في سابقة غير معهودة في الولايات المتحدة، مثل الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب أمام محكمة مانهاتن الجنائية تمام الساعة 2:27 بعد ظهر يوم الثلاثاء ودخل قاعة المحكمة دون أن يتوقف أمام كاميرات الإعلام، حيث أعطي رقم جنائي، وليقول أمام القضاء إن كان "مذنب" أم "غير مذنب"، حيث دفع محاموه بأن الرئيس السابق غير مذنب في كل الاتهامات الأربعة والثلاثين، وذلك بعد أن سأله القاضي، وان ميرشان، عما إذا كان يفهم طبيعة الاتهامات الموجهة ضده ورد المتهم ترامب بالإيجاب.

وعقدت جلسة المحكمة التي استمرت لمدة ساعة كاملة، بعد استسلام ترامب رسميًا وأخذ بصمات أصابعه ومعلومات أخرى ، وتجريده من هاتفه النقال، دون تقييد يديه أو احتجازه في زنزانة قبل توجيه الاتهام إليه بعد أن تم التقاط صورة أمامية وأخرى جانبية (بروفايل) لوجهه وفق القوانين الأميركية . كما تم الإعلان عن لائحة الاتهام ضد ترامب في وقت محاكمته ، والتي عددت 34 تهمة ضده ، بما في ذلك الجرائم الجنائية ، وتزوير السجلات التجارية.

وبحسب القانون الأميركي، فإن المتهم بريء حتى تثبت إدانته. بحسب قانون الولاية لم يحتاج ترامب إلى تقديم كفالة مالية.

وبذلك يكون قد اكتمل الاستدعاء الأول للمتهم دونالد ترامب، وهو أول ظهور للمتهم أمام قاض، بعد توجيه اتهامات إليه حيث تم إبلاغه في هذه الجلسة بالتهم الموجهة إليه وحقوقه القانونية، وحقه في البقاء صامتا وأن أي شيء يقوله قد يستخدم ضده، و في تعيين محام له تدفع تكاليفه حكومة مدينة نيويورك، إذا لم يكن لديه القدرة على تحمل تكاليفه.

واستسلم ترامب لسلطات مانهاتن بعد توجيه لائحة اتهام تاريخية بشأن 34 تهمة جنائية تم الإبلاغ عنها لتزوير سجلات تجارية، ودخل ترامب ، (76 عامًا) ، إلى محكمة مانهاتن الجنائية بعد الساعة 1:20 ظهرًا (الثلاثاء) ، والتي تم إخلائها من كل الأشخاص قبل وصوله ، ووضعه قيد الاعتقال. وقبل دخوله المحكمة، قال ترامب الذي يخوض معركةانتخابية للفوز بالرئاسة الأميركية مجددا في انتخابات عام 2024 ، قال في تغريدة على منصة التواصل الاجتماعي التي أسسها "تروث سوشال": "لا أصدق أن هذا يحدث في أميركا".  

ورسم رجال (شرطة) الخدمة السرية مسبقا خطة لدخول وخروج ترامب من محكمة مانهاتن، حيث حددوا خطة خروجه من شقته في "برج ترامب" وتوجهه إلى المحكمة ودخوله لها وحمايته، بطريقة غير مرئية للجمهور، حيث استخدم الرئيس السابق مصعدا خاصا للتوجه للطابق الخامس عشر.

وكان القاضي في القضية قد قرر أنه لن يُسمح بكاميرات الأخبار أو الأجهزة الإلكترونية مثل الهواتف المحمولة وأجهزة الكمبيوتر المحمولة في قاعة المحكمة - على الرغم من أنه لا يزال من غير الواضح ما إذا كان الصحفيون الذين يشاهدون جلسة الاستماع من الغرف الفائضة يمكنهم الحصول على إلكترونيات ومشاركة التحديثات - لذلك لن يكون الأمر كذلك من الممكن مشاهدة جلسة الاستماع مباشرة ، ومن المحتمل أن تكون التحديثات متاحة بمجرد انتهائها.

وتمكنت المؤسسات الإخبارية من التقاط صور لبضع دقائق في قاعة المحكمة قبل بدء الجلسة ، التي استمرت لمدة  15 دقيقة فقط، والتقطوا له صورا في مقعد الاتهام.

من المتوقع أن تصل عقوبة التهم الموجهة إلى ترامب إلى السجن لمدة قد تصل إلى أربع سنوات في حالة إدانته ، على الرغم من أن مسؤولًا عن إنفاذ القانون استشهد به موقع ياهو نيوزYahoo News أشار إلى أنه من غير المرجح أن يواجه ترامب عقوبة السجن كمجرم لأول مرة.

بعد توجيه الاتهام إلى ترامب لم يتم احتجازه على الإطلاق ، وفقًا لقواعد الكفالة الجديدة في نيويورك ، حيث يُطلق سراح الأشخاص المتهمين بارتكاب جرائم جنح أو جنايات غير عنيفة بناءً على تعهدهم الشخصي دون كفالة ما لم يتم اعتبارهم كذلك. تكون مخاطرة الرحلة. وأشار الخبراء إلى أنه من المحتمل بعد ذلك أن يستغرق الأمر شهورًا - على الأقل - قبل إحالة القضية إلى المحاكمة ، حيث تستغرق القضايا الجنائية في مانهاتن عادةً أكثر من عام لتقديمها إلى المحاكمة.

وكانت هيئة محلفين كبرى قد وجهت لوائح اتهام إلى ترامب يوم الخميس الماضي كجزء من تحقيق استمر لسنوات من قبل مكتب مدعي عام مانهاتن في ممارسات الرئيس السابق ومنظمة ترامب ، ليصبح أول رئيس سابق أو حالي يواجه اتهامات جنائية.

وتتعلق التهم  بأن ترامب سدد تعويضات لمحاميه السابق مايكل كوهين مقابل 130 ألف دولار دفعها لممثلة الأفلام الإباحية ستورمي دانيالز خلال حملة عام 2016 للتستر على علاقة مزعومة، حيث يُزعم أن ترامب أخطأ في تسمية المدفوعات على أنها نفقات قانونية ، مما أدى إلى مزاعم بتزوير السجلات التجارية ، والتي يمكن أن تكون جناية في نيويورك إذا تم التستر على جريمة أخرى.و فتح مكتب "مدعي عام مانهاتن  Manhattan DA في البداية تحقيقًا في المدفوعات المالية الصامتة في عام 2019 قبل توسيع تحقيقه لإلقاء نظرة أوسع على المعاملات المالية لمنظمة ترامب ، مما أدى إلى إدانة الشركة والمدير المالي السابق ألين فايسلبيرغ بتهمة الاحتيال الضريبي.

ومن غير المرجح أن يهدئ أي اكتشاف جديد قد يظهر في إطار محاكمة ترامب  مانهاتن أنصار الرئيس السابق الحانقين المستائين من حقيقة توجيه الاتهام إليه الذين اكتظوا في الشوارع وهو متوجه إلى المطار في  فلوريدا حيث استقل طائرته الخاصة وفي شوارع نيويورك بعد هبوطه والعشرات من المدن الأميركية الأخرى.

وتجمع أنصار وأعداء الرئيس السابق في حديقة في مانهاتن السفلى بالقرب من قاعة المحكمة قبل أن يمثل ترامب البالغ من العمر 76 عامًا ، وبدأت مجموعة صغيرة ولكن صاخبة من المتظاهرين من كلا الطرفين حيث حمل مؤيدو الرئيس الخامس والأربعون لافتات كتب عليها "ترامب أو الموت" ، بينما واجه الخصوم لافتات تقول "احبسوه" و "مؤكد" - في إشارة إلى كيف أخطأ ترامب في التهجئة في منشور على منصته لوسائل التواصل الاجتماعي Truth Social.

وبحسب خبراء ، قد لا تسفر القضية الواهية - المبنية على نظرية قانونية غير مختبرة إلى حد ما تربط انتهاكات تمويل الحملات الانتخابية بدفع رشاوى مالية مزعومة إلى ممثلة أفلام إباحية مقابل التزامها الصمت- إلا عن إثارة غضب أكبر بين صفوف اليمين الأميركي.

ومع استمرار تحقيقات أخرى، يواجه ترامب احتمال توجيه أكثر من لائحة اتهام جنائية إليه خلال هذا العام. وبالنسبة للعديد من الأميركيين، يعد هذا تجسيداً لسجله الفريد في السلوك والنهج في الحكم، بالإضافة إلى علامة على أن "النظام الأميركي قادر على ضمان عدم وجود أحد فوق القانون" بحسب الخبراء. ورغم أن ذلك حدث تاريخي بحد ذاته في الولايات المتحدة، هناك العديد من السوابق على تحميل قادة سابقين المسؤولية عن إساءة استخدام السلطة والفساد في دول ديمقراطية عديدة في العالم.

ولكن بالنسبة إلى المتعاطفين مع ترامب، سواء في الولايات المتحدة أو في أي مكان آخر، لا يمثل الاتهام غير المسبوق لرئيس أميركي سابق شيئاً أكثر من "ملاحقة جائرة" -حدث قد ينذر بالعنف السياسي وتفكك المزيد من الأعراف الديمقراطية.

وحول هذه النقطة قال كاتبا العمود في واشنطن بوست، غريغ سارجنت وبول والدمان، في إشارة إلى المتشددين الجمهوريين، إن "الموقف الكامن هنا هو أن ثمن السلام الاجتماعي هو حصانة مطلقة من العقاب بالنسبة لترامب؛ فالإصرار على أن ترامب يجب أن يبقى فوق القانون -بغض النظر عن خطئه- يتخلل جميع الردود الجمهورية هذه".

وفي الخارج، جاء الدعم لترامب من زوايا مألوفة. ففي صباح الاثنين، نشر رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان على تويتر صورة له وهو يمسك بيد الرئيس السابق خارج البيت الأبيض -اثنان من القادة القوميين غير الليبراليين- برسالة: "واصل القتال، سيدي الرئيس! نحن معك".

ويحظى أوربان بإعجاب كبير بين أوساط اليمين الأميركي، وذلك على وجه التحديد لأنه حوَّل نظام بلده السياسي لصالحه، ما أدى إلى إخضاع القضاء واستمالة الصحافة المستقلة وإضعاف المجتمع المدني.