Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo

أقلام وأراء

السّبت 20 مايو 2023 9:32 صباحًا - بتوقيت القدس

تقليدية التعليم أم حواريته بين الطريقة والأساليب

منذ القدم وهناك حاجة لاكتساب المعرفة، وخلال العقود المختلفة تطورت طرق اكتساب المعرفة إلى أنْ وصلت في العصور الحديثة إلى استخدام طرق جديدة، في القرن العشرين والقرن الواحد والعشرين، زاد التطور التكنولوجي وتسخير الآلة لخدمة الإنسان، وهنا أصبح اكتساب المعرفة يعتمد على طرق ونظريات شتى، منها ما يتوافق مع كل البيئات ومنها ما يحتاج إلى بيئات خاصة.


ولا شك بأنّ الجميع يسعى إلى تقديم المعرفة بشكل صحيح، فظهرت طرق ووسائل واستراتيجيات التدريس الحديث، والتي قدمت الكثير من الطرق التي يمكن أن تنمي العقل البشري، وتساعد على اكتسابه للمعرفة، وهذه الطرق تنوعت ما بين مستثير للعقل، وما بين متلقي يحاول فقط اكساب المعرفة بالحفظ والتلقي وليس بالتحليل والاستنتاج، وهذين النوعين من التعليم ظهرا بكثرة في المدارس الحديثة اليوم.


وما بين التناغم بينها أو اختيار إحداها باعتبار أنّ هذه الطرق تمثل النظريات الحديثة والكلاسيكية في التعليم، يرى المعلمون أنّ الحاجة إلى كافة الطرق لتنمية القدرات التعليمية، استخدامها حسب المنهج الدراسي، وطبيعة المعلومات التي يريد المعلم أن تصل الطالب، أمّا اختيار الوسيلة المناسبة مع الدرس فيعتمد على الطريقة التي يريد فيها المعلم ان يوصل المعلومات للطالب.
إذ كانت النظرة التقليدية إلى المعلم على أنه الخبير في نقل المعلومات إلى المتعلمين، وإصدار التوجيهات والأوامر فيما يجب أن يفعلوه أو يحفظوه. لكن النظرة إلى المعلم تطورت مع تطور الدور الذي يجب أن يقوم به، إلى أن أصبح المعلم منسقاً وميسراً لعملية التعليم والتعلم، داخل حجرة الدراسة وخارجها، فيشجع المتعلمين على البحث والاستقلال في التفكير والمحاكمة، وينمي الخيال المبدع.


وينشأ الوعي المدرك من قبل المعلم حول الطريقة المستخدمة في التدريس لديه من قناعته المطلقة بضرورة ارسال الشحنات الإيجابية للطلبة في المادة التي يدرسها، وهذه الشحنات عبارة عن وعي من المعلم بالأسلوب الصحيح الذي يسهل علمية وصول المعلومات الى الطلبة ويعرفونها ويستخدمونها ويمكن أن يبدعوا فيها أيضا.


ليس هذا فقط، إذ ينشأ عن الطريقة الصحيحة في التدريس تحقيق للأهداف التي يسعى المعلم لإيصالها، تحقيق أيضاً للمعرفة المكتسبة بما يجعل الطلبة قادرين على البناء عليها تراكمياً، فالطريقة هي المسار الجميل الذي يسلكه المعلم معتمداً على خبرته وثقافته ووعي، ومدى معرفته بما يطرح من معلومات، وبالمسار الصحيح الذي يسير عليه للوصول الى الحقائق التي يطلقها من اجل الطلبة.


ويرى ديوي أن الطريقة والأسلوب له دور فعال وحيوي في سبيل تعزيز الفهم والاستيعاب لدى الطالب، وهي التي تحدد مستوى القدرات العقلية عند الطالب، كما يتم من خلالها تحديد الفروق الفردية بين الطلبة، إذ توازي طريقة المعلم في نقل المعلومات، التقييم العام الذي يتبعه المعلم في البداية ليحدد قدرات الطلبة والامكانيات العقلية في الاستيعاب والتذكر والتحليل والتركيب.


فالمعلم يجب أن يستخدم التعليم الفعال والطرائق المناسبة والأساليب الملائمة لقدرات الطلاب واستعداداتهم، وأن يقوم المعلم بدور المرشد والمدرب الشخصي والخبير والمتخذ للقرار، وأن يكون مؤهلا للتعامل مع عالم المعلومات والاتصالات بامتلاك المهارات المناسبة لاستخدام الحاسوب والانترنت، وأن يمارس مبدأ القدوة الحسنة أمام طلابه وبيئته المدرسية ومحيطها الاجتماعي، وأن ينفتح على كل جديد مفيد يمكنه من الإبداع والابتكار في عصر المعلوماتية، وأن يكون قادرا على إدارة العملية التعليمية الفعالة والمتفاعلة مع البيئة التكنولوجية


لذلك على المعلم أن لا يعتمد طريقة واحدة في التدريس ولا حتى أسلوبا واحدا كون هذا أدى الى وصول الطالب الى حالة من الملل، فاستخدام الطريقة ذاتها في كافة المسارات يمكن أن تؤدي الى الملل من ناحية، والى اكساب المنهج تعقيدا آخر، وعليه فإن التنويع في الطرق المستخدمة، وأن تكون فردية إبداعية ابتكارية من قبل المعلم، فإن هذا يدعم تقديم المعلومات بثقافة الوعي والتجربة المؤدية في النهاية الى معلومات حقيقة وصلت الى الطالب يستطيع تضمنيها في حياته حسب احتياجه لها، اما الملل الناتج عن الطرق التقليدية، فهذا يؤدي الى اخفاق المعلم أولا والطالب ثانيا في استيعاب المطلوب من المنهج، ويكون مستوى الوعي بهذه المادة قليل .


بشكل عام فالتعليم البنكي ليس جامداً متسلطاً كما وصفه فرايري، وهو ليس عملية تجهيلية وتصفية لعقل الطالب بحقنه بالمعلومات دون إدراك منه لماهية هذه المعلومات، إذ إنه انتقص من هذا النوع من التعليم الذي استمر لعقود طويلة، لكنه حقيقة خرّج الكفاءات العقلية التي انارت لهذا العالم طريق الوصول الى التقدم والازدهار، وهنا يمكن القول أن هناك حاجة للتواصل بين الطرق القديمة التي تعتمد المعلم كأساس للعملية التعليمية، والطرق الحديثة التي تدمج بين المعلم والطالب والمنهج واعتبارهم شركاء في العملية التعليمية.


التعليم الحواري يسهم في حل المشكلات وخلق عقول بشرية إبداعية، فيما البنكي يرفع من مستوى المشكلات وتكديسها لعدم قدرة العقل هنا من القيام بمهام التفكير، إذ تعود على التلقي فقط، وبالتالي لا يجهد في حل المشكلات التي يتعرض لها في حياته، فيبقى المجتمع مختلفا ينتظر من الاخرين تقديم الحلول للمشكلات المختلفة التي يتعرض لها، فالتحدي لحل المشكلات يخلق جيلاً فعالاً مبتكرا والتعليم البنكي يخلق رجعية تعلمية وحضارة مندثرة.


أن المنهجين واقعين كل على حده، بل إنّ التعليم بشكله العام منذ زمن يعتمد على الدمج بين ما هو حواري باستحقاقه للحوارية، وما هو تلقيني تحفيظي بواقعه، إذ لا يدرس منهج الرياضيات بشكل عام تلقينياً، وانما يدرس من خلال عصف لعقول الطلبة واستنباط للنتائج فالمسائل مختلفة ولا مجال لحفظها بذات الطريقة والآلية، في حين يدرس منهج اللغة العربية والتاريخ والجغرافيا بالتلقين والحفظ، إذ لا مجال لتغيير البيت الشعري أو القاعدة أو مكان أميركا على الخارطة.


وعلى الجانب الاخر لا نرغب بانغلاق العقل ليقبل بكل شيء، والسير خلف نهج ثابت يؤدي في النهاية الى استعباد للإنسان دون السماح له بإبداء رأيه في القضايا المختلفة التي تدور في مجتمعه، ونخلص الى أن الدمج بين التعليم الحواري والبنكي يؤسس الى علاقة بين النوعين تساعد في عصف ما يستحق وإطلاق العنان الى الابداع في المجالات العلمية المختلفة، كذلك السماح للعقل البشري بقبول ما يمكن قبوله اخلاقياً ورفض ما يفرض عليه غصبا وعنوة.


وعليه فالعلاقات المتبادلة التي تنشأ بين المعلم والمتعلم ينبغي أن تتميز بالحوار والتفاعل وتبادل الخبرة بحيث تتعدى نقل المعرفة إلى تنمية القدرات وممارسة قوى التعبير والتفكير وإطلاق قوى الإبداع، وتهذيب الأخلاق وتطوير الشخصية بجملتها، كما أن على المعلم أن يمتلك روح المبادرة والنزعة إلى التجريب والتجديد، وأن يثق بنفسه في تنظيم النشاط التربوي بحرية، ويمتلك من المهارات والقدرات والمعلومات ما يجعل منه باحثا تربويا يسهم في حل المشكلات التربوية عن دراية ووعي، وعليه أن يعمل على نحو نشط في استغلال الفرص لنموه المهني، ويمتلك استراتيجيات التقييم ويستخدمها لتقويم نمو المتعلم العقلي والاجتماعي والجسمي ليضمن استمراره.
وفي النهاية يمكن القول إن العملية التعليمية تعتمد على احتياج الطالب للمعلومات ورغبته في الحصول عليها، وعلى المعلم ان يضمن ابعاد الملل عن الطلبة خلال العملية التدريسية ليكون مستوى الاستيعاب والتفاعل الصفي والمشاركة فاعلة.

دلالات

شارك برأيك

تقليدية التعليم أم حواريته بين الطريقة والأساليب

المزيد في أقلام وأراء

سيادة العراق ولبنان في خندق واحد

كريستين حنا نصر

إسرائيل ترفع وتيرة قتل الفلسطينيين

حديث القدس

توفير الحماية العاجلة والفورية لأطفال فلسطين

سري القدوة

حقائق حول انضمام فلسطين للمحكمة الجنائية الدولية وصولاً لمذكرات الاعتقال

د. دلال صائب عريقات

سموتريتش

بهاء رحال

مبادرة حمساوية

حمادة فراعنة

Google تدعم الباحثين بالذكاء الاصطناعي: إضافة جديدة تغيّر قواعد اللعبة

بقلم :صدقي ابوضهير باحث ومستشار بالاعلام والتسويق الرقمي

التعاون بين شركة أقلمة والجامعات الفلسطينية: الجامعة العربية الأمريكية نموذجاً

بقلم: د فائق عويس.. المؤسس والمدير التنفيذي لشركة أقلمة

أهمية البيانات العربية في الذكاء الاصطناعي

بقلم: عبد الرحمن الخطيب - مختص بتقنيات الذكاء الاصطناعي

ويسألونك...؟

ابراهيم ملحم

الحرب على غزة تدخل عامها الثاني وسط توسّع العمليات العسكرية الإسرائيلية في الجبهة الشمالية

منير الغول

ترامب المُقامر بِحُلته السياسية

آمنة مضر النواتي

نعم لملاحقة مجرمي الحرب وتسليمهم للقضاء الدولي

حديث القدس

مآلات سياسة ترامب الاقتصادية أميركياً وعربياً

جواد العناني

سيناريوهات ثلاثة: أحلاها مر... ولكن

أسعد عبد الرحمن

جنوب لبنان وغزة بين جدلية وحدة الجبهات والاستقلالية التكتيكية

مروان أميل طوباسي

الضـم ليس قـدراً !!

نبهان خريشة

دور رجال الإصلاح وزعماء العشائر في تعزيز السلم الأهلي والحاجة الملحة لضرورة تشكيل مجلس للسلم الأهلي في المحافظة

معروف الرفاعي

الفيتو الأمريكي: شراكة حقيقية في حرب إبادة شعبنا

حديث القدس

من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها

أحمد لطفي شاهين

أسعار العملات

السّبت 23 نوفمبر 2024 10:34 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.7

شراء 3.69

دينار / شيكل

بيع 5.24

شراء 5.22

يورو / شيكل

بيع 3.85

شراء 3.83

هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟

%53

%47

(مجموع المصوتين 93)