في اطار سياسة حكومة الاحتلال العنصرية لتكريس نظام الفصل العنصري (الابارتهايد) التي تعمل على تعزيزه في الأراضي الفلسطينية المحتلة، اعتبر وزير الأمن القومي الإسرائيلي العنصري المتطرف إيتمار بن غفير أن حقه وعائلته في الحركة في الضفة الغربية المحتلة يفوق حق العرب الفلسطينيين في حرية التحرك بالمنطقة. جاء ذلك في حديث لبن غفير مساء يوم الأربعاء الماضي 23/8/2023 للقناة الإخبارية الإسرائيلية، وأضاف إن "حق المستوطنين بالحركة في الضفة الغربية يفوق حق العرب".

يشار إلى أن بن غفير يقيم في مستوطنة كريات أربع بمدينة الخليل جنوبي الضفة الغربية، ويترأس حزب القوة اليهودية اليميني المتطرف. حيث قال "حقي وحق زوجتي وأولادي في التنقل على طرقات الضفة الغربية أهم من حق العرب في حرية الحركة". 

وأضاف بن غفير "هذا هو الواقع، هذه هي الحقيقة، حقي في الحياة يسبق حقهم (الفلسطينيين) في حرية التنقل". 

ويدعو بن غفير إلى فرض قيود على حركة الفلسطينيين في الضفة الغربية بداعي منع أعمال المقاومة ضد عصابات المستوطنين الإسرائيليين.

وحسب آخر الإحصاءات لحركة "السلام الآن" الإسرائيلية، يعيش نحو 700 ألف مستوطن في 146 مستوطنة و146 بؤرة استيطانية عشوائية مقامة على أراضي الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية المحتلةعام 1967. 

ووفق معطيات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، فقد بلغ عدد الفلسطينيين بالضفة الغربية نحو 3.2 ملايين نسمة بنهاية العام 2022.

وفي سياق متصل لتصريحات بن غفير العنصرية دعا وزير شؤون القدس والتراث الإسرائيلي عميحاي إلياهو، إلى ضم الضفة الغربية المحتلة في أسرع وقت ممكن، في الوقت الذي طالب وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير بتضييق الخناق على الفلسطينيين.

 واعتبر إلياهو أنه "لا وجود للخط الأخضر، الذي يحدد الأراضي التي احتلتها إسرائيل عام 1967 وهو وهمي".

 وقال الوزير الإسرائيلي -وهو من حزب "القوة اليهودية" اليميني المتطرف الذي يتزعمه بن غفير- لإذاعة الجيش الإسرائيلي "ينبغي تطبيق السيادة على مناطق يهودا والسامرة" (مستخدما الاسم الإسرائيلي للضفة الغربية)، زاعما "هذا وطننا". 

وأضاف إلياهو أنه يجب تنفيذ ذلك "بأسرع وقت ممكن وبذكاء قدر الإمكان"، ولم تعلق الحكومة الإسرائيلية على هذه التصريحات. وتطبيق السيادة الإسرائيلية تعني الضم، وفق تعريفات الأحزاب الإسرائيلية.

 وتتفاوت مواقف الأحزاب الإسرائيلية المُشكِّلة للحكومة من فكرة الضم، ففي حين يدعو حزب "الليكود" -الذي يقوده رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو- لضم أجزاء واسعة من الضفة الغربية، فإن حزبي "القوة اليهودية" و"الصهيونية الدينية" يدعوان إلى ضم الضفة الغربية كاملة.

ان تصريحات بن غفير وغيره من المتطرفين العنصريين الاسرائيليين تعبر عن سياسات الحكومات الاسرائيليية المتعاقبة منذ عدة عقود، وتعبر عن مخططات وسياسات الاحتلال في الأراضي الفلسطينية المحتلة سواء المتعلقة منها بتوسيع الاستيطان، وضم الضفة وفرض السيادة الاسرائيلية عليها، واعطاء حق وحرية الحركة والتنقل لعصابات المستوطنين، وتقييد حركة الفلسطينيي، في أرضهم، بما يخالف القانون الدولي، وقرارات الشرعية الدولية، وقانون حقوق الانسان، وتجسد نظام الفصل العنصري ونظام (الابارتهايد) التي تكرسه في عموم الأراضي الفلسطينية المحتلة.

فهناك حواجز حدودية مثل معبر الكرامة بين أريحا والأردن، وهناك حواجز وعوائق داخلية بين المدن الفلسطينية، وهناك حواجز بين الضفة وأراضي 48 وعددها لا يقل عن 26 حاجزًا، وهناك 13 حاجزًا للمرور على القدس، وهناك حواجز بين قطاع غزة وأراضي 48. ومعظم هذه الحواجز مجهز بكمرات مراقبة، وأبراج عسكرية، وبوابات حديدية، وغرف تفتيش، وساحات انتظار، ومسارب خاصة لتفتيش السيارات والمواطنين الفلسطينيين. 

ووفق تقرير لمكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية (أوتشا) صدر عام 2018، تقيم قوات الاحتلال 140 حاجزًا يتمركز عليها الجنود على الدوام أو بين الفينة والأخرى، و165 بوابة طريق لا يتمركز عليها الجنود (ونحو نصف هذه البوابات مغلق في الأحوال العادية)، و149 ساترًا ترابيًا و251 عائقًا غير مأهول (متاريس الطرق، والخنادق، والجدران الترابية، وغيرها)، تتحكم عبرها في حركة تنقل المواطنين الفلسطينيين بين المدن الفلسطينية. ووفق معطيات نشرها المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، هناك 110 حواجز عسكرية ثابتة للاحتلال حاليًا، لا يشمل ذلك البوابات العسكرية والمعابر، إضافة إلى نحو 120 حاجزًا طيارًا يقيمها الاحتلال أسبوعيا، وجميعها عبارة عن مواقع للتنغيص على المواطنين ومصايد لاعتقالهم.

كما تشهد الضفة الغربية حالة من التوتر الشديد منذ عام 2022 جراء التصعيد الذي يمارسه جيش الاحتلال في المدن والمخيمات والبلدات الفلسطينية. حيث ارتفع عدد الشهداء منذ مطلع العام الجاري إلى أكثر من 200 شهيد، بينهم 37 طفلا وطفلة و11 سيدة، وفقا لمعطيات وزارة الصحة الفلسطينية.

ان تصريحات بن غفير باعطاء حق مطلق للمستوطنين بالتنقل والحركة في عموم الأراضي الفلسطينين، وانكارها على المواطنين الفلسطينيين، هي تعبيرعن رؤيته العنصرية، وتمثل سياسة رسمية لحكومة الاحتلال اليمينية المتطرفة العنصرية برئاسة بنيامين نتنياهو، وقد لقيت هذه التصريحات ردود فعل غاضبة فلسطينية، ودولية، كونها تتعارض مع القانون الدولي الانساني، وقانون حقوق الانسان، وقرارات الشرعية الدولية. 

ومع أهمية هذه الردود إلا أنها لا تكفي لوقفها وردعها، طالما لا تتحول إلى سياسة فعليه وخطوات عملية، لمواجهة حكومة الاحتلال العنصرية التي تمارسها ضد الفلسطينيين في عموم الأراضي الفلسطينية المحتلة.