Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo
Logo

أقلام وأراء

الأحد 29 ديسمبر 2024 9:57 صباحًا - بتوقيت القدس

ممر داود.. والحلم الصهيوني في الوصول إلى نهر الفرات عبر سوريا



لا يمكن لنا قراءة ما جرى في سوريا من أحداث، لم يستغرق فيها سقوط نظام بأكمله أكثر من عشرة أيام، خارج سياق التحولات الجيواستراتيجية التي شهدتها المنطقة وما تزال تشهدها منطقة الشرق الأوسط منذ سقوط بغداد عام ٢٠٠٣ مروراً بإسقاط ليبيا الدولة وليس القذافي وحده، إلى جانب ما يجري في السودان من تدمير ممنهج للدولة وبنيتها الاجتماعية، عبوراً بحرب غزة التي أستُدرجت لها حماس والحرب على لبنان.

المشهد من الوضوح ما قد يجعلك في غاية الذهول، اعتماداً على عدم قدرة العقل الجمعي على فهم معطيات التحولات.

صحيحٌ أن كلمة السر حول ساعة الصفر في انتهاء صلاحية نظام بشار الأسد وعائلته، خرجت قبل أسابيع قليلة، لكن القرار الأمريكي الغربي الإسرائيلي مُبيت منذ سنوات !

المنطقة مقبلة على تغييرات جوهرية وليست متغيرات آنية تتعلق بتبديل أنظمة، وإنما لرسم جغرافيا سياسية جديدة من خلال مراجعة تاريخيّة للخرائط والاتفاقيات والمعاهدات القديمة: مثل ( اتفاقية سايكس بيكو، ووعد بلفور، ومعاهدة فرساي، ومعاهدة لوزان) التي شكلت الجغرافيا الحالية للمنطقة في بدايات القرن الماضي، وما يجري يُمثّل تفككاً للترتيبات الإقليمية القائمة منذ اتفاقيات سايكس - بيكو، التي رسمت حدود المنطقة، وجمعت مجموعات عرقية مختلفة داخل حدود كل دولة.

في الحروب كما هو معروف تُعاد صياغة جغرافيا الدول، والحديث عن المستقبل السوري لا يمكن أن يغفل عن تساؤلات جوهرية تتعلق بوحدة الأراضي السورية، وهي أسئلة مزعجة بطبيعتها ولكن لا بد أن تُطرح: فلا يوجد شيء مقابل لا شيء، حيث أن لكل شيء مقابلاً، فالهدف الرئيسي من إسقاط الطاغية كان إسقاط سوريا كدولة وجغرافيا وجيش ومؤسسات.

كل ذلك يحيلُنا إلى قراءة المشهد من خلال وثيقة عوديد ينون ( Yonon Plan ) الصحفي في جريدة   The Jerusalem Post  والمستشار السابق لرئيس الوزراء الإسرائيلي شارون التي تم نشرها عام ١٩٨٢ في المجلة العبرية ( كيفونيم )، وتمت إعادة نشرها قبل أيام من قبل مركز دراسات العولمة الأمريكي ( Global Research Home ) ، والتي هي من أكثر الوثائق وضوحاً وتفصيلاً حتى الآن بشأن الاستراتيجية الصهيونية في الشرق الأوسط، بما تحتوي من كوابيس لاستنادها إلى رؤية مؤسس الصهيونية (هرتزل ) والحبر اليهودي ( فيشمان ) في مطلع القرن الماضي.

إسرائيل دولة مسكونة بالخرافات الدينية، تؤمن بدولة الشريعة ونصوص التوراة وتعاليم التلمود، ولا ترى أن هناك من يستطيع أن يحدد من طموحاتها في مشاريعها الكبرى، ما دام العالم أجمع منحها صك العربدة، وإسرائيل الكبرى من البحر إلى النهر ليست خيالاً بل مشروعٌ يشق طريقه نحو النجاح، وخططها ليست مجرد تهديدات وعمليات عسكرية عابرة، بل هو رسم جغرافي وجزء من مخطط طويل الأمد لتغيير خريطة الشرق الأوسط من خلال تحالفاتها الدولية والإقليمية، كما أعلنها نتنياهو وسموترتش في المحافل الدولية في مارس ٢٠٢٣، وهذا ما تمت ترجمته حرفياً في مسارها التكتيكي العسكري على كل جغرافية المنطقة. فقد استطاعت ان تقدم تغييراً جذرياً في معادلة ( توازن الكلفة ) لتحقيق كل مشاريعها وحفظ أمنها.

حرب إسرائيل وتطهيرها العرقي لن يقف عند غزة أو لبنان أو اليمن؛ بل سيطال المنطقة ككل، ما دام مسرح اللعب داخل الشرق الأوسط سهلاً وممهداً لها، فقد أصبح لإسرائيل حُلم تسعى لتحقيقه وهو الوصول إلى نهر الفرات عبر مشروعها الكبير ( ممر داود )! وسقوط نظام الأسد كان فرصة ذهبية لها لفرض واقع جغرافي جديد يحقق كل مشاريعها الكبرى.

بعد سقوط النظام في سوريا لم تستطع إسرائيل الانتظار، بل قامت فوراً بتوجيه ضربات مكثفة أستهدفت تجريد الدولة السورية ومؤسساتها وجيشها من مقدرات الأمن القومي، واستباحت الأرض السورية ودمرت أكثر من ٨٠٪؜ من مقدرات الجيش السوري، كما توسعت في احتلالها لمزيد من الأراضي السورية بالسيطرة الكاملة على سفوح جبل الشيخ والجولان. وبدأت تتحدث عن مشروعها التوسعي الكبير والذي يسمى ( بممر داود ) الذي يمر عبر الأراضي السورية للوصول إلى حدود العراق وإلى نهر الفرات تحديداً، تحقيقاً للنبوءة التوراتية بمملكة داود.

وأطلقت على توغلها داخل الأراضي السورية اسم عملية ( سهم باشان ) الذي يرمز وفق معتقداتهم إلى مملكة يهودية كانت قديماً في منطقة جنوب سوريا، وهي منطقة زراعية خصبة بالمياه العذبة تمتد من جنوب دمشق، وحتى حوض نهر اليرموك وسهل حوران، ومن جبل الشيخ غرباً إلى جبل الدروز شرقا.

ما هو مشروع ( ممر داود ) الذي تتحدث عنه الأدبيات الصهيونية والغربية السياسية؟ وما علاقته بالأكراد؟ والذي يبدو أن القوى العالمية الكبرى موافقة عليه.

الممر يربط إسرائيل بالفرات، ويطوّق الحدود العراقية . يبدأ من شواطىء البحر المتوسط مرورا بالجولان ودرعا والسويداء، والرقة ودير الزور، والتنف ( مكان تواجد القواعد العسكرية الأمريكية حالياً ) حتى الوصول إلى نهر الفرات، ما يعني أن جزءاً كبيراً من تلك القواعد العسكرية الأمريكية موجودة بالأصل على طول هذا الممر.

بالتأكيد سيكون الممر تحت إشراف أمريكا وقواعدها في المنطقة، وإذا ما تحقق سيؤمن لإسرائيل السيطرة الكاملة على مناطق واسعة تصل إلى الحدود العراقية السورية، وسيُساعد على قيام دولة درزية في جنوب سوريا، ودولة كردية في شمال سوريا ( إذا وافقت تركيا ) حيث سيلتحم التمدد الكردي المدعوم من أمريكا بالتمدد الإسرائيلي ليصنع محوراً تتمكن فيه إسرائيل من الوصول إلى نهر الفرات، وسيلتقيان في منطقة التّنف.

ماذا بعد سوريا ؟ وإلى أين تتجه البوصلة الصهيونية؟ هل ستكمل إسرائيل مسارها الذي يشمل أجزاء من الأراضي الأردنية والمصرية والسعودية ؟

هذا ما تحدثت به الكاتبة الإسرائيلية ( سيمدار برّي ) للقناة العاشرة الإسرائيلية بأنه في حال حصول ذلك فستتنازل الأردن ومصر عبر تسوية غير معلنة، عن أجزاء من أراضيهما بالتراضي.

تغيير ملامح المنطقة بات مرتقباً والأيام القادمة ستكون شديدة التأزم وقابلة للتطور في الاتجاهات كافة دون مقدمات، وما يراد للمنطقة خطير جداً، وبلينكن وزير الخارجية الأمريكي كان واضحاً عندما قال: إن ما حدث في سوريا تم بمعرفتنا، وبالتنسيق مع تركيا وهيئة تحرير الشام  ( HTS ) .

فوق أكوام الخراب والدمار في الوطن العربي، لا وقت للبكاء في التاريخ. الحلم الصهيوني خرج إلى العلن، وممر داود سيصل إلى نهر الفرات عبر سوريا.

دلالات

شارك برأيك

ممر داود.. والحلم الصهيوني في الوصول إلى نهر الفرات عبر سوريا

نابلس - فلسطين 🇵🇸

حازم قبل 3 أيام

يا الاهي كل هذا ستفعله اسرائيل وهي لم تستطع ان تروض مخيم جنين او طولكرم وغزه جعلتها تصرخ ليس عندنا قوى بشريه الاله اسرائيل عند البعض روح

المزيد في أقلام وأراء

عام التحديات

حديث القدس

ستون عاماً من الثورة.. النصر آت ؟

د. فوزي علي السمهوري

توثيق التعذيب في فلسطين.. بين الأمل بالإنصاف والتحديات العملية

سماح جبر

معركة غير متكافئة

حمادة فراعنة

الحرديم ولماذا يرفضون قانون التجنيد؟ حرب أهلية مقبلة

إسماعيل المسلماني

تمر الأعوام وتبقى الآلام

حديث القدس

انكشاف المستعمرة وعريها

حمادة فراعنة

2024 عام الكارثة والبطولة.. 2025 عام الحسم

هاني المصري

نحن في حالة ضياع وتيه... والبداية من مخيم جنين

راسم عبيدات

حسام أبو صفية.. الطبيب يتحدى الإبادة

جمال زقوت

صناعة القائد في وسائل الإعلام.. بين التلميع والتضليل

د. أسامة ارميلات

تصعيد مرعب للجرائم الإسرائيلية الفظيعة

حديث القدس

لسان الحال والأحوال.. علقم يا وطن

إياد أبو روك

صباحُ الخَيْر يا غزَّة

بهاء رحال

عيد أنوار سعيد من جباليا!

د. أحمد رفيق عوض

الاستفراد الإسرائيلي

حمادة فراعنة

توثيق التعذيب في فلسطين: بين الأمل بالإنصاف والتحديات العملية

د. سماح جبر

إسرائيل تحكم على قطاع غزة بالإعدام

حديث القدس

عطايا الفارس الشهم.. من إرث زايد الخير إلى عياله

د. أحمد يوسف

سنة صعبة

بهاء رحال

أسعار العملات

الأحد 29 ديسمبر 2024 12:53 مساءً

دولار / شيكل

بيع 3.68

شراء 3.66

دينار / شيكل

بيع 5.2

شراء 5.18

يورو / شيكل

بيع 3.84

شراء 3.82

هل تنجح المساعي الإسرائيلية لضم الضفة الغربية في 2025؟

%58

%42

(مجموع المصوتين 330)