عربي ودولي
الأربعاء 28 ديسمبر 2022 3:54 مساءً - بتوقيت القدس
أوروبا خزّنت طاقة تكفيها لهذا الشتاء.. لكن ماذا عن عام 2023؟
باريس - (أ ف ب) -في منزلها الصغير على ساحل بلجيكا، تؤكد صوفي ديرو أن "تدفئة البيت بشكل جيد" باتت هدفا أصعب هذا العام مع الارتفاع الحاد في فواتير الطاقة في أنحاء أوروبا.
على غرار ملايين الأوروبيين، شهدت الموظفة في شركة هندسة البالغة 41 عاما ارتفاع فاتورتها منذ الربيع بعد بدء الغزو الروسي لأوكرانيا والتقليص التدريجي للغاز الروسي المورد إلى أوروبا عبر الأنابيب.
قفزت أسعار الغاز، ما أدى إلى اضطراب الأسواق العالمية وسبّب تداعيات ملموسة ومكلفة للغاية مع تسابق أوروبا وآسيا لشراء شحنات الغاز الطبيعي المسال من الولايات المتحدة وقطر ودول منتجة أخرى.
وفي حين جمّدت دول مثل إسبانيا وفرنسا أسعار المستهلكين، فإن دولًا أخرى مثل بلجيكا سمحت للشركات المزودة إلى حد ما بتحميل الزبائن الزيادة في الأسعار.
تقول صوفي التي تبلغ مساحة منزلها في أوستدوينكيركي 90 متراً مربعاً الذي لا يضبط الحرارة بشكل جيّد، "لقد أصبت بالذعر قليلا"، فقد كانت تدفع 120 يورو شهريًا قبل الحرب في مقابل الغاز والكهرباء وارتفعت فاتورتها إلى 330 يورو.
لكنها ترى جانبا إيجابيا في الأمر، فقد صارت تراقب استهلاكها وتبقي حرارة البيت عند 18 درجة مئوية بدل 21 سابقا، كما تبحث عن سبل تركيب ألواح شمسية وزجاج عازل معزّز.
مثل صوفي، أدرك جيل جديد من البلجيكيين والفرنسيين والإيطاليين إهمالهم على صعيد الطاقة عام 2022 وتعلموا مراقبة استهلاكهم. فقبل الحرب، كان الغاز وفيرًا ورخيصًا، وقد ناهز سعره المرجعي في السوق الأوروبية حوالى 20 يورو لكل ميغاواط في الساعة، لكنه ارتفع هذا العام إلى 300 قبل أن يتراجع إلى حوالى 100 يورو.
يقول غراهام فريدمان، المحلل في شركة "وود ماكينزي" الذي يدرس سوق الغاز الطبيعي منذ 40 عامًا، "لم أشهد قطّ فترة بهذا الاضطراب".
بسبب جنون الأسعار، اضطرت مصانع إلى التوقف خصوصا في قطاع الكيماويات الألماني الذي اعتمد على الغاز الروسي منذ الحقبة السوفياتية. ورغم ذلك، تسنى ملء الاحتياطيات الأوروبية إلى أقصاها في الصيف بفضل آخر امدادات الغاز الروسي، ولم يعان أحد من انقطاع الطاقة.
يقول سيمون تاغليابيترا من مركز "بروغل" للأبحاث في بروكسل إنه "حتى شباط/فبراير، بدت فكرة أن أوروبا تستطيع الاستمرار بدون الطاقة الروسية مستحيلة" لكن "المستحيل صار ممكنا".
وقد حالف الحظ الأوروبيين أيضا، فقد أخّر اعتدال الطقس في الخريف استعمال وسائل التدفئة.
لكن ما حدث كان مفاجئا إذ خفضوا إلى حد كبير استهلاك الطاقة: -20% بالنسبة للغاز في الاتحاد الأوروبي من آب/اغسطس حتى تشرين الثاني/نوفمبر مقارنة بالسنوات الخمس السابقة، بحسب "يوروستات".
نصف الألمان لديهم مدافئ تعمل بالغاز، وانخفاض استهلاكهم "حاد، هائل" وفق ليون هيرث أستاذ سياسة الطاقة في مدرسة هيرتي في برلين. وهو يرى في ذلك رغبة في "عدم الدفع لبوتين" بقدر الرغبة في تقليص الفواتير.
ويتوقع بأن تبقى فواتير الطاقة مرتفعة فيما يشير خبراء إلى أن سقف أسعار الغاز الذي اتفق عليه الاتحاد الأوروبي في كانون الأول/ديسمبر لن يكون له إلا تأثيرا محدودا على خفضها.
في غضون أشهر، خسرت روسيا أكبر مشتر لغازها، وهو أوروبا التي تراجعت مشترياتها من 191 مليار متر مكعب عام 2019 إلى 90 مليارا هذا العام، وربما 38 في العام المقبل، كما تتوقع مجموعة "وود ماكينزي".
واضطرت أوروبا إلى تعويض الفارق عبر الغاز الطبيعي المسال الذي اعتاد الاتحاد الأوروبي تجنّبه لارتفاع تكلفته.
لم يكن ذلك خاليا من الآثار السلبية، فقد "بدأت أوروبا تدفع أكثر من آسيا في مقابل الغاز، ولم تستطع دول مثل الهند وباكستان المنافسة" كما يؤكد غراهام فريدمان.
كذلك، للأمر تداعيات مناخية، فبسبب نقص الغاز الطبيعي المسال، باتت البلدان الأقل ثراء تحرق المزيد من الفحم.
لتفريغ الغاز الطبيعي المسال من الناقلات، هناك حاجة إلى موانئ قادرة على إعادة تحويله إلى غاز وضخّه في شبكات الأنابيب. وسارعت ألمانيا إنشاء أول منصة من هذا النوع في كانون الأول/ديسمبر.
وأُعلن عن 26 محطة جديدة في القارة بينها محطة خامسة في فرنسا أقيمت في لو هافر، بحسب "غلوبال إنرجي مونيتور" التي تخشى من أن الأمر سيؤدي إلى اعتماد أوروبا على الغاز مجددا في وقت تسعى للانتقال إلى مصادر الطاقة المتجددة.
لكن في الشتاء المقبل والشتاء التالي، لن يكون هناك المزيد من الغاز الروسي لملء الخزانات خلال الربيع والصيف.
وتوضح لورا بايج الخبيرة في قطاع الغاز في شركة "كبلر" لوكالة فرانس برس، أنه كلما كان الشتاء أكثر برودة، سيتعين شراء المزيد من الغاز الطبيعي المسال منذ الربيع، وستشتد بالتالي "المعركة" بين أوروبا وآسيا.
يوافق غراهام فريدمان على ذلك قائلا "لا يوجد ما يكفي من الغاز في العالم لتعويض الغاز الروسي".
لن تنتج مشاريع الغاز الطبيعي المسال الجديدة ملايين الأطنان الإضافية حتى عام 2025 أو 2026.
بحلول ذلك الوقت، هل يتعلم الأوروبيون العيش في ظل 18 درجة مئوية؟
دلالات
الأكثر تعليقاً
رجب: عملية "حماية وطن" تتقدم وتحقق نجاحات وإنجازات في حماية أهلنا بمخيم جنين
مقتل أحد عناصر الأجهزة الأمنية خلال الأحداث المتواصلة في جنين
واشنطن ترفض تقرير "هيومان رايتس ووتش" بشأن ارتكاب إسرائيل إبادة جماعية بغزة
صمت المجتمع الدولي إزاء الفظائع ، و الكلاب التي تنهش جثث الشهداء في غزة
تشييع جثمان المناضل الوطني اللواء فؤاد الشوبكي
رحيل الأسير فؤاد الشوبكي بعد 21 عاما في سجون الاحتلال
"هآرتس": الاحتلال دمر 70% من مباني مخيم جباليا وحوله إلى "مدينة أشباح"
الأكثر قراءة
محور "نيتساريم"... ممر الموت: لا اعتبارات لإعدام الفلسطينيين
رحيل الأسير فؤاد الشوبكي بعد 21 عاما في سجون الاحتلال
صحيفة:الولايات المتحدة دعمت مجموعة مسلحة لإطاحة النظام في سوريا
"حماس" و"إسرائيل" تقتربان من الصفقة
عملية استشهادية في مخيم جباليا لأول مرة منذ بداية الحرب
وصفوه بالإيجابي.. وفد امريكي يلتقي "الشرع" في دمشق
رجب: عملية "حماية وطن" تتقدم وتحقق نجاحات وإنجازات في حماية أهلنا بمخيم جنين
أسعار العملات
الخميس 19 ديسمبر 2024 9:56 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.61
شراء 3.6
يورو / شيكل
بيع 3.76
شراء 3.76
دينار / شيكل
بيع 5.09
شراء 5.08
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%57
%43
(مجموع المصوتين 282)
شارك برأيك
أوروبا خزّنت طاقة تكفيها لهذا الشتاء.. لكن ماذا عن عام 2023؟