Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo

فلسطين

الأربعاء 12 مارس 2025 1:43 مساءً - بتوقيت القدس

جولات آدم بوهلر... ماذا في تفاصيل المفاوضات حول مستقبل القطاع؟

رام الله - خاص ب "القدس" دوت كوم

د. تمارا حداد: موقف تل أبيب وواشنطن موحد حول تفكيك بنية حماس العسكرية بشكل نهائي وضمان عدم وجود أي تهديد أمني لإسرائيل

نزار نزال: حماس معنية بالتوصل إلى اتفاق مع واشنطن لأنه سيمكنها من تحقيق اختراق سياسي ويضع إسرائيل في موقف محرج

عوني المشني: واشنطن تهدف إلى إخراج حماس من غزة دون حرب وتنفيذ سيناريو التهجير دون صدام عسكري مباشر كجوهر للعبة التفاوضية

د. عقل صلاح: تصريحات بوهلر بشأن التوصل إلى "صفقة كبرى" بين إسرائيل وحماس تمثل تهيئة للشارع الإسرائيلي لقبول الاتفاق المرتقب

سري سمور: حماس لن تقبل مطلقًا بالتخلي عن سلاحها لأنه هو الذي فرض على إسرائيل والولايات المتحدة التفاوض معها

سليمان بشارات: إدارة ترامب تريد فرض رؤيتها على المنطقة في أقصر فترة ممكنة لتتفرغ لملفات دولية أخرى



وسط تسارع الجهود الدبلوماسية للتوصل إلى اتفاق بين إسرائيل وحركة حماس، تبرز جولات المبعوث الأمريكي لشؤون الرهائن، آدم بوهلر، كعامل محوري في المساعي الهادفة لإبرام صفقة شاملة تشمل تبادل الأسرى، ووقف إطلاق نار طويل الأمد، وسط حديث عن نزع سلاح حماس، وهو ما يثير تساؤلات حول إن كان سينجح فعلاً في مهمته.

ويشير كتاب ومحللون سياسيون ومختصون في أحاديث منفصلة مع "القدس"، إلى أن التصريحات الأمريكية المتفائلة بإمكانية نجاح هذه المفاوضات تترافق مع شروط إسرائيلية صارمة، تتصدرها مسألة نزع سلاح حماس بشكل كامل، وهو ما يجعل الاتفاق المحتمل نقطة تحول هامة في حال نجاحه، كما أن هذه المساعي تواجه تحديات جوهرية، أبرزها موقف حماس.

ويقولون إن المفاوضات الجارية ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالمصالح الأمريكية في الشرق الأوسط، حيث تسعى واشنطن إلى تحقيق تهدئة طويلة الأمد في غزة، مع ضمان تعزيز مسار التطبيع مع الدول العربية. 

وبينما تبقى السيناريوهات مفتوحة بين اتفاق تاريخي أو تصعيد عسكري جديد، فإن الأسابيع المقبلة ستكون حاسمة في تحديد مسار هذه التطورات وتأثيرها على مستقبل المنطقة، وفق ما يؤكده الكتاب والمحللون والمختصون.


مؤشرات قوية على إمكانية التوصل إلى صفقة


وتقول الكاتبة والباحثة السياسية، د. تمارا حداد، إن هناك مؤشرات قوية على إمكانية التوصل إلى صفقة تبادل أسرى شاملة بين حركة حماس وإسرائيل خلال الأسابيع المقبلة، وفقاً لما كشفه المبعوث الأمريكي لشؤون الرهائن، آدم بوهلر، الذي أبدى تفاؤله بإمكانية الوصول إلى اتفاق، شريطة عدم وجود معرقلات كبيرة قد تؤثر على سير المفاوضات.

وتوضح حداد أن هذه الصفقة، إن تمت، ستتضمن إفراجاً متبادلاً عن الأسرى، حيث ستقوم حركة حماس بتسليم جميع الرهائن الإسرائيليين المحتجزين لديها، مقابل إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين من سجون الاحتلال الإسرائيلي، إلا أن جوهر الاتفاق لا يقتصر فقط على التبادل، بل يشمل وقفاً طويل الأمد لإطلاق النار، قد يمتد لفترة تتراوح بين 10 إلى 15 عاماً، مع شرط أساسي تضعه إسرائيل والولايات المتحدة، وهو نزع سلاح حركة حماس بالكامل وتحويلها إلى حزب سياسي ضمن النظام السياسي الفلسطيني الجديد، مع ضمان مشاركتها في حكم قطاع غزة ولكن دون امتلاك أي جناح عسكري أو انخراط في أي مقاومة مسلحة مستقبلاً.

وبحسب حداد، فإن موقف تل أبيب وواشنطن موحد في اشتراط تفكيك البنية العسكرية لحماس بشكل نهائي، وضمان عدم وجود أي تهديد أمني مستقبلي على إسرائيل، كما تطرح تل أبيب شرطاً آخر يتمثل في إبعاد كبار قيادات الحركة، تحديداً قادة كتائب عز الدين القسام، عن غزة، لضمان عدم عودة الحركة للعمل المسلح بعد الاتفاق.


عدة سيناريوهات لنتائج المفاوضات بين حماس وأمريكا


وتوضح حداد أن هناك عدة سيناريوهات يمكن أن تؤول إليها هذه المفاوضات الجارية بين حماس والولايات المتحدة، وتشمل ما يلي: إما الوصول إلى اتفاق شامل، وهو السيناريو الأكثر ترجيحاً في حال وافقت حماس على نزع سلاحها، وتحولت إلى حزب سياسي منزوع السلاح في غزة، في مقابل ضمان استمرار وجودها في الحكم، وتحسين الوضع الإنساني والاقتصادي في القطاع، إضافة إلى إدخال المساعدات الإنسانية بشكل منتظم.

أما السيناريو الثاني حسب حداد، فهو تعثر الصفقة وبقاء الوضع كما هو عليه، مما يعني تفاقم معاناة سكان قطاع غزة، خاصة مع عرقلة دخول المساعدات الإنسانية.

وتضيف: أما السيناريو الثالث فإنه في حال فشل المفاوضات، قد يحدث تصعيد عسكري محدود بين إسرائيل وحماس، الأمر الذي قد يؤدي إلى تدخل وساطات دولية لاحتواء الموقف، ولكن دون التوصل إلى حل جذري للصراع.


اجتياح بري في حال انهيار المفاوضات


وتشير حداد إلى أن السيناريو الرابع هو اجتياح بري واسع لقطاع غزة إذا انهارت المفاوضات بشكل كامل، مما يعني خسائر بشرية كبيرة في صفوف المدنيين الفلسطينيين، إضافة إلى خطر اندلاع حرب إقليمية في ظل احتمالية تدخل إيران وحزب الله والحوثيين في المعركة، أو ربما الذهاب لسيناريو خامس وهو هدنة إنسانية مؤقتة دون تحقيق تسوية نهائية.

وتؤكد حداد أن مصير الصفقة الشاملة يعتمد على عدة عوامل رئيسية، أبرزها الموقف الأمريكي والإسرائيلي، ومدى استعداد حماس للموافقة على شروط الاتفاق، إضافة إلى مواقف المجتمع الدولي والدول العربية. 

وترى حداد أن الأسابيع المقبلة ستكون حاسمة في تحديد ما إذا كانت المنطقة ستشهد انفراجة سياسية من خلال صفقة شاملة، أم أن الأمور ستتجه نحو تصعيد عسكري أكثر خطورة.


حماس لم تقبل نزع سلاحها


من جانبه، يؤكد الباحث المختص في الشأن الإسرائيلي وقضايا الصراع، نزار نزال، أن تصريحات المبعوث الأمريكي لشؤون الرهائن، آدم بوهلر، حول نزع سلاح حركة حماس، لم تجد أي قبول من قبل الحركة، حيث تمكنت حماس من تجاوز هذا الطرح ونفيه، وركزت على أن المفاوضات التي جرت في الدوحة مع الولايات المتحدة اقتصرت فقط على ملف الأسرى.

ويوضح نزال أن حماس معنية جدًا بالتوصل إلى اتفاق مع واشنطن، لأنه سيمكنها من تحقيق اختراق سياسي كبير، ويضع إسرائيل في موقف محرج، فلو تم الاتفاق بين حماس والإدارة الأمريكية حول قضايا الأسرى، فلن تستطيع إسرائيل رفضه، مما سيؤدي إلى تهميش دورها في القضية، وهو ما تحاول تل أبيب تجنبه بأي وسيلة ممكنة.

ويشير نزال إلى أن حماس تسعى إلى فتح آفاق جديدة مع الولايات المتحدة، خصوصًا أنها مدرجة على لائحة الإرهاب الأمريكية منذ عام 1997.

 وبحسب نزال، فإن الحركة ترغب في توسيع نطاق النقاشات مع واشنطن لتشمل القضايا السياسية الأعمق، وليس فقط ملف الأسرى، وهو ما يفسر سعيها الحثيث إلى تعزيز التواصل مع الإدارة الأمريكية.

ويرى نزال أن التصريحات الأمريكية حول إمكانية التوصل إلى صفقة تعكس توجهًا نحو إتمام اتفاق يشمل إطلاق سراح الأسرى مزدوجي الجنسية داخل قطاع غزة، وخاصة من يحملون الجنسية الأمريكية، وعددهم يُقدَّر بـأربع أو خمس رهائن. 


الاتفاق مع الولايات المتحدة ضربة قوية لإسرائيل


ويؤكد نزال أن نجاح مثل هذا الاتفاق سيشكل ضربة قوية لإسرائيل، إذ سيعطي حماس إشارة واضحة بأنها استطاعت تحييد تل أبيب عن المشهد، مما يعكس تغيرًا جوهريًا في طبيعة الصراع.

ويوضح نزال أن واشنطن تدرك أن نتنياهو يحاول ترتيب أوراقه السياسية لمصلحته الشخصية، بعيدًا عن المصالح الإسرائيلية العامة، وهو ما دفع الولايات المتحدة إلى التفاوض المباشر مع حماس، بدلاً من الاكتفاء بالتنسيق مع إسرائيل كما كان يحدث في الماضي.

ويشير نزال إلى أن مفاوضات الدوحة شكلت مرحلة جديدة من "الاشتباك السياسي" بين الولايات المتحدة وحماس، حيث أصبحت أولوية واشنطن في هذه المحادثات تتعلق بالأسرى الأمريكيين، وهو ما يجعل الولايات المتحدة حريصة جدًا على إنجاز الاتفاق. 

ويؤكد نزال أنه في حال تم التوصل إلى اتفاق من خلال محادثات الولايات المتحدة مع حماس، فإنه سيُحدث صدمة سياسية في إسرائيل، نظرًا لأن الحكومة الإسرائيلية، بقيادة نتنياهو واليمين الحاكم، تحاول تعطيل هذه المفاوضات وعدم السماح لها بالنجاح، عبر تحريك اللوبي الصهيوني داخل الولايات المتحدة للضغط ضد أي اتفاق بين واشنطن وحماس.


نتنياهو غاضب من التفاوض مع حماس


ووفقًا لنزال، فإن هناك سيناريوهين رئيسيين لمسار المفاوضات الحالية: نجاح الاتفاق بين واشنطن وحماس، مما سيؤدي إلى إحراج إسرائيل وإظهارها كطرف غير ضروري في هذا الملف، وستكون حماس قادرة على تحقيق مكسب دبلوماسي مهم، بإثبات أنها ليست فقط طرفًا عسكريًا في الصراع، بل أيضًا فاعلًا سياسيًا قادراً على التفاوض مع قوى دولية كبرى.

أما السيناريو الثاني وفق نزال، فهو تعطيل الاتفاق من قبل إسرائيل، من خلال الضغط داخل الولايات المتحدة لمنع إتمامه، وهو السيناريو الذي يسعى إليه نتنياهو بشدة. 

ويرى نزال أن نتنياهو يرفض بالمطلق أي اتفاق قد يؤدي إلى وقف الحرب وانسحاب إسرائيل من قطاع غزة، لأنه يسعى إلى إضعاف المقاومة الفلسطينية، وإعادة احتلال القطاع وتهجير سكانه.

ويعتقد نزال أن نتنياهو يشعر بالغضب الشديد من فكرة التفاوض مع حماس، لأنه يرى أن الحركة، التي نفذت هجومًا واسعًا داخل إسرائيل في 7 أكتوبر، باتت اليوم تجلس على طاولة المفاوضات مع الأمريكيين، وهو ما يجعله غير مستعد للتوصل إلى أي اتفاق قد يبقي حماس داخل غزة كطرف سياسي معترف به دوليًا.

ويوضح نزال أن إسرائيل تواجه تململًا متزايدًا داخل الشارع الإسرائيلي، حيث بدأ الرأي العام يرفض سياسات نتنياهو، ما قد يضع حكومته في أزمة سياسية كبيرة، خصوصًا إذا مضت الولايات المتحدة في التفاوض المباشر مع حماس دون الحاجة إلى دور إسرائيلي فاعل في الصفقة.


مخرج سياسي لإنهاء الحرب وإطلاق سراح الأسرى


بدوره، يقول الكاتب والمحلل السياسي عوني المشني إنه مع تصاعد الجهود الدبلوماسية لإنهاء الحرب في قطاع غزة، تبدو إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب غير معنية باستمرار العمليات العسكرية في القطاع أو توسعها إلى لبنان، بل تركز على إيجاد مخرج سياسي يضمن إنهاء الحرب وإطلاق سراح الأسرى، وفقًا لما يراه.

ويشير المشني إلى أن الموقف الأمريكي قد يتلاقى جزئيًا مع مصالح حركة حماس في إنهاء الحرب، لكنه يختلف في جوهره، إذ تسعى إدارة ترامب إلى تحقيق أهداف إسرائيل الاستراتيجية دون اللجوء إلى مزيد من العمليات العسكرية. 

وبحسب المشني، تهدف واشنطن إلى إخراج حماس من غزة دون حرب، وتنفيذ سيناريو التهجير دون صدام عسكري مباشر، وهو ما يمثل جوهر اللعبة التفاوضية التي تديرها الأطراف المختلفة.

ويؤكد المشني أن المفاوضات الجارية تتسم بطابع معقد، حيث تحاول كل من إسرائيل، والولايات المتحدة، وحماس تحقيق أكبر قدر ممكن من أهدافها، رغم استحالة أن ينال أي طرف كل ما يريده، فحماس، التي تدرك التحديات الميدانية والسياسية، تسعى إلى تعويض تراجع نفوذها العسكري بحضور سياسي مباشر، وهو ما يفسر سعيها للمشاركة في مفاوضات مباشرة مع الولايات المتحدة، وهو أمر ترى فيه الحركة بداية واعدة لتعزيز موقعها على الساحة الدولية.


عدم تحول غزة مستقبلًا إلى تهديد أمني لإسرائيل


أما بالنسبة لواشنطن وتل أبيب، فإن الهدف المشترك هو ضمان عدم تحول غزة مستقبلًا إلى تهديد أمني لإسرائيل، غير أن نقطة الخلاف الرئيسية بين الطرفين تتمثل في من سيحكم غزة بعد الحرب، حيث تعتبر إسرائيل أن أي حكومة قد توحّد غزة والضفة الغربية ستشكل خطرًا أيديولوجيًا عبر إعادة تعزيز الهوية السياسية الفلسطينية، وهو ما تعارضه بقوة، من هنا، تبرز المبادرة المصرية كحل محتمل، لكنها تتطلب توافقًا أمريكيًا عربيًا لن يكون مقبولًا لدى إسرائيل إلا إذا مارست واشنطن ضغوطًا مكثفة على حكومة بنيامين نتنياهو.

ويضيف: رغم تعقد المفاوضات فإن استئناف العمليات العسكرية على نطاق واسع يبقى الاحتمال الأبعد، إذ أن الحرب ليست في مصلحة أي طرف، حتى لإسرائيل، التي يعاني جيشها من حالة إنهاك ميداني تجعل من الصعب عليها الدخول في مواجهة جديدة بنفس الزخم، ومع ذلك، فإن إبقاء المنطقة على حافة الحرب يمثل أداة ضغط سياسي، تستخدمها الولايات المتحدة وإسرائيل لدفع حماس إلى تقديم تنازلات مؤثرة.


حماس لديها حدود واضحة للتنازل


لكن المشني يشير إلى أن حماس تدرك هذه التكتيكات ولديها حدود واضحة للتنازل، فهي رغم استعدادها للمساومة، لن تصل إلى مستوى التنازل الذي يهدد وجودها السياسي، حتى لو كلفها ذلك تقليص نفوذها العسكري بشكل كبير.

ويرى المشني أن كل الأطراف تمارس سياسة "عض الأصابع" في محاولة لمعرفة مدى قدرة الطرف الآخر على التحمل، وهو ما يجعل من المشهد الراهن حالة من التوازن الهش بين الضغوط السياسية والتنازلات الممكنة. 

ويلفت المشني إلى أن الخاسر الأكبر في هذه المعادلة هم المتفرجون، أي المدنيون الذين يدفعون ثمن بقائهم خارج معادلة التفاوض، في ظل لعبة سياسية معقدة تحدد مصير المنطقة بأكملها.


نزول تدريجي عن السلم السياسي


من جهته، يؤكد الكاتب والباحث السياسي د. عقل صلاح أن تصريحات المبعوث الأمريكي لشؤون الرهائن، آدم بوهلر، بشأن التوصل إلى "صفقة كبرى" بين إسرائيل وحركة حماس، تمثل تهيئة للشارع الإسرائيلي لقبول الاتفاق المرتقب، في ظل تسارع التصريحات الأمريكية التي تعكس توجهاً نحو التفاوض المباشر مع حماس. 

ويوضح صلاح أن هذه التصريحات تعد نزولاً تدريجياً عن السلم السياسي، إذ إنها تعكس قبول الولايات المتحدة بفكرة الاتفاق مع حماس، انسجامًا مع وجهات النظر القطرية والمصرية، التي ترى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو هو العائق الأساسي أمام إتمام الصفقة.

ويشير صلاح إلى أن الإدارة الأمريكية تدرك أن إسرائيل غير قادرة على خوض حرب جديدة، نظرًا للخسائر المحتملة التي قد تتكبدها، مما يدفعها إلى قيادة المفاوضات بشكل مباشر، بهدف فرض اتفاق نهائي. 

ويرى صلاح أن الضغط الشعبي داخل إسرائيل، خصوصًا من عائلات الرهائن الإسرائيليين، يدفع نحو تسريع وتيرة المفاوضات، حيث توجه العائلات والرهائن أنفسهم نداءات مباشرة إلى ترامب للضغط من أجل تنفيذ الصفقة.


التوصل إلى حل جذري لإنهاء الحرب


ووفقًا لصلاح، فإن الرسالة الأهم من التصريحات الأمريكية هي أنه لن يكون هناك إفراج عن الرهائن الإسرائيليين دون التوصل إلى حل جذري لإنهاء الحرب، مما يعكس اقتناع واشنطن بأنه لا يمكن حل الأزمة إلا باتفاق شامل يأخذ بعين الاعتبار مطالب حماس وإسرائيل معًا، ويضمن استمرار التهدئة في قطاع غزة.

ويعتبر صلاح أن الولايات المتحدة ترى في الاتفاق فرصة لإسرائيل لإعادة ترتيب أوراقها، عبر ترميم صورتها عالميًا، وتعزيز قدراتها العسكرية والبشرية التي تأثرت بالحرب، كما أن الإدارة الأمريكية توجه رسائل ضمنية إلى اليمين المتطرف الإسرائيلي، بزعامة بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير، بأن الحل الوحيد المطروح هو التفاوض، وليس التصعيد، مما يمنح نتنياهو فرصة للمحافظة على ائتلافه الحكومي دون أن يتحمل وحده مسؤولية الاتفاق، إذ سيتم تقديم الصفقة على أنها مطلب أمريكي استراتيجي يخدم الأمن القومي الإسرائيلي، ويساهم في تعزيز مسار التطبيع مع الدول العربية، وعلى رأسها السعودية.

ويرى صلاح أن الاتفاق قد يتم بالتدريج عبر وسطاء، بحيث تتعهد الولايات المتحدة وضامنو الاتفاق بوقف القتال تدريجيًا، على أن يتم تسليم الرهائن على مراحل خلال شهرين إلى ثلاثة أشهر. 


ترتيبات سياسية لمرحلة ما بعد الحرب

وسيتضمن الاتفاق، وفقًا لصلاح، ترتيبات سياسية لمرحلة ما بعد الحرب، بما في ذلك تحديد الجهة التي ستدير قطاع غزة، مع احتمال تشكيل لجنة مستقلة ومحايدة دون تمثيل مباشر لحماس، إلى حين إجراء الانتخابات الفلسطينية العامة.

ويشير صلاح إلى أنه من المستبعد أن توافق حماس على التخلي عن سلاحها بالكامل، لكن القضية قد يتم تجاوزها عبر هدنة طويلة الأمد تتراوح بين 20 إلى 25 عامًا، تتعهد فيها حماس بعدم استخدام سلاحها أو تطويره، في مقابل ضمانات أمريكية ودولية بالحفاظ على التهدئة.

ويؤكد صلاح أن الإدارة الأمريكية باتت مقتنعة بأن إسرائيل لا تملك خيارًا آخر سوى الموافقة على المقترحات الأمريكية، وهو ما يفسر التفاوض المباشر بين واشنطن وحماس، في خطوة تهدف إلى تهيئة الرأي العام الأمريكي والإسرائيلي لقبول الاتفاق المقبل، الذي من المتوقع أن يكون شاملاً ويضع حدًا للحرب الدائرة.


تصريحات بوهلر قد تكون محاولة لخداع حماس


الكاتب والمحلل السياسي سري سمور يرى أن الأنباء المتداولة حول إمكانية تخلي حركة حماس عن سلاحها في إطار صفقة شاملة مع إسرائيل، هي غير دقيقة وتلفيق إعلامي يهدف إلى الترويج لأجندات سياسية معينة.

ويؤكد سمور أن حماس لن تقبل مطلقًا بالتخلي عن سلاحها، حيث أن هذا السلاح هو الذي فرض على إسرائيل والولايات المتحدة، التفاوض مع الحركة. 

ويقول سمور: "بدون هذا السلاح، ستكون حماس فريسة سهلة لأعدائها، ولذلك فإنها معنية بتطوير قدراتها العسكرية، وليس التخلي عنها".

وفي تعليقه على تصريحات المبعوث الأمريكي لشؤون الرهائن، آدم بوهلر، حول إمكانية التوصل إلى "صفقة كبرى" تشمل تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار طويل الأمد، يشير سمور إلى أن هذه التصريحات موجهة لأكثر من طرف، وقد تكون مجرد تكتيك لشراء الوقت.

ويلفت سمور إلى أن هذه التصريحات قد تكون محاولة لخداع حماس، مشيرًا إلى أن هناك احتمالًا كبيرًا بوقوع غدر إسرائيلي – أمريكي في مرحلة لاحقة، قائلاً: "إسرائيل ليست طرفًا يمكن الوثوق به، والتاريخ مليء بالاتفاقات التي لم تلتزم بها".

مجرد طُعم لجذب حماس إلى مسار معين


ويوضح سمور أن إدارة ترامب تعتمد على التفاوض مع أعدائها التقليديين، ولذلك فإن الحديث عن "صفقة شاملة" لحل القضية الفلسطينية غير منطقي، لأن هذه القضية لا تقبل الحلول الوسط، فهي إما فلسطين أو إسرائيل.

ويرى سمور أن ما يهم إسرائيل والولايات المتحدة حاليًا هو صفقة تبادل الأسرى، معتبرًا أن هذه الخطوة قد تكون "طُعمًا" لجذب حماس إلى مسار معين، ثم استغلال ذلك لتنفيذ عملية عسكرية جديدة ضد غزة.

ويؤكد سمور أن حماس تدرك هذا السيناريو جيدًا، ولذلك لن تقبل بأي اتفاق لا يحقق أهدافها الأساسية، وهي إنهاء الحرب، وإتمام صفقة تبادل الأسرى، والانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة، وإعادة إعمار القطاع.

ويوضح سمور أن هناك عدة سيناريوهات قد تشهدها المرحلة المقبلة، فإما اندلاع جولة قتال جديدة، حتى لو كانت قصيرة، وذلك بهدف تحريك ملف المفاوضات وجعل الطرفين أكثر استعدادًا لتقديم تنازلات.


تمديد المرحلة الأولى من المفاوضات


ووفق سمور، فإن السيناريو الثاني قد يتم فيه التوصل إلى تهدئة جزئية، حيث يتم الاتفاق على تمديد المرحلة الأولى من المفاوضات، مع الدخول جزئيا في المرحلة الثانية، بحيث يحصل كل طرف على بعض المكاسب التي تمكنه من الادعاء بتحقيق إنجازات تحت الضغط الأمريكي والواقع العربي الحالي.

أما السيناريو الثالث بحسب سمور، فهو بقاء الأوضاع على حالها لفترة غير معلومة، بانتظار حدوث تغيير كبير في المشهد السياسي أو العسكري قد يجعل غزة أقل أهمية في الحسابات الإسرائيلية، رغم أن هذا السيناريو ضعيف.

ويشير سمور إلى السيناريو الرابع يتمثل في توقيع اتفاق بجدول زمني مرن، حيث يتم تحديد مراحل تنفيذ الاتفاق وفق تطورات ميدانية ودبلوماسية، لكن مع وجود مخاوف من عدم التزام إسرائيل بأي تعهدات.

ويرى سمور أن المرحلة المقبلة ستشهد الكثير من المناورات السياسية والعسكرية، محذرًا من أن "التجربة مع إسرائيل مقلقة للغاية، فهي لا تلتزم بالاتفاقات، ولا يمكن ضمان جانبها". 

ويعتقد سمور أن حماس لن تتنازل عن جوهر مطالبها، وأن أي اتفاق يجب أن يحقق الحد الأدنى من أهداف المقاومة الفلسطينية، وإلا فإنه لن يكون مقبولًا من قبل الحركة.


رغبة أمريكية قوية في تهدئة الحرب في غزة


بدوره، يرى الكاتب والمحلل السياسي سليمان بشارات أن التحركات الأمريكية الأخيرة، خصوصًا عبر مبعوث إدارة ترامب، آدم بوهلر، تعكس رغبة أمريكية قوية في تهدئة الحرب في غزة، تمهيدًا لتنفيذ رؤية أوسع تتعلق بمستقبل الشرق الأوسط، بما يخدم المصالح السياسية الأمريكية والإسرائيلية.

ويوضح بشارات أن واشنطن تدرك أن إبقاء ملف غزة والرهائن بيد نتنياهو يعني مزيدًا من المماطلة والتسويف، وهو أمر لا ترغب فيه إدارة ترامب. 

ويؤكد بشارات أن التصريحات الأخيرة لبوهلر حول إمكانية التوصل إلى "صفقة كبرى" تشير إلى أن هناك مباحثات غير معلنة قد تتجاوز الحرب في غزة، لتشمل تعزيز التطبيع بين إسرائيل والدول العربية، وخصوصًا السعودية، وربما وضع تصور جديد للمسار السياسي الفلسطيني.

ويرى بشارات أن إدارة ترامب تريد فرض رؤيتها على المنطقة في أقصر فترة ممكنة، لتتفرغ لملفات دولية أخرى، ولذلك فإنها تسعى لتسريع الحلول. 

ويوضح بشارات أن الإدارة الأمريكية بدأت تتحرك بوضوح ضد مماطلات نتنياهو، حيث تدرك أن استمرار الحرب دون حلول سيؤثر على المصالح الأمريكية في الشرق الأوسط.


الإدارة الأمريكية تعمل على عدة مسارات متوازية


ويشير بشارات إلى أن الإدارة الأمريكية تعمل على عدة مسارات متوازية: الضغط على إسرائيل داخليًا عبر الرأي العام الإسرائيلي، لمنع نتنياهو من إفشال أي مبادرات سلام، ووضع حماس والمقاومة الفلسطينية تحت ضغط الوسطاء الإقليميين، لمنع أي عراقيل أمام التسوية، وإيجاد حل وسط يحقق المصالح الأمريكية والإسرائيلية، دون أن يبدو كتنازل كامل لحماس.

ويطرح بشارات ثلاثة سيناريوهات رئيسية لما قد يحدث بعد اللقاءات الجارية بين الولايات المتحدة وحماس عبر الوسطاء.

ويوضح بشارات أن السيناريو الأول وهو فرض الرؤية الأمريكية على جميع الأطراف، فقد تنجح واشنطن في تمرير صفقة تجمع بين اتفاق تهدئة تدريجي، ومسار دبلوماسي يضم مصر والسعودية وقطر والإمارات وإسرائيل، بهدف تحقيق استقرار طويل الأمد في المنطقة.

أما السيناريو الثاني، وفقاً لبشارات، فهو مرحلة اختبار للأفكار قبل اتخاذ قرارات حاسمة، حيث قد تكون هذه التحركات مجرد محاولة لجس نبض حماس والمقاومة الفلسطينية، لفهم مدى استعدادها للتجاوب مع الحلول المطروحة، قبل أن تتبنى واشنطن خطة نهائية.


سيناريو فشل المفاوضات وتجدد التصعيد العسكري


وفيما يتعلق بالسيناريو الثالث، يوضح بشارات أنه قد يكون فشل المفاوضات وتجدد التصعيد العسكري، فإذا لم تصل الأطراف إلى تفاهمات، قد نشهد جولة تصعيد عسكري محسوبة وقصيرة، تهدف إلى إجبار حماس على تقديم تنازلات والجلوس إلى طاولة المفاوضات بشروط أكثر توافقًا مع الرؤية الأمريكية.

ويرجح بشارات أن يكون الحل بين السيناريو الأول والثاني، أي التسريع في إيجاد تفاهمات تُهدئ الحرب على غزة، دون إنهاء الصراع تمامًا، مع إبقاء المجال مفتوحًا لإجراء تسويات سياسية ودبلوماسية أوسع.

ويؤكد بشارات أن إدارة ترامب تسابق الزمن لتحقيق مكاسب سياسية، وإجبار جميع الأطراف على التكيف مع رؤيتها للمنطقة، معتبرًا أن المرحلة المقبلة ستشهد تحولات مفصلية في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني والعلاقات الإقليمية.




دلالات

شارك برأيك

جولات آدم بوهلر... ماذا في تفاصيل المفاوضات حول مستقبل القطاع؟

المزيد في فلسطين

أسعار العملات

الإثنين 17 مارس 2025 2:11 مساءً

دولار / شيكل

بيع 3.66

شراء 3.65

دينار / شيكل

بيع 5.17

شراء 5.16

يورو / شيكل

بيع 3.99

شراء 3.98

هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟

%54

%46

(مجموع المصوتين 844)