Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo

فلسطين

السّبت 08 فبراير 2025 9:28 صباحًا - بتوقيت القدس

الأخطاء الطبية ... هل تُضاف إلى قائمة الأمراض الـمُزمنة؟

رام الله - خاص ب "القدس" دوت كوم

الأخطاء الطبية...هل تُضاف إلى قائمة الأمراض الـمُزمنة؟

تشكيل لجان التحقيق.. علاج للأخطاء أم تبريد للرأي العام؟


مواطنون: ضغط العمل في القطاع الصحي ينعكس سلباً على التعامل مع المرضى وتقديم الخدمات الصحية لهم


جد الطفل الفقيد موسى أبو رباح: الاستهتار الطبي هو سبب وفاة حفيدي بالرغم من عدم ارتباطها بـ"فيديو مشاهدة مباراة"

د. هيثم هدري: وزارة الصحة ملتزمة بمتابعة لجان التحقيق واتخاذ الإجراءات المناسبة لضمان حقوق المرضى والعاملين في القطاع الصحي

د. مصطفى القواسمة: اللجان بعد استكمال التحقيقات تصدر توصيات وليس قرارات ويتم تنفيذها من الجهات المختصة

د. عمار الدويك: ضرورة وجود قانون واضح ومحدد لتنظيم تشكيل لجان التحقيق وتحديد الحالات التي تستدعي تشكيلها

د. محمد العبوشي: غياب إطار قانوني مكتوب يؤدي لإشكالات في التعامل مع الأخطاء الطبية وفي تشكيل لجان التحقيق

د. عبد الله الخطيب: 60% من الحالات التي تصل المستشفيات يمكن علاجها في مراكز الرعاية الصحية ما يخفف الضغط

د. عبد الرحيم سويسة: ضمان العدالة للطبيب والمريض على حد سواء يعتمد على بناء نظام صحي متكامل وتوفير بنية تحتية داعمة





رام الله - تحقيق خاص بـ "ے" والقدس دوت كوم


في ظل وجود شكاوى من الإهمال الطبي، بالرغم من تشكيل وزارة الصحة لجان تحقيق في حوادث مختلفة، تطفو على السطح مطالبات بإصلاح المنظومة الصحية في فلسطين بشكل أفضل، بما فيها لجان التحقيق.

وتبرز حادثة وفاة الطفل موسى أبو رباح (ستة أشهر) من بلدة قطنة، شمال غرب القدس، قبل نحو شهرين كمثال جديد على قضايا الإهمال الطبي، التي أثارت ضجة بعد ربطها الخاطئ بحادثة مشاهدة طاقم طبي في مجمع فلسطين الطبي في مدينة رام الله مباراة كرة قدم بأحد أقسام المجمع، ما دفع وزارة الصحة إلى تشكيل لجنة تحقيق فيما جرى بشكل فوري، ثم زيارة رئيس الوزراء د. محمد مصطفى للمجمع بعدها بوقت قصير للاطلاع على ما جرى.

"ے" استطلعت منذ الحادثة آراء مسؤولين وأطباء ومواطنين حول ما جرى، وحول رأيهم بتشكيل لجان التحقيق الطبية ونتائجها، وحول الأوضاع في المنظومة الصحية بشكل عام.


"استهتار طبي" أسهم في تدهور حالة الطفل موسى ووفاته


يؤكد إبراهيم أبو رباح من بلدة قطنة، شمال غرب القدس، وهو جد الطفل موسى إسلام إبراهيم أبو رباح (6 أشهر)، الذي وافته المنية في ظروف اعتبرها نتيجة "استهتار طبي"، أن ما يتم تداوله بشأن وفاة حفيده أثناء مشاهدة أطباء مباراة كرة القدم في مجمع فلسطين الطبي بمدينة رام الله ليس صحيحاً، ولكنه يشير إلى وجود استهتار طبي أسهم في تدهور حالة الطفل ووفاته.

ويوضح أبو رباح أن حادثة مشاهدة مباراة كرة القدم التي انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي تزامنت مع يوم وفاة حفيده، ولكن لا علاقة مباشرة بين الحادثتين، قائلاً: "ما جرى مع حفيدي حادثة منفصلة، لكن انتشار خبر مشاهدة المباراة ساهم في إثارة قضية وفاة حفيدي وإظهار جوانب الإهمال الطبي".

يروى أبو رباح تفاصيل ما حدث، قائلاً: "تعرض حفيدي موسى لوعكة صحية مفاجئة. كان يلعب ويضحك في المنزل، لكن حالته بدأت بالتدهور بسرعة. ارتفعت حرارته إلى 40 درجة مئوية، فتوجهنا إلى مركز طبي في بلدتنا قطنة. تم إعطاؤه أدوية خافضة للحرارة وعدنا للمنزل، ولكن مع حلول الساعة الخامسة فجراً، بدأت صحته تتراجع بشكل خطير".

ويتابع الجد: "أخذنا موسى رحمه الله مرة أخرى إلى المركز الطبي في قطنة، ولكن بسبب تدهور حالته ولقلة الإمكانيات والمعدات بالمركز، قررنا نقله إلى مجمع فلسطين الطبي في رام الله، حيث توقعنا أن يحصل على الرعاية اللازمة هناك".

ويصف أبو رباح ما حدث في مجمع فلسطين الطبي قائلاً: "عندما وصلنا إلى طوارئ قسم الأطفال، استقبلتنا ممرضة وطلبت من عم الطفل، ابني الآخر، قياس درجة حرارته بدلاً من أن تقوم هي بذلك. اعتمدت على ما أخبرها به وهو 37 درجة مئوية دون أن تكلف نفسها عناء إعادة القياس بنفسها".

ويشير  أبو رباح إلى أن الطبيب المناوب لم يتوجه لفحص الطفل بشكل مباشر، بل اكتفى بالتحدث من وراء مكتبه. 

يقول أبو رباح: "أخبر الطبيب ابني أن الطفل بخير ويمكننا العودة إلى المنزل، بالرغم من أننا شرحنا له حالة الطفل، وأبلغناه أنه كان في مركز طبي وتم إعطاؤه أدوية. كان من الواضح أن حفيدي بحاجة إلى رعاية طبية مكثفة، لكن الطبيب لم يعر ذلك اهتماماً"، فيما يتساءل أبو رباح: "لقد عرفنا التعليم عن بُعد، لكن لم نعرف الطب عن بُعد، في الأمور التي تخص حياة الناس يجب التدخل بشكل مباشر وفاعل لإنقاذ حياة الإنسان".

ويتابع أبو رباح: "عدنا إلى المنزل بناءً على تعليمات الطبيب، ولكن حالة موسى الصحية ساءت بشكل ملحوظ في مساء اليوم ذاته، لقد كان في حالة نزاع حين قررنا نقله مرة أخرى إلى المستشفى، لكن عند وصولنا، كان قد فارق الحياة".

رفض أبو رباح مغادرة مجمع فلسطين الطبي بعد وفاة حفيده، مطالباً بإجراء تحقيق رسمي فيما حدث، قائلاً: "أصررت على أن يتم فحص الجثمان من قبل الطب الشرعي، ووافقت على تشريح الجثمان لمعرفة الأسباب الدقيقة للوفاة، ونحن الآن ننتظر النتائج".

ويوضح أبو رباح أنه جلس مع لجنة مكلفة من وزارة الصحة لمناقشة الحادثة، وطالب بمحاسبة الطبيب والممرضة المسؤولَين عن التقصير. 

يقول أبو رباح: "ما حدث يناقض أخلاقيات مهنة الطب. لا أقبل أن تمر هذه الحادثة دون محاسبة المسؤولين عنها".

بالرغم من انتقاده التقصير الطبي، يؤكد أبو رباح أنه لا يقبل أن يتم التشكيك في المؤسسات الصحية الفلسطينية ككل، ويقول: "مجمع فلسطين الطبي مؤسسة وطنية، ولا نقبل أن يُطعن فيها، ولكن هذا لا يعني أنه لا يوجد استهتار من بعض الأفراد الذين يتوجب محاسبتهم حتى لا يحدث استهتار وإهمال طبي آخر يهدد حياة الناس".


غياب الرقابة على أداء المستشفيات والطواقم الطبية


ويعتقد أبو رباح أن "المشكلة الأساسية تكمن في غياب الرقابة الفاعلة على أداء المستشفيات والطواقم الطبية، نحن بحاجة إلى نظام رقابي أكثر صرامة لضمان تقديم الخدمات الطبية بالشكل المطلوب".

يستذكر أبو رباح اللحظات الأخيرة قبل وفاة حفيده قائلاً: "كلما أتذكر ما حدث أفقد صوابي. كان من الممكن إنقاذ حياته لو حصل على العناية الطبية المناسبة في الوقت المناسب. لكن بدلاً من ذلك، واجهنا إهمالاً واستهتاراً من الطبيب والممرضة".

ويضيف أبو رباح: "لا أتحدث عن الوفاة بحد ذاتها، فنحن مؤمنون بقضاء الله وقدره، ولكن ما جرى مع حفيدي كان نتيجة إهمال واضح وعدم تحمل المسؤولية الطبية. الطفل لم يتم فحصه بشكل كافٍ، ولم تُقدم له الرعاية اللازمة، ما أدى إلى تفاقم حالته حتى وفاته".

ويوجه أبو رباح رسالة إلى المسؤولين في وزارة الصحة، مطالباً بتكثيف الرقابة على المستشفيات ومحاسبة المسؤولين عن الإهمال الطبي. 

ويقول أبو رباح: "المستشفيات بحاجة إلى تحسين الأداء وضمان أن يكون كل فرد في الطاقم الطبي ملتزماً بواجبه. لا يمكن أن نسمح باستمرار هذا النوع من الإهمال الذي يودي بحياة الناس".

ويقول أبو رباح: "نحن ننتظر نتائج التحقيق والتشريح، ولن نقبل إلا بمحاسبة عادلة لكل من قصر في أداء واجبه تجاه حفيدي. ما حدث يجب أن يكون درساً لكل المؤسسات الصحية لتحسين أدائها وضمان تقديم الخدمة الطبية للمواطنين بالشكل الذي يستحقونه، وكلي ثقة بوزارة الصحة أن تتابع القضية بالشكل المطلوب وتتخذ العقوبة اللازمة بحق الطبيب والممرضة المستهترَين اللذين تسببا بخسارتنا فلذة كبدنا موسى، أنا لا أريد أيّ تعويض من أحد، أريد فقط أن لا يتكرر الذي حصل مع حفيدي مع أشخاص آخرين، لأن حياة الإنسان مهمة، ولا أريد أن يفقدوا أحباءهم ويبقوا يشعرون بحسرة كما حدث معنا".


حقيقة الأحداث المرتبطة بفيديو مشاهدة المباراة


يوضح مدير عام المستشفيات في وزارة الصحة د.هيثم هدري حقيقة الأحداث المرتبطة بفيديو متداول يظهر أطباء وممرضين يشاهدون مباراة كرة قدم في أحد أقسام المرضى، بالتزامن مع ادعاءات حول وفاة طفل حديث الولادة بسبب الإهمال. 

وينفى د.هدري وجود أي علاقة بين الحادثتين، مؤكداً أن حادثة وفاة الطفل وقعت بعد نحو أسبوع من حادثة تصوير الفيديو التي حدثت مطلع شهر كانون الاول 2024، وتقوم الوزارة بالتحقيق بحادثة وفاة الطفل الذي تم تشريح جثمانه ومن حق الأهل معرفة ذلك، وفي حال كانت مرتبطة بأي خطأ طبي أو إهمال ستتم معاقبة المتسببين بالوفاة، بعد ظهور نتائج التشريح ونتائج التحقيقات.

ويؤكد هدري أن الفيديو المتداول تسبب في خلط كبير لدى الرأي العام، حيث ربط مصور الفيديو بين الحادثتين بطريقة غير صحيحة، مؤكداً أن ذوي الطفل أقروا بعدم وجود علاقة بين الحادثتين.

ويشير هدري إلى أن تصوير الفيديو تم دون إذن مسبق من الكادر الطبي أو المرضى وهو يشكل انتهاكاً لخصوصيتهم، مؤكداً أن وزارة الصحة تتعامل مع هذا الانتهاك بجدية، وتعمل على اتخاذ الإجراءات القانونية بحق من قام بالتصوير ونشر الفيديو بطريقة مضللة.

ويؤكد الهدري أنه في ضوء انتشار الفيديو والضجة التي أحدثها، وجه وزير الصحة د.ماجد أبو رمضان بتشكيل لجنة تحقيق تضم مسؤولين من أعلى المستويات، من بينهم المستشار القانوني للوزارة. 

ويوضح هدري أن اللجنة مكلفة بمتابعة قضية ثلاثة أطراف: ذوي الطفل المتوفى كحق لهم بعد ربط قضية ابنهم بما جرى، والكادر الطبي الذي ظهر في الفيديو وهو يشاهد المباراة، إضافة إلى الشخص الذي قام بتصوير الفيديو ونشره.

ويشدد على أن اللجنة استمعت لجميع الأطراف، بما في ذلك أقارب الطفل الذين أكدوا أن وفاته وقعت في وقت مختلف تماماً عن تصوير الفيديو، مشيراً إلى أن الوزارة تبحث عمن صوّر الفيديو. 

ويؤكد هدري أن الوزارة ستتخذ إجراءات بحق المخالفين الذين ظهروا في الفيديو، والذين استخدموا جهاز الحاسوب الخاص بالعمل الطبي لمشاهدة المباراة، موضحاً أن هذا الجهاز مخصص حصرياً لمتابعة شؤون المرضى، ولا يجوز استخدامه لأغراض أُخرى.

ويشير هدري إلى أن الوزارة تعمل على تحديد هوية الشخص الذي قام بتصوير الفيديو، واتخاذ الإجراءات القانونية بحقه، حيث إن تصوير خصوصيات المرضى والكادر الطبي دون إذن مسبق يعد انتهاكاً خطيراً للخصوصية المهنية والشخصية، إضافة إلى إثارة الرأي العام بمعلومات غير صحيحة ومضللة.

ويؤكد أن وزارة الصحة ملتزمة بمتابعة لجان التحقيق واتخاذ الإجراءات المناسبة لضمان حقوق المرضى وحقوق العاملين في القطاع الصحي. 

ويوضح هدري أن الوزارة سبق أن أصدرت عقوبات عديدة بحق من ثبت تورطهم في مخالفات أو إهمال، بما يتناسب مع حجم المخالفة.

ويشدد على أن وزارة الصحة تولي أهمية قصوى لضمان مهنية وأخلاقيات العمل في المستشفيات، مشدداً على أن الكادر الطبي ملزم بتقديم الرعاية الصحية بأعلى معايير الجودة، مع الالتزام بالقوانين والأنظمة المعمول بها، كما أن اللجان التي بتم تشكيلها يتم متابعتها والحرص على تنفيذ نتائجها بما يحقق العدالة للجميع.


نقابة الأطباء تدعم اللجنة التي شُكلت للتحقيق 


يؤكد عضو مجلس نقابة الأطباء الفلسطينيين ورئيس اللجنة الفرعية للنقابة في محافظة رام الله والبيرة د.مصطفى القواسمة أن ما جرى في مجمع فلسطين الطبي، حيث ظهر طبيب وممرض يشاهدان مباراة كرة قدم على جهاز حاسوب مخصص لمتابعة شؤون المرضى، هو حادثة فردية ومرفوضة تماماً في إطار العمل الطبي. 

ويشير القواسمة إلى أن نقابة الأطباء تدعم اللجنة التي شُكلت للتحقيق في الحادثة، والتي اتخذت قراراتها بحق من ظهر في الفيديو كإجراء رادع لمنع تكرار مثل هذه الحوادث.

ويوضح القواسمة أن الإجراءات التي اتخذتها اللجنة جاءت في سياق الردع وضمان الالتزام بالمعايير المهنية، مشدداً على أن تشكيل لجان التحقيق يتم بشكل دوري عند وقوع أي خلل في العمل الطبي، لضمان تقصي الحقائق ووضع الضوابط اللازمة لعدم تكرار الأخطاء.

ويبيّن القواسمة أن اللجان التي يتم تشكيلها قد تكون على مستوى المستشفى أو وزارة الصحة، حسب طبيعة القضية، وفي حال كانت القضية تتعلق بالرأي العام، يتم تشكيل اللجنة بناءً على طلب وزير الصحة وتضم ممثلين من نقابة الأطباء وفئات أخرى وفقاً للقانون الفلسطيني.

ويؤكد القواسمة أن اللجان تتمتع بمصداقية عالية نظراً لتنوع أعضائها الذين يمثلون جهات متعددة، مثل النقابات والهيئات والوزارات، ويتم تشكيلها بناءً على نوع الشكوى وطبيعة القضية. 

ويشير إلى أن التشكيك في عمل هذه اللجان قد يحدث أحياناً من قبل أفراد لا يراعون الجوانب الفنية أو التخصصية للتحقيقات، مشدداً على أن تلك اللجان تتبع المعايير المهنية والقوانين الناظمة لضمان العدالة للجميع ولا داعي للتشكيك بها.

ويوضح القواسمة أن اللجان بعد استكمال التحقيقات تصدر توصيات وليس قرارات، حيث يتم تنفيذ هذه التوصيات من قبل الجهات المختصة، مثل وزارة الصحة أو الهيئات الرقابية في المستشفيات، ويبقى الدور الرقابي هو الفاعل في متابعة التوصيات وتنفيذها. 

ويؤكد أن دور اللجنة ينتهي بمجرد رفع التوصيات، إلا إذا طُلب منها الإدلاء بشهادتها أمام القضاء، حيث يكون دورها حينها فاعلاً لتوضيح الحقائق.


العقوبات تُفرض بناءً على طبيعة الخلل


وفي ما يتعلق بالعقوبات، يشير القواسمة إلى أنها تُفرض بناءً على طبيعة الخلل وبما يحقق المصلحة العامة. ويؤكد القواسمة أن جميع الأطراف المعنية تُستمع لها خلال التحقيقات لضمان الحيادية والعدالة. 

ويشدد القواسمة على أهمية المتابعة الإدارية لتنفيذ التوصيات لضمان تحقيق العدالة وتعزيز الثقة بين المواطنين والمؤسسات الطبية.

ويشدد القواسمة على أن نقابة الأطباء تقف إلى جانب المواطنين والأطباء على حد سواء، وتسعى مع الجهات المختصة إلى تحسين جودة الخدمات الطبية وضمان عدم تكرار الأخطاء، مشدداً على أن النقابة تولي اهتماماً بالغاً لمصداقية وشفافية التحقيقات، وأن الهدف الأساسي هو تحقيق المصلحة العامة وضمان حقوق الجميع.


لجان التحقيق تشكَّل بناء على ردات فعل الرأي العام 


يؤكد مدير عام الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان "ديوان المظالم"، د.عمار الدويك ضرورة وجود قانون واضح ومحدد في فلسطين لتنظيم تشكيل لجان التحقيق وتحديد الحالات التي تستدعي تشكيلها، والجهات التي تمثلها. 

ويشير الدويك إلى أن غياب هذا القانون يؤدي إلى أن تكون اللجان غالباً مجرد ردات فعل على قضايا تُثير الرأي العام، ما يقلل من فعاليتها ويضعف ثقة المجتمع الفلسطيني بها.

ويوضح الدويك أن غياب إطار قانوني يحدد أسس تشكيل لجان التحقيق وآليات عملها أدى إلى وجود إشكاليات عديدة، أبرزها عدم نشر نتائج التحقيقات في كثير من الحالات، مما جعل الرأي العام يفقد الثقة بهذه اللجان. 

ويشير الدويك إلى أن نشر نتائج التحقيق يجب أن يكون قاعدة ثابتة لضمان الشفافية والمساءلة، لافتاً إلى وجود حالات نادرة شهدت نشر النتائج، مثل لجنة التحقيق في قضية تطعيمات "فايزر" خلال فترة جائحة كورونا، والتي لاقت استحساناً من المجتمع.

ويؤكد أن التعليمات الموجودة حالياً والصادرة عن مجلس الوزراء تفتقر إلى ضمانات الاستقلالية للجان، ما يؤثر على مهنيتها وفعاليتها. 

ويشدد الدويك أهمية تشكيل لجان من خارج الوزارات في بعض الحالات، لتجنب تضارب المصالح وضمان حيادية التحقيقات.

ويؤكد الدويك أن الخطوة التي قام بها وزير الصحة مؤخراً بتشكيل لجنة تحقيق حول حادثة مشاهدة مباراة في أحد أقسام مجمع فلسطين الطبي في مدينة رام الله خطوة إيجابية، كما أن هذه الخطوة السريعة في تشكيل اللجنة وإعلان نتائج التحقيق لاقت ارتياحاً في الشارع الفلسطيني، وتعد نموذجاً إيجابياً يمكن البناء عليه لتطوير عمل لجان التحقيق.

ويشير الدويك إلى أن وجود قانون خاص بالأخطاء الطبية في فلسطين يُعد تطوراً إيجابياً، لكنه بحاجة إلى المزيد من التطوير والمتابعة لضمان تطبيقه بشكل كامل وفعّال. 

ويؤكد الدويك أهمية وجود قانون ينظم بشكل مسبق وواضح كيفية تشكيل لجان التحقيق، لضمان الاستقلالية والثبات في عملها.

ويشدد د. الدويك على أن الأصل هو أن يكون تشكيل لجان التحقيق مبنياً على قانون واضح وصريح، يحدد الإطار القانوني لتشكيلها، ويضمن استقلاليتها ومهنيتها، داعياً إلى أن تكون توصيات هذه اللجان ذات طابع إلزامي، ما يعزز من ثقة المجتمع في عملها.

ويؤكد الدويك أن إرساء قانون ينظم عمل لجان التحقيق في فلسطين سيسهم في تعزيز العدالة والشفافية، وسيمنح المجتمع الفلسطيني الثقة بأن القضايا المثيرة للجدل تُدار بطريقة مهنية ومستقلة، بما يضمن العدالة للجميع.


تشريعات واضحة لتحديد مهام الأطباء وحقوقهم وواجباتهم


يؤكد رئيس شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية، د.محمد العبوشي، أهمية وجود تشريعات واضحة ومنظمة لتحديد مهام الأطباء وحقوقهم وواجباتهم، بالإضافة إلى حقوق المرضى، مشيراً إلى أن غياب إطار قانوني مكتوب يؤدي إلى إشكالات في التعامل مع الأخطاء الطبية وفي تشكيل لجان التحقيق المتخصصة. 

ويشدد العبوشي على أن الوضع الحالي يترك فراغاً قانونياً يعرض الأطباء والقطاع الطبي لمخاطر قانونية، ويثير شكوك المواطنين حول فعالية وشفافية لجان التحقيق.

ويوضح د.العبوشي أن هناك آليتين رئيسيتين لتشكيل لجان التحقيق عند وقوع أخطاء طبية أو تجاوزات في العمل الطبي، الأولى تكون عبر نقابة الأطباء، حيث يتم تشكيل لجنة تحقيق تابعة للنقابة، تقدم تقريرها النهائي إلى مجلس التأديب، وهو الجهة المسؤولة عن اتخاذ القرارات المناسبة بناءً على نتائج التحقيق، أما الآلية الثانية فتتمثل في اللجان الداخلية التي تشكلها وزارة الصحة، والتي تعتمد على وزير الصحة كمرجعية لاتخاذ القرارات والإجراءات النهائية بناءً على نتائج التحقيق.

ويشير إلى أن هذه الآليات تواجه تحديات كبيرة بسبب عدم وجود إطار قانوني محدد وواضح يضبط معايير عمل هذه اللجان، وهو ما يؤدي في كثير من الأحيان إلى فقدان الثقة في نتائجها من قبل المواطنين والعاملين في القطاع الطبي على حد سواء.

ويتطرق العبوشي إلى مشكلة أساسية تواجه العاملين في القطاع الطبي، وهي غياب مظلة قانونية أو تأمين يحمي الأطباء من عواقب الأخطاء الطبية. 

ويوضح العبوشي أن الأخطاء الطبية ليست حالة خاصة بفلسطين، بل هي موجودة في كل دول العالم، إلا أن الفرق يكمن في وجود تشريعات وتنظيمات قانونية في الدول الأخرى تضمن حقوق الأطباء وتحميهم من الإجراءات التعسفية، إلى جانب ضمان حقوق المرضى المتضررين.

ويؤكد العبوشي أن الأطباء في فلسطين يفتقرون إلى الحماية القانونية المناسبة، ما يتركهم عرضة للمساءلة القانونية والإدارية دون إطار واضح يحميهم. 

ويشير العبوشي إلى أن هذا الوضع يتطلب وجود قانون شامل يحدد بوضوح واجبات الطبيب، وحقوقه، وآليات التعامل مع الأخطاء الطبية بما يضمن التوازن بين حقوق الطبيب والمريض.

ويدعو العبوشي إلى صياغة قانون شامل ينظم عمل القطاع الطبي في فلسطين، يحدد بوضوح حقوق وواجبات الأطباء والمرضى، والعقوبات التي يمكن فرضها في حال وقوع تجاوزات أو أخطاء. 

ويشدد العبوشي على أهمية أن يتضمن القانون معايير واضحة لتشكيل لجان التحقيق، والمهام الموكلة إليها، وآليات اتخاذ القرارات، بحيث تكون هذه المعايير ملزمة وتحقق الشفافية والمهنية.

ويشير إلى أن إصدار مثل هذا القانون يتطلب حملة توعية شاملة تستهدف المواطنين والأطباء، خاصة الخريجين الجدد، لتعريفهم بمضامين القانون وحقوقهم وواجباتهم. 

ويؤكد العبوشي أن التوعية القانونية ستساهم في تعزيز ثقة الجمهور بالقطاع الطبي، وتقليل التوتر بين المرضى ومقدمي الرعاية الصحية.

ويشدد العبوشي على أن تعزيز الثقة بين المرضى والأطباء يتطلب خطوات عملية، تبدأ بوضع إطار قانوني واضح ومكتوب ينظم جميع الجوانب المتعلقة بالعمل الطبي. 

ويشير العبوشي إلى أن هذه الخطوة ستسهم في حماية الأطباء من التبعات القانونية غير المنصفة، وضمان حقوق المرضى، بالإضافة إلى تحسين آليات تشكيل لجان التحقيق بما يضمن المهنية والشفافية، ويعزز من ثقة المجتمع الفلسطيني بالقطاع الصحي.


 استياء من طريقة إدارة العمل الصحي


تعرب المواطنة هبة فالح عن استيائها من طريقة إدارة العمل الصحي في مراكز وزارة الصحة، مشيرة إلى موقف حصل معها في المختبرات الصحية في مديريات الصحة، حيث أن الممرضين العاملين في هذه المختبرات يتعرضون لضغوط كبيرة نتيجة تكليفهم بمهام إضافية، مثل تنظيم أدوار المرضى، إلى جانب مهامهم الأساسية.

وتوضح هبة أن هذا الضغط يؤدي إلى توتر الممرضين وانعكاسه سلباً على تعاملهم مع المرضى، ما يزيد من معاناة المرضى أثناء تلقيهم للخدمات الصحية. 

وتقول هبة فالح: "إن الممرضين يتحملون ضغطاً كبيراً، وعندما تأتي الحالات المرضية يتعاملون معهم بغضب نتيجة الإرهاق المتزايد".

وتؤكد فالح على ضرورة تحسين الترتيبات الإدارية في المراكز الصحية، من خلال مراقبة دقيقة وتوفير عدد كافٍ من الكادر الطبي والإداري. 

وتشير فالح إلى أن زيادة الكادر الطبي ستسهم في تحسين جودة العمل، وضمان راحة المرضى والعاملين على حد سواء.


شكوى من سوء التعامل مع المرضى


يعتقد المواطن محمود عبد الغني أن لجان التحقيق، بالرغم من أهميتها، لم تحقق تغييراً ملموساً في واقع بنية المنظومة الصحية الفلسطينية على مدار السنوات الماضية. 

ويشير عبد الغني إلى أن المشكلات التي يعاني منها القطاع الصحي لا تزال قائمة، خاصة في ما يتعلق بالتعامل مع المرضى.

ويوضح أن سوء التعامل مع المرضى قد يكون نتيجة لضغوط الموظفين أو لسوء الإدارة، وليس بالضرورة بسبب الكادر الطبي ذاته. 

ويقول عبد الغني: "ربما المشكلة تكمن في الإدارة أو في غياب منظومة صحية متطورة تضمن تقديم الخدمات بشكل أفضل".

ويدعو عبد الغني إلى البحث عن حلول شاملة تعالج جذور المشكلات في القطاع الصحي، بدلاً من الاكتفاء بتشكيل لجان تحقيق لا تؤدي إلى تغيير حقيقي، فالنظام الصحي بحاجة إلى إعادة نظر شاملة لتحسين الخدمات وضمان راحة المرضى والعاملين على حد سواء.


تجربة قاسية..


يتحدث المواطن علي لداوي عن تجربته الشخصية قبل سنوات قليلة مع طوارئ الأطفال في المستشفى البحريني بمجمع فلسطين الطبي في مدينة رام الله، حيث عانى أطفاله، الذين تتراوح أعمارهم بين خمس وست سنوات، من نزلات البرد واضطر إلى اصطحابهم للعلاج.

ويوضح لداوي أنه بعد تسجيل أطفاله في قسم الطوارئ، سأل الطبيب عن موعد دورهم، لكنه لم يحصل على إجابة واضحة. 

ويقول: "في المرة الأولى تجاهل الطبيب سؤالي، وعندما أعدت السؤال تملص من الإجابة، وبدا أنه انزعج من استفساري، وحينما حاولت التعبير عن رأيي بضرورة التحمل والصبر في مهنة إنسانية مثل الطب، إلا أن الطبيب استجاب بطريقة سلبية وهددني باستدعاء الشرطة".

يقول لداوي: "كل ما فعلته هو التعبير عن رأيي وسؤاله عن موعد دور أطفالي المرضى وعاتبته، لكنه اعتبر ذلك وهددني باستدعاء الشرطة". 

ويؤكد لداوي أن مثل هذه التصرفات تعكس استقواءً على المرضى واستغلالاً للشرطة بدلاً من التحلي بالصبر الذي تتطلبه مهنة الطب. 

ويقول لداوي: "الأصل أن يكون الطبيب صاحب مهنة إنسانية، وليس من المعقول أن يُهدد مواطن جاء لعلاج أطفاله بالشرطة، خاصة وأن المرضى في الطوارئ يحتاجون إلى تفهم ودعم، عدا أنه لم يكن غيري من اطفالي".



البنية التكنولوجية الطبية وتعطلها المستمر


تؤكد المواطنة غدير زيادة ضرورة إجراء إصلاحات جذرية في النظام الصحي، معربة عن استيائها مما وصفته تجبر بعض العاملين في مديريات الصحة على المرضى، إضافة إلى المشكلات التقنية التي تعيق تقديم الخدمات الصحية بشكل فعال.

وتشير زيادة إلى أن النظام التكنولوجي المستخدم لتنظيم السجلات الطبية يعاني من أعطال متكررة، مما يؤدي إلى تأجيل مواعيد المرضى أو إجبارهم على الانتظار لفترات طويلة، في ظل غياب حلول عملية لتلك المشكلة. 

وتقول زيادة: "إن العاملين يتحججون بتعطل النظام، وهذا يعطل المرضى ويزيد من معاناتهم".


المخفي أكبر..


وتعلق غدير زيادة على الحادثة التي كشفتها الكاميرات في المجمع الطبي في مدينة رام الله، والتي أظهرت طاقما طبياً يشاهد مباراة كرة قدم خلال وقت العمل، معتبرة أن هذا السلوك يعكس جانباً من الإهمال الذي تعاني منه المنظومة الصحية.

وتقول زيادة: "إن ما أظهرته الكاميرات هو جزء مما هو مخفي، وما لم يظهر قد يكون أكبر بكثير".

وتعتقد زيادة أن التحقيق في هذه الحادثة وحده لن يكون كافياً لإحداث تغيير حقيقي في النظام الصحي، الذي يتطلب، بحسب رأيها، تطويراً شاملاً، ومراقبة فعالة، وإدارة مهنية تضع راحة المرضى وحقوقهم في مقدمة الأولويات.


الرقابة اليومية هي الحل


ينتقد المواطن سعيد محمد ما وصفه بـ"الاستهتار بحياة المرضى، وعدم احترام لواجبات الأطباء المهنية، فالأصل أن من يريد مشاهدة مباراة يقوم بذلك في بيته وليس أثناء عمله، حتى لو كان في مكتبه وليس بين المرضى".

ويوضح سعيد محمد أن تكرار مثل هذه الحوادث يعزز فكرة أن هناك استهتاراً بصحة المرضى، داعياً إلى ضرورة فرض رقابة مشددة ودائمة على أداء العاملين في القطاع الصحي. 

ويؤكد سعيد أن الرقابة يجب أن تكون يومية ومنهجية، وليست مؤقتة أو مرتبطة بأحداث معينة أو لجان تحقيق.

ويقول سعيد: "إن المسؤولية تتطلب أن يكون هناك التزام صارم من قبل العاملين في القطاع الصحي بواجباتهم، لضمان تقديم أفضل رعاية للمرضى واحترام حياتهم".


اتهام بالتراخي..


ينتقد المواطن جهاد عبد الرزاق التعامل الذي يصفه بأنه "غير إنساني"، الذي يواجهه المرضى في المستشفيات والمراكز الصحية الحكومية.

ويؤكد عبد الرزاق أن المستشفيات أماكن مقدسة يجب أن تبتعد عن مظاهر الترفيه أو الإهمال الشخصي خلال أوقات العمل، قائلاً: "المستشفى مكان يعج بالألم والمعاناة، ولا يجوز الخلط بين العمل والترفيه. من يريد مشاهدة مباراة أن يفعل ذلك أثناء إجازته، وليس على حساب المرضى".

ويشير عبد الرزاق إلى أن "تراخي إدارة المستشفيات والمراكز الصحية الحكومية يؤدي إلى تفاقم هذه الظواهر، بالرغم من أنني أعرف حجم الجهود الإدارية المبذولة لكن بدون متابعة ورقابة يومية ستبقى الأمور مثلما هي".

ويتطرق عبد الرزاق إلى ترك الكوادر الطبية للمرضى في المراكز الصحية الحكومية أثناء أوقات العمل لقضاء أمور شخصية كالذهاب للغداء أو أمور أخرى، دون إيجاد بدائل يسد مكانهم.


زيادة عدد الطواقم


ويؤكد عبد الرزاق أن زيادة عدد الكوادر الطبية والإدارية قد تخفف من الضغط على العاملين ويمنع المرضى من الشعور بالاستهتار بحالتهم.

من جانب آخر، يشدد عبد الرزاق على أن الاهتمام بالمرضى والتثقيف الصحي لهم جزء من العلاج، لكنه يعبر عن أسفه قائلاً: "إن بعض الأطباء يظهرون استعلاءً في تعاملهم مع المرضى في ما يتعلق بحالتهم الصحية، يجب تثقيف المرضى واحترام خصوصيتهم، فالتثقيف الصحي يساعد المرضى على فهم حالتهم والتعامل معها بشكل أفضل"، داعياً إلى تضمين هذه الثقافة في المناهج الدراسية لتعزيز وعي المجتمع بالصحة والعلاج.


تجربة تعكس واقع الألم


من جانب آخر، يستعيد عبد الرزاق حادثة مريرة وقعت قبل 25 عاماً، حين كانت ابنة شقيقه البالغة من العمر 40 يوماً تعاني من التهاب السحايا في الدماغ. 

ويقول عبد الرزاق: "بالرغم من محاولات العائلة المتكررة لعلاجها، ساءت حالتها بشكل كبير، وفي إحدى المرات، وعندما سألت والدة الطفلة إحدى الممرضات عن حالتها، أجابت بطريقة مستفزة وغير إنسانية: لسه بعدها ما ماتت!".

ويصف عبد الرزاق هذه الحادثة بأنها مثال صارخ على الاستهزاء بمعاناة المرضى والتفنن في الإضرار النفسي بهم، مطالباً بتحسين التعامل مع المرضى، وضمان وجود رقابة صارمة على أداء الكادر الطبي والإداري وأن يدركوا أهمية عملهم كمهنة إنسانية خالصة.

ويؤكد عبد الرزاق أن تحسين النظام الصحي الفلسطيني يحتاج إلى رقابة دائمة، وزيادة الكوادر الطبية، وتوفير تدريب مستمر للعاملين لتحسين تعاملهم مع المرضى، مشدداً على أهمية وضع الإنسان وكرامته في صلب العمل الصحي.


تعزيز أخلاقيات المهنة وتحسين الخدمات الصحية


يؤكد الطبيب المتقاعد د. عبد الله الخطيب، الذي شغل منصب مدير عام إدارة المستشفيات في وزارة الصحة على مدى سنوات طويلة، أن تطوير المنظومة الصحية في فلسطين يتطلب العمل وفق رؤية شاملة تستند إلى تعزيز أخلاقيات المهنة وتحسين الخدمات الصحية، سواء في القطاع الحكومي أو الخاص. 

ويشدد الخطيب على ضرورة أن يكون العمل الطبي والتمريضي قائماً على أسس إنسانية ومهنية على حد سواء، لضمان تقديم خدمات صحية متكاملة للمواطنين.

ويتحدث الخطيب عن التحولات الصحية التي شهدتها فلسطين منذ قيام السلطة الوطنية الفلسطينية، مشيراً إلى أن النظام الصحي سجل تطوراً ملحوظاً في عدد المرافق الصحية والكوادر العاملة، بالإضافة إلى إدخال برامج نوعية مثل برامج التدريب والاختصاص في المستشفيات، ومع ذلك، يشير الخطيب إلى أن جائحة كورونا أدت إلى إرباك في النظام الصحي استمر حتى الوقت الراهن.

ويوضح الخطيب أن تحسين النظام الصحي يتطلب العمل على ترتيب المراكز الصحية بما فيها المستشفيات وتطبيق أنظمة تحفيز الموظفين ومعاقبتهم عند التقصير، بالإضافة إلى ضمان حقوقهم مثل ساعات العمل الملائمة وزيادة أعداد الكوادر الطبية المؤهلة.

ويشير الخطيب إلى أهمية تطوير مراكز الرعاية الصحية الأولية بشكل جذري، مشدداً على ضرورة تشغيل بعضها في المحافظات على مدار الساعة. 

ويؤكد الخطيب أن نحو 60% من الحالات التي تصل إلى المستشفيات يمكن علاجها في مراكز الرعاية الصحية الأولية، ما يخفف الضغط عن المستشفيات ويضمن حصول الجميع على الرعاية اللازمة في المكان المناسب.

ويدعو إلى تعزيز التخصص في الطب العائلي وتشجيع الأطباء على التوجه إليه، مع تكثيف الجهود لرفع وعي المرضى بظروفهم الصحية. 

ويوضح الخطيب أن زيادة الوعي لدى المواطنين تسهم في تعزيز الثقة المتبادلة بين الطبيب والمريض، ما ينعكس إيجاباً على جودة الخدمات المقدمة.

ويؤكد الخطيب أن تطوير البنية التحتية لمراكز الرعاية الصحية والمستشفيات أمر حيوي، مشيراً إلى ضرورة التطوير في التكنولوجيا والمعدات الطبية الحديثة، إضافة إلى تحسين خدمات "الفندقة الطبية" والأدوية. 

ويشدد الخطيب على أهمية تعزيز التعاون بين القطاعين العام والخاص لضمان تكامل الخدمات الصحية.

ويدعو الخطيب إلى تبني برامج لابتعاث الأطباء بهدف تطوير تخصصاتهم، مما يسهم في رفع كفاءة الكوادر الطبية في فلسطين. 

ويؤكد الخطيب أن هذه الخطوات تتطلب تخصيص ميزانيات أكبر لوزارة الصحة، مع التأكيد على التكيف مع الموارد المتاحة لتحقيق أقصى استفادة منها.

من جانب آخر، يشيد الخطيب بدائرة الشكاوى في وزارة الصحة، التي وصفها بأنها تعمل بشفافية وتهدف إلى خدمة المصلحة العامة وضمان حقوق المرضى، مشيراً إلى أنه عمل مع العشرات من اللجان خلال فترة عمله وكانت تعمل بكل عطاء ومهنية. 

ويؤكد الخطيب أن متابعة الشكاوى بجدية يعزز ثقة المواطنين بالنظام الصحي، ويساعد في حل المشكلات بشكل سريع وفعّال.

ويشدد على أن النظام الصحي الفلسطيني حقق تطوراً ملحوظاً على مدى السنوات الماضية، لكنه ما زال بحاجة إلى خطوات إضافية لتحسين الخدمات الصحية وتطويرها. 

ويدعو الخطيب إلى منح مديري المستشفيات صلاحيات أوسع لتلبية احتياجاتهم بشكل أسرع وأكثر كفاءة، بما يضمن رفع مستوى الخدمات وتحقيق الأهداف الصحية الوطنية.


معالجة شاملة تضمن حقوق المرضى وتوفر بيئة عمل مناسبة


يشير الطبيب المتقاعد د. عبد الرحيم سويسة، الذي عمل في القطاعين العام والخاص أكثر من أربعين عاماً وشغل مناصب إدارية بارزة، إلى أن الأخطاء الطبية تحدث في جميع أنحاء العالم، لكنها تتطلب معالجة شاملة تضمن حقوق المرضى وتوفر بيئة عمل مناسبة للأطباء. 

ويشير إلى أن ضمان العدالة للطبيب والمريض على حد سواء يعتمد على بناء نظام صحي متكامل وتوفير بنية تحتية داعمة.

ويؤكد سويسة أنه يجب محاربة ظاهرة الاعتداء على الأطباء والكوادر الطبية والطبية المساعدة والمؤسسات الصحية والتعامل مع هذه الظاهرة بحزم.

ويشدد على أهمية الحفاظ على حقوق المرضى ومحاسبة الأطباء إذا حدث خطأ بسبب الإهمال المتعمد أو الاستهتار، مؤكداً أن هذه مهنة إنسانية لا تحتمل التهاون، ويجب اتخاذ كل ما يلزم لمنع أي اهمال.

ويدعو سويسة إلى النظر في ظروف العمل التي قد تؤثر على أداء الأطباء، موضحاً أن "الطبيب إنسان، ويحتاج إلى بيئة عمل ملائمة حتى يتمكن من أداء مهامه بكفاءة".

ويؤكد سويسة ضرورة الانتباه إلى ظاهرة هجرة الأطباء والعمل للحد منها، لاسيما أنه توجد مغريات لاستقطابهم في الدول الصناعية التي تعاني من ظاهرة العزوف عن دراسة الطب، نظرا لصعوبة هذه المهنة جسديا ونفسيا، يقابل ذلك وجود مهن عصرية جديدة ذات مردود مالي أوفر وظروف عمل أفضل، فيما يشبه سويسة هذه الطاهرة ب"سرقة العقول".

ويوضح أن النظام الصحي في فلسطين يعاني من ضعف البنية التحتية، بالرغم من التطور الملحوظ الذي شهده القطاع الصحي في السنوات الأخيرة.

ويشير سويسة إلى أن النقص يشمل عدد الأسرة والمعدات الطبية، والأهم من ذلك نقص الكادر الطبي المؤهل.

ويقول سويسة: "يجب تخصيص ميزانيات أكبر لوزارة الصحة لتحسين الخدمات الصحية وتخفيف الضغط على الأطباء والمرضى، مما يسهم في تقليل الأخطاء الطبية والحفاظ على الكفاءات المحلية".

ويحذر من مغادرة الكوادر الطبية الفلسطينية إلى الخارج بسبب نقص الدعم والضغط المستمر في بيئة العمل المحلية. 

ويقول سويسة: "علينا توفير مستحقات عادلة للأطباء وضمان بيئة عمل مريحة لهم، حتى لا نخسرهم إلى دول أخرى توفر فرص عمل أفضل وظروف أكثر ملاءمة".

ويشدد سويسة على أنه يجب العمل الحثيث لتقليص مدة انتظار المرضى لمواعيد اجراء العملية الجراحية، وتقليص لوائح الانتظار في العيادات الخارجية وفي لوائح "الدور"  للعمليات الجراحية.

ويشير سويسة إلى ضرورة الانتباه إلى الخلط الحاصل بين الأخطاء الطبية والمضاعفات الطبية المنصوص عليها في المراجع الطبية.

ويقول: "المهم ليس فقط وضع القوانين، بل الحرص على تنفيذها بطريقة تضمن التزام الجميع، مع الحفاظ على الكفاءات الموجودة لدينا، وتحسين بيئة العمل". 

ويحذر سويسة من محاولات البعض جني الأرباح وعمل "بزنس" من موضوع الأخطاء الطبية، لأن التكلفة في النهاية ستكون من جيوب المرضى وعلى حسابهم.

وفي ما يتعلق بلجان التحقيق التي تشكل لمتابعة الأخطاء الطبية أو وقوع إهمال طبي، يشير سويسة إلى أن هذه اللجان تعمل بشكل مهني في معظم الحالات، لكنها تعاني أحياناً من قصور في المتابعة. 

ويقول سويسة: "أي شخص يشعر بعدم إنصافه لن يثق بهذه اللجان، مما يتطلب الحرص الدائم على تحسين آليات المتابعة وضمان الشفافية في عملها".

وتعليقاً على حادثة مشاهدة بعض الأطباء لمباراة كرة قدم داخل مستشفى فلسطين الطبي، يقول سويسة: "المستشفى مكان للعمل، ولا يجوز أن يتحول إلى مكان للترفيه، ويمكن للأطباء أو الممرضين مشاهدة المباريات في منازلهم أو مكاتبهم أو في أوقات فراغهم وليس أثناء العمل ووجود المرضى المحتاجين للعناية، يجب احترام قدسية المهنة". 

ويشدد سويسة على أن العلاقة بين الطبيب والمريض تعتمد على التوازن، وأن الخلل يحدث عندما يتغول أحد الطرفين على الآخر أو عندما تضعف الظروف لكليهما.

ويدعو سويسة إلى إصلاح شامل للقطاع الصحي، يبدأ من تحسين البنية التحتية ودعم الكوادر الطبية ماديا ومعنوياً وزيادة أعدادها، وضمان حقوق المرضى والأطباء على حد سواء، مؤكداً أن الحلول الشاملة ستسهم في تقليل الأخطاء الطبية وتعزيز الثقة بين المرضى والنظام الصحي.

دلالات

شارك برأيك

الأخطاء الطبية ... هل تُضاف إلى قائمة الأمراض الـمُزمنة؟

المزيد في فلسطين

أسعار العملات

الخميس 06 فبراير 2025 8:54 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.55

شراء 3.54

يورو / شيكل

بيع 3.67

شراء 3.68

دينار / شيكل

بيع 5.01

شراء 5.0

هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟

%55

%45

(مجموع المصوتين 582)