أقلام وأراء
السّبت 02 يوليو 2022 9:54 صباحًا - بتوقيت القدس
الرئيس أبو مازن: ما له وما عليه
بقلم:إبراهيم أبراش
في الوقت الذي تقف دولة الكيان الصهيوني والإدارة الأمريكية موقفا سلبيا من الرئيس أبو مازن بسبب موقفه السياسي وعدم تجاوبه مع المخططات الأمريكية والإسرائيلية لتسوية الصراع يواجه الرئيس انتقادات داخلية لأنه غير صارم في مواجهة الأمريكيين والإسرائيليين كما يتم تحميله المسؤولية المباشرة أو غير المباشرة عن كثير من الأمور منها:
1- استمرار تراجع القضية الوطنية بعد توليه رئاسة السلطة وحيازته لكل الرئاسات – منظمة التحرير والدولة والسلطة وحركة فتح- .
2- وصول العملية السلمية لطريق مسدود ومواصلة إسرائيل عمليات الاستيطان والتهويد بوتيرة سريعة .
3- استمراره في الالتزام باتفاقية أوسلو بالرغم من تهديداته المتكررة بالتحرر من التزاماتها.
4- تردي الوضع الاقتصادي في الضفة وغزة.
5- تكريس الانقسام السياسي والجغرافي والمجتمعي.
6- استمرار ضعف حركة فتح ومنظمة التحرير.
7- تعطيل الانتخابات العامة.
8- تواصل التطبيع العربي مع إسرائيل.
9- قرارات الأمم المتحدة بدون تنفيذ.
10- تراجع الدور الوطني للسلطة والحكومة.
ولكن هل كانت الأمور قبل أن يتسلم الرئيس مقاليد السلطة على ما يرام؟ وهل كل ما جرى ويجري يتحمل أبو مازن مسؤوليته؟
صحيح، إن أبو مازن باعتباره رئيس كل الرئاسات والمحتكِر قانونياً سلطة اتخاذ القرارات الاستراتيجية يتحمل مسؤولية عما يجري، وصحيح أن محمود عباس كان متواجداً كأحد قيادات حركة فتح ومنظمة التحرير الفلسطينية عند توقيع اتفاقية أوسلو والاعتراف بإسرائيل عام 1993، ولكن هذه المسائل تشكل السياسة والاستراتيجية الرسمية لكل النظام السياسي الرسمي المتمثل في منظمة التحرير وكانت في عهد الرئيس الراحل أبو عمار وبموافقته ورضاه، إنها سياسة نظام سياسي وليس سياسة أبو مازن فقط، وكل الأحزاب التي شاركت في الحكومات المتعاقبة للسلطة الوطنية جزء من هذه السياسة وتتحمل جزءاً من المسؤولية.
اعتبار الرئيس أبو مازن مسؤولاً عن كل شيء قد يؤدي إلى تجاهل حقيقة أن الاحتلال الصهيوني أصل المشكلة وسبب كل المعاناة الفلسطينية ولو لم يكن الاحتلال ما كانت كل هذه المعاناة، والمشكلة بالنسبة للوضع الفلسطيني الداخلي تكمن في الانقسام والصراع على تمثيل الشعب ثم على السلطة أي في المنظومة السياسية برمتها سلطة ومعارضة، وتغيير الرئيس مع بقاء المنظومة على حالها قد يُحدث حراكاً في الوضع السياسي ولكن ليس من المؤكد أنه سيغير الأوضاع كثيراً.
لن يتغير الأمر وستبقى القضية الوطنية على حالها إن تغير أو غاب الرئيس واستمرت منظمة التحرير بمجلسها الوطني ولجنتها التنفيذية وفلسفتها السياسية على حالها، ولن تتغير أوضاعنا إن ذهب الرئيس واستمر تنظيم حركة فتح على حاله، لن يتغير شيء إن غاب الرئيس وبقي الانقسام واستمرت حماس تُنَازِع المنظمة على التمثيل وتطرح استراتيجية مخالفة لاستراتيجية منظمة التحرير وتصادر قطاع غزة، لن يتغير شيء إن ذهب الرئيس واستمرت السلطة بدون مجلس تشريعي، لن نخرج من عنق الزجاجة إن تم تغيير الرئيس وبقي النهج السياسي على حاله، لن تتغير الأحوال إن ذهب الرئيس واستمر الشعب وأحزابه يتسولون المساعدات من الجهات المانحة وبشروطها و مرتهنة لأجندة خارجية.
تغيير الرئيس فقط دون إعادة النظر في مجمل المنظومة السياسية سيؤدي لأن تُنصِّب الطبقة النافذة في النظام السياسي رئيساً جديداً ملتزماً باتفاقية أوسلو والتنسيق الأمني وحل الدولتين، وسيستمر تأزم وشلل النظام السياسي، ويتحول الرئيس أبو مازن، سواء كان حياً أو ميتاً، لكبش فداء وتحميله كل أوزار المرحلة.
وهنا نستحضر ما جرى مع الرئيس أبو عمار قُبيل محاصرته ثم تصفيته سياسياً وجسدياً، حيث التقت أو تقاطعت انتقادات البعض الفلسطيني للرئيس ياسر عرفات ومطالبتها بإنهاء سلطته أو تحجيم صلاحياته بسبب الفساد وسوء الإدارة كما يزعمون مع مخطط شارون بموافقة أمريكية بالتخلص من أبو عمار، و تم التخلص من ياسر عرفات، إلا أن الأمور من بعده ازدادت تدهوراً على كافة المستويات: فلا عملية السلام تحركت، ولا أداء السلطة تحسن، ولا عمليات المقاومة توقفت أو حققت إنجازات حقيقية، ولا الأوضاع المعيشية تحسنت، كما استمر تدهور أوضاع منظمة التحرير وتنظيم حركة فتح ...، وهذا يؤكد أن المشكلة لم تكن في الرئيس أبو عمار، وهي اليوم ليست في الرئيس أبو مازن فقط بالرغم من الاختلاف بين الرئيسين في النهج السياسي والسمات الشخصية .
إن كان الرئيس لا يتحمل منفرداً كل ما نتج عن توقيع اتفاقية أوسلو ولا يتحمل لوحده كل أخطاء السلطة، ولا المتغيرات التي طرأت في المنطقة كالتطبيع مثلا إلا أنه يتحمل مسؤولية في بعض القضايا، مسؤولية مباشرة لأنه صاحب قرار فيها أو مسؤولية غير مباشرة لأنه كان يستطيع منعها ولكنه لم يفعل، ومن هذه الأمور:
1- ضعف ثقته بقدرات الشعب الفلسطيني جعلته حذراً في اعتماد نهج المقاومة الشعبية حتى بوسائلها السلمية.
2- تهميشه للمؤسسات والعمل المؤسساتي حتى داخل منظمة التحرير وحركة فتح وتفرده غالباً باتخاذ القرارات.
3- يتحمل جزءاً من المسؤولية عن حالة الارباك في التعامل مع الانقسام ومع قطاع غزة بعد انقلاب حماس.
4- مراهنته كلياً على الشرعية الدولية وقراراتها بالرغم من اعترافه أكثر من مرة بأن كل القرارات الدولية بشأن القضية الفلسطينية غير ملزمة.
5- ترتيبات و تعيينات في المناصب الدبلوماسية والإدارية العليا وفي بطانته ليست محل قبول ورضا غالبية الشعب بل تجد معارضة من داخل حركة فتح.
6- وأكثر ما يثير الاستياء تأجيله إجراء الانتخابات العامة وهو ما جعله وكأنه عقبة أمام التغيير وبالتالي يمنح المعارضين الحجة والذريعة للزعم بأنه مسؤول عما آلت و ستؤول إليه الأمور.
مطالبة البعض بأن ينهج أبو مازن نهج المقاومة المسلحة ويلغي اتفاقية أوسلو أو ينفذ قرارات المجلس المركزي ويسير على نهج أبو عمار بعد فشل مفاوضات كامب ديفيد 2 ومحاصرته في المقاطعة، فهذا الأمر يعني إنهاء السلطة الوطنية ومؤسساتها وما تقدمه من خدمات حيث ثبت استحالة الجمع في ظل الاحتلال ما بين السلطة و متطلباتها والتزاماتها من جانب والمقاومة المسلحة واستحقاقاتها من جانب آخر، وتجربة أبو عمار شاهدة على ذلك وكيف كان مصير أبو عمار والانتفاضة عند عسكرتها ،أيضاً تجربة حركة حماس تشهد على ذلك حيث تمارس السلطة في غزة التي خرج منها الاحتلال بينما تمارس العمل السياسي فقط في الضفة حيث يوجد احتلال وهي تعلم بأنها إن مارست العمل العسكري ضد الاحتلال في الضفة وأراضي 48 ستخسر سلطتها في غزة.
أخيراً، المطلوب إعادة بناء وإصلاح جذري لكل المنظومة السياسية بمؤسساتها وأحزابها ومرجعياتها ونمط تفكيرها وشبكة تحالفاتها بما في ذلك مؤسسة الرئاسة، والمدخل لذلك، بعد فشل المصالحة، انتخابات عامة شاملة، والشعب من خلال الانتخابات يختار القيادة ويحدد استراتيجية العمل.
[email protected]
دلالات
المزيد في أقلام وأراء
ترامب المُقامر بِحُلته السياسية
آمنة مضر النواتي
نعم لملاحقة مجرمي الحرب وتسليمهم للقضاء الدولي
حديث القدس
مآلات سياسة ترامب الاقتصادية أميركياً وعربياً
جواد العناني
سيناريوهات ثلاثة: أحلاها مر... ولكن
أسعد عبد الرحمن
جنوب لبنان وغزة بين جدلية وحدة الجبهات والاستقلالية التكتيكية
مروان أميل طوباسي
الضـم ليس قـدراً !!
نبهان خريشة
دور رجال الإصلاح وزعماء العشائر في تعزيز السلم الأهلي والحاجة الملحة لضرورة تشكيل مجلس للسلم الأهلي في المحافظة
معروف الرفاعي
الفيتو الأمريكي: شراكة حقيقية في حرب إبادة شعبنا
حديث القدس
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
أحمد لطفي شاهين
الميدان يرد بندية على ورقة المبعوث الأمريكي الملغّمة
وسام رفيدي
تماسك أبناء المجتمع المقدسي ليس خيارًا بل ضرورة وجودية
معروف الرفاعي
المطاردون
حمادة فراعنة
فيروز أيقونَة الغِناء الشَّرقي.. وسيّدة الانتظار
سامية وديع عطا
السلم الأهلي في القدس: ركيزة لحماية المجتمع المقدسي ومواجهة الاحتلال
الصحفي عمر رجوب
إسرائيل تُفاقم الكارثة الإنسانية في غزة
حديث القدس
شتاء غزة.. وحل الحرب وطين الأيام
بهاء رحال
المقاومة موجودة
حمادة فراعنة
وحشية الاحتلال بين الصمت الدولي والدعم الأمريكي
سري القدوة
هوكشتاين جاء بنسخة لبنانية عن إتفاق أوسلو!
محمد النوباني
ماذا وراء خطاب نتنياهو البائس؟
حديث القدس
الأكثر تعليقاً
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
أبو الغيط: الوضع في فلسطين غير مقبول ومدان ولا يجب السماح باستمراره
الأردن: حكم بسجن عماد العدوان 10 سنوات بتهمة "تهريب أسلحة إلى الضفة"
ضابط إسرائيلي يهرب من قبرص بسبب غزة
مصطفى: الصحفيون الفلسطينيون لعبوا دورا محوريا في فضح جرائم الاحتلال
سموتريتش يضع البنية التحتية المنطقة (ج) في مهبّ أطماع المستوطنين
الاحتلال الإسرائيلي يتوغل في القنيطرة السورية ويعتقل راعيا
الأكثر قراءة
ماذا يترتب على إصدار "الجنائية الدولية" مذكرتي اعتقال ضد نتنياهو وغالانت؟
نتنياهو يقمع معارضيه.. "إمبراطورية اليمين" تتحكم بمستقبل إسرائيل
الكونغرس يقر قانون يفرض قيودا صارمة على المنظمات غير الربحية المؤيدة للفلسطينيين
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
بعد مرسوم بوتين.. هل يقف العالم على الحافة النووية؟
زقوت في حوار شامل مع "القدس".. خطة حكومية لوضع دعائم بناء دولة مستقلة
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
أسعار العملات
الأربعاء 20 نوفمبر 2024 9:43 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.74
شراء 3.73
دينار / شيكل
بيع 5.28
شراء 5.26
يورو / شيكل
بيع 3.96
شراء 3.95
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%53
%47
(مجموع المصوتين 81)
شارك برأيك
الرئيس أبو مازن: ما له وما عليه