Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo

أقلام وأراء

الخميس 01 يونيو 2023 10:09 صباحًا - بتوقيت القدس

معايير مزدوجة أم معيار واحد أوحد؟

من أكثر التعابير استخداماً في الخطاب السياسي الفلسطيني الرسمي عند وصف السياستين الأوروبية والأمريكية، بانها تتبنى معاير مزدوجة عند النظر للمسألة الفلسطينية، وأحياناً يستعاض عنه بتعبير القياس بمكيالين. هل نحن حقاً أمام معايير مزدوجة أم إن المسألة عدم إدراك لجوهر هاتين السياستين، أو لنقل استخدام لتعبير دبلوماسي ملطف لا يقطع الجسور مع السياستين؟


إذا كان من الصحيح ان للدبلوماسية، في أحيان كثيرة، تعابيرها وصياغاتها وبالمجمل خطابها، وللسياسة والفكر تعابيرهما وصياغتهما وخطابهما، غير أنه من الخطورة بمكان تحول الخطاب الدبلوماسي لخطاب الفكر السياسي فنغدو حينها ليس أمام تشويه للحقائق فحسب، بل وتشويه لوعي المتلقي للخطاب وهو في هذه الحالة شعبنا.


لنأخذ مثلاً الموقف الأوروبي والأمريكي من العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا مقارنة بذات الموقف من الاستعمار الصهيوني. في الموقف الأول بلغ العداء لروسيا أوجه، وكذا الإجراءات العقابية التي تتلاحق منذ أكثر من سنة، وفُتحت الترسانة العسكرية الأوروبية والأمريكية أمام زيلينيسكي ونازييه، واصطبغ هذا العداء بخطوات وخطاب عنصري فج وصل حد مقاطعة الرياضة والفنون والموسيقى والغناء والثقافة الروسية حتى بلغ الجنون العنصري حد اتخاذ جامعة ايطالية قراراً بشطب تدريس تولستوي من مقرراتها الأكاديمية، فيما جرى فتح الأبواب وتقديم المساعدات للأوكرانيين اللاجئين ذوي الشعر الأشقر والعيون الزرق والخضر، فيما تقر خطوات للوقوف بوجه هجرة الأفارقة والأسيويين وهذا مايجري في بريطانيا وايطاليا وغيرهما مثلاً.


بالمقابل الاستعمار الصهيوني لم يقم بمجرد عملية عسكرية في فلسطين، ولا حتى مجرد غزو، بل ترحيل وتطهير عرقي من نتيجته ترحيل 850 الف فلسطيني في العام 48 هم اليوم 7 ملايين لاجيء، واستعمار كل فلسطين وإغراقها بالمستوطنين المجلوبين من كل بقاع الأرض، وإدارة الظهر لعشرات القرارات الأممية التي يرفض الصهاينة الإلتزام بها وبدعم أوروبي أمريكي في الأمم المتحدة.


ما الرد الأمريكي والأوروبي على كل العدوانية الاستعمارية الصهيونية: الإدانة والقلق، وفي أكثر الحالات تطرفاً التنديد الشكلي. لم تفرض عقوبات كما في حالة روسيا، ولم تشن الحرب على الاستعمار الصهيوني كما في حالة روسيا حيث الأطلسي برمته رمى بثقله هناك في المعركة، لا بل تحولت دولة المستعمرين لترسانة عسكرية ضخمة بفعل الدعم الأمريكي والأوروبي، لا بل وتزويدها بمقدرات صناعة أسلحة نووية.


هل نحن والحال هذا، أمام معايير مزدوجة وكيل بمكيالين، معيار للموقف من روسيا وعمليتها العسكرية، ومعيار للموقف من المستعمر الصهيوني لفلسطين؟ نهائيا فالمعيار واحد. فالسياسة الأمريكية والأوروبية تحركها العقلية الامبريالية ذاتها وإن اختلفت هذه عن تلك ببعض الرتوش، وعلى العموم كل الرهان على استقلالية ما لأوروبا عن أمريكا باءت بالفشل، فالسياسة الأوروبية مجرد تابع ذليل للسياسة الأمريكية ويتأكد هذا باستمرار، من حيث الجوهر، في الحالتين فلسطين وروسيا.


إنه معيار واحد. الهيمنة على مقدرات الشعوب ومنع تطور قوى معادية، أو بالحد الأدنى منافسة، للنفوذ الأمريكي والأوروبي الإمبريالي. (معيار الهيمنة المطلقة)، إن جاز التعبير، هو الذي حرك الأطلسي بفرعيه الأمريكي والأوروبي ضد روسيا منعاً لتحولها لقوة مواجهة للنفوذ الأمريكي وهو تحرك بدأ منذ انقلاب 2014، قوة تسعى لتغيير قواعد النظام الدولي الذي يضمن هيمنة الامبريالية الأمريكية المطلقة، وهو ذات التوجه في إظهار العداء للصين وتصعيد الموقف ضدها، وهو ذات المعيار الذي يحكم الدعم المطلق الأوروبي والأمريكي للاستعمار الصهيوني في فلسطيني، ضمان احتجاز تطور المنطقة العربية وضرب اية محاولات لتحررها من الهيمنة، وتحويل دولة المستعمرية لإمبريالية صغرى، حسب التعبير الموفق للراحل د.


 حبش، وأداة ضاربة بيد الامبريالية الأمريكية. ويمكن ببساطة سحب ذات المعيار على الموقف الأوروبي والأمريكي من إيران وسوريا وحزب الله في لبنان: السعي الحثيث لضرب الجهود المتوجهة لبناء محور مقاوم للنفوذ الأمريكي والأوروبي والصهيوني دفاعاً عن الامبريالية الصغرى ودورها في المنطقة واحتلالها لفسطين.


إن السياسة الأمريكية والأوروبية في المنطقة لا يوجهها من حيث الجوهر المصالح الرأسمالية المشتركة بين الأوربيين والأمريكان والصهاينة فحسب، بل من حيث الجوهر الانتماء لذات المعسكر الأيديولوجي تاريخياً: معسكر الرجل الأبيض العنصري تجاه كل مَنْ هو خارج أوروبا.


 حتى الروسي يغدو اسيوياً وفق هذه النظرة العنصرية. وما دولة المستعمرين إلا دولة الإشكناز الصهاينة البيض.


لا معايير مزدوجة بل معيار واحد يحرك السياستين الأوروبية والأمريكية، هو العداء لطموحات الشعوب في الاستقلال، ومنها شعبنا، وايجاد موقع لها على خريطة العالم بعيداً عن الهيمنة الإمبريالية.

دلالات

شارك برأيك

معايير مزدوجة أم معيار واحد أوحد؟

المزيد في أقلام وأراء

سيادة العراق ولبنان في خندق واحد

كريستين حنا نصر

إسرائيل ترفع وتيرة قتل الفلسطينيين

حديث القدس

توفير الحماية العاجلة والفورية لأطفال فلسطين

سري القدوة

حقائق حول انضمام فلسطين للمحكمة الجنائية الدولية وصولاً لمذكرات الاعتقال

د. دلال صائب عريقات

سموتريتش

بهاء رحال

مبادرة حمساوية

حمادة فراعنة

Google تدعم الباحثين بالذكاء الاصطناعي: إضافة جديدة تغيّر قواعد اللعبة

بقلم :صدقي ابوضهير باحث ومستشار بالاعلام والتسويق الرقمي

التعاون بين شركة أقلمة والجامعات الفلسطينية: الجامعة العربية الأمريكية نموذجاً

بقلم: د فائق عويس.. المؤسس والمدير التنفيذي لشركة أقلمة

أهمية البيانات العربية في الذكاء الاصطناعي

بقلم: عبد الرحمن الخطيب - مختص بتقنيات الذكاء الاصطناعي

ويسألونك...؟

ابراهيم ملحم

الحرب على غزة تدخل عامها الثاني وسط توسّع العمليات العسكرية الإسرائيلية في الجبهة الشمالية

منير الغول

ترامب المُقامر بِحُلته السياسية

آمنة مضر النواتي

نعم لملاحقة مجرمي الحرب وتسليمهم للقضاء الدولي

حديث القدس

مآلات سياسة ترامب الاقتصادية أميركياً وعربياً

جواد العناني

سيناريوهات ثلاثة: أحلاها مر... ولكن

أسعد عبد الرحمن

جنوب لبنان وغزة بين جدلية وحدة الجبهات والاستقلالية التكتيكية

مروان أميل طوباسي

الضـم ليس قـدراً !!

نبهان خريشة

دور رجال الإصلاح وزعماء العشائر في تعزيز السلم الأهلي والحاجة الملحة لضرورة تشكيل مجلس للسلم الأهلي في المحافظة

معروف الرفاعي

الفيتو الأمريكي: شراكة حقيقية في حرب إبادة شعبنا

حديث القدس

من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها

أحمد لطفي شاهين

أسعار العملات

السّبت 23 نوفمبر 2024 10:34 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.7

شراء 3.69

دينار / شيكل

بيع 5.24

شراء 5.22

يورو / شيكل

بيع 3.85

شراء 3.83

هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟

%53

%47

(مجموع المصوتين 93)