أقلام وأراء
الثّلاثاء 11 يوليو 2023 10:10 صباحًا - بتوقيت القدس
بعد جنين .. فلسطين إلى أين ؟!
استراتيجية حكومة بن غفير - سموتريتش بزعامة نتانياهو وأولويتها العليا تتمثل في ضم معظم أراضي الضفة الغربية، وعزل المدن الرئيسة في كانتونات مقطعة الأوصال في شمال و وسط وجنوب الضفة ، بالإضافة إلى كانتون قطاع غزة الذي يترسخ يوماً تلو الآخر. ومن أجل تحقيق هذا الاستراتيجية، فهي تواصل عدوانها الدموي ضد شعبنا وأرضه ومصادر حياته و رزقه . فهذه الحكومة التي تسعى لتطبيق ما يسمى بالشريعة التوراتية التي تعتبر أن فلسطين التاريخية هي أرض الميعاد وقاعدة "اسرائيل الكبرى" القادرة على إطباق هيمنتها الكاملة على المنطقة، تحاول احتواء الاعتراضات الداخلية التي انفجرت في مواجهة ما يسمى بالتعديلات القضائية، والتي تحسم هوية اسرائيل وتختزلها في دولة ثيوقراطية. فهي تدرك أنه بالقدر الذي تُفَجِّر ُفيه هذه التعديلات تناقضات جوهرية داخل ذلك المجتمع حول طبيعة الحكم وهوية الدولة، فإن استباحة دم المواطنين الفلسطينيين ،وتدمير منازلهم وسبل حياتهم، وضم أراضيهم وتوسيع الاستيطان يقلص فجوة الانقسام داخله ، كما أنه يطيل أمد بقاء هذه الحكومة، وقدرتها على استمرار التضليل الذي دأبت حكومات اسرائيل المتعاقبة منذ النكبة على ادعائه ازاء ما يسمى "ديمقراطية الدولة" في وقت أنها نشأت على اغتصاب فلسطين، والتمييز العنصري ضد الأقلية الفلسطينية التي ظلت صامدة على أرضها .
الضم : عنوان الحرب على شعبنا
من هذه الزاوية يجب أن ننظر لما جرى في مخيم جنين، ويجري في بلدة نابلس القديمة، وفي غيرها من المدن والبلدات والقرى الفلسطينية، من عمليات قتل يومي تنفذها قوات الاحتلال الإسرائيلي، والتي تستهدف بالدرجة الأولى إرهاب الشعب الفلسطيني، ومحاولة يائسة منها لاخضاع جذوة مقاومته العنيدة، و تصميمه على رفض الاحتلال، ومقاومة مخططاته للضم والتصفية التي تسابق فيها حكومة الاحتلال الزمن لاملائها على الأرض، وهي في الواقع تذكرنا بالجرائم الإرهابية التي نفذتها العصابات الصهيونية لتهجير وطرد الشعب الفلسطيني من أرضه عشية نكبة عام 1948 .
الملفت للانتباه ، وبما يشبه الكوميديا السوداء، أن حكومة الثلاثي "نتانياهو - سموتريتش - بن غفير " تقوم بجرائم القتل تلك وبمساندة من الادارة الأمريكية بذريعة ما يسمى "بتقوية وتمكين السلطة الفلسطينية" و جزّ ما يطلق بعضهم عليه "بالأعشاب السامة" تحت غطاء ما يعرف بتفاهمات العقبة وشرم الشيخ ، أي تصفية المتمردين على تلك المخططات، والتي لا تستطيع القيام بها. ذلك كله يتم تحت عباءة التنسيق الأمني الذي لم يعد له أي وظيفة سوى حماية أمن الاحتلال والاستيطان، وعدم المس بقدرته على تنفيذ مخططاته، التي لم تعد تقبل التأويل، لاجتثاث مجرد التفكير بانهاء الاحتلال وانتزاع دولة فلسطينية مستقلة. ومرة أخرى يجري ذلك بتنسيق مع أجهزة الاستخبارات الأمريكية التي ما فتأت ادارتها تتحدث عن حل الدولتين كشعار فارغ دون مضمون عملي أو سياسي، وهمها الأوحد توسيع حالة التطبيع مع الدول العربية بلا أي ثمن، سيما فيما يتصل بالقضية الفلسطينية والصراع الفلسطيني الاسرائيلي .
السؤال الذي يدور في صدور الناس هو : كيف للسلطة الفلسطينية والاتجاة المهيمن على حزبها الحاكم أن تأخذ موقفاً رمادياً ملتبساً، بل وتضع نفسها في مواجهة إرادة الصمود الوطني الذي عبر عنه مخيم جنين وبلدة نابلس القديمة والعديد من المخيمات والمواقع؛ دون أن تدرك هذه القيادة المهيمنة على السلطة؛ أن الشعب الفلسطيني الذي قدم لها الفرصة تلو الأخرى منذ نشأتها، لكي، أولاً يتجنب الصدام الداخلي، وثانياً لعل هذه القوى المهيمنة على المشهد الانقسامي تراجع مسيرتها وتنصاع لارادة شعبها في الوحدة والمقاومة. إلا أنه بات من الواضح أن صبر الشعب قد نفد و بات على قناعة بأن الخطر بات يمس بصورة ماثلة للعيان،ليس فقط مستقبل قدرته على انتزاع حقوقه، بل ويهدد وجوده وقدرته على البقاء في هذه البلاد.
النهوض في مواجهة العدوانية
في مواجهة هزيمة حزيران واستكمال احتلال فلسطين، شكلت معركة الكرامة نقطة تحول استراتيجية مكنت حركة فتح وفصائل المقاومة الفلسطينية من امتلاك زمام المبادرة لقيادة مسيرة الثورة. كما أنه في مواجهة نتائج الحرب على لبنان وقوات منظمة التحرير و اجلائها من خطوط المواجهة الشمالية، انفجرت الانتفاضة الكبرى. ومن البديهي اليوم، وفي ظل هذه العدوانية الفاشية، أن تنفجر بؤر المقاومة بأشكالها المتنوعة، سيما في ظل غياب استراتيجية وطنية توحد المقاومة في خدمة الاهداف الوطنية. فالجديد هذه المرة أن بؤر المقاومة تلك تنهض من ركام الانقسام و حالة الانهيار أو شبه الانهيار التي تتسم بها الحركة الوطنية، وفي ظل تمسك قيادة السلطة بالتزاماتها الأمنية التي تضعها أو تكاد في مواجهةٍ مع شعبها، وعلى حساب الحاضنة الشعبية التي انطلقت منذ معركة الكرامة وصمود بيروت والانتفاضة الكبرى . وأيضاً في ظل سعي حركة حماس لإجمال ما يسمى بهدنة طويلة الأمد تُكرِّس الانفصال، وتعزل غزة عن دورها التاريخي كرافعة للحركة الوطنية وصون هوية شعبنا الموحدة .
تكرار المأساة:كوميديا سوداء
هل التاريخ يعد نفسه بهذه الكوميديا السوداء التي دفع الشعب الفلسطيني ثمنها من دمه وتضحياته وأرضه؟ وهل الحركة الوطنية بزعامة "فتح الكرامة" ستظل حبيسة أزمتها لتؤبن مسيرتها، مضحية بمسيرة وتضحيات عشرات آلاف الشهداء ، على مذبح وهم السلام وسراب الصراع الانقسامي على "شرعية مزعومة" مع حركة حماس، والتي تشكل الوجه المأساوي الآخر لمفهوم الحكم والسلطة تحت حراب الاحتلال، والهدنة طويلة الأمد الوجه الآخر للتنسيق الأمني وكلاهما بالمجان .
نفاد صبر الناس
ردات الفعل الشعبية التي أعقبت معركة مخيم جنين، هي بمثابة الجرس الأخير والضوء الأحمر الذي يجب أن يشعل حواس ومسؤولية الجميع، وبغض النظر عن ملابساته، وربما خروجه عن تقاليد شعبنا خاصة خلال تشييع الشهداء، إلا أنه يعكس نفاد صبر الناس، ومدى حاجتها لمراجعة مسيرة التآكل وأسباب العزلة التي تعيشها الحركة الوطنية وقواها الرئيسية، ومجمل نظامها السياسي المتهالك .
الاختبار الأخير: حكومة الوحدة والصمود
الاختبار الأخير، هو فيما سيتمخض عنه اللقاء المحتمل عقده للامناء العامين، والذي اعلنت مصر احتضانها له في نهاية الشهر الجاري، سيما لجهة مدى القدرة على الخروج من هكذا اجتماع بموقف وطني موحد يقطع مع أسباب الانهيار والتفكك، ويفضي إلى خارطة طريق وطنية تجسد حاجة الشعب الفلسطيني ومكانة قضيته الوطنية لانهاء الانقسام بصورة فورية، وأن يعلن عن تشكيل حكومة "الوحدة والصمود والانقاذ الوطني" الانتقالية، والتي يجب أن تضم الجميع وتضعهم أمام مسؤولياتهم ،بما يعني وأد التفلّتات الانفصالية في غزة، وتهديدات العصا والحلول الأمنية في الضفة، وما ينذران به من أخطار استراتيجية تكاد تكون وجودية، واستعادة مكانة المؤسسات الوطنية الجامعة على صعيد المنظمة والسلطة تمهيداً لاعادة الأمانة والحقوق الدستورية للشعب، وتمكينه دون مواربة أو تلاعب من انتخاب قيادته الوطنية في اطار منظمة التحرير الموحدة واستعادة طابعها الجبهوي باعتبارها الممثل الشرعي الوحيد لشعبنا وقائدة نضاله التحرري، واعادة بناء وظيفة ودور السلطة الوطنية وفق أولوية الصمود والقدرة على البقاء ومواجهة المخاطر المحدقة. هذا هو الاختبار العملي بعيداً عن الاستهلاك الاعلامي وهدر الوقت. وأما الاستمرار في المراوغة والرهانات الفاشلة، والتخلي عن مقتضيات المسؤولية الوطنية، والصراع على شرعية التمثيل تحت حطام ما خلفه الانقسام المدمر فلم تعد تنطلي على أحد ويتم لفظها تدريجياً من الناس . هذا الزمن قد ولّى، فقد أدركت الأغلبية الساحقة طريقها نحو الحرية .
دلالات
المزيد في أقلام وأراء
سيادة العراق ولبنان في خندق واحد
كريستين حنا نصر
إسرائيل ترفع وتيرة قتل الفلسطينيين
حديث القدس
توفير الحماية العاجلة والفورية لأطفال فلسطين
سري القدوة
حقائق حول انضمام فلسطين للمحكمة الجنائية الدولية وصولاً لمذكرات الاعتقال
د. دلال صائب عريقات
سموتريتش
بهاء رحال
مبادرة حمساوية
حمادة فراعنة
Google تدعم الباحثين بالذكاء الاصطناعي: إضافة جديدة تغيّر قواعد اللعبة
بقلم :صدقي ابوضهير باحث ومستشار بالاعلام والتسويق الرقمي
التعاون بين شركة أقلمة والجامعات الفلسطينية: الجامعة العربية الأمريكية نموذجاً
بقلم: د فائق عويس.. المؤسس والمدير التنفيذي لشركة أقلمة
أهمية البيانات العربية في الذكاء الاصطناعي
بقلم: عبد الرحمن الخطيب - مختص بتقنيات الذكاء الاصطناعي
ويسألونك...؟
ابراهيم ملحم
الحرب على غزة تدخل عامها الثاني وسط توسّع العمليات العسكرية الإسرائيلية في الجبهة الشمالية
منير الغول
ترامب المُقامر بِحُلته السياسية
آمنة مضر النواتي
نعم لملاحقة مجرمي الحرب وتسليمهم للقضاء الدولي
حديث القدس
مآلات سياسة ترامب الاقتصادية أميركياً وعربياً
جواد العناني
سيناريوهات ثلاثة: أحلاها مر... ولكن
أسعد عبد الرحمن
جنوب لبنان وغزة بين جدلية وحدة الجبهات والاستقلالية التكتيكية
مروان أميل طوباسي
الضـم ليس قـدراً !!
نبهان خريشة
دور رجال الإصلاح وزعماء العشائر في تعزيز السلم الأهلي والحاجة الملحة لضرورة تشكيل مجلس للسلم الأهلي في المحافظة
معروف الرفاعي
الفيتو الأمريكي: شراكة حقيقية في حرب إبادة شعبنا
حديث القدس
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
أحمد لطفي شاهين
الأكثر تعليقاً
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
"الجنائية" تتحرك أخيراً ضد الجُناة.. قِيَم العدالة في "ميزان العدالة"
اللواء محمد الدعاجنة قائداً للحرس الرئاسي
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
زعيمة حركة استيطانية تدخل غزة بدون علم الجيش لإعادة الاستيطان
هولندا: سنعتقل نتنياهو تنفيذا لقرار المحكمة الجنائية الدولية
ترمب يرشح طبيبة من أصل عربي لمنصب جراح عام الولايات المتحدة
الأكثر قراءة
نتنياهو و"الليكود" يتربصان بغالانت لفصله من الحزب وإجباره على التقاعد
لائحة اتهام إسرائيلية ضد 3 فلسطينيين بزعم التخطيط لاغتيال بن غفير ونجله
ماذا يترتب على إصدار "الجنائية الدولية" مذكرتي اعتقال ضد نتنياهو وغالانت؟
الكونغرس يقر قانون يفرض قيودا صارمة على المنظمات غير الربحية المؤيدة للفلسطينيين
نتنياهو يقمع معارضيه.. "إمبراطورية اليمين" تتحكم بمستقبل إسرائيل
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
أسعار العملات
السّبت 23 نوفمبر 2024 10:34 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.7
شراء 3.69
دينار / شيكل
بيع 5.24
شراء 5.22
يورو / شيكل
بيع 3.85
شراء 3.83
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%53
%47
(مجموع المصوتين 93)
شارك برأيك
بعد جنين .. فلسطين إلى أين ؟!