فلسطين
الخميس 09 يناير 2025 8:59 صباحًا - بتوقيت القدس
ماذا تبقّى من "الأونروا"؟.. النكبة الأولى أنشأتها والثانية قوّضتها
رام الله -خاص بـ"القدس" دوت كوم
منذر الحايك: من يريد إنهاء عمل "الأونروا" عليه أن ينفذ القرار 194 الذي يعيد اللاجئين الفلسطينيين إلى بيوتهم
سامي مشعشع: ما يخطط له الآن هو نكبة ثانية تعليمية وصحية واجتماعية وتفقير ممنهج يؤدي إلى التهجير
توفيق طعمة: تأسيس "الأونروا" جاء بقرار من الجمعية العامة وأيّ محاولة لإلغائها يجب أن تتم عبر إطار دولي مشابه
د. أماني القرم: وقف تمويل "الأونروا" سيخلق كارثة مستدامة ستلقي بظلالها على أمن الشرق الأوسط واستقراره بالكامل
أسامة الشريف: هدفان مشتركان لإسرائيل وأميركا في المرحلة المقبلة: إنهاء ملف اللاجئين وإغلاق ملف المخيمات
حازم القواسمي: إدارة ترمب تبدو مستعدة لاتخاذ قرارات تُسهم في حسم القضايا الكبرى لصالح إسرائيل ومنها إغلاق "الأونروا"
الإجراءات التي اتخذتها دولة الاحتلال الإسرائيلي ضد وكالة الغوث الدولية "الأونروا" والاعتداءات على مقارها وطواقمها ومدارسها، والاتهامات التي كالتها للعديد من العاملين فيها بالمشاركة في هجوم 7 أكتوبر وصولاً إلى القانون الذي أقره الكنيست الإسرائيلي لحظر نشاطها في المناطق الخاضعة لدولة الاحتلال الإسرائيلي خاصة القدس، لم تأت من فراغ ولم تكن وليدة ردات فعل آنية، بل مقدمات لقرارات كبيرة بحق هذه المنظمة الدولية التي يرتبط وجودها بقضية اللاجئين الفلسطينيين.
وما كانت دولة الاحتلال لتتجرأ على القيام بهكذا ممارسات أو قرارات لولا الضوء الأخضر الأمريكي وفي معيتها الدول التي تسير في فلكها، ما يضاعف المخاوف من ما ستحمله المرحلة المقبلة، حيث يدخل دونالد ترمب مجدداً إلى البيت الأبيض، في ضوء ما ارتبط باسمه من قرارات واعترافه بالقدس عاصمة موحدة لإسرائيل، ونقل السفارة الأمريكية إليها والاعتراف بضم الجولان السوري، وصولاً إلى خطتها للتسوية السياسية الظالمة المسماة "صفقة القرن". وبالتالي هناك خشية حقيقة من أن يقدم ترمب على إنهاء وجود وكالة الغوث بالكامل، من أجل إلغاء قضية اللاجئين الفلسطينيين.
وفي ضوء هذه المخاوف، تبرز علامات استفهام حول ما يمكن أن يترتب عن حل وكالة الغوث وتبعات ذلك على ملايين اللاجئين الذين توفر لهم الخدمات الاجتماعية والصحية والتعليمية وغيرها، لا سيما في ظل الوضع الكارثي في قطاع غزة ومعظم سكانه من اللاجئين، بعد خمسة عشر شهرا من القتل والتدمير والتجويع والفقر والأمراض التي تفتك باللاجئين وخسارتهم لبيوتهم ومدارسهم ومشافيهم وغيرها من المؤسسات التعليمية والخدمية.
كتاب ومحللون تحدثوا لـ"القدس" اعتبروا أن ما يخطط له الآن هو نكبة ثانية، تعليمية، صحية، واجتماعية، وتفقير ممنهج يؤدي إلى التهجير، مؤكدين أن وقف تمويل الأونروا سيخلق كارثة مستدامة ستلقي بظلالها على أمن الشرق الأوسط واستقراره بالكامل. ونوهوا إلى أن إدارة ترمب تبدو مستعدة لاتخاذ قرارات تُسهم في حسم القضايا الكبرى لصالح إسرائيل، ومنها إغلاق الأونروا.
الأونروا شريان حياة اللاجئين الفلسطينيين
وقال المتحدث باسم حركة "فتح" في قطاع غزة، منذر الحايك، إن الأونروا ارتبطت تاريخياً باللاجئ الفلسطيني منذ تهجير الشعب الفلسطيني عن أرضه في العام 1948.
وأوضح الحايك أن الأونروا تواصل دعم أبناء شعبنا الفلسطيني، إلا أن حكومة نتنياهو تسعى للقضاء على مشروع الدولة الفلسطينية وحق عودة اللاجئين إلى ديارهم، في محاولة لإنهاء المشروع الوطني الفلسطيني.
وشدد الحايك على ضرورة أن تعود الدول الممتنعة عن دعم الأونروا إلى الالتزام بالقرار الأممي الذي تأسست بموجبه هذه المنظمة، والذي يهدف إلى تقديم الدعم والإغاثة لأبناء الشعب الفلسطيني.
وأشار إلى أن الأونروا تمتلك السجلات الكاملة للفقراء في قطاع غزة والضفة الغربية ومخيمات اللجوء، وهي الجهة المنوطة بتقديم المساعدات الإنسانية لهم.
وأكد رفض حركة "فتح" لمخططات حكومة نتنياهو والتصدي لها، داعياً الدول الداعمة للأونروا إلى الاستمرار في تقديم الدعم، خاصة الدعم المالي، بشكل قوي ومستدام.
وأضاف: "من يريد إنهاء عمل الأونروا عليه أن ينفذ القرار الأممي 194، الذي يضمن حق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى منازلهم التي هجّروا منها عام 1948. حينها فقط يمكننا القول إننا لا نحتاج إلى الأونروا، أما طالما أن الفلسطينيين مهجّرون ومشرّدون، فيجب أن تبقى الأونروا قائمة وفق قرارات الشرعية الدولية".
الأونروا هي الجهة المخولة بجلب المساعدات وتوزيعها
وفيما يتعلق بميزانية الأونروا، وما يُقال عن توزيعها على منظمات إنسانية ومجتمع مدني، قال الحايك إن الأونروا هي الجهة المخولة بجلب الأموال والمساعدات وتوزيعها على أبناء الشعب الفلسطيني وفق السجلات الموجودة لديها.
وأضاف: "نحن نثق بالأونروا ونريدها أن تستمر في أداء عملها، خاصة في الوضع الإغاثي بقطاع غزة، الذي تفاقم بعد الحرب المجنونة التي تشنها حكومة الاحتلال على شعبنا".
وأشار إلى وجود اتهامات وشيطنة ضد الأونروا من قبل حكومة نتنياهو، التي تدّعي أن الأونروا توزع المساعدات عبر منظمات إنسانية أخرى.
وأوضح الحايك أن هناك منظمات إنسانية تعمل بشكل مستقل، مشدداً على أن الإطار الشرعي الذي يثق به الفلسطينيون والمتواجد في الأراضي المحتلة عام 1967 وفي مخيمات اللجوء هو الأونروا.
الوضع المالي للأونروا هذا العام سيكون صعبًا للغاية
من جانبه، أكد سامي مشعشع خبير شؤون المنظمات الدولية والإعلام ان الوضع المالي للأونروا هذا العام سيكون صعبًا للغاية.
وقال: منذ سنوات، والعجز المالي للأونروا يتراكم، ما ينعكس سلبًا على مستوى الخدمات المقدمة لملايين اللاجئين الفلسطينيين، حيث تبلغ ميزانية الأونروا العادية أكثر من 1.4 مليار دولار، وكما في السنوات السابقة، لم تتجاوز التعهدات المضمونة من الدول المتبرعة نصف هذا المبلغ. بل إننا سنكون دون هذا المستوى.
وتطرق مشعشع إلى ميزانيات الطوارئ لهذا العام، وأضاف: بالنظر إلى الدمار الذي أصاب المخيمات في غزة ولبنان، واحتياجات خدمات الطوارئ في سوريا والضفة الغربية، فستكون كبيرة جدًا.
وتابع: مع ذلك، ستستلم الأونروا الفتات منها، مما يقيد، إلى حد كبير، قدرتها على الاستجابة والمساعدة.
ونوه إلى ميزانيات المشاريع، المخصصة لإعادة بناء المئات من منشآت الأونروا التي دُمرت بالكامل، والتي ستكون ضخمة للغاية، ومن المتوقع أن تحصل الأونروا على جزء يسير منها.
الولايات المتحدة لن تستأنف تبرعاتها نهائيًا
وأكد أن الولايات المتحدة لم تعد أكبر متبرع للأونروا، ولن تستأنف تبرعاتها نهائيًا. وكحال السويد (رابع أكبر متبرع)، حوّلت دعمها إلى مؤسسات دولية ومحلية.
وأشار إلى وجود دول أخرى، مثل سويسرا، تدرس تطبيق النهج نفسه. ودول مثل النرويج، الدنمارك، إسبانيا، بريطانيا، اليابان، وفرنسا ستستمر في دعم الأونروا، لكنها لن تزيد من مستوى التبرعات لتغطية الفاقد الأميركي والسويدي.
وتطرق مشعشع الى التبرعات العربية، وقال: إنها غير منتظمة ويصعب الاعتماد عليها، لأن المبالغ المحددة سنويًا للأونروا من قبل الدول العربية قليلة، وتغطي نسبة بسيطة من إجمالي ميزانيات الأونروا المختلفة.
وأكد أن ولاية الأونروا مخصصة لخدمة اللاجئين الفلسطينيين، وأن استبدال الأونروا بمؤسسات دولية أخرى، كمنظمة الغذاء العالمي ومنظمات مجتمع مدني محلية بميزانيات محدودة، سيحرم قطاعات واسعة من اللاجئين من الخدمات الأساسية، خصوصًا الصحية والخدمات الاجتماعية المخصصة لأفقر الفقراء، ما سيرفع مستويات الفقر الشديد والانكشاف الاقتصادي إلى مستويات غير مسبوقة.
توجه سيدمر العملية التعليمية لمئات آلاف الطلبة
وعلى الصعيد التربوي، أوضح أن هذا التوجه سيدمر العملية التعليمية لمئات الآلاف من الطلبة في مدارس الأونروا، لافتاً إلى أن المؤسسات البديلة للأونروا تمتلك، في أفضل الأحوال، عشرات العاملين، بينما لدى الأونروا في قطاع غزة وحده 13 ألف معلم ومعلمة، وأطباء، وفنيون، وعمال نظافة، ومهندسون وغيرهم، مما يجعل من الصعب جدًا استبدالهم.
وقال مشعشع: إن ما يخطط له الآن هو نكبة ثانية: نكبة تعليمية، صحية، واجتماعية، وتفقير ممنهج يؤدي إلى التهجير، وصولًا إلى نكبة ثانية مكتملة الأركان.
وتطرق مشعشع إلى قرب مجيء ترمب. وقال: هناك انطباع بأن مجيء ترمب إلى سدة الحكم سيزيد من أزمة الأونروا الوجودية والمالية. هذا ليس دقيقًا، مؤكداً أن مجيئه سيعزز فقط الإجراءات والجهود الحالية لإضعاف الوكالة وإنهاكها، والتي قطعت حتى اللحظة أشواطًا كبيرة.
وإشار إلى ان شيطنة الأونروا والجهود لإنهائها والقضاء على حق العودة هي مساعٍ إسرائيلية بالأساس.
وأضاف: إن جهودهم لتأليب دول العالم ضدها تهدف إلى ضمان نجاح مساعيهم الذاتية لطرد الوكالة، وتهيئة البدائل الدولية، الإقليمية، والمحلية.
وختتم مشعشع حديثه لـ "القدس" بالتأكيد على أن الهدف ليس فقط استبدال دور الأونروا وخدماتها الإنسانية، بل إنهاء ملف اللاجئين الفلسطينيين بعيدًا عن ترجمة فعلية لحق العودة، واقترابًا أكثر من تثبيت مفهوم التوطين، والتهجير القسري والطوعي، والتعويض المادي للاجئين.
إجراءات إسرائيل ضد "الأونروا" تهدد بكارثة إنسانية
بدوره، قال المحلل السياسي توفيق طعمة إن وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) تُعتبر واحدة من أبرز المؤسسات الدولية التي تلعب دورًا حيويًا في حياة اللاجئين الفلسطينيين، حيث تقدم لهم خدمات إنسانية أساسية في مجالات الصحة، التعليم، والتغذية.
وأشار إلى أن تأسيس الأونروا عام 1949 جاء بقرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة، ما يعني أن أي محاولة لإلغائها يجب أن تتم أيضًا عبر إطار دولي مشابه.
وأوضح طعمة أن الأونروا تقدم خدماتها الحيوية للاجئين الفلسطينيين في مناطق متعددة تشمل غزة، الضفة الغربية، القدس الشرقية، الأردن، وسوريا.
وأشار إلى أن هذه المؤسسة تمثل شاهدًا دوليًا على النكبة الفلسطينية عام 1948 وعلى تهجير الفلسطينيين من أراضيهم.
وظيفة إنسانية ودور سياسي للأونروا
وأضاف: إن الأونروا لا تقدم فقط مساعدات إنسانية، بل تؤكد من خلال وجودها على حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى أراضيهم، ما يجعلها عقبة أمام مشاريع إسرائيل الساعية إلى إنهاء هذا الحق بشكل كامل.
وتطرق طعمة إلى الإجراءات التي اتخذتها إسرائيل ضد الأونروا، مشيرًا إلى قرار الكنيست الإسرائيلي في أكتوبر الماضي، الذي يمنع الوكالة من العمل في المناطق التي تسيطر عليها إسرائيل، بما في ذلك الضفة الغربية والقدس الشرقية وقطاع غزة.
وأوضح أن هذا القرار يمنح الأونروا ثلاثة أشهر فقط للعمل قبل أن يتم إغلاق مكاتبها وحظر نشاطها بشكل كامل.
وأشار إلى أن هذا القرار يشمل فرض قيود على المؤسسات التي تتعامل مع الأونروا، ويهدد بعقوبات على موظفيها الذين يواصلون العمل معها. ووصف طعمة هذه الخطوات بأنها غير قانونية، لأنها تتعارض مع القرارات الدولية التي أنشأت الأونروا.
وحذر طعمة من أن حظر الأونروا سيؤدي إلى كارثة إنسانية كبيرة، حيث يعتمد ملايين اللاجئين الفلسطينيين على خدماتها الأساسية. ولفت إلى أن ميزانية الوكالة، التي تبلغ حوالي 1.4 مليار دولار سنويًا، تُستخدم لتقديم خدمات في مجالات التعليم، الصحة، الحماية الاجتماعية، والتغذية.
وأضاف: إن توقف خدمات الأونروا سيترك ملايين اللاجئين بلا تعليم أو رعاية صحية أو دعم اجتماعي، ما سيؤدي إلى تفاقم الأوضاع الإنسانية المتدهورة بالفعل، خاصة في قطاع غزة.
الدوافع الإسرائيلية لإلغاء الأونروا
واعتبر طعمة أن إسرائيل تعمل على إنهاء وجود الأونروا لأنها تمثل عقبة أمام تحقيق أهدافها السياسية.
وأوضح أن الأونروا هي الشاهد الحي على النكبة الفلسطينية وحق اللاجئين في العودة إلى أراضيهم.
وأشار إلى أن إسرائيل ترى أن استمرار عمل الأونروا يُعيق خططها لتصفية القضية الفلسطينية، حيث يمثل وجود الوكالة ضمانًا دوليًا لحقوق اللاجئين الفلسطينيين.
وتطرق طعمة إلى الخيارات المتاحة أمام المجتمع الدولي لمواجهة القرار الإسرائيلي، مشيرًا إلى أن هناك مخاوف من أن يتم اللجوء إلى منظمات إنسانية ومجتمعات مدنية (NGOs) كبدائل عن الأونروا. لكنه شدد على أن هذه الخطوة قد تُعتبر اعترافًا ضمنيًا بالقرار الإسرائيلي، وهو أمر خطير.
وأكد أن قبول هذه المنظمات بالقرار الإسرائيلي يعني موافقة على إلغاء الأونروا وحق العودة، مما سيُحدث تداعيات كارثية على اللاجئين الفلسطينيين وعلى القضية الفلسطينية بشكل عام.
وشدد على أهمية الدور العربي والدولي للضغط على إسرائيل للتراجع عن قرارها. ودعا إلى الحفاظ على عمل الأونروا باعتبارها إحدى الركائز الأساسية التي تدعم اللاجئين الفلسطينيين وتحافظ على حقوقهم.
وختم طعمة حديثه بالتأكيد على ضرورة أن يتحمل المجتمع الدولي مسؤولياته الإنسانية والسياسية تجاه اللاجئين الفلسطينيين، معتبراً أن استمرار عمل الأونروا هو ضرورة ملحة لمنع كارثة إنسانية جديدة تضاف إلى المعاناة القائمة بالفعل.
المس بالأونروا سيكسر العمود الفقري للقضية الفلسطينية
وقالت الكاتبة والباحثة في الشأن الأمريكي والإسرائيلي، د. أماني القرم، إن العداء بين الأونروا من جهة وإسرائيل وأمريكا/ ترمب من جهة أخرى ليس جديدًا، وليس نتاج الحرب الحالية، إنما يعود إلى تصاعد تيار اليمين الصهيوني في الداخل الإسرائيلي، حيث ظهرت أفكار وتوجهات جديدة في العقل السياسي الإسرائيلي جوهرها تصفية القضية الفلسطينية عبر التخلص من مظاهرها وأدواتها، لا سيما تلك التي تحظى بشرعية دولية.
وأشارت القرم إلى أن مسألة اللاجئين تُعد إحد ثوابت القضية الفلسطينية، بل هي الشاهد الحي على وجود المشكلة الفلسطينية، وأن إنشاء الأونروا ارتبط بمسألة اللاجئ الفلسطيني. فطالما هناك لاجئ، فإن الأونروا ستظل موجودة.
وأكدت أن السياسة الإسرائيلية، رغم القمع والتهميش وجميع مشاريع التسوية التي طُرحت عبر تاريخ الصراع، سواء في داخل الأدراج أو خارجها، ومحاولات حسمه، لم تستطع إنهاء قضية اللاجئين.
وأضافت القرم: إن الفكر المتطرف الإسرائيلي تحول إلى محاولة لإنهاء وجود المنظمة الشرعية والدولية الوحيدة المكلفة بمتابعة شؤون اللاجئين، وذلك عبر تجفيف منابع تمويلها وإغلاق مكاتبها، واتخاذ قرارات في الكنيست بوقف العمل معها إثر اتفاقية 1967، وسحب جميع التصاريح والمميزات التي منحت لموظفيها لتسهيل أعمالها.
وأوضحت أن الهجوم على الأونروا، بفعل القوة وفرض الأمر الواقع، وتشويه دورها من خلال اتهامها بأنها معقل لحماس، سيؤدي إلى كسر العمود الفقري للقضية الفلسطينية وإلغاء صفة "لاجئ" عن خمسة ملايين فلسطيني يحملون هذا التصنيف ويستفيدون من خدمات الأونروا.
الأونروا منظومة حياتية متعددة الجوانب
وأشارت إلى أن الرئيس ترمب، في ولايته الأولى، وبدافع من اليمين الإسرائيلي، أوقف دعم الوكالة، معتقدًا أن الهجمة على الأونروا ستستمر في السنوات المقبلة.
لكن القرم شككت بشدة في إمكانية تحقيق الهدف الإسرائيلي- الأمريكي، مؤكدةً أن وقف تمويل الأونروا سيخلق كارثة مستدامة في السنوات المقبلة، لن تؤثر فقط على اللاجئين، بل ستلقي بظلالها على أمن الشرق الأوسط واستقراره بالكامل، وربما تمتد تداعياتها إلى ما وراء البحار.
ونبهت القرم إلى أن المشكلة تكمن في أن الأونروا ليست مجرد منظمة إغاثية، بل هي منظومة حياتية متعددة الجوانب ومتتالية، تشبه سلسلة متصلة لكل أسرة فلسطينية تحمل صفة "لاجئ" منذ نشوء القضية بسبب الاحتلال الإسرائيلي.
وأضافت: إن الأونروا، وعبر برامجها المختلفة، وخصوصًا في مجال التعليم، لعبت دورًا محوريًا في ترويض الفكر الجمعي الفلسطيني المتعلق بالقضية. كما خلقت ظروفًا تمثل تحديًا وأملًا في آن واحد للاجئ لتحسين وضعه ضمن إطار قوانين الشرعية الدولية والفكر المعتدل.
وأكدت القرم أن العلم أصبح هدفًا رئيسيًا للفلسطيني وطريقًا للنجاة والبقاء.
وتساءلت: "إذا تم إيقاف الأونروا من سيملأ فراغ هذه المنظومة الحياتية الكاملة سوى الأفكار المتطرفة والراديكالية؟"، مشبهة ذلك بإطلاق مارد من قمقم لإشعال النار، حيث لا يمكن إعادته ولا إخماد النيران.
خطة ترمب ترمي لتصفية القضية الفلسطينية
من جهته، أكد المحلل السياسي أسامة الشريف أن تصفية القضية الفلسطينية وإغلاق الملف نهائيًا يمثلان خطة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب في ولايته الثانية.
وأوضح الشريف أن تداعيات السابع من أكتوبر قد هيأت الظروف لتنفيذ هذا المخطط واستكمال مشروع ترمب المتعلق بما يُسمى "اتفاقيات أبراهام".
وأشار إلى أن هناك هدفين مشتركين لكل من إسرائيل وأميركا خلال المرحلة المقبلة لتحقيق هذا المشروع، الأول، إنهاء ملف اللاجئين: ويتمثل ذلك في تصفية وكالة الغوث (الأونروا) قانونيًا، كما حدث عبر القانون الذي أقره الكنيست الإسرائيلي مؤخرًا. ويتطلب هذا الإجراء تجنيس اللاجئين الفلسطينيين في كل من الأردن ولبنان وسوريا، ما يعني عمليًا إسقاط حق العودة وتوطين اللاجئين في أماكن وجودهم.
وأضاف: أما الهدف الثاني فهو إغلاق ملف المخيمات: إذ تسعى إسرائيل لإخلاء المخيمات في الضفة الغربية إما عبر الحصار الاقتصادي والترويع لدفع سكانها إلى المغادرة طوعًا، أو من خلال تدمير البنى التحتية للمخيمات بحيث تصبح غير صالحة للعيش.
ولفت الشريف إلى أن المخيمات تمثل هاجسًا دائمًا لإسرائيل، إذ تُعد بيئة حاضنة للمقاومة داخل فلسطين وخارجها، وتدميرها يعني حرمان المقاومة من هذه البيئة الداعمة.
وأشار إلى أن هذا النهج هو ما طبقته إسرائيل مؤخرًا في غزة من خلال التدمير الممنهج للمخيمات هناك.
وأضاف الشريف: إن ما سيبقى بعد ذلك هو فرض حل سياسي لا يشمل إقامة دولة فلسطينية مستقلة أو إنهاء الاحتلال، بل يرتكز على مشروع قديم جديد تحت عنوان "الحكم الذاتي تحت حراب الاحتلال".
وأكد أن الظروف الجيوسياسية الحالية في المنطقة قد تسهم في تسهيل تنفيذ هذه الأهداف، مشيرًا إلى أن المضي في هذا المخطط لن يواجه ممانعة سياسية كبيرة، خصوصًا بعد تراجع نفوذ ما يُعرف بـ"محور المقاومة".
استبعاد عودة خدمات الأونروا إلى سابق عهدها
بدوره، قال المستشار الاقتصادي حازم القواسمي إن الأفق لا يبدو واعدًا بعودة خدمات الأونروا إلى ما كانت عليه، في وقتٍ يُعد فيه الشعب الفلسطيني المكلوم في قطاع غزة بأمسِّ الحاجة إليها منذ النكبة.
وأشار القواسمي إلى أن الهجوم على هذه المؤسسة الدولية الإغاثية خلال العام الماضي، إلى جانب قرار الكونغرس الأميركي والبيت الأبيض الاستمرار في وقف التمويل المخصص لها حتى آذار 2025، وكذلك الصمت العربي، شجع الحكومة الفاشية في إسرائيل وداعميها على تعميق هجماتهم على هذه المؤسسة بهدف تصفيتها نهائيًا ودفنها خلال الأشهر القليلة المقبلة من هذا العام.
وأضاف القواسمي: إن الإدارة الأميركية المرتقبة برئاسة دونالد ترمب تبدو مستعدة لاتخاذ قرارات جريئة تُسهم في حسم قضايا كبرى لصالح إسرائيل، من أبرزها إغلاق الأونروا نهائيًا.
وأكد أن ذلك سيؤدي إلى تصفية قضية اللاجئين والمخيمات الفلسطينية بمعزل عن أي حل شامل للقضية الفلسطينية.
وأشار الى ان التصريحات الصادرة عن إدارة ترمب المرتقبة بخصوص الشرق الأوسط، وعلى رأسها تعيين السفير الأمريكي الجديد لإسرائيل، مايك هكابي، لا تبشّر بأي خير فيما يتعلق بإيجاد حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية، بما في ذلك حقوق اللاجئين الفلسطينيين وإقامة الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من حزيران.
كما لفت إلى أن أول قرارات ترمب المتوقعة قد تشمل وقف التمويل عن الأونروا بالكامل والضغط على الدول الأوروبية لاتباع النهج ذاته، ما سيؤدي إلى تسريع وتيرة الاستهداف الممنهج للمخيمات الفلسطينية.
وأكد القواسمي أن هذه الخطوات تهدد إلى إغلاق ملف اللاجئين الفلسطينيين وإلغاء دور الأونروا، ما يُنذر بتفاقم الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة والضفة الغربية، في وقت يزداد فيه الاستهداف للمخيمات كجزء من مخططات التهجير القسري التي تتبناها الحكومة الإسرائيلية.
دلالات
سحر رشيد نمر عليان قبل حوالي 4 ساعة
حسبي الله ونعم الوكيل على كل ظالم مفتري على اللي دمر حالنا وشعبنا
الأكثر تعليقاً
رجب : الجزيرة تمعن بمعاداة الشعب الفلسطيني وتنشر وتزور اخبار كاذبة
أحمد غنيم في الذكرى الستين للانطلاقة.. "فتح" نجحت في توحيد الشعب الفلسطيني بمختلف أطيافه
"الرئاسة": نشر الخرائط الإسرائيلية مرفوض ولن يحقق الأمن في المنطقة
"فتح" .. هل ما زالت مؤهلة لقيادة المرحلة؟
قرار قضائي بحجب المواقع الإلكترونية لشبكة الجزيرة
ترامب يقول إنه "أفضل صديق" لإسرائيل على الإطلاق، ويكرر التهديد لحماس
بلينكن يقول إنه لا يخشى أن يعتقد العالم أنه دعم إبادة جماعية
الأكثر قراءة
السعودية ترفض خريطة مزعومة لإسرائيل تضم أراضي عربية
ضغوط دولية تدفع إسرائيل وحماس نحو اتفاق لوقف إطلاق النار
بلينكن يقول إنه لا يخشى أن يعتقد العالم أنه دعم إبادة جماعية
قرار قضائي بحجب المواقع الإلكترونية لشبكة الجزيرة
ترامب يقول إنه "أفضل صديق" لإسرائيل على الإطلاق، ويكرر التهديد لحماس
حماس توافق على قائمة من 34 محتجزا قدمتها إسرائيل ونتنياهو ينفي... بحث "اتفاق شامل مرحليّ"
رجب : الجزيرة تمعن بمعاداة الشعب الفلسطيني وتنشر وتزور اخبار كاذبة
أسعار العملات
الأربعاء 08 يناير 2025 9:02 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.65
شراء 3.64
دينار / شيكل
بيع 5.15
شراء 5.13
يورو / شيكل
بيع 3.78
شراء 3.77
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%61
%39
(مجموع المصوتين 373)
شارك برأيك
ماذا تبقّى من "الأونروا"؟.. النكبة الأولى أنشأتها والثانية قوّضتها