Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo

أقلام وأراء

الإثنين 28 أبريل 2025 9:03 صباحًا - بتوقيت القدس

المساعدات الإنسانية واللاإنسانية



د. أحمد رفيق عوض 


رفعت الولايات المتحدة الحصانة عن الأونروا،  وبذلك تفتح الطريق واسعاً لـمحاكمتها وإدانتها ليصبح الاعتداء على هيئات الأمم المتحدة مسألة عادية، وهو ما ينذر بتصفية هيئات تلك المنظمة الدولية، واحدة واحدة،  وصولاً إلى إغلاق أبواب المحكمتين الجنائية والعدل العليا مروراً بمجلس حقوق الإنسان واليونسكو واليونسيف وغيرها، وهي الهيئات التي حاربتها ومنعتها إسرائيل من العمل في قطاع غزة بالذات حتى لا تتمكن تلك الهيئات من المساعدة أو تقديم العون أو على الأقل المراقبة والتوثيق.

إسرائيل، فعلياً ، منعت عن الفلسطينيين التمتع بما تتمتع به باقي الشعوب من هذه الهيئات، لذا قامت إسرائيل بمنع كل تلك الهيئات الدولية من تقديم خدماتها لإحكام الحصار على الشعب الفلسطيني والتنكيل به بعيداً عن أنظار العالم، ومن ثم احتكار الرواية الكاملة وتقديمها للعالم كيف تريد إسرائيل وكيف ترى.

وعليه، فإن إسرائيل أشاعت بين الناس أن الغذاء يكفي لشهر آخر في قطاع غزة، وأن الإغاثة التي تقدم يتم إما تخزينها من قبل حركة حماس أو سرقتها ومن ثم بيعها بأثمان عالية، وليس هذا فقط، بل إن هناك من يهرب في تلك الإغاثة أسلحة أو أموال أو مواد ثنائية الاستخدام، وقد استطاعت إسرائيل على مدى سنة ونصف أن تحول مسألة المساعدات الإنسانية إلى قضية عالمية، وليس مجرد أداة عقابية تمارس بطريقة فيها كثير من انعدام الإنسانية، ذلك أن إسرائيل جعلت من تقديم الإغاثة وكميتها وأنواعها وطرق توصيلها أسلوب ابتزاز تفاوضي وسياسي وأمني من الدرجة الأولى، وجعلت من مسألة إطعام الشعب الفلسطيني مسألة تتدخل فيها قوى عظمى وأخرى اقليمية.

أكثر من ذلك، حولت إسرائيل هذه الإغاثة إلى مجال مدعى، وفيه استعراض مكشوف للمراجعة الأخلاقية والمحاسبة الوجدانية، حيث أن البروباغندا الاسرائيلية أطلقت في الجو أن الكابينيت يناقش  كيفية تقديم الإغاثة لأهل غزة – بعد ضغط من ترامب شخصياً- لئلا تكون مجاعة هناك، وكأن لا مجاعة هناك ، ولأسباب معروفة بدأ الحديث الإسرائيلي عن وسائل تقديم هذه الإغاثة؛ هل هو عن طريق جيش الاحتلال، أم عن طريق شركات أمنية وسيطة؟! الحديث الإسرائيلي العلني بهذه الطريقة ليس لوجه الله كما يقال، بل هو جزء من هذه البروباغندا التي تهدف الى تبييض وجه إسرائيل وإسقاط المساءلة الأخلاقية والقانونية عنها ولتنظيف الوجدان وتخليصه مما علق به من اتهامات بالتجويع للبشر في قطاع غزة، وهو أمر يشبه ذلك "القلق" الذي عبّر عنه بعض الطيارين المقاتلين للعدد الكبير من المدنيين الذين يسقطون في كل طلعة جوية فوق قطاع غزة، هذا "القلق" ليس خوفاً وليس فيضاً أخلاقياً بل هو نفاق ومحاولة تهرب من المحاسبة الدولية أو هو جزء من تلك الصورة الأخلاقية التي تحاول إسرائيل عبثاً تقديمها للعالم دون نجاح على الإطلاق، إذ أن معظم الجهات في العالم تعلم أن الآلة الإعلامية الإسرائيلية بكل أذرعها تكذب وتفبرك ولم يكن آخر ذلك الرواية الكاذبة المعدلة عدة مرات عن مقتل تسعة مسعفين، مروراً بمقتل شيرين أبو عاقلة وانتهاء بنفق محور صلاح الدين الذي لم يكن سوى فتحة لتصريف المياه حسب ما ذكره وزير الحرب السابق جالانت.

غزة تجوع على مرأى ومسمع الجميع، وقد استطاعت إسرائيل –لأسباب  لا تخفى على أحد- إسكات معظم الجهات والمنصات أو رشوتها أو تهديدها، ولهذا اكتفت تلك الجهات أو المنصات بإدارة الظهر لما يجري في غزة أو الحديث عما يجري دون التلميح بعقاب أو حتى الانتقاد بنبرة عالية، أما عالمنا العربي فقد اكتفى والتهى إما بلوم الضحية او شيطنتها أو ترك لأئمة المساجد  الدعاء المنضبط الذي لا يشتم منه الكراهية أو التحريض.

غزة تجوع، ولا تجوع فقط، بل يتم إنكارها ونسيانها أغلقت المعابر وأقفلت الفضاءات وغابت الطائرات والجهات والدول وحتى الأفراد، تركت غزة لجوعها وموتها وعذاباتها، واستطاعت إسرائيل أن تخدر الوعي حولها وان تطبع العين والأذن على مشاهد القتل والتدمير وعملت بكل الطرق التي نعرفها والتي لا نعرفها على إقناع العالم بأن ما تقوم به إنما هو جزء من الدفاع عن النفس، وأن ما يجري في قطاع غزة لا بد منه من أجل تطبيق تلك المقولة، وفي هذا الصدد، غرد السفير الأمريكي الجديد المتدين المتحمس عندما طلب منه أن يضغط على إسرائيل لإدخال المساعدات الانسانية، قال بكثير من الحماس والطمأنينة أيضاً: اضغطوا على حماس.

يجتمع على غزة اليوم القتل والجوع والتهديد بالطرد والتجريد من الحق في البقاء، وفوق هذا وتحته أيضاً، النكران والنسيان.


...........


إسرائيل، فعلياً، منعت عن الفلسطينيين التمتع بما تتمتع به باقي الشعوب من هذه الهيئات، لذا قامت إسرائيل بمنع كل تلك الهيئات الدولية من تقديم خدماتها لإحكام الحصار على الشعب الفلسطيني والتنكيل به بعيداً عن أنظار العالم.


دلالات

شارك برأيك

المساعدات الإنسانية واللاإنسانية

المزيد في أقلام وأراء

تجارة لا تبور

إسماعيل الشريف

جائحة الركود التضخمي الجديد

حسام عايش

عائلة بأكملها في قبضة الغياب... حين تُقصف السماء الذاكرة

بن معمر الحاج عيسى كاتب وباحث جزائري

رفح.. سنة في درب المعاناة وسبع محطات من الصبر الجميل المقدّس

حلمي أبو طه

الهجمة على القدس تشتد وتمتد وتتسع

راسم عبيدات

اصلاح حال بال المراهقين/ المراهقات (3)

غسان عبد الله

قراءة في مذكرة التفاهم الثنائية بين الحكومتين الفلسطينية والبريطانية

د. دلال صائب عريقات

أوروبا تحتفل.. ونحن ننتحب

أمين الحاج

كُـنْ مســاعداً...!

د. أفنان نظير دروزه

حين تُمنع الكلمات.. تكميم البحث العلمي وطمس المعرفة في زمن الإبادة

د. سماح جبر/ استشارية الطب النفسي

بعد ٨٠ عاماً من الانتصار على النازية.. شعبنا بإرادته وإتقان شروط المواجهة سينتصر أيضاً

دروز سوريَة بين نار داعش ونار إسرائيل!

هذه الحكومة الإسرائيلية ليست حليفتنا

خطة ترامب.. تحت غطاء إنساني

فنتازيا ترامب وتكهنات الإعلان المرتقب

تحولات سياسية طارئة

حين تُمنع الكلمات: تكميم البحث العلمي وطمس المعرفة في زمن الإبادة

بقلم: د. سماح جبر استشارية الطب النفسي

بعد عام على حكومة المهندسين

نصار يقين

مطالب "الجمهوريين" في استطلاعات الرأي

جيمس زغبي

القلمُ مُكبَّلٌ: الصحفيون الفلسطينيون في مواجهة آلة الاعتقال الإداري الإسرائيلية سردية القمع المنظم ضد شهود...

بن معمر الحاج عيسى

أسعار العملات

الأربعاء 07 مايو 2025 11:16 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.62

شراء 3.61

دينار / شيكل

بيع 5.11

شراء 5.1

يورو / شيكل

بيع 4.11

شراء 4.1

هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟

%55

%45

(مجموع المصوتين 1211)