فلسطين
الأربعاء 08 يناير 2025 9:13 صباحًا - بتوقيت القدس
ملاحقة جنود الاحتلال في العواصم العالمية.. "هند رجب" تلاحق القتلة والإفلات من العقاب بات من الماضي
رام الله -"القدس" دوت كوم
د. رائد أبو بدوية: محاكمة مجرمي الحرب أمام محاكم وطنية ببعض الدول تُفشل المشروع الأمريكي بفرض عقوبات على المتعاونين مع "الجنائية"
طلال عوكل: المساءلة الدولية ستفتح الباب أمام محاكمة إسرائيل دولةً ومجتمعاً ما يفرض مراجعة جذرية لسياساتها واستراتيجياتها المستقبلية
نور عودة: هذه الخطوات تساهم في خلق شعور لدى الجنود الإسرائيليين بأنهم ملاحقون وتكسر الشعور بالحماية من المحاسبة
محمد أبو علان دراغمة: دولة الاحتلال بدأت تدرك أن هناك جهات دولية تعمل على محاسبتها وأن هذه الإجراءات تشكل ضغطاً سياسياً وقانونياً متزايداً عليها
داود كُتّاب: التحركات الدولية لمحاسبة مجرمي الحرب ستتسارع مع وجود شبكات واسعة من الحقوقيين والمتضامنين الساعين لتطبيق القانون الدولي
ياسر مناع: تصريحات لابيد حول تفوق الفلسطينيين في الساحة الدولية تحمل اعترافاً ضمنياً بتراجع قدرة إسرائيل على التأثير في الرأي العام الدولي
تشهد الساحة الدولية تحولاً نوعياً في التعامل مع الجرائم الإسرائيلية المرتكبة ضد الشعب الفلسطيني، مع تصاعد جهود محاسبة الجنود الإسرائيليين المتهمين بارتكاب جرائم حرب، في تطورات لافتة برزت في دول مثل البرازيل وسريلانكا، حيث بدأت المحاكم المحلية باتخاذ خطوات جادة لمحاكمة مرتكبي هذه الجرائم، ما يعكس تصاعد الضغوط الدولية لوقف سياسة الإفلات من العقاب التي طالما اعتمدت عليها إسرائيل.
ويؤكد كتاب ومحللون سياسيون ومختصون وأساتذة جامعات، في أحاديث منفصلة لـ"ے"، أن شروع المحاكم الوطنية في تلك الدول في ملاحقة الجنود الإسرائيليين يُظهر تطوراً جديداً في عمل المؤسسات الحقوقية الدولية والمحلية، والتي تسعى لتعزيز العدالة الدولية، مشيرين إلى أن مؤسسة "هند رجب"، التي رفعت الشكوى في البرازيل، تعد مثالاً بارزاً على الجهود المنظمة للمؤسسات الحقوقية الدولية.
ويعتقد الكتاب والمحللون والمختصون وأساتذة الجامعات أن هذه الخطوات، وإن كانت محلية الطابع، تُكمل الجهود الدولية المتمثلة في المحكمة الجنائية الدولية، التي أصدرت أوامر اعتقال بحق رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الحرب السابق يوآف غالانت، في تأكيد على أن هذا التوجه يمثل رسالة واضحة لكل من تورط في جرائم حرب بأنه لن يكون بمنأى عن المحاسبة، سواء أكان قائداً سياسياً أم جندياً في الميدان.
ويعتقدون أن إسرائيل تواجه تحديات دبلوماسية متزايدة مع تغير الرأي العام العالمي تجاهها، وهو ما تعكسه تصريحات زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد، التي أقرّ فيها بتفوق الفلسطينيين في الساحة الدولية، وهي تعكس قلقاً داخلياً من فقدان السيطرة على الرواية الدولية، ما يضع إسرائيل في موقف دفاعي غير مسبوق، ويفتح الباب أمام تسارع الملاحقات القانونية في مختلف دول العالم.
جهود دولية متزايدة لتفعيل مبدأ "الاختصاص العالمي"
يعتقد د. رائد أبو بدوية، أستاذ القانون الدولي والعلاقات الدولية في الجامعة العربية الأمريكية أن ما شهدته الساحة الدولية مؤخراً من تطورات لافتة في التعامل مع جرائم الحرب الإسرائيلية، حيث بدأت محاكم دولية، أبرزها في البرازيل وسريلانكا، اتخاذ خطوات جادة لمحاكمة الجنود الإسرائيليين المتهمين بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، يُعد جزءاً من جهود دولية متزايدة لتفعيل مبدأ "الاختصاص العالمي"، الذي يسمح بمحاسبة مجرمي الحرب في المحاكم الوطنية للدول، بغض النظر عن جنسياتهم أو مكان ارتكاب الجرائم.
ويرى أبو بدوية أن تحرك البرازيل، على وجه الخصوص، بشأن محاكمة وملاحقة جنود إسرائيليين ارتكبوا جرائم إبادة في غزة يعكس نشاطاً جاداً من قبل المؤسسات الحقوقية الداعمة لفلسطين على المستوى العالمي.
ويشير أبو بدوية إلى أن مؤسسة "هند رجب"، التي رفعت الشكوى في البرازيل، تعد مثالاً بارزاً على الجهود المنظمة للمؤسسات الحقوقية الدولية.
ووفق أبو بدوية، فإن هذه المؤسسة تحمل اسم طفلة استشهدت في غزة، تنشط من مقرها في بلجيكا وتعمل على نطاق عالمي لتحريك الدعاوى الجزائية ضد مرتكبي جرائم الحرب.
ويوضح أبو بدوية أن هذه الجهود تعزز فكرة تفعيل مبدأ الاختصاص العالمي في المحاكم الوطنية، والذي يسمح بمحاكمة مجرمي الحرب ومرتكبي جرائم الإبادة في محاكم الدول الأعضاء في المحكمة الجنائية الدولية، مؤكدا أن هذه التحركات تمثل بداية لتفعيل أوسع لهذا المبدأ، ما يُعد تطوراً مهماً في سبيل تحقيق العدالة الجنائية الدولية.
ويشير أبو بدوية إلى أن هذه الخطوات تأتي في سياق الضغوط المتزايدة على إسرائيل منذ صدور مذكرات الاعتقال الدولية بحق رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الحرب السابق يوآف غالانت. ومع تصاعد الجهود الدولية، أصبحت الشكاوى لا تقتصر على القادة السياسيين، بل بدأت تستهدف الجنود والضباط الذين شاركوا في العمليات العسكرية ضد الفلسطينيين.
ويعتقد أبو بدوية أن هذه التحركات لا تشكل فقط ضغطاً قانونياً على إسرائيل، بل تسهم أيضاً في إحراجها دبلوماسياً على الساحة الدولية، وتحد من قدرة الولايات المتحدة على حماية إسرائيل من المحاسبة القانونية، حيث تصبح المحاكمة ليست فقط أمام المحكمة الجنائية الدولية.
ويشير إلى أن هناك مشروع قانون أمريكياً قيد النظر يهدف إلى فرض عقوبات على كل من يتعاون مع المحكمة الجنائية الدولية، وهو ما يعكس حجم الضغوط السياسية التي تواجهها المحكمة، لكن تفعيل المحاكمات الوطنية في الدول يخفف ذلك الضغط عن الجنائية ويمكن أن يكون محاولة لإفشال الجهود الأمريكية الرامية للضغط على المحكمة.
ويرى أبو بدوية أن محاكمة الإسرائيليين الذين يحملون جنسيات مزدوجة تمثل أداة ضغط إضافية على إسرائيل، مشيراً إلى أن العديد من الإسرائيليين يحملون جنسيات أوروبية، ما يفتح المجال أمام محاكم تلك الدول لمحاكمتهم بناءً على قوانينها الوطنية.
ويؤكد أبو بدوية أن هذا النوع من المحاكمات يمكن أن يشكل ضغطاً كبيراً على الحكومة الإسرائيلية والمؤسسة العسكرية، خاصة في ظل المخاوف المتزايدة من ملاحقة الجنود والضباط الذين شاركوا في العدوان الأخير على قطاع غزة.
من جانب آخر، يشير أبو بدوية إلى تصريحات زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد، التي عبّر فيها عن قلقه من تفوق الفلسطينيين على الإسرائيليين في الساحة الدولية، إذ إنها تعكس اعترافاً ضمنياً بفشل الدبلوماسية الإسرائيلية في مواجهة الرواية الفلسطينية، التي أصبحت أكثر تأثيراً على الرأي العام العالمي.
ويوضح أبو بدوية أن المؤسسات الحقوقية والإعلامية الداعمة لفلسطين لعبت دوراً كبيراً في فضح جرائم الاحتلال الإسرائيلي، ما أدى إلى تعزيز مكانة الرواية الفلسطينية على المستوى الدولي.
ويعتبر أبو بدوية أن وسائل الإعلام التقليدية ومنصات التواصل الاجتماعي ساهمت بشكل كبير في كشف الحقائق، وهو ما جعل من الصعب على الآلة الإعلامية الإسرائيلية التغطية على الجرائم المرتكبة في قطاع غزة.
وبحسب أبو بدوية، من المتوقع أن تشهد المرحلة المقبلة تصعيداً في الجهود القانونية ضد الجنود الإسرائيليين، مع تزايد الأدلة والشكاوى التي تقدمها المؤسسات الحقوقية الدولية.
ويشير أبو بدوية إلى أن دولاً أوروبية مثل بلجيكا بدأت بالفعل في تطبيق مبدأ الاختصاص العالمي، ما يعزز من فرص محاسبة مجرمي الحرب الإسرائيليين.
ويرى أن تفعيل هذا المبدأ، بالإضافة إلى ملاحقة مزدوجي الجنسية، قد يؤدي إلى خلق حالة من الضغط المتزايد على إسرائيل، ما يساهم في تعزيز الجهود الدولية لمحاسبة مرتكبي الجرائم ضد الفلسطينيين.
ويعرب أبو بدوية عن أمله في أن تتمكن المحكمة الجنائية الدولية من تجاوز الضغوط السياسية والقانونية المفروضة عليها، خاصة من الولايات المتحدة، مشيراً إلى أن خطوات دول مثل البرازيل قد تشكل دعماً معنوياً للمحكمة، ما يشجعها على المضي قدماً في إصدار مذكرات اعتقال جديدة بحق المسؤولين الإسرائيليين.
ويشير إلى أن الجهود الدولية لمحاسبة إسرائيل تمثل خطوة مهمة نحو تحقيق العدالة الجنائية، مشدداً على ضرورة استمرار الضغط القانوني والدبلوماسي لضمان محاسبة مرتكبي الجرائم بحق الشعب الفلسطيني.
ويؤكد أبو بدوية أن تضافر جهود المؤسسات الحقوقية الدولية والوطنية يمكن أن يسهم في تعزيز مسار المحاسبة، ويضع إسرائيل أمام موجة جديدة من العزلة الدولية والمحاكمات القانونية.
إسرائيل تواصل المراهنة على أمريكا لتفادي المحاسبة
يشير الكاتب والمحلل السياسي طلال عوكل إلى أن إسرائيل، التي طالما استخفّت بقرارات المحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية، وكذلك تحقيقات عديدة تتهمها بارتكاب جرائم إبادة جماعية وجرائم بحق القانون الدولي الإنساني، تواصل المراهنة على الحماية الأمريكية لتفادي المحاسبة الدولية.
هذا النهج، بحسب عوكل، يُعدّ تضليلاً للمجتمع الإسرائيلي وإخفاءً للمخاطر التي تنتظر الدولة والمجتمع الإسرائيليين بسبب الجرائم المرتكبة.
ويوضح عوكل أن هناك تطورات ملموسة تشير إلى اتساع نطاق المساءلة الدولية ضد الإسرائيليين، حيث بدأت بعض الدول، بما في ذلك دول تربطها علاقات جيدة مع إسرائيل، اتخاذ إجراءات تدقيق صارمة تتعلق بمنح التأشيرات للمواطنين الإسرائيليين، وتشمل هذه الإجراءات مراجعة دقيقة لتاريخ المتقدمين للخدمة العسكرية، وتحقيقات حول احتمال تورطهم في انتهاكات للقوانين الدولية.
هذا التوجه، بحسب عوكل، يعكس استعداداً دولياً واسع النطاق لملاحقة ومساءلة المئات أو الآلاف من الإسرائيليين المتورطين في الجرائم، ما يجعل القضية تمسّ المجتمع الإسرائيلي بأسره، وليس فقط الحكومة.
ويؤكد عوكل أن التداعيات لا تقتصر على المؤسسات السياسية والعسكرية، بل تمتد إلى الأفراد والمؤسسات، حيث يُلزم كل من بلغ سن التجنيد في إسرائيل بتنفيذ أوامر الخدمة سواء كان نظامياً أو احتياطياً.
ويرى عوكل أن خطورة هذا الوضع تتجاوز المناورات السياسية الداخلية ومحاولات الأحزاب استثمار القضية، حيث إنها تتعلق بمصير دولة بأكملها ومجتمعها على مستوى الأفراد والمؤسسات، حتى لو تغيّرت الحكومات والعناوين.
ويؤكد عوكل أن المجتمع الإسرائيلي يواجه تحدياً وجودياً يتجاوز الحسابات الآنية، معتبراً أن هذه المساءلة الدولية ستفتح الباب أمام محاكمة الدولة والمجتمع الإسرائيليين ككل، ما يفرض مراجعة جذرية لسياساتها واستراتيجياتها المستقبلية.
تطور طبيعي لعمل المؤسسات الحقوقية الدولية والمحلية
تؤكد الكاتبة والمحللة السياسية المختصة بالشأن الدبلوماسي والعلاقات الدولية نور عودة أن الخطوات التي بدأت في البرازيل وسريلانكا، والجهود المماثلة في دول أخرى، لمحاكمة الجنود الإسرائيليين المتهمين بارتكاب جرائم حرب، تعكس تطوراً طبيعياً لعمل المؤسسات الحقوقية الدولية والمحلية.
وتعتبر عودة هذه المحاكمات المحلية، القائمة على القوانين الوطنية أو المستندة إلى القانون الدولي، تطوراً مهماً في مسار محاسبة مرتكبي الجرائم الجسيمة، خاصة أولئك الذين يحملون جنسيات مزدوجة.
وتشدد عودة على أن هذه المحاكم ليست دولية، بل محلية تُرفع فيها القضايا بشكل فردي في الدول المعنية، ومع ذلك، فإنها تُكمل الجهود الدولية الرامية إلى محاسبة مجرمي الحرب الإسرائيليين، مثل الأوامر التي أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية باعتقال رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الحرب السابق يوآف غالانت.
وتوضح عودة أن هذه الخطوات تساهم في خلق شعور لدى الجنود الإسرائيليين بأنهم ملاحقون على أفعالهم، ما يكسر حالة الشعور بالحماية من المحاسبة التي طالما استندوا إليها.
وتؤكد عودة أن هذا الجهد لا يغني عن دور المحكمة الجنائية الدولية، لكنه يعزز مساعي العدالة الدولية ويضع الجنود والمسؤولين الإسرائيليين في حالة من القلق الدائم.
وتعتبر عودة أن نشر الجنود صوراً وفيديوهات لجرائمهم ببرود تام أصبح الآن سلاحاً يرتد عليهم، حيث يُستخدم كأدلة في المحاكم الدولية والمحلية.
وتحدثت عودة عن التحولات في الوعي العالمي تجاه إسرائيل، معتبرةً أن العالم بدأ يدرك خطورة الجرائم التي ترتكبها دولة الاحتلال، ليس فقط في غزة، بل أيضاً في الضفة الغربية، بما فيها القدس.
وتشير عودة إلى أن هذا التحول لا يقتصر على دعم الفلسطينيين، بل ينبع أيضاً من إدراك عالمي بأن تطبيع الجرائم الإسرائيلية يعني فتح المجال لتكرارها في أماكن أخرى حول العالم، وهو ما يهدد منظومة العدالة الدولية بأكملها.
وتوضح عودة أن هناك دولاً بدأت بالفعل اتخاذ خطوات عملية، مثل جنوب أفريقيا، التي أبلغت مواطنيها الحاملين للجنسية المزدوجة أنها ستفتح تحقيقات في مشاركتهم بالخدمة في جيش الاحتلال الإسرائيلي.
وتعتبر عودة أن هذه التحولات تشير إلى أن العالم ضاق ذرعاً بجرائم إسرائيل، حتى وإن لم تنعكس هذه التحولات على السياسات الحكومية في بعض الدول بسبب ارتباطها بمصالح سياسية أو اقتصادية مع إسرائيل.
وتناولت عودة تصريحات زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد، الذي أشار إلى أن الفلسطينيين تفوقوا على الإسرائيليين في الساحة الدولية، واصفة هذه التصريحات بأنها تعكس أزمة داخلية إسرائيلية، حيث يحاول الإعلام الإسرائيلي تضليل الشعب والتعتيم على حجم الإدانات الدولية لجرائم إسرائيل، خاصة في غزة.
وتوقعت عودة أن تتصاعد الملاحقات القضائية ضد الجنود الإسرائيليين، مشيرةً إلى أن هناك مئات الأدلة والوثائق المنشورة التي تُثبت ارتكابهم لجرائم ضد المدنيين الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية.
وتؤكد عودة أن هذه الخطوات تأتي في إطار الحفاظ على منظومة العدالة الدولية التي بُنيت على مدار 80 عاماً، إذ ترفض الكثير من دول العالم اليوم التخلي عن هذه المنظومة لصالح حماية إسرائيل من المحاسبة.
وتشير عودة إلى أن الجنود الإسرائيليين الآن يخشون السفر إلى العديد من الدول بسبب إمكانية ملاحقتهم قانونياً، معتبرة أن هذا الشعور بالخوف هو نتيجة طبيعية لتراكم الجهود الحقوقية والدبلوماسية، وهو ما يجب البناء عليه لتحقيق العدالة.
وتؤكد عودة أن إسرائيل تواجه اليوم تحديات غير مسبوقة على الساحة الدولية، حيث لم تعد قادرة على التستر على جرائمها بنفس السهولة التي كانت تفعلها في الماضي، وبالرغم من أن الطريق ما زال طويلاً، فإن تراكم هذه الجهود يضع إسرائيل في موقف دفاعي ويعزز الأمل بمحاسبة مرتكبي الجرائم وتحقيق العدالة للشعب الفلسطيني.
"كرة ثلج" تتوسع مع مرور الوقت
يؤكد الكاتب والمختص بالشأن الإسرائيلي محمد أبو علان دراغمة أن الخطوات التي اتخذتها المحكمة البرازيلية مؤخراً، وقبلها محكمة في سريلانكا، بتوقيف جنود إسرائيليين والتحقيق معهم على خلفية ارتكاب جرائم حرب، تمثل تطوراً كبيراً وغير مسبوق في ملاحقة الجنود الإسرائيليين المتورطين في ارتكاب جرائم ضد الإنسانية.
ويشير دراغمة إلى أن دولة الاحتلال بدأت تدرك أن هناك جهات دولية جادة تعمل على محاسبتها، حتى إن لم تنجح في محاكمتها بالكامل، فإن هذه الإجراءات تشكل ضغطاً سياسياً وقانونياً متزايداً عليها.
ويؤكد دراغمة أنه بالرغم من فرار الجندي الإسرائيلي من المحكمة البرازيلية، لكن الأمر يعكس الجهود المبذولة لتوثيق الجرائم وملاحقة مرتكبيها، كما أن هذه الخطوات تُظهر تغيراً في النهج القضائي العالمي تجاه إسرائيل، حيث تم توثيق 12 محاولة لملاحقة جنود إسرائيليين في المحاكم الدولية خلال الأشهر الأخيرة.
بحسب دراغمة، فإن هذه الجهود قد تتحول إلى "كرة ثلج" تتوسع مع مرور الوقت إذا توافرت الأدوات التنفيذية اللازمة والدعم الدولي.
ويؤكد دراغمة أن نجاح هذه الجهود يتطلب تعاوناً عالمياً وتراجعاً عن سياسة التواطؤ التي تنتهجها العديد من الدول مع إسرائيل، والتي تعيق تقدم القضايا الجنائية ضدها.
ويشير دراغمة إلى الجهود الدولية المؤيدة للفلسطينيين التي تسعى لتوثيق الجرائم، حيث تم رصد ما ينشره الجنود الإسرائيليون أنفسهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ويتم توثيق بياناتهم وأسمائهم وصورهم وأماكن وجودهم.
ويتوقع أن تزداد الإجراءات الدولية تصاعداً ضد الجنود الإسرائيليين المتورطين في جرائم حرب، مشيراً إلى وجود قوائم تضم مئات، وهناك من تحدث عن آلاف الجنود الذين تم توثيق أسمائهم وصورهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وهي بيانات أصبحت جزءاً من الجهود الدولية لملاحقتهم قانونيًا.
ويلفت دراغمة إلى أن بعض الصحفيين الإسرائيليين تحدثوا مؤخراً عن جنود إسرائيليين طلبوا عدم تصويرهم خلال زيارتهم لمواقع عسكرية في جنوب لبنان والأراضي السورية الجنوبية التي تم احتلالها مؤخرا، خشية أن تُستخدم هذه الصور في ملاحقتهم دولياً.
على الرغم من التطورات المهمة في الساحة الدولية، يؤكد دراغمة أن الأهم من الردع الإعلامي هو تحقيق ردع ميداني على الأرض، لوقف جرائم الإبادة والانتهاكات التي تُرتكب بحق الفلسطينيين.
ويرى دراغمة أن هذا يتطلب جهازاً تنفيذياً قوياً على المستوى الدولي يعمل بجدية لتنفيذ هذه الملاحقات وتحويلها إلى أدوات ضغط فعالة ضد إسرائيل.
وفيما يتعلق بتصريحات زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد، والتي تساءل فيها عن المرحلة التي "تفوق فيها الفلسطينيون على الإسرائيليين في الساحة الدولية"، يرى دراغمة أن هذه التصريحات تأتي في إطار المناكفات السياسية الداخلية في إسرائيل.
ويوضح دراغمة أن المعارضة الإسرائيلية، بقيادة لابيد، لم تعد تمتلك تأثيراً قوياً على مجريات الأحداث داخل إسرائيل.
ويشير دراغمة إلى أن تصريحات لابيد لا يمكن فصلها عن سياق الصراع السياسي بينه وبين نتنياهو، ففي الوقت الذي كان من المتوقع أن يدافع فيه عن الجنود كون القضية تتعلق بمؤسسة الجيش، اختار توجيه الانتقادات لحكومة نتنياهو، في محاولة لتحقيق مكاسب سياسية على حساب حكومة نتنياهو.
الدول التي تزود مجرمي الحرب بالأسلحة شريكة في الجرائم
يوضح الكاتب والمحلل السياسي داود كُتَّاب أن معاهدة روما لعام 1998، التي أنشأت المحكمة الجنائية الدولية، تمثل إحدى الركائز الأساسية للقانون الدولي في ملاحقة مجرمي الحرب، وهذه المعاهدة، التي وقعت عليها 120 دولة حول العالم من القارات الخمس، تشمل جميع دول أوروبا وأمريكا الجنوبية وأستراليا، فيما التزمت 112 دولة بإدماج بنودها في تشريعاتها الوطنية، ما يجعلها ملزمة قانونياً لهذه الدول.
ويشير كُتَّاب إلى أن الالتزام ببنود معاهدة روما يشمل التعاون مع المحكمة الجنائية الدولية في اعتقال وتسليم مجرمي الحرب، وهي مسؤولية قانونية دولية تقع على عاتق جميع الدول الموقعة.
ويؤكد كُتّاب أن الدول التي تزود مجرمي الحرب بالأسلحة والذخيرة تُعد شريكة في الجرائم وفقاً للقانون الإنساني الدولي، ما يعرضها للمساءلة القانونية.
ويرى كُتَّاب أن التحركات الدولية لمحاسبة مجرمي الحرب سوف تستمر وتتسارع، خاصة مع وجود شبكات واسعة من الحقوقيين والمتضامنين في جميع أنحاء العالم الذين يعملون على تطبيق القانون الدولي.
هذه الجهود، بحسب كُتّاب، لا تقتصر على ملاحقة الأفراد المتورطين فقط، بل تمتد لتشمل الدول والمؤسسات التي تدعم أو تتواطأ مع مرتكبي الجرائم.
في سياق متصل، تناول كُتَّاب تصريحات زعيم المعارضة الإسرائيلية، التي تضمنت اعترافاً ضمنياً بتراجع قدرة إسرائيل على السيطرة على الرأي العام الدولي.
ويوضح كُتَّاب أن هذه التصريحات تعكس الواقع الذي تحاول إسرائيل إنكاره أمام شعبها من خلال وسائل إعلام تتعمد تجاهل الجرائم المرتكبة في غزة، وردود الفعل العالمية إزاء "حرب الإبادة الجماعية".
ويؤكد كُتَّاب أن الإعلام الرقمي ومنصات التواصل الاجتماعي أصبحت أدوات فعالة في فضح الانتهاكات، ما يجعل من الصعب على إسرائيل التستر على ما يحدث في غزة.
ويعتبر كُتَّاب أن اعتراف زعيم المعارضة يعكس قلقاً داخلياً متزايداً من تداعيات الجرائم المستمرة على الساحة الدولية، في ظل تصاعد الدعوات لمحاسبة المسؤولين عن هذه الانتهاكات أمام القضاء الدولي.
ويؤكد كُتَّاب أهمية تصعيد الجهود القانونية والدبلوماسية الدولية، معتبراً أن استمرار الضغط على إسرائيل يمثل خطوة ضرورية نحو تحقيق العدالة ومحاسبة مرتكبي الجرائم بحق الشعب الفلسطيني.
دلالات على تراجع الحصانة التي تمتعت بها إسرائيل
يرى الكاتب والمختص بالشأن الإسرائيلي ياسر مناع أن الخطوات القانونية التي اتخذتها المحاكم في دول مثل البرازيل وسريلانكا ضد الجنود الإسرائيليين المتهمين بارتكاب جرائم حرب، تحمل دلالات عميقة على تراجع الحصانة التي تمتعت بها إسرائيل لعقود على المستوى الدولي.
ويعتقد مناع أن هذه الخطوات القانونية تظهر استعداداً متزايداً لدى المحاكم الدولية للتعامل بجدية مع الاتهامات المتعلقة بجرائم الحرب التي تُرتكب في الأراضي الفلسطينية، ويعتبر هذا التوجه مؤشراً على تصاعد الضغط الدولي ضد إسرائيل، حيث أصبحت الدول أكثر جرأة في التصدي لانتهاكات حقوق الإنسان التي تمارسها قوات الاحتلال.
ويؤكد مناع أن هذا التحول يضع المسؤولين الإسرائيليين أمام احتمالات المساءلة القانونية، ما يفتح الباب أمام موجة جديدة من الإجراءات القضائية الدولية التي قد تطال قادة وجنوداً إسرائيليين على حد سواء.
على الصعيد السياسي، يرى مناع أن هذه التطورات تعزز الدعم للقضية الفلسطينية من خلال تسليط الضوء على الانتهاكات التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني، كما أنها تُحرج إسرائيل دولياً وتُظهرها بمظهر الدولة التي تتحدى القوانين الدولية، ما قد يؤدي إلى توتر العلاقات الدبلوماسية مع الدول التي تتبنى مثل هذه الخطوات القانونية.
ويشير مناع إلى أن هذه الإجراءات قد تسهم في تعزيز عزلة إسرائيل الدولية على المدى البعيد، خاصة إذا استمرت الدول والمحاكم في محاكمة الجنود الإسرائيليين المتورطين في عمليات الإبادة والانتهاكات الإنسانية.
وحول تصريحات زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد، التي عبّر فيها عن استغرابه من تفوق الفلسطينيين على الإسرائيليين في الساحة الدولية، يرى مناع أنها تعكس مخاوف داخلية متزايدة من هذا التحول.
ويعتقد مناع أن تصريحات لابيد تحمل اعترافاً ضمنياً بتراجع قدرة إسرائيل على التأثير في الرأي العام الدولي، وهو ما يعكس ضعف الدبلوماسية الإسرائيلية في مواجهة موجة التعاطف الدولي المتزايد مع القضية الفلسطينية.
ويشير مناع إلى أن هذه التصريحات تأتي في سياق انتقاد المعارضة الإسرائيلية للحكومة الحالية، إذ تُحملها مسؤولية الفشل في مواجهة التغيرات الدولية، كما تعكس المخاوف من أن استمرار هذا الاتجاه قد يؤدي إلى تصاعد الضغوط القانونية والدبلوماسية على إسرائيل، وهو ما قد يُفضي إلى تداعيات خطيرة على مستوى العلاقات الدولية، خصوصاً مع حلفائها التقليديين.
بحسب مناع، يبدو أن هناك مؤشرات قوية على احتمال تصاعد الإجراءات القانونية ضد الجنود الإسرائيليين في المستقبل القريب، ومع تزايد انتشار الأدلة التي توثق تورط مئات الجنود في عمليات الإبادة والانتهاكات الإنسانية، يصبح المجتمع الدولي أكثر استعداداً لمساءلة هؤلاء الجنود والمسؤولين.
ويشير مناع إلى أن النشاط المكثف لمنظمات حقوق الإنسان يعزز من زخم هذه الإجراءات، إذ تدفع تلك المنظمات بقوة نحو محاسبة المسؤولين عن الانتهاكات، ما يضع إسرائيل أمام مزيد من المحاكمات التي تطال قياداتها وجنودها.
في سياق آخر، يرى مناع أن تغير المناخ الدولي وزيادة الدعم الشعبي للقضية الفلسطينية يشكلان عاملين حاسمين في دفع المزيد من الدول إلى تحريك قضايا قانونية ضد إسرائيل، ومع استمرار السياسات الإسرائيلية التصعيدية، قد تجد إسرائيل نفسها أمام موجة متزايدة من العزلة الدولية، مصحوبة بتصاعد الضغوط القانونية والدبلوماسية.
ويؤكد مناع أن هذه التطورات تُشكل تحدياً استراتيجياً لإسرائيل، حيث أصبحت احتمالات المساءلة الدولية تلوح في الأفق بشكل غير مسبوق، ما قد يُفضي إلى تداعيات خطيرة تهدد مكانتها السياسية والدبلوماسية على الساحة العالمية
دلالات
الأكثر تعليقاً
رجب : الجزيرة تمعن بمعاداة الشعب الفلسطيني وتنشر وتزور اخبار كاذبة
أحمد غنيم في الذكرى الستين للانطلاقة.. "فتح" نجحت في توحيد الشعب الفلسطيني بمختلف أطيافه
"الرئاسة": نشر الخرائط الإسرائيلية مرفوض ولن يحقق الأمن في المنطقة
"فتح" .. هل ما زالت مؤهلة لقيادة المرحلة؟
قرار قضائي بحجب المواقع الإلكترونية لشبكة الجزيرة
سوريا.. تمشيط أمني بالزبداني لمصادرة ذخيرة مخبأة واعتقال فلول الأسد
مجموعة حقوقية تكتشف أن إسرائيل تستخدم "المناطق الآمنة" في غزة "لإخفاء إبادة جماعية"
الأكثر قراءة
بلينكن يقول إنه لا يخشى أن يعتقد العالم أنه دعم إبادة جماعية
قرار قضائي بحجب المواقع الإلكترونية لشبكة الجزيرة
ترامب يقول إنه "أفضل صديق" لإسرائيل على الإطلاق، ويكرر التهديد لحماس
حماس توافق على قائمة من 34 محتجزا قدمتها إسرائيل ونتنياهو ينفي... بحث "اتفاق شامل مرحليّ"
إعلان "حماس" تسليم القاهرة تشكيلة لجنة الإسناد.. كُتّاب ومحللون يُحذرون من غياب التوافق بين الفصائل
رجب : الجزيرة تمعن بمعاداة الشعب الفلسطيني وتنشر وتزور اخبار كاذبة
الشرطة تباشر إجراءات البحث والتحري في ملابسات وفاة فتاة بنابلس
أسعار العملات
الأربعاء 08 يناير 2025 9:02 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.65
شراء 3.64
دينار / شيكل
بيع 5.15
شراء 5.13
يورو / شيكل
بيع 3.78
شراء 3.77
هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟
%61
%39
(مجموع المصوتين 368)
شارك برأيك
ملاحقة جنود الاحتلال في العواصم العالمية.. "هند رجب" تلاحق القتلة والإفلات من العقاب بات من الماضي