بحدّة وخشونة زائدة، تُنشِب المجاعة الثالثة أنيابها، فتعضّ الناس، وتجعلهم يأكلون جوعهم، ويشربون عطشهم على نحو يفوق ما كابدوه في المجاعة الأولى في الأشهر الستة الأولى من حرب الإبادة،  والثانية التي تعمقت أوجاعها في أشهر تشرين الأول والثاني وكانون الأول من العام الماضي.

 "نشرب مياه البحر"، حقيقة لا مجازاً، فمنه يشربون ويغسلون ويغتسلون ويتوضأون، كما قال أحد النازحين في تقرير على إحدى القنوات الفضائية، مضيفاً "جلن مي، نحصل عليه بعد عناء طيلة اليوم، ليكون نصيب كل فرد من العائلة كباية من المياه المالحة".

"منذ أسبوعين، لم نأكل الدجاج، ولا المجمّدات ولا الخضروات"، قال نازح آخر وهو يصف حجم المأساة التي يتسبب بها الحصار، ويضاعفها احتكار التجار.

ذكر لي صديق  يعيش في خيمة أقامها على ركام بيته في بيت حانون، أن العمولات على  التحويلات  تصل إلى نحو30 %.

سعر حبة الليمون الواحدة يصل إلى خمسة شواقل، وكذلك البصل والثوم وغيرهما من الخضروات والمواد الأساسية، التي بلغت أسعارها مستويات فلكية لا يقوى عليها الناس، الذين يكبتون أوجاعهم، ويدارون جوعهم وعطشهم.