أقلام وأراء
الثّلاثاء 04 يوليو 2023 10:19 صباحًا - بتوقيت القدس
حرب الضم الاسرائيلية وتيه القيادة الفلسطينية
من الواضح أن حرب جيش الاحتلال الاسرائيلي ومستوطنيه ضد شعبنا، والتي لم تتوقف يوماً،بل، تتصاعد بصورة غير مسبوقة في هذه المرحلة، وخاصة في مخيم جنين ومدينة نابلس وغيرها من المدن والمناطق الفلسطينية، سيما تلك التي تتنامى فيها روح الوحدة والمقاومة، هي ليست مجرد حرب لتصفية بؤر المقاومة بالمعني الأمني المجرد كما تحاول اسرائيل تسويقها، بقدر ما هي جزء من خطة اسرائيلية متكاملة متعددة الأبعاد وواضحة الهدف، وهو تصفية القضية الفلسطينية، وضم معظم أراضي الضفة الغربية إن لم يكن جميعها.
فما يجري منذ فجرأمس الاول في مخيم جنين، وقصف أهداف مدنية بما في ذلك مسرح الحرية وغيره من منشآت المخيم وبيوته المتهالكة، و البنية التحتية لمحيطه، إنما ينبئ برائحة مجزرة دموية تحاكي ما جرى في العام 2002، ولكن بحرص شديد لتجنب مثل تلك الخسائر التي تكبدها جيش الاحتلال في حينه. من المؤكد أن اعتماد الخيار العسكري كخيار أساسي في محاولة اخضاع كل جيوب المقاومة، والتي يقف مخيم جنين ومحيطه في صدارتها، هو مقدمة لاخضاع الشعب الفلسطيني لتلك المخططات الاجرامية المُحْكمة التخطيط عسكرياً وسياسياً.
فحكومة سموتريتش- بن غڤير بزعامة نتانياهو تعتقد واهمة أن الطريق للضم باتت سالكة، وهي تواصل تضليل العالم بأنها تخوض حرب ما تسميه" بحرب اجتثاث الارهاب"، والتي كما يبدو أنها تحظى بالموافقة الأمريكية عليها، هي حرب تهدف بشكل جوهري إلى إخضاع الذين يقفون في مواجهة خطتها، مدعية أنها تدافع عن وجودها ، وما تسميه بأمن مواطنيها. كما أن تلك الحكومة الارهابية تعتقد في نفس الوقت أن حالة الخنوع التي تعيشها القوى المهيمنة على المشهد الانقسامي تمكنها من تحقيق أهدافها بانهاء القضية الفلسطينية، والتي هي في واقع الأمر الضم الكامل للأرض الفلسطينية المحتلة ، مستبعدة ربما في اللحظة الراهنة ضم الكتل السكانية في المدن الرئيسية، في محاولة منها لتقليل خطر الانزياح نحو الخيار الوحيد المتبقي لمستقبل الصراع وهو الدولة الواحدة، وما يترتب عليه من خطر ديمغرافي، طالما سعت المؤسسة الاسرائيلية الحاكمة لتقليله، سواء كان ذلك بالحديث عن حل دولتين كما جرى في عهد بيريس، أو تكريس "دولة" غزة الانفصالية والتي تتكرس منذ الانقسام الحمساوي في قطاع غزة. ذلك في انتظار تحولات إقليمية ودولية تسعى إسرائيل سواء لخلقها أو لاستثمارها بأقصى الحدود لتنفذ خطة التهجير"الترانسفير" واستكمال ما لم تنجزه خلال نكبة عام 1948.
يبدو أن إدارة بايدن لا تمتلك سوى قلة الحيلة وعدم الاكتراث سوى ببقاء السلطة بعجزها غير المسبوق حد حافة الانهيار، ويقيني أن هذا الحرص على بقاء السلطة، وهي في حالة الشلل تلك، هي جزء من خطة حكومة الاحتلال، في سياق سعيها الشديد لعدم تحمل مسؤولية "السكان"، ومرة أخرى لتجنب الاندفاع السريع نحو حل الدولة الواحدة، حيث تواصل هذه الادارة الحديث الأجوف عن حل الدولتين ، في وقت ترى فيه بالعين المجردة تشييع هذا الخيار مع كل شهيد تغتاله قوات الاحتلال وكل بيت تهدمه، وكل جريمة عنصرية وارهابية تنفذها جنباً لجنب مع ميليشيات المستوطنين الاجرامية. ومع ذلك تستمر قيادة السلطة في اللهاث وراء وهم استعادة مسار المفاوضات، بما في ذلك محاولات ترويج لقائي العقبة وشرم الشيخ بأنها استهدفت ذلك، بينما لم يُنتج هذان الاجتماعان سوى مفهوم أمني هو مصلحة اسرائيلية بحتة، مهدت لما يجري من جرائم دموية وتحويل القضية الفلسطينية إلى مجرد وكالة أمنية في اطار مخططات الاحتلال .
نتانياهو الذي يُسارع لعقد إجتماعات أمنية على أعلى المستويات لبحث واقع السلطة الوطنية ومصيرها، بعد أن سبق وأعلن أن وجود السلطة هي مصلحة اسرائيلية بحته تتطلب الحرص على بقائها، مؤكداً حرصه على انتزاع ما أسماه بوهم تحقيق الدولة من عقول قادتها، يدرك تماماً أن ما يجري يصب في خدمة خروجه من المأزق الداخلي الذي تعيشه حكومته العنصرية، ومع هذا الخروج يعتقد هو وشريكيه بن غفير وسموتريتش من مأزق الصهيونية التاريخي بوهم استكمال النكبة والتهجير .
اذا انطلق نتانياهو من تقييم واقع السلطة ومدى عزلتها عن نبض شعبها، أو لهاث حماس لوراثة السلطة المتهالكة ، فلن يستنتج سوى المضي بمخططاته والقاء بعض الفتات لطرفي الانقسام .وفي المقابل فإن أجهزته الأمنية تعلم مدى عناد الشعب الفلسطيني واستعداده للتضحية في سبيل حقوقه، وأن العقبة التي تقف في طريق مخططاته ليست مجرد بؤر مقاومة يمكن عزلها وتصفيتها ، بل هي الأغلبية الساحقة من الشعب الفلسطيني في كافة أماكن تواجده . فنقطة الضعف اطلاقاً لا تتمثل في انهاك الشعب الفلسطيني، الذي يزداد تشبثاً بأرضه وحقوقه، بل في قيادته التي باتت عاجزة ومتهالكة بفعل انقسامها.
بينما أكتب هذه السطور تستعد القيادة الفلسطينية لعقد اجتماعها لبحث ما يجري في جنين ومخيمها . فما الذي ستتخذه من قرارات وتوجهات غير الادانة والتنديد، وبما يعزز صمودها في مواجهة العدوان؟ بعد أن دأبت دوماً على التلويح بتجميد علاقة التعاون الأمني مع اسرائيل، بينما، وفي نفس اللحظة تؤكد للادارة الأمريكية التزامها بالتنسيق والتعاون الأمني، خشية أن تتهدد مصالحها بارساء عطاء هذه الوكالة على حماس التي تبدي استعداداً لمناقصات مغرية لنيلها .
لقد سئم الشعب الفلسطيني تلك المعزوفة التي باتت كمثل الغريق الذي يكرر ادعاء الغرق، وعندما سقط فيه لم يهب أحد لانقاذه، فمصداقيته كانت قد سبقته للموت. أما ما لا يدركه ثلاثي الاجرام نتانياهو ومعه شريكاه سموتريتش - بن غفير هو أن الشعب الفلسطيني لا يملك ترف الاستسلام، وأن على نتانياهو وچالانت أن يستدعيا جنرالات الجيش المتقاعدين منذ الانتفاضة الشعبية الكبرى ليتعلم منهم الدرس الفلسطيني، حيث كانوا جميعاً قد تفاجأوا بعبقرية هذا الشعب العنيد بحكمته و صلابته وطول نفسه في معركة لن تنتهي سوى بالحرية وتقرير المصير . و على القيادة الفلسطينية على ضفتي الانقسام أن تدرك أن المدخل الوحيد لمواجهة هذه الحرب وأهدافها هو الوحدة والديمقراطية وتعزيز صمود الناس، وبغير ذلك يكون بقاء الحال من المحال .
فالشعب باقٍ والاحتلال والانقسام إلى زوال .
دلالات
المزيد في أقلام وأراء
نعم لملاحقة مجرمي الحرب وتسليمهم للقضاء الدولي
حديث القدس
مآلات سياسة ترامب الاقتصادية أميركياً وعربياً
جواد العناني
سيناريوهات ثلاثة: أحلاها مر... ولكن
أسعد عبد الرحمن
جنوب لبنان وغزة بين جدلية وحدة الجبهات والاستقلالية التكتيكية
مروان أميل طوباسي
الضـم ليس قـدراً !!
نبهان خريشة
دور رجال الإصلاح وزعماء العشائر في تعزيز السلم الأهلي والحاجة الملحة لضرورة تشكيل مجلس للسلم الأهلي في المحافظة
معروف الرفاعي
الفيتو الأمريكي: شراكة حقيقية في حرب إبادة شعبنا
حديث القدس
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
أحمد لطفي شاهين
الميدان يرد بندية على ورقة المبعوث الأمريكي الملغّمة
وسام رفيدي
تماسك أبناء المجتمع المقدسي ليس خيارًا بل ضرورة وجودية
معروف الرفاعي
المطاردون
حمادة فراعنة
فيروز أيقونَة الغِناء الشَّرقي.. وسيّدة الانتظار
سامية وديع عطا
السلم الأهلي في القدس: ركيزة لحماية المجتمع المقدسي ومواجهة الاحتلال
الصحفي عمر رجوب
إسرائيل تُفاقم الكارثة الإنسانية في غزة
حديث القدس
شتاء غزة.. وحل الحرب وطين الأيام
بهاء رحال
المقاومة موجودة
حمادة فراعنة
وحشية الاحتلال بين الصمت الدولي والدعم الأمريكي
سري القدوة
هوكشتاين جاء بنسخة لبنانية عن إتفاق أوسلو!
محمد النوباني
ماذا وراء خطاب نتنياهو البائس؟
حديث القدس
مآلات موافقة حزب الله على ورقة أمريكا الخبيثة
حمدي فراج
الأكثر تعليقاً
أبو الغيط: الوضع في فلسطين غير مقبول ومدان ولا يجب السماح باستمراره
الأردن: حكم بسجن عماد العدوان 10 سنوات بتهمة "تهريب أسلحة إلى الضفة"
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
ضابط إسرائيلي يهرب من قبرص بسبب غزة
سموتريتش يضع البنية التحتية المنطقة (ج) في مهبّ أطماع المستوطنين
مصطفى: الصحفيون الفلسطينيون لعبوا دورا محوريا في فضح جرائم الاحتلال
واشنطن ترفض قرار المحكمة الجنائية الدولية بإلقاء القبض على نتنياهو وغالانت
الأكثر قراءة
الكونغرس يقر قانون يفرض قيودا صارمة على المنظمات غير الربحية المؤيدة للفلسطينيين
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
الأونروا: فقدان 98 شاحنة في عملية نهب عنيفة في غزة
بعد مرسوم بوتين.. هل يقف العالم على الحافة النووية؟
زقوت في حوار شامل مع "القدس".. خطة حكومية لوضع دعائم بناء دولة مستقلة
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
ضابط إسرائيلي يهرب من قبرص بسبب غزة
أسعار العملات
الأربعاء 20 نوفمبر 2024 9:43 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.74
شراء 3.73
دينار / شيكل
بيع 5.28
شراء 5.26
يورو / شيكل
بيع 3.96
شراء 3.95
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%54
%46
(مجموع المصوتين 80)
شارك برأيك
حرب الضم الاسرائيلية وتيه القيادة الفلسطينية