عربي ودولي
الخميس 02 يونيو 2022 11:26 مساءً - بتوقيت القدس
أٌقلية سود مهمشة في العراق رغم وجودها فيه منذ قرون
الزبير - (أ ف ب) -يجلس عدنان عبد الرحمن بين طبول وآلات إيقاعية مختلفة تعلّم العزف عليها منذ كان في الثانية عشرة من عمره، عملا بتقليد متجذر بين أقلية سوداء متواجدة منذ قرون في العراق، وتعاني من التهميش.
وتشكّل الزبير القريبة من مدينة البصرة في أقصى جنوب العراق، موطن هذه الأقلية التي تعود أصولها إلى بلدان في شرق القارة الإفريقية.
في بلدة الزبير، تطالع الزائر مشاهد الفقر والنقص في الخدمات والبنى التحتية، فالطرق مهملة وعرة، والمنازل خرسانية رمادية. وفيما يستنكر ناشطون التهميش السياسي والاقتصادي الذي تعاني منه المنطق، يستاء السكان من الكلام عن "عنصرية" أو "تمييز"، ويفضّلون استخدام تعبير "البشرة السمراء" لتوصيف أنفسهم.
وينتمي عبد الرحمن (58 عاما) الى فرقة موسيقية شعبية جعلت عادات وتقاليد بلدة الزبير مشهورةً في كلّ العراق، وأيضاً في الكويت المجاور الذي يبعد عن البلدة نحو 30 كيلومتراً.
ويقول "الفرق (الموسيقية) في الزبير لا تعد ولا تحصى"، مشيراً إلى أن "غالبية" الفنانين من أصحاب البشرة السوداء.
بالطبول والدفوف، تشتهر هذه الفرق بإحياء الزفّات التي ترافق حفلات الزفاف.
ويشرح عبد الرحمن بينما يجلس على أريكة اسفنجية على الأرض، الإيقاعات التي يتقنها. وقد عمل مدرساً للموسيقى، وهو منضوٍ منذ أربع سنوات في "جمعية التراث" التابعة لوزارة الثقافة.
ودخل عبد الرحمن عالم الموسيقى عندما كان طفلاً. حينها، كان عمه يغني ووالده يعزف على "بنادق"، وهي طبول من الفخار. ويروي عبد الرحمن "هذه المهنة وراثة، إذا مات (الفنان) يتسلم ابنه العمل مكانه. من شخص لآخر، يستمر الفن ولا يموت"، مشيرا الى أن أبناء عمومته يعملون في الوسط نفسه.
يؤكد عبد الرحمن وغيره أن "العنصرية، لم نرَها قط". وتتفاوت التقديرات حول عدد أفراد هذه الأقلية بين 250 ألفاً إلى مليونين.
تاريخياً، يتحدر أسلاف الأقلية من إثيوبيا وكينيا والسودان، كما يشرح المؤرخ ابراهيم المرعشي لفرانس برس.
ويقول المرعشي، الأستاذ في قسم التاريخ بجامعة كاليفورنيا سان ماركوس، إن أعدادا منهم "وصلوا كعبيد" إلى البصرة عبر بحر الخليج ومصبّ شطّ العرب لتأدية "العمل الشاق بتجفيف المستنقعات المالحة".
ويضيف "في المخطوطات التاريخية، أول انتفاضة لهذه الأقلية حصلت في العام 869"، في إشارة إلى ما يسمى بـ"ثورة الزنوج" ضد العباسيين.
وسمحت تلك الانتفاضة لذوي البشرة السوداء بتأسيس مدينتهم الخاصة التي استمرّت 15 عاماً، قبل أن يهزموا.
ويدعو الناشط ماجد الخالدي إلى "تمييز ايجابي" تجاه الأقلية التي ينتمي إليها، من أجل النهوض بواقعها الاقتصادي والتغلّب على التهميش السياسي.
ويقول الخالدي (32 عاما) الذي يعمل في شركة نفط في البصرة "أبناء البشرة السمراء يُعتبرَون مواطنين درجة خامسة، ليس حتى درجة ثانية".
ويطالب الناشط بسكن لائق وفرص عمل، ويأسف لسوء مستوى التعليم وترك الأطفال للمدرسة.
ويندّد باستمرار استخدام البعض لكلمة "عبد" التي يتداولها حتى بعض رجال الدين.
وفي بلد متعدّد الطوائف، تهيمن المحاصصة على توزيع المناصب والمحسوبية في تأمين المساكن والعمل وفي الإدارات العامة.
ويناشد الخالدي السلطات الاعتراف بذوي البشرة السمراء كأقلية وشملهم بنظام الكوتا، ليكون لهم ممثل في البرلمان، على غرار المسيحيين والأيزيديين.
وعلى الرغم من أنه معارض لنظام المحاصصة، يدرك الخالدي واقع بلده البالغ عدد سكانه 41 مليون نسمة يعاني ثلثهم من الفقر، ولا تزال الوظائف الحكومية المصدر الأساسي فيه لفرص العمل.
ويقول "إذا أردت أن تطالب بحقوقك، لا بدّ أن تكون قريباً من أصحاب القرار"، مضيفاً "نريد ممثلين يستطيعون أن يدخلوا عند المحافظ، وأن يذهبوا إلى بغداد، وأن يدخلوا الوزارات".
ومن المبادرات الخجولة التي حصلت في إطار محاولة إلقاء الضوء على ضرورة وقف التهميش، ضمّت قناة العراقية الإخبارية، أول قنوات البلاد الإخبارية الحكومية، الشابة ذات البشرة السمراء رندا عبد العزيز كمذيعة أخبار إلى كوادرها.
وتقول مجموعة حقوق الأقليات الدولية Minority Rights Group International (MRG) "أم أر جي" على موقعها الإلكتروني "ما زال العراقيون السود يواجهون تمييزاً وتهميشاً ممنهجاً".
وتضيف المنظمة التي تتخذ من لندن مقراً "لا يوجد أي عراقي أسود يشغل منصباً رفيعاً في الحكومة"، مشيرة في الوقت ذاته إلى "معدلات مرتفعة بشكل غير متناسب للأمية والبطالة" في أوساط تفتقر لفرص العمل ومحصورة عادةً بالعمالة وخدمة المنازل.
ويشرح سعد سلوم، المنسق العام لمؤسسة مسارات للتنمية الثقافية والإعلامية والخبير في شؤون التنوع الديني والاثني واللغوي في العراق، أن "التمييز الذي يتعرض له أبناء البشرة السمراء هو تمييز على المستويات كافة".
ويشير الى أن ذلك يحصل "سياسياً بسبب عدم وجود تمثيل سياسي، واجتماعياً بسبب ترسخ بعض الصور النمطية في الثقافة السائدة، وينعكس أيضاً على الأبعاد الاقتصادية، لأن غالبيتهم دون مستوى الفقر".
ويعتبر أي نشاط سياسي داخل الأقلية في العراق أمراً شديد الحساسية. ففي العام 2013، قُتل الناشط جلال ذياب، مؤسس أول جمعية للدفاع عن حقوق الأقلية، عقب انتخابات محلية جرت في البصرة.
ويقول سلوم "ما زال هناك طريق طويل لبلوغ المساواة و عدم التمييز ضدّ أفراد هذه الأقلية و أبناء الأقليات الأخرى".
الأكثر تعليقاً
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
"الجنائية" تتحرك أخيراً ضد الجُناة.. قِيَم العدالة في "ميزان العدالة"
اللواء محمد الدعاجنة قائداً للحرس الرئاسي
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
زعيمة حركة استيطانية تدخل غزة بدون علم الجيش لإعادة الاستيطان
مستعمرون بينهم بن غفير يقتحمون الحرم الإبراهيمي
7 مجازر و120 شهيدًا بعدوان الاحتلال على غزة في 24 ساعة
الأكثر قراءة
نتنياهو و"الليكود" يتربصان بغالانت لفصله من الحزب وإجباره على التقاعد
لائحة اتهام إسرائيلية ضد 3 فلسطينيين بزعم التخطيط لاغتيال بن غفير ونجله
ماذا يترتب على إصدار "الجنائية الدولية" مذكرتي اعتقال ضد نتنياهو وغالانت؟
الكونغرس يقر قانون يفرض قيودا صارمة على المنظمات غير الربحية المؤيدة للفلسطينيين
نتنياهو يقمع معارضيه.. "إمبراطورية اليمين" تتحكم بمستقبل إسرائيل
خلال مؤتمر "مفتاح".. إنهاء الانقسام ووضوح العلاقة بين المنظمة والسلطة
من فلسطين.. شكراً للجزائر قدوة الأحرار.. وشكرا لإعلامها
أسعار العملات
السّبت 23 نوفمبر 2024 10:34 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.7
شراء 3.69
دينار / شيكل
بيع 5.24
شراء 5.22
يورو / شيكل
بيع 3.85
شراء 3.83
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%53
%47
(مجموع المصوتين 95)
شارك برأيك
أٌقلية سود مهمشة في العراق رغم وجودها فيه منذ قرون