أقلام وأراء

السّبت 15 أبريل 2023 11:18 صباحًا - بتوقيت القدس

كيف ننتصر بلا حرب ؟

عنوان المقال مستوحى من عنوان لكتاب الرئيس الأميركي ريتشارد نيكسون "نصر بلا حرب". فبعد هزيمة إسرائيل في حرب 1973، آمن الرئيس الأميركي بأن المواجهة العسكرية مخاطرة ، وأن التفوق في التسليح لا يعنى ضمان النصر. فألف كتابه المذكور. وقامت فكرته الرئيسة على التساؤل كيف ننتصر بلا حرب؟ أي بلا ثمن. وأحد ألأسلحة الفعالة حسب نيكسون هو إطلاق حملة إعلامية مكثفة ضد العدو، والسلاح الأخر الذي لا يقل عن الأول أهمية، هو إمتلاك ناصية العلم والتكنولوجيا ومنع ذلك عن العدو، والعدو بمفهومه من يرفض الطاعة. ويقصد بالعلم الحرب الجرثومية. ومن ناحية أخرى أجاب على هذا السؤال الكاتب الأميركي جوزيف ناي بالقوة الناعمة والتي لم تعد حكرا على الدول الكبرى فقط، بل كل الدول والشعوب تملك هذه القوة وتتفاوت في درجاتها. هذا السؤال ينطبق على العلاقات العربية الإسرائيلية، ويثار اليوم على المستوى الفلسطيني الإسرائيلي . وهل الحرب كخيار نجحت في حسم الصراع لصالح أحد الطرفين.؟ عربيا لقد تحكمت الحرب في العلاقات فشهدنا خمس حروب لم تحقق الهدف منها كما يقال ان الحرب إمتداد للسياسة، وقد تكون حرب 1973 ترجمة لهذه المقولة بأن إنتهت بتوقيع إتفاقات السلام بين مصر وإسرائيل بعد أن نجحت مصر في إستعادة ارضها في سيناء التي احتلتها إسرائيل في حرب 1967، ولتفتح الباب امام معاهدات السلام مع أكثر من دولة عربية. القناعة في هذه المعاهدات أن الحرب ليست الخيار الأمثل لأي طرف في إنهاء الصراع، فلا إسرائيل قادرة على هزيمة الدول العربية ولا الدول العربية قادرة على هزيمة إسرائيل بفعل التحالف والألتزام الأميركي بأمن وبقاء إسرائيل. ناهيك ان هذه الحروب كلفت خسائر مادية وبشرية كبيرة تفسر لنا المشاكل الاقتصادية التي تعاني منها المنطقة اليوم. هذا على الجانب العربي، وماذا عن الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي؟ أولا: لا يمكن مقارنة القوة الإسرائيلية بالقوة العسكرية التي تملكها فصائل المقاومة الفلسطينية . وثانيا: مفهوم الحرب لا ينطبق على الحالة الفلسطينية الإسرائيلية بمعنى أن إسرائيل وبما تملكه من قوة يمكنها تدمير كامل الاراضي الفلسطينية ، ومن جانبها المقاومة اليوم وبما تملكه من أسلحة متطورة نسبيا وبحكم التلاصق الجغرافي يمكن أن توقع خسائر كبيرة إسرائيليا، أي أننا امام نموذج وخيار هدم المعبد على رؤوس الجميع. وثالثا : أن الخيار العسكري على المستوى الفلسطيني يستلزمه ميزانيات وإنفاقا ماليا كبيرا غير متاح ولو توفر بقدر محدود سيكون على حساب الإنفاق والبنية الاقتصادية مما يعنى ارتفاع الفقر والبطالة. ومن شروط الحرب الناجحه توفير بنية إقتصادية ومجتمعية قوية قادرة على الصمود. ورابعا: أن المحددات الجغرافية ووحدانية الأرض وتداخلها والتداخل السكاني يحولان الحرب إلى خيار مدمر. وما يؤكد هذه الفرضيات أن إسرائيل قد شنت أربع حروب على غزة الحقت بها أضرارا كثيرة زادت من نسبة الفقر والبطالة لتزيد على خمسين في المائة ولتحول الشعب الفلسطيني في غزة إلى شعب إتكالي غير منتج ينتظر المساعدات. وأيضا إسرائيل ورغم قوتها الكبيرة التي تفوق قدرات دول أخرى لا تستطيع أن تذهب بخيار الحرب بعيدا.


السؤال ما البديل للحرب ؟... الإجابة نجدها في كتاب "فن الحرب" للإستراتيجي الصينى سون تزو الذي كتبه قبل 2500 عام. وفي الكتاب يضع مراحل زمنية لهزيمة الخصم، ويقول: أفضل طريقة لهزيمة الخصم هي إبطال وإفساد كل ما يمثله من مقولات وسرديات وقيم وأخلاقيات. وأن لا يترك أن يعيش كما يريد، ويقدم نصيحة التظاهر بالضعف عندما تكون قويا، والتظاهر بالقوة عندما تكون ضعيفا. ويقدم نصيحة للحالة الفلسطينية عندما يكون مرتاحا إبدأ بإنهاكه ولا تدعه يكون مستريحا. ومن ناحيته السوفيتي يوري بيزينوف، يرى أن الصراع يمر بأربع مراحل، ألأولى إسقاط الأخلاق وهي مرحلة تحتاج من 15-20 عاما، والثانية زعزعة الإستقرار وتحتاج من 2-5 اعوام والمقصود هنا إذكاء النعرات الإثنية والطائفية ثم مرحلة ألأزمة والتي قد ينتج عنها حربا أهلية.


بعيدا عن هذا التسلسل الزمني وتطبيقه على الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، فالعبرة هنا بالمدلول العام لهذه المراحل التي نراها اليوم في إسرائيل وما تعاني من أزمات داخلية تهدد بقائها ووجودها، فمفتاح هزيمة إسرائيل من الداخل وليس من الخارج، الخارج يوحد إسرائيل والداخل يبرز التناقضات في داخلها.


الفلسطينيون يملكون الكثير من عناصر القوة الناعمة والخيارات والمقاربات البديلة للحرب، أولها العنصر السكاني وكيفية الحفاظ على صموده وتجذره في أرضه. وثانيها قوة الحقوق التاريخية والحضارية التي تؤكد الحق الفلسطيني، ثالثها قوة الشرعية الدولية وتفعيلها، ورابعها إقامة نظام سياسي ديموقراطي توافقي، وخامسها تفعيل دور الجاليات العربية والإسلامية في الكثير من الدول وخصوصا أميركا التي نرى بعضا من إرهاصات التغيير والتأييد للجانب الفلسطيني، ولنا مثال على ذلك، نواب من أصول فلسطينية في الكونجرس الأميركي وسادسها إستعادة مكانة القضية الفلسطينية عربيا ودوليا، وسابعها توظيف السلام العربي لإنهاء الاحتلال بتخيير إسرائيل بين السلام والحرب. وثامنها تبني خيار الدولة الواحده بكشف عنصرية السياسات الإسرائيلية ووهم الديموقراطية الإسرائيلية. ويبقى انه لو إمتلك الفلسطينيون القوة النووية لن تحقق لهم السلام، إنما تبني السلام بقوة المقاربات والخيارات السابقة كفيل ان يخلق قوى ضغط على إسرائيل وجعل الاحتلال مكلفا وثمنه عاليا بالمقاومة السلمية الشعبية . وأخيرا كيف نجعل قوة السلام تهزم سلام القوة.


[email protected]


دلالات

شارك برأيك

كيف ننتصر بلا حرب ؟

عمان - الأردن 🇯🇴

Nabeel Al Ali قبل حوالي سنة

مَا أحلى النوم بعسلِ الأوهام حتى الموت !!!؟؟؟

المزيد في أقلام وأراء

ما أفهمه

غيرشون باسكن

من الاخر ...ماذا وراء الرصيف العائم في غزة ؟!

د.أحمد رفيق عوض.. رئيس مركز الدراسات المستقبلية جامعة القدس

لم ينته المشوار والقرار بيد السنوار

حديث القدس

الانعكاسات السيكولوجية للحد من حرية الحركة والتنقل

غسان عبد الله

مفاوضات صفقة التبادل إلى أين؟

عقل صلاح

الحرب مستمرة ومرشحة للتصاعد على جبهتي الشمال والضفة

راسم عبيدات

السعودية وولي العهد الشاب: ما بين الرؤية والثوابت

د. دلال صائب عريقات

ملامح ما بعد العدوان... سيناريوهات وتحديات

بقلم: ثروت زيد الكيلاني

نتانياهو يجهض الصفقة

حديث القدس

هل الحراك في الجامعات الأمريكية معاد للسامية؟

رمزي عودة

حجر الرحى في قبضة المقاومة الفلسطينية

عصري فياض

طوفان الجامعات الأمريكية وتشظي دور الجامعات العربية

فتحي أحمد

السردية الاسرائيلية ومظلوميتها المصطنعة

محمد رفيق ابو عليا

التضليل والمرونة في عمليات المواجهة

حمادة فراعنة

المسيحيون باقون رغم التحديات .. وكل عام والجميع بخير

ابراهيم دعيبس

الشيخ الشهيد يوسف سلامة إمام أولى القبلتين وثالث الحرمين

أحمد يوسف

نعم ( ولكن) !!!!

حديث القدس

أسرار الذكاء الاصطناعي: هل يمكن للآلات التي صنعها الإنسان أن تتجاوز معرفة صانعها؟

صدقي أبو ضهير

من بوابة رفح الى بوابة كولومبيا.. لا هنود حمر ولا زريبة غنم

حمدي فراج

تفاعلات المجتمع الإسرائيلي دون المستوى

حمادة فراعنة

أسعار العملات

الإثنين 06 مايو 2024 10:33 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.74

شراء 3.72

دينار / شيكل

بيع 5.28

شراء 5.22

يورو / شيكل

بيع 4.03

شراء 3.99

رغم قرار مجلس الأمن.. هل تجتاح إسرائيل رفح؟

%74

%21

%5

(مجموع المصوتين 221)

القدس حالة الطقس