فلسطين
السّبت 18 يناير 2025 8:09 صباحًا - بتوقيت القدس
جيش المستوطنين بالضفة.. نُذر ارتكاب مجزرة لإفشال صفقة غزة
رام الله -خاص بـ"القدس" دوت كوم
د. بلال الشوبكي: المساعي لجلب مليون مستوطن للضفة تهدف لإيجاد أغلبية يهودية ما يُهدد بشكل مباشر المشروع الوطني
عبد الله أبو رحمة: نجاح تصعيد المستوطنين يعني تنفيذ خطة الحسم وإذا استسلمنا فسيكون مستقبل الضفة مظلماً
نبهان خريشة: اعتداءات المستوطنين تزداد حدةً ضمن سياسة إسرائيلية ممنهجة تهدف للتطهير العرقي وتوسيع الاستيطان
البروفيسور جمال حرفوش: اعتداءات المستوطنين جزء من استراتيجية تستهدف تغيير الواقعين الديموغرافي والجغرافي للضفة
محمد أبو علان دراغمة: الموقف الإسرائيلي واضح بعدم إخلاء أي مستوطنة.. ولا مستقبل للضفة الغربية في ظل وجود المستوطنين
تتصاعد عدوانية المستوطنين في الضفة الغربية بشكل غير مسبوق، مدعومة بدعم رسمي حكومي وعسكري، وهو ما يتجلى في تشكيل مليشيات مسلحة وتوفير الأسلحة للمستوطنين، يهدف إلى إعادة تشكيل الواقع الجغرافي والديموغرافي للضفة الغربية، ما يُهدد مستقبل الفلسطينيين ومشروعهم الوطني، ويخشى كتاب ومحللون سياسيون ومختصون وأكاديميون في أحاديث منفصلة لـ"ے" من إقدام المستوطنين على ارتكاب مجازر بالضفة، لخلط الأوراق وتعطيل إتمام الصفقة في غزة.
ويرون أن الاعتداءات لا تقتصر على مناطق "ج"، بل تمتد إلى مناطق "ب" وحتى "أ"، ما يعكس استهدافاً شاملاً للوجود الفلسطيني، ويهدد كيانية الفلسطينيين، معتقدين أن المخططات الإسرائيلية الحالية، التي تقودها حكومة يمينية متطرفة، وتسعى إلى جلب مليون مستوطن جديد إلى الضفة الغربية بحلول عام 2030، تأتي بهدف فرض وقائع جديدة تجعل من المستحيل تحقيق حل الدولتين أو إقامة دولة فلسطينية مستقلة.
وفي ظل هذا التصعيد، يؤكدون ضرورة التصدي لهذه المخططات عبر استراتيجيات شاملة تشمل تعزيز الوحدة الوطنية، وتشكيل لجان حماية شعبية، وفضح الانتهاكات الإسرائيلية على المستوى الدولي، بينما الصمود الفلسطيني على الأرض، إلى جانب تحرك المجتمع الدولي لفرض عقوبات على الاحتلال، يُعدان السبيل الوحيد لإفشال هذه المخططات وحماية الهوية الفلسطينية ومستقبل الضفة الغربية.
خطر وجودي يتجاوز التهديدين الأمني أو المادي
يرى أستاذ العلوم السياسية في جامعة الخليل د.بلال الشوبكي أن جيش المستوطنين في الضفة الغربية يشكل خطراً وجودياً على الفلسطينيين، يتجاوز التهديدين الأمني أو المادي ليطول المشروع السياسي الفلسطيني بأكمله.
ويعتبر الشوبكي أن هذا التحدي يجب أن يواجَه برؤية سياسية واضحة ومنهجية، بعيداً عن حالة الانقسام التي تعاني منها الساحة الفلسطينية، خاصة في ظل تصاعد المخططات الإسرائيلية المدعومة من الحكومة الحالية التي يقودها تيار اليمين المتطرف بزعامة بتسلئيل سموتريتش.
ويشير الشوبكي إلى أن المخططات التي تتبناها الحكومة الإسرائيلية الحالية ليست وليدة اللحظة، بل تعود جذورها إلى رؤى قديمة تهدف إلى السيطرة على الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، وهذه المخططات تجد حالياً دعماً سياسياً غير مسبوق، ويتجلى ذلك من خلال السياسات الرامية إلى تقليص الوجود الفلسطيني وحصره في أضيق بقعة جغرافية ممكنة، ما يحد من إمكانية إقامة دولة فلسطينية ذات سيادة على حدود الرابع من حزيران عام 1967.
ويشير إلى أن الاحتلال الإسرائيلي لا يكتفي بالسيطرة على مناطق "ج"، بل يسعى تدريجياً لبسط نفوذه على مناطق "ب" وحتى "أ"، التي من المفترض أن تكون تحت السيطرة الفلسطينية الكاملة.
ويوضح الشوبكي أن أحد أبرز المؤشرات على ذلك هو قيام الشرطة الإسرائيلية بتحرير مخالفات مرورية للفلسطينيين قبل أيام داخل مناطق "أ"، وهي خطوة لا تُعد مجرد انتهاك للسيادة الفلسطينية، بل تمثل تأسيساً لمرحلة جديدة من السيطرة الإسرائيلية الكاملة على الضفة الغربية.
ويرى الشوبكي أن الاحتلال الإسرائيلي يستغل حالة الانقسام الفلسطيني والتشظي الداخلي لتعزيز مخططاته، مشيراً إلى أن غياب الوحدة الوطنية يُضعف قدرة الفلسطينيين على مواجهة هذا التحدي الكبير، مشدداً على ضرورة تحقيق توافق وطني ينسجم مع مقدرات المجتمع الفلسطيني ويضع حدًا للخيارات الانقسامية التي تعرقل المشروع الوطني الفلسطيني.
وحول مساعي الاحتلال لجلب مليون مستوطن جديد إلى الضفة الغربية، يوضح الشوبكي أن هذه الخطوة تهدف إلى خلق أغلبية يهودية في المنطقة، ما يُهدد بشكل مباشر القضية الفلسطينية، حيث إن فرض وقائع جديدة على الأرض يجعل من إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة أمراً مستحيلاً.
ويؤكد الشوبكي أن هذه السياسات لا تستهدف فقط الوجود المادي للفلسطينيين، بل تسعى إلى سحب الشرعية من المؤسسات الرسمية الفلسطينية، وتحويل السلطة إلى كيان إداري محدود الصلاحيات، ما يُقوض أي دور سياسي لها.
ويوضح أن الحكومة الإسرائيلية الحالية تؤمن بتسريع الصراع مع الفلسطينيين من أجل حسمه لصالح الأطروحات الصهيونية اليمينية.
ويشير الشوبكي إلى أن جيش المستوطنين الذي يتم تشكيله الآن ليس مجرد مجموعات عشوائية، بل هو قوة منظمة تتلقى تدريباً ودعماً سياسيين وعسكريين بهدف تمزيق أوصال الضفة الغربية.
ويعتقد الشوبكي أن التصعيد الإسرائيلي الحالي ليس مجرد رد فعل، بل هو خيار استراتيجي يتبناه قادة الاحتلال، وعلى رأسهم سموتريتش، الذين يعتقدون أن الوقت الحالي هو الأنسب لحسم الصراع بشكل كامل.
ويؤكد الشوبكي أن هذا التصعيد يمثل مرحلة خطيرة في المشروع الصهيوني، خاصة في ظل غياب الجهوزية الفلسطينية اللازمة للتصدي لهذه المخططات.
ويشدد الشوبكي على أهمية التحرك الدولي لمواجهة هذا التحدي، إذ إن الدول الصديقة والداعمة للاستقرار في المنطقة يجب أن تتحرك لفرض عقوبات على الاحتلال ومحاسبته على انتهاكاته المتكررة.
ويحذر الشوبكي من أن استمرار هذه المخططات دون مواجهة فعالة سيؤدي إلى إنهاء المشروع الوطني الفلسطيني الذي تبنته منظمة التحرير منذ عقود.
تصعيد يرتكز على عدة عوامل أساسية
يؤكد مدير عام دائرة العمل الشعبي في هيئة مقاومة الجدار والاستيطان الفلسطينية عبد الله أبو رحمة أن جيش المستوطنين في الضفة الغربية يشهد تصاعداً في قوته وعدوانيته، بفضل الدعم الحكومي الإسرائيلي اللامحدود.
ويوضح أبو رحمة أن هذا التصعيد يرتكز على عدة عوامل أساسية، تشمل الدعم القانوني من خلال تشريعات الكنيست التي توفر غطاءً قانونياً كاملاً لممارسات المستوطنين العدوانية، إلى جانب الدعم المالي الضخم المخصص لتوسيع النشاط الاستيطاني وإنشاء البؤر الاستيطانية.
ويشير أبو رحمة إلى إسقاط أوامر الاعتقال الإداري ضد المستوطنين المتهمين بأعمال إجرامية، ما يتيح لهم الاحتفاظ بحق الصمت أثناء التحقيق، وإجبار الشرطة على إطلاق سراحهم حتى عند وجود أدلة تدينهم، وهذه السياسة تشجع المستوطنين على التمادي في انتهاكاتهم، مع غياب أي رادع قانوني أو أمني.
ويرى أبو رحمة أن هذا الدعم الحكومي يشمل أيضاً إنشاء معاهد دينية ومراكز تدريب عسكري للمستوطنين، ما يجعلهم مجموعات منظمة ومدربة على تنفيذ اعتداءات ممنهجة ضد الفلسطينيين.
ويؤكد أبو رحمة أن هذه المجموعات تتحرك وفق خطط محكمة تشمل تخطيطاً مسبقاً وتحضيراً دقيقاً قبل تنفيذ أي هجوم على القرى الفلسطينية.
ويقول أبو رحمة: "حينما يدافع أي فلسطيني عن نفسه أمام اعتداء مستوطن، نجد استجابة فورية من مستوطنين آخرين لدعمه، في مشهد يعكس تنظيماً دقيقاً وسعياً لفرض السيطرة على الأرض الفلسطينية بالقوة".
ويشدد على أن مواجهة هذا التصعيد تتطلب توحيد الجهود الفلسطينية وترك الخلافات جانباً، حيث إن المزارع الفلسطيني أو المجتمع المحلي لا يمكنه التصدي وحده لهذه المخططات المدعومة من قوى دولية، إذ إن الولايات المتحدة ودولاً أخرى تقدم دعماً مالياً وسياسياً يساهم في تعزيز الاستيطان.
ويشدد أبو رحمة على ضرورة تشكيل لجان شعبية للحراسة والحماية في القرى والمناطق المستهدفة، بمشاركة جميع الفصائل الفلسطينية والمؤسسات المحلية، على أن تكون هذه اللجان مدعومة بخطط واستراتيجيات واضحة لمواجهة المستوطنين بشكل فعّال.
ويؤكد أبو رحمة أن المجتمع الدولي يتحمل مسؤولية كبيرة في مواجهة هذه المخططات الاستيطانية، مشيراً إلى أن الجرائم التي ترتكبها المليشيات الاستيطانية تخالف القوانين الدولية، ما يستوجب على المنظمات الدولية ومؤسسات حقوق الإنسان الضغط على الحكومات الداعمة لإسرائيل لوقف هذا التصعيد، إضافة إلى فرض عقوبات دولية وسحب الاستثمارات من الشركات التي تدعم الاستيطان، ومحاسبة الحكومة الإسرائيلية التي ترعى هذه النشاطات بشكل مباشر.
ويوضح أبو رحمة أن الدعوات الإسرائيلية لجلب مليون مستوطن جديد إلى الضفة الغربية تمثل تهديداً خطيراً للوجود الفلسطيني.
ويؤكد أبو رحمة أن هذه الدعوات ليست مجرد تصريحات، بل تأتي ضمن خطط إسرائيلية طويلة الأمد تهدف إلى تعزيز الأغلبية السكانية اليهودية في الضفة الغربية والسيطرة على الأرض، بما في ذلك مناطق "ج" و"ب".
ويقول أبو رحمة: "هذه المخططات تهدد إمكانية إقامة دولة فلسطينية مستقبلية وتكرس واقعًا احتلاليًا يستهدف تهجير الفلسطينيين أو تحويلهم إلى أقلية تعيش تحت سيطرة المستوطنين".
وفي ما يتعلق بمستقبل الضفة الغربية في ظل هذه المخططات الاستيطانية وتصعيد المستوطنين، يحذر أبو رحمة من أن نجاحها يعني تنفيذ "خطة الحسم" التي طرحها وزير المالية الإسرائيلي، بتسلئيل سموتريتش، عام 2017.
ويشير أبو رحمة إلى أن هذه الخطة تهدف إلى فرض خيارات قاسية على الفلسطينيين: إما القبول بالعيش كخدم تحت حكم المستوطنين، أو التهجير القسري، أو مواجهة الإبادة الجماعية.
ويقول: "إذا استسلمنا لهذه المخططات، فإن المستقبل بالضفة الغربية سيكون مظلماً جداً. علينا أن نعمل 24 ساعة يومياً، ونتحرك على جميع المستويات المحلية والإقليمية والدولية، لإيقاف هذه المخططات والتصدي لها.
هذه مسؤولية جماعية تتطلب من الجميع، سواء أكانوا أفراداً أم مؤسساتٍ أو فصائل، أن يكونوا على قدر التحدي، وهو ما يتطلب تنظيم الجهود الفلسطينية بشكل أكبر، كما أن المرحلة الحالية هي مرحلة حماية الأرض وإفشال المخططات الاستيطانية".
ويضيف أبو رحمة: "علينا أن نوجه جميع إمكاناتنا لدعم صمود المواطنين في المناطق المستهدفة، وأن ننسق مع المؤسسات الدولية لفرض عقوبات حقيقية على الاحتلال الإسرائيلي. هذه هي الطريقة الوحيدة لمواجهة هذا المستقبل الغامض الذي يهدد وجودنا".
خلق بيئة معيشية مستحيلة لدفع الفلسطينيين نحو الرحيل
يشير الكاتب الصحفي نبهان خريشة إلى أن عدوانية المستوطنين في الضفة الغربية تزداد حدةً بشكل غير مسبوق، في ظل دعم مباشر من جيش الاحتلال والمؤسسات الإسرائيلية المختلفة.
ويوضح خريشة أن جيش الاحتلال قام بتجنيد نحو 5,500 مستوطن، العديد منهم يشاركون في هجمات على الفلسطينيين، إضافة إلى توزيع أكثر من 10,000 قطعة سلاح على ما يسمى بالفرق الأمنية المدنية أو كتائب الدفاع الإقليمي التي أُنشئت في المستوطنات، كما ساهمت وزارة الأمن القومي بقيادة إيتمار بن غفير في توزيع آلاف الأسلحة، ما يعزز تكوين مليشيات مسلحة للمستوطنين تعمل بتنسيق ودعم كامل من المؤسسة العسكرية الإسرائيلية.
وبحسب خريشة، تعمل مليشيات المستوطنين وفق رؤية إسرائيلية تهدف إلى إعادة هندسة المجتمع الفلسطيني، حيث تسعى إلى خلق بيئة معيشية مستحيلة تدفع الفلسطينيين نحو الاستسلام أو الرحيل.
ويؤكد خريشة أن هذا يتم من خلال تصعيد هجمات المستوطنين على الفلسطينيين في المناطق المصنفة "ج" و"ب"، بينما يقوم جيش الاحتلال بتدمير المخيمات الفلسطينية في الضفة بعمليات عسكرية مكثفة لخلق بيئة طاردة.
ويعتقد أن الهدف النهائي لهذه السياسة هو ضم الضفة الغربية أو أجزاء واسعة منها إلى إسرائيل، وهو ما أعلن عنه صراحةً وزراء إسرائيليون مثل بتسلئيل سموتريتش.
ويرى خريشة أن الفلسطينيين قادرون على إفشال أهداف المستوطنين، أو على الأقل الحد من تأثيرها من خلال تبني استراتيجيات متعددة المستويات، أهمها تعزيز الثبات على الأرض والتمسك بها بأي ثمن.
ويؤكد خريشة ضرورة تقديم السلطة الفلسطينية الدعم المادي والمعنوي للمتضررين من هذه الهجمات، فضلاً عن الاستمرار في فضح السياسات الإسرائيلية الاستيطانية على المستوى الدولي.
ويشدد خريشة على أهمية رفع تقارير دورية إلى المنظمات الدولية حول الانتهاكات التي يرتكبها المستوطنون والاحتلال، لكسب المزيد من الدعم العالمي ضد هذه الممارسات.
ويتطرق خريشة إلى تقرير صادر عن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، الذي يشير إلى شن المستوطنين خلال العام الماضي 1,084 هجوماً في أنحاء مختلفة من الضفة الغربية، أسفرت عن شهداء وجرحى في 107 منها، إضافة إلى 859 هجوماً ألحقت أضراراً بممتلكات الفلسطينيين.
ويؤكد خريشة أن اعتداءات المستوطنين ليست أعمالاً فردية، بل تأتي في سياق سياسة إسرائيلية ممنهجة تهدف إلى التطهير العرقي وتوسيع الاستيطان، ما يجعلها جزءاً من مخطط أكبر لترسيخ الاحتلال.
ويوضح خريشة أن الاحتلال استولى خلال العام 2024 على 40 ألف دونم من أراضي الضفة الغربية، بهدف ربط المستوطنات ببعضها أو توسيع حدودها، أو لشرعنة بؤر استيطانية قائمة، وتأتي هذه النشاطات ضمن رؤية سموتريتش التي تهدف إلى رفع عدد المستوطنين في الضفة إلى مليون بحلول العام 2030، وهو ما نصت عليه الاتفاقات الائتلافية للحكومة الإسرائيلية الحالية باعتبار الاستيطان حقاً لليهود غير قابل للتصرف.
ويرى خريشة أن الاستيطان يمثل التحدي الأكبر أمام الشعب الفلسطيني، حيث يسيطر المستوطنون على نحو 40% من أراضي الضفة الغربية، وترتفع النسبة إلى 68% في المنطقة "ج"، التي تضم معظم الموارد الطبيعية الفلسطينية مثل المياه والغابات والأراضي الزراعية.
ويشير خريشة إلى أن عدد المستوطنين تجاوز الآن 700 ألف، مقارنة بنحو 3٫5 مليون فلسطيني، ما يعني أن هناك مستوطناً إسرائيلياً مقابل كل خمسة فلسطينيين، وتسعى إسرائيل إلى تعديل هذه النسبة ليصبح هناك مستوطن مقابل كل ثلاثة فلسطينيين، من خلال مشروعها لجلب مليون مستوطن جديد.
ويؤكد خريشة أن مستقبل الضفة الغربية لا يبشر بخير في ظل التصعيد الاستيطاني الحالي، لكن أي استسلام لهذا الواقع سيؤدي إلى القضاء على فرص إقامة دولة فلسطينية، وسيُحوّل الضفة إلى جيوب صغيرة معزولة تخضع لسيطرة الاحتلال.
ويدعو خريشة إلى تصعيد الجهود الفلسطينية على كافة المستويات لمواجهة هذا التحدي الوجودي الذي يهدد الشعب الفلسطيني وكيانيته الوطنية.
تهديد وجودي.. وانتهاك صارخ للقانون الدولي
يؤكد البروفيسور جمال حرفوش، أستاذ مناهج البحث العلمي والدراسات السياسية في جامعة المركز الأكاديمي للأبحاث في البرازيل، أن تصاعد عدوانية المستوطنين في الضفة الغربية يمثل تهديداً وجودياً للفلسطينيين، وانتهاكاً صارخاً للقانون الدولي الذي يعتبر المستوطنات غير شرعية.
ويوضح حرفوش أن هذه العدوانية ليست مجرد اعتداءات فردية، بل جزء من استراتيجية إسرائيلية تستهدف تغيير الواقع الديموغرافي والجغرافي للضفة الغربية، ما يقوض أي فرصة لإقامة دولة فلسطينية مستقبلية.
ويوضح حرفوش أن دعوات الاحتلال لجلب مليون مستوطن جديد إلى الضفة الغربية تأتي ضمن خطة استراتيجية تهدف إلى فرض حقائق جديدة على الأرض.
هذه الخطة بحسب حرفوش، تحمل في طياتها أبعاداً خطيرة تشمل إنهاء إمكانية إقامة دولة فلسطينية حيث إن زيادة عدد المستوطنين تعني مصادرة المزيد من الأراضي وربط المستوطنات بشبكات بنى تحتية تجعل السيطرة الفلسطينية على أراضيها مستحيلة.
ويؤكد حرفوش أن تلك الخطة تسعى إلى طمس الهوية الفلسطينية، إذ يسعى الاحتلال إلى تغيير الطابعين التاريخي والجغرافي للضفة الغربية، ما يهدد التراث الثقافي الفلسطيني.
ويشير حرفوش إلى أن الخطة تعزز فكرة خلق واقع أمني معقد عبر وجود عدد كبير من المستوطنين المسلحين يعزز من بيئة عدائية مليئة بالعنف، حيث يصبح المستوطنون قوة عسكرية تفرض سيطرتها على الأرض.
ويشير حرفوش إلى تواطؤ الدول الكبرى، خاصة الولايات المتحدة، من خلال الدعم السياسي والاقتصادي والعسكري، يعزز تنفيذ هذا المخطط ويزيد من تعقيد الأوضاع.
ويرى حرفوش أن مواجهة هذا التحدي تتطلب تبني خطوات متعددة المستويات تشمل توثيق جميع اعتداءات المستوطنين ورفعها إلى المحاكم الدولية، مثل محكمة الجنايات الدولية، باعتبارها جرائم حرب، ومحاسبة قادة الاحتلال قانونياً لردعهم عن انتهاك حقوق الفلسطينيين.
ويؤكد حرفوش على أهمية تعزيز الجهود الدبلوماسية في المحافل الدولية لفرض عقوبات على الاحتلال بسبب دعمه وتسليحه للمستوطنين، وبناء تحالفات مع الدول المؤيدة للحق الفلسطيني لخلق توازن في المواقف الدولية.
ويدعو حرفوش إلى تشكيل لجان حماية شعبية في المناطق الريفية والمهددة بالاستيطان، تُدرب على حماية السكان والممتلكات، وكذلك ضرورة السعي لدعم صمود الفلسطينيين من خلال تقديم المساعدات الاقتصادية والاجتماعية لتعزيز بقائهم في أراضيهم.
ويشدد حرفوش على ضرورة العمل على كشف جرائم المستوطنين إعلامياً أمام الرأي العام العالمي لتسليط الضوء على انتهاكاتهم وخلق موجة ضغط دولي.
ويدعو حرفوش إلى العمل على تعزيز القدرات الدفاعية للأجهزة الأمنية الفلسطينية بما يتوافق مع القانون الدولي لضمان حماية المواطنين والممتلكات.
ويشير إلى ثلاثة سيناريوهات رئيسية لمستقبل الضفة الغربية، فإما الضم الكامل، حيث إنه في حال استمرار إسرائيل في مخططاتها دون ردود فلسطينية أو دولية حازمة، قد يتحول الواقع في الضفة إلى نظام فصل عنصري كامل، حيث تُقسم الضفة إلى جيوب صغيرة تخضع لسيطرة الاحتلال.
والسيناريو الثاني، وفق حرفوش، المقاومة والصمود، حيث إن الفلسطينيين أثبتوا قدرتهم على الصمود عبر التاريخ، ويمكن للمقاومة الشعبية والميدانية أن تفرض معادلة جديدة توقف التوسع الاستيطاني.
أما السيناريو الثالث، فهو التدخل الدولي، إذ إنه إذا تحرك المجتمع الدولي بجدية وفرض عقوبات على الاحتلال، يمكن تقليص حجم الاستيطان والحفاظ على هوية الضفة كجزء من الدولة الفلسطينية المنشودة.
ويؤكد حرفوش أن الحل يكمن في تعزيز الوحدة الوطنية وإنهاء الانقسام، مشدداً على ضرورة إطلاق حملة شعبية شاملة للحفاظ على الأرض ومقاومة الاستيطان.
ويشدد حرفوش على أن المقاومة الشعبية السلمية، إلى جانب التحركات الدولية، يمكن أن تضع حداً للتمدد الاستيطاني، وتعيد فرض القضية الفلسطينية على أجندة المجتمع الدولي.
سياسات مدروسة ومتكاملة لحماية القرى وتعزيز الصمود
يؤكد الكاتب والمختص بالشأن الإسرائيلي محمد أبو علان دراغمة أن وجود المستوطنين على الأراضي الفلسطينية بحد ذاته يعتبر عدوانية، حتى قبل تنفيذهم الاعتداءات الجسدية والتخريب الممنهج.
ويشير دراغمة إلى أن المستوطنين لا يتحركون بمفردهم، بل يحظون بحماية مباشرة من جيش الاحتلال الإسرائيلي، الذي يساندهم ويوفر لهم الدعم خلال اقتحام القرى وارتكاب الاعتداءات.
ويؤكد دراغمة أن مواجهة هذا التحدي الأمني والعسكري تستدعي سياسات فلسطينية مدروسة ومتكاملة تهدف إلى حماية القرى الفلسطينية وتعزيز صمود سكانها، خاصة في مناطق "ج" التي تشكل هدفاً مركزياً للمخططات الاستيطانية.
ويشير دراغمة إلى أن الاعتداءات المستمرة لم تعد مقتصرة على مناطق "ج"، بل باتت تطول مناطق "ب"، في إطار مخططات أوسع للسيطرة على الضفة الغربية وفرض وقائع جديدة على الأرض، والتي تهدف إلى منع أي حلول سياسية مستقبلية.
ويوضح دراغمة أن الحديث عن مواجهة المستوطنين بشكل منفصل هو أمر غير كافٍ، بل يجب أن يكون جزءاً من خطة وطنية شاملة، يكون جوهرها تعزيز صمود السكان في المناطق المستهدفة، خاصة في الأغوار ومناطق "ج"، داعياً إلى توفير الدعم اللازم لتوسيع البناء والعمران في هذه المناطق، رغم العقبات التي يضعها الاحتلال.
ويشدد دراغمة على أهمية تسليط الضوء إعلامياً على هذه القضايا، سواء محلياً أو دولياً، بهدف فضح الممارسات الإسرائيلية أمام العالم.
ويؤكد أن الاعتداءات الاستيطانية زادت بشكل كبير بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول، ما يستدعي تحركاً عاجلاً لمواجهتها على كافة الأصعدة.
ويشير دراغمة إلى أن مخططات الاحتلال لجلب مليون مستوطن جديد إلى الضفة الغربية تهدف إلى فرض وقائع جديدة تجعل من المستحيل إقامة دولة فلسطينية مستقلة.
ويوضح دراغمة أن هذه السياسة تستند أيضاً إلى تقطيع أوصال الضفة الغربية ومنع فصل المستوطنات عن القرى، ما يؤدي إلى القضاء على فكرة حل الدولتين التي تتحدث عنها بعض الأطراف الدولية مثل الولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية.
ويعتقد دراغمة أن الأراضي المصنفة "ج" تُعتبر هدفاً رئيسياً لهذه المخططات، كونها تمثل المساحات الأقل كثافة سكانية والأكبر جغرافياً في الضفة الغربية، ومع تزايد المستوطنات وتوسعها، يصبح حل الدولتين أمراً غير قابل للتطبيق عملياً على الأرض.
ويُبرز دراغمة خطورة تصريحات سموتريتش التي أوضح فيها أن مهمته المركزية هي منع إقامة دولة فلسطينية غربي نهر الأردن، والعمل على بناء دولة إسرائيل الكبرى، مؤكداً أن هذه التصريحات تعكس جوهر السياسة الإسرائيلية الحالية، التي تهدف إلى إنهاء أي أفق سياسي للفلسطينيين، وتجريدهم من حقهم في إقامة دولة مستقلة.
ويؤكد دراغمة أن وجود المستوطنين في الضفة الغربية يُشكل عائقاً كبيراً أمام أي مستقبل فلسطيني، قائلاً: "المستوطنون لا يريدون أي فلسطيني في هذه المناطق، والموقف الإسرائيلي واضح بعدم إخلاء أي مستوطنة أو مستوطن من الضفة الغربية، ما يعني أنه لا يمكن الحديث عن مستقبل للضفة الغربية في ظل وجود المستوطنين".
دلالات
فلسطيني قبل حوالي 4 ساعة
المستوطنون بحماية الجيش المطلوب أن نكون بحماية السلطة وان تتحرك السلطة على المستوى الشعبي والدولي ضد المستوطنين وداعميه
الأكثر تعليقاً
محاضرة في النمسا تثير تساؤلات: لماذا يسرق الاسرائيليون تراث الفلسطينيين؟
"هآرتس" تكشف تفاصيل عن الأسرى الفلسطينيين المُفرج عنهم ضمن الصفقة
رئيس الوزراء: يجب ألا تحكم أي سلطة غير السلطة الفلسطينية قطاع غزة
دروس "الطوفان" وارتداداته(3) انكشاف "الدولة" العربية
مصطفى: غزة تحتاج إلى حكومة قادرة على مداواة جراح شعبنا وإعادة توحيدها
نتنياهو: "حماس" تتراجع عن بعض تفاصيل اتفاق غزة
خلال 15 شهراً من الإبادة.. حسابات الربح والخسارة
الأكثر قراءة
نتنياهو: "حماس" تتراجع عن بعض تفاصيل اتفاق غزة
الصحة العالمية: إعادة بناء النظام الصحي في غزة تتطلب 10 مليارات دولار
مصر تنسق لفتح معبر رفح وتنفيذ اتفاق يهدف لتحسين الأوضاع في غزة
سكان غزة يحتفلون بأنباء اتفاق وقف النار وصفقة تبادل الأسرى
"رويترز" تنشر أجزاءً من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة
مصادر: إطلاق 1740 أسيرا خلال المرحلة الأولى للصفقة
"هآرتس" تكشف تفاصيل عن الأسرى الفلسطينيين المُفرج عنهم ضمن الصفقة
أسعار العملات
الأربعاء 15 يناير 2025 8:59 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.63
شراء 3.6
دينار / شيكل
بيع 5.12
شراء 5.1
يورو / شيكل
بيع 3.74
شراء 3.72
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%57
%43
(مجموع المصوتين 441)
شارك برأيك
جيش المستوطنين بالضفة.. نُذر ارتكاب مجزرة لإفشال صفقة غزة