أقامت إسرائيل الدنيا ولم تقعدها، ووصلت نبرة تهديدها إلى أعلى حد، وطالبت العالم بأن يشاهد ثلاثة من محتجزيها لدى المقاومة، عندما أُفرج عنهم أمس وهم في حالة هزال وضعف جسماني واضحين جداً، وذلك جراء ظروف الاحتجاز، وصرخت عائلات الأسرى الإسرائيليين في بيان بأن الصور الصعبة التي التقطت أثناء إطلاق سراح أوهاد وإيلي وأور هي دليل آخر صارخ لا يترك مجالاً للشك: الأسرى ليس لديهم وقت، ويجب على الإسرائيليين إخراج الجميع من هناك، حتى الأسير الأخير، الآن!

لقد تساءل أمس والد أحد الأسرى الإسرائيليين في قطاع غزة، وقال: ماذا ينوي نتنياهو أن يفعل؟ بماذا سيهدد حماس؟ إذا كان يهتم لأمر الأسرى، فعليه أن يسرّع الآن المرحلة الثانية، لكي يعود الجميع خلال أسبوعين..رؤيتهم على الشاشة كانت مروّعة، لقد أوصلنا نتنياهو إلى وضع يخرج فيه الإسرائيليون من الأسر كما لو أنهم خرجوا من محرقة.

ودعت والدة أسير إسرائيلي بغزة الإسرائيليين للنزول إلى الشوارع بعد الوضع الذي ظهر فيه الرهائن الثلاثة، وقالت: إن نتنياهو يقضي إجازته بواشنطن ويحاول إجهاض المرحلة الثانية من الصفقة، والرهائن في محرقة. وختمت بأن حالة الرهائن هي نتيجة إجهاض نتنياهو لصفقة التبادل في السابق.

مسؤول كبير بوزارة الصحة الإسرائيلية قال إن الأسرى الثلاثة عانوا من سوء تغذية خطير، وهو ما يعكس حجم ما مرّوا فيه.

يعلم هذا المسؤول جيداً أن معاناة الإسرائيليين المحتجزين من سوء التغذية هي بسبب منع دخول المساعدات للفلسطينيين، كما طالب بذلك الوزير ايتمار بن غفير ووافق على طلبه بنيامين نتنياهو، ويعلم منتدى عائلات الأسرى والمحتجزين الإسرائيليين أن نتنياهو هو من أفشل الصفقة تلو الصفقة حتى يقضي على حماس، وأن نتنياهو كما اعترف والد أحد الأسرى الإسرائيليين، هو الذي أوصل الأمور إلى وضع يخرج فيه الأسرى من الأسر كما لو أنهم خرجوا من محرقة، وكما اعترفت والدة أحد الأسرى بأن حالة الرهائن هي نتيجة إجهاض نتنياهو لصفقة التبادل في السابق.

ولتوضيح آخر مهم نستعرض ما صرح به زعيم المعارضة، يائير لابيد وهو يهاجم نتنياهو ويتساءل: هل اكتشفت الآن أن حالة الأسرى صعبة؟ ألم تكن تعرف ذلك من قبل؟ لأن ذلك كان مكتوباً في وثائق المخابرات التي وُضعت على مكتبك في الأشهر الأخيرة.. لقد رأيت هذه التقارير تمامًا كما رأيتها أنا.. ما الفائدة الآن من أنك "أمرت باتخاذ إجراءات"؟ وإذا كانت هناك إجراءات، لماذا لم تأمر بها من قبل؟

من المؤكد أن سرد الوقائع من داخل الشارع الإسرائيلي هو برهان ودليل واضحان على مسؤولية نتنياهو ووزرائه المتشددين، عن الحالة التي وضعوا فيها المحتجزين الإسرائيليين، وأوصلوهم إلى هذا الوضع، في الوقت الذي سعت فيه المقاومة وصرحت مراراً وتكراراً أنها حريصة على حماية المحتجزين من القصف الإسرائيلي الذي تسبب في بعض الحالات بمقتل أسرى إسرائيليين .

إذا كنا نتحدث عن المشاعر بغض النظر عن الجنس والدين والعقيدة، فأليس من حقنا أن نخاطب الشارع الإسرائيلي ونطلب منه التوقف للحظة،والتأمل في حال أسرانا الفلسطينيين، وماذا فعل بهم نتنياهو وبن غفير وإدارة السجون، ألا يعلم منتدى عائلات المحتجزين الإسرائيليين أن كل المحررين الفلسطينيين الذين أُفرج عنهم منذ بدء صفقة التبادل، يعانون من مشاكل صحية، واستدعى الأمر نقل المئات منهم إلى المستشفيات جراء الجرائم المنظمة بحقهم، والتي كشفت عنها المؤسسات المختصة، وفي مقدمتها جرائم التعذيب ومنع العلاج والدواء والتجويع والتنكيل والإذلال والحرمان من النوم والصلاة، والضرب المبرح الذي تمارسه وحدات القمع بشكل يومي وحتى في اللحظات الأخيرة قبل الإفراج؟

ألا يعلم منتدى عائلات المحتجزين الإسرائيليين أن أكثر من ٧٠ أسيراً فلسطينياً قتلتهم إدارة السجون بدم بارد منذ ٧ أكتوبر ٢٠٢٣، لمجرد الانتقام من الأسرى الفلسطينيين وقضيتهم، وأن نحو ١٣ ألفا من الأسرى الفلسطينيين يعيشون في محرقة، لم يسبق لها مثيل في قسوتها في تاريخ البشرية، وأن عائلات الأسرى الفلسطينيين محرومة بقرارات سياسية وعسكرية إسرائيلية من استقبال أبنائها الأسرى والتعبير عن مشاعرها؟ 

مطلوب من الشارع الإسرائيلي الذي أصبح في معظمه متطرفاً أكثر من أي وقت مضى أن يقف طويلاً عند قضية أسراه ويتصدى للمسؤول عن تدهور أوضاعهم، كما أن عليه أن يرفع صوته وبكل جرأة ليقف في وجه المسؤول عن تدهور أوضاع الأسرى الفلسطينيين، الذين يعانون أوضاعاً كارثية أصعب بكثير، وهناك مئات وآلاف الحالات، مخاطبين  الشارع الإسرائيلي بقوة: آن أوان أن تحترموا مشاعر ثلاثة عشر ألف أسير فلسطيني في السجون الإسرائيلية وعائلاتهم، إذا أردتم من العالم أن يحترم ويُقدّر مشاعر حفنة من الرهائن الإسرائيليين