أقلام وأراء
الثّلاثاء 10 أكتوبر 2023 9:00 صباحًا - بتوقيت القدس
ترحيل وتهجير عائلات مسافر يطا جريمة حرب تستوجب المسؤولية
يتعرض سكان وأهالي مسافر يطا منذ سنوات طويلة لجريمة حرب، تنفذها قوات الاحتلال وعصابات المستوطنين، بدعم كامل من حكومة الاحتلال. وذلك في أطول وأكبر عملية تطهير عرقي وتهجير قسري بحقهم. للسيطرة على أراضيهم ومنازلهم، التي يعيشون فيها منذ عقود طويلة تمتد إلى ما قبل وجود الاحتلال الاسرائيلي.
وفي أطار هذا الجريمة التي يرتكبها الاحتلال الاسرائيلي، قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية "اوتشا"، إن إسرائيل تسببت بتهجير 13 أسرة فلسطينية، تضم 84 فردًا بينهم 44 طفلا، من مسافر يطا، جنوب الخليل، منذ مطلع تموز/يوليو 2023.
يذكر أن مسافر يطا، تضم 13 تجمعًا سكانيًا، تؤوي حتى وقت قريب 215 أسرة، فيها 1150 نسمة، وتقع هذه التجمعات ضمن مساحة تبلغ نسبتها 18 بالمئة من أراضي الضفة الغربية التي أعلنت سلطات الاحتلال الإسرائيلية أنها «مناطق إطلاق النار» وخصصتها لإجراء التدريبات العسكرية، ويمثل الأشخاص الذين هُجروا من تجمعاتهم خلال الأشهر الثلاثة الماضية نحو 7 بالمائة من سكانها.
ومنذ أيار/مايو 2022 وعلى نحو متزايد، فرضت سلطات الاحتلال القيود على التنقل واستولت على الممتلكات وهدمت المنازل وأجرت تدريبات عسكرية في مسافر يطا، وقد ساهمت هذه الممارسات مجتمعة في تهجير سكان مسافر يطا.
وبحسب تقرير منظمة "أوتشا"، فقد ازدادت حدة القيود المفروضة على التنقل خلال الأشهر الثلاثة المنصرمة، وأشارت إلى ان قوات الاحتلال التي تنطلق من قاعدة عسكرية أقيمت مؤخرًا، تنفذ أعمال الدورية في المنطقة بصورة أكثر تواترًا وتفرض المزيد من القيود على تنقل المواطنين وقدرتهم على الوصول إلى الأسواق والخدمات الأساسية ونقل العلف وغيره من اللوازم للمواشي التي تعتمد عليها الأسر. كما استولت تلك القوات على المركبات المستخدمة من قبل السكان. وأفادت مدرستان في المنطقة، بأن 24 تلميذا تسربوا منها خلال هذه السنة، بمن فيهم تلامذة رُحلت أسرهم في ظل هذه البيئة القسرية وآخرون يخشون من رحلة الذهاب إلى مدارسهم والتي تفتقر إلى الأمان.
وقالت "اوتشا" "في أحد الحوادث، أوقفت القوات الإسرائيلية في أيلول/سبتمبر المعلمين وهم في طريقهم إلى مدرستهم وهددتهم بمصادرة مركبتهم إذا استقلوها مرة أخرى". ومنذ آذار/مارس 2023، بات أحد التجمعات السكانية في مسافر يطا، وهو خربة "بير العد"، خاليا من مواطنيه عقب تهجير آخر أسرتين فيه. وأشار أفراد هاتين الأسرتين إلى تصاعد عنف المستوطنين باعتباره السبب الرئيسي الذي أجبرهم على الرحيل. وغدا هذا التجمع واحدا من أربعة تجمعات سكانية فلسطينية خالية عن بكرة أبيها في الضفة الغربية منذ العام 2022.
وكانت محكمة الاحتلال العليا قد أصدرت في الرابع من أيار 2022م قرارها في الالتماسات التي قدمها سكان قرى مسافر يطا جنوب الخليل، منذ العام 2000م، ملتمسين بإبقائهم في قراهم ومساكنهم بعد أن قدموا كافة الإثباتات القانونية والأدلة التاريخية والجغرافية وغيرها، لكن محكمة الاحتلال ردت الالتماس وأصدرت حكمها بترحيل سكان المسافر (12 قرية)، والتي يُطلق عليها أيضاً (تلال جنوب الخليل).
تقع القرى الاثنا عشر المهددة بالترحيل جنوب شرق بلدة يطا، وتتبع للبلدة وتعتبر جزءا لا يتجزأ منها منذ القدم، وهي قرى ( جنبة، المركز، الحلاة، الفخيت، التبان، المجاز، مغاير العبيد، صفي الفوقا، صفي التحتا، الطوبا، خلة الضبع، المفقرة)، ويبلغ تعداد سكان هذه القرى – حسب إحصائية مجلس قروي مسافر يطا، حوالي ( 2500 نسمة)، ينتشرون على مساحة تقدر بحوالي ( 32 ألف دونم).
يعيش سكان القرى المهددة منذ قبل احتلال الضفة الغربية (عام 1967) على أراضيهم وفي كهوف ومغر وعرائش وبيوت شعر، ويعتاشون على تربية المواشي وفلاحة أراضيهم لجلب قوتهم، ورعي مواشيهم فيها بعد حصادها وجني المحصول منها.
في عام 1997م تم تصنيف هذه الأراضي ضمن المنطقة (ج) حسب اتفاقية أوسلو الموقعة عام (1993)، وبالنتيجة لم يسمح للسكان بزيادة المباني أو تطويرها بما يتلائم مع الزيادة السكانية الطبيعية واحتياجات الحياة التي تتطور يوماً بعد آخر. ومن الجدير ذكره بأن سلطات الاحتلال أخطرت بهدم كافة مباني ومساكن ومنشآت المواطنين في قرى مسافر يطا، كما نفذت العديد من حملات الهدم التي طالت مساكنهم ومنشآتهم، وترفض رفضاً قاطعاً النظر في منح تراخيص( تصاريح بناء) بذريعة “أن المنطقة مصنفة منطقة إطلاق نار ويحظر منح أي ترخيص فيها".
يعرف القانون الدولي التهجير القسري بأنه إخلاء غير قانوني لمجموعة من الأفراد والسكان من الأرض التي يقيمون عليها، ويعد التهجير القسري انتهاكاً خطيراً للقانون الدولي، ويرقى إلى جريمة حرب. ويحظر القانون الدولي عملية التهجير القسري ويعاقب مرتكبيه وفقا للمادة 49 من اتفاقية جنيف الرابعة 1949 التي تنص على أن النقل الجبري الجماعي وكذلك ترحيل الأشخاص المحميين من الأراضي المحتلة إلى أراضي دولة الاحتلال أو إلى أراضي أي دولة أخرى محتلة أو غير محتلة وهو محظور أيا كانت دواعيه. كما اعتبرت المادة السابعة، الفقرة (د) من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، أن إبعاد السكان أو نقلهم قسراً يشكل ” جريمة ضد الإنسانية ” متى ارتكب في إطار هجوم واسع النطاق أو منهجي موجه ضد أية مجموعة من السكان المدنيين.
إن ترحيل وتهجير أهالي مسافر يطا من أراضيهم وأماكن سكنهم هي جريمة حرب، وجريمة ضد الانسانية. تستوجب المسؤولية الجنائية الدولية على سلطات الاحتلال، وعلى المجتمع الدولي تحمل مسؤوليته القانونية لوقف هذه الجريمة ومحاكمة مرتكبيها، حتى لا يفلت هولاء الجناة من العقاب.
* محام ومحاضر جامعي في القانون الدولي.
دلالات
المزيد في أقلام وأراء
نعم لملاحقة مجرمي الحرب وتسليمهم للقضاء الدولي
حديث القدس
مآلات سياسة ترامب الاقتصادية أميركياً وعربياً
جواد العناني
سيناريوهات ثلاثة: أحلاها مر... ولكن
أسعد عبد الرحمن
جنوب لبنان وغزة بين جدلية وحدة الجبهات والاستقلالية التكتيكية
مروان أميل طوباسي
الضـم ليس قـدراً !!
نبهان خريشة
دور رجال الإصلاح وزعماء العشائر في تعزيز السلم الأهلي والحاجة الملحة لضرورة تشكيل مجلس للسلم الأهلي في المحافظة
معروف الرفاعي
الفيتو الأمريكي: شراكة حقيقية في حرب إبادة شعبنا
حديث القدس
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
أحمد لطفي شاهين
الميدان يرد بندية على ورقة المبعوث الأمريكي الملغّمة
وسام رفيدي
تماسك أبناء المجتمع المقدسي ليس خيارًا بل ضرورة وجودية
معروف الرفاعي
المطاردون
حمادة فراعنة
فيروز أيقونَة الغِناء الشَّرقي.. وسيّدة الانتظار
سامية وديع عطا
السلم الأهلي في القدس: ركيزة لحماية المجتمع المقدسي ومواجهة الاحتلال
الصحفي عمر رجوب
إسرائيل تُفاقم الكارثة الإنسانية في غزة
حديث القدس
شتاء غزة.. وحل الحرب وطين الأيام
بهاء رحال
المقاومة موجودة
حمادة فراعنة
وحشية الاحتلال بين الصمت الدولي والدعم الأمريكي
سري القدوة
هوكشتاين جاء بنسخة لبنانية عن إتفاق أوسلو!
محمد النوباني
ماذا وراء خطاب نتنياهو البائس؟
حديث القدس
مآلات موافقة حزب الله على ورقة أمريكا الخبيثة
حمدي فراج
الأكثر تعليقاً
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
أبو الغيط: الوضع في فلسطين غير مقبول ومدان ولا يجب السماح باستمراره
الأردن: حكم بسجن عماد العدوان 10 سنوات بتهمة "تهريب أسلحة إلى الضفة"
مصطفى: الصحفيون الفلسطينيون لعبوا دورا محوريا في فضح جرائم الاحتلال
ضابط إسرائيلي يهرب من قبرص بسبب غزة
سموتريتش يضع البنية التحتية المنطقة (ج) في مهبّ أطماع المستوطنين
أطفال فلسطينيون تعرضوا للإعدام الميداني
الأكثر قراءة
نتنياهو يقمع معارضيه.. "إمبراطورية اليمين" تتحكم بمستقبل إسرائيل
الكونغرس يقر قانون يفرض قيودا صارمة على المنظمات غير الربحية المؤيدة للفلسطينيين
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
الأونروا: فقدان 98 شاحنة في عملية نهب عنيفة في غزة
بعد مرسوم بوتين.. هل يقف العالم على الحافة النووية؟
زقوت في حوار شامل مع "القدس".. خطة حكومية لوضع دعائم بناء دولة مستقلة
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
أسعار العملات
الأربعاء 20 نوفمبر 2024 9:43 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.74
شراء 3.73
دينار / شيكل
بيع 5.28
شراء 5.26
يورو / شيكل
بيع 3.96
شراء 3.95
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%53
%47
(مجموع المصوتين 81)
شارك برأيك
ترحيل وتهجير عائلات مسافر يطا جريمة حرب تستوجب المسؤولية