رام الله- خاص بـ"القدس"دوت كوم- بعد أن كشفت نتائج دراسة علمية حديثة خلال رسالة ماجستير لطالبة من جامعة بيرزيت عن وجود تلوث للبهارات في الأسواق الفلسطينية بفطريات سامة خطيرة تسبب السرطان خاصة سرطان الكبد، كشف البرفسور المشرف على الدراسة ورسالة الماجستير د.خالد صويلح، أسباب ظهور تلك الفطريات، وكيفية تجنبها أو التخلص منها حال اكتشافها، فيما أكدت وزارة الاقتصاد أنها تتابع الأمر بشكل جدي لطمئنة المواطنين.

البهارات جزء من الدراسة

الدراسة عبارة عن رسالة ماجستير في الأحياء البيئية بكلية العلوم بجامعة بيرزيت، نُشرت الشهر الماضي، في مجلة علمية أميركية متخصصة بنشر المسوحات الخاصة بالأغذية، وأنجزت من قبل الطالبة سنادي بركات، بإشراف د. خالد صويلح، أستاذ علم الأحياء والبيئة في دائرة الأحياء، وهذه الدراسة عن البهارات جزء عدة دراسات حول العديد من الأغذية في السوق الفلسطينية.

وحملت الدراسة عنوان "التلوث الفطري، الفطريات الأفلاتوكسينية ومستويات الأفلاتوكسين B1  في التوابل التي تُسوّق في الضفة الغربية".

والدراسة نشرت تفاصيلها مجلة "آفاق البيئة والتنمية" في تقرير أعده الصحافي فراس الطويل.

واستهدفت الدراسة فحص مستويات السموم الفطرية في سبعة أصناف من البهارات المطحونة في أسواق محافظة رام الله والبيرة، وهي: الفلفل الأحمر، والفلفل الأسود، وبهار الدجاج، والبهارات المشكلة، والهال المطحون، والزنجبيل المطحون، والسماق، وفُحصت ( 13 – 14) عينة من كل صنف، بما مجموعه 97 عينة لكل الأصناف في مختبرات جامعة بيرزيت.

يقول البرفسور د. خالد صويلح لـ"القدس"دوت كوم: "إن الفطريات تنمو على كثير من الأغذية كالحبوب، والفواكه المجففة، والبهارات، والقهوة، والشاي، والأعشاب الطبية، والتبغ، والدراسة جزء من رسالة الماجستير التي تضمنت البحث ودراسة تلك الأصناف بالسوق الفلسطينية، لكن في هذه المرحلة نشرت الدراسة المتعلقة بنمو الفطريات على البهارات، ونأمل بالمستقبل أن ننشر الأجزاء الأخرى.

مشكلة عالمية.. هذه أسبابها والتخلص منها

يؤكد صويلح أن نمو الفطريات على المواد الغذائية ليست مشكلة خاصة بفلسطين وحدها، بل هي مشكلة تعاني منها دول العالم خاصة المحاصيل التي تأتي من مناطق فيها حرارة ورطوبة والواردة من جنوب آسيا وجنوب شرق آسيا.

ووفق صويلح، فإنه لا بد لوزارتي الاقتصاد والصحة وحماية المستهلك أخذ عينات دورية من كل تلك المواد الغذائية لفحص نسبة نمو الفطريات (الأفلاتوكسين) وإن كانت ضمن الحد المسموح به أم لا؟ "لذا نحن بحاجة لإجراء فحوصات ورقابة مستمرة".

ويشير صويلح إلى أن الفطريات تنمو إما أثناء الزراعة أو نقل المواد الغذائية أو أثناء التخزين، ويقول: "قد تأتي المواد التموينية إلينا فيها نسب قليلة من الفطريات، لكن عملية تخزينها بأماكن فيها رطوبة وتشجع نمو الفطريات يزيد النسسبة المسموح بها، وتسبب التسمم".

ويؤكد صويلح أن التخلص من الفطريات السامة حال ثبوتها، يكون فقط من خلال إتلاف تلك المواد الغذائية فقط، وهذا الحل العالمي الوحيد لغاية الآن، وسبب ذلك خسائر اقتصادية كبيرة.

سموم فطرية قد تسبب سرطان الكبد

السموم الفطرية هي مركبات سامة تُنتجها بعض أنواع العفن (الفطريات) إنتاجًا طبيعيًا حيث ينمو على العديد من الأغذية مثل الحبوب، والفاكهة، المجففة، والثمار الجوزية، والتوابل، ويمكن للعفن أن يتكون إما قبل الحصاد أو بعده، وفي أثناء التخزين، ويمكن أن يتكون على/ في الأغذية نفسها ويحدث ذلك عادة في ظروف الحرارة والبلل والرطوبة، ومعظم السموم الفطرية مستقرة كيميائياً وتتحمل عملية معالجة الأغذية.

وتفرز بعض أنواع الفطريات سمومًا شديدة تسمى "الأفلاتوكسينات"، وهي من أكثر الأنواع سمية، وتعد أقوى مادة طبيعية مسرطنة.

وقد حُدّدت عدة مئات من السموم الفطرية المختلفة، ولكن السموم الفطرية الأكثر شيوعاً والتي تشكل مصدراً للقلق على صحة الإنسان والماشية تشمل: الأفلاتوكسينات، والأوكراتوكسين، والباتولين، والفيومونسنات، والزيارالينون، والنيفانول، والدييوكسي نيفالينول.

وترتبط بعض السموم الفطرية الأخرى الموجودة في الأغذية بآثار طويلة الأجل على الصحة، بما في ذلك السرطان، كما أن ربع المصابين بسرطان الكبد في العالم أصيبوا نتيجة تلك الفطريات.

ويقول صويلح لـ"القدس"دوت كوم: "إن هذه الفطريات لا تقتل الإنسان بشكل مباشر إلا إن كانت بنسب كبيرة، لكنها تسبب السرطان على المدى البعيد وخاصة سرطان الكبد، حيث أكدت منظمة الصحة العالمية أن نمو (الأفلاتوكسين) سببب ربع سرطان الكبد في العالم".

تلوث فطري خطير

الدراسة اعتمدت على فحوص بثلاثة جوانب؛ الكشف عن التلوث الفطري عمومًا في العينة، الكشف عن التلوث الفطري من نوع الأسبيرجيلاس  (Aspergillus)، والكشف عن كمية الأفلاتوكسين في كل عينة.

وبحسب نتائح فحوص العينات، فإن جميع العينات ملوثة بفطريات مختلفة (ضارة ونافعة) بمعدل يفوق 85 ألف وحدة تكوين مستعمرة فطرية/ غم، علمًا أن الحد الأدنى المسموح به عالميًا هو 10 آلاف وحدة لكل غرام.

وجاء في النتائج أن 25% من العينات كانت ملوثة بنسب تفوق الحدود المسموح بها، وفق الهيئة الدولية للمواصفات الميكروبيولوجية للأغذية (ICMSF).، بينما 89% من العينات ملوثة بفطر الأسبيرجلاس الخطير، أعلاها في عينات الزنجبيل والبهارات المشكلة، وأقلها في الفلفل الأسود والسماق، و82% من فطريات الأسبيرجلاس المكتشفة هي من الأنواع المنتجة للسموم.

كما أن 40% من العينات احتوت على سموم فطرية (أفلاتوكسين B1 الخطيرة، أعلاها في الفلفل الأحمر وبهارات الدجاج والهال المطحون، و23% احتوت على مستويات سموم أفلاتوكسين بنسب أعلى من الحدود المسموح بها، حسب معايير الاتحاد الأوروبي التي حددتها بـ 5 ميكروغرام لكل كيلو غرام.

الاقتصاد تتابع

يؤكد مدير عام الإدارة العامة لحماية المستهلك في وزارة الاقتصاد إبراهيم القاضي، في حديث لـ"القدس"دوت كوم، أنه تم الإيعاز للطواقم المختصة في دائرة حماية المستهلك لسحب عينات منذ يوم أمس الأحد، من كل أنواع تلك البهارات، من أجل طمأنة المواطنين ولإنصاف البهارات الصحية والمطابقة للمعايير من تلك المخالفة، حتى لا يكون هنالك اتهام لجميع البهارات في السوق الفلسطينية، منوهًا إلى أن البحث أعطى إشارة على كل البهارات، ولا بد من إنصاف البهارات المطابقة للمواصفات.

ويضيف القاضي، "في حال تم الانتهاء من الفحوصات فإن الوزارة ستعلن ذلك بكل شفافية ووضوح"، مشدداً على أن "الوزارة تشكر جامعة بيرزيت على هذه الإبحاث، وتدعوها إلى إيصالها لها بشكل مباشر من أجل المتابعة".

وينوه القاضي إلى أن وزارة الاقتصاد تتابع ما يجري في الأسواق، وتم قبل شهرين، منع بعض البهارات التي تسوقها بعض الشركات، لاحتوائها على صبغات، حيث جاء ذلك في سياق الغش، وليس في سياق صحي.