الخطيب - مختص بتقنيات الذكاء الاصطناعي

ويسألونك...؟

ابراهيم ملحم

الحرب على غزة تدخل عامها الثاني وسط توسّع العمليات العسكرية الإسرائيلية في الجبهة الشمالية

منير الغول

ترامب المُقامر بِحُلته السياسية

آمنة مضر النواتي

نعم لملاحقة مجرمي الحرب وتسليمهم للقضاء الدولي

حديث القدس

مآلات سياسة ترامب الاقتصادية أميركياً وعربياً

جواد العناني

سيناريوهات ثلاثة: أحلاها مر... ولكن

أسعد عبد الرحمن

جنوب لبنان وغزة بين جدلية وحدة الجبهات والاستقلالية التكتيكية

مروان أميل طوباسي

الضـم ليس قـدراً !!

نبهان خريشة

دور رجال الإصلاح وزعماء العشائر في تعزيز السلم الأهلي والحاجة الملحة لضرورة تشكيل مجلس للسلم الأهلي في المحافظة

معروف الرفاعي

الفيتو الأمريكي: شراكة حقيقية في حرب إبادة شعبنا

حديث القدس

من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها

أحمد لطفي شاهين

أسعار العملات

السّبت 23 نوفمبر 2024 10:34 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.7

شراء 3.69

دينار / شيكل

بيع 5.24

شراء 5.22

يورو / شيكل

بيع 3.85

شراء 3.83

هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟

%53

%47

(مجموع المصوتين 95)