حاتم عبد القادر: أثبتت "القدس" على مدار عشرات السنين مكانتها كمنبر حر ومستقل جمع بين المهنية الصحفية والالتزام بالثوابت الوطنية
عزيز العصا: ونحن نتصفح العدد عشرين ألفًا نكون أمام مناسبة مهمة يتحقق فيها الحلم ويصبح واقعًا على الأرض
سلوى هديب: المقدسيون تعاملوا مع جريدة القدس باعتبارها جزءاً من تفاصيل حياتهم اليومية.. تنقل آمالهم وآلامهم وتطلعاتهم
فؤاد جبر: بعد النكسة كنا في القدس لا مصدر لنا للأخبار حتى أطلت علينا "القدس" وأصبحت المصدر الموثوق للخبر والموقف الوطني
د. طلال أبو عفيفة: صحيفة القدس وعبر عشرات السنوات أثبتت جدارتها في الاستمرار بالصدور رغم كل المعيقات المالية والاحتلالية
المهندس سامر نسيبه: العدد 20 ألفاً شهادة حية على مسيرة إعلامية عريقة صمدت بوجه التحولات السياسية وضغوط الاحتلال وتحديات العصر الرقمي
نجاح مسلم: بلوغ القدس عددها العشرين ألفاً محطة مهمة تستحق التوقف والتحليل في ظل التحديات الكبرى التي تواجه الصحافة الورقية
إسماعيل مسلماني: "القدس" فتحت صفحاتها لمختلف الأصوات الفكرية والسياسية وحافظت على استقلالية نسبية وسط تحديات معقدة
عماد منى: رغم كل التحديات وقلة الموارد والحرب والمعوّقات الإسرائيلية، ومشاكل التوزيع استمرت الجريدة وهذا بحد ذاته إنجاز كبير
د. أمجد شهاب: "القدس" أهم جريدة على مستوى فلسطين وقد لعبت دوراً هاماً في نشر الوعي في أنحاء فلسطين منذ تأسيسها
محمد زحايكة: "القدس" اختطت لنفسها أسلوباً واقعياً في الطرح السياسي وباتت مدرسة في الصحافة تخرج منها عشرات الكوادر الصحفية
داود كتاب: رغم الألم والاحتلال وتهويد القدس بقيت صحيفة "القدس" منارة ومصدراً للمعلومة وملهمة للصامدين في المدينة المقدسة
بحسابات الزمن دخلت صحيفة القدس عامها التاسع والخمسين وهي تحمل اسم سيدة المدن، قدس الأقداس، زهرة المدائن، ومهوى الأفئدة، عاصمة فلسطين الأبدية، رغم أن الانطلاقة الأولى كانت في العام 1951.
وبحسابات العدد، تتوشح صحيفة القدس اليوم الخميس بالعدد عشرين ألفاً، وهي بكامل حضورها وعطائها واعتزاز جمهورها بها، مسجلة علامة فارقة في تاريخ الصحافة الفلسطينية وحتى العربية، ومتخطية كل الصعاب التي مرت بها منذ أن وطأت أقدام المحتلين الشطر الشرقي من مدينة القدس في عدوان 1967.
أن تصل صحيفة القدس العدد عشرين ألفاً حدث يستحق الاحتفاء والتأمل، ونحن نرى أن الكثير من المطبوعات الورقية لم تصمد في وجه الثورة الرقمية، واضطرت لمغادرة المشهد الإعلامي، إضافة إلى الصعاب الكثيرة التي مرت بها صحيفة القدس في ظل الاحتلال الإسرائيلي ورقيبه العسكري، والأزمات المالية خاصة في السنوات الأخيرة، والتحولات الكبرى التي تعيشها المنطقة والعالم بأسره.
كتاب وصحافيون وسياسيون وناشطون ومهتمون ومواطنون، سجلوا في أحاديث منفصلة مع "القدس" ذكرياتهم مع "القدس" الصحيفة الفلسطينية بامتياز، مشيدين بالدور الذي لعبته كمنبر حر، يتمتع بالاستقلالية والمهنية، فتح صفحاته لكل المشارب والتوجهات دون تمييز، وكحاملة لراية ورسالة سياسية وثقافية ووطنية مشهود لها، وثقت لتاريخ القضية الفلسطينية في مختلف مراحلها.
لحظة فارقة في تاريخ الصحافة الفلسطينية
وقال الأمين العام للهيئة الإسلامية المسيحية لنصرة القدس والمقدسات حاتم عبد القادر: "في لحظة فارقة في تاريخ الصحافة الفلسطينية تحتفل صحيفة القدس بصدور عددها العشرين ألفاً، في مسيرة نضال صحفي متجذر في تراب المدينة المقدسة، عكست صوتاً صادقاً لنبض الشعب الفلسطيني.
وأضاف: لم تكن صحيفة القدس منذ تأسيسها على يد الراحل المرحوم محمود أبو الزلف في العام 1951 مجرد صحيفة بل كانت شاهداً حياً على تطورات القضية الفلسطينية وميداناً للدفاع عن الحق الفلسطيني في وجه حملات التضليل التي استهدفت الرواية الفلسطينية، حيث أثبتت الصحيفة على مدار عشرات السنين مكانتها كمنبر حر ومستقل جمع بين المهنية الصحفية والالتزام بالثوابت الوطنية الفلسطينية.
تأكيد وتكريس عروبة القدس
وأشار إلى أن صحيفة القدس لعبت دوراً كبيراً في تأكيد وتكريس عروبة القدس وواجهت محاولات الاحتلال طمس الهوية العربية للمدينة المقدسة، وكانت مرآة تعكس ما تتعرض له القدس والمقدسيون من انتهاكات وتهويد للأرض والمقدسات، وكانت دائماً في الميدان ترصد الاعتداءات وتروي حكايات الصامدين في أرضهم وتطلق صرخات المدينة المقدسة إلى العالم.
وأكد عبدالقادر أن الاحتفاء بمناسبة صدور العدد عشرين ألفاً لصحيفة القدس هو احتفاء بمسيرة وطن ومسيرة شعب وصحيفة أصبحت ركناً ثابتاً في الوعي الفلسطيني.
وختم عبدالقادر بالقول: كل التحية والتقدير لأسرة صحيفة القدس التي حملت الأمانة وظلت وفية للرسالة وجعلت من الكلمة وعياً وطنياً متجذراً في نبض الشعب الفلسطيني.
قرار الراحل الملك حسين توحيد "الجهاد" و"الدفاع"
من جانبه، قال الكاتب والباحث المهتم بالشأن المقدسي عزيز العصا: عملًا بالقاعدة الأخلاقية القائلة بضرورة إعادة الفضل إلى أهله، وفي هذه اللحظة الفارقة من عمر "صحيفة القدس"، ونحن أمام العدد رقم (20,000)، التي تتوج (58) عامًا ونيّف من العمل المتواصل، نستذكر المرحوم الملك حسين الذي أصدر مرسومًا ملكيًّا بتوحيد الصحف الصادرة في المملكة الأردنية الهاشمية في صحيفتين: تصدر إحداهما في القدس باسم القدس، وتصدر الأخرى في عمان. وقد صدر العدد الأول من الصحيفة باسم "القدس" في 21-03-1967م.
وأضاف: كما نستذكر المرحوم محمود أبو الزلف صاحب الامتياز، وقد لخّص ماهيّة الصحيفة، في افتتاحية عددها الأول، بالقول: "هي نتاج اندماج صحيفتي الجهاد والدفاع، فتنادينا "جهادًا" و"دفاعًا" للاندماج في مؤسسة صحفية جديدة قوية تنصب فيها الطاقات ليخرج وليدًا جديدًا يغدو عملاقًا بعد قليل –بإذن الله- هو... "صحيفة القدس".
وأشار العصا إلى أنه وبعد أقل من ثلاثة أشهر من صدور ذلك العدد، اندلعت حرب حزيران التي انتهت باستكمال احتلال إسرائيل لما تبقى من القدس. فأغلق المحتلون الصحيفة، وبعد مداولات، عادت للصدور اعتبارًا من 19-11-1968، فتابع المرحوم أبو الزلف، تطوير "صحيفة القدس"، وأشرف على كل صغيرة وكبيرة فيها، حتى أنه كان يرى في كل عدد يصدر منها ولادة ابن جديد له، إلى أن توفاه الله في 28-03-2005.
إمبراطورية إعلامية مكتملة الأركان
وأضاف: لقد غدت "صحيفة القدس" "امبراطورية إعلامية مكتملة الأركان"؛ عربية فلسطينية تربض على مساحة دونمين ونصف الدونم في بيت حنينا؛ ذلك الحي المقدسي الفلسطيني، الذي سعى الاحتلال إلى تهويده، ففرض عليه مسمى "عطاروت"، في حين أن الموجودة فيه "فعليًا" مؤسسات عربية فلسطينية تفرض واقعًا يصعب على الاحتلال "تجرعه".
وقال: الآن، ونحن نتصفح العدد عشرين ألفًا، نكون أمام مناسبة مهمة يتحقق فيها الحلم، ويصبح واقعًا على الأرض، ونحن نرنو إلى مؤسسة إعلامية، مقدسية الأصل والفصل والهوى والهوية، تحمل الهمّ الفلسطيني اليوميّ إلى العالم، وتأتي بأخبار العالم إلى المواطن الفلسطيني، الذي ينهل منها معرفة تسهم في صياغة شخصيته الثقافية والمعرفية. كما أن هذه الصحيفة، بما تتمتع به من سمات وخصائص على درجة عالية من المهنيّة، وضعتها في مكانة القوة الناعمة الأكثر تأثيرًا في مواجهة الاحتلال ومخططاته العدائية والعدوانية على الشعب الفلسطيني، وجعلتها في خط الدفاع الأول عن القضية الفلسطينية، وعن حق الشعب الفلسطيني في العودة والدولة وتقرير المصير، طال الزمن أو قَصُر.
جريدة القدس جزء من ذاكرة الطفولة
بدورها، قالت عضو المجلس الثوري لحركة فتح سلوى هديب: فتحت عيوني منذ نعومة أظفاري على قراءة جريدة القدس التي حرصت عائلتي؛ والدي ووالدتي وإخواني وأخواتي على قراءتها والاستفادة من أخبارها، إذ كانت الوسيلة الوحيدة المقروءة في مدينة القدس إلى جانب جهاز الراديو.
وأضافت: تعتبر جريدة القدس شاملة وكاملة في نشر كل ما يهم القارئ، وهي متنوعة في مواضيعها السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية والوطنية والدينية، وهو التنوع الذي يلبي طموح ورغبات القارئ. كما تعتبر الصحيفة الوحيدة غير الحزبية وتقف من الجميع بنفس المسافة.. جريئة في طرحها وفي نقدها وفي مسيرتها.
وأشارت إلى أن المقدسيين تعاملوا مع جريدة القدس باعتبارها جزءاً من تفاصيل حياتهم اليومية منذ تأسيسها في العام 1951. وأضافت: كيف لا، وهي الصحيفة التي تنقل آمالهم وآلامهم وتطلعاتهم وحتى تفاصيل الحياة اليومية على المستوى المقدسي، وعلى المستوى الوطني الفلسطيني العام، حيث تتناول القضايا الوطنية ببعدها السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي، فلا تكاد تجد صفحة من صفحاتها تخلو من اهتمام شرائح القرّاء المتنوعة.
"القدس" أصبحت ملكاً معنوياً لكل مقدسي
وتابعت: "مع مرور السنوات، أصبحت صحيفة القدس جزءاً من الموروث الثقافي لمدينتنا المقدسة، فكما ارتبط اسمها بالقدس، فقد ارتبط وجدان المقدسيون بها، حيث رأوا فيها على مدى أجيال تلك المرآة الناصعة التي تعبّر عنهم.
وقالت: اليوم، كل غيور وحريص على مدينة القدس هو حريص أيضاً على هذه الصحيفة التي عاشت مع المقدسيين، ونقلت همومهم واهتماماتهم عبر عقودٍ طويلة، فهذه الجريدة لم تعد فقط ملكاً لآل أبو الزلف الكرام الذين كان لهم السبق في تأسيسها وإدارتها، وإنما أصبحت ملكاً معنوياً لكل مقدسي غيور على هذه المدينة. نتمنى دائماً لجريدة القدس التطور والنجاح والتميز، كما اعتدنا عليها دوماً لتبقى جزءاً أصيلاً من إرثنا الوطني الممتد.
رفع المعنويات في أحلك الظروف
من جهته، قال الكاتب المقدسي فؤاد جبر: في هذا اليوم الذي تصدر فيه القدس عددها رقم (20000) تعود بقرائها الذاكرة – وأنا منهم – إلى سنوات ما بعد حرب حزيران 1967، حيث كان المواطن الفلسطيني يمر بظروف النكسة القاسية وآثارها، وكنا في القدس وسائر الأراضي المحتلة لا مصدر لنا للأخبار سوى الإذاعة الإسرائيلية- وليس كل الأخبار- إلى أن أطلت علينا جريدة القدس، وأصبحت المصدر المعتمد والموثوق للخبر والموقف الوطني في التوجيه ومعالجة القضايا، ورفع المعنويات في أحلك الظروف. وأضاف: صدرت بعد ذلك عدة صحف ومجلات مقدسية وطنية إلا أن (القدس) تميزت شكلاً ومضموناً وتربعت على عرش الصحافة الفلسطينية بقيادة عميد الصحافيين الفلسطينيين المرحوم محمود أبو الزلف ومعه أسرة التحرير والمراسلون والكتاب والموظفون.
وتابع: لم أعمل كصحفي في جريدة القدس، ولكن كانت لي علاقة صداقة بالأخ الكبير الراحل "أبو مروان" وكانت له وللجريدة معي وقفات كريمة ومشرفة لا تنسى، ففي سنة 1975 أصدرت "الدليل التجاري العربي"، ولم يكن إصداره بهدف الربح، وقد دعمني من خلال حملة إعلانات مجانية. وفور صدور الدليل أصدر تيدي كوليك رئيس بلدية الاحتلال في القدس آنذاك خبراً مفاده "إنني أصدرت الدليل بدعم مالي من البلدية"، وطبعاً كان لا بد من تكذيب الخبر، فنشرت جريدة القدس، وتبعتها الصحف المقدسية الأخرى خبراً بعنوان (تيدي كوليك يكذب)، وتابعت جريدة القدس دعمها خلال مقاضاتي لتيدي كوليك حتى اعتذر رسمياً وصحح الخبر.
موقف داعم لتأسيس رابطة الصحفيين
ولفت جبر إلى موقف آخر لا زال يذكره ويقدره للراحل "أبو مروان"، وهو دعمه لفكرة تأسيس نقابة للصحفيين بهدف تحسين أوضاعهم، "وهي فكرة طرحتها آنذاك وشاورته فيها فأيدها رغم أنه صاحب جريدة قد تتعرض لمطالبات الموظفين مستقبلاً، في الوقت الذي عارضت صحف مقدسية أخرى الفكرة وهاجمتنا، وكانت القدس حينها تنشر لنا أخباراً ومقالات وإعلانات مجانية إلى أن عقدنا الاجتماع التأسيسي للنقابة التي كانت وقتها تحمل اسم رابطة الصحافيين، وقد رافقني في متابعة التأسيس ومراجعة الجهات الرسمية الأردنية ومنظمة التحرير الفلسطيمية الأخ المرحوم محمد عوض حتى حصلنا على الترخيص من وزارة الداخلية الإسرائيلية، وطبعاً كان المرحوم أبو مروان خير داعم، وقد تحولت الرابطة لنقابة بعد إنشاء السلطة الفلسطينية ورئسها المرحوم نعيم طوباسي.
وقال: "هذه هي القدس وما أدراك ما القدس التي واصلت مسيرتها في طريق شائك مليء بالمعوقات والصعاب، إلا أنها نجحت وأثبتت وجودها واجتازت كافة الصعوبات النضالية، وقد تشرفت بنشر مقالاتي على صفحاتها لسنين عديدة عندما كنت صحفياً ثم أصبحت مصرفياً".
وختم بالقول: أترحم على مؤسس (القدس) ومحررها وصاحبها الأستاذ المرحوم محمود أبو الزلف (أبو مروان)، وأتمنى التوفيق والنجاح لأسرة تحريرها الحالية التي تواصل مسيرتها النضالية الشاقة في خدمة قضيتنا الفلسطينية العادلة، ولتبقى القدس منبراً إعلامياً حراً تطرح من خلاله الأفكار ووجهات النظر في مختلف القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها بما يخدم قضيتنا وشعبنا والوطن".
صحيفة متميزة عبر أكثر من نصف قرن
وتوجه عضو الأمانة العامة للاتحاد العام للكتاب والادباء الفلسطينيين د. طلال أبو عفيفة بالتهنئة والتبريكات والتقدير إلى إدارة صحيفة القدس وموظفيها بمناسبة صدور العدد ( 20000 ) من هذه الصحيفة المتميزة عبر أكثر من نصف قرن .
وقال: بالتأكيد إن صحيفة القدس وعبر عشرات السنوات أثبتت جدارتها في الاستمرار بالصدور رغم كل المعيقات المالية والاحتلالية ورغم كل متاعب الحياة. فصحيفة القدس، خاصة بثوبها الجديد ورئيس تحريرها المتميز ومحرريها ومراسليها، لمعت وأضاءت من جديد في الفضاء الفلسطيني والعربي، ولاحقت كل حدث محلي وعربي وعالمي، خاصة ما يجري من أحداث مؤلمة ودموية في غزة هاشم وعدد من مدن وقرى ومخيمات الضفة .
وأضاف: كلنا أمل أن تستمر صحيفة القدس بالصدور إلى يوم الدين.. باعتبارها تحمل اسم القدس أولى القبلتين، مسرى ومعراج رسولنا الكريم محمد عليه الصلاة والسلام، عاصمة الدولة الفلسطينية، وعلى مقربة من بيت لحم مهد السيد المسيح، وقبل ذلك أرض يبوس وكنعان التاريخ والحضارة عبر الزمن الماضي.
منبر وطني ومرآةً لنبض الشارع الفلسطيني
رجل الأعمال المهندس سامر نسيبه قال: إن العدد 20,000 من صحيفة القدس ليس مجرد رقم، بل هو شهادة حية على مسيرة إعلامية عريقة صمدت في وجه التحولات السياسية، وتغيرات الواقع الفلسطيني، وضغوط الاحتلال، وتحديات العصر الرقمي. فهي واكبت مختلف مراحل القضية الفلسطينية.
وأضاف: على مدار عقود ومنذ أن اطلقها عميد الصحافة الفلسطينية المرحوم محمود أبو الزلف، شكّلت القدس أكثر من مجرد صحيفة؛ كانت منبرًا وطنيًا، ومرآةً لنبض الشارع الفلسطيني، وذاكرة جماعية تحفظ تفاصيل الحياة اليومية والسياسية في القدس وسائر الوطن.
وتابع: في وطننا المحتل وبينما لم تتوقف سياسات الاحتلال عن محاولات تفريغ القدس وفلسطين من هويتها الوطنية، كانت صحيفة القدس – وما تزال – أحد أبرز أعمدة الصمود الثقافي والوطني.
وأوضح نسيبه أن صحيفة القدس ورغم الظروف القاسية، حافظت الغراء على قدرٍ كبير من المهنية والاستقلالية، فكانت صوتًا حرًا يعكس التعدد الفلسطيني، دون أن تفقد بوصلتها الوطنية أو تحسب على أي طرف فلسطيني أو عربي على حساب القضية والمبدأ، فهي صحيفة كل الفلسطينيين. واليوم وفي زمنٍ باتت فيه منصات التواصل تملأ الفضاء، بقيت القدس مصدرًا موثوقًا للخبر، ومرجعًا للرأي، وبيتًا للقراء.
وتوجه بالتهنئة لأسرة الصحيفة ولآل أبو الزلف الكرام، ولقرّائها، ولكل من ساهم في استمرار هذه المسيرة. وختم بالقول: وليبق هذا المنبر الحر حاضرًا، نابضًا، من قلب العاصمة التي لا تغيب، القدس. وقبل وبعد كل ذلك نقول سلام على روح مؤسسها عميد الصحافة الفلسطينية المرحوم محمود أبو الزلف ( العم أبو مروان ) الذي لولاه لما كانت هذه الصحيفة، الصفحة الحية من تاريخ فلسطين الحديث.
قدرة لافتة على التطور والتأقلم
من جانبها، قالت الصحفية والمحاضرة الجامعية في كلية الإعلام نجاح مسلم: لا شك أن بلوغ صحيفة القدس عددها العشرين ألفاً يُعد محطة مهمة تستحق التوقف والتحليل، خاصة في ظل التحديات الكبرى التي تواجه الصحافة الورقية في العصر الرقمي. فقد أثبتت القدس قدرة لافتة على التطور والتأقلم، سواء من حيث التحليل الإخباري لقضايا الداخل والخارج، أو عبر استضافتها لمحللين وصحفيين من مدارس فكرية متعددة، ما عزز من مصداقيتها. كما أن تخصيصها مساحات واسعة للرأي وفتحها المجال لكتاب ومثقفين من خلفيات وتوجهات فكرية مختلفة، يعكس وعياً مهنياً بأهمية التعددية والحرية في الطرح، وهي عناصر جوهرية في أي تجربة إعلامية ناضجة.
واستطردت مسلم: مع ذلك، فإن الصحيفة مطالبة اليوم، أكثر من أي وقت مضى، بأن تُعيد تقييم أدواتها الرقمية، وتستثمر بشكل أعمق في محتوى تفاعلي متعدد الوسائط يواكب سرعة التحول الإعلامي، خاصة في ما يتعلق بجذب الجيل الرقمي، أي فئة الشباب الذين وُلدوا وتشكّل وعيهم في بيئة الإنترنت والتطبيقات الذكية ومنصات التواصل الاجتماعي، والذين يعتمدون بشكل أساسي على الأجهزة المحمولة في استهلاكهم للمعلومة.
وأضافت: إن الوصول إلى هذا الجيل يتطلب خطاباً بصرياً سريعاً، تفاعلياً، بلغة رقمية تتماشى مع طبيعة استهلاكهم المتغيرة. كما أن الحفاظ على خط تحريري مستقل في بيئة سياسية معقدة يتطلب شجاعة تحريرية ومهنية عالية، وهو ما أتمنى أن تواصل القدس الالتزام به، لتبقى منبراً يعبّر عن الناس ويتجاوز الحدود.
صدور العدد 20000 محطة تاريخية وإعلامية فارقة
بدوره، قال الكاتب والمحلل السياسي المقدسي إسماعيل مسلماني: مع صدور العدد 20000 من صحيفة القدس، نقف أمام محطة تاريخية وإعلامية فارقة، تختزل في طيّاتها مسيرة طويلة من العطاء الصحفي والمواقف الوطنية. فمنذ انطلاقتها عام 1951، رسّخت الصحيفة حضورها كمنبر حرّ في قلب مدينة القدس، حاملةً هموم الشعب الفلسطيني وآماله، وموثّقةً لتفاصيل الحياة اليومية والنضال الوطني في أحلك الظروف.
وأضاف: لعبت القدس دوراً محورياً في تشكيل الوعي العام، من خلال تغطياتها المستمرة والدقيقة، وفتحت صفحاتها لمختلف الأصوات الفكرية والسياسية، محافظةً على استقلالية نسبية وسط تحديات معقدة من احتلال، وضغوط سياسية، وتحولات إعلامية.
وأشار مسلماني إلى أن ما يميز الصحيفة ليس فقط استمراريتها رغم كل تلك التحديات، بل التزامها بقيم المهنة، وقدرتها على التكيّف مع العصر، من خلال إصدارها الورقي ثم انخراطها في الإعلام الرقمي لتصل إلى الأجيال الجديدة.
وتابع: في هذه اللحظة الرمزية، نحيّي كل من ساهم في استمرار هذا الصرح الصحفي، من مؤسسين وكتّاب ومحررين وقرّاء. إن القدس ليست مجرد صحيفة، بل ذاكرة وطن، وسجلّ نضال، ومجال يومي للتعبير عن روح فلسطين.
واحدة من أبرز الصحف الفلسطينية وأكثرها تأثيرًا
وأوضح أن صحيفة "القدس" تُعتبر واحدة من أبرز الصحف الفلسطينية وأكثرها تأثيرًا منذ تأسيسها. إليك تعقيبًا حول تاريخها، دورها، أثرها، واستقلاليتها:
تاريخ الصحيفة:
- تُعد من أقدم الصحف الفلسطينية التي استمرت في الصدور حتى اليوم.
- منذ نشأتها، كانت الصحيفة منصة لنقل الأخبار المحلية والدولية، مع التركيز على القضية الفلسطينية.
دورها:
- إعلامي : لعبت دورًا محوريًا في توثيق الأحداث الفلسطينية، من الاحتلال إلى الانتفاضات، مما جعلها مصدرًا موثوقًا للمعلومات.
- ثقافي: ساهمت في نشر الثقافة الفلسطينية وتعزيز الهوية الوطنية من خلال مقالاتها وتحليلاتها.
- سياسي: كانت منبرًا لنقل صوت الفلسطينيين إلى العالم، مع التركيز على معاناتهم وآمالهم.
أثرها:
- ساهمت في تشكيل الوعي الفلسطيني والعربي حول القضايا الوطنية.
- كانت مصدر إلهام للعديد من الصحفيين والكتاب الفلسطينيين.
- أثرت في الرأي العام الدولي من خلال تغطياتها المستمرة للأحداث في فلسطين.
استقلاليتها:
- رغم التحديات السياسية والضغوط، حافظت الصحيفة على استقلاليتها إلى حد كبير، مما أكسبها احترام القراء.
- كانت دائمًا تسعى لتقديم تغطية متوازنة وموضوعية، مع التركيز على القضايا الوطنية.
وأكد مسلماني أن صدور العدد 20000 يُعد إنجازًا كبيرًا يعكس استمرارية الصحيفة ودورها الحيوي في المشهد الإعلامي الفلسطيني.
شعبية كبيرة ومصداقية وموضوعية
وهنأ صاحب المكتبة العلمية بالقدس عماد منى صحيفة القدس، إدارتها، والعاملين فيها، والقائمين عليها، بمناسبة صدور العدد العشرين ألفاً. وقال: نُقدِّم التهنئة على استمرار صدور الصحيفة طوال هذه السنين، في خدمة المجتمع المقدسي، والمجتمع الفلسطيني بشكل عام.
وأضاف: في الحقيقة، كان لصحيفة القدس دور كبير على مدار السنوات الماضية، منذ تأسيسها، سواء في التنوير، أو نشر المعلومة، أو إيصال الأخبار وتعزيز الوعي لدى القرّاء. لقد كانت لها قاعدة جماهيرية واسعة، وكانت مشهورة ومعروفة، ولها شعبية كبيرة، وتمتعت بالمصداقية والموضوعية، وغيرها من القيم الصحفية المهمة.
وتابع منى: لكن حالها كحال كثير من الصحف، سواء كانت محلية في الوطن، أو في العالم العربي، أو حتى على مستوى العالم، تأثرت بشكل كبير بالإعلام الرقمي ووسائل التواصل الاجتماعي، تمامًا كما تأثرت سائر وسائل الإعلام، من مجلات وكتب وغيرها. وقد أدى ذلك إلى تراجع دور الصحف أمام التقدّم الكبير في وسائل التواصل التي نعرفها جميعًا، مثل فيسبوك، وتيك توك، وواتساب، وغيرها. وكان من بين المتأثرين أيضًا جريدة القدس.
ضرورة مواكبة التطور الرقمي المتسارع
واستطرد قائلاً: أعتقد أن من هنا يبدأ التحدي الحقيقي لجريدة القدس، ولغيرها من الصحف، وهو: كيف تواكب العصر الجديد في ظل هذه التكنولوجيا؟ وكيف تواكب التطور الرقمي المتسارع؟
وقال منى: ربما تكون الأخبار اليومية، التي أصبحت منصات التواصل تتناولها سريعًا، قد فقدت قيمتها كحصرية للصحف، لذا قد يكون من المفيد أن تركز الجريدة على التحليلات، والمواضيع العميقة والمتنوعة، التي تهم الجمهور بشكل أكبر. ومن المهم جدًا أيضًا أن تكون لدينا، كصحفيين في جريدة القدس، القدرة على استمزاج رأي الجمهور: ماذا يريد؟ ما هي اهتماماته؟ ما هي توجهاته؟ وكيف يمكننا تلبية تطلعاته؟ بمعنى: كيف نستقطب قرّاء جدد للجريدة، من خلال مواكبة اهتماماتهم المتغيّرة؟ وأعتقد أن هذا هو دور الجريدة اليوم.
وختم منى بالقول: كل الشكر والتقدير للصحيفة على جهدها الكبير، وإصرارها على الاستمرار حتى اليوم، رغم كل التحديات، ورغم قلة الموارد، والحرب، والمعوّقات الإسرائيلية، ومشاكل التوزيع، وصعوبة الوصول إلى الناس. رغم كل هذه المعوّقات، استمرت الجريدة، وهذا بحد ذاته إنجاز كبير وتحدٍّ حقيقي.
"القدس" تلبي حاجة القارئ الفلسطيني
من جهته، قال مدير كلية الشهاب المقدسي د. أمجد شهاب : تعتبر جريدة القدس أهم جريدة على مستوى فلسطين، حيث لعبت دوراً هاماً في نشر الوعي في أنحاء فلسطين منذ تأسيسها، حيث كانت تعد من أهم مصادر المعلومات التي تلبي حاجة القارئ الفلسطيني وخاصة في مجال تحليل الأخبار المحلية والإقليمية والدولية.
وأضاف: كان لجريدة القدس تأثير في الرأي العام الفلسطيني من خلال نشرها للأحداث والتحليلات في الملفات الساخنة التي تهم المواطن العادي بلغة أكثر فهما وسهولة.
واستطرد شهاب: رغم التقدم التقني على حساب الإعلام الورقي إلا ان جريدة القدس ما زالت تحافظ على توازن العناصر الأساسية كصحيفة يومية. وقد حافظت على حرية التعبير بالرغم من قيود ورقابة الاحتلال المشددة.
وختم شهاب بالقول: إن جريدة القدس تمنح مساحة لنقل نبض الشارع الفلسطيني وتوفر للناس معلومات وتقارير كافية عما يدور حولهم على المستوى الإقليمي والدولي.
جريدة القدس تميزت باستقلالية الرأي
بدوره، قال الإعلامي المقدسي محمد زحايكة: بالنسبة لي كانت "القدس" حلمي في العمل لصالحها، لذلك ما أن افتتحت مكتبا للخدمات الصحفية في العام 1985 في شارع صلاح الدين، سارعت إلى مكاتب الجريدة في شارع علي بن أبي طالب المتفرع من شارع صلاح الدين، وقابلت الراحل محمود أبو الزلف "أبو مروان" مؤسس وصاحب ومالك "القدس" الذي شجعني على مراسلة الجريدة، كما طلب مني بعض المواضيع الخاصة فقط بجريدة القدس، وصرف لي مكافأة شهرية مجزية.
وأضاف زحايكة: "من ذلك الوقت، بدأت أنشر في جريدة القدس، وأكتشف عوالمها ودورها في احتضان قضية شعبها الفلسطيني بأسلوب رصين، بعيداً عن الشعارات الرنانة والشعبوية المقيتة، وبالتركيز على الحقائق الدامغة التي تدين الاحتلال وممارساته القمعية وإجراءاته على الأرض لتغيير معالم مدينة القدس وفلسطين عموماً، وتشويه الهوية الثقافية والحضارية للشعب الفلسطيني.
وأشار زحايكة إلى أن جريدة القدس تميزت باستقلالية الرأي وطرح الموقف الفلسطيني العادل دون الحجر على الآراء، وفتحت صفحاتها أمام الكل المقدسي والفلسطيني، وتركت جميع الآراء والرؤى تتصارع فكرياً وسياسياً في البستان الوطني، بعيداً عن التشنج والعنتريات الفارغة.
وأضاف: يمكن القول إن جريدة "القدس" باتت منذ زمن بعيد مدرسة في الصحافة تخرج منها عشرات الكوادر الصحفية على مر الزمن، خاصة وأنها اختطت لنفسها أسلوباً واقعياً في الطرح السياسي والموضوعي المناصر لعدالة القضية الفلسطينية، مما ترك تاثيراً واضحاً على أجيال فلسطينية متعاقبة، وأسهم في صقل مواهب أفواج من النخب الفلسطينية التي صار لها دور بارز في الحياة السياسية والثقافية والاقتصادية الفلسطينية.
وختم زحايكة بالقول: "القدس" كانت وما زالت منارة إعلامية تشع أنوارها في القدس والجوار.
عدد مميز يعكس الإصرار والاستمرار
الصحفي المقدسي داود كتاب قال: رغم الألم والاحتلال وتهويد القدس بقيت صحيفة "القدس" منارة ومصدراً للمعلومة، وملهمة للصامدين في المدينة المقدسة، ومبتكرة في عهد الرقمية، بحضور عربي وعالمي، ونقل ما يحدث في فلسطين للعالم، وما يحدث في العالم لفلسطين.
وأضاف: لقد عملت وكتبت في صحيفة القدس منذ خمسة عقود، ولا شك أنه ورغم الصعوبات والأزمات التي مرت بفلسطين إلا أن "القدس"، الصحيفة كما "القدس" المدينة صامدة ومشرقة رغم الاحتلال وحرب الإبادة والتهويد.
وهنأ كتاب "القدس" وعائلة أبو الزلف الرائدة بصدور عدد مميز يعكس الإصرار والاستمرار رغم الصعوبات والتحديات. كما هنأ القائمين على صحيفة القدس وتمنى لها الازدهار والاستمرار.
شارك برأيك
"القدس" تبلغ العدد 20 ألفاً وهي بكامل حضورها وعطائها